200 ــ زكي المحاسني: (1329 / 1392 هـ / 1911 / 1972 م)

زكي المحاسني: (1326 ــ 1392 هـ / 1909 ــ 1972 م)

قال من ملحمته الكبرى (الملحمة العربية الإسلامية) التي يبلغ عددها (٢١) قصيدة ومنها في الإمام الحسين (عليه السلام) تحت عنوان (النشيد المحزون):

(كربلاءٌ) لفحـــةٌ قهريةٌ     حملتْ فـي صفحةِ التاريخِ شينا

هي لا ذنبٌ لها من بلدةٍ     من دعا الأحجارَ أنْ تلبسَ زينا

وقعةٌ فيها على عثيرِها     هزتِ الدهــــــــرَ لذكراها أوينا (1)

الشاعر

الدكتور محمد زكي بن شكري المحاسني شاعر وأديب وكاتب وأستاذ جامعي، ولد في دمشق من أسرة متدينة وكان أبوه من كتاب المحكمة الشرعية بدمشق، ويرتدي العمامة البيضاء والجبة السابغة، وكانت أمه السيدة سارة البحري عابدة تقية (2)

عاش المحاسني طفولة بائسة فقد فتح عينيه على اليتم حيث مات أبوه وله من العمر سنتان فعنيت أمه بتربيته وعوضته عن فقدانه لأبيه بحنانها وعطفها وضحت من أجل أن يكمل ابنها تعليمه فكانت مثالا للأم المضحية من أجل مستقبل أولادها.

بقي المحاسني مع أمه إلى أن بلغ الرَّابعة من عمره، فجيء به إلى دار عمِّه (رفيق المحاسني) الذي كفله وربَّاه، وكانت أمُّه تبكِّر إلى باب مدرسته لتراه وتطمئنَّ عليه بعد أن مُنعت من المجيء للقائه في دار عمِّه.

ولمّا سعت زوجةُ عمِّه في حرمانه من المدرسة ليعمل في دكَّان أحد التُّجار، لجأت أمُّه إلى عمِّه الآخر (محمد المحاسني) وكان يعمل قاضياً بدمشق، وشكت له أمر الفتى، فطيَّب خاطرها، وأمر بإدخاله مدرسة التَّجهيز التي كانت تسمى: مكتب عنبر (3)

في عام (1928) نجح المحاسني في امتحان البكالوريا وكانت أول بكالوريا يطبق نظامها في سورية. ونال علامة فائقة في التاريخ القديم، وكانت درجته الأولى في البلاد السورية جمعاء، فسمح المسؤولون في وزارة المعارف بإعفائه من أداء البكالوريا الثانية.(4) وكانت هذه المدرسة ــ مكتب عنبر ــ أعظم مدرسة في ديار الشام، تخرج منها رواد الفكر العربي وطلائع النبوغ في العلم والأدب. (5)

وقد هيأت له هذه المدرسة الأجواء العلمية وفتحت له آفاق المعرفة فكان يجتمع مع أصدقائه النابهين في منزل أحد أصدقائه في حي الجابية بدمشق وهو مسلم القاسمي بن العلامة الشيخ جمال الدين القاسمي وكان والده العلامة جمال الدين يمتلك مكتبة ضخمة له تحتوي على كتب ومراجع كثيرة ومهمة فنهل المحاسني منها وصقل مواهبه فيها.

دخل المحاسني الجامعة وحصل على الإجازة الجامعية من كلية الحقوق بدمشق، وكان عمره يومذاك اثنتان وعشرون سنة ولكن فرحته لم تكتمل حيث فقد الحضن الدافئ الذي يأوي إليه والقلب الحنون الذي ينبض له وهي أمه، يقول المحاسني وهو يصف هذا الفقدان الذي أثر فيه كثيراً:

(لم يلبث أن توفي أبي وعمري سنتان ولم يترك لي صورة أراه فيها فعشت يتيماً ترعاني أمي الحنون، وحين نلت الشهادة من كلية الحقوق بدمشق وعمري يومذاك اثنتان وعشرون سنة توفيت أمي فعشت بعدها باكياً عليها في شعري وكانت حنوناً رؤوماً ولن أستطيع أن أنساها حتى أموت، وإنِّي لأحيا كل يوم ناظراً إلى محيَّاها الباسم من وراء الغروب). (6)

