92 ــ أمل دنقل (1358 ــ 1403 هـ / 1940 ــ 1983 م)

أمل دنقل (1358 ــ 1403 هـ / 1940 ــ 1983 م)

قال من قصيدة (من أوراق أبي نؤاس) الورقة السابعة:

كنتُ في (كربلاء)

قال لي الشيخُ: إنّ الحسينَ ماتَ مِن أجلِ جرعةِ ماء!

وتساءلتُ: كيفَ السيوفُ استباحتْ بني الأكرمين؟

فأجابَ الذي بصّرته السماء:

إنه الذهبُ المتلألئُ في كلِّ عينٍ

إن تكُن كلماتُ الحسينْ..

وسُيوفُ الحُسينْ..

وجَلالُ الحُسينْ..

سَقَطَتْ دون أن تُنقذَ الحقَّ من ذهبِ الأمراءْ؟

أفتقدرُ أن تنقذ الحقَّ ثرثرةُ الشُّعراء؟

والفراتُ لسانٌ من الدمِ لا يجدُ الشَّفتينْ

ماتَ من أجل جرعةِ ماءْ! (1)

الشاعر

محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل، المعروف بـ (أمل دنقل) شاعر مصري، ولد بقرية القلعة في محافظة قنا في الصعيد المصري، وكان أبوه عالماً وشاعراً وهو من خريجي الأزهر، وسمّى ابنه (أمل) تيمّناً به حيث حصل في هذه السنة على الإجازة العالمية، وقد تأثر أمل بأبيه كثيراً، فكان والده ومعلمه في نفس الوقت، فقدَ أمل هذا الوالد المربي وهو في العاشرة من عمره مما أولد حالة من الحزن الشديد في قلبه انعكست في شعره.

لكن هذا الوالد ترك له كنزاً نفيساً هو مكتبة ضخمة ضمَّت كتباً في مختلف صنوف العلم والأدب وجد فيها أمل ما يروي ظمأه ويسليه عن فقد والده، سافر إلى القاهرة والتحق بكلية الآداب بعد إنهائه الثانوية في مدينته لكن حالته المادية لم تسمح له بمواصلة الدراسة فتركها وعمل موظفاً حكومياً في السويس والاسكندرية ولكنه لم ينقطع خلال هذه الفترة عن الشعر. وكان تأثره بالتراث العربي واضحاً على شعره فقد وظف كثيراً من شخصياته في شعره.

أصيب أمل دنقل بالسرطان وعانى منه لمدة تقرب من ثلاث سنوات ودون معاناته مع المرض في مجموعته (أوراق الغرفة 8) وهو رقم غرفته في المعهد القومي للأورام

أصدر دنقل ست مجموعات شعرية هي:

1 ــ البكاء بين يدي زرقاء اليمامة - بيروت 1969

2 ــ تعليق على ما حدث - بيروت 1971.

3 ــ مقتل القمر - بيروت 1974.

4 ــ العهد الآتي - بيروت 1975.

5 ــ أقوال جديدة عن حرب بسوس - القاهرة 1983.

6 ــ أوراق الغرفة 8 - القاهرة 1983 (2)

يقول الأستاذ سعيد بكور: (أن الشاعر أمل دنقل نجح في تنويعه في توظيف التراث بمشاربه المختلفة خدمة للدلالة، والملاحظ في توظيفه هذا أنه يعتمد طريقة عمودية تظهر مدى معايشته للتراث وتماهيه معه، والذي يميز هذا التوظيف أنه يخدم اللحظة الآنية الشبيهة إلى حد كبير باللحظة التاريخية القديمة، التي يستوحي الشاعر الكثير من أحداثها تعبيراً عن الظروف الآنية. إن ما يمكن الإشارة إليه أن الشاعر الحديث لم يقطع صلته بالقديم كما يعتقد البعض بل إنه عرف متى يعود إليه ويستفيد منه ومتى لا يوليه اهتماما يذكر، وحتى عندما كان الشاعر الحديث يوظف التراث في شعره لم يعمد إلى كل التراث بقدر ما طرق باب التراث الذي يمكن أن يخدم الدلالة ويعبر عن اللحظة الآنية) (3)

ويقول الأستاذ تمّام طعمة: (فقد كان شعر أمل دنقل مميزاً بخصائصه الفكرية والثقافية ومنفتحاً على التراث العربي بشكل كبير، وفي ذلك إشارة إلى أن مظاهر التناص في شعر أمل دنقل لا تقتصر على التناص مع النصوص الأدبية فقط، فقد يكون التناص مع رمز أو إشارة أو مكان أو حدث أو قصة قديمة تعبِّر عن فكرة معينة لدى الشاعر، وقد عبَّر أمل دنقل عن الهزائم والانكسارات من خلال التناص مع عدد من الشخصيات التراثية) (4)

وقال الأستاذ سيد محمد: (إن توظيف أمل دنقل للتراث لم يعتمد على التراث العربي فحسب، بل تجاوزه للتراث الغربي أيضًا، فنجد في قصيدته “كلمات سبارتاكوس الأخيرة” وكما يتضح من عنوان القصيدة فهو يُلقيها على لسان “سبارتاكوس“، وهو مصارعٌ كان أحد قادة ثورة العبيد في حرب الرقيق الثالثة، وهي إحدى كبرى الانتفاضات التي قام بها رقيق الامبراطورية الرومانية، وذلك قبل نيفٍ وسبعين عامًا من الميلاد، وسارت سيرته مضرب الأمثال في الشجاعة والنضال، وتم عرضها في العديد من الأعمال السينمائية والفنية والأدبية) (5)

وتقول السيدة حلماء قدسي: (التراث العربي الإسلامي يعد هذا المصدر منبعاً سخياً لدى أمل دنقل وإن لهذا الرافد حظ أوفر ضمن المصادر التراثية الأخرى، وتحدثنا فيما سبق عن الأسباب التي جعلت الشاعر أن يتخلي عن توظيف التراث الفرعوني والأجنبي بصفة عامة ليقبل علي التراث العربي الاسلامي. فهو يصرّح بذلك في قوله: «إن استلهام التراث في رأيي ليس فقط ضرورة فنية. ولكنه تربية للوجدان القومي، فإنني عندما استخدم أُلقي الضوء علي التراث العربي والاسلامي الذي يشتمل منطقة الشرق الأوسط بكاملها، فإنني أنمي في المتلقي روح الإنتماء القومي وروح الإحساس بأنه إلى حضارة عريقة، لا تقلّ إن لم تزد عن الحضارات اليونانية أو الرومانية) (6)

ومن أهم قصائده قصيدة (لا تصالح) التي كان لها صدى كبير ومؤثر في الشارع المصري، وكان لكربلاء حيز في شعره، حيث يستفظع في مقطوعته التي قدمناها ما جرى على سيد الشهداء فيها ويستحضر قتله وهو ظمآن.

.............................................

1 ــ الأعمال الكاملة للشاعر ص 266 ــ 267 / استدعاء شخصية الحسين بن علي في الشعر العربي الحديث للدكتور تيسير محمد أحمد الزيادات ص 89 ــ 90

2 ــ موقع ويكيبيديا / عماد الحزاني نبذة عن أمل دنقل ــ موقع سطور بتاريخ 26 / 7 / 2020 /

3 ــ توظيف التراث في شعر أمل دنقل / شبكة الألوكة بتاريخ 15 / 2 / 2012

4 ــ مظاهر التناص في شعر أمل دنقل / موقع سطور بتاريخ 26 / 4 / ٢٠٢٠

5 ــ المعادل الموضوعي في شعر أمل دنقل / موقع المحطة بتاريخ 7 / 1 / 2021

6 ــ أثر التراث في شعر أمل دنقل / موقع ديوان العرب بتاريخ ٣ / 3 / ٢٠١٠

كما كتب عنه العديد من الأدباء والباحثين والنقاد، الدراسات والبحوث والمقالات منهم:

حسن الغرفي ــ أمل دنقل: عن التجربة والموقف

عبد الله السماح ــ مختارات من شعر أمل دنقل

عبلة الرويني ــ الجنوبي: أمل دنقل

جابر قميحة ــ التراث الإنساني في شعر أمل دنقل

سيد البحراوي ــ في البحث عن لؤلؤة المستحيل

نسيم مجلي – أمل دنقل أمير شعراء الرفض

عبد السلام المساوي ــ البنيات الدالة في شعر أمل دنقل

إخلاص فخري عمارة - إستلهام القرآن الكريم في شعر أمل دنقل

حلمي سالم ــ عِمْ صباحاً أيها الصَّقر المجنَّح: دراسة في شعر أمل دنقل

رجاء النقاش ــ ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء

علي عبد رمضان ــ جمالية التقرير في شعر أمل دنقل

محمد سليمان ــ الحركة النقدية حول تجربة أمل دنقل الشعرية

نسيم مُجلي ــ القيم التراثية في شعر أمل دنقل، نسيم مُجلي

الدكتور عبد العزير المقالح / مقدمة ديوان أمل دنقل

علي سليمي، رضا كياني ــ التناصّ القرآني في شعر محمود درويش وأمل دنقل (دراسة ونقد)

سوزان مشير حمد كردي ــ الرمز في شعر أمل دنقل

جهاد فاضل ــ الرموز والأساطير في شعر أمل دنقل

المرفقات

: محمد طاهر الصفار