107 ــ جاسم عساكر: ولد (1396 هـ / 1976 م)

جاسم عساكر (ولد 1396 هـ / 1976 م)

قال من قصيدة (كربلاء سدرة العز) الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة شاعر الحسين (عليه السلام):

أمـــــطْ عنْ مُحيّا (كربلاءٍ) لثامَهُ    ودعْ صورةَ الأمجادِ مكشوفةً سِتْرَا

هيَ سِدرةُ العزِّ التي انغرستْ فلَمْ    يسَعها الردى يومـاً ولم يرتفعْ قدَرَا

فـقـدّمْ كـــــما تهوى روائعَكَ التي    تـآخـتْ مـعَ الدُّنيا وصادَقتِ الدّهْرَا (1)

وقال من قصيدة (بحيرة ورد):

وجرحُكَ يروي عروقَ الفداءِ برغم الفضاءِ اليبابِ

وعطرُ الشهادةِ في (كربلائـ) ـكَ يزكو

يعيدُكَ منكَ إلينَا

نضارةَ صبحٍ لهذي الحياةِ برغم الدخانِ ورغم الخسوفْ (2)

...............................................

ومن نفس القصيدة:

قرأناكَ في أعينِ البؤساءْ

أماناً كبيراً

يسيّج تلكَ القلوبَ التي أفزَعَتها الفجيعةُ في (كربلاءْ)

...............................................

ويختمها بقوله:

سلامٌ عليكَ.. على (كربلاءَ)

على عاشقيكَ

على كلِّ روحٍ بيومكَ

خرّتْ بفيضِ الدماءِ شهيدَةْ

.........................................................

وقال من قصيدة (صورةُ عشقٍ ضوئيّة)

جاؤُوا على ولَهٍ

يقودُ ركابَهمْ ظمأٌ إليكَ

ويُشعلُ العتماتِ ملءَ دروبهمْ

قمرٌ حزينٌ قد أطلّ علَى العوالمِ من نوافذِ (كربلاءْ) (3)

..................................................

وقال من قصيدة (سماسرة الدم)

عذراً، صفوفَ الخانعينَ

فقد أمزِّقُ كلَّ نصٍّ (كربلائـ) ـيٍّ

إذا لم أستعدْ نصَّ الكرامةِ

من لصوصِ الوقتِ

لا أرضي هنا خضراءُ من مطرٍ أبيٍّ

لا ولا زمني يباركُ عزَّتي (4)

الشاعر

جاسم بن محمد بن حسين بن عساكر، شاعر وكاتب، ولد في مدينة الجفر بالإحساء وأكمل دراسته الأولية فيها وتخرج من المعهد الثانوي التجاري في (الهفوف) وعمل موظفاً حكومياً، بدأت ميوله الشعرية تظهر في قراءاته للأدب العربي القديم وحضوره الأماسي الشعرية التي أصبح من شعرائها البارزين وبدأ بالنشر في الصحف، وحصد العديد من الجوائز المهمة، وهو عضو في لجنة الشعر بنادي الأحساء الأدبي.

صدرت له أربعة دواوين شعر هما:

شرفة ورد ــ 2009

الأشرعة ــ 2012

أطواق الشوك ــ 2014

أغنية لهذا المأتم ــ 2020 (5)

شعره

قال من قصيدة (كربلاء سدرة العز):

تَمرُّ بيَ الذكرى فأستـــــــلهمُ الذكرى    صــــلاةً تعيدُ الفجرَ في أفقهِ فجْرَا

وآتيكَ من أقصــــــــى ابتهالاتيَ التي    أهالتْ عليكَ الشوقَ هائمةً سَكْرَى

وأدخلُ محـــــرابَ الـفـجـيعةِ عـلّـنـي    أقـوّمُـــــــهـا وزناً وأجبرُها كَسْرَا

تضيء سماءَ الجرحِ روحي فـأنحني     لأشبعَهُ لثـــــــــــماً وأسبرَهُ غَوْرَا

وألقـــــاكَ حيثُ القلبُ عانقَ (سهمَهُ)    فأورَقَتِ الأحلامُ مـــن نزفهِ زهْرَا

كقلبكَ يــــــــومَ الطفِّ قدّمتُ خـافقي    إلـى مـذبـحِ الآلامِ يـــوسعُـهُ نـحْرَا

وما غيرُ قـــــلبي صغتُ محبرةً ومَا    سوى نبضهِ المـحزونِ أنزفُه حِبْرَا

هُوَ الـحزنُ لـمْ أنـــــــظمْهُ إلاّ مشعّباً    بثلثينِ من قلبي ولــــم ينتظمْ شعْرَا

فخُذني (أبا السجَّادِ) خُـــــذني حمامةً    تـلهّتْ بِها ريحٌ فــلاقتْ بكَ الوكْرَا

وأشرعْ أمامي نهرَ عزٍّ فـلــــــم تزلْ    مجرّدةً روحي لكــــي تعبُرَ النهْرَا

ومنها:

وعلّقْ مصــــابيحَ الكرامةِ، عـلّـهـا    إذَا ذلّــتِ الأجـيـالُ أن تفهمَ السرّا

ويحيا بِــــها (العبّاسُ) إذْ حلّقَتْ به    سجاياهُ، لا يُمنىً ترفُّ ولا يُسرَى

و(زينبُ) إذ أهوتْ على نبتِ حاقدٍ    تفتُّ بـــــهِ عضْداً وتهوي بهِ قَبْرَا

روائــعُ منذُ (الطفِّ) شقّتْ قماطها    إلى الآنَ لـمْ تبرحْ محامدُها تتْرَى

وإلى أمير الحق والعدل والإنسانية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كتب عساكر (دعني أحبك)

لا الماءُ نطفتكَ الأُولى ولا الطِّينُ    فأنتَ كونٌ وباقي الخـــــــــــــلقِ تكوينُ

إنّي لمحتُكَ فـي آفـــــاقِ باصرتي    اسْـمَـاً بـهِ جـوهـــــــرُ الإنـسانِ مكنونُ

فجئتُ كي أزنَ الإحساسَ في لغةٍ    مـنَ الجــــــــــــمالِ فخانتـني الموازينُ

ورُبَّ أغنيةٍ قالتْ لصـــــــاحبِها:    دعــــــــني، إذا لـم تـعدْ تكـفي التلاحينُ

ويا عـليٌ إذا ما قلتُها انتبهــــــتْ    فـي روضةِ الروحِ من شوقي الرياحينُ

تقاسمتكَ سيوفُ الوقتِ عن ولـعٍ    كلٌّ بِـمَـا شاءَ من معناكَ مفتـــــــــــــونُ

إذا ادَّعيتُـــــكَ لي وحدي يكذّبُني    في زيفِ دعوايَ، عشــــــــــاقٌ ملايينُ

دعني أحبكَ، لكــــنْ عن مكاشفةٍ    بـيـنـي وبـيـنكَ للنجــــــــــــوى عناوينُ (6)

ومنها:

ويـا (عـلـيٌّ) فـلا حــــــــبٌّ ويـكـتبُني    إلّا وأنـتَ لــــــــهُ شـرحٌ وتـبـيـيـنُ

ويا قصــــــــــــــيدةَ عدلٍ حينَ أنزفها    حـبـراً، تـــضـيقُ بمعناهَا الدواوينُ

لا تبــــتعدْ عن حدودِ القلبِ، لستُ أنَا    بدعــــــــــــاً بأنْ تتولّاني الشياطينُ

فـــــي داخلي من تقاليدِ الهوى (أحدٌ)    وفي الدماءِ منَ الأعـرافِ (صفِّينُ)

يوحي ليَ القلبُ، إنْ سالتْ خواطرُهُ:    أنَّ المحبَّةَ فـي الـــــــدُّنيا هي الدِّينُ

قد ضلّ قومٌ صحا التاريـــخُ يحكمهمْ    مصيرُهم بمصيرِ الأمــــسِ مقرونُ

الحبّ أجملُ ما ينمو طـواعـــــــــيـةً    متى استشارتْ لكي تنمُو الـبساتينُ؟

دعني أحـبّـكَ ـ تلـقـــــــــائيةً ـ وكفى    كم يفسدُ الحبَّ، تعليمٌ وتلقيـــــــــنُ!

وقال في مدح الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله):

نهجُكَ السمْحُ أمْ هــــداكَ السديدُ    أمْ أيـــاديكَ وِرْدُها الـمورودُ

أمْ سجاياكَ يا غــــــديرَ السجايا    سـالتِ الآنَ فاستحمَّ الوجـودُ

واستوى يــــــــانـعَ العقيدةِ قلبٌ    نـبـويٌّ عـلـى الـولا مـعـقـودُ

إنَّ قــــلباً لا يحملُ الحبَّ نبضاً    نـبـــويّـاً أولـى بـهِ الـتـلــحـيدُ

ويراعاً لا ينزفُ الحرفَ معنىً    مــــن معانيكَ خاسئٌ رعديدُ

ومُحبّاً لم يـقـتـبـسْـــــــكَ حـيـاةً    مـن مـعـالٍ مـزوَّرٌ وجـحـودُ

هكذَا أنتَ ملءَ كلِّ القــــــوافي    تـتـراءَى فـيستضيءُ القصيدُ

هـــــكذا هـكـذا استفاقت رؤانا    ودنـا نـحونـا الـقـصيّ الـبعيدُ

وارتـــشفناكَ أكؤساً من وعودٍ    وثَـمِـلْـــنـا بما تفيضُ الوعودُ

ووقفنَــا على الـمـشـارفِ نتلو    آيـةَ الـمــــجـدِ والـمدى ترديدُ

نطلق الـــبـوحَ طاهراً كصلاةٍ    قد تسامَـى ركـوعُها والسجودُ

شَدَّني نحوكَ الــولاءُ وحسبي    بـيـنَ قـومــــي بأنّني المشدودُ

دُلَّني .. كيفَ أجتــليكَ وهبني    مـقـلـتـي واسْــــتـبانيَ التسهيدُ

كـنـتُ طـفلاً إذا الرقادُ تجافيـ    ـكَ، نـجـاوىً يـزيـــنُـها تمجيدُ

هدهدتْ أُمّـيَ السريرَ بذكرى    حـيـنَ ظنّتْ بأنني مــــــحسودُ

وأدارتْ مـــبـاخـراً ثُمّ صلَّتْ    مـلءَ سَـمْعي محمَّدٌ مـــــحمودُ (7)

وإلى أمير المؤمنين (عليه السلام) كتب قصيدة (رشفات من غدير عليّ) يقول منها:

أتيناهُ نستسـقي انسكابـــــــــــــاتِ روحِـهِ    فأعشبَ في الأرواحِ خِصْباً (غديرُهُ)

ظهيرةَ قامَ (المصـــــــــطفَى) وهـو عالمٌ    علَى أيِّ أرضٍ قــــد أُنـيــخَ بــعـيـرُهُ

وأطلقَ في الآفــــاقِ حكـــــــــــماً مُدوِّيـاً    تعالى بهِ فـــي الـخـــافقـينِ هــديــرُهُ

ومــدَّ عــلَـى الـدُّنــــــيا ذراعَ (ابنِ عمِّهِ)    ظلالاً، فراحَ الصـــيفُ يخبو هجيرُهُ

ورفّـتْ عـلى الصحــــــــراءِ أنفاسُ جنّةٍ    بها الوردُ فـوقَ الـماءِ يعـلو سـريـرُهُ

وما زالتِ الأصــــــــــداءُ تعلُو (بَخٍ بَخٍ)    وأينَ الذي قـد قـالَها .. مـا مصيرُهُ!!

وإنْ نحنُ لم نبلغْهُ وصـــــــــلاً فـحَـسْـبُنا    بأنْ نجعلَ الأرواحَ فُــلْــكـاً يُــدِيــرُه

فـقومُوا رفـــــــــــاقَ الوجدِ ننسابُ بيعةً    فـمَــا خابَ مأمورٌ (عــلـيٌّ) أمــيـرُهُ

(عليٌّ) وحَسْبُ الأرضِ من روعةِ اسْمِهِ    وسـامٌ بهِ التاريخُ تزهـــــو عصورُهُ (8)

وقال من قصيدة (بحيرةُ ورد):

في كلِّ عامٍ يبيعونَ باسمِ العزاءِ جراحكَ

حينَ احتوتكَ السيوفْ

فخُذنا عريسَ الشهادةِ

ها نحنُ نطبعُ فوقَ جبينِ (طفوفكَ)

مقطعَ أحلامِنَا فانتهينَا إليكَ

أتيناكَ ظمأىً كيومكَ يُلهبنا الشوقُ سوطاً

نجرجرُ قيدَ العذابِ الأليمِ..

نلمُّ خطاكَ التي أزهرتْ بالفدى فوقَ أرضِ الطفوفْ

فتعشبُ فينا صلاةً سماويةً

وحقولاً من المجدِ تزهو، وبيدرَ عزٍّ

وقافيةً منْ حتوفْ

تحلّقُ فيها طيورُ الكرامةِ شوقاً

وركبُ الأماني عليها يطوفْ

.......................................

ومنها:

وكانَ (الفراتُ) حزيناً

يلملمُ ضوءَ الشموسِ

ويرحلُ نحو الخفاءْ

تموتُ الطيورُ على شاطئيهِ

وتسقطُ ظمأى

وتهوي الأزاهيرُ من (هاشمٍ)..

ويخرُّ الصحابُ..

تجفُّ على الطينِ آثارُهمْ مثخنينَ..

وأشلاؤهمْ مسكنٌ للرياحِ

وطلاّبِ حقٍّ

قد ابتكرُوا الموتَ نهجاً

على أن يهانُوا

فمدّتْ عليهمْ نخيلُ (العراقِ) ظلالَ المساءْ

وقال من قصيدة (صورةُ عشقٍ ضوئيّة)

جاؤُوا على ولَهٍ

يقودُ ركابَهمْ ظمأٌ إليكَ

ويُشعلُ العتماتِ ملءَ دروبهمْ

قمرٌ حزينٌ قد أطلّ علَى العوالمِ من نوافذِ (كربلاءْ)

جاؤُوا يسابقهُمْ إليكَ حنينُهم

كي ينقشوا أسماءهم ألقاً مضيئاً في سجلاّتِ الوفاءْ

همْ أسرجُوا خيلَ الكتابةِ

لفّعوا وجهَ القوافي بالسوادِ

وأمطرُوا أرضَ القصيدةِ بالأسى

ثم انثنوا يتلُونَ أبياتِ الرثاءْ

وقال من قصيدة (سماسرةُ الدم)

أنا ما اعتزلتُ مجالسَ الذكرِ

التي صدحتْ بإسمكَ يا أنيسَ الجالسينَ

ولم أضقْ بالنعيِ في شفةِ المعزينَ

الذينَ هفوا إليكَ مولعينَ

ولم أغبْ

إلاّ لأحرسَ هيبةَ المصباحِ

في يومِ انتصاركَ

لا أريدُ لشعلةٍ أسرجتَها بالعزّ

أن تلهو بها كفُّ الهوانْ

...................................................

1 ــ كتاب (دفتر الشجي) لناجي الحرز ص 100 ــ 101 وهو مختارات من مراثي 100 شاعر إحسائي للإمام الحسين (عليه السلام) من مطبوعات الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة 1438 هـ / 2007 م

2 ــ كتاب (هو الحسين) وهو عرض للنصوص المشاركة في أمسية (هو الحسين) الشعرية السنوية المقامة في حسينية المصطفى بقرية الدالوة بالأحساء بين عامي (1433 ــ 1442 هـ) ص 105 ــ 112 وهو من جمع مصطفى عبد الله المسيليم الطبعة الأولى (1443 هـ / 2021 م).

3 ــ موقع مدونة الرأي الآخر ــ الرثاء والشعر الحسيني بتاريخ 15 / 11 / 2013

4 ــ نفس المصدر

5 ــ كتاب (دفتر الشجي) لناجي الحرز ص 100 / موقع بوابة الشعراء / جاسم عساكر: الشعر الحقيقي هو ما ينزل على الشاعر نزول القدر... الشاعر السعودي يرى أن القصيدة هي الملجأ الذي يأوي إليه الإنسان وقت الأزمات ــ حوار مع الشاعر أجراه ميرزا الخويلدي بتاريخ 23 / 5 / 2021

6 ــ شبكة فجر الثقافية بتاريخ 27 ــ 4 / 2017

7 ــ نفس المصدر بتاريخ 13 / 12 / 2016

8 ــ موقع شعراء أهل البيت

الدكتورة شيمة محمد الشمري ــ شعرية الحزن وأحلام القصيدة في «أطواق الشوك» لجاسم عساكر / موقع الجزيرة بتاريخ 20 / 11 / 2020

نظمية الدرويش ــ جاسم عساكر: القصيدة الكلاسيكية لا تزال متسيدة / شبكة فجر الثقافية بتاريخ 27 / 4 / 2017

المرفقات

: محمد طاهر الصفار