وقد رثاها بقصيدة عنونها بـ (قطار الحياة) فقال:

فَدَيْتُكِ يـا أمّي لو أن الردى يُفدى     فبُدّلْتُ عـــــــيشاً كان لي عندَه مفدى

أيُــــطوى بنا كر السنين ولم نكن     لـــــــــــنلقاكِ إلا في الخيالِ الذي نَدَّا

نروحُ إلى المنأى الشريدِ كراكبٍ     قطاراً وفي الأسفارِ في العمرِ لم يهدا (7)

 

عمل المحاسني في المحاماة، لكنه انصرف عنها، ووجد في الأدب سلوته وشغف بمطالعة الكتب والقراءة فكان يتردد باستمرار على دار الكتب الظَّاهرية بدمشق لينكب على مصادر الأدب ودواوين الشعر، كما كان يرتاد دار الحديث في العصرونية بدمشق وكانت منزلاً لتدريس الحديث، وقد أدرك فيها وهو ناشئ درساً من دروس الشيخ بدرالدين الحسني أكبر محدث دمشقي في صدر القرن العشرين. (8)

اشتهر المحاسني كشاعر وأديب له وزنه في الأوساط الأدبية والعلمية وامتاز بقوة طرحه وأسلوبه فنشر في أهم الصحف والمجلات العربية في الوطن العربي والمهجر مثل:

(الرسالة، والهلال، والمجلة، والكتاب، والأديب، والحديث، والأمالي، والمجلَّة، والمعلم العربي، والمعرفة، وقافلة الزيت، والكتاب، ودعوة الحق، والأقلام، ورابطة العالم الإسلامي، والصباح، والأحد) (9)

وقد فازت إحدى مقالاته بالجائزة الأولى في مسابقة أقامتها مجلة (الحديث) وكانت بعنوان (من هو أكبر أديب عربي معاصر). (10)

كما اقترن بالأديبة وداد سكاكيني (1913 ــ 2001) المولودة في صيدا بلبنان، وكانت في ذلك الحين تعمل في التدريس بكلية المقاصد  الإسلامية في بيروت، وقد بدا نبوغها ككاتبة ذات اسلوب متين أخّاذ، وظهر إبداعها في مجال القصة القصيرة والرواية والمقالة والنقد الأدبي، فذاعت شهرتها كأديبة مرموقة في كل من لبنان ومصر وسورية وتعد رائدة في مجال القصة القصيرة النسوية مما جعل منهما ثنائياً متجانساً، فكانا من ابرز الأدباء في الأقطار العربية سورية ومصر ولبنان، ومن أهم الوجوه الأدبية التي عاصرت ادباء كبار في هذه الأقطار الثلاث (11)

واصل المحاسني دراسته وحصل على:

شهادة (الليسانس) في الحقوق والآداب من الجامعة السورية عام 1936

الماجستير في الآداب من الجامعة المصرية عن أطروحته (أبو العلاء المعري.. ناقد المجتمع) وكان أول سوري يحصل على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة القاهرة، وكان اسمها حينئذٍ جامعة فؤاد الأول. (12)

الدكتوراه عن رسالته: (شعر الحرب في أدب العرب في العصرين الأموي والعباسي إلى عهد سيف الدَّولة.) عام 1947 وكان أول سوري حمل هذا اللقب العلمي. (13)

درَّس اللغة العربية وعلومها والأدب العباسي في كلية الآداب العربية.

عُيِّن ملحقاً ثقافياً بالسفارة السورية في القاهرة ــ 1952

انتُخب عضواَ عاملاً في الجمعية الملكية للدراسات التاريخية بالقاهرة ــ 1952

كان عضواً في لجنة التربية والتعليم بدمشق.

