101- بولس سلامة: (1320 ــ 1399 هــ / 1902 ــ 1979 م)

بولس سلامة: (1320 ــ 1399 هــ / 1902 ــ 1979 م)

قال من ملحمته (الغدير) التي تبلغ (3415) بيتاً في (47) قصيدة:

يا ضياءَ الغـــــروبِ في (كربلاء)    دونكَ الشمسُ في الغروبِ ضياءَ

کیف باتتْ والكوکبُ الضخمُ یهوي    مثــــــــــلما تسـقط الجبالُ انكفاءَ

صُـبـغَ الـنـهـرُ أحــــــمـراً وتـدلّـت    شـجـراتُ تـــــكـادُ تـلـقـي الرثاءَ (1)

ومنها:

دمُكَ السمحُ یا حسینُ ضیاءٌ    في الدیاجـیرِ یُلهمُ الشعراءَ

أيّ فضلٍ لشاعرٍ منكَ یعـتـا    م اللآلي یصوغُ منها رثاءَ

شاعرٌ مُـقـعَدٌ جريحٌ مهيضٌ    كلّ أيّــامِه غدت (كربلاءَ)

ومن نفس الملحمة:

أنـزلوهُ بـ (كربلاءَ) وشـــادوا    حـــــولـه مـن رمـاحِـهـمْ أسـوارا

لا دفاعاً عـن الحـــسينِ ولكن    أهلُ بيتِ الرّسولِ صاروا أُسارى

قال: ما هذه البقــاعُ؟ فـقـالوا:    (كربلاء) فــــــــقـال: ويحَـكِ دارا

هاهنا يشربُ الثّرى من دمانا    ويثيرُ الجمـادَ دمـــــــــعُ الـعذارى

بالمصيرِ المحتومِ أنبأنـي جدِّ    ي وهيهــات أدفــعُ الأقــــــــــدارا

ومنها:

(كربلا) ستصبحين محــجّاً    وتصيـــــــرينَ كالهواءِ انتشارا

ذكرُكِ المفجعُ الأليمُ سيغدو    في البرايا مثلَ الضياءِ اشتهارا

فيكون الهدى لمن رامَ هدياً    وفخـاراً لمَـــــــن يرومُ الفخارا

وقال من ملحمته (علي والحسين) التي تبلغ (222) بيتاً:

(كربلاءُ) يا مغربَ الشمسِ غصّتْ    بالشعاعِ الشهيـــــدِ يومَ انطفائه

كيفَ باتتْ والكوكبُ الضخمُ يهوي    فـيـهـزّ الـبــــــيـداءَ عندَ انكفائه

ضجّ في مـسـمـعِ الـزمــــــانِ أنينٌ    حين أودى الشريفُ في شرفائه

ويقول في نهايتها مخاطباً سيد الشهداء:

يا أنيسَ الرسولِ طفــــــلاً لعوباً    والضياءَ الأخيرَ في أبنـــائه

يعجزُ الخاطرُ المُـــــجنّحُ وصفاً    ويغصُّ الخيالُ عند رثــــائه

من ضواحي لبنانَ خُذها دموعاً    من أماليد أرزِه وعـــــــلائه

هاله مصرعُ الحسينِ شهيــــــداً    فأتاكَ الجـــريجُ من شعرائه

قطّعته الآلامُ عضواً فعضـــــواً    وتلظــى اليأسُ المريرُ بدائه

غُيِّضـت آيـةُ الــــــرجاءِ وولّت    وتـهـــــاوتْ آمـالـه بـشـفـائه

يتمنّى الموتَ الزؤامَ خــــلاصاً    ويـــــرجِّيه بـلـسماً في دوائه

شاعرٌ صدرُه جحيمٌ مقيـــــــــمٌ    وفؤادٌ يموتُ في (كربلائـ) ـه

وقال من قصيدة (عاشوراء علي والحسين) التي تبلغ (مائة) بيت:

لمحتُ في (كربلاءَ) السبطَ مُطّرِحاً    والرملُ يشهقُ مـــن غمٍّ ومن غضبِ

مضرَّجـاً تـرِبـاً عـريـانَ قـد نـشبتْ    فـيـه السهامُ كشـــوكِ العوسجِ الأشبِ

وهامةٌ كشعاعِ الشمسِ قد فصـــلتْ    عن أمِّها الشمسُ فالأضواءُ في حُجبِ

الشاعر

بولس بن يوسف بن سلامة بن يعقوب بن إلياس الحرثي: شاعر وأديب لبناني مسيحي عربي ينتمي إلى قبيلة (تميم) العربية في العراق، كما صرح بذلك بقوله:

لي في العراقِ على بعدِ المدى نسبٌ    إني لروحِ تَميمٍ يرتقي نسبي (2)

ولد سلامة في قرية (بتدين اللقش) أو (بيت الدين) في قضاء جزين جنوب لبنان، ودرس الحقوق في الجامعة اليسوعية، وعمل قاضياً سنة (1928) لفترة، أصيب بمرض عضال ألزمه الفراش لمدة أربعين عاماً أجرى خلالها أكثر من عشرين عملية جراحية. لكنّه كان يجد بلسمه إلا في الكتاب الذي خفف من آلامه ونمَّى لديه حساً إنسانياً نبيلاً عكسه في شعره ونثره.

كان سلامة مولعاً بالقراءة فتنوّعت ثقافته الأدبية والدينية والفلسفية والتاريخية شغوفاً بالسِيَر، وهو ما جعله ثرَّاً في عطائه الفكري والأدبي وقد أصدر من المؤلفات:

1 ــ عيد الغدير ــ 1948 ، وسيأتي الحديث عنها

2 ــ علي والحسين ــ 1946

3 ــ مع المسيح ــ 1967

4 ــ فلسطين وأخواتها ــ 1947

5 ــ مذكرات جريح ــ 1973

6 ــ من شرفتي ــ 1968

7 ــ الصراع في الوجود

8 ــ خبز وملح ــ 1966

9 ــ حديث العشية

10 ــ تحت السنديانة ــ 1969

11 ــ ليالي الفندق ــ 1968

12 ــ في ذلك الزمان

13 ــ عيد الرياض (ملحمة) ــ 1955

14 ــ حكاية عُمْر ــ 1962

15 ــ عيد الستين

16 ــ الأمير بشير ــ 1947 (3)

مع الغدير

بدأ كتابة هذه الملحمة في عام (1947) وأنهاها سنة (1948) يقول سلامة في رسالته التي بعث بها إلى الشيخ عبد الحسين الأميني: (إني كنت في الآونة الأخيرة اختلس الفترات التي يهادنني فيها المرض لأنظم يوم الغدير فير ملحمة تناولت فيها أهل البيت منذ الجاهلية حتى ختام مأساة كربلاء، وقد أربى عدد أبياتها على ثلاثة آلاف وخمسمائة وجعلت عنوانها عيد الغدير

ويقول في نهاية رسالته: والأدلة على عظمة أمير المؤمنين ــ بل أمير العرب ــ لأجلّ من أن تحصى وشأن من يحاول حصرها شأن من يبغي التقاط أشعة الشمس، وإنني لأكتفي بواحد منها في هذه الرسالة وهو أن يتلاقى على حب أهل البيت رجلان أحدهما شيعي جليل وقف قلمه منذ خمس عشرة سنة على خدمة الحق ولما يزل وهو أنت، وثانيهما هو هذا المسيحي العاجز الذي جاء في الزمن الأخير، وعلة ذلك أن صعيد الحقيقة هو على شاطئ دجلة، وعلى ضفاف الأزرق المتوسط، وإن الحق شعلة من الضياء السماوي، وإنها لشعلة متصلة بالخلود بلا نهاية، بالله)

وعقب الشيخ الأميني على رسالة بولس بالقول: (كتاب تلقيناه من بحاثة المسيحيين شاعر القضاة، وقاضي الشعراء، الأستاذ بولس سلامة البيروتي، يشهد له بالعدل في القضاء، والنضج في الرأي، والنصفة في الحكم، والثقافة في الترجيح، والتقدير للحقائق الإسلامية، والإخبات إلى التاريخ الصحيح، فمرحبا به، وشكرا له على نفثات قلمه الفياض بالغرر والدرر والسبائك المنضدة.

ولنا أن نعده ممن استقى من نمير غديرنا العذب، فبرز في ولاء العترة الطاهرة ونظم ملحمته العربية الغراء، وزهت صحيفة تاريخه بما فيها من حقائق ورقائق ودقائق) (4)

ويقول الأستاذ كمال السيد: (ملحمة الشاعر بولس سلامة تغنى خلالها برموز خالدة لأنها لم تكن لفئة من الناس دون فئة ولا لشعب دون شعب ولا لأمة دون أمة ولا حتى لعصر من العصور دون عصر، ولا لحضارة دون أخرى وإنما للإنسانية جمعاء وعلى مر تاريخها الطويل) (5)

ويقول سلامة في مقدمة ملحمته: (ولما عزمت على النظم انصرفت إلى درس المراجع التاريخية ولكنني - قطعاً للظنِّ والشبهات - قلّما اعتمدت على مؤرِّخي الشيعة بل الثقات من أهل السنة الذين عصمهم الله من فتنة الأمويين وتقيّدت بالتاريخ جهد الاستطاعة). (6)

يستهلُّ بولس سلامة ملحمته الخالدة (عيد الغدير) وهو يستلهم العزم من صاحب الغدير (عليه السلام) ويسأل الله أن يؤتيه القوة بعد أن أقضَّ مضجعه المرض وأضناه السقم وطال مقامه على السرير المزمن حتى صار ذلك السرير جزءاً منه!

يا مليكَ الحيــــــــــاةِ أنزلْ عَلَيّا    عزمةً منكَ تـــبعثُ الصخرَ حيّا

جودُ كفيّكَ إن تشأ يملأ الـــــعيـ    ـشَ نماءً ويفــــــرشُ الجدبَ فيّا

يوقظُ الوردَ فالربيـعُ عـــلى التـ    ـلِّ ضحوكُ الألوانِ طلقُ المُحيّا

كلمّا افترّ برعــــــــــــمٌ داعـبته    كفُّ ريحٍ تقولُ للطيــــــــبِ هيّا

واهبَ النــــورِ والندى للروابي    أولني من جـمـــــالِ وجهِكَ شيّا

طالَ في مستنقعِ العذابِ مقامي    واسـتراحَ الشقــــــــاءُ في مُقلتيّا

ويطفح إحساس الشاعر المستسلم للمرض بعد أن أوهى بدنه وشلّ حركته وانحل كيانه فألقى عليه ضلال الأسى والحزن وأطال مقامه على السرير المزمن حتى صار ذلك السرير جزءاً منه!...

فنسيتُ النهارَ من طول ليلي    أترى الليلَ شرعَكَ الأبديّا؟

إن حظي من الحيـــاةِ سريرٌ    صارَ منّـــي فلمْ يعد خشبيّا

ولكن في خضمّ هذا اللون القاتم والجو المتشائم الكثيف من الحزن كانت هناك بارقة تنتشله من هذا الواقع البائس وتحلق به عالياً:

يا إلهـــــــي سدّد خطايَ فإنّي    قد تمرَّسـتُ بالضــلالةِ غيّا

بالعـــذابِ الأمرِّ طهّرْ فؤادي    فيعودُ الصلصالُ درّاً مضيّا

عن مهاوي الآثامِ نزِّه جِناني    وعن الميـــنِ والهوى شفتيّا

في سبيلِ الكمالِ أجرِ يراعي    ملهمَ البثِّ فيصـــــلاً عربيّا

كان هنالك إحساس يخالج نفسه..، إحساس رائع يهزّه من الأعماق، ويفيض على روحه بالطمأنينة ويلهمها حقاً ويقينا. ويشيع في نفسه الرجاء والأمل وهو يصارع الألم فتتحرك شفتاه:

هاتِ يا شعر من عيونِكَ واهتـــفْ    باسمِ من أشبـــــعَ السباسبَ ريّا

باسمِ زينِ العصـــــــورِ بعدَ نـــبيٍّ    نوّرَ الشــــــرقَ كــوكباً هاشميّا

باسمِ ليثِ الحجازِ نسـرِ البـــوادي    خيرِ من هزَّ في الوغى سمهريّا

خيرِ من جللَّ المياديـــــــــنَ غاراً    وانطوى زاهـداً ومــاتَ أبيّــــــا

كـــان ربَّ الكلامِ من بـــعـــدِ طه    وأخاهُ وصهـرَهُ والــــــــــوصيّا

بطلُ السيفِ والتُّقى والسجـــــــايا     ما رأت مثـــــله الرماحُ كــــميّا

يا سماءَ اشهدي، ويا أرضَ قرِّي    واخـشعي إنني أردتُ عَلِـــــــــيّا

عنونَ الشاعر هذه المقدمة وهو يناجي بها علي بن أبي طالب بـ (صلاة) وهو يشعر أن الدخول عليه ليس بأقل من الصلاة، فهو يستلهم المعاني العظيمة والقيم المثلى لأقدس إنسان عرفه الوجود بعد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله).

شُغف بولس بشخصية أمير المؤمنين حتى امتلأ كيانه ووجدانه وروحه وضميره بهذا الحب وهام بهذا الكمال الإنساني والذروة من الخلق البشري, فإذا بقلمه يسكب هذا الوله شعراً يفصح فيه ما أفاضت عليه جوارحه حتى ليحسب القارئ إنه يقرأ شعراً شيعياً لشاعر عاش في أجواء المجالس الشيعية وخالط علماءها وتغذى بفكرها. نعم، إنه مسيحي وهو نظير المسلم في الخلق، كما قال أمير المؤمنين: (الإنسان إما أخٌ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)، ونظرته وهدفه يتوحّد نحو القيم المثلى والأهداف العليا. إنها غايات الإنسان مثلما هي غايات الفئة والجماعة، ويؤكد الشاعر ذلك في مقدمة ملحمته فيقول:

(وربّ معترض قال: ما بال هذا المسيحي يتصدّى لملحمة إسلامية بحتة ؟ أجل إنني مسيحي.. ولكن التاريخ مشاع للعالمين. أجل إنني مسيحي ينظر من أفق رحب لا من كوة ضيّقة، مسيحي يرى "الخلق كلهم عيال الله" ويرى أن: "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، مسيحي ينحني أمام عظمة رجل يهتف باسمه مئات الملايين من الناس في مشارق الأرض ومغاربها خمساً كل يوم، رجل ليس في مواليد حواء أعظم منه شأناً وأبعد أثراً وأخلد ذكراً، رجل أطلّ من غياهب الجاهلية فأطلت معه دنيا أظلها بلواء مجيد كتب عليه بأحرف من نور: "لا إله إلا الله، الله أكبر"). (7)

مزج الشاعر في هذه الملحمة بين التاريخ والأدب فكوّن فيها صورة كاملة لأهم الأحداث والمواقف في التاريخ الإسلامي, وقد أربت هذه الملحمة على الثلاثة آلاف بيت على بحر واحد واستغرق الوقت لكتابتها ستة أشهر, تناول فيها الشاعر حياة العرب قبل الإسلام والتقاليد الجاهلية وعبادة الأصنام ونسب قريش, ثم ذكر سيرة جدّي النبي صلى الله عليه وآله (هاشم) و(عبد المطلب) وبيان مآثرهما وشرفهما، كما تطرق إلى حسد أمية وحرب لهما وحقدهما عليهما، ثم يختم هذا الفصل بإحدى كرامات عبد المطلب يفرد لها قطعة كاملة بعنوان (صلاة الاستسقاء)...

ثم يدخل التاريخ الاسلامي مبتدأً بولادة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وبداية صفحة مشرقة في التاريخ بـ (مولد محمد) وكفالة (أبي طالب) له وحمايته وهو يدعو الناس إلى الإسلام بعد البعثة الشريفة وبعدها يستعرض (مولد علي) في الكعبة المشرفة وبداية (فجر الإسلام) الذي شعّ على الجزيرة العربية.

بعدها تناول (هجرة الرسول), و(هجرة علي) فينتقل بالأحداث إلى (يثرب) ثم تتسلسل الأحداث: (بدر)، (زواج علي)، (اُحد)، (الخندق)، (خيبر) وغيرها من المشاهد حتى (حُنين) آخر معركة خاضها علي عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وآله، وقد أفرد لكل هذه العناوين ــ بين القوسين ــ قصائد تضمّنت كثيراً من الأحداث والمواقف واستعرض كذلك الدور البطولي للإمام علي عليه السلام في نصرة الدين وجهاده في إرساء دعائم الإسلام.

ثم يستعرض سلامة أحاديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في حق الإمام علي وأهل البيت عليهم السلام بإطار شعري في فصل كامل عنونه بـ (أهل البيت) ويخصّ (يوم الغدير) بفصل خاص تحدّث فيه عن كل الأحداث التي رافقت ذلك اليوم المشهود ثم يسترسل في ملحمته بعد يوم الغدير من (وفاة النبي) الأعظم صلى الله عليه وآله وحتى استشهاد الإمام الحسين في كربلاء بأسلوب السرد القصصي الشعري الملحمي معتمداً في ذكر أغلب الأحداث التاريخية على المصادر السنية.

وفضلاً عن التاريخ فقد تصدّى الشاعر في ملحمته بعض القضايا الفكرية أيضاً, وفي صدد حديثه عن الملحمة يقول: (قد يقول قائل، ولم آثرت علياً دون سواه بهذه الملحمة ؟ ولا أجيب على هذا السؤال إلاّ بكلمات... فالملحمة كلها جواب عليه وسترى في سياقها بعض عظمة الرجل الذي يذكره المسلمون فيقولون: (رضي الله عنه, وكرم وجهه, وعليه السلام) ويذكره النصارى في مجالسهم فيتمثلون بحكمته ويخشعون لتقواه، ويتمثل به الزهاد في الصوامع فيزدادون زهداً، وقنوتاً وينظر إليه المفكر فيستضيء بهذا القطب الوضّاء ويتطلع إليه الكاتب الألمعي فيأتمّ ببيانه، ويعتمده الفقيه والعالم المدره فيسترشد بأحكامه) (8)

أما في ختام مقدمته فيقول: (حقاً إن البيان ليسفّ وإن شعري لحصاة في ساحلك يا أمير الكلام ولكنها حصاة مخضوبة بدم الحسين الغالي فتقبل هذه الملحمة وانظر من رفارف الخلد إلى عاجز شرّف قلمه بذكرك). (9)

التزم الشاعر في ملحمته بحراً واحداً وهو الخفيف ولكنه تنّوع في الروي فاعتمد على عدة قوافٍ ووحّد قافيتيه في قصيدتي المقدمة والختام وهذا ما أعطاها أسلوباً فنياً ووحدة متماسكة شكلاً ومضموناً كما جعل للقصائد هامشاً في الرجوع إلى الحوادث التاريخية من مصادرها.

إن ما يبهر القارئ لهذه الملحمة هو القدرة على التسلسل في الحوادث بالسرد القصصي الشعري والتضمين البديع للآيات الكريمة والأحاديث الشريفة داخل الإطار الشعري وقد أجاد الشاعر في تسمية الملحمة بـ (عيد الغدير) فهو المحور الذي دارت عليه أحداث الملحمة وقد مهّد لهذا الفصل الذي سبقه فذكر فضائل الإمام علي ثم استعرض كثيراً من أحاديث الرسول في حقه عليه السلام حتى توّجها بحديثه يوم الغدير (من كنت مولاه فعلي مولاه) فيبدأ هذا الفصل برجوع النبي صلى الله عليه وآله مع أصحابه من حجة الوداع وبعد أن يصف ذلك اليوم يقول:

جاءَ جبريلُ قـــــــــائلاً: يا نبـيَّ    اللهِ بلّغْ كلامَ ربٍّ مـجيرِ

أنتَ في عصمةِ من الناسِ فانثرْ    بيِّناتِ السمـاءِ للجمهورِ

وأذاعَها رسالةَ اللهِ وحيـــــــــــاً    سرمدياً وحجةً للعصورِ

ثم يستعرض أهم الأمور التي جاءت في خطبة النبي في ذلك اليوم حتى يصل إلى قوله:

ثمّ إنـي ولـيّـــكـم منذ كان الـ    ـدهـرُ طفلاً حـتى زوالِ الـــدهورِ

يا إلهي من كـنـتُ مولاهُ حقاً    فعليٌّ مولاهُ غيــــــــــــــــــرُ نكيرِ

يا إلهي والِ الذيـــــــنَ يوالو    نَ ابنَ عمّي وانصرْ حليفَ نصيرِ

كُنْ عدوَّاً لمن يعاديهِ واخذلْ    كــــــــــــــــلَّ نكسٍ وخاذلٍ شريرِ

قالها آخذاً بضبـــــــعِ عـلـيٍّ    رافـعـاً ساعدَ الهمــــــــامِ الهصورِ

ويسترسل في هذا الفصل بذكر مبايعة الصحابة للإمام علي بإمرة المؤمنين مركزاً على أسماء كان لها شأن آخر بعد هذا اليوم.

أما في الخاتمة فيستدرُّ الشاعر الشفقة والعطف من الله باسم الإمام علي عليه السلام:

يا إلهَ الأكوانِ أشـــــــــفقْ عَليّا    لا تمُتني غبَّ العذابِ شقيّا

أولني أجرَ عاملٍ في صعيدِ الـ    ـخيرِ يبغي ثوابَكَ الأبـــديّا

مصدرُ الحقِّ لمْ أقلْ غيـرَ حـقٍّ    أنـــتَ أجريـته علـى شفتيّا

أنتَ ألهمتني مديحَ عـــــــــــليٍّ    فهمى غيـــدقُ البيـانِ عَليّا

هكذا كانَ صهرُ أحمدَ يَضـــفي    نبلَه ملءَ سرحةِ الدهرِ فَيَّا

هو فخرُ التاريخِ لا فخرُ شعـبٍ    يدَّعيهِ ويصطـــــــفيهِ وليّا

لا تقلْ شيـــــــــــعة هواة عليٍّ    إنَّ في كلِّ منصــفٍ شيعيّا

وتستبدّ الآلامُ بالشاعر ويتلوّى على فراشهِ فيتأسّى بالحسين:

أتأسّى بالأكرمينَ خِــــــصالاً    لم يسيغوا في العمرِ شرباً مريّاً

بالذي باكرَ الشهــــــادةَ بدريّـ    ــاً وأعلــى إكليــــــــلها الكوفيّا

بجراحِ الحسينِ في كلِّ جرحٍ    يجد الصبــــــــــرَ كهفَه الأزليّا

ويجد سلامة في اسم علي البلسم الشافي لآلامه وأوجاعه فيعود إلى مناجاته ليقول:

يا أميـــــرَ السلامِ حـسبيَ فـخراً    إنني منـكَ مالــئٌ أصغريّا

جلجلَ الحقُّ في الـمسيحيِّ حتى    عُدّ من فـرطِ حــبِّهِ عـلويّا

فإذا لم يكـــــــــــــنْ عــــليٌّ نبياً    فلقدْ كـــــــــان خُلقه نبويِّا

يا سماءُ اشهدي ويا أرضُ قرِّي    واخشعي أنني أردتُ عَلِيَّا

مع ملحمة علي والحسين

كتب سلامة هذه الملحمة قبل ملحمته (الغدير) بسنة أي في عام (1946) ونترك التعريف بها للشاعر نفسه فهو أولى بهذا التعريف وأجلى لخصائصها ومضامينها من غيره يقول بولس سلامة: (في عنق الشاعر العربي دين للإسلام، سواء كان الأديب مسلماً أو مسيحياً، إذ أنه لم يجر قلم بالفصاحة إلا وعليه رشاش من غيث القرآن الكريم، ولم يكتحل بسحر البيان، إلا وقد أشرف من باب رحب على هذه المروج الخضر التي تعهدها الإسلام بالماء والظلال.

وأول من يطل عليك من هذه الجنان بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) هو سيد البلغاء وفارس الإسلام وسدرة المنتهى في الكمال الإنساني علي بن أبي طالب عليه السلام، ولقد أولعت بالقرآن المجيد وتاريخ الإسلام منذ ما كنت صبيا فكيف بي وقد نيّفت بي الأيام على الأربعين وكنت كلما مر في خاطري مصرع أمير المؤمنين وابنه الحسين (عليه السلام) تلهب صدري نصرة للحق ونقمة على الباطل.

وقد ألمت بي النكبات منذ سنين وجرت مهجتي على حد المباضع تسع عشرة مرة ولما أزل صريع الداء، وفي ذات ليلة من هذه الليالي السوداء أرقت أرقا شديدا ومزقني الألم، فوثب خيالي إلى ما وراء العصور، فوقع قلبي بين علي والحسين (عليهما السلام) جريحين فاستعبرت كثيرا وما هي إلا عشية وضحاها حتى كانت هذه القصيدة التي تجدها بين يديك) (10)

يبدأ بولس قصيدته بقوله:

حملَ المــــجدَ خـافـقاً في لوائِه    بطلٌ ظـــــلَّ مفرداً في سمائِه

فتفـــــلُّ الأيامُ بيضَ المواضي    والحسامُ الأصيلُ ملءَ مضائِه

ذو الفقارِ الشطيبُ في يومِ بدرٍ    لم تـــــزلْ زرقةُ السماءِ بمائِه

ثم يستعرض الشاعر بطولات أمير المؤمنين (عليه السلام) في بدر وأحد والخندق وخيبر ثم يقول:

يستحيـــــــلُ الفولاذُ بينَ يديهِ    لطفَ غـصنٍ يحنُّ عندَ التوائِه

أينَ صفينُ والمصاحفُ ترسٌ    شـــــــرعتْ للتقيِّ قصدَ اتقائِه

أيَّ حربٍ ما كنتَ فيها شهاباً    يبسمُ النصـــرُ في بياضِ لوائِه

ويستهل قصيدته (عاشوراء علي والحسين) بقوله:

يا حيدرَ الشرقِ بلْ يا كوكبَ العربِ    طوَّقتَ مـــجدَكَ بالألماسِ والذهبِ

أبا ترابٍ فيا شـعـر انــــطـلـقْ نـجبا    واهتفْ لأوحدَ في ظلِّ الأمينِ رَبي

فشبَّ أرفـعَ مـا شـاءَ الـخـلاقُ سـنىً    ومــــا تـمـنَّاهُ حـلـمُ الـمـلهمِ الدربِ

وفي صفين يقول:

شالوا المصــــاحفَ أتـراسـاً معوَّذةً    باللهِ رفـقـاً بـســــــــــتـرِ الهامِ والرقبِ

فاستيقظــــتْ رحمةٌ في أريحٍ قدسٍ    ينزِّهُ النفسَ عن حـقدٍ وعن شغــــــــبِ

الصقرُ يبصرُ من علياءِ ذروتِــــــهِ    ما لا تراهُ ذواتُ الصوفِ والــــزَّغَبِ

والحلمُ أوفـرَ مـا تـلـقـاهُ مـنــبـلـجـاً    مـن قـادرٍ ورعٍ أو زاهـــــــــــــدٍ أربِ

تلكَ السماحةُ يومَ الهودجِ انـدفـقـتْ    كغيدقٍ مـــــــــــــــن يمينِ اللهِ منسكبِ

سننتَ عفواً عن الجرحى وكفَّ يدٍ    عـــــــــمَّنْ حداهمْ نذيرُ الموتِ للهربِ

أعليتَ من قيمــــةِ الإنسانِ منطلقاً    من شرعةِ الحبِّ لا من سورةِ الغضبِ

ويصور معاناته مع المرض وهو يكتب ملحمته:

سكبتُ ملحمتي والداءُ يُحرقني    يشلُّ من كبدي يمتصُّ من عصبي

أحاولُ النومَ والـحـمَّى تؤرِّقني    فإن شفـوتُ فـنـومُ العودِ في اللهبِ

أدورُ من لـجـجٍ سـودٍ إلى ثبجٍ    كـزورقٍ هـائـمٍ فـي مـزيـدٍ غـضبِ

ويتأسى بالحسين في صبره وهو يتلقى الجراح محتسباً عند الله ما ألم به:

ذكرتُ سبط رســـــــــــولِ اللهِ مشتملاً    بالصبرِ مُكتَنِفاً بـالـخـــــانقِ الجـزبِ

في منـزلٍ خــــــــشـنٍ جـهـمٍ جـوانـبُـه    مـؤجَّـجٍ بـسـعيـــــــــرِ الحقدِ مـلتهبِ

مُـــــــــــخضبٌ بدمِ الأبرارِ ما طلعتْ    شمسٌ على مثلهمْ في الطهرِ والنسبِ

صرعى ظماءً يذيبُ الصخرَ مشهدَهم    وجداً ولكنَّ قلبَ الشمرِ لـــــــــم يَذبِ

ويختمها بقوله:

بكيتُ حتى وسادي نشّ من حرقٍ    وضجَّ في قلمي إعــــوالُ منتحبِ

أنا المسيحيُّ أبكاني الحسيــنَ وقد    شرقتُ بالدمعِ حتى كادَ يشرقُ بي

لا يستوي في لقاءِ النارِ شــاهدُها    والمرتمى فوقها جذعاً من الحطبِ

قالوا في الملحمة

يقول الأديب مارون عبود عن معاناة سلامة مع المرض أثناء كتابته الملحمة: (عرفت بولس سلامة في عز شبابه، كان عملاقًا تام الألواح يثقل الأرض ويسد الفضاء، لا كما قال ابن الرومي في وصف نفسه، بل كما قال بولس في وصف هيكله العملاقي:

وكأن ربك قد برى عمد السما لما براني

أما كيف تسرب هذا الداء إلى تلك القلعة الممردة، فهذا ما أعيا الأطباء علمه، ووقفوا عنده حائرين. لقد صدق شاعرنا في وصف بلواه حين قال:

أيوب! ما أيـــوب؟ ماذا خطبه؟    هو قطرةٌ وأنا خضمُّ بلاءِ

فإذا مررتَ على الجريحِ تعودُه    فلقـــد أتيتَ مدافنَ الأحياءِ

قالوا: الفضل يعرفه ذووه، وأنا أقول: الذي يأكل العصي ليس كالذي يعدها، فعندي من آلام بولس سلامة عشر الخبر، ولكن الآلام التي أغنت الأدب العربي المعاصر لآلام مطهرة، والعبقرية بنت النار المقدسة التي تصهر ولا تحرق؛ فلولا مصيبة أيوب لم يكن سفره الخالد، ذاك السفر الرائع خيالًا ووصفًا، وقد عدوه من الملاحم. ومن مثل تلك الآلام الأيوبية انبثقت ملحمة بولس الجديدة التي لم يأت بمثلها شاعر من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين. فإذا قال بولس: أيوب! ما أيوب؟ فلسنا نكذبه، فلولا مرضه لما قال هذه الملحمة، ولما بنى في دنيا الأدب العربي هذا الجبل الذي لا ترقى العين إلى شماريخه.

وعرفت بولس سلامة في شباب عمره يلهو بالصغائر مثل بنت يفتاح وغيرها من دُمى الأدب، كان يتساجل وسعيد عقل في ذاك الميدان الضيق، ولما صار جزءًا من فراشه أمسى جبارًا في شعره، فجاء بالمعجزات. إنه بلا منازع أطول شعراء الضاد نفسًا، وأصحهم لغة، وأنقاهم عبارة، وأشردهم قافية. ضم في هذا البرج دنيا العرب قديمة وحديثة حتى صح أن نقول فيه ما قال البحتري في إيوان كسرى:

مغلق بابه على جبل القبق إلى دارتي خلاط ومكس

كان شاعرنا، حين عرفته، شاعر القضاة، أما اليوم فصار قيدوم الشعراء، وحامي الحقيقة المعلم. أخضع القافية العربية لنير الوزن فمشت منقادة لمشيئة الشاعر، والأعلام التي بدت لي نابية في إلياذة هوميروس رأيتها في هذا السفر المعجز تستخزي لهذا الحادي الذي طوى البيد طيًّا، وإن قال هو في المقدمة غير ذلك) (11)

ويقول راجي أنور أبو هيفا عن الملحمة: (كان الأديب بولس سلامة من أكثر الباحثين والمفكرين والأدباء جرأة في طرح قضية بيعة الغدير وفي إثبات الكتاب الذي كان الرسول الكريم يود كتابته للمسلمين لئلا يضلوا بعده سواء السبيل) (12)

ويقول علي المرهون: (إن بولس سلامه بملحمته الخالدة أراد للتاريخ أن يسجل أن القرن العشرين شهد مسيحياً ذاب عشقاً في علي فطّوع كل بيانه ليكتب حرفاً في علي، كتب حرفه وأشهد السماء على ذلك .. يا سماء اشهدي أنني ذكرت عليا) (13)

ويقول الأستاذ زكي الميلاد: (تطوّرت مع بولس سلامة العلاقة بالإمام وتعمّقت في الأدب اللبناني المسيحي، فمن جهة أظهر سلامة عاطفة قوية تجاه الإمام مسكونة بالمعاناة والألم، ومن جهة أخرى نقل سلامة حضور الإمام الأدبي من عالم النثر إلى عالم الشعر، ومن جهة ثالثة بقي سلامة متمسّكًا بقضية الإمام ومتابعًا لها يتحدّث عنها ويكتب شعرًا ونثرًا.

بدأ سلامة علاقته بالإمام على مستوى النشر من النثر ثم تحوّل إلى الشعر، فقد كتب عنه نثرًا ثلاثة مقالات قصيرة، كانت في الأصل أحاديث أذيعت بالنيابة عنه بسبب مرضه الشديد في راديو الشرق، وأعاد نشرها لاحقًا مع مجموعة الأحاديث المذاعة في كتاب بعنوان (حديث العشية) صدر سنة 1949م.

هذه المقالات الثلاثة هي: علي فارس الإسلام، علي أمير الكلام، علي الزاهد المتصوّف. في المقال الأول ميّز سلامة الإمام بالشجاعة والفروسية واصفًا له بفارس الإسلام، متتبعًا المواقف التي تجلّت فيها شجاعته قبل الفتح وبعد الفتح، قبل خلافته وبعد خلافته) (14)

ويقول الأستاذ وسام الأمين: (قلّما عرف الأدب العربي واللبناني شاعراً وأديباً كبيراً ووطنياً صميماً وقاضياً نزيهاً مثل بولس سلامة. الذي امتاز من غيره بإبداعه شعراً ونثراً، وأثاره النفيسة تدل على ذلك، فقصائده الملحمية أخذت جدلاً حاداً بين مؤيد ومعارض لهذا النهج الجديد الذي طرأ على الأدب العربي الذي رأى فيه البعض فناً دخيلاً على اللغة العربية، إلا أن آخرين وعلى رأسهم سعيد عقل رأى أنه (الفن) لم يتوفر إلا لنفر قليل من الأوروبيين العظام، كما أن مؤلفاته الأدبية النثرية كانت مدار توافق بين جميع الدارسين على أنها علامة فارقة في تاريخ الأدب العربي، كيف لا وهي التي اتسمت بسهولة التعبير والجزالة والمتانة، وبسحر بيان يذكر بمن سلف من أساطين اللغة ورواد الفصاحة والبلاغة في العصر الحديث أمثال المنفلوطي والعقاد وغيرهم، ما شكَّل أدبه إضافة رائعة للمكتبة العربية كان لها تأثير بالغ في اكثر من جيل متعاقب) (15)

...................................................

1 ــ الأشعار عن كتاب علي والحسين في الشعر المسيحي ط1 ــ مؤسسة الحكمة / لندن 1430 ــ 2009

2 ــ علي والحسين في الشعر المسيحي ص 279

3 ــ الركب الحسيني في (ملحمة الغدير) لـ(بولس سلامة) للسيّد عبد الهادي الشريفي

4 ــ ربع قرن مع العلامة الأميني للحاج حسين الشاكري ص ٣٧٣ ــ 357 / بولس سلامة شاعر الغدير وكربلاء، في الزمن الأخير لكمال السيد ج 1 ص 20 ــ 21

5 ــ بولس سلامة شاعر الغدير وكربلاء، في الزمن الأخير لكمال السيد ج 1 ص 76

6 ــ عيد الغدير ص24

7 ــ نفس المصدر ص 26

8 ــ نفس المصدر ص27 ــ 28

9 ــ نفس المصدر ص 28

10 ــ مقدمة ملحمة علي والحسين ص 2

11 ــ نقدات عابر ص 171

12 ــ الإمام علي في الفكر المسيحي المعاصر ص 638

13 ــ موقع أبو آيا بتاريخ 24 / 1 / 2012

14 ــ الامام علي في الأدب اللبناني المسيحي الحديث / موقع الكلمة بتاريخ 5 / 10 / 2012

15 ــ الوطنية والفخر في شعر بولس سلامة ونثره / مجلة شؤون جنوبية العدد كانون الثاني / 2002 ص 28

كما ترجم له وكتب عنه:

محمد خير رمضان يوسف / تكملة معجم المؤلفين ص 103 ــ 104

عبد الكريم جعفر الكشفي ــ صورة الإمام الحسين عليه السلام في شعر بولس سلامة

حسين شمص ــ حياة الشاعر المسيحي بولس سلامة الذي كتب ملحمته عيد الغدير – موقع الولاية الاخبارية 30 / 8 / 2018

المرفقات

: محمد طاهر الصفار