حسين بن حسن الغريفي: (توفي 1001هـ / 1592 م)
قال من قصيدة في أهل البيت ورثاء الإمام الحسين (عليهم السلام) تبلغ (104) أبيات:
يا (كربلا) حزتِ شـأناً دونه زحلٌ وفـزتِ بـالـسـادةِ الـغـرِّ المغاويرِ
أيجملُ الصبرُ في آلِ الرسولِ وهمْ جمعٌ قضوا بين مسمومٍ ومنحورِ
قومٌ بهمْ قد أقيمَ الديـنُ وانـطمــستْ للشركِ ألويةُ الطغيـانِ والـجـورِ (1)
ومنها:
حتى إلى (كربلا) صاروا فما انبعثتْ لـهـمْ جـيــــــــــادٌ بـتقديـمٍ وتأخيرِ
فحلَّ من حولهمْ جيشُ الضلالِ ضحىً كعـارضٍ ممطرٍ في جنحِ ديجورِ
وأصبحتْ فتيةُ الطهرِ الحسيـــنِ على وجهِ الثرى بين مطعونٍ ومنحورِ
وقال من حسينية أخرى وصفها السيد الأمين والشيخ السماوي بأنها: طويلة:
فلهفي لمقتولٍ بعــــرصةِ (كربلا) لدى فـــتيةٍ ظلماً على الشـطِ ضامينا
سُقوا كمَّلاً كأسُ المنونِ فأصبحوا نشاوى بلا خمرٍ على الأرضِ ثاوينا
كأنَّـهـم فـوقَ الـبـسـيـــــــطةِ أنجمٌ زواهـرَ خرَّوا من على الأفقِ هاوينا
ومنها:
أيفرحُ قلبٌ والحسيــــنُ بـ (كربلا) على الأرضِ مقتولٌ ونيفٌ وسبعينا
أيا آخذَ الثارِ انهضْ الأنَ وانـــتدبْ لأجــــــدادِكَ الـغـرِّ الـكـرامِ موالينا
أغثنا فقد ضاقتْ بنا الأرضُ سيدي وأنـتَ المحـامي يا ابنَ طه وياسينا (2)
وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
إلى الله نشكو صرفَ دهرٍ كأنّما له عندنا دونَ الأنـــــامِ ذحولُ
أبى أن يُـــرينا وجهَ يومٍ وما لنا بهِ رنّةٌ تبــــــــــدو لنا وعويلُ
فللهِ أقمارٌ بــــــعرصةِ (كربلا) ثوتْ وعراها في الترابِ أفولُ (3)
الشاعر
السيد حسين بن حسن الغريفي بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن خميس بن أحمد بن ناصر بن علي بن سليمان بن جعفر بن موسى بن محمد بن علي بن علي بن الحسن بن محمد بن إبراهيم المجاب بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) (4) المعروف بـ (العلامة الغريفي) و(الشريف الغريفي) نسبة إلى قرية (الغريفة) في البحرين والمسمى بذلك قريتان من بلاد البحرين إحداهما بجنب الشاخورة والأخرى من قرى الماحوز وهو منسوب إلى الأولى حيث مسقط رأسه ومسكنه. (5)
عالم كبير وفقيه وشاعر من كبار علماء البحرين وهو جد السادة الغريفيين وصاحب كتاب (الغنية) في الفقه.
قال عنه الشيخ السماوي: (الحسين بن أحمد بن سليمان الحسيني الشاخوري الغريفي البحراني، المذكور في أجداد السيد عدنان الآتي الذكر كان فاضلاً مصنفاً، وفقيهاً متصفاً، وكان أديباً شاعراً وقبره مشيد في قرية (أبو اصيبع) بالبحرين ويزار) (6)
درس الغريفي عند كبار علماء البحرين أبرزهم سليمان بن أبي شافين البحراني وكان له معه مجالس ومناظرات في الفقه والعلوم الأخرى. (7)
قال عنه الحر العاملي (كان فاضلاً فقيهاً أدبياً شاعراً ..) (8)
وقال عنه الشيخ سليمان الماحوزي البحراني: (السيد العلامة النحرير ذو الكرامات السيد حسين ابن السيد السعيد السيد حسن الغريفي البحراني أفضل أهل زمانه وأعبدهم وأزهدهم كان متقللاً في الدنيا وله كرامات وكان شاعراً مصقعاً، وله كتب نفيسة منها كتاب الغنية في مهمات الدين عن تقليد المجتهدين لم ينسج على منواله أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين فهو أبو عذر تلك الطريقة وابن جلاها وله فيها اليد البيضاء ومن تأملها بعين الإنصاف أذعن بغزارة مادته وعظم فضله ولم يكملها بل بلغ فيها إلى كتاب الحج وهو عندي وفيه من الفوائد ما لا يوجد في غيره وقد زرت قبره وتبركت به ودعوت الله عنده..) (9)
وقال عنه ابن معصوم المدني: (ذو نسب يضاهي الصبح عموده. وحسب أورق بالمكرمات عوده. وناهيك بمن ينتهي إلى النبي في الانتما. وغصن شجرة أصلها ثابت وفرعها في السما. وهو بحر علم تدفقت منه العلوم أنهاراً. وبدر فضل عاد به ليل الفضائل نهاراً. شب في العلم واكتهل وهي صيب فضله واستهل. فجرى في ميدانه طلق عنانه. وجنا من رياض فتونه أزهار افتنانه. إلا أن الفقه كان أشهر علومه. وأكثر مفهومه ومعلومه. عنه تقتبس أنواره. ومنه يقتطف ثمره ونواره. وكان بالبحرين امامها الذي لا يباريه مبار. وهمامها الذي يصدق خبره الاختبار. مع سجاي تستمد منها المكارم. ومزايا تستهدي محاسنها الأكارم. وله نظم كثير ما يمده بالفخر. وكأنما يقده من الصخر) (10)
وقال عنه علي البلادي: (السيد العلامة النحرير ذو الكرامات السيد حسين ابن السيد السعيد السيد حسن الغريفي البحراني أفضل أهل زمانه وأعبدهم وأزهدهم كان متقللا في الدنيا وله كرامات وله كتب نفيسة) (11)
وقال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (أعبد أهل زمانه وأفضلهم وأزهدهم) (12)
وقال عنه الشيخ جعفر سبحاني: (فقيه البحرين وعالمها المشار إليه في عصره) (13)
وقال صاحب أنوار البدرين سمعت شيخي الشيخ سليمان يقول كان المترجم أفضل وأشد إحاطة بالعلوم وأدق نظرا من الشيخ داود وكان الشيخ داود اسرع بديهة وأقوى في صناعة الجدل فكان في الظاهر يكون الشيخ هو الغالب وفي الواقع الحق مع السيد فكان الشيخ داود يأتي ليلا إلى بيت السيد ويعتذر منه ويذكر له أن الحق معه (14)
مصنفاته:
1-الغنية في مهمات الدين عن تقليد المجتهدين: وبهذا الكتاب ذاع واشتهر اسم السيد حسين قدس سره الشريف وصية بين الناس. قال مادحاً عن هذا الكتاب الشيخ سليمان الماحوزي في رسالة عن علماء البحرين (لم ينسج على منواله احد من المتقدمين ولا المتأخرين فهو أبو عذر تلك الطريقة وابن جلاها وله فيها اليد البيضاء ومن تأملها بعين الاتصاف إذ عن بغزارة مادته وعظم فضله ولم يكملها بل بلغ فيها إلى كتاب الحج وهو عندي وفيه من الفوائد مالم يوجد في غيره) (15)
2 ــ شرح الشمسية في المنطق.
3- رسالة في العروض والقوافي.
4- حواش على ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة للشهيد الأول.
5- شرح العوامل المائة.
6- رسالة في صلاة الجمعة ووجوبها مبسوطة فرغ منها سنة 996 هـ.
7 ــ حواش على الذكرى (16)
وذكر جاسم حسين آل عباس أن له كتابا بعنوان: الغنية المعمولة في طريقة الاحتياط، وهو مطبوع في المطبعة الشرقية في البحرين سنة 1412 هـ - 1992 م بتحقيق واخراج علي المبارك وبإشراف سماحة العلامة السيد علوي السيد أحمد الغريفي (17) ولا أدري إن كان هو نفس كتابه الغنية في مهمات الدين عن تقليد المجتهدين، أم غيره
أنجب الغريفي من الأولاد الحسن ومحمداً وعلوياً وقد توزع نسلهم في البحرين والحلة وكربلاء والنجف وشيراز وبهبهان وبوشهر وطهران وبرز منهم العلماء الأعلام والأدباء الكبار منهم السيد عبد الله البهبهاني المرجع الكبير والسيد أحمد الغريفي المعروف بـ (الحمزة الشرقي). (18)
قال السيد جواد شبر: (وكتب لي الأخ المعاصر العلامة السيد محيى الدين ابن العلامة السيد محمد جواد الغريفي، ما يلي: إن سيدنا الغريفي هو الجد الأكبر الذي ينتمي إليه السادة الغريفيون وقد عُرف بالشريف العلامة وبالعلامة الغريفي وهو صاحب كتاب (الغنية) في الفقه . عاش في القرن العاشر الهجري وتوفي في العام الأول من القرن الحادي عشر أي سنة (1001) هـ . ودفن في قرية (أبو اصيبع) إحدى قرى البحرين . وقبره مشيد ويزار) (19)
رثاؤه:
كان ليوم وفاته صدى كبير في الأوساط العلمية في البحرين وغيرها من البلاد وقد رثاه كثير من الشعراء منهم شاعر البحرين الكبير الشيخ أبو البحر جعفر بن محمد الخطي بقصيدة تبلغ (25) بيتاً يقول منها:
جــــذّ الردى سببَ الإسلامِ فانجذما وهدَّ شامخَ طــــــــودِ الدينِ فانهدما
وسامَ طرفَ العُلى غيضاً فأغمضه وفلّ غـــــــربَ حسامِ المجدِ فانثلما
الله اكـــــــــــــبرُ ما أدهاكِ مرزيـة قصمتِ ظهرَ التقى والدينِ فانقصما (20)
شعره
أما شعره فيقول الشيخ أغا بزرك الطهراني: (جمع بعض أشعاره حفيده المعاصر السيد مهدي بن علي الغريفي النجفي المنتهي نسبه اليه والمتوفى (1343) في مجموع يقرب من ثلثمائة بيت. رأيت النسخة بخط السيد مهدي عند ولده المشتغل في النجف السيد عبد المطلب) (21)
وقال السيد جواد شبر: (وله نظم رائق جمع كثيراً منه ابن عمنا المرحوم السيد محمد مهدي في ديوان خاص لا يزال مخطوطاً). (22)
قال من قصيدته التي قدمناها في أهل البيت (عليهم السلام) وتبلغ (104) أبيات:
قومٌ بهمْ قد أقـــــيمَ الـدينُ وانطمستْ للشركِ ألويةُ الطــــــــغيانِ والجورِ
قـوم بـمـــــــدحهمُ كتبُ السما نـزلتْ أكـرمْ بمـدحٍ بــــــكتـبِ اللهِ مـذكورِ
ولا لــــــهمْ في ظلامِ الليلِ من فرشٍ إلا مـحــــــــاريـبَ تـهـلـيلٍ وتكبـيرِ
ولا يناغي لهم طــــــفلٌ بغيرِ صدى رهجِ الوغى وصهيلٍ في المضاميرِ
ولا على جســــــمه قمط يشدّ سـوى طولِ النجادِ عـلى البيـــضِ المباتيرِ
ولا لصبــــــيتهمْ مــــــهدٌ يهزّ سوى هزِّ السروجِ على الجردِ المحاضيرِ
مـا فــــــوق فضلـــهمُ فضلٌ فمدحهمُ في الذكرِ ما بين مـــطويٍّ ومنشورِ
فمن عـنـاهُ بأهلِ البيـــتِ غــــــيرهمُ فأذهبَ الرجـــسَ عنهمْ ربُّ تطهـيرِ
وهلْ أتى هلْ أتى في غيرهمْ فهمُ الـ ـموفونَ خــــوفاً من الباري بمنـذورِ
والمطعـمونَ لـوجهِ اللهِ لا لـــــجزىً ســـــــوى يـتيمٍ ومسكـينٍ ومـأسـورِ
يحقُّ لـو أن بـكتـهـمْ كـــــلُّ جـارحةٍ حـزناً بأعينِ دمــــــــعٍ غيرِ منـزورِ