عضواً في مجمع اللُّغة العربية في القاهرة 1972 قبل وفاته بشهور

أستاذاً مساعداً في كلية الآداب في الجامعة السُّورية 1947 ــ 1952

أستاذاً في الجامعة السعودية، قسم اللغة العربية في مكة المكرمة 1965 ــ 1966

أستاذاً في الجامعة اللُّبنانية 1966 ــ 1969

عضواً مراسلاً في المجمع الملكي الإسباني عام ١٩٧١

مديراً ثقافياً لتخطيط التعليم الجامعي بوزارة التربية والتعليم المركزية بالقاهرة

ومندوباً في الجامعة العربية للشُّؤون الثَّقافية

ومدير لدار التُّراث القديم والمخطوطات بوزارة الثَّقافة والإرشاد القومي 1961 ــ 1965

ومديراً لوزارة التربية السورية. (14)

أما في مجال التأليف فللمحاسني رصيد ثر من الكتب المهمة منها:

1 ــ أبو العلاء المعري ناقد المجتمع ــ 1945 ــ 1963 ــ 1987 ــ نال به شهادة الماجستير في الآداب الجامعة المصرية 1945

2 ــ شعر الحرب في أدب العرب في العصرين الأموي والعباسي إلى عهد سيف الدَّولة ــ 1947 ــ 1961 ــ نال به شهادة الدكتوراه عام 1947

3 ــ النُّواسي شاعرٌ من عبقر ــ سلسلة مفكرون من الشرق والغرب ــ 1970

4 ــ ديوان (الشَّريف العقيلي) تعليق وتحقيق لمخطوط ــ 1965

5 ــ المتنبي ــ 1956 ــ 1968 ــ 1970

6 ــ إبراهيم طوقان شاعر فلسطين 1959 ــ 1962

7 ــ دراسات في تاريخ النَّهضة العربية المعاصرة، بالاشتراك مع شفيق غربال وأحمد عزَّت عبد الكريم، وبديع شريف ــ 1958

8 ــ نظراتٌ في أدبنا المعاصر ــ 1962

9 ــ أحمد أمين ــ 1963

10- عبد الوهاب عزَّام ــ 1968

11- الأدب الديني ــ 1970 ــ 1988

12- أساطير ملهمة ــ 1970

13- الشَّاب الظَّريف ــ 1972

14- عباقرة الأدب عند العرب ــ 1995

15- أقاصيص العرب ــ 2000

16- الأدب العربي المعاصر / كتاب مدرسي ــ 1960

17- في التَّراجم والنقد / كتاب مدرسي ــ 1960

18- قراءاتٌ أدبيةٌ مدرسيٌة وتحليلية / كتاب مدرسي ــ 1960

19- ديوان شعره / منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب 1401 هـ ص 190

20- دراساتٌ في اللُّغة العربية والمعاجم

21- نشيد الإنشاد

22 ــ دراسات في الأدب والنقد

23 ــ فقه اللغة العربية المقارن

24 ــ دراسات تاريخية (15)

 

قال الدكتور محمد عبد الغني حسن عن مؤلفات المحاسني: (وحين يسلك الدكتور المحاسني المسالك الوعرة في التأليف، يذهب مذهب الاعتدال والنزاهة في الأحكام، فلا يجور عليها، ولا يبترها، بيد أنه يقرأ ويحقق ويوازن، ويحكم بعد اقتناع واعتقاد)  (16)

وقال الأستاذ الأديب عباس محمود العقاد عن كتابه شعر الحرب في أدب الحرب : (اعتمد المؤلف على ذوق الأديب، وتمحيص العالم في اختياره من القصائد، فجاء الكتاب زبدة منتقاة، وذخيرة ممتعة للقارئ، تجمع له ما تفرق بين مئات المراجع، وتزيد عليه تعليقات النقاء ومواضع الاستدراك التي يهتدي إليها الباحث والمؤرخ يودعها خلاصة تفكيره وملاحظته، وأخطرها تلك الصفحات التي كتبت عن الدولة الحمدانية حيث برز المتنبي وأبو فراس بين أسمائها، كما برزت عواطف الأبطال والأمهات والبنين والبنات، فيما تداوله العرب والروم من مواقع القتال، ومواقف الأسر والفداء، فإن هذه الصفحات الأحرى بأن تسمى ملحمة شعرية يؤلفها القارئ في ذهنه، ويتممها بخياله، ويملأ بها فراغ الملاحم التي كثرت في الاَداب الأجنبية وقلت في الآداب العربية) (17)

وقال الدكتور عبد الوهاب عزام في تقديمه لهذا الكتاب: (لقد عكف فيه مؤلفه عكوف الباحث المخلص المتثبت الذي لا يقنع بما دون الغاية، ولا يسكن إلى الدعة، ولا ينوء به النصب والدأب) (18)

قالوا عنه:

قال الأستاذ عبد الغني العطري: (من وجوه الثقافة الرفيعة في بلاد الشام، وكان مع زوجته الأديبة الكبيرة الراحلة السيدة وداد سكاكيني، يمثلأن ثنائياً أدبياَ متناغماً ومتناسقاً، تتطلَّع إليه القلوب بالحب والاحترام، وتهفو إلى رؤياه، وسماعه وقراءة اَثاره جماهيرُ الأدباء والمثقفين) (19)

أما عن شاعريته فيقول الأستاذ ظافر القاسمي: (أقبل على الشعر فجود فيه، وكان من فرسانه ... وأقبل على النَّثر فإذا هو من فحوله: أسلوبٌ قرشيٌّ صافٍ مشرق، لا ترى فيه عوجاً ولا أمتاً). (20)

وقال عنه الأستاذ أنور الجندي (شاعرٌ بكلِّ معنى الكلمة، حتَّى لو كتب النَّثر أو ألَّف في الدِّراسات العقلية) (21)

وقالت عنه ابنته الأستاذة سماء المحاسني: (اتَّسمت شخصيَّة المحاسني بالتَّواضع والنَّقاء والاعتزاز بالنَّفس، مع ميلٍ إلى الطَّرافة والتَّواصل الاجتماعي. ولاشك أن تواضعه كتواضع العلماء، وهو يذكرني بكبار أدبائنا وشعرائنا في تاريخ الادب العربي في العصور الغابرة، فهم يتصفون بهذه الصفة الحميدة التي قل أن نلمسها في عصرنا هذا.

وكان صدرُه يتَّسع للكثيرين، فكان يستقبلُ في داره بالمزرعة الأصدقاءَ وغير الأصدقاء، ويبادلهم الحديث، وينصتون إلى حديثه الجذاب الذي ينمُّ عن أفقٍ واسع، وثقافةٍ عريضةٍ متسعة أصيلة، واطِّلاع كبيرٍ على الثَّقافات والآداب العالمية ويربط صلتها بالآداب العربية، وفي بيته كان مثالاً يحتذى للوالد الجليل الذي يعامل أولاده وأسرته بكل حنان وأبوة، ويتبادل معهم الأفكار والآراء وكانت شخصيته السمحة تنعكس آثارُها على أدبه وكتاباته) (22)

وقال عنه الشاعر اللبناني الدكتور فوزي عطوي: (ها أنذا اقلب بين دفتي صفحات من مؤلفاته القيمة، وأنقب في بعض مجموعات مكتبتي عن مقالاته وقصائده، فاستوقفني ظاهرة عجيبة في هذا القلم العف، قلما استوقف قراء المحاسني، ألا وهي ظاهرة فقدان طعم الهجاء، بمعناه الفني، فيما خطه نثراً وشعراً) (23)

وقال عنه الأديب وديع فلسطين: (اغمط المحاسني حقه إنْ لم أتحدث بكل إكبارٍ عن شخصيته التي حببت فيه كل مَنْ عرفه. فهو، على علمه، شديد التواضع، يحنو على الناشئة حنواً أبوياً تلقائياً، ولا يضن عليهم بالتشجيع وجميل التوجيه. وهو يتصرف بعفويةٍ نبيلة في المواقف الإنسانية، جازعاً في مواقف الجزع، متعاطفاً حيث يُطلَبُ التعاطف، تفضحه مشاعره حتى ولو حاول كتمانها، وما أطول قامته في مواقف الكرامة. كان عف القلم واللسان، ينقد ولا يجرح، ويتطوع للدفاع عن اي قضية إذا ما اختفت فيها الموازين) (24)

وقال الدكتور محمد عبد الغني حسن في رسالةِ هنأ بها المحاسني على عضويته في مجمع اللغة العربية في القاهرة لقد زنتم العضوية، وشزَفتم الزمالة المجمعية، فكسبت بكم أكثر مما كسبتم منها، وربحت بوجودكم فوق ما ربحتم منها) (25) 

