87 ــ الحسين بن مساعد الحائري: توفي (917 هـ / 1511 م)

الحسين بن مساعد الحائري: (توفي 917 هـ / 1511 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (36) بيتاً:

أحاطَ بهمْ في (كربلاءَ) عصابةٌ     يزيـــــديةٌ عن غدرِها ما لها عُذرُ

فقاموا بما قد أوجــــبَ اللهُ ربُّهم     إلى أن تفانوا وانقضى ذلكَ العمرُ

فديتـهـمُ كـمْ جـالـــدوا دونَه وكم     أعدَّ لـــهم فـي يـومِ حـشرِهمُ أجرُ (1)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (30) بيتاً:

لترى الحسينَ بـ(كربلاء) وقـد غـدا     لقتـالِـه الـجيشُ اللهـــــــــامُ يُسيَّرُ

وغـــــدا الحسينُ يقولُ في أصحابِه     قوموا لحربِ عدوِّكمْ واستبشروا

من كلِّ أشــــــوسَ باسلٍ لا يـنـثـني     من فـوقِ مُـهـرٍ سـابقٍ لا يُــــدبِرُ (2)

الشاعر

السيد عز الدين الحسين بن مساعد بن الحسين بن المخزوم بن أبي القاسم ابن عيسى الحسيني الحائري، عالم وفقيه وأديب ونسابة، يعد من أركان الحركة العلمية والأدبية في كربلاء، لقب بـ (الحائري) لسكنه الحائر الحسيني الشريف، وتعرف أسرته بآل (طوغان) التي تنتمي إلى السيد عيسى بن زيد الشهيد بن الإمام زين العابدين (عليه السلام)، يقول السيد محسن الأمين: (إن أصله يعود إلى عيناثا في لبنان ثم أنتقل إلى العراق وسكن الحائر الحسيني حتى وفاته). (3)

قال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني: (من أجلّة العلماء وأكابر الفضلاء في عصره في كربلاء، وكان شاعراً بليغاً له عدة تصانيف منها تحفة الأبرار في مناقب أبي الأئمة الأطهار أخرجه من كتب أهل السنة وذكر أسماءها في آخر الكتاب وهو من مآخذ كتاب البحار للمجلسي). (4)

ثم يقول الطهراني عن (تحفة الأبرار): (أوله: الحمد لله الذي خلق من عباده أئمة يرجع الناس إليهم وجعل في بلاده منهم أعلاماً يعول في الأمور عليهم. رتبه على ثلاثين باباً، وقال في أوله بعد الخطبة: لما كثر الاختلاف في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام، وصنف العلماء في ذلك على قدر سعتهم أحببت أن أجمع في ذلك كتاباً لم أسبق إليه وأورد فيه من طرق أهل السنة والجماعة ما لا يطعن عليه ومن شك في شيء منه فعليه بالكتب التي أشير إليها. وفي آخره ذكر نبذة من فضائل الزهراء البتول سلام الله عليها، والحسنين عليهما السلام، وما ورد في الاثني عشر خليفة). (5)

ونقل عنه تلميذه الشيخ إبراهيم الكفعمي وقال في وصفه: (هو السيد النجيب الحسيب عز الإسلام والمسلمين أبو الفضائل أسد الله ثم يقول: كان بيّناً في المراسلات نظماً ونثراً). (6)

وقال عنه السماوي في أرجوزته:

ثم الحسينُ بن مـــساعدِ الأبي     وجامعُ الأخبارِ بعد النسبِ

الموسويُّ الحائريُّ قد مـضى     لربِّه بهـا فأرِّخــــــه قضى (7)

وقال فيه الشيخ عبد الله الأصفهاني: (كان عالماً فاضلاً ألف كتاب بيدر الفلاح ولكن لم يذكر اسمه في ذيل الكتاب إلا أن تلميذه الشيخ إبراهيم الكفعمي كان عارفاً بشأنه وشأن والده ومطلعاً على تصانيفهما). (8)

وقال عنه الشيخ المحقق محمد صادق الكرباسي: (كان صاحب علم وفضيلة، وممتلكاً زمام الشعر والأدب والتحقيق والتأليف، وموصوفاً بالورع والتقى، وكان عارفاً بالنسب وذا نشاط علمي بارز) (9)

ويقول فيه الشيخ نور الدين الشاهروردي: (برز في ساحة العلم بكربلاء في القرن التاسع السيد عز الدين حسين بن مساعد الحائري، كان عالماً متبحراً وأديباً مبرزاً ومحققاً قوي الحجة واسع الإطلاع ورعاً تقياً اشتهر بمعرفته الدقيقة بالأنساب حيث عمل عدة مشجرات بخط يده للعديد من الأسر العلوية القديمة في كربلاء) (10)

وقال فيه السيد محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة: (من أجلة العلماء وأكابر الفضلاء في عصره في كربلاء وكان شاعراً بليغاً) (11)

 ويقول فيه السيد سلمان هادي آل طعمة: (من الأفذاذ الذين أنجبتهم هذه الأسرة..) (12)

شعره

قال من قصيدته الأولى:

وقفتُ عـلـى الـمـغـنى الــذي كنتمُ به     حـــــلـولاً ومـغـنـاكـمْ وقد بنتــمُ قفرُ

وكـادتْ تـروحُ الروحُ منــــــي تأسُّفاً     بــذكـرِ مـصـابٍ كـلـمـا دونــه نزرُ

مصابُ رسولِ اللهِ فــــــــي آلهِ الألى     تقاصرَ زيدٌ عن علاهمْ كــذا عمرو

أئـمـةُ هـذا الـخلـــــــــقِ بعد نـبـيّـهـمْ     بناةُ العلى قد طابَ من ذكــرِهم ذكرُ

همُ التينُ والزيتونُ همْ شافعو الورى      همُ الــسادةُ الأطهارُ والشفـعُ والوترُ

همُ مهبط الوحي الشريفِ وهــمْ غداً      سقاةُ الزلالِ العذبِ من ضمَّه الحشرُ

همُ إن ترِدْ عـلـمـاً وسـيـــــــــلـةُ آدمٍ     ونـوحٍ نـبـيُّ اللهِ حـيـنَ طـمى الــبحرُ

بهمْ سألَ اللهَ الـخـلـيـــــــــــلُ ونـارُه     تـؤجَّـجُ غـيـظـاً فـانـطفى ذلـكَ الجمرُ

ويعقـوبُ لـمّـا أنْ تـوسَّــــــلَ سـائلاً     بـهـمْ جَـمَــــــعَـتـه مـعَ أحـبَّـتِـه مصرُ

وأيوبُ في بـلـواهُ لـمّـــــا بـهـمْ دعـا     شـفـاهُ مـن الـبــــــلوى وفارقَه الضُّرُّ

فدتهمْ نـفــــوسُ الـجـاحـديـنَ فطالما     هـمُ جــــــاهدوا حقاً فكرُّوا وما فرُّوا

وكمْ قصَّـرتْ أعمارُ قـومٍ تـسـرَّعوا     إلـيـهـمْ وكــــــــمْ طالتْ بأقدامِهم بترُ

وكمْ أنجزوا وعداً وكمْ موعــدٍ وفوا     وكمْ مـن وعيــــدٍ أصدقوهُ وكم برُّوا

وبقول من الثانية فيهم (عليهم السلام) أيضاً:

السادةُ الأبرارُ أنــــــــــوارُ الهدى     قـــــومٌ مآثرُ فضلهمْ لا تُنكرُ

أمرُ الخلافةِ لــــــــــــيسَ إلّا فيهمُ     فقد ارتدوا بردائِها وتـأزَّروا

أهلُ المكـــــــارمِ والفوائـدِ والندى     وبـــذلكَ القرآنُ عـنهمْ يُخبرُ

الحافظـــونَ الشرعَ والهادونَ مَن      أمـسى بــنورِ هـداهمُ يتبصَّرُ

أفهلْ سمعتَ بـ (هل أتى) لسواهمُ      مدحاً وذلـــــــكَ بيِّنٌ لا يُنكرُ

فهمُ النجاةُ لمنْ غدا مـــــــــتمسِّكاً     بـهمُ وهـمْ نــــورٌ لمنْ يتحيَّرُ

فالعلمُ علمُ محمدٍ مـــــــــــستودعٌ     فيهمْ وعندَ ســواهمُ لا يُذخـرُ

والرجـسُ أذهبه المهيــــمنُ عنهمُ      من فضلِهِ فتقدَّسُوا وتطهرُوا

كــــــــمْ مثلَ ميكالٍ وحـقِّ أبـيـهمُ     بهـمُ يسودُ وجبـــرئيلٌ يـفخرُ

وكـفـاهـــمُ فـخـراً بـأنَّ أبـاهـمُ الـ     ـ‍مُتبتّلُ الـمُـزَّمَّـلُ الـمُـــــــدَّثـرُ

ومنها في أصحاب الحسين (عليه السلام):

وغدا الحسينُ يقـولُ في أصحابِه      قوموا لحـربِ عدوِّكمْ واستبشروا

من كلِّ أشوسَ بـاسلٍ لا ينــثــني      مـن فــــــــوقِ مهرٍ سابقٍ لا يُدبرُ

بـاعـوا نـفوسَهـمُ لأجلِ تجارةِ الـ     أخــرى فـــنـعمَ جزاؤهمْ والمتجرُ

للهِ دُرِّهمُ شــــــــــروا دارَ الـفـنـا     بـبـقـــاءِ أخـراهـم ولـمْ يـتـأخَّـروا

جادوا أمـامَ إمامِـــــــــهم بنفائسٍ     من أنفسٍ طهُرتْ وطابَ العنصرُ

واستعذبوا مُرَّ الحتوفِ وجاهدوا      حـقَّ الجهادِ وجـــالدوا وتصبَّروا

أفنوا جسومــــــــهمُ بكلِّ مُـهـنَّــدٍ     وبـقـوا على مرِّ الزمانِ وعمِّروا

سلّوا مواضيهمْ فسالَ مـن العِدى     قــــــانٍ على وجهِ البسيطةِ أحمرُ

.........................................................

1 ــ أعيان الشيعة ج 6 ص 172

2 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ١٧٢ / أدب الطف ج 5 ص 22 عن مدينة الحسين للسيد محمد حسن الكليدار ج 3 

3 ــ أعيان الشيعة ج 6 ص 172

4 ــ الذريعة ج 3 ص 405

5 ــ الذريعة ج 3 ص 406

6 ــ أدب الطف ج 5 ص 25 عن المصباح للكفعمي

7 ــ مجالي اللطف بأرض الطف ص 68

8 ــ رياض العلماء ص 141

9 ــ أضواء على مدينة الحسين / الحركة العلمية ج 1 ص 48

10 ــ تاريخ الحركة العلمية في كربلاء ص 44

11 ــ مدينة الحسين ج 3 ص 39

12 ــ شعراء كربلاء ج 2 ص 18

المرفقات

: محمد طاهر الصفار