فـأيّ عيـنٍ عليـهمْ غـيــــــــرُ بـاكـيةٍ وأي قـــــلبٍ عـلـيـهـم غير مفطـورِ
ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
ولا بـصـــرتُ ولا أذنـي بـسـامـــعـةٍ رزيـة كرزايــــا يـومِ عـاشــورِ
يومٌ حدى في بني الزهراءِ مــزدجراً حادي المنــــايا بترويحٍ وتـبكيرِ
يـومٌ بـه أصـــــــبحَ الإســـلامُ مكتئـباً وقد أصيبَ بجرحٍ غيرِ مسـبورِ
يومٌ بـه أصبحَ الــــطـاغـوتُ مرتـقياً على المنابرِ بـالبُــهتانِ والـزورِ
يا ذلةَ الـدينِ من بعـــــدِ الحسـينِ فما من بعدِ ناصـرِهِ كـــسرٌ بمجبورِ
أضحى يحثّ السرى والسيرُ مجتهداً لأمر عرف ونهي عـــن مناكير
كأنّه الشمسُ والأصحابُ شهبُ دجىً لمستـــــــقرٍ لها تجـري بتـقديـرِ
يسري بهـمْ ومـنـاياهـمْ تسيــــــرُ بهمْ إلى عـناقِ نحورِ الخـرَّدِ الحـورِ
يمشونَ تحتَ ظلالِ الـــــسمرِ يومهمُ وليلـــهمْ في سـنا نـورِ الأساويرِ
ومنها:
وظلّ سبــــــــطُ رسـولِ اللهِ بعـدهـمُ يلقى الجيوشَ بقلبٍ غيرِ مذعورِ
يكرُّ فــــــرداً وهمْ مـن بـأسهِ يَئـسوا من السلامـةِ جمـعاً بعدَ تكــسـيرِ
وأسهــــمَ الموتُ تـدعو نحـوه عجلاً مـحـدداتٍ بـمحـتومِ المـــــقاديـرِ
والـــسيفُ يركعُ فيهمْ والرؤوسُ بلا أجسادِهـا سجداً تهـوي بتعــــفيرِ
مـن مبلغِ المرتضى أنَّ الحسينَ لقىً سقته أيدي المنــــايا كأسَ تكديرِ
من مبلغِ المصـطفى والطهرِ فاطمةٍ أنَّ الحسينَ طريــــحٌ غيرُ مقبورِ
.........................................................................
1 ــ رياض المدح والرثاء ص 515 / ديوان القرن الحادي عشر ج 1 ص 131 ــ 145 / رياض المدح والرثاء ص 515 / ذكر منها (36) بيتا في أدب الطف ج 5 ص 40 ــ 42 / الأدباء من آل أبي طالب للسيد مهدي الرجائي الموسوي مطبعة كل وردي 1434 هـ / 2013 م ج 1 ص 355 ــ 360
2 ــ ذكر منها (18) بيتاً أعيان الشيعة ج ٥ ص ٤٧١ / الطليعة ج 1 ص 52 ــ 53 / الأدباء من آل أبي طالب للسيد مهدي الرجائي الموسوي مطبعة كل وردي ــ قم 1434 هـ / 2013 م ج 1 ص 355
3 ــ الأدباء من آل أبي طالب ج 1 ص 360
4 ــ أدب الطف ج 5 ص 42
5 ــ أعيان الشيعة ج ٥ ص ٤٧٠
6 ــ : الطليعة ج 1 ص 52
7 ـــ أعيان الشيعة ج ٥ ص ٤٧٠
8 ــ أمل الآمل ج 2 ص 91 برقم 243
9 ـ أنوار البدرين ص 81 نقلا عن رسالة للماحوزي
10 ــ سلافة العصر ص 504
11 ــ أنوار البدرين ص 81
12 ــ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 16 ص 68
13 ــ موسوعة طبقات الفقهاء ج 11 ص 79
14 ــ أعيان الشيعة ج ٥ ص ٤٧٠
15 ــ جاسم حسين آل عباس ــ موقع سنوات الجريش تاريخ عائلة الغريفي البحرانية المشردة في العراق (الحلقة 1)
16 ــ أعيان الشيعة ج ٥ ص ٤٧٠
17 ــ موقع سنوات الجريش تاريخ عائلة الغريفي البحرانية المشردة في العراق (الحلقة 1)
18 ــ أدب الطف ج 5 ص 41
19 ــ نفس المصدر ص 42 ــ 43
20 ــ أنوار البدرين ص 82 ــ 84
21 ــ الذريعة ج 9 ص 247
22 ــ أدب الطف ج 5 ص 43
كما ترجم له:
محمد أمين المحبي / خلاصة الاَثر في أعيان القرن الحادي عشر ج 2 ص 87
عبد الله الأصفهاني / رياض العلماء ج 2 ص 42
السيد الخوئي / معجم رجال الحديث ج 5 ص 214 برقم 3342
اترك تعليق