توفي المحاسني في دمشق ورثاه العديد من الشعراء منهم: رشاد علي، حسين أحمد كمونة، عبد الخالق فريد (26)

وتقديراً لفضله على الجيل كأديب ومربي، أطلقت محافظة دمشق اسمه على الساحة المجاورة لجامع الإيمان في حي المزرعة بمدينة دمشق

وقد جَمعت الأديبة (وداد سكاكيني) ما قيل في زوجها المحاسني من مقالات وقصائد في كتاب بعد وفاته ونشر في العام (1973) ، أي بعد وفاته بعام، وساهم في الكتابة فيه عدد من الأدباء والمفكرين في لبنان، والعراق ومصر وسورية، وصدر في دمشق بعنوان (تحية وذكرى). (27)

شعره

قال السيد جواد شبر: (الملحمة العربية الكبرى للدكتور زكي المحاسني وتنفرد بنشرها مجلة (قافلة الزيت) السعودية وقد بلغ بهذه الملحمة حتى الآن النشيد السابع...

ونقل شبر عن مجلة العرفان اللبنانية عدد 4 مجلد 59 قولها: (وندعو الله ونحن في أرض الوحي أن يمد له بعمره، وهو اليوم في الخمسين منه، ليتم هذه الملحمة الفريدة التي ينتظرها العالم العربي الحديث ويرصدها، لتكون له بين ملاحم الأمم في آدابها العالمية ملحمته المثلى). (28)

يقول المحاسني من ملحمته في الإمام الحسين (عليه السلام):

عاطني دمــعاً وخُذ منِّيَ عيــــــــــــنا     واحـــــسـيـنـا واحـسـيـنـا واحسينا

أنا فـي الــشـامِ وتيَّــــــــــــــارُ حناني     ينتــحي من ذكرِكَ المحزونِ حينا

يسألُ الــريحَ إذا هبتْ رخـــــــــــــاءً     فـي البوادي عن هوىً قد كان دينا

يا مهــاداً في العراقيــــــــــــن أجيبي     أيـنَ مـــــثـوى ذلـكَ المحبوبِ أينا

(كـــربـلاءٌ) لـفـحـةٌ قـــــــــــــهـريـةٌ     حـملتْ في صفـــــحةِ التاريخِ شينا

هـــيَ لا ذنــــــــــــــبَ لــها مـن بلدةٍ     من دعـا الأحجارَ أن تـــلبسَ زينا

وقـــعـةٌ فـيـهـا عـلـى عــــــــــثـيرِها     هــزَّتِ الـدهـــــــــرَ لذكراها أوينا

لـكـأنّـي أبـصـــــــــــرُ الـمرجَ دنــــا     بخـيـــــــولٍ بالردى الباغي سرينا

يـا لـهـا مـن طـحـمـةٍ كـان خـــصـيمٌ      سامها العــــــــــربُ وبلواها جنينا

تـلـك هـمـــــــــدانٌ أتـتْ فــي مذحجٍ     وتـــمــيــــــــــمٍ وبــأقـدارٍ رمـيـنـا

ذا عـــــــــديّ حـصـنُ ديـــنٍ وتـقـىً     قـتـلــــــــــوه قـطـعـوا مـنـه رديـنا

فانبرى الصحبُ على عــرضِ الملا      شـيعةُ الثأرِ يـــــــــصيحونَ افتدينا

فتنٌ عـــــــجَّتْ مــدى الـــجـيـلِ كـما     تـــــــلفحُ النيرانُ لا تدري الهوينا

هـبَّ يـطـفـــــــيــهـا عـــلى طغيانِها     بـطـلٌ اعــــــــــداؤه نـادوا: إلـيـنـا

نـاصـحٌ قـالَ له يا ابـــــــــــنَ مطيعٍ     لا تكنْ كبشاً عـــــــلى المنحرِ هينا

فأبـى وهـو يـنـــــــــــــــادي رهطه      لن يصيــــبَ العربَ من بعديَ أينا

فـأتـاهُ الـجـمـعُ فـــي وثـــــــبِ الفدا     يـا حـسـيـناهُ لـلـــــــــــقـيـاكَ أتـيـنا

