81 ــ أحمد بن عبد الصمد البحراني: توفي (1021هـ / 1612 م)

أحمد بن عبد الصمد البحراني: (توفي 1021هـ / 1612 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (72) بيتاً:

تذكرتُ مولايَ الحسينَ بـ(كربلا)     وحيداً فريــــداً بالفلاةِ مجدّلا

ثلاثَ ليــــالٍ بالطفـوفِ مُضـمَّخاً     ذبيحاً عفيـراً بالترابِ مُرمَّلا

غريباً وقد آدتــه بالكـتبِ عصـبةٌ     بأن سِرْ إلينا عـاجلاً مُترحِّلا (1)

ومنها:

ولم ينثني مولاي في السيرِ قاصداً      إلى أن أتى في قصدِه أرضَ (كربلا)

فأوكــــبَ فـيـها عند ذاكَ حصــانَه     فقال: ألا يـا قــــــوم مـا هـذهِ الفـــلا؟

فقالوا: تسمــى نينوى. قال: هوِّنوا     إذاً وانـزلوا يا قـــــــوم قـد نزلَ البلا

ومنها:

وأمستْ جيوشُ المارقين بـ (كربلا)     تقدُّ الفيــــافي مُرسلا ثم مرسلا

ويــــــقدمُـهـا للـحـربِ نغـلٌ مـزنّـمٌ     سليلُ ابنِ وقاصِ الدعـيِّ مُعجِّلا

وخيَّمَ للـنــــــــهريـنِ للـمـاءِ مـانـعاً     ليـمنعه عـن سيـدِ الخـلـقِ أجمَلا

ومنها:

وأهـوتْ نجومٌ زاهراتٌ من الســما     أسافاً ومـــــــادَ الطفُّ حينَ تزلزلا

ترى الطيرَ في جوِّ السماءِ بكتْ له      كذا الجنُّ ناحتْ للحسينِ بـ(كربلا)

وللوحــــــشِ من حزنٍ عليه تفجُّعٌ     ولاهاً صـراخاً في الأماكنِ قد علا

ومنها:

وتبكي له الأملاكُ حزناً وحسرةً      ويبكيه عرشُ اللهِ حـــزناً مُزلزلا

ويـبكيهِ جبريــلُ الأميـنُ بحـرقةٍ     ويبكيهِ ميكائيـــــــــلُ حزناً مُهللا

ويبــــكيهِ إسرافيلُ أيضاً ومالكٌ      وتبكي منىً والمشعرانِ و(كربلا)

الشاعر:

السيد أحمد بن عبد الصمد الحسيني البحراني، قال عنه السيد ابن معصوم المدني: (هو للعِلم عَلم، وللفضل ركن ومستلم، مديد في الأدب باعه، جليد كريم خيمه وطباعه، خلد في صفحات الدهر محاسن آثاره، وقلد جيد الزمن قلامة نظامه ونثاره، فهو إذا قال صال، وعنت لشبا لسانه النصال، ولا يحضرني من شعره غير ما أنشدنيه له شيخنا العلامة جعفر بن كمال الدين البحراني

لا بلَّـــــغتني إلى العلياءِ عارفتي     ولا دعتني العلى يوماً لها ولدا

إن لم أمرَّ على الأعداءِ مشربَهم     مـــــرارةً ليس يحلو بعدها أبدا

وكفى بهما شاهداً على قوته في الفصاحة والأدب والملاحة...) (2)

وقال عنه الحر العاملي: (عالم، فاضل، شاعر، أديب، قرأ عند الشيخ بهاء الدين، وروى عنه). (3)

وقال السيد الأمين في ترجمته: (السيد أحمد بن عبد الصمد الحسيني البحراني توفي سنة 1021، وفي أنوار البدرين: الظاهر أنه توفي وأبوه حي، وصفه جامع ديوان الشيخ جعفر الخطي بالفاضل التقي العلامة) (4)

كما روى الأمين أنه لما توفي رثاه الشيخ جعفر الخطي (980 ــ 1028 هـ / 1572 ــ 1618 م) بقصيدة موجودة في ديوانه منها:

وراءكــــما أنَّ المصابَ جليلُ     وإنَّ الــــــبكا في مثلِه لَقليلُ

وأيسرُ ما يُقضى به حقُّ هالكٍ     دموعُكَ لو يُطفى بهنَّ غليلُ

بــني هاشمٍ هلْ للمنونِ طوائلٌ     لديكمْ وهل للحادثاتِ ذحولُ

لأعوزَ يـــومٌ أن يمرَّ وما لكمْ     على إثرِ مـاضٍ رنَّةٌ وعويلُ (5)

ولم تسعفنا المصادر من شعره سوى هذه القصيدة يقول البحراني منها:

فقالَ: أتتني كتبُكــــمْ فأتيــــــــــــــــتكمْ     فإنْ كنـتمُ خِــــنتمْ دعوني لأرحلا

فقالوا: له هيــــهات تبـــــــغـي سلامةً      فلا تبـرحـــــــنْ حتى تذلَّ وتُخذلا

وإلا فأنـــــزلْ طــــــائـعاً لأميـــــــرِنا     فـإنكَ في ذا اليـومِ لا شــــكَّ تُقتلا

فقالَ الحسينُ: الموتُ أقــــــــربُ شقَّةً      وأهـونُ أن ألقي يـــــــــدي مُتذلّلا

فلمَّا أجنَّ الليلُ أقبـــــــــــــــــــلَ قائلاً     لأصحـــابِهِ يا قــــوم فالبرُّ قد خلا

ألا انصرفوا إنـــــــجوا معاً بـنفوسكمْ     فلمْ أرَ فــي لــــيلٍ لكمْ مُـــــــتختّلا

فقالوا: معـــــــاذَ الله يا بــــــــنَ محمدٍ     وإبن عــلـــيٍّ خـيرِ هادٍ مفـــــضَّلا

فكيفَ نـــــــلاقي جدَّكَ الطهرَ أحـمداً     شفـيعَ الــــورى ذاكَ النبيَّ المُبجَّلا

فدونكَ نلقى الموتَ يا أشرفَ الـورى     ويا خيـــرَ من زكّى وصلّى وهلّلا

فقالَ لهم: يجزيــــــــــكمُ اللهُ فـي غـدٍ     بجنــــــــاتِ عدنٍ صفوُها لن يُبدّلا

فصالوا على الأعداءِ ثم تبـــــــادروا     وقد جرَّدوا للحربِ بِيضاً ومنصلا

فكمْ من شجـــــــاعٍ فلّقوا منه هامَه؟      وكمْ من همـــــــامٍ غادروه مُجدَّلا؟

فما برحوا حتى لَووا عن خيـــولِهم     وقد جُــــرِّعوا كأسَ المنونِ مُعجَّلا

.........................................................................................

1 ــ ديوان القرن الحادي عشر ج 2 ص 159 ــ 166 عن المجموعة الحسينية الأولى المخطوطة بمكتبة الإمام الحكيم بالنجف الأشرف ص 42

2 ــ سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر ص 304

2 ــ معجم رجال السيد الخوئي ج 2 ص 141 عن تذكرة المتبحرين للحر العاملي

4 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 625

5 ــ نفس المصدر والصفحة

المرفقات

: محمد طاهر الصفار