حسن الصفواني (توفي ١٢٧١ هـ / 1854 م)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (66) بيتاً:
لهفي له حين وافى (كربلا) وبها حط المضاربَ من صحبٍ وإخوانِ
مسـتـنـشـقـاً لــثراها خـاطـباً بهمُ وهـو الـبــــــلــيـغُ بـإيـضـاحٍ وتبيانِ
هـذي ديـاري وفـيها مدفني وبها مـحـط قـبــــــري، بهذا الجدُّ أنباني (1)
الشاعر:
قال الشيخ علي المرهون في ترجمته: (هو الأديب الأريب الشيخ حسن بن صالح الصفواني القطيفي، من شعراء القرن الثالث عشر. وقد أضاف إلى أدبه وخفّة طبعه انقطاعه إلى اللّه تعالى، ثم إلى أهل بيت نبيه (صلوات اللّه عليهم)، فقل أن يختم قصيدة من قصائده فيهم عليهم السلام إلاّ بما يدلّ على ذلك. ولم أتحصل على من يتعرف على هذا الشاعر، فيمدني بمعلومات حياته، غير أني تتبعت كثيراً من ديوانه قراءة، فلمست منها أنه ذلك التقي الورع الصالح في الرعيل الأول من رجالات الدين، وشعراء أهل البيت عليهم السلام، وأن ديوانه المرتب على حروف المعجم ليعطينا صورة عن كثير من حياته الفذّة مما عرفت. على أنه ليس وراء الانقطاع إلى اللّه سبحانه شيء، وكفى به عزاً شامخاً وشرفاً باذخاً. توفّي (رحمه اللّه تعالى) في التاريخ المذكور على حدّ التقريب. ومبلغ العلم أنه موجود سنة ( 1244 ) معاصر للفاضل الجشي الذي سبق ذكره..
هو الأديب الأريب الشيخ حسن بن صالح الصفواني القطيفي، من شعراء القرن الثالث عشر. وقد أضاف إلى أدبه وخفّة طبعه انقطاعه إلى اللّه تعالى، ثم إلى أهل بيت نبيه (صلوات اللّه عليهم) ؛ فقل أن يختم قصيدة من قصائده فيهم عليهم السلام إلاّ بما يدلّ على ذلك. ولم أتحصل على من يتعرف على هذا الشاعر، فيمدني بمعلومات حياته، غير أني تتبعت كثيرا من ديوانه قراءة، فلمست منها أنه ذلك التقي الورع الصالح في الرعيل الأول من رجالات الدين، وشعراء أهل البيت عليهم السلام، وأن ديوانه المرتب على حروف المعجم ليعطينا صورة عن كثير من حياته الفذّة مما عرفت. على أنه ليس وراء الانقطاع إلى اللّه سبحانه شيء، وكفى به عزا شامخا وشرفا باذخا.
توفّي (رحمه اللّه تعالى) في التاريخ المذكور على حدّ التقريب. ومبلغ العلم أنه موجود سنة ( 1244 ) معاصر للفاضل الجشي الذي سبق ذكره.
نقتطف من ديوان المترجم هذه القصيدة العامرة، نظراً لاشتمالها على اسمه الكامل، وهي التي دلتنا عليه، لذا رجّحنا ذكرها على غيرها من خرائده (تغمده اللّه برحمته).
والقصيدة هي:
لمّا على الدوحِ صاحــــــــتْ ذاتُ أفنانِ غدوتُ أنشدُ أشـــــــــــــــعاري بأفنانِ
واستأصلَ الحزنُ قلبي وانــطويتُ على ألّا أفارقَ أشجاني وأحـــــــــــــــزاني
وبتُّ مثلَ ســــــــــــــــــــــليمٍ مضَّه ألمٌ لمْ تألفِ الغمضَ طــــولَ الليلِ أجفاني
مضنىً كأني بفرشِ الــــــسقمِ مضطجعٌ أرعى الدراري لأعيــــــــــانٍ بأعيانِ
حليفُ وجدٍ نـــــــــــــــــحيلٌ مدنفٌ قلقٌ فقلَّ صبرُ عليلٍ مؤسرٍ عـــــــــــــــانِ
وذاكَ لا لظعونٍ زمَّ ســـــــــــــــــــائقُها يومَ الرحيلِ ولا قـــــــــــاصٍ ولا دانِ
ولا لفقدِ أنــــــــــــــــــــيسٍ قد أنستُ بهِ ولا لتذكارِ إخــــــــــــــــــوانٍ وخلّانِ
ولا لتذكارِ وادي الــــــــــــــحرّتينِ ولا دارٍ خلتْ مِن أخــــــــــلّائي وجيراني
ولا لـبعدِ حـــــــــــــــــــــبيبٍ كنتُ آلفه فبانَ عـــــــــــــني وللتعريضِ ألجاني
ولا لـدارٍ خلــتْ مِن أهــــــــلِها وغدتْ سكنــــــــى الفراعلِ مِن سيدٍ وسرحانِ
ولا فـراقِ نديـــــــــــمٍ كان مُـصطحبي فــــــي العلِّ والنهلِ عندَ الشربِ ندمانِ
ولا لـــــــــــــمائسةِ الأعطافِ كاملةِ الـ أوصـافِ إن خطرتْ تزري على البانِ
لـــــكـن أســفتُ على مَن جَلَّ مصرعُه وأفـــــــــجعَ الخلقَ مِن إنسٍ ومِن جانِ
أعني الـحــسينَ أبا الأسباطِ أشرفَ مَن ناجى الــــــــــــمهيمنَ في سرٍّ وإعلانِ
سبطَ النـــــــــــبيِّ وفرخَ الطهرِ فاطمةٍ نجلَ الوصيِّ حــــــــسينَ الـفرقدِ الثاني
لهفي لــه حينَ وافــــــــــى كربلا وبها حطّ المضاربَ مِن صـــــحبٍ وإخوانِ
مُســتنشقاً لثراها خاطــــــــــــــــباً بهُمُ وهوَ البليغُ بإيـــــــــــــــــــضاحٍ وتبيانِ
هــذي دياري وفيها مــــــــــدفني وبها محطّ قبري بهذا الجدُّ أنبــــــــــــــــاني
يا قــومِ إن طريقَ الأمنِ واضــــــــحةٌ مِن ســــــــــــــائرٍ حلَّ في أمنٍ وإيمانِ
فــقالَ كلُّ كميٍّ فـــــــــــــــــارسٍ بطلٍ كالليثِ إن صـــــــالَ أردى كلَّ فرسانِ
مــا عذرنا يومَ نلقى اللّهَ خــــــــــــالقَنا وقد تـــــــــــــــركناكَ فرداً بينَ عدوانِ
فــقالَ إنَّ الجزا خيرٌ ومــــــــــــــغفرةٌ وأنتُمُ في جنانِ الـــــــــــــــخلدِ جيراني
ما كانَ إلاّ قليلٌ إذ أتــــــــــــــــــى لهُمُ جـــــــــــــــــيشٌ به كلُّ ملعونٍ وخوّانِ
فقامَ كلُّ كميٍّ فـــــــــــــــــارسٍ شرسٍ يرجو الشهـادةَ لا نــــــــــــكلٌ ولا وانِ
كأنَّ واحدَهم في ظهرِ ســــــــــــــابحِهِ طــــــــــــــــودٌ أصمَّ تعالى مَن له بانِ
أو أنَّهم في الدجى شهبٌ إذا خـــــرقوا حجبَ العجــــــــــاجِ أبادوا كلَّ شيطانِ
حتى قضوا إذ قضوا حقَّ الحسينِ وقد ماتوا ولكن بقلبٍ غـــــــــــــــــيرِ ريَّانِ
وأصــــــــــــبحَ السبطُ موتوراً لفقدِهمُ فرداً يــــــصالي الوغى مِن غيرِ عوّانِ
يرنو المضــــاربَ يدعو بالمصائبِ يا بنتَ الأطـــــــــــــائبِ مِن معدٍ وعدنانِ
يا أختُ يا زيـــــــــــنبٌ يا بنتَ فاطمةٍ أوصيكِ فاستمعي يــــــــــا خيرَ نسوانِ
يا أختُ لا تسـأمي إن مـــــــسَّكمْ نِوبٌ ولا تشقّي جيـــــــــــــــــــوباً بعد فقدانِ
ولا تقولي بهـذا اليومِ ماتَ أخــــــــــي فالموتُ حقٌّ وكلٌّ هالكٌ فـــــــــــــــــانِ
وإن شـــــربـتِ زلالاً فاذكري عطشي فـــــــــــــــــقدْ قضيتُ بقلبٍ غيرِ ريّانِ
وإن تنفّلتِ فـــــــــي جنحِ الظلامِ دجىً فلتذكري حســـــــــــنَ أورادي وقرآني
يا اُختُ نجلي عـلــــــــــيٌّ بعدَ مفتقدي خليفتي فيكمُ والإنــــــــــــــــسُ والجانِ
وساقَ للحربِ طـرفاً كالــــــــدبورِ إذا ما صالَ فيهم بــــــــــــــــعزمٍ ماله ثانِ
كأنَّه في الوغى بـدرٌ على مـــــــــــلكٍ في كفِّه كــــــــــــــوكبٌ يرمي لشيطانِ
أو أنه أســـــــــــــــــــــدٌ يحمي للبوتِه أو أنه الليثُ في جمـــــــــعٍ مِن الضانِ
حتى أتيحَ له سهمُ الــقضــــــــا فهوى عـــــــــــــــنِ الجوادِ قتيلاً فوقَ غيطانِ
فارتجَّتِ السبعُ مِن حــزنٍ عليـــهِ وقدْ سحَّتْ له الدمـــــــــــــعَ دماً أحمراً قانِ
وأصبحَ الدينُ مـــــهضـومَ الجنابِ بهِ مُسربـلَ الثوبِ من ذلٍّ ونــــــــــــقصانِ
يقولُ يا بطلاً كنَّا نـــــــــــــــصولُ بهِ فــــــــي كلٍّ وقتٍ على الأعداءِ والشانِ
يـا نورَ باصرتي مقدامَ طـائــــــــــفتي رئيـــــــــسَ قومي ومكسي كلَّ عريانِ
مـا لي أراكَ رهـــــيناً في ثراكَ غسيـ ـلاً في دمــــــــــــاكَ ولم تحظَى بأكفانِ
مـــــــــا نلتَ نعشاً ولا سدراً ولا كفناً ولمْ تُوارِكَ فيهِ كــــــــــــــــــــفُّ خلاّنِ
هـــــــــذي النساءُ التي قد كنتَ تكفلها فــــــــــــوقَ الرواحلِ تذري دمعَ هتَّانِ
مِن كلِّ مـــــــستورةٍ حوراءَ قد سُلبتْ وقُيِّدتْ فـــــــــــــي السبا ظلماً بأرسانِ
وبينهنَّ عليٌّ فــــــــــــــي الوثاقِ على ظهرِ النياقِ عليــــــــــلاً خـلفَ أشجانِ
ورأسُ والدِه مِن فوقِ ذابــــــــــــــــلِهِ كأنّه راهــــــــــــــــــــــــبٌ يتلو لقرآنِ
وإن بــــــــه جعجعَ الـساري وأزعجه يــــــــــــقولُ يا قومِ إنَّ الصبرَ أعياني
وإن رأى راكـــــــــــــباً قوداً مُضمَّرةً نادى به قِــــــــــف هنا واسـمعْ لتبياني
إن جزتَ يثربْ أنخْ وادخلْ بمشهدِ مَن لولاهُ لم يغفرِ الـــــــــــــرحمنُ للجاني
وقُل أتيتكَ بالخطبِ الشـــــــنيعِ مِن الـ ـسامي الرفيعِ جليلِ القدرِ والــــــــشانِ
خلَّفتُ سبطكَ في الغبراءِ مُنــــــــجدلاً مُسربلاً بقمــــــــــــــــــيصٍ أحمرٍ قانِ
والرأسُ منه على الخطّيِّ منتـــــصبٌ يسمو علوَّاً على العليا وكـــــــــــــيوانِ
والصالحاتُ على عجفِ الجمــــالِ لها نوحٌ كنـوحِ فراخِ الــــــــطيرِ في البانِ
يـــــــــــــــا غيرةَ اللّهِ ما قلبٌ يرقُّ لها تُهــــــــدى إلى مدمنٍ في الغيِّ سكرانِ
يا بنَ البتــــــولِ ويا سبطَ الرسولِ ويا فحلَ الفـــــــحولِ ومَن يجزي بـإحسانِ
إني وحقكَ لو شـــــــــاهدتُ يومَكَ في يومِ الطفوفِ معَ الأعــــــــــــدا بميدانِ
ركبتُ طرفي وجزتُ الــــــفرقدينَ بهِ وصلتُ صـــــــــــــــــولةَ قتّالٍ وطعّانِ
لـــــــــــــكن تأخَّرَ حظّي حين أخَّرني وقـــــــــــــتي وإلّا فـعزمي غيرُ خوّانِ
وليسَ إلّا مــــــــــــــديحي والثناءُ لكمْ وهجو أعــــــــــــــداكَ في سرٍّ وإعلانِ
جاءتكَ ترفلُ في أثـــــــــــوابِ زينتِها تزري على نظمِ مرجــــــــــانٍ وعقيانِ
فما ابنُ صالحَ يرجو غيرَ فــــــضلِكمُ وإنّه حسنٌ يُدعى بـــــــــــــــــــصفوانِ
والوالدينَ ومَن يـــــــــــــقرا لمرثيتي والسامعينَ ومَن يبــــــــــــــكي بأحزانِ
ثمَّ السلامُ عليكم ما همى مـــــــــــطرٌ يوماً وما صدحتْ ورْقٌ بأغـــــــــصانِ
..............................................
1 ــ ترجمته وشعره في: شعراء القطيف ج 1 ص 125 ــ 128 نقلها عنه السيد جواد شبر في أدب الطف ج 7 ص 63 ــ 65 ونقل من قصيدته (19) بيتاً
اترك تعليق