أمُّ وهـبٍ فـيـهـــمـو مقدامــــــــــــةٌ     زوجُها الكلبيُّ نادى: مــــا اختـشينا

بأبي أنتَ وأمِّـــي تــــــــــــلـكَ رو     حٌ غـيـر مـا نـفـديـكَ فيـها ما اقتنينا

خُـذ أبـا الـحـــمـدِ فـهــــــذي طعنةٌ     بـعـــــــــــدوِ اللهِ طـغـواهــا وريـنـا

وهـتـــــــــــــافٌ قـد عـلا تـهـدارُه     نـحـــــــنُ أنـصـارُكَ إنّـا قـد حـمينا

فيهمو عـــــــــمرو أخو قرظة مَن     يـصدقُ المـــــــوتَ ولا يعرفُ مينا

ولديـهـــــــــــم سـالـمٌ ذو عـوسـجٍ     وحـــــــــبـيـبٌ قـال لـلـحـتفِ اقتفينا

وزهـيـــرٌ فـارسُ الـفـــــــــتكةِ إن     قـيـلَ يا ابـــــــنَ القينِ لم تعرفه قينا

ورمـــى الـكنديُّ يفـــــــدي خـدنَه     بـكـمـــــــــاةٍ مـثـلَ جـنٍّ قـد هـويـنـا

يا لأبــطالٍ تدانوا في الـــــــوغى     أشـهـدوا اللهَ وقـــــــــالوا ما اعـتدينا

وأتـــى الـخصمُ بجمعٍ حاشـــــــدٍ     يـا رواةَ الـحـربِ إنّـا قــــــــد رويـنا

قــد بكى التــــــاريخُ خجلانَ ولو     أظـلـمَ الـتـاريخُ فينا ما اهتـــــــــدينا

يا أبـــــــا الـمجدِ ويا زينَ الــملا     لـكَ فــــــــــي حـربِ الـمـناجيدِ بنينا

مشهداً في مــــلحماتٍ حــمحمتْ     قد طوينَ البيـــــــــــدَ والعـمرَ طوينا

نحن ألجمنا إلى الــــــحشرِ الذي     قـد فـرى قـلـبَـكَ ذكـــــــــــراهُ فرينا

وسـفـحـنـا بـعدكَ الــدمــــعَ على     بـطـلٍ مـا مـثـلـه فـيـكَ بـكـــــــــــينا

عـطـشـاً غـبتَ عـــن الدنـــيا فيا     لـيـتـنـا حـــــــــــزناً بماءٍ ما ارتوينا

نشربُ الـكـــــــأسَ بلا طعمٍ وما     سـاغَ أنّــــــــــــا بـعـدَ ظمآنَ استقينا

ليسَ يرثيك سوى روحٍ عـلى الـ     ـنـجفِ الأشـرفِ عـــــــنها ما انثنينا

حملتْ سـرَّ الـبـلاغــــــاتِ ولـو     سكـــــــــــبتْ شعـراً لمرثى ما رثينا

يا حبيبي لكَ في الشامِ نـــــــدى     في مطلِّ الــــــــــزهرِ قـد رفَّ علينا

كم ركبنا الشوقَ نسري عمــره     خلفَ آمادِ الهوى فــــــــــــــيه جرينا

..........................................................

1 ــ أدب الطّف ج 10 ص 270 عن مجلة (قافلة الزيت) السعودية ــ ربيع الثاني 1392 هـ ص 23 ــ 24

2 ــ زكي المحاسني .. المربي الأديب والشاعر الناقد ــ سماء زكي المحاسني ــ دار القلم ــ دمشق 1425 ــ 2004 ص 19

3 ــ نفس المصدر ص 19 ــ 20 عن: صفحات من مذكرات يتيم، في فصلين بقلم زكي المحاسني (مخطوط)

4 ــ نفس المصدر ص 20

5 ــ نفس المصدر ص 22

 6 ــ نفس المصدر ص 21

7 ــ ديوان المحاسني ــ منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب 1401 هـ ص 190

8 ــ زكي المحاسني .. المربي الأديب والشاعر الناقد ص 23

9 ــ نفس المصدر ص 55 ــ 60

10 ــ نفس المصدر ص 40

11 ــ نفس المصدر ص 13

12 ــ نفس المصدر ص 23

13 ــ نفس المصدر والصفحة

14 ــ نفس المصدر ص 23 ــ 24

15 ــ نفس المصدر ص 61 ــ 107

16 ــ نفس المصدر ص 68

17 ــ نفس المصدر ص 67 ــ 69

18 ــ نفس المصدر ص 68 عن مقدمة كتاب شعر الحرب في أدب لعرب

19 ــ عبقريات من بلادي، الدكتور زكي المحاسني، العالم والأديب والشاعر ص 211

20 ــ زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد لسماء زكي المحاسني ص 26

21 ــ كتاب تحية وذكرى، لوداد السكاكيني ــ الدكتور زكي المحاسني بأقلام الذين عرفوه في أدبه ونضاله من اعلام المفكرين والأدباء، بمناسبة الذكرى الأولى لمرور عام على وفاته مطبعة الآداب والعلوم ــ دمشق 1973 ـــ مقال تحت عنوان الدكتور المحاسني، هذا الوجدان المشبوب ص 75

22 ــ زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد لسماء زكي المحاسني ص 25

23 ــ كتاب تحية وذكرى، لوداد السكاكيني ــ الدكتور زكي المحاسني بأقلام الذين عرفوه في أدبه ونضاله من اعلام المفكرين والأدباء، بمناسبة الذكرى الأولى لمرور عام على وفاته مقال تحت عنوان: كإن للمحاسني من اسمه نصيب في ص 101

24 ــ مقدمة كتاب زكي المحاسبي المربي الأديب والشاعر الناقد لسناء المحاسني ص 10

25 ــ تحية وذكرى ص 3

26 ــ نفس المصدر ص 44 ــ 46

27 ــ الدكتور زكي المحاسني بأقلام الذين عرفوه في أدبه ونضاله من أعلام المفكرين والأدباء ــ مطبعة الآداب والعلوم ــ دمشق 1973

28 ــ أدب الطف ج 10 ص 270

كما ترجم له وكتب عنه:

الزركلي / الأعلام ج 3 ص 47

الدكتور محسن جمال الدين / العراق في الشعر العربي

خير الدين كم المناز - الدكتور زكي المحاسني، حياته وأدبه.

وديع فلسطين يتحدث عن أعلام عصره / الدكتور زكي المحاسني ج ١ ص 255

وحيد الدين بهاء الدين / مباحث في الأدب العربي المعإصر، بحث بعنوان (زكي المحاسني نابغة من دمشق) ص 46 ــ 58

جان كميد / دراسة تطبيقية في الشعر، الشاعر زكي المحاسني، مجلة الورود اللبنانية كانون الأول 1959 ص ٣

عبد الفتاح إبراهيم / مع الدكتور زكي المحاسني في دراستين تاريخيتين من تاليفه، مجلة الرسالة اللبنانية، العدد (٥) 1958 ص 29

جان كميد / كتاب الشهر، إبراهيم طوقان شاعر الوطن المغصوب حياته وشعره، تأليف الدكتور زكي المحاسني، مجلة الرسالة العدد (٧) 1956 ص 28

مصطفى خالدي / إلى أديب سورية الكبير الدكتور زكي المحاسني، مجلة البلاغ البيروتية، العدد (18) حزيران 1947

أنور الجندي / شاعرية الدكتور زكي المحاسني، جريدة الندوة المملكة العربية السعودية، بتاريخ 10 شعبان 1397

حسان الكاتب / بين الشاعر المحاسني وعارفيه، مجلة العرفان اللبنانية ص ٤٢٥

حسان الكاتب / الدكتور زكي المحاسني، فقيد ا لأدب، مجلة الأديب تموز 1972

عيسى فتوح / زكي المحاسني في ذكراه العاشرة، مجلة الاديب ــ شباط 1983

عيسى فتوح / الدكتور زكي المحاسني ناقداً وأديباً، مجلة اليرموك الأردنية، سنة 1994

بديع شبلي / أبو نواس لزكي المحاسني، مجلة الورود اللبنانية، تشرين الأول 1971

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار