183 ــ حسين محمد هادي الصدر: ولد (1364 هـ / 1945 م)

حسين محمد هادي الصدر: (ولد 1364 هـ / 1945 م)

قال من قصيدة (لغة الطفوف) وهي متعددة القوافي والبحور وتحتوي على (60) رباعية في (240) بيتاً:

لـغةُ الـــــــــطفوفِ بطولةٌ وفداءُ      وحــروفُها الأشلاءُ والشهداءُ

وبـــــلاغةُ الأبـطالِ أن جراحَهمْ      في (كربلاءَ) قصيدةٌ عصماءُ

يشدو بها الأحرارُ عبرَ مسارِهمْ      وبلحنِــــــــــها يترنَّمُ العظماءُ

وعلى شفاهِ الدهـــــرِ منها قصةٌ      تُروى وفيـــــــها للإباءِ رواءُ (1)

ومنها:

تناثرتْ في (كربلاءَ) الرؤوسْ      وانطفأتْ بالطفِّ تلكَ الشموسْ

واصـــــــطبغتْ بالحزنِ أيامُنا      فــالأفقُ بعد السبطِ داجٍ عبوسْ

وخلّدَ اللهُ حــــــــــــــسينَ الإبا      وخـــلّفَ السبطُ عظيمَ الدروسْ

إن راحَ قرباناً لدينِ الــــــهدى      فكــــــيفَ لا تفديهِ مِنَّا النفوسْ

ومنها:

تــــــــــــتمنّى الجموعُ لو أنها فا     زتْ بنصرِ الحسينِ في (كربلاءِ)

وجميلٌ أن يصدقَ الناسُ في القو     لِ بعـــــــــيداً عن بـاطلِ الادِّعاءِ

نصرةُ الــــــــــسبطِ أن تهبَّ أبياً     يتحدّى معـــــــــــــــــاقلَ الأعداءِ

إنَّ نصرَ الحسيــــــنِ نصرةُ دينِ      قد فداهُ بـــــــــــــــالنفسِ والأبناءِ

ومنها:

قبرُ الــــحسينِ بـ(كربلا) لكنما      في كلِّ قــــــــلبٍ قبرُه محفورُ

والقلبُ فـي نـــــــبضاتِه مُترنّمٌ      باســـمِ الحسينِ وبالولاءِ يمورُ

إن أظــــــلمتْ آفاقُنا يوماً وإن      غــامتْ فنهجُكَ يا حسينُ النورُ

هيهاتَ أن ننسى الحسينَ وإننا      حولَ الحسينِ مدى الحياةِ ندورُ

ومنها:

غسَّلتكَ الــــــــدماءُ في (كربلاءِ)      يا سليلَ الرسولِ والزهراءِ

لهف نفسي على الـحسينِ صريعاً      كفَّنته حــــــرارةُ الرمضاءِ

وسيوفُ الأعـــــــداءِ صلَّتْ عليهِ      بعد أن لم يـــذقْ لذيذَ الماءِ

قتلوهُ ظامي الحشاشـــــــــــةِ لهفا     نَ وباؤوا بالـــفعلةِ النكراءِ

ومنها:

يبسُ الديارِ بفيضِ جودِكَ يخصبُ      والمجدباتُ مِن المعالمِ تُعشبُ

فـــــــكأنَّ شلّالَ الـدماءِ بـ(كربلا)      نبعُ الـحياةِ جرى وأنَّى ينضبُ

وكأنَّ مــــــــــلتطمَ الفراتِ محابرٌ      والـسبط يملي والمفاخرُ تكتبُ

ما كانتِ الأقــــــــلامُ يومَ طفوفِها      إلّا الأســــنةَ بالمكارمِ تخضبُ

ومنها:

رزيةُ الــــــــخميسِ لا تمَّحى      آثارُها حتــــــــــــى يقومَ الحسابْ

وحِـــيلَ بين المصطفى عنوةً      وبينَ أن يُـــــــــــكتبَ ذاكَ الكتابْ

فاهتُضمَ الآلُ وضاعتْ سدىً      حــــــــــقوقُهم واغـتصبتها الذئابْ

لـولا خميسُ الشؤمِ ما وجَّهوا      في (كربلا) نحوَ الحسينِ الحرابْ

ومنها:

ظمأتْ بناتُ محمدٍ في (كربلا)      فـــــسُقينَ كرباً مفجعاً وبلايا

وكـــــرائمُ الـتنزيلِ بعدَ حماتِها      صَبَّتْ عليهنَّ الطفوفُ رزايا

حرقوا عـــليهنَّ الخيامَ وهتَّـكوا      صــونَ اللثامِ وعُدنَ ثمَّ سبايا

وأمامهنَّ رؤوسُ آلِ مـــــــحمدٍ      وتفتّتــــــــتْ أكبادهنَّ شظايا

ومنها:

طحنتْ (كربلاءُ) آلَ الرسولِ      حيثُ ثقلُ النبيِّ نهبَ الخيولِ

وغصونُ الإسـلامِ مِن آلِ طه      قـــــــــد رمتها أميةٌ بالذبولِ

وبــــــــدورٌ مِـن أحمدٍ وعليٍّ      أفلتْ بالــــــطفـوفِ أيَّ أفولِ

كلُّ ســـــهمٍ أصابهم هـوَ سهمٌ      قد أصابوا بــــه فؤادَ البتولِ

ومنها:

لهفي على آلِ الرسولِ بـ(كربلا)      وجسومُهم بـــــشبا السيوفِ تُطرزُ

طـــــــاشتْ سهامُ محمدٍ أسيافَهم      وبطاهـــــــرِ الأجسادِ راحتْ تفرزُ

ركزوا بـــــــسبطِ محمدٍ أسيافَهمْ      والـــــــسبط مِن ألقِ العقيدةِ مركزُ

ما كانَ أجـرأهمْ على الرحمنِ إذ      قاضوهُ في الطفِّ الديونَ وأنجزوا

ومنها:

أسائلُ الطفَّ وبـــــــــي دهشةٌ      يــــــا طفُّ أينَ الأنجمُ الزهرُ

وأينَ مَن تـــــخجلُ مِن نورِهمْ      شمسُ الضحى ويستحي البدرُ

فــــــــــــقالَ لي مُستعبراً باكياً      هل ضـــمَّهمْ في (كربلا) قبرُ

أحثو على رأسي ترابَ الأسى      وفي الحـــــــشا يستعرُ الجمرُ

ومنها:

إذا استحوذَ الشيطانُ يوماً على فتىً      أصمَّ عن الحقِّ الصراحِ مسامعَه

ولــــــستَ ترى الوعظَ البليغَ بنافعٍ      جــهولاً رأى أن لا يجـوزَ منافعَه

يحاذرُ مِـــــــــــــن إنفاذِ هديٍ لقلبِهِ      ويرتـــاعُ لكن حينَ يهدي روائعَه

كما صنعَ الأوغادُ في يوم (كربلا)      ضلالاً فكان الطفُّ أكــــبرَ فاجعَه

ويقول في نهايتها:

إنّ البكـــــاءَ على الحسينِ شعاري      وبــمدمعي أطفي لهيبَ النارِ

ما عنَّ لي ذكـرُ الحسينِ و(كربلا)      إلّا انتحبتُ أسىً على الأقمارِ

هـذي الدموعُ الساخناتُ إذا جرتْ      تجـري برفضِ الظلمِ والفجَّارِ

إنَّ الـــدموعَ على الحسينِ نواطقٌ      ببليــــــــــغِ ما للسبطِ مِن آثارِ

وقال من قصيدة مكونة من ثنائيات تبلغ (12) بيتاً:

لهف نفسي حلأوا الأبرارَ عن ماءِ الفراتْ

لم نجدْ في (كربلا) إلّا الــــــشفاهَ الذابلاتْ

ونجاوى العشقِ في اللهِ لـــــــحونٌ خالداتْ

ونفوساً قد رأتْ في الموتِ ســــــرَّاً للحياةْ (2)

ومنها:

أمثلَ حسينٍ يعتلي الشمرُ صدرَه      ألا ليتَ صدري دونَ صدرِكَ يُعتلى

ويــــا ليتَ أمي لم تلدني ولم أكنْ      لأســمعَ ما لاقى الحسينُ بـ(كربلا)

وقال من قصيدة تبلغ (21) بيتاً أرسلها للسيد جواد شبر مقرظاً فيها كتابه (أدب الطف) ومهنئاً إياه على صدوره، وقد عنونها بـ (عطاء الجواد) ومقدماً إيّاها بقوله: (إليك أزجي هذه القصيدة تقديراً لجهودك وجهادك):

وبطولاتُ (كربلاء) نــــشـيـدٌ     كلُّ يومٍ لحـــونُـه تُستعادُ

لوّنَ الطفُّ صفحةَ الدهرِ ألوا     ناً وللظالمينَ منها السوادُ

في حنايا التـــاريخِ ألفُ أُوارٍ     ليسَ يخبو لجمــــرِهِ إيقادُ (3)

وقال من قصيدة في رثاء السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره الشريف) تبلغ (23) بيتاً:

مـا مـرَّ فـي خـاطـرِ الأيــامِ أنَّ دمــاً      في (كربلاءَ) جرى لليومِ ينتزفُ

وإنَّ مـسـرىً مـن الأعوامِ يقطعُه الـ     أوغادُ في دعةٍ رغمَ الذي اقترفوا

بالأمسِ هبَّتْ جموعُ الشعبِ غاضبةً      وأنـتَ رايةَ مَن هبوا ومن زحفوا (4)

وقال من قصيدة في رثاء السيد الشهيد آية الله محمد باقر الصدر وأخته العلوية بنت الهدى تبلغ (22) بيتاً:

فأنتَ لـــــــــلأجيالِ أنشودةٌ     يشدو بها الأحرارُ والأصفياءْ

كَــــــتبتَ لكن بزكيِّ الدماء     مــــــلحمةً فصولها (كربلاءْ)

تناغمتْ والطفُّ في روحِها     وضـــارعته في الندا والدماءْ (5)

الشاعر:

السيد حسين بن محمد هادي بن علي بن حسن بن هادي الصدر الموسوي الكاظمي، عالم وأديب وشاعر، ولد في الكاظمية المقدسة من أسرة علمية برز منها أفذاذ العلماء وكبار الفقهاء.

تخرج من كلية الحقوق بجامعة بغداد والتحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف, فحضر الأبحاث العالية في الفقه والأصول لكبار العلماء المجتهدين مثل السيد أبو القاسم الخوئي، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر وأصبح معتمداً للأخير في بغداد.

أما في الشعر فقد كان له دور بارز فقد شارك في تأسيس ندوة (عكاظ الأدبية) في الكاظمية أواسط الستينيات مع مجموعة من أدباء الكاظمية

وبعد أن شدد النظام البعثي قبضته على علماء الدين ومارس ضدهم أساليبه القمعية غادر السيد حسين العراق بعد أن تعرض للاعتقال والتعذيب ومصادرة بيته ومكتبته، فهاجر إلى سوريا ومنها إلى إيران التي أسس فيها مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) لإقامة الشعائر الدينية، ثم غادر إيران إلى لندن وهناك أسس (المعهد الإسلامي) وجريدة (المنبر)

وبعد سقوط النظام البعثي عاد إلى العراق ليمارس نشاطه الديني والتوجيهي فأسس (المؤسسة الرسالية للعلوم والآداب والثقافة) في الكاظمية والتي تهتم بإحياء شعائر أهل البيت (عليهم السلام)

لم يقتصر نشاط السيد حسين على التوجيه والإرشاد بل ألف العديد من الكتب التي تعنى بالثقافة الدينية والمجتمعية منها:

1 ــ في قضايا الزواج والأسرة

2 ــ الزواج والمرحلة الجهادية

3 ــ الإمام الصادق عطاء وإشعاع

4 ــ المرجعية الشهيدة

5 ــ لا لن يموت الصدر

7 ــ المحطات الرئيسية في حياة الامام الشهيد الصدر

8 ــ موسوعة العراق الجديد صدر منها سبعة عشر جزءاً

9 ــ موسوعة المنبر

أما عطاؤه الشعري فقد أصدر عدة دواوين منها:

1 ــ أسبوع شعري

2 ــ لقاء على ضفة الشعر

3 ــ هاك منّا دماءنا يا عراق

4 ــ عمّار في باقة من الأشعار ــ ديوان شعر في ابن أخيه عمار بن حيدر الصدر (6)

كان السيد حسين من رموز المعارضين للسلطة البعثية الدكتاتورية وسياستها القمعية وكان له نشاط ملحوظ في مقارعة الاستبداد يقول عنه الأستاذ حميد المطبعي: (اجتذبت محاضراته مجاميع من الشباب الجامعي لجرأته وشجاعته العقائدية) (7)

شعره

قال من قصيدته (عطاء الجواد):

ضُمِّختْ منـــكَ بالهدى الأبرادُ     وزكتْ همّةٌ وطـــــابَ جهادُ

إن تكـنْ عــــدتَ بـاحـثاً ألمعيّاً     فـبـعـلـيـاكَ تـنــــطقُ الأعوادُ

وتـساميتَ مصدراً (أدبِ الـطـ     ـفِّ) فراقَ الإصدارُ والايرادُ

روضة تزدهي بعطرِ المروءا     تِ فتندى الأغصانُ والأورادُ

ويـنـابـيــــعُـكَ الأصـيلةُ رفّـتْ     فاستقى مـن معينِــــها الورّادُ

قد ملكتَ القلوبَ بالأدبِ السمـ     ـحِ فـباهتْ بجهدِكَ الــــــــنقّادُ

إنَّ موسوعةَ الطفوفِ عطـــاءٌ     لـيس يقوى عليه إلا (الجوادُ)

ومنها في سيد الشهداء (صلوات الله عليه):

موّن الدينَ بالــخلـودِ (حسينٌ)     وبـلألائـهِ اســـتــنـــارَ العبادُ

فدماءُ الحسيــنِ أرسته صرحاً     وهيَ من شامـخِ الـبناءِ عمادُ

وفصولُ الــفداءِ خطّتْ مساراً     بـفـتوحاتِه انتــشــتْ أمــــجادُ

صـورٌ تُـــجـتـلـى فتمتلئ النفـ     ـسُ رواءً ويُــســتـطابُ الزادُ

وبـطــولاتُ (كربلاء) نـشـيـدٌ     كـلُّ يــومٍ لـحــــــونُـه تُستعادُ

لوّن الطفُّ صفحـةَ الدهرِ ألوا     ناً ولـلظـالــــمينَ منها السوادُ

في حنايا الـتــاريـخِ ألفُ أُوارٍ     لــيــس يـــــخـبو لجمرِه إيقادُ

مـحـنُ الطفِّ تـــستبيحُ البرايا     فـتــــــذوبُ الـقـلوبُ والأكبادُ

وجراحُ الطفوفِ تُدمي ومنها     عــــــــــبـرة إثرَ عبرةٍ تستفادُ

للحسينِ الشهـيدِ في كلِّ عصرٍ      شعراءٌ عن نهجِهِ الحقِّ ذادوا

يُـسـتـثــــارونَ والـمـلاحمُ غرٌّ     ويـصوغونَ والــــنثارُ رشادُ

ولآلي البيانِ تــلـمـعُ كـالـنـجـ     ـمِ وضــيـئـاً ويـخـلـدُ الإنـشادُ

لم يـــــريقـوا دماً زكـياً ولكنْ     قد يصــــونُ الدمَ الزكيَّ مدادُ

ولـقـد ضـمَّـهم كتــــابُ جوادٍ      فـغـدا حـــــافـلاً بـمـا يُـستجادُ

وقال من ثنائياته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

أرى التاريخَ يمشي مستطيلاً      وفوق جبينِه ألقُ الحسينِ

تحدّى بالشهـــــــادةِ غاصبيهِ     ووفـى لـلـمكارمِ كلّ دينِ

وقال من قصيدة في رثاء آية الله العظمى السيد (أبو القاسم الخوئي) (قُدس سره الشريف):

فليسَ عجيباً أن نرى العـــلمَ نادباً     فقد كـــــــــان للخوئي يُعزى وينتمي

أيا منهلاً قد فاضَ فـــــينا عطاؤه      لقد كنتَ عذبَ الوردِ للعاطشِ الظمي

وفي بردِكَ التقوى تمورُ بعطرِها     وتـعبقُ في أنــــــــــدى ربيعٍ وموسمِ

ويا حاملاً من فقهِ جـعـفرَ روحَه     علـيكَ سلامُ اللهِ من كـــــــــــــلِّ مسلمِ (8)

وقال من قصيدته في رثاء السيد الشهيد آية الله محمد باقر الصدر وأخته العلوية بنت الهدى:

لم تـقـتـلـوا الـصــــــــدرَ ولكنـه     أسلمكمْ إلى مهاوي الشقاءْ

ولن يغيبَ الصـــدرُ عن ساحـةٍ      روّى ثــراها بنجيعِ الدماءْ

وليخسأ الطـــــاغوتُ فيما جنى     وخـســـــئتْ عبيدُه والإماءْ

ويـــــــــلاهُ يا سـليلة الأوصياء     ويا حبـيــبـاً نـاصعاً بالنقاءْ

(بنت الهدى) فتّشتُ عن زيـنبٍ      فلمْ أجدْ غــيرَكِ بينَ النساءْ

......................................................................

1 ــ مجلة الموسم للأستاذ محمد سعيد الطريحي العدد 12 لسنة 1991 ص 412 ــ 423

2 ــنفس المصدر ص 423

3 ــ أدب الطف ج 9 ص 7 ــ 9

4 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين للدباغ ج 2 ص 330 ــ 331

5 ــ نفس المصدر ص 320 ــ 321

6 ــ نفس المصدر ص 317 ــ 319

7 ــ موسوعة أعلام وعلماء العراق ص 199

8 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين للدباغ ج 2 ص 332

كما ترجم له:

رسول كاظم عبد السادة – كريم جهاد الحساني / موسوعة شعراء الغدير ج 6 ص 125 ــ 129

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 2 ص 131

محمد حسين آل ياسين ــ مقدمة ديوان عمار في باقة من الأشعار

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار