78 ــ أمل الفرج: ولدت (1395 هـ / 1975 م)

أمل الفرج (ولدت 1395 هـ / 1975 م)

قالت من قصيدة (كربلاء.. تسبيحة الله) وتبلغ (36) بيتاً:

و(كربلاءٌ) يميسُ النهرُ معطفها    بـالنائباتِ إذا فاضَ الأسى استرقا

كانت سواقـيهِ طفلٌ مهدهُ عطشٌ    وشـاطـئـيـهِ طفولاتٌ لهــنَ نــقــا

وكان عـنواننا أنَّ الحــروفَ دمٌ    ولونُها الأحمرُ المحمومُ قـد نـطقا (1)

وقالت من قصيدة (انكسارات الأهلّة) وتبلغ (37) بيتاً:

لـ (كربلاءَ)، لأورادِ النزوفِ إذا    تعطّش الماءُ صارَ الدمعُ يروينا

أتى المحرّمُ لا سُـكنى سـواهُ ولا    سوى المآتم فــي الأرجاءِ تأوينا

مـضـمّـخـاتٌ بأنهارِ الــنداءِ أيـا    حسينُ فاقبلْ مع الشكوى تعازينا

وقالت من قصيدة (كربلاءٌ مصبُّ الحُبِّ) وتبلغ (18) بيتاً:

و(كربلاءٌ) مصبُّ الحُبِّ قد نبَعتْ    من بُركـةِ اللهِ والــقرآنِ والحَرَمِ

يا عاجنَ الدمِ يــا معطي حرارَاتهُ    تمسّحَ النبضُ في شاطيكَ بالقِممِ

يا أبلجاً يمَّمَ الـتأريــــــخُ وجْـهَـتَهُ    إليكَ فاخْتطَّ بالإشـراقِ فــي قِـدَمِ

وقالت من قصيدة (جراح بنكهة الحبّ) وتبلغ (37) بيتاً:

يا (كَربَلاء) آتُ أَوجَاعِي أ تَشبَهُني    حقِيقَتي وأنَـــــا إيَّاكِ فــي هَـلَـعِ؟

كأنَّنا آلِهَــــــــــاتُ الدَّمعِ صُورتُـنـا    صِلصَـالُ أُغنيةٍ من نُوتـةِ الجَزَعِ

كأنَّنا ويَتَامى الفَـــــــــــــجْرِ يَسلبُنا    مَوتٌ طويلٌ لآهَاتِ الرَّحِيلِ دُعِي

وقالت من قصيدة (دمعة كذهول الماء) وتبلغ (36) بيتاً:

جدْ (كربلاءَ) كَ في روحي فبوصلتي    ملأى بـــــــــأسئلةٍ شاءتـكَ معتَقدا

يا سـيَٓدَ اللغةِ الأمِ التــــــــي احتضنتْ    حروفَها البكرَ واستسقتْ لها رشَدا

ما بيننا سحنةُ الماشينَ نحـــــــوكَ في    قـوافلِ العشقِ والـذراتُ صِرنَ فدا

ومن نفس القصيدة:

و(كربلاءٌ) مسلّاتٌ وأجــــــــنحةٌ    فمِن غريب على كثبانِها رقـــدا

تفيضُ من نحرهِ الآياتُ ترهقهُ الـ    ـدنـيـا فيطفو على آلامهِ جــــلِدا

والسبيُ أيقونةُ الباكين تــنزفُ من    قيامةِ الحزنِ حتى للضياعِ حدا

وقالت من قصيدة (حين حجُّوا إليك) وتبلغ (29) بيتاً:

 وجهةُ الغيبِ نحو طفِّك طافتْ    أمنياتي وجاءَ حـــــلمي فريدا

وسآتــي وبـي عـنـاقـيـدُ حــزنٍ    قـد تلظَّت فأنـــبتتْ عــنـقـودا

في دمي سحنةُ العراقِ أُريـقتْ    ووجودي لـ (كربلائـ) ـكَ قِيدا                               

وقالت من قصيدة (كحنطة الحزن وأكبر) وتبلغ (36) بيتاً وقدمتها: بين حزن عليّ عليه السّلام وحزن العقيلة زينب.. تتسعُ كربلاء ..!

صَدَأَ النـــــدى في (كربلاء) فيا تُرى    مَنْ كانَ يُـوجِعُ بالنزيفِ زهورَهُ؟

مَنْ قضَّ مضجعَ خيمةٍ ما اغرورقتْ    إلا وحــــرَّقتِ الجـوى وشعورَهُ؟

مــــــــــا اغرورقتْ إلا بدمعةِ زينبٍ    والدّمعُ فيــــــــها يسـتفزُّ غرورَهُ!

وقالت من قصيدة (أمنيات الماء) وهي في سيد الماء ورمز الوفاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) وتبلغ (44) بيتاً:

نما الخريفُ عـلى آمالِها زمـناً    و(كربلاءُ) لهاثٌ مُشـرعاً شفَتهْ

بهِ الرضيـعُ تجلّى نخبَ ذاكرةٍ    حُبلى سيفتحُ من مخزونِها سنتهْ

وغيرُ هـذا سينمو في مساحتهِ    طُورٌ ظميٌّ يفكُّ الماءُ أحجيــــتهْ

ومن نفس القصيدة:

إنسانُ عــــينِ الندى العبّاسُ يا مُدناً    تــــنهّرتْ، أرضُهُ تهديهِ ممـلكتهْ

تنهّــرتْ، واسمهُ في (كربلاء) سما    سمتَ العُلا فغدا الإشراقُ مئذنتهْ

يودِّعُ العــــــمرَ في أبهى ابتسامتهِ    جـــــبريلُ فوق يديهِ حطَّ أجنحتهْ

وقالت من قصيدة (وجهٌ لاختصارِ السّماء) وتبلغ (40) بيتاً:

إن في (كربلاءَ) نيفاً وسبعيـ    ـنَ رسولاً مرّوا فكانـوا انهمارَهْ

والنواويــسُ في مهبِّ المنايا    عاصـــفاتٌ والفقدُ أبدى اقتدارَهْ

وعلى أُهْبةِ الــــــــنداءِ تدلّتْ    شهقةٌ مـــــن دمٍ ستُعطي قرارَهْ

وقالت من قصيدة (مدارات):

ولا كان جرحٌ كجرحِ الحسين..

وحين الكتابة..

ستعلنُ كلُّ الحروفِ بأنَّ الحروفَ ستغرقُ

في كلِّ سرِّ الإله ..!

فليسَ على الحسينيّين حرجاً

لو تشظّت رؤاهم ..

فكلّ الحكايةِ

أن محمّدَ في (كربلاء) تشظّى ..!

....................................................

وقالت من قصيدة (أغرق بروحي):

إغرقْ بروحي

فأنا أعيشُ بغربتي

أنا لستُ إلّا دمعة من عين عشقٍ

سقطتْ فبللت الوجودْ

واستنشقتْ نفسَ الرمال

بـ (كربلاء)

فصارَ من ريّاهُ أخضرَ

الشاعرة

أمل بنت عبد الله بن علي الفرج، ولدت في القطيف بالسعودية وهي حاصلة على شهادة البكالوريوس في اللغة عربية – كلية الآداب بالدمام. لها أربعة دواوين هي:

1 ــ قَدر الحناء

2 ــ مراقد الشجون

3 ــ إسراءات

4 ــ حين يشرق الوجع

نشرت قصائدها في العديد من الصحف والمجلات السعودية والعربية منها: مجلة الوطن وجريدة الرياض وجريدة اليوم ومجلة الشرق والمعرفة والساحل السعودية وجريدة الوطن القطرية وبعض المجلات العربية.

كما حازت على العديد من الجوائز عبر مسيرتها الشعرية منها:

1 ــ جائزة القطيف للإنجاز لفرع الأدب

2 ــ المركز الأول في مهرجان نجوى الغيب للإنشاد الإبداعي في القطيف عن قصيدتها (تلويحات لعشق لا ينفذ) المقام في القطيف

3 ــ المركز الأول في مسابقة الغدير الشعرية التي أقيمت في البحرين عن قصيدتها (في حضرة الله)

4 ــ المركز الثاني في مسابقة شاعر الحسين في البحرين عن قصيدتها (كربلاء مصب الحبّ)

5 ــ المركز الأول في المسابقة التي أقامها مهرجان ترانيم الإنشادي (رسالة) في القطيف عن قصيدتها (اختلاجات في ضمير الرمل)

6 ــ المركز الخامس في مسابقة شاعر الحسين في البحرين عن قصيدتها (جراح بنكهة الحبّ)

7 ــ المركز الثالث في مسابقة النور للإبداع دورة الشاعرة لميعة عباس عن قصيدتها (ضجرٌ أبيض)

شِعرها

قالت من قصيدة في النبي محمد (صلى الله عليه وآله):

أفي الحبِّ شكٌّ هكذا وتــــــــــناسلتْ    عــلى كفّه اليُمنى صلاةٌ مُرتّله

تفتّقتِ الأخـــــــــــــــلاقُ مِن ملكوتِهِ    ففي كل وحيٍ منه روحٌ مُنزّله

 

يفــــــــــــــيضُ وجوداً والحنوُّ يحفّه    فتبتــــــــسمُ الآلامُ حبَّاً وبسمله

على شاطئيهِ الجودُ والضوءُ والندى    وفي ظلّه دفءٌ يـقـاطرُ سلسله

وفي ذكرهِ القرآنُ تشدو حـــــــروفُه    منابعَ آياتٍ بها النـــفسُ مُرسله

وفي عينهِ كلُّ اليتـــــــــــامى تعلّقتْ    فما أكملَ المعنى النقيِّ وأجمله

وأنفاسُه البكرُ السلامُ وهـــــــــــديهُ    سفينٌ وماءُ الخيرِ للخيــــرِ بلّله

له الحبُّ يُنمى والحيـــــــاةُ ستنتمي    إليهِ وكلُّ الأمنياتِ مُجلّـــــــــله

سنحملُ في ذكراهُ أجمــــــــلَ بسمةٍ    لتنفـــتحَ الأحلامُ حتى المؤجلّه

فسبحانَه سبحانَه فائقَ الهــــــــــدى    وسبحــــانَ من للعالميةِ أرسله

قالت من قصيدة (وارتعش الفردوس) وهي في أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (17) بيتاً:

هوايَ قد فصّــــــــــلتهُ الريحُ للنجفِ    ونبــــــضُ قلبي إلى كعباتهِ سَيَفِي

وأغنيــــــــــاتُ المـدى كالأنبياءِ أتتْ    أوتــــارُها كي تناديها ألا ازدلفي

إلى عليِّ تعــــــــــــــــالى حبُّهُ بدمي    إلــــى عليٍّ علوِّ العرشِ والغرَفِ

صبَّحتُ أوردتي بالماءِ فانــــــهمرتْ    عـلى شواطيهِ شوقَ الماءِ للسعفِ

للنخلِ للطينِ للمزمـــــــــــومِ من يدهِ    للحبِّ للقلبِ للمفؤودِ للــــــــشغفِ

لأمنياتِ زمانٍ في صبـــــــــــــــابتهِ    كنتَ العليَّ وكانتْ غايـــةُ الشرفِ

عليُّ واصطبحتْ كلُّ الحياةِ نــــــدىً    إلى حنانيكَ تستسقيــــــكَ من ألفِ

عليُّ وارتعشَ الفردوسُ واخـــتلجتْ    كلُّ الدنى لتباهي فــــــيكَ منعطفي

إنّي أؤمّــــــــــكَ يا أملي وفي خلدي    حبّاً تولّدَ مـــــــــن إشراقةِ النطفِ

فاسكن حياتي وساورْني صلاةَ دمي    قد ســــــــبّحتكَ فيا قلبي إليكَ طفِ

سالَ الغديـــــــــــرُ فلا وِردٌ وكوثرُه    إلّاكَ يـــــــا حيدرٌ والروحُ لم تقفِ

قد باهلَ المصطفى نجرانَ فانبجستْ    منه الرؤى بكَ والآمالُ سوفَ تفي

ورحـــــتَ في ملكوتِ الجودِ تغمرهُ    مـدى الصلاةِ عطاءً من يديكَ خفي

بخـــــــــــاتمٍ من ضياءٍ للسماءِ علا    وفــــــوقهُ الغيمُ تحشو أوجهَ الندفِ

فيا عليٌ هــــــوىً جئناكَ فامضِ بنا    للهِ نعــــــــــــرجُ في الآمالِ للنجفِ

للقبّةِ النورِ نســـــري نحو عسجدِها    مطوّقينَ بعشـــــقٍ في الجوى دنفِ

مذوّبينَ أسالَ اللهُ أنـــــــــــــــــهرَنا    ودلّنا الشمسَ نـــأوي الدفءَ للنجفِ

وقالت من قصيدة (صلاة الجمر والحنين) وهي في أمير المؤمنين (عليه السلام) وتبلغ (25) بيتاً:

هيَّمتُ روحي بروحٍ تـــرتقـي نهلا    مائية نسَجَت من نبضِـــــها ظِلا

قدْ رفَّ مطلعها حين الهـطـولِ وذا    غديرُها مُثقلٌ والنهــــــرُ لا يُبْلى

قد شاءَ أن يَهرقَ الأنظارَ فـي دِعةٍ    ما فارَ تنورُها إلا انــطوَتْ نجْلا

فكانَ أصدق مـــــــا هَاجَ الفـؤاد بهِ    والصدق فيه عنقود لـهَوى أحلى

ما زالَ يــــأوي إلـى لحْن يُــهمهمُهُ    في لحظة قرَّبتني لاســمِه وصْلا

في همسَة هَــربـتْ مني إلــى أمَلي    إلى العليُّ الذي قد جَـــاءني مَهلا

قد عــــــــــادَ يَغـزلني تيــهاً ألمُّ بهِ    تشرُّدي زمَنا في صُـــورة خجلى

فمَــن أنا ؟.. آخـرُ الآتيــن يحملني    إلى هَديرِكَ موجٌ مُــــــتعبٌ ضَلا

أراك والـدرب تأتي بــي وتسكنني    منفى يلف ذراعــــيه رؤى جذلى

فها أَرَاه وفي آمَــــــــــــاله وقــفتْ    نبوّة بين أســــــــراب الدُعا حُبلى

وكعبة جدَّلتْ أستارَهــا شـــــــــغفاً    كي يولدَ النورُ في أحضانِها طِفلا

أَحجَارُها عشِقتْ طهــراً تــعوَّدَ أن    يُلامسَ الــــغيبَ إذ يعلو بهِ فضلا

ووَقعَته قلوبٌ بابتســـــــــــــــامتِها    حتى تلته وصيّا للعُلـــــــــى أعلى

عليُّ يا مُطلَقَ الآيــــــــاتِ يا جِهَةً    إلى الــسَّماءِ بَنَتْ مــن هَدْيِها عَدلا

فالشوقُ تعصــــرُهُ الأرواحُ خالدةٌ    والعشقُ قد حَاصَــرَ الدُّنيَا بما أدلى

وفي دَمِي تسكرُ الآصــالُ رَاوَدَها    مــــني الحنينُ بــنارٍ جَمرُها صلَّى

يا قرِّبوا اللهـبَ الأذكـى وجــذوتهُ    يا حرِّقونِي هـــوىً في حُبه الأغلى

دَعُوا فتاتاتِ أوجَــاعي تراهــقني    طهَــــــــــــــارة لِعليٍّ والجَوى يُتلى

دَعُوا جراحيَ تسْتنبــــي مــنابعَها    فالجُرحُ هيَّأني كي أســــــألَ الرَملا

عن الحياة التي مرَّتْ بـــــمُلهِمِها    في أوَّلِ الخلق مَن يَهدِي لها الأصْلا

عن العليِّ الذي قد صَـــبَّ مولدُهُ    غــــــــــفرانَ عمر تهادى سَاكِباً نبلا

عن الذي طوّقَ الدُّنيَــا بحــــكمتهِ    والكونُ لـــــــــــم يهتدِ إلا به السُؤلا

أمدُّني نقطةً مَسكـــــــــــونةً ولها    ليـــومكَ المُنتهى في أحرفي العَجلى

لقيَاكَ يا أكبراً من شوقِ جارحتي    لم يـــــــــكتشِفني لأفنى فيكَ أو أبلى

فخذ بكلّي رفيفاً طعــــــــمهُ مطرٌ    وغـــــيمةً طارَحتْ من شوقها الكلا

وقالت من قصيدة (من أي نبعٍ أستقيك؟) وهي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في عيد الغدير الأغر وتبلغ (21) بيتاً:

مِنْ أينَ من أيِّ نـــــــــبعٍ للحياةِ ومِنْ    أيِّ المسافـاتِ أستجدي الجمالَ هُنا

من أيِّ بئــــــــــــرٍ لأشواقي ويوسفهِ    تـطـلُّ، تسهـرُ.. قلْ لي ها هنا عَلَنا

من أينَ قُــلْ والــدُّنى جاءتْ بمفردِها    إلـــــــى حـروفي نبيّاً والكتابُ سَنا

قلْ لي بمـلءِ حـضاراتِ الهوى غزلاً    أهلْ غـــــديـرُكَ يجري بيننا وبنا؟

وهل تلاقـتْ بكـفِّ الضـــــوءِ بسمتُنا    عيداً ولـــــــــــوَّنَ فينا الليلَ وافتتنا

جرى، بـلى، فـانتثرنا واشـــتذى دمُنا    من الولايةِ فــــــــــــاخترنا لهُ فننا

من خُـمِّهِ، مـن هجيرٍ لاذعٍ عــــــلقتْ    هناكَ سوسـنةٌ تستغـــــــرقُ الزمنا

عــشنـاه، (مـن كنتُ مولاهُ) فطالَ بنا    عمْرٌ، مبـايَعةٌ، والتِيــــــــــهُ ودَّعنا

حتى تــــجذّرتِ الأرواحُ واختصرتْ    من زُرقـةِ البوحِ تاريخاً فــكنتُ أنا

من زُرقةِ البوحِ من عـشتارهِ انتثرتْ    حواسُ عـمري فلا بوحي إلـــيَّ دنا

بعضي سميٌّ لبعضــــــــي هكذا ولذا   من موهبـاتي خلقتُ الحبَّ والــوطنا

قد استثارت بأشيائي حــــــــضارتُها    وازدانَ فـيَّ ولاءٌ للهدى ذعـــــــــنا

من الغديرِ توشّى الضوءُ واشتجرتْ    بنا المـنافي فألفيــــــــــــــناكها شدَنا

قدْ علمتنيهِ أمي حينما مــــــــخضتْ    مـــــــــــلامحي وسقتني بالهوى لبنا

إني اقـــترحتُ على قلبي أرومتَهُ الـ    ـكبرى وباسمِ عليِّ المرتضى ارتهنا

فصاغني بـــــــــحرَ قدّيسٍ كمعجزةٍ    وأســـرجَ الحُسنَ في شطّيهِ والحسنا

وجَاهَــرَ الدمعَ في عينَيَّ فارتشحتْ    مــــن الحُسينِ فخاراً بالندى احتضنا

وهكذا كـــــــنتُ من نـهريهِ منبجساً    من الـــــــولاءِ المصفّى إذْ بنا اقترنا

فكلما ناورتنـــــــــــي الروحُ لهفتَها    أتيتُ في كـــــــــلِّ أشواقي أجرُّ ونى

فأستقيكَ معيناً باهــــــــــــــراً عذِباً    وأستقيكَ بمعنىً قــــــــــــدْ أوَى غَدَنا

معَ المؤمّــــــــلِ في أسرابِ طلعتِهِ    نــــــــكونُ، نحيا، نصلّي حُبَهُ السكَنا

وقالت من قصيدة (وساقية أخرى لعليّ) وتبلغ (31) بيتاً:

الضوءُ أولــــــــى مفرداتِ الساقيه    والماءُ أحجيةٌ بقلبِ الآنـــــــــيه

مــــــــــــا بين هذينِ الذَين استأنسا    روحي وقفتُ وأمنياتي الـــقانيه

وجرحتُ مـــــــــــنفايَ الذي آويتُهُ    أمي ليُغرقني الحنينُ كــــما هيه

نُــــــــــــــعمى ترددُ والولاءُ يزفُّها    لشريعتينِ من الهوى بــــسمائيه

جاءتْ بأسماء (القطيفِ) لكي ترى    عبقَ الترابِ على جــبينِ الداليه

والنخلة الشمّاءُ آخـــــــــرُ ما رأتْ    وتبسّمتْ كالنهرِ عـــندَ الضاحيه

لتفيضَ بالمدفونِ في آمـــــــــــالِها    مما سقتنيهِ الــــــــهوى بطواعيه

فقرأتُها ومناهـــــــــــــلي مسكونةٌ    بالشوقِ والـــــنجفُ الأغرُّ كتابيه

حتى رأيتُ اللهَ ساكنَ خــــــطوتي    ومسائـــلي زلـفى وروحي داعيه

يا أيها الأعلى وتلـــــــــــكَ زيارةٌ    أخـــــرى وكعبةُ بيتِ ربي حانيه

ضمَّتْ لحونَ الغيمِ من عـــــليائها    فـــــــــي فاطماتِ الحبِّ أمّاً باكيه

والزمزمُ المهدورُ شاطأ روحـــها    فاهتزَّ عرشُ الماءِ في ذي الناحيه

وانشقّ ذياكَ الجدارُ وصافحــــتْ    كلُّ السمــــــــــــــاءِ ولادةً متعاليه

وعلى تضاريسِ الرخامِ روايــــةٌ    كانت على مدِّ الحـــــضارةِ راويه

زفرتْ جبينَ النورِ فاختطَّ الســنا    في كلِّ متّسعِ يهزُّ الــــــــــــــقافيه

حتى تجمهرتِ الملائكُ سجّـــــداً    ترمي اختيالَ العاشقينَ عــــــلانيه

شطرَ المداراتِ البهيّةِ ترتـــــمى    والغيبُ كاهنُها يطوفُ بســــــاريه

فيها عليٌّ باصطـفاءِ علّــــــــــوهِ    تسَّاقطُ النجماتُ روحـــــــــاً زاهيه

وعلى محمد أشــرفَ الأملُ الذي    فيه انتظارُ الفجرِ يدعو نــــــــاديه

اللهُ يا هذا الـ عـلـــــــيّ تسامرتْ    آيــاتُ هذا الكونِ باسمِــــــــكَ آتيه

اللهُ يـــــا هــذا الـ عليّ أرقتَ من    كـــــــــاساتِ قلبِ الله عيناً جاريه

اللهُ يا هـــــــذا الـ عليّ وأزهرتْ    زهراؤكَ الأعــــــــلى بروحٍ ثانيه

هذا الــ عليّ الراحمُ الدنيا اعتلى    إيقاعةَ الفردوسِ نخـــــــبَ العافيه

هذا الـ عليّ الواهبُ الروحَ العُلا    في روحهِ عددُ السماءِ ثــــــــمانيه

سبحانك الـ تسري ودنيــانا قُرى    والأمُّ في كفيكَ بنتاً تـــــــــــــــاليه

سبحانكَ الأنقى تراوحُ نـــــهرنا    فنفيضُ عشقاً خمرةً متتالـــــــــــيه

خذنا نصلّي الطينَ فيكَ لأنــــــهُ    ابنٌ لروحِكَ والقـــــــــــرابةُ عاليه

خذنا نصلّي الماءَ فيك فمــــاؤنا    كانتْ حواشيهِ الرقيقةُ ظـــــــــاميه

خذنا على خمِّ نمارسُ خطـــونا    ما بخبخَ الحبُّ العــــــــــليُّ شفافيه

خذنا وفتِّحْ من هوانا كعــــــــبةً    فالعاشقون على الصراطِ ســواسيه

يطوّفونَ مواســـــــــــماً عَلَويةً    كانت كسيماءِ القلوبِ موالــــــــــيه

وقالت من قصيدة (لفاطمة .. سورة النزف) وتبلغ (17) بيتاً

أوجــــــــــزْ خطاكَ فحزنُنا يتشكّلُ    واسكبْ هنا لغةً بقلبِـكَ تهطلُ

وأعصرْ بظلّكَ موطناً لو لامسَ الـ    أشياءَ لانتفضتْ ونـاحَ البلبلُ

فهنا بزوغٌ لــــــــــــــلحنايا يشتكي    ألـــــمَ البتولِ بكلِّ مـا يتحمَّلُ

وهنا صياغةُ ما تهامــــــــى نبضُه    بتلاوةِ الـــــقدرِ الـذي يتنزّلُ

برثاءِ نافلةِ الإلهِ وســـــــــــــــورةٍ    مِن نورِهِ الأعـلى بـآيٍّ تحفلُ

بلسانِ غيبِ اللهِ فـــــــــــي ملكوتِهِ    بفسائلِ الفردوسِ حـــينَ تُبلّلُ

بسمائِه الـ صلتْ ببعضِ بـــــكائها    ومضتْ بحزنِ العالمينَ تُقبّلُ

للدمعِ في وجهِ المــــــــُؤمَّلُ نورُه    لفؤادِه الناعي لحزنٍ يـــشعلُ

قسماً بعينيه اللتين تحـــــــــــوطنا    إنَّ الفؤادَ بخفقِه يتوسَّـــــــــلُ

للبضعـــــةِ الزهراءِ للنــدبِ الذي    في روحِها للكسرِ حين يُـعلّلُ

ولحمــرةِ العينِ التي ما شــاهدتْ    إلا الـــــــنبوةَ والهدى يتـجللُ

ولمـــــحسنٍ والنزف في عــتباتهِ    شكوى تُبَـــثُّ وحرقةٌ تتـسللُ

ولصيحةٍ ما بارحت عنقَ الــسما    للهِ كم خطبٍ بصـدريَ ينـزلُ

أماهُ فاطمــــــةٌ ونسجُ حكايــة الـ    آلامِ يا نهراً بـــشجوكِ يــرفلُ

أوحى إلينا الدمـــعُ ضلعاً ملــهَماً    شدَّ الحياةِ وظـلَّ فيها يرســلُ

نبتتْ حكاياتُ الظليمةِ تشتـــــكي    أقدارُها بمدامعٍ تـــــــسترسلُ

وتمورُ ناحيةَ البقيـــــــــــعِ بنبرةٍ    ظلّتْ بتكوينِ الأسى تــــتمثلُ

وقالت من قصيدة (بنتُ مَن) وهي في الصديقة الكبرى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) في ذكرى استشهادها

طالِعُ الزَّهرِ يهتــــــــــــدي لذبولِهْ    والأراكُ استذاقَ طعمَ نحولهْ

وجفونُ المغيـــــــبِ طالتْ سماها    هكذا الــسربُ يرتقي لرحيله

هكذا يثربٌ بخاصرةِ الــــــــــــملـ    ـحِ تـــدسُّ المساءَ بين عويلِهْ

وأنا في خطوطِ كــــــــفِّ جراحي    أرتدي التِيهَ من لظى إزميلهْ

آسفٌ، أنبتَ الــــــــوجومُ وجودي    واقشعَّرَ الــــحَمامُ من تأويلهْ

ذلك الـــــــــــصمتُ مثقلٌ بالنوايا    ذلكَ الظلُّ يخـــتشي من دليلهْ

فهنا فاطمٌ ستــــــــــــــــــرفعُ قلباً    والسـمواتُ في شغافِ مسيلهْ

مُرَّةٌ ..كانت الدمــــــــــوعُ وتأبى    مسَّها الروحُ في جوى منديله

مُرَّةٌ .. والأنيــــــنُ قدْ جوَّفَ البو    حَ بــــــــــآهٍ ثقيـلةٍ من أصيلهْ

بنتُ مَن..؟ والسماءُ تُحنّي سناها    لسناها تنــــــــــمُّ عن تفصيلهْ

بنتُ مَنْ..؟ والنبيُّ أودعَ فـــــيها    من أناهُ وباحَ ســـــــــرَّ خليلهْ

ومضى يسدنُ الغيـــــــابَ لتبقى    كالخيالِ الذي مضى لــــذبوله

أمعنَ الفقدُ في اكتشــــافِ أساها    أشهباً مثل حمحماتِ خــــيولهْ

كم نـــــــداءٍ، والأرضُ أمٌّ عقيمٌ    فإذا انــــفلَّ جاءَ صوتُ عويلهْ

مهجةٌ بل مــــــــــــحمدٌ ذبلَ الآ    نَ حريٌّ بـــذاك موتُ فصولهْ

أضلعٌ خلفَ بابِها.. وبــــــــكاءٌ    يعصرُ العمرَ بينَ طيِّ نصولهْ

شفقٌ فـــــــوقَ وجههِا قدْ تبدَّى    فلتَ القـــــــرطُ من سنا تنزيلهْ

لاثماً للجــــــدارِ.. يغـرقُ نزفاً    عـــمَّدَ الحزنَ محسنٌ في أفولهْ

قدَرُ النورِ أن يجـــــــــابهَ ليلاً    ليفوزَ الـــــضياءُ من مستحيلهْ!

وقالت من قصيدة (نزيف الليل) إلى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) في ذكرى استشهادها وتبلغ (14) بيتاً:

لا حزنَ بعدُ.. فكلُّها أحــــــــــزاني    مـــا أفصح الدمعَ الذي ربّاني..!

هزَّ الذبولَ فأينعـــــــــــــــتْ أهاتُهُ    وعرى الذهولَ ..فشمسُهُ شمسانِ

والنقشُ فيهِ رحى المواجــعِ أنبتتْ    طـــــــــهرَ البكاءِ بدمعةِ اطمئنانِ

ودَّ الرحيلُ بأنْ يــــــــــــودّعَ ليلهُ    ويلفَّ مــــــن شجرِ الرثاءِ معاني

ويمسَّ آثارَ احمرارِ جــــــــــوابها    فالآهُ قد سقــــــــطتْ منً الأجفانِ

يا بابُها .. أرقُ احتمـــــالِكَ موجعٌ    ما زلتَ تشخصُ دونما استئذانِ.!

ما زالَ طيفُ القرطِ يبصرُ هاجساً    والدملجُ الناعي أســـــى العدوانِ

يا بابُها.. و الليلُ يجــــــري ناحلاً    قدْ ردّ شمسَ القلب بالأحــــــزانِ

حدّ الغيابِ تحرّقتْ أجراســـــهُ الـ    ـغيبيّة المعنى مـــــــــــن الغفرانِ

والجزلُ يرسمُ بالغموضِ مســـافةً    قدْ أوغلتْ بالحقدِ والأضـــــــغانِ

لاذتْ وراءَ جراحها فاغرورقــتْ    بملامحِ الفقــــــــــدِ الطريِّ الثاني

وتنزَّلَ الوحيُ المـــــدمّى مـحسنٌ    وسقى الندى نزفـــــاً كما العمدانِ

وبدتْ هنا مثل الخيـــــــالِ بغربةٍ    محفوفةٍ باللطمِ والنيــــــــــــــرانِ

فالزهرةُ الكبرى تساقطَ عـطرُهـا    وتألمَ الخدُّ الرقيــــــــــــقُ الحاني

وقالت من قصيدة (زوارق في نهر العشق) وهي في سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) في مولدها الشريف:

لا زالَ يطفو صـــــدى ميلادكِ الأسنى    - يا زهرةَ اللهِ – حتّى رقَّقَ اللحــــنا

لا زالَ يجتازُ فينا الضوءَ يوغلُ في الـ    أمواجِ يُهدِي إلينا الحُبَّ والــــــــــفنّا

ولا نــــــــــــــــزالُ على شُبَّاكِ هدهدةٍ    حيرى تراوِحُ فينا الشــــــــكَّ والظَّنَّا

مَنْ..؟ والـمدى والرُواةُ الآن قد مكثوا    على اختصارِ هوىً قد جاوزَ الـــعَدْنا

سفـــــــــرجلاتُ حنينٍ طالما ارتفعتْ    بها السؤالاتُ من أقصى إلى أدنى ..!

ماذا سنُورِقُ ..؟لو جاءتْ زوارقُنا..!    بلهفةِ النهرِ تستجـــــــــــدي الظما منَّا

ماذا ..؟ وهل فتَّشتنا الريحُ عن خجلٍ    وقرّبتْنا لكِ الزُّلفى وما كــــــــــــنَّا..؟

مقصِّرونَ غسلنــــــــــــا نجمَ أوجهِنا    كيما يضـــــــــــــــــيءَ ولكنَّا هنا تهْنا

مقصِّـرونَ وذي الأبوابُ تـــــــنقرُها    تلكَ العصافيرُ حتَّــــــــــــى نقرها جنَّا

مقصِّـرونَ ولا ظِلُّ يشـــــــــــــاغِلُنا    إلّاكِ فلتفتحي أبـــــــــــــــــوابكِ الأمْنا

وقالت من قصيدة (من ياء ندائها .. لياء قلبي..) وهي في سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وتبلغ (32) بيتاً:

يا ندى اللهِ .. يـــــــــــــــــا نداهُ العليّا    يا لَتكوينه الأضاءَ الــــــثريَّا

يا اخـــــــــــــــــتلاجاتِ بسمةٍ تتخفَّى    من جِنانٍ وحُـــــــسنُها آدميَّا

يا كؤوسَ الإشراقِ في العرشِ لاحتْ    تغسلُ الكونَ بالبــــــهاءِ مليَّا

يا ازرقاقَ الآياتِ يا عنصــرَ الضــو    ءِ ويا طينَهُ المُسمّى ولـــــــيَّا

يا صبَا الكائنــــــــــاتِ وصفي عليلٌ    وعويلٌ يُشاطئُ الشــــــكَّ فيَّا

كيفَ أتلوكِ وِالمدى هـــــــــــــــذيانٌ    شفقيٌّ يرتاحُ في أصــــــغريَّا

والعراجينُ تحتسي ســـــــــاحلَ التِيـ    ـهِ وتُجريهِ مدمعاً قرمــــــزيَّا

والرحيقُ المدانُ بالزهرِ ألــــــــــقى    من حكاياهُ عطرَهُ الــــسوسنيّا

وارتـدى الصحوَ واستدارَ جَمـــوحاً    إذْ يُجاريهِ فالهـــــــوى فاطميّا

الـهـوى إنهُ الرســـــــــــــــولُ وإني    أتهجّـــــــــــــــــاهُ بالولاءِ نقيَّا

أتـهـجاهُ ناهـــــــــــــــــــضاً كملاكٍ    أوحديَّاً ونبضُــــــــــــهُ أوحديّا

وعـلـيهِ تفـرَّدَ الحُبُّ حــــــــــــــــتى    كلَّمتهُ الـــــــسماءُ مذْ كانَ شيَّا

لغةٌ والـلغـاتُ تكــــــــــــــوينُ عمرٍ    وإليهِ الزهراء.. كانتْ ســــميَّا

لغةُ الكـوثـرِ التي قد تســـــــــــاقتْ    والتلاواتِ والهُدى أزلــــــــــيَّا

يا فراديـــسها التي تـــــــــــــــتملَّى    بالهوى والمُراق فـــــــي شفتيّا

يا اسمها يا بُحيرةً لضيـــــــــــــاها    يا قضاءً لكــــــــــــوننا أزهريَّا

يا اخضلالَ التفّاحِ يا شجـــــــرَ اللهِ    يُــــــــــــــــــجلّي جلالَهُ الأبديَّا

يا ويا وامتدادُها الغيمُ يُلــــــــــــقي    من تحاياهُ لونَـــــــــه المرمريَّا

أنا إن جئتُ كي أوشوشــــنـــي الآ    ن بيــــــــــــــــاءاتها سأتلو نبيَّا

خَجَلٌ إنني أقدُّ قميــــــــــــــصَ الـ    ـشعرِ حتى أوسوسَ الحرفَ هيَّا

هدِّئ الرّوعَ وارتكبْ قمـــــراً من    شـــــهقةِ الـضوءِ واستحثِ اللتيَّا

هيَ كلُّ الزهــراء.. فاخشعْ وصلِّ    واغتســــــلْ بالنجومِ واقرأْ عليَّا

هيِ كُلُّ الزهــراء.. ها أين قلبـي؟    سوفَ يقضــي شهلاءَهُ الساحليَّا

وبــــــــمحرابِها العواصمُ تُجرى     والسؤالاتُ وحــــــــــيُها أبجديّا

تمنحُ الكــــــونَ زعفرانَ السمـاوا    تِ.. وتتلو حنينَها الزمـــــــزميَّا

فإذا أسكرَ الــــــــــــــجمالُ قلـوباً    فالبتولاتُ خمرُها كوثــــــــــريَّا

هو في كفَّها بلاغةُ مـــــــــــــــاءٍ    كيفما عــــــــادَ، عادَ نهراً ظـميَّا

فالحنينُ المضمَّخُ الحُــــــبِّ فـيها    يثرَبَ القلبَ فـــــــاستحالَ الـنديَّا

يبعثُ الروحَ في فراتِ مـــــداها    للمُنادى للملتقى مــــــــــــــهدويَّا

إيهِ يا ابن الزهراءِ.. جمَّرَنا الشو    قُ .. وظلَّ الفؤادُ فينا بـــــــــكيَّا

فاستــــــــــــــدرْ إننا بأفقِ الغيابا    تِ نصلَّي وجودَنا الفاطـــــــــميَّا

وقالت من قصيدة (للحسن.. بكائيّة حرف) وتبلغ (38) بيتاً:

طوى زمــــــــــانيَ من آلامكَ الفرَحا    وراحَ ينشرُ آلامــــــــي ما جُرحا

قلبي على الطين يستسقي شجاكَ وفي    ديارهِ يـــــــــــثرب ضمتهُ منفتحا

ومئذناتُ السواقــي الخضرِ قد حملتْ    أنـــــــينَ تربـةِ ذاكَ الغرقدِ القرِحا

نما البقيـــــــعُ بعـــــينيّ فاطمٍ ومشتْ    حجــــارهُ فوقَ نهرِ بالمدى اقتدحا

ولازمتْ حرقةَ الماشـــــينَ واغتربتْ    بين القبورِ تصلي التعزياتِ رحى

هو البقيعُ صــدى الزوّارِ حـــــرقتُهم    هـــــــو المُنى وعلى أسوارهِ ذُبحا

هو البقيعُ أمانُ النــــــــــــــادبينَ وها    دموعهم رشّحتْ من تــربهِ القدحا

على أعنّةِ هذا الوجـــــــــــدِ أغرقهم    حنينَ رملٍ بكفِ المجتــــبى اتشحا

فلا أماسيُّهُ الأخرى ســـــــــــوى ألمٍ    بغربتينِ أماتتْ ألسنَ الفصـــــــــحا

لا غروَ فالمجتبى أذكى حــــــشاشته    بالحزنِ بالوجعِ الساري إذا افتــتحا

مضى بسمٍّ وسامَ الفقدَ فانهرقـــــــت    مدامعاً زينبُ الكبرى بما اجتـــرحا

مضى فيا للمآسي في تـــــــــــوقّدها    نبضٌ سخينٌ إلى آهاتهِ صــــــــدحا

نعشٌ ودمعةُ سبطٍ وافتــــــجاعُ مدى    تلاقفتها سهامٌ حقدها افتضــــــــــحا

ما رمّم الفقدُ في أرواحِهم ســـــــكناً    غالوه حُسناً على كلِّ الدنى نضـــحا

فلازمَ الحزنُ قلباً للرســـــــــولِ وذا    فؤادِ بضعتهِ من فقدهِ انجــــــــــرحا

يا طيبةَ الحزنِ يا أشجى أ كـانَ هـنا    رزءُ على سلسلِ الأيامِ منفتـــــــــحا

لا عسجدٌ لا قبابٌ لا مآذنُ فـــــــــي    صدرِ التلاواتِ يبكين الزكيَّ ضُحى

لا صوتُ إلا الصدى والرملُ ينهرهُ    ظليمةَ الـــــدهرِ منها صوتنا انقرحا

يا ســـــــــــــــاعدَ اللهُ مهديّاً فغربتهُ    كعمهِ إذ لثــــــــــــارتِ الأولى نزحا

وقالت من قصيدة (الهائمون مع الجرح) وهي في الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (22) بيتاً:

أبصرتُ وجهَكَ فالأشياءُ تنطــــــفئُ    ونورُ وجهـكَ في عينيَّ يخــــتـبئُ

والأفقُ يحملُ في جنبيهِ زنـــــــــبقةً    من مائها سـيصلّي حولنا الظــــمأ

وبارتحالِ وجوهِ التيهِ فــــــــي زمنٍ    إلى ملامـحِكَ الأحلى ستلتجــــــئُ

لا يصدقُ الوعدُ إلّا حــين يرحلُ بي    يجتازُ مـني طقوساً شفَّها الــصـدأ

والحلمُ يأخذُ بــــــحري في جزيرتهِ    والقطرةُ المـنتهى تنمو وتـــــبتدئُ

وعند كـــــــــل منافي الروحِ أوردةٌ    تصطفُّ جذلـى وميلادُ الـهوى نبأُ

أدمنـتُ ذكركَ في كلِّ الحروفِ وذا    مرجُ اليراعةِ في ذكــــراكَ ينكفِئ

فصــفحةُ الروحِ لو باتتْ على أرقٍ    لسالَ قلبي جـــــــــمالاً منكَ يهتنئُ

وبــتلةُ الكونِ ما اعتادتْ على زمنٍ    إلّا وأنــــــــتَ على الأكوانِ تتّكئُ

بدا الجفافُ على وجهِ الفصولِ وها    أنتَ اخضرارُ الندى والماءُ والكلأُ

خطَّ المدارُ بوجهِ اليمِّ مــــــــــلمسهُ    ودفءُ تـــــربكَ مازالَ الندى يَطأُ

وأنتَ تسكنُ فينا، في ملامحِــــــــنا    نهيمُ فيكَ كـــــــما هامتْ بكَ الملأُ

يا سيدَ الدمِ إنَّ الذكــــــــرَ فيـكَ نما    وكلُّ تاليهِ في حــضنِ السما نشأوا

تلتفُّ ظامئة العشاقِ حبَّــــــــــــــهمُ    وفي جنونِ الهوى الأخّاذِ ما فتئوا

وأقرأوك دماً للهِ يشــــــــــــــــــعلهُ    وجهُ النبوةِ، يا نــــــعمَ الذي قُرئوا

وجهُ النبوةِ آمــــــــــــــــالٌ مــعلّقةٌ    وخصلةُ الوحيِ بالآيـــــاتِ تنتشئُ

هي المجرةُ تصبو في تلـــــــــفّتها    كفاً حسينيةَ الألطافِ تـــــــــــمتلئُ

وشعلةً تسدلُ الأنوارَ مشــــــــرقةً    كلَّ المسافاتِ حتى حين تنــــــطفئ

كأنما الأفق يأتي نحو شـــــــاطئهِ    موّزعاً بين أستارٍ لــــــــــــــها رفأُ

تحفّزُ الرملَ في ميلادِ صانــــعِها    أنْ يفترشْهُ جمالٌ منه مخــــــــــتبئ

فالهائمون مع الجرحِ الذي فتحتْ    عروقُهُ وطناً والنصرُ مبتــــــــــدئُ

والهانئون مع الأوطـــــانِ ذاكرةٌ    طـــــابتْ وطابَ مداهمْ حينما هنأوا

وقالت من قصيدة (دمعةٌ كذهولِ الماء..) وهي في سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (36) بيتاً

ما بيننا عتمةٌ، ذاكَ الفــــــــنارُ سُدى!    ما بيننا عتمةٌ فامــــــــــددْ إليَٓ يدا.!

ما بيننا كبريـــــــــــــــاءٌ فوقَ رونقِهِ    تخلَّقَ الحزنُ في شطـــــــــــآنهِ ولدا

الحزنُ حيثُ يُناجي رملَ أوجــــــهِنا    وحيثُ يبني لتذكــــــــارِ الجراحِ نِدا

هناك بوصلةٌ باسمِ النزيـــــــفِ بدتْ    حيثُ الحسيـــــــنُ على آلامهِ استندا

وحيثُ رأسٌ على رمـــــــحٍ طلائعُهُ    من سورةِ الكهفِ يتلوها بــــما وعدا

إنْ يومضِ الرملُ يــــبقى في تهجّدِهِ    مناحةً ترتدي أنفـــــــــــــــاسَهُ جسدا

ولونُها كــــــــــــــخشوعٍ ملَٓ غربتَهُ    فصارَحَ السّجـــــدةَ الأولى بما اعتقدا

أراهُ قبلة أشواقي وهمــــــــــــــستَها    أراهُ تهويدتي إن قـام أو قــــــــــــعدا

قد مرَٓ منهمراً حدَٓ المساءِ عـــــــــلى    وقتي فنادى ونـــــــــادى اللهٓ مجتهدا

ناداكَ ، لقَٓنَ أوجاعي ابتـــــــــسامَتَهُ    وقدَّٓرَ الدمعَ فـــــي عينِ المدى فهَدَى

يا أيُها الحيُّ مكســــــــوراً إليكَ أتى    قلبي وفــــــوقَ رفيفِ الخافقينِ ردى

تشرَٓدَ الليلُ يا دمعاً عـــــــــلى فلَكي    ونجمتي غادرتْ صدري إليكَ صدى

تشرٓدَ الليلُ ضــــــــعني في مناورةٍ    لـــــــــلضوءِ، للبحرِ، للباكينَ، للشُهدا

مُرْ بي نبيَٓاً على كفيهِ أرغـــــــــــفةٌ    وفـــــــــــوقَ عينيهِ آياتُ البكاءِ هُدى

يا ربَٓ مرثيَّتي الأولى وأغــــنيةُ الـ    ـنُّهام لو بهــــــــــــوى (يامالهِ) اتحدا

بحثتُ عني ولونُ التِٓيهِ فـــــي رئتي    ضاعت طريقي، فجُدْ للسالكينَ مدى

جدْ كربلاءَكَ في روحـي فبوصلتي    ملأى بأسئلةٍ شاءتـــــــــــــــكَ معتَقدا

يا سيَٓدَ اللغةِ الأمِٓ الــــــتي احتضنتْ    حروفَها البكرَ واستسقتْ لــــها رشَدا

ما بيننا سحنــــةُ الماشينَ نحوكَ في    قوافلِ العشقِ والذراتُ صــــــرنَ فدا

ما بـــــــــــــيننا اللهُ يُلقي وَردَ جنٓتِهِ    وِرداً نقيَٓاً ، وكلَٓي بالشـــــــــجى وفدا

أردتُهُ يُشرِعُ الآفـــــاقَ من دمكَ الـ    أبقى ويبقى بكــــــــــــائي واحداً أحدا

أردتُ حـــــــــرفاً أخـيراً أستدلُّ به    على جراحكَ كي أحيـــــــــــا بها أبدا

أردتُ لوناً شهيّاً والظلالُ عــــــلى    متونهِ وربيـــــــــــــعاً بالهوى احتشدا

أردتُ ها قدْ أردتُ اللهَ فامـــضِ بنا    لهسهساتِ دمٍ في غـــــــــــــيبهِ سجدا

كأنٓهُ الماءُ مذهولٌ وفـــــــي يدهِ الـ    ـعباسُ يـــــــــــــومئُ للأطفالِ منفردا

بقربةٍ نزفتْ حُلماً وجدَّفـــــــــــــها    غيمٌ خجولٌ تراءى لـــــــــلعيونِ ندى

هناك ترتعشُ الأنفـــــــــاسُ خاثرةً    من القلوبِ التي شدّتْ لـــــــــها عمَدا

طفلٌ يؤوِّلُ مـــــــــوسيقى حرارتهِ    وطـــــــــــــــفلةٌ حلمتْ بالماءِ فابتعدا

وزينبٌ في رعيلِ الدمعِ قــد لبستْ    زهراءَها قِطَـــــــــعاً واستلهمتْها غدا

تحنو على يُتمِ ذاكَ العــمرِ في لغةٍ    في ألفِ ظلٍّ ظليلٍ بــــــــالحشا انعقدا

هي التي قدْ تبنّتْ ضــوءها وسقتْ    فهارسَ الصبرِ من آياتــــــــــها مددا

تطلُّ من معجـــــــمِ الآهاتِ زاهرةً    لحناً عليّاً بقرآن الحسيــــــــــــنِ شدا

ودمعةً دمـــــــعةً خطٓتْ مسارحُها    من الفجيعةِ حتى عشرها ارتـــــــعدا

في حزنها شجرٌ مِلء البـكاءِ على    رزءِ الحسيــــــــنِ ولا جفنٌ لها سهدا

من أيِٓ عاشر والأيــــــــامُ شاحبةٌ    وخاطرُ الماءِ نزَّ الــــــــــــنهرَ واتقدا

وكربلاءٌ مــــــــــــسلّاتٌ وأجنحةٌ    فمِن غريب على كثـبـــــــــــانِها رقدا

تفيضُ من نحرهِ الآياتُ ترهقهُ الـ    ـدنيا فيطفـــــــــــــــو على آلامهِ جلِدا

والـسبيُ أيقونةُ الباكين تنـزفُ من    قيامةِ الحزنِ حتى للـــــــــضياعِ حدا

وهــــــــكذا كانتْ الآلامُ حـاضرةً    تحنو إلى شغــــــــــفِ اللُقيا كمن فقدا

وقالت من قصيدة (حينَ حجّوا إليكَ..) وهي في سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وتبلغ (29) بيتاً:

حينَ حجّوا إليكَ.. كــــنتَ وحيدا    يا وحيداً رأيتُ فيكَ الـــــــــوجودا

حينَ حجّوا إليكَ. أسبلتُ عمري    بين دمعي .. مــــــــــــعلّقاً مشدودا

طحنَ الشوقُ والفراقُ وجــودي    لِمَ أبقى على النـــــــوى موؤودا..؟

لِمَ يا فسحةَ السماءِ ترانــــــــــي    في متيهِ الهـــــــوى أجرُّ القيودا..؟

أنتَ أوجعتَ أمنياتِ عــــــيوني    حينَ نبضي إلى الفؤادِ أُعـــــــــــيدا

واصطفيتَ الذينَ جاؤوكَ مــشياً    حملوا للعروجِ قلـــــــــــــــباً جديدا

وأنا الوجدُ يستفيضُ بقلـــــــــبي    ولقد صــــــــــــــــارَ نزفهُ مشهودا

سافرٌ ذلكَ الحنينُ.. وكـــــــأسي    عــــــــانقتْ من ملوحةِ اليأسِ جيدا

يا وحيداً مضمّـــــــــخاً بالملاييـ    ـن فأيني..؟ أهلْ أطيق الصدودا..؟

يا أخيراً، وآخرُ الحُلمِ حـــــــــلمٌ    ظلَّ فــــــــي أصغريَّ يهفوكَ عيدا

قهوةُ الضوءِ مُرَّةٌ أينَ صبــــــحٌ    في طريقِ المــاشين يتلو النشيدا..؟

كلُّهم ها هناك.. فكرةُ حُــــــــبٍّ    عبَّدتْ في الهـــوى الهوى المنشودا

واستقاموا على الطريــــقةِ حتى    رصفوا النبضَ واسـتثاروا الحدودا

كلُّهم ها هناكَ يـــــــــأتونَ سعياً    يحرثونَ الجهـــــــــاتِ صبحاً تليدا

لغةٌ بينــــــــــــــهم تلوكُ المسافا    تِ ووعيٌ يفكُّ لغزاً عـــــــــــــنيدا

حين جاؤوكَ يجرعونَ حــــــياةً    فاضتْ اليومَ في هـــــــواكَ ورودا

وعلى خطوِهمْ تناســـــــلَ زهرٌ    فنواهم ما عادتْ الآن بيـــــــــــــدا

ليتني معطفاً عــــــلى كتفِ الليـ    ـلِ أناجي وصالكَ الممـــــــــــدودا

عتمةٌ قدْ تفـــــــرّستْ عينَ قلبي    خذْ لكَ الروحَ دمعةً وسجـــــــــودا

يا حسينٌ.. أرَقُّ من رملِكَ الدّمـ    ـعُ إذا ما أتـــــــــاكَ بوحاً قصـــيدا

راسخاً كـــــالصّلاةِ حين تناجي    ضوءكَ المستحيلَ، يُلقي العـــهودا

يصـــــــــبغُ الظلَّ بالتلاوة حيناً    بــــــــــــــــصلاةٍ تناسلتْ تهـــويدا

حيثُ أمِّي تخيطُ مهدَ دمـــوعي    ببكاءٍ يصبُّهـــــــا ترديـــــــــــــــدا

وسقتني الحـسينَ كيما أنـــــاديـ    ـهِ فأحـياهُ شـــــــــــــــاهداً وشهيدا

يا مليكَ الدمـاءِ.. حرّقني الـعمـ    ـرُ وأضـــحــى بــه زمـاني شريدا

شجرٌ هاربٌ بـقلــــــــــبيَ ينمو    وإلى أين..؟ قــد أضـــاعَ الوجودا

وجهةُ الغيبِ نـحو طفِّك طافتْ    أمنيـــــــاتي وجــاءَ حلمـــي فريدا

وسآتي وبي عنـاقيدُ حـــــــزنٍ    قد تلظَّت فـــــــــــــأنبتتْ عـــنقودا

في دمي سحنةُ الـعراقِ أُريقتْ    ووجودي لكربلائـــــــــــــــكَ قِيدا

وقالت من قصيدة (وجهٌ لاختصارِ السّماء) وتبلغ (40) بيتاً:

ريثما الـــضوءُ يسـتعيدُ انـكساره    والفراشاتُ يستــــــرقنَ ابتكارَهْ

ريـــــثما برهةٌ عـلى شـاطئ البو    حِ تُعرِّي جــــــنونَها واختمارَهْ

مرَّ طفلٌ يجرُّ أسـرابَ حـزنٍ، الـ    ـنبيّـــــــــــون قد أزاحوا سِتارَهْ

فوقَ قمصــــــــانِهم بكاءٌ وشـيءٌ    كـــالمواويلِ كالوضوءِ استثارَهْ

وإذا مريمٌ تفصِّــــــــــــلُ جــرحاً    من نخيلٍ تصبُّ فينا اخضرارَهْ

وكأنّ الذي يجـدِّفُ دمـــــــــــــعاً    مسّهُ النزفُ فاستــــــدارَ مدارَهْ

وكأنّ الطلوعَ قــــــــــوسٌ عــليٌّ    مُفرَدٌ والجهاتُ تتلو فــــــــقارَهْ

مُفرَدٌ والغيومُ حـسرى فـــــمَنْ ذا    نهنهَ الماءَ فاستغلَّ احتــضارَهْ؟

مفردٌ والتّلالُ تســــــــــرقُ مــنهُ    فكرةَ الرّملِ حينَ يُـــذكي أوارَهْ

عطشٌ لم يغادرِ النهـرَ لــــــــكن    حمّلَ الماءَ دمعَهُ وجِـــــــــرارَهْ

قالَ للطائفينَ ذاكَ حـسيــــــــــــنٌ    منذُ غيبٍ أهدى إلينا جمـــــارَهْ

إنّهُ السادرُ الـذي في خطـــــــــاهُ    وُجدتْ زينبٌ تسفُّ انتصــــارَهْ

إن في كربـلاءَ نيفاً وسبــــــــعيـ    ـنَ رسولاً مرّوا فـكانوا انهمارَهْ

والنواويسُ فـي مهبِّ الـــمنـــايا    عاصفاتٌ والفقدُ أبــــدى اقتدارَهْ

وعلى أُهْبةِ الـنــــــــــــداءِ تدلّتْ    شهقةٌ من دمٍ ستُعطي قــــــرارَهْ

يا حسينٌ فـصاحةُ الجرحِ عادتْ    توجِعُ الليلَ بل تُجازي نهــــارَهْ

وعلى الــــنهرِ من أماسيهِ وقتٌ    قَرَويٌّ يـــــــــــــنثُّ حُلماً أحارَهْ

راهقَ الـنـزفَ فاشرأبّتْ جراحٌ    باتتْ اليومَ عزَّهُ واذِّكــــــــــــارَهْ

هو للـسّالكـــــــــــينَ باقاتُ ذكْرٍ    وسماءٍ كانتْ هناكَ اختصــــارَهْ

من سـلالاتهِ الـنّــــدى والـسّقايا    تُ وقلبٌ يرمي لنا أزهــــــــارَهْ

كلُّ غـصنٍ بهِ الـرَّضـيعُ تــجلَّى    يُلهِمُ الكونَ أن يكونَ منــــــــارَهْ

كلُّ تـلويحةٍ تُجـاري وجــــــوداً    فارهاً بالرحيلِ يُسقـــــــــيهِ نارَهْ

يـــــا حُسينٌ مــذاقُ موتِكَ نصرٌ    كـــــانـتِ الروحُ تجتلي أمطارَهْ

ما انتهى الضــوءُ، فالبُكاءُ تدلّى    شاســــعاً بالطفوفِ يدعو مدارَهْ

فوقَ غُرباتهِ الــمليئـــــــةِ سعياً    ليــلكـــــــــــــــيّاً لهُ النشيجُ أثارَهْ

والظما يُرهِـــقُ السَكينةَ لـــــما    جادها القيظُ فـــــاستحالتْ قِـفارَهْ

كلُّ ما فـــي دموعِـها كانَ بدراً    نهـــــــــــرويَّاً عبّاسُها قدْ أجارَهْ

وطواحينُـــها التي تــــــــتمرَّى    بسُرى التـــــــيهِ بـاعَ فيها ديارَهْ

وإلى يثـــرب ترجُّ العصــــافيـ    ـرُ نواها محمّــــــــــلاتٍ مزارَهْ

زينبٌ فيهِ غيمةٌ تتمـــــــــــــلَّى    نادبَ الروحِ تقتفـــــــــــي آثارَهْ

تُولجُ الجرحَ في المدى وتصلّي    وتُجاريهِ قلبَها واعتـــــــــــذارَهْ

فوقَ جسمٍ مضــــــمّخٍ وضـعتْهُ    يـــــتلاقى شـجواً ويُلقي شعارَهْ

خذهُ يا ربِّ فالقرابينُ حــــطّتْ    وَردَها خـــذ نجيعَها واحـمرارَهْ

أيُّها المستبدّ بالنــــــــزفِ مني    ها كِساءٌ يُهيجُ فـــــــيكَ انتظارَهْ

أيُّ وجهٍ على التـــــــرابِ أراهُ    تهبطُ الشمسُ كي تـــــــلمَّ نثارَهْ

أيُّ قلبٍ تجمَّرتْ ضـفـــــــــتاهُ    بيدَ أنَّ الرَّفيفَ يُجري بِحـــــارَهْ

مَن لعمري إذا تجـــــــذّر ليلاً    وأرى الــــــــكونَ خاطفاً أقمارَهْ

مَن لقلبي تهزُّهُ هـمهمـــــــاتٌ    هو في شهقةٍ يعــــــــــدُّ انكسارَهْ

فنداءاتُـــــــــــهم كنارِ خيامي    فــــــصَّلَ الخوفُ نبضَها ودِثارَهْ

"ذهب المانعون عنك فقومي    ربَّةَ الــــــــــحزنِ واقطفي أقدارَهْ

وقالت من قصيدة (كحِنطةِ الحُزنِ وأكبر ..!) وهي في الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (36) بيتاً

أرقٌ أسالَ على الوجــــــــــــــــودِ نذورَهُ    ودمٌ يُجاري غيبَهُ وظـــــــــــــهورَهُ

وفسيلتانِ مُدانتانِ بخــــــــــــــــــــــضرةٍ    سُفكتْ بوادٍ فاستـــــــــــحالتْ نـورَهُ

والماءُ وبَّخَ حُلْمَهُ، جــــــــــــــــــــــريانَهُ    واستلّ من عطشِ الحُسينِ زفيــــرَهُ

صَدَأَ الندى في كربلاء فيا تُــــــــــــــرى    مَنْ كانَ يُوجِعُ بالنزيفِ زهـــــورَهُ؟

مَنْ قضَّ مضجعَ خيمةٍ ما اغــــــرورقتْ    إلا وحرَّقتِ الـــــجوى وشــــعورَهُ؟

ما اغــــــــــرورقتْ إلا بــــــدمعةِ زينبٍ    والدّمعُ فيها يستفــــــــــــزُّ غرورَهُ!

يوماً على التـــــــــــــــلِّ المُجرَّحِ أومأتْ    للحزنِ أنْ جدْ لي مـــــدىً وعـبورَهُ

واذرفْ بآهاتي الــــــــــتي في طـــــــيِّها    سأرى عليَّاً يستعيــــدُ نـــــــــشورَهُ

يذرو قيامتَهُ كحنطةِ حــــــــــــــــــــــزنهِ    ويلفُّ حَورَاهُ يـــــــــــــــلفُّ غديرَهُ

بقميصِ نهرٍ ضــــــــاعَ في نظــــــــراتهِ    ولشهقةِ الأضــــلاعِ بـــــاعَ خريرَهْ

نثرَ الأسى ملكوتَهُ بـــــــــــــــــــــــردائهِ    مذْ كانَ يحتــــضنُ الحسينَ وطُورَهُ

وأتى لصهباءِ الجــــــــــراحِ مــــــــرمّلاً    بالصّبرِ يرعى فــــي العراءِ بدورَهُ

لَمْ يُبقِ للأوجاعِ منديلاً لــــــــــــــــــــكي    تمتصّ غِلّتهُ وتــــحفظَ ســــــــــيرَهُ

فعلى المسنَّاةِ الغريـــــــــــــــــبةِ أمطرتْ    في دهشةٍ آهـــــاتُهُ تعفيـــــــــــــرَهُ

وعلى انزعاجِ الضوءِ في عينِ الْهُدَى الـ    ـعبّاسِ عـــــن عَمَدٍ رمـــى موتورَهُ

وعلى أناةِ المــــــــــــــــــاءِ ظلُّ رضيعِهِ    والســـــــــهمُ طوَّقَ عمرَهُ وشهورَهُ

والمفرداتُ الحُمْــــــــــــــــــرُ تلثمُ نحَرهُ    وقِمـــــــــــــاطَهُ وكفوفَهُ وهـــــديرَهُ

فاسألْهُ عن يومٍ كــــــــــــــعشرِ مصابها    عن لــــــــهفةٍ قَدْ أوصــــلتْ تقـريرهُ

عن سَيبِ دمعاتِ العيالِ وجــــــــــوعِها    عن بوْحِها والـــــــمُــــمسكينَ نميرَهُ

يا صاحِ فـــــــــــــاسألْ عن خيامِ نسائهِ    عن ثوبِها الجـــــــــمريِّ ألهبَ غيرَهُ

واسألْ بِ من نغمٍ تــــــــــــــهشَّمَ غُرْبةً    أجــــــــــــــــراسُهُ قَدْ ضيَّعتْ تدبيرَهُ

الموتُ مرتعِشٌ يُـــــــــــدلِّي السيفَ في    أرضِ الطفوفِ إلى الخشوعِ، نحورَهُ

والفاطماتُ اللاتي خضّبـــــــــنَ الهوى    بندى النجيــــــعِ ولن - هناكَ - تُعيرَهُ

فالدَّمعُ يوخزُ روحهنَّ لنـــــــــــــــــدبهِ    باتَ البكاءُ كبيــــــــــــــــرَهُ وصغيرَهُ

ها غلَّــــــــــــــــــــفَ الدُّنيا بآدمَ أصلهِ    فرأى الوجودَ مدارَهُ وجــــــــــــذورَهُ

قدْ عاشَرَ الألمَ الملفَّـــــــــــــــــح بالفدا    واختطَّ مِنْهُ نــــــــــــــــــــهرَهُ ونهِيرَهُ

حتى أفاضَ اسمُ الحُسيــــــــــــنِ بقاءهُ    وأقامَ عِنْدَ الْعَالَمِينَ حضـــــــــــــــورَهْ

فبكتهُ ورقاءُ الحيــــــــــــــــــــاةِ وإنّما    تَخِذَتْهُ عاشـــــــــــــــــوراءَها ونذورَهْ

آهٍ حسينٌ أيُّ عاشـــــــــــــــــورا أرى    والإنكسارُ هناكَ ينفـــــــــــــخُ صورَهُ

وقيامةٌ رُجَّتْ وزُلـزِلَ وقعُــــــــــــــها    قَدْ أنزلتْ فينا الضنى ودهــــــــــــورَهُ

الرأسُ فـــــــــــــوقَ الرمحِ يتلو كهفَهُ    ورقيمُهُ الموجوعُ يتــــــــــــــــلو نورَهُ

والضعنُ يغـــرقُ في اكتشافِ جراحِهِ    واليُتمُ قد ألقى عَــــــــــــــــــــلَيْهِ نفيرَهُ

ما أطولَ الزفــــــراتُ حينَ يشدّها الـ    ـسّــــــــــــــــــــجادُ والدُّنيا تشدُّ مسيرَهُ

والمتعبون هنا.. هــــــــــــــناكَ يلفُّهم    من ضوئهِ مدٌّ أهـــــــــــــــــالَ ضميرَهُ

وأنا نبوءةُ حزنهِ بمحاجــــــــــــــري    ها قد أتتْ بشِكــــــــــــــــــايتي لتزورَهُ

دمعي طواحينُ السّــــــــــــلامِ وماؤهُ    وقصائدي العطشى تؤمُّ بحــــــــــــورَهُ

وقال من قصيدة:

تدنو وترتحلُ الـــوجــــوهُ مــرارا    وأرى بوجهِكَ بسمةً تتــوارى

سكنتْ هنا، فـسكنتُ فيهــا أجتــلي    وطناً طفوفيّــــاً أراه مــــزارا

فرشَ انكســــارَ الكونِ في طيَّــاتهِ    فنمتْ شظايــــاهُ هوىً مــوَّارا

وجنــــــــائزيٌّ لحنُه صبغ الــندى    بغنائهِ حتى غدا يــتمـــــــارى

قد عــــــــــــاد يرسمُ نوتةً غــيبيّة    تحنو على رسلِ السماءِ جهارا

غرَّاءُ تقطرُ بالدمــاءِ وكـــــــلّهـــا    فيضٌ بأسرار الدمـــاء حيارى

قد غاصَ في كفِّ البتولِ فــأينعتْ    آهاتُهـــــا حتى بقين عـــذارى

وترقرقَ الطفُّ الظميُّ بــدمعةِ الـ    ـزهراءِ يرثي ماؤه الإيثـــــارا

يرويـهِ صبرُ الرملِ حـين تـحنّنت    كلُ الحبيبـــات التي تتــــدارى

وتمسُّ وجهَ الطهرِ فـي هــيَمــانهِ    وتذوقهُ ظمًأ يمازجُ نــــــــــارا

حتى كأن عذوبةَ المـــــــاءِ انتفت    حين التظتْ كبَدُ الرضيعِ نهارا

يُسقى البكاءَ وملحَه يَســقي الحشا    بحرارةٍ مضّت ودهرٍ جـــــارا

يغفو على حممِ الشفــــــاهِ ونحرُه    صلى دمـــاً كي يفتحَ الأسرارا

سهمٌ تشعَّبَ في بيــــــاضٍ ملهب    قد عـانقَ الظمأ الذي يتجــارى

فيغيــــــبُ مكسوَّاً بـــحمرةِ نزفه    وتظل أفئدةُ العدى تتبــــــــارى

ويغيـبُ نبضُ الــسبـطِ قبلَ أوانه    فتضمهُ زمرُ السمــــاءِ شــعارا

أحنى بمهـجتــهِ الحسيــــــنُ يلمَّه    في غربةٍ قد أطفأتْ أقمــــــارا

يحوي الذبـــولَ إذا تبعـثرَ خطوهُ    بندائه الحاني بصوتٍ حـــــارا

جرحٌ وجــرحٌ والبكــــاءُ تكوّنتْ    رعشاته الحرّى وهُن أســارى

واســتغرق القلبُ الطهورُ بوجدِه    إذ كلُّ واجدةٍ تفيض صحـارى

فرضيعهُ شربَ الشهادة وارتوى    ظمأ الحيـاة فكان فيه مـــــدارا

وقالت من قصيدة (جراح بنكهة الحبّ..) وهي في الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (37) بيتا

ما اسْمُ الجراحِ التي كالحُبِّ نكـــهتُها    ما اسْمُ الأَشقّاء بالآهَــــــاتِ والوَجَعِ

ما اسْمُ العناوين مُنذُ الرَّمْل غَــــافلَني    حَظَّا فعرَّافـــــــــتي قدْ شَدَّها طَمَعي

تمشي على لُغَةِ الأوجَاعِ شطـرَ دَمِي    تغوِي فَأقرَأُ فيها كُلَّ مُتَّسَـــــــــــــعي

أؤمُّ لَونَ المَسَاءَاتِ التي عَـــــــطِشَتْ    كالرِّيحِ حِينَ تمَادَتْ بــــــالبُكَاءِ مَعِي

إذْ أوّل الشَّوقِ مِـــــــــــــينَاءٌ يَـئِنُ بنا    وليسَ إلا قَوامِيــــــــــسَ الرِّثاءِ يَعي

وليسَ في وِسْعهِ إلا النِّداءُ ضُـــــحىً    والخَيلُ تُومِئُ لـــــي أنْ خفِّفِي فَزَعِي

فَأمتَلي بنِدَاءَاتِ الـــــــــــــــفُرَاتِ إِذا    أغْرَى الدِّمَــــــاءَ بِوَجهٍ مِنهُ مُصْطَنعِ

أَصِيحُ خَارجَ نَفْسِي في مُسَاءَلـــــــــةٍ    يا غُربَتي يا احْمِرَارَ الوَجْدِ فلتَضعي

كَأسَاً سيَحتَاجُها الآتونَ مــــــــن ظَمَأٍ    وسَكْرَةً كـانتِشَاءِ النَّهْـــــــــــرِ بالبَجَعِ

أو كالعَويلِ الذي في الــصَّدرِ سُورَتهُ    مُقدارُ عُمْرٍ سَبيِّ النَّبضِ مُـــــنصَدِعِ

يا كَربَلاءاتُ أَوجَــــــــاعِي أ تَشبَهُني    حقِيقَتي وأنَا إيَّـــــــــــــــاكِ في هَلَعِ؟

كأنَّنا آلِهَاتُ الدَّمـــــــــــــــعِ صُورتُنا    صِلصَالُ أُغنيةٍ من نُوتةِ الجَــــــــزَعِ

كأنَّنا ويَتَامى الفَجْرِ يَــــــــــــــــسلبُنا    مَوتٌ طويلٌ لآهَاتِ الرَّحِــــــيلِ دُعِي

ومُفرادتٌ من النــزفِ الذي انتَفَضَتْ    لهُ الأقاصي على كَــــــفٍّ من الوَرَعِ

وذا الغُموضُ يُـــضِيءُ الطِّينَ في ألمٍ    فيَستحِـــــــــــــــــــيلُ كَمَاءٍ فيَّ مطَّلِعِ

هُـــــــــــــــــــنالكَ اليَمُّ سيَّارٌ بلوعَتِنا    فــــــــالقِ القَراَبينَ بالتَّرتيِلِ أو فَ قَعِ

واسجُدْ على نبَضاتِ الجُرحِ ذاكِـــرةً    واعرُجْ مَسِيحَاً فما في العِشقِ من بِدَعِ

لا تمتَحنِّي أنا المَهْدُورُ نـــــــــــبرتُهُ    هــــــــــذا السَّلامُ كلَحنٍ رَقَّ حِين نُعِي

والعَازِفونَ زِيَاراتـــــــــي أَذَانُ فَمِي    يُهَسْهِسْـــــــــــــــونَ سَمَاءً ذَاتَ مُرتفَعِ

فيُوجِعُونَ صَــــــــــلاةَ الرَّمْلِ أَدعِيَةً    مَختُومَةً بِغَمَامِ الـــــــــــعَصْفِ والهَمَعِ

بُكاؤُها ربّـــــما أَعـطَى المَغِيبَ مَدَى    فـــــــــــــــيَا سَوَاقِيهِ يَا آلامَهُ اسْتَمِعِي

غِــــــــريبَةٌ هي أشْيَائِي التي غَرُبَتْ    إليكَ تَتلو شُـــــــــــــــــرُوقَا جِدّ مُتَّسِعِ

تصَعَّدتْ بِدَمٍ تلكَ النُذُورُ هَـــــــــوَىً    فاسَّاقَطَتْ لاثِمَاتِ القَبْرِ والــــــــــقِطَعِ

هُنَالكَ العَطَشُ الدَّامـــــــــي يُصَيِّرُنا    بَوَحاً تأخَّرَ، هلْ يأتِي كَمَا السَجَـــــــعِ؟

وهلْ يطوُلُ كَ بَــــالِ اللَّيلِ في سَهَرٍ    حَدّ الأَنِينِ بِطَيــــــــــــــفٍ نَاحِبٍ لَمِعِ؟

يَرمِي البَعيدَ على رِيحِ الوُجُوهِ لَظىً    كَمَا لوَ انَّ النَّوَى بِالخَطْـــــــوِ لم تَسَعِ.!

يا سيّدي مُنــــذُ أن صِيغَتْ مَدَاركُنا    جِئنَاكَ كالعَطْفِ، كالتَّرديدِ، كــــــالجُمَعِ

يا ســــــــــيّدي كانَ جِبريلٌ يَمرُّ بِنَا    نَرَاهُ يتلُو صَــــــــــــــــلَاةَ الآهِ والوَدَعِ

يأتِيكَ زَحْــــــــــــــفَاً سمَاوِيَّا يُظلِّلُهُ    عَرَشٌ تَنزّلَ بالتَّهليِلِ والـــــــــــــــــمِنعِ

ويــــــــــنَثْرُ الوَردَ في آلاءِ وِجهتِهِ    نُوبَاتُ حَرَفٍ عـــــــــــلى الآلامِ مُنطبِعِ

يَطِلُّ من غُربَاتِ النَّخلِ يَســـــرِقُني    تِلاوةً بِدَعَاءِ النزفِ بالــــــــــــــــسَرَعِ

يا جَاذِبِيَّتُها الأُخرى أَجِـــــــيءُ هُنا    بَيضَاءَ من غَيرِ سُوءٍ صَبَّني وَجَـــــعَي

الشَمسُ في رَغبَةِ الإِشْرَاقِ تَصْلِبُني    كَالبَحْرِ مُحْتَضِنِ التِنــــــــــحَابِ ممُتنَعِ

فأَسْتَـــــــريحُ على أَهدَابِ خصلَتِها    بِاسمِ الحُسَينِ بِصوَتٍ فيّ مُــــــــــرتَجَعِ

يا سِيرةَ الــــخُلْدِ مُـسِّي في ملُوحَتِنا    حِكايَةٌ بين رَمْـــــــــــــــــلٍ فِيكِ مُفتَجَعِ

كما السَّعِير إذا نَـــــــامَتْ جَوارِحُهُ    يكُونُ في جَوفِـــــــــــــهِ تلّاً من الطَمَعِ

سَعِيرُنا مَاثِلُ الحِرمَــــــــانِ أعْجَبَه    نطقُ ابتِهَالاتِ عِشقِي نَــــــحوَ مُنتجَعِي

وقالت من قصيدة (أقرباء العطش) إلى سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)

فقط سوفَ أستَلُّ النـــــــــدى من جفافهِ    لتخضرّني الصحراءُ وقتَ انتصافهِ

وأبني لقــــــــــــــــاموسِ البِحارِ يقينَها    إذا أنكر البحَّــــــــــارُ معنى ضِفافهِ

وأروي سُدُولاً خلفَ شـــــــــــهقةِ والهٍ    مُحرَّمُها أعطى الشجى منْ شِـــغافهِ

فيا حزنُ راقبْ راحـــــــــــــتيكَ فربّما    تنزَّلَ جبريلٌ بدمعِ مَـــــــــــــــــنافهِ

يُشاطئُ منهُ النــــــزفَ يا لاذعَ الخُطى    كصفحةِ إنسانٍ بــــــــقت في غِلافهِ

ودمعُ نبيٍّ خاشــــــــــــــــــعٍ في جبالهِ    يُزمِّلُها مِن باكياتِ مطــــــــــــــــافهِ

فلذتُ بصحوِ العينِ أبــــــــــكي وأدَّلي    سحابةَ حُزنٍ من أليـــــــــــــمِ زعافهِ

فإنْ نجمَتْني الريــــــــــحُ يا حُزنُ إنني    بــــــــريقٌ مُعنَّى في طريقِ اشتفافهِ

فإنّي رِوائيُّ الفجيــــــــــــــــــــعةِ كلّما    تهرَّقَ بــــي مالَ الدُجى من مصافهِ

وكلّي سؤالٌ.. والقرابيــــــــــــــنُ ثيمةٌ    ومن قلقٍ مــــــثل احتضاري مُشافهِ

أَ ذاكَ الذي أضفى حياةً كــــــــــــغيمةٍ    بمستقبلِ الطوفـــــانِ حيـنَ ارتجافهِ؟

أَ ذاكَ الذي صلَّى عــــــــلى أزلِ الدِّما    يتيماً.. فكانَ اللهُ ســـــــــــــرَّ هتافهِ؟

أَ ذاكَ أَ ذاكَ المُستفيضُ نبـــــــــــــوءةً    ومِن ملكوتِ النزفِ سَيْـــبُ عِطافهِ؟

يَرشُّ شبابيكَ السَّمــــــــــــــاءِ بجُرْحهِ    نخـــــــــيلاً عتيقاً مـن جبينِ ارتعافهِ

ويُولِجُها الغيـــــــــبَ الذي في دموعِهِ    إذا ما تجــــــــارتْ زينبٌ في سُلافهِ

أشعتُها البيضاءُ تنجبُ ذكـــــــــــــــرَهُ    ومعطفُها البـــــــــــاقي حقولُ عفافهِ

وبالوردِ من كفَّي بتـــــــــولٍ تطايرتْ    مساحاتُها من غُسلِهِ وطــــــــــــوافهِ

فما أخطأَ الفجرُ الذي في عــــــــيونِها    فقد دلَّلَ المِنديـــــــــلَ حـالَ اختطافهِ

وطالَ نباتُ الصبرِ في عتــــمةِ المدى    فأعطى شحوبَ القــــلبِ لونَ قِطافهِ

وفيها يُناجي العُمرُ طــــــــــــفَّاً مُمزّقاً    أَخيماتُها غابتْ ببهوِ احتـــــــــرافهِ؟

ومن عطشٍ باتَ الضِّياءُ مُـــــــــلمْلِماً    بموجاتهِ الحَمْراء بعضَ انحــــــرافهِ

أجلْ إنَّ هاتيكَ المُـــــــــــلوحةُ ترتدي    فراتاً خجـــــــــولاً من مَتِيهِ اعترافهِ

فيا نهرُ زرِّرْ بالحَياءِ رمـــــــوشكَ الـ    ـبطـــــــــيئةِ عُمرًا بالشّجى واقترافهِ

ففيكَ حُسينٌ والظَّـــــــــــما في جفونهِ    بُحيرةُ معـــــــــــــراجٍ بفيضِ رهافهِ

ويبتاعُ منكَ الحُزنُ طعمَ لــــــــــــهيبهِ    ليتّقدَ التِنحابُ منـــــــــــــــذُ اكتشافه

لهُ أقرباءٌ منهُ سبـــــــــــــــعونَ غربةً    قصائدُهم لم ترتوي من زفـــــــــافهِ

وللخُلدِ مدعــــــــوُّونَ عطشى عيونُهم    للغزِ مساءِ اللهِ حَدَّ انكــــــــــــــشافهِ

تفاصيلُهـــــم في سورةِ الجرحِ تختفي    كألفِ وَصِيٍّ عاكفٍ في اغتــــــرافهِ

لــــــــــقد غمغمَ الطفُّ المَسيلُ رؤاهمُ    فهاموا وهاموا في لذيذ ارتشـــــــافهِ

إذا احتدمتْ فيهم سُرى العشقِ أشعلوا    حناجرَهم زيتاً بــــــــــــــــليلِ شِفافهِ

ولـــــو كانتِ الأرواحُ أغلى كـنوزهِم    لأفنوا هواها في سبيلِ اشتـــــــــغافهِ

تدوفُ رؤاهـــــــــــــم للحُسينِ مـنابعٌ    وترعشُ آجالٌ مضتْ لانعطــــــــافهِ

فأسرتْ سراياهمْ إلـــــى الموتِ إنـهم    نثـــــارُ شموسِ اللهِ.. خُـــــــبزُ كٓفافهِ

ففي كلَّ كفٍّ من دمِ الــــــحُبِّ خاطرٌ    ستستـــــغرقُ الأرواحُ طقسَ اعتكافِهِ

وساريةٌ أخرى تُفصِّلُ وحـــــــــــيَها    شـــــــجـــــيرةَ ضوءٍ تهتدي لاقتطافهِ

أخيراً لقد بانتْ مواويـــــــلُ صوتِهِم    بغربتــــــــــــهِم حَزَّ المُدى باصطفافهِ

فكانوا كنِسرِينِ الدُّهورِ أرومـــــــــةً    بسُورتِهم تــــــــــــــــختالُ سورةُ قافهِ

لقدْ فصَّلوا موتاً بـــــــــــــحَجمِ بقائهِ    بمتَّسعٍ من نهــــرهِ وجـــــــــــــــــفافهِ

وقال من قصيدة (كربلاء.. تسبيحة الله..) وتبلغ (26) بيتاً:

لِمَ أســـــــــــــالتْ دِماً شطآنكَ الشفقا    فلوّنَ الــموجَ بالصّحراءِ وانهرقا

وصَارعَ الـــماءَ، جرَّ البحرَ خلفٍ يدٍ    ما مسّـتِ الرملَ إلا ذاب واحترقا

وجاءَ من وتـــرِ هذا الحزنِ تصهرُه    دمـــــــوعُ زينبَ والعبّاسِ فانطلقا

الضوءُ فـــيهِ وعــــاشوراءُ مُشرعةٌ    على مواويلِ من صلّى ومَن عشِقا

على خـــيامٍ ربيباتُ الـــــحِجابِ بها    أخجلنَ غـــــاسقةَ الدنيا عفافَ تُقى

ونجلـــةُ الدمعِ قلباً تستعيــــــــــرُ بهِ    لظى السمــــاواتِ قد صبتهُ فاندلقا

كألـــفِ يعقوب ما حنتْ ركائبـــــــهُ    ليوسفٍ سلســــــــلَ الآلامَ واستبقا

وحـــنَّ كالريحِ والقُمْريُ يـــــــشغلهُ    بكأسِ دمعٍ يهزُّ الغـــــــــيمَ والودقا

يـــا غيمةَ الدمعِ إنا والأراكُ عــــلى    عذوبةِ الكأسِ تستجدي بـــكِ العبقا

يا خبّرينا أيا كأســــــــــــــــاً مذوّبةً    على الرحيقِ أهلْ للسائــــــرينَ لقا

تاهتْ خطانا ولا ملَّ المــــرامُ بـــها    فابسط يديكَ وبارحْ حــــــبنا الـقلِقا

ها جاءَ أوّلُ ترتيلٍ ومصــــــــــحفهُ    حزنُ نخيلٌ ورمحٌ بالشـــجى اعتلقا

قدْ مدَّ رَحْلَ الأسى في حُمرةٍ سكنتْ    مجراهُ حتى أتى واديكَ فـــــــانفـلقا

فــــــــــيا حسينٌ لوى جيدَ البكاءِ فمٌ    نعى فأرسلَ مزناتِ الأسى الحـــدقا

فإن عـشقنَ المطايا في السُرى نغما    يحدو بهنّ فمسرانا البكا اعتـــــــنقا

هـــــــــــــو البكاءُ شجونُ الله جنتهُ    قدْ قطّرَ النبضَ بالتحنان فــــــــائتلقا

هو البكاءُ رســـــــــولٌ في رسـالتهِ    أيا حسينُ شعارٌ في الزمــان بــــقى

آتونَ فينا ارتجاعٌ للــــــدمـوعِ وفي    أنــــفاسنا شهقةُ أخرى تفيـــضُ شقا

عُشَّاقكَ اليومَ فاسكنَّا فســــــــــاكنُنا    هواكَ فــــامنحْ رؤانا نهجــــكَ الألقا

عشّاقُ اسمكَ في رسمِ الهوى وبـنا    من الملائــــكِ ما سربٌ إليـــك رقى

يسبِّحُ الحزنَ في أشجى تــــــلاوتهِ    فالحزنُ إســــراءةٌ والنزفُ منه سقِى

وكربلاءٌ يميسُ النهرُ معطفـــــــها    بالنائباتِ إذا فــــاضَ الأســى استرقا

كانت سواقيهِ طفلٌ مهدهُ عــــطشٌ    وشاطئيهِ طفــــــــــــــــولاتٌ لهنَ نقا

وكان عنواننا أنَّ الحــــــروفَ دمٌ    ولونُها الأحــــمرُ الــــمحمومُ قد نطقا

أيا حسينٌ وداعي القلبِ يـــغمرها    ســــــــبُحانَ نزفكَ فــــي أهاتنا اندفقا

سُبحانَ عــاشور سُبحانَ البكاء بهِ    سبحان مأتمكَ الساقي الــــهوى العلقا

وقالت من قصيدة (آهة عند الجسر) وهي في الإمام الكاظم (عليه السلام) وتبلغ (27) بيتاً

أُطوى وأُنشرُ والـــــــجراحُ جراحُ    وأسايَ بحرٌ شاطـــــئٌ ملاّحُ

وجفونيَ الخرســـاءُ أرهقها السُدى    لكنّها في حزنـــــــــها ترتاحُ

إذ ألقتِ الكلمــــــاتُ بعضَ ضبابِها    بالوادي القدســـيِّ حيثُ يُباحُ

وجهاً لــــــــوجهِ الحزنِ مرَّ أنينُها    ماذا ستفعلُ تلــكمُ الأرواحُ..؟

ماذا ســتشكو..؟ هل لبغدادَ ارتقتْ    لغةٌ وذاكَ الحزنُ فيَّ بَـرَاحُ.؟

أم هلْ ستُجري لابن موسى شهقةً    قمريَّةً ببكائِـــــــــها تنداحُ ..؟

لا، ألفُ لا، الحزنُ عــــــادةُ حبِّنا    جريانهُ كلَّ الهوى يجـــــــتاحُ

الحزنُ يا مولايَ تاريخُ الـــــمدى    فوَّارةٌ أشياؤهُ والـــــــــــــراحُ

فلذاك أبكي في صياغةِ قلبـــــــنا    حتى كأنَّ النابضــــــاتِ جناحُ

أنا إنْ أسلتُ قصيدتي فلأنــــــني    غصنٌ تهجَّرَ طــــيرُهُ الصدّاحُ

في دمعتي نيفُ احتضارٍ حاضرٍ    وملائكي لــــــــحروفها شُرَّاحُ

يا حِجْرَ بغدادَ المعذَّبةِ الـــــرؤى    الدمع فـــــيكِ يطوفُهُ الإفصاحُ

طامورةٌ تتقاسمُ الأوجاعَ مــــــن    عــــــــهدٍ قديمٍ والجفونُ سلاحُ

والظُلْمةُ امتهنتْ بكاءَ حسيسِـــها    فتصاعدتْ واسترجعَ المصباحُ

وتشكّلتْ تغريبةُ السجنِ الذي انـ    ـدلـــــــــقتْ فأنَّ القيدُ والمفتاحُ

وتساءَلَ الجرحُ الرخيمُ عن الذي    سكنَ الســـــــماءَ وكلُّها أقداحُ

ملأى ببوحٍ مُحـــــــــــزِنٍ آلاؤهُ    همسٌ وفيهِ مـــــــــلائكٌ سُوّاحُ

يطَّاولونَ الدمعَ من فــــــردوسِهِ    والقلب من آهاته بــــــــــــوّاحُ

والجسرُ محمومٌ قبالةَ يومــــــــهِ    ماذا ينادي والدموعُ نِضــــاحُ

مَلقى الجنازةِ بالعيونِ أهالــــــها     فالبحرُ جارٍ والقلوبُ نـــــواحُ

ومآتمُ الآياتِ فاضتْ بالشجــــى    وعلى رفيفِ العابرينَ قـــراحُ

والــــحزنُ مُكتملٌ وفوق شفاههِ    ليــــــــلٌ طويلٌ لا يراهُ صباحُ

إنا فُجـــــعنا واحتـمالاتُ الردى    ورثتْ رؤانـــا والصدى لمّاحُ

يشتاقُ للآتيـــــــــــن من آلامهم    عمراً وبعضُ القادميـن جراحُ

في عدّةِ الآهاتِ كان حضورُهم    جسراً بموكبهِ تئـــــــنُ الصاحُ

فعليكَ يا موسى انـثيالاتِ السما    وعلى هوانا رعشةٌ وصــــياحُ

فـــــــــــفداكَ آمالي التي آويتُها    وفداكَ عمــــري أيّها الأصباحُ

وقالت من قصيدة (بسملة الضوء) وهي في الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وتبلغ (24) بيتاً

أرقى لمعناكَ من سجنٍ إلـى سجــــــنِ    أرقى أطوفُ أصلّي أرتدي حزني

أرقى بتجربةِ الأسحارِ لـــو يئســــــتْ    من الضياءِ وساقتْ للأسى ضعني

لا وجهة لعيوني غير ما سكــــــب الـ    ـكأسُ الـمُراقُ بقلبي فاستوى منّي!

لا أبجديَّةَ جسرٍ أوّلتْ جـــــــــــــزعي    إلا وسـجنُ مسائي لــلجوى يُضني

ها جئتُ بغدادَ فــي أبــــــكارِ أحجيتي    يتيمـةً .. في طريقِ الوهمِ والوهنِ

الوهمُ في رعشةِ المصباحِ لو عزلَ الـ    ـزيتَ المُعنّى وأبقى دمعةَ الصحنِ

والوهنُ في نذرِ آفاقٍ تقــــــــــــــاذفها    عمرٌ يمـــــــــوجُ بنا بالتيهِ والعهنِ

لكنني جئتُ يا مهداً أصــــــــــــــــبِّرُهُ    على الجراحِ بـــذاكَ الملتقى أعني

مليئةً باغتسالاتِ البكـــــــــــــــاءِ ولا    مدينةٌ كشراعٍ تســـــــــــتقي مُزني

صحوٌ أساليبُهُ الأخرى تؤرِّقُــــــــــني    وهجرةٌ من دموعٍ دلَّلتْ حــــضني

بغدادُ هل لحظةٌ من سهوِ أخيــــــــلتي    تحنو لعلَّ بها أجري إلــــــى أمني

بغدادُ هل هوَّةٌ تأتي على نغــــــــــمي    لكي أفصَّلَ أحزاني على فــــــــنِّي

خمسٌ وعشرونَ موتاً مشرعــاً بدمي    من فرطِ ما شربَ الباكونَ من دنّي

من فرطِ ما اقتسمتْ روحي تعاجَلني    بحري فكُوِّنتِ الأوجاعُ من لـــحني

يا سيّدي مرِّرِ الآلامَ في ألمـــــــــــي    عطشى لذاتي ولا زال الظما يجـني

أفــــــــــرغْ بقيدكَ لوّحْ لي بـوشوشةٍ    إذا تــــــــأخرتُ عنها لمْ تسرْ عـني

ولو ذبلـــــــتُ على غيمي سـيأخذني    سجودُكَ الآنَ لاســــــتغراقةِ الـعَدْنِ

فركعةٌ في رصــــيدِ القربِ تُـودعُني    جنّاتِ أشواقيَ الحيرى بـــــــلا إذنِ

هلّا فتحتَ ليَ الأســرارَ من ألـقِ الـ    ـشعرِ اليقينِ فكلّي ســــــــــاكنٌ ظنِّي

يا سيّدي لا أرى والـــجسرُ يُرهـقني    يا أيُّها النورُ هل يغزو الضيا وزني؟

رتبتُ مرثيتي .. رجَّــــبتُ أنهـرَها    وخضتُ بحرَ غمارَ الأنسِ والـــــجنِّ

وعدتُ في وطنٍ بينَ القيــــودِ ثـوى    يأوي عصافيرَهُ في غصنهِ المـــحني

والليلُ بين ذهولِ البوحِ بسمــــــــلةٌ    تنفَّستْ أرقَ الجـــــــــــدرانِ والسجنِ

فخاطَ ماءَ سرابِ الضوءِ جُمعتــــهُ    واستودعَ البدرَ بينَ الجفــــــنِ والجفنِ

وقالت من قصيدة (صباح الرضا) وهي في الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام

من البرزخِ الأشهى وذكراكَ هائمه    تمرُّ عـلى الأعلى.. تمسُّ مباسِمَه

وضـــــــــوؤكَ موجٌ آدميٌّ تناسلتْ    عليـــــــــه همومُ الأنبياءِ وفاطمه

وماؤكَ فرشـــاةٌ أريقت علـى الدُنى    برِيـقِ رســـــولٍ علّمتها مواسِمه

أ تغوى؟ وقد غازلْتها فـــــــــتبللتْ    وزمّـت صباحـاتِ البنفسجِ باسِمه

أ تغوى؟ وكان اللهُ رهنَ صــباحِها    لتـرسمَ ما أبهى وتـــــسهرُ ناظِمه

فيا رعشةً والوحـيُ من حركـــاتِها    أحلِّي لنا سكْراً وإنْ كــــنتِ لائمه

سنأتيكِ عشاقاً نجــــــــاذبُ نبضَنا    تظاهرَتِ الأشواقُ والـروحُ هائمه

سنأتي وفي آمالنـا يغــــرقُ النوى    ونأتي ضريحاً والزيـــاراتُ لاثمه

نلعثمُ بالتغريدِ كـلَّ الذي بــــــــــنا    لتهربَ منا التالياتُ مُـــــــــزاحمه

وتأخــــــذنا للضـوءِ تحرسُ نارَنا    وتـــــــــــــمنحنا ترتيلةً فيكَ دائمه

وقالت من قصيدة (همسة بلغة الانتظار) وهي في بقية الله في أرضه وحجته على عباده الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) وتبلغ (27) بيتاً:

مُرْسَلاتٌ وأنْهُـــــــري مُرْسَلاتُ    يا رُوَيـــــــدَاً تَمُرُّ فيَّ الجِهَاتُ

مُرْسَلاتٌ ترَاقـــصَ الضَوءُ منها    فـــي لغاتٍ تضجُّ منها اللُغاتُ

شَطْرَ حُبِّي تـجيءُ من سَكنِ الليـ    ـلِ لتَنْهَلَّ والــــــرؤى حالِمَاتُ

ويَــــــــــــعُودُ البُكاءُ طَعْمَ عِنَاقٍ    والحكَاياتُ نرجِـــسٌ والصَّلاةُ

صَافَحَا جُرحَنا فغَنَّتْ دمـــــــوعٌ    تحملُ النايَ والأغـــاني فراتُ

وانتظاراتُهَا تلحُّ كـــــــــــــــقلبٍ    غرَّبتهُ الهُمومُ والذكـــــــرَيَاتُ

والوجودُ المثقــــــلُ الروحِ يـهتا    جُ بدُنيا تشعُّ فيــــــــها الذوَاتُ

نقشتْ ذكــــــــركَ المزيَّن بالغيـ    ـمِ فناءتْ بحَملهِ المَـــــــازِناتُ

خاصَــــــــرَتهُ وخلفَ كُلِّ رواءٍ    مَوْجَةٌ تهتدي لــها الوَشوَشاتُ

واهتدينا إليكَ يغتابُنــــــــا الحبُّ    وترْوِي شِغـــــــافنا الرَّاوِيَاتُ

وارتَوينا وعطّشَـــــــتنا الأماني    وسَجَدنا وذِكرُنــــــــــا أمنياتُ

أيَّها الحبُّ قرِّبِ الروحَ مـــــــنَّا    فحكاياكَ في النــوى خَاشِعَاتُ

حيثُ إنَّا تفرَّغَ الليْـــــــــــلُ فِينا    وانطفأنا وظــــــلَ فينا الشتاتُ

فمتى ندفنُ الـــــــــظلامَ بمَرْأى    وجهكَ النُّــور وهوَ منهُ الحَيَاةُ

سَرَقَتْنا الــسنونُ والأمَلُّ الغضُّ    سَيبـــــــــــــقى تؤمُّهُ النَّافلاتُ

وانسَـــرَبْنَا إليكَ مصْحَفَ شوقٍ    وبآياتِنا دُعَاءٌ سُمَــــــــــــــاتُ

طوَّفتنَا هَويَّةُ الحــــــــــبِّ حتى    جَلّلتْنا بنبضِــــــــــها الدَّافِقاتُ

وانتظرناكَ تَمنــحُ الكونَ عِشقاً    غازلَ الــــذكرَ كي يَعمَّ الثبَاتُ

تملأُ الأرضَ عَـدْلَ ربِّكَ قِسطاً    وسَتــــــحيَا على يديكَ المَواتُ

هَــــا يتاماكَ تشتهي مَسْحَةً مِنـ    ـكَ فـــــــــــبَلِّلْ حَنينَها يا نجَاةُ

قَـطّرتْنا الآهَاتُ والعَطشُ المُرُّ    وأودَتْ بشــــــــوقنا الهَمْهَمَاتُ

هاؤمُ الظامئون حَولكَ مَدُّوا الـ    ـرُوحَ جسْراً ونبضهم بَسْمَلاتُ

وبـــــــــــأنفاسِهم إليْكَ اشتِيَاقٌ    وبـــــــــــأصوَاتِهم لكَ التلبيَاتُ

فاحتويهم بـــــنظرةٍ منكَ تحنو    فهمُ العَــــاشِقونَ والعشـقُ ذَاتُ

واقتربْ فالنّفوسُ صَلّتْ حَنيناً    رَفعَتها إلـــــى السَمَا الـدَّاعِيَاتُ

عَجِّلْ الحُبَّ سَــــــيّدي فهَوَانا    حَرَّقتهُ معَ الــــــلظى الـتمتمَاتُ

لِتسَمِّي على القلـــــوبِ لِتنمو    دَفقاتٌ بعشقها مُـــــــــــرْسَلاتُ

وقالت من قصيدة (تنهّداتُ حزنٍ يثربيّة) وهي في الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وتبلغ (31) بيتاً:

يا سارفَ الشوقِ عند المهـــــجعِ الطللِ    عللْ بُنيَّـــاتِ حـــزني في النوى وقلِ

إن البقيعَ ولا إســــــــــــــــــــــمٌ يجدّلُهُ    عـــــــــلى الـغيــابِ أباحَ الدمعَ للثمِلِ

آمادهُ فوقَ آلامٍ مــــــــــــــــــــــسطّرةٍ    من فرطِ ما أجـهشــت واسّاقطتْ لعلِ

تمضي إلى وحْدةِ الترحالِ تـــلمسُ من    ترابِها هجــــــــــــــــرةَ الشطآنِ للبللِ

لم تُبقِ للحجرِ المسلوبِ خــــــــــاطرةً    فصاحةُ الحزن تـــؤذي رملَها العسلي

فقدْ تنـهَّدتِ الزهراتُ فـــي دمِـــــــــها    تقـولُ للظلِّ يا ظــلَّ الـــــــــهوى أطِلِ

يا غلــظةَ الريحِ يا مـــوروثَ شـهقتِها    هـلاّ تحننتِ بالــباقي مـــــــــــن الطللِ

ويا سلالةَ ذاكَ المـــــــــاءِ زُرقتُـكَ الـ    ـمنحــــوتةُ الـــحزنِ بالتهويمةِ اشتعلي

وصفّفي ألمَ النعنـــــــــــــاعِ فوق نـدى    تلكَ القبــــــــــــورِ جوارَ اللهِ والرُّسلِ

هي السَّماءُ على أغـصـــــانها استندتْ    تــــــــــهشُّ لــلياسمينِ الغضِّ بالغزلِ

أرقُّ من رعشةِ البــــاكينَ يـــــــؤلمُها    صدىً تـــــــــــردّدَ يا للسهوِ والعجَلِ!

يهتاجُ مدمعُ ذاكَ الــــبحر لو نــــــفدتْ    منه الأمانــي بـــــــــحزنٍ منه منتهلِ

والغرقدُ اليومَ قـــــربَ الغيمِ لهـــــــفتهُ    يجدِّفُ البــوحَ مفــــــــروداً من الأملِ

أسوارُهُ تتمـــــــــــــــلّى عشقَ زائرِها    كحـســـــــــــرةِ الضلعِ والآلامِ والمقلِ

كتـــــــــــــــمتمـــــاتِ نبيٍّ في تصوّفهِ    يُجيــــــــــــــــدُ تهجئةَ الآهاتِ والعللِ

هو الأنينُ وحـــــيـــــــــــــداً ذا تململُهُ    وذي السمــــــــــــاءُ تلمُّ الشجوَ بالقُبَلِ

تقولُ للحـــــــــــــائرينَ الضوء جنتكمُ     والقبرُ خـــــاصرةُ الأوطـانِ من أزلِ

لا تســــألوا ريــــــــــثما تغفو بنفسجةٌ    على الضـــريحِ المُعنّى بالأسى الجللِ

أو تخجلُ الـشمسُ من صحراءِ دمعتها    أو أن تـــــــــغيبَ فهذا الجمرُ لم يزلِ

فتلكَ حنـجرةٌ لليلِ يـــــــــــــــــــرهقها    حــــسُّ الـشبابيك في طقسٍ من الشللِ

وتلكَ أمـكنةُ الآتيــــــــــــــــنَ يغرسُها    حـــــــلمٌ بـعيدٌ وحتى الآنَ لم يصلِ..!

