122 ــ جواد الحلي (1284 ــ 1334 هـ / 1868 ــ 1916 م)

جواد الحلي (1284 ــ 1334 هـ / 1868 ــ 1915 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (110) أبيات:

أو ما وافــــاكَ ما في (كربلا)    من حديثٍ ينسفُ الشمَّ الثقالا

نزلَ الـكـربُ بـهــــا إذ دُعيت    آلـكَ الأطـهـارَ للحربِ نزالا

يوم حربٌ ملأتْ صدرَ الفضا    عـــصباً يقتادها الغيّ عجالا (1)

الشاعر

الشيخ جواد بن عبد علي الحلي المعروف بـ (الفارسي) ولد في الحلة، وهو ينحدر من أسرة فارسية سكنت الحلة قبل ثلاثة قرون تقريباً (2)

ظهرت ميوله العلمية والأدبية منذ طفولته فأرسله والده إلى النجف الأشرف لتلقي العلم وله من العمر خمس عشرة سنة، فوجد ضالته في حلقات العلم ومجالس الأدب وكان يقيم بالمدرسة المهدية بالقرب من مسجد الطوسي وبقي فيها طوال مدة تعليمه التي تخللها تردده على الحلة حتى توفي فيها ودفن في النجف. (3)

غلب على شعره مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) وخاصة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وكانت مراثيه تقرأ على المنابر.

يقول عنه صديقه الخطيب الشيخ محمد علي قسام: (كان ــ رحمه الله ــ ذكياً ورعاً تقياً يحفظ أكثر آي القرآن وكان لبقاً سريع الجواب قوي البديهة يطيل إذا نظم ويجيد ... كنت احتفظ له بمجموعة من الشعر أكثرها في مراثي الامام الحسين). (4)

وقال عنه الخاقاني: (أحد الشعراء الذين نالوا مكانة سامية في الأدب وتفوقوا في نظم الشعر) (5)

وقال عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي: (اجتمعت به مرارا يوم كنت مقيماً في الحلة فرأيته ذا فضل جم وأدب بارع... كان ناظما مكثرا وشعره من الطبقى الوسطى لفظا ومعنى وكان له ديوان شعر جمعه في حياته ثم آل بعد وفاته إلى أخيه الشيخ كاظم لكنه فقد. (6)

شعره

قال عنه عبد العزيز سعود البابطين في معجمه (كان ناظماً مكثراً، وكان له ديوان مخطوط في حيازة أخيه كاظم، فاتفق له سفر إلى مدينة الهندية، والديوان معه، فتلف منه في الطريق. هكذا ذكر اليعقوبي، وله عدة قصائد ومقطوعات مثبتة في كتاب: «شعراء الحلة»، فضلاً عن قصيدة في رثاء أهل البيت مثبتة في كتاب: «رياض المدح والثناء» لحسين البحراني، المطبوع في بمبي. قال في المديح النبوي، وفي مدح الأئمة، ورثائهم، وفي تقريظ المؤلفات، وفي التهنئة، وبهذا وقف شعره على دائرة لم يبارحها، وقد أمدته بمقولات تستجيب لغير سياق، وتقبلت منه المبالغة نزوعًا إلى بلوغ المثال)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (77) بيتاً:

ودعـتْ لـبـيـعتِها ابـــــنَ مَن بحسامِهِ    لله أذعـنـتِ الـورى إذعــــــانَها

مـن مـعـشـرٍ لهـــــــمُ العلى ووليدُهم    يُـسـقى غداةَ رضاعِـــــه ألبانَها

لـهـمُ الـفــــــواضـلُ والفضائلُ ناطقٌ    فـيـها الكتابُ مفـــــصِّـلٌ تبيانَها

في هلْ أتى جاءتْ نصوصُ مديحِهم    ما كان أوضـــحَ للمريـبِ بيانَها

وبآيةِ الـتـطـهـيـرِ محــــــــكمِ ذكرِها    قد خـــصَّها شرفاً وأعـلى شانَها

يا ما أجلَّ مكانها بذرى العــــــــــلى    بـذرى العلى يا مــا أجلَّ مكانَها

فسرى لـحـربِـهـم بـأكــــــــــرمِ فتيةٍ    يــذكـي لـهـيبُ سيــوفِهم نيرانَها

مرهوبة السطواتِ إن هيَ جـــرَّدتْ    بيضَ السيوفِ وكَـسَّرتْ أجفانَها

كرهوا الحياةَ عـــــلى الـهوانِ وإنَّما    يتصعَّب الشــــــهمُ الأبيُّ هوانَها

فجلوا دجى الهيـــــجاءِ بالغُررِ التي    قد علّمت شمسَ الضحى لمعانَها

بأبي الألى قد عانقــــــــوا أسلَ القنا    والبيـــضُ حتى وزَّعتْ جثمانَها

وثوت كما يهوى الحفــــــاظ لأنفسٍ    دون الهدى قد فـــــارقتْ أبدانَها

نهبتْ جسومَهمُ الصـــــــفاحُ ومنهمُ    اتّـخــــذتْ رؤوسهمُ القنا تيجانَها (7)

ويقول من حسينيته التي تبلغ (110) أبيات وقد قدمناها:

يا قـتـيـلاً ثـكـلتْ مــــنه وقد    عـقـمـتْ عن مثلِه الـــحربُ ثمالا

وجديـلاً شرقتْ بيـضُ الظبا    بـدمـاهُ والـقنــــــــا السمـرُ انتهالا

وقـفـتْ بـعده أفـلاكُ الـوغى    فـي مـــــــــلمٍ قطبُها الثـابتُ غالا

فهـوى والــــكـونُ قد كادَ له    جـــــزعـاً يـفنى بمن فـيه اختلالا

ثاوياً تحت القنا في صرعةٍ    قصرتْ عن شكرِها الحربُ مقالا

يتشــــكّى صـدرُه مـن غـلّةٍ    لـو تـلاقـي زاخـراً جــــفّ وزالا

جـرتِ الـخـيـلُ عـليه بعدما    قُظُبـاً لاقـى وسـمـراً ونــــــــبـالا

فهوَ طـــوراً للعوالي مركزٌ    وهوَ طوراً صارَ للخيلِ مَجــــالا

بأبي من بـكتِ الخضرا لـه    بـدمٍ عـن لـــــــونِهِ الأفقُ استحالا

وعـلـيـهِ الــمـلأ الأعلى بها    حـرقاً لازمه الحــــــزنُ انفصـالا

فغدى النـــوحُ له شـأنـاً وقد    كـان تـقـديـساً وحمداً وابتـــــهالا

وعـلـيـهِ قـــــمـراها لـبـسـا    ثوبَ خسفٍ أفزع الكونَ وهــــالا

وبكته الأرضُ بالمحلِ وما    كادَ يجري فوقها الغيثُ انــــهلالا

...........................................................................

1 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 206 ــ 211

2 ــ البابليات ج 3 ص 205 / شعراء الحلة ج 1 ص 203 / أدب الطف ج 8 ص 279

3 ــ البابليات ج 3 ص 205

4 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 203

5 ــ نفس المصدر السابق

6 ــ البابليات ج 3 ص 205

7 ــ شعراء الحلة ج 1 ص 211 ــ 214

كما ترجم له:

إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة لأميل يعقوب ج 1 ص 280

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب في النجف ص 484

المرفقات

: محمد طاهر الصفار