فــــــــــيا المسافرُ لذْ بالماءِ وامضِ له    بــــــــــلذعةِ العشقِ نضّـاحاً بلا مــللِ

اخطفْ صلاتكَ وانهضْ طرفَ عزلتهِ    حمّى الـــحواسِ وطفْ سـبعاً لمقــتبِلِ

هنالكَ الكــــــــــــــونُ يغفو في تهجّدهِ    خلفَ التــــــــرابِ بنورٍ منه مرتــحلِ

ووجهُ ساحلهِ قدّيسةٌ مـــــــــــــــــرقتْ    على شرابٍ مــن الشكوى ومغــتسلِ

تشذّبُ الضــــــــــــوءَ أوجاعاً ملائكةً    وتربكُ الملكوتَ الـــــــــملتقي بــعلي

وتهتمي بجراحاتِ الــــــــــزّمانِ على    خدِّ الزياراتِ صفصافاً بزيِّ ولــي.!

يعرِّشُ القبــــــــــــــرَ بالتنحابِ إنَّ بهِ    فقداً طرّياً لأســـــــــــرارٍ مـــن المِللِ

فيا رذاذَ الشجى المكـــــلوم في خلدي    بلّلْ بيثربَ قلبَ العاشــــــــــــقِ الثملِ

علَّ المواعيدَ تدنو من مــــــــعارجها    والكفُّ تقبضُ من تربِ الهوى الخجِلِ

فثمَّ صبحٍ سيجلو فــــــــــوق عسجدِهِ    عجّلْ أيا صـــــــاحبَ الثاراتِ بالعملِ

وقالت من قصيدة (أمنيات الماء) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام) وتبلغ (44) بيتاً

في غيرِ حـقلٍ أسالَ الوردُ ساقيــــــــــتهْ    مضرّجـــاً برواءِ العطرِ يـــا لغتهْ

في غيرِ حقلٍ صفيّاتِ الديارِ بـــــــــدتْ    تلـــــــمُّ أطلالها إذْ ترتـــدي جهتهْ

سارتْ علئ ماءِ هذا الليلِ مملــــــــــكةً    خضراءَ تُورِقُ من شطـــآنها رئتهْ

يمسُّهُ الضرُّ والأفـــــــواهُ تــــــــــوجعهُ    والحربُ تفتحُ للأنــــــــهارِ أسئلتهْ

هو الموشّى بترتيلِ الحـــــــــــــسينِ لهُ    وهو المُدانُ بحبٍّ صـــــبَّ أوردتهْ

وهو الذي بلهيبِ الــــــــــعيسِ يقـهرُها    قـنديلُ بوحٍ أثارَ الجـمرُ أخـــــــيلته

ها قدْ تبذّرَ بالنـــــــزفِ العظيــمِ وهــــا    مواسمٌ تتــــــــــــــهاداهُ وزمـجرتهْ

أجلَّ من أنْ يــــــــشاطيها بدمـــــــــعتهِ    فصيّرَ الطفَّ قلباً صـــــــبَّ تمتمتهْ

فيركبُ الريحَ ممهوراً بسيّــــــــــــــــدهِ    والقِربةُ الحبُّ بـحرٌ صاغَ وشوشتهْ

قدْ حمّلَ الكونَ أسراباً مــــــــــــلوّنــــةً    وفــــــــرَّ منهُ ضـبابٌ بالمدى نحتهْ

ورُقْيةُ الماءِ في عــــــــــــينيهِ يُشعلــها    مواطـــــــناً أسـقطتْ بالدمعِ أدعيته

إذِ الذهـــــــــــــــــولُ أراقَ الآنَ نبرتَهُ    كــــــثغرِ أنثـى يضــمُّ اللحنُ ناثِرتهْ

واليُتمُ صـــــوتٌ تأتّى في اعتذارِ هوىً    حتى الـــصغيراتُ قد عانقنَ أمتعتهْ

فتلكَ تشـــــربُ من أوجـــــــاعِها نغماً    وصـــــــــــوتُها أمَّ من آهاتها سِعتهْ

وتلك قـــــدْ نقشتْ وشمَ الذبــــولِ على    شفاهِ صبحٍ وقـــــــد كـانتْ له دِعتهْ

تـــــلكَ الخيامُ ربيباتُ البكاءَ ســـــرتْ    تجدّفُ الحُلمَ حتى ظــــــــــنّها هِبتهْ

نما الخريفُ على آمالِـــــــــــــها زمناً    وكربلاءُ لهاثٌ مُشرعاً شـــــــــــفَتهْ

بهِ الرضيعُ تجلّى نخبَ ذاكـــــــــــرةٍ    حُبلى سيفتحُ من مخــــــــزونِها سنتهْ

وغيرُ هذا سينمو في مســــــــــــاحتهِ    طُورٌ ظميٌّ يفكُّ الماءُ أحــــــــــجيتهْ

كـــــــــــثيبُ أسئلةٍ تدنو إليه قُـــــرى    يفضُّــــــــــــها بقلوبٍ شاكلتْ صِفتهْ

ويوقدُ الفــــــضلَ شطآناً عـــــلى يدهِ    مــــــــــا زال يشرعُ بالترتيلِ بسملتهْ

إذِ اللقاءُ سيُرضـــي الـــــغيمَ يوقظُها    على مفاتيـــــــــــحِ قلبٍ يستقي سِمتهْ

تساقطَ المــــــوتُ في أنحاء قبضــتهِ    وقـــــــــــلبُهُ في ارتحالٍ ساقَ أغنيتهْ

لزينبٍ ورعيلٍ من مآتـــــــــــــــمِها    يمدُّ قلباً ويُـــــــــــــــــــعطيهنَّ أمنيتهْ

راياتهُ كعـــــــــــــــــليٍّ في نوازلِها    وصـــــــــــــوتهُ صوتهُ يشتقُّ منزلتهْ

إنسانُ عينِ النـدى العـــبّاسُ يا مُدناً    تنهّرتْ , أرضُــــــــــــهُ تهديهِ مملكتهْ

تنهّرتْ، واسمـهُ في كـــــربلاء سما    سمتَ العُلا فغدا الإشـــــــراقُ مئذنتهْ

ونينويُّ المدى إكـسيرُ صــــــــفحتهِ    من المدامعِ ألقى الآن أشــــــــــرعتهْ

يودِّعُ العمرَ في أبـــــهى ابــتسامتهِ    جبريلُ فوق يديهِ حـــــــــــــطَّ أجنحتهْ

هي الشهادةُ ما أسمـــى الـلـواءُ بها    والسبطُ يُعطي من الجبّارِ ألـــــــــويتهْ

والمنتهى قمرٌ ماسَ الــخلــودُ على    صراطهِ وتهادى ســـــــــــــــاكباً هِبتهْ

وقال من قصيدة (زينبٌ .. كوثرُ الأبجديَّات) وتبلغ (25) بيتاً:

أجيئكِ مــــــــن نهرِ المواجعِ أطهرُ    لأحـــــــــيَا وأنفاسي بحبِّكِ تكبرُ

أجـــــــــيئكِ حرفاً في كواثرِ سُورةٍ    ومُصحفَ شوقٍ من غنائك يهدرُ

أنا فتنةٌ تـجري بنهركِ هــــــــمسُها    يضجُّ وفــــي كلِّ المساحةِ يجهرُ

أيا زينبٌ وانسابَ مـــــــن ملكوتها    رعيلٌ من الــنبـضِ الذي يتجمهرُ

أكحِّلهُ بالضـــــــــــــوءِ منكِ وظلهُ    تمشّى بأســــــــرابِ التلاوةِ يبحرُ

فيا قطعةً من قلبِ أحمدَ لم تـــــزلْ    تصلّي بتولاً بالـــــــــشهادة تسكرُ

خذي بي كجسرٍ مدَّ أشهــــى حبالهُ    ليَرقى وفي كلِّ الطــــهارةِ يَسْدرُ

وصبِّي بكأسِ اللهِ نصـــــفَ غمامةٍ    لتنثرُنا كوناً بعشقكِ يـــــــــــزهرُ

ورشي سماواتِ الـــجراحِ لنرتوي    فسائلَ حبٍّ في فضائكِ يــــــسهرُ

فها إنني فتَّحـــــــــتُ وجهَ مسائلي    وحاجتُها في أقدسٍ منكِ يـــــقطرُ

أجيبي فجـــرحُ الليلِ خطَّ مواجعي    ونحوكِ أمضي لا أَملُّ وأعـــــثرُ

فيا زينبٌ حسبُ السماءِ مــــــــودَّة    تخرُ على شطّيـــــــكِ حين تُمَرَّرُ

ويا موطنَ الغيـبِ الذي لو تمرَّدتْ    حكاياهُ ظلَّ الغيبُ فـــــيكِ يُصوَّرُ

ويــا بضعةً مـا فارقَ الصبرُ قلبَها    أجيئكِ مكسوراً وشوقــــــيَ يُقطّرُ

فإنــــــــــــي معاناةٌ تُسامِرُ حزنَها    لتلثمَ فيكِ الصبرَ والصـــــبرُ أكبرُ

وتجرحُ نبضَ الأرضِ كيما تصبَّهُ    رواءً من القلبِ الذي بــــات يُنذرُ

لأني جنيتُ الوصـلَ حيثُ تفتحتْ    رياحينُهُ العطشى بمائكِ يـــخضرُ

أنا والنوى شبَّ الــضرامُ بروحِنا    ولهفتُنا للطهرِ زيــــــــــــنبَ تكبرُ

أنا بقعةٌ ما جفَّ منــــــــها حنينُها    ولكنما جـفَّ الطريقُ.. أأعـــــبُرُ؟

أأعثرُ في شـوقي.. ودونـكِ مشهدٌ    يلمُّ حنايا العاشقينَ ويَســـــــــحَرُ؟

أأظماكِ حـرفاً تيَّهَ الشـــوقُ وقعهُ    وأنتِ بكلِّ الأبجدياتِ كـــــــــــوثرُ

يــــــــزمزمُنا في تمتماتِ زيارةٍ    سلامٌ أيا حــــــــوراءُ فالبوحُ يُمطرُ

فهذي صلاةُ الــــــعاشقينَ تلوتُها    ألا فاقبلي الفرضَ الذي ليس يقصرُ

ويمَّمتُ قلبي نحو لــطفكِ خاشعاً    يـــــــــــهسهسُ ترتيلاً ودمعهُ أبحرُ

فــــــــــــثمةَ مدٌ حالمٌ في مسيرهِ    خــــــــتامُ النوى والخاتماتُ تُصدَّرُ

وقالت من قصيدة (جراح الياسمين) وهي في السيدة زينب (سلام الله عليها) وتبلغ (15) بيتاً:

وعندكِ.. حينَ أوغلُ في اشتياقي    أجيئــــــــكُ مثلما بذخِ العراقِ

وبي وشــــمُ السماءِ على نشيدي    وتلكَ هوايةُ الأملِ الـــــــمُراقِ

وبي شرقٌ جـــــــــهاتيُّ الحـكايا    يفصّلُ من حكايــــــاهُ احتراقي

ومثلُ الشّامِ جرحي ياسمـــــــينٌ    إذا حانَ الـــــــــبكاءُ من العناقِ

خذيني سوفَ أبتكرُ انــــــتظاراً    يليــــــــقُ برعشِ ذاكَ الإنهراقِ

أنا من فرط ما انكسرتْ ظلالي    رأيتُ الضوءَ يغرقُ في انسياقي

وبي وترٌ يوبِّخُ لحـــــنَ عمري    إذا نسيَ الحــــــنينَ إلى إنهراقي

وبي أرجوحةُ الكلمــاتِ تسري    بليلي بين هسهســـــــــــةِ الفراقِ

فكوني لي كمالَ الحــــبِّ علّي    أفتشُّ بين سبعتــــــــــــكِ الطباقِ

عنِ الفرحِ الجديدِ إذا تــــناءى    وكوني العمرَ في لغةٍ تُســـــــاقي

وكوني ما يؤرّقني لأشـــــــفى    فنخبُ الحبِّ بيــــــنَ الروحِ باقي

إذا عاقرتُ أمنيتي سأعطــــي    إلى الفردوسِ كاساتــــــي البواقي

فيا بنتَ الحياةِ هنا دمشـــــــقٌ    ستمطرُ في عباراتي الـــــــــرِقاقِ

هنا أبدو بفــــــــرطٍ من سماءٍ    وموجٍ من حنينٍ وازرقــــــــــــاقِ

هنا أبدو وزينبَ في شعوري    تدلَّتْ فوق أغصــــــــــــانِ الرّواقِ

وقالت من قصيدة (الغرقد الأظمى) وهي في أئمة البقيع (عليهم السلام)

من مهجعِ النايِ ضاقَ اللحنُ وانتظرا    غنّى اللهيبَ فساقتهُ السّما قــــدَرا

غنّى اللهيبَ ولا في دربهِ أفـــــــــلتْ    أرومةُ الشعرِ كيما يوقد الشـــجرا

غنّى وأســــرفَ في تلوينِ هاجــــسِهِ     بحشرجاتِ النوى والآهِ والــــفقرا

فاصّاعدتْ مــــنه أشواقٌ يُسامـــرُها    غيبٌ حزينٌ على آفاقِــــــــها انتثرا

كما الصلاةُ، كمــــا حُبي، كما ولهي    كما الندى لو على أشواكهِ انتصرا

كما الرفيفُ يفورُ الــــوجدُ من يـــدهِ    ليكتبَ الليلَ عمراً يستفـــيضُ قُرى

ليكتبَ الضوءَ مرثياتِ ســـــــــادنـهِ    أهدى إليَّ نواهُ وامتــــــطى السّهرا

أنا وحزنيَ قنديـــــــــــلانِ تـــسكننا    حمائمٌ يثربـــــــــــــــيّاتٌ لهنّ ذرى

قد جئنَ في حالةِ الرّمَّالِ يوجِــــــعُهُ    حالُ البقيعِ وســـــــورٌ ألهبَ النظرا

يزجي حنيناً أمدَّ الله رونـــــــــــــقهُ    فليسَ فيــــه سوى عينٍ غدتْ مطرا

والقبرُ عرشٌ ألــــــــوهيٌّ مناهلُـــهُ    بطنُ الــسماواتِ من أعماقِها انهمرا

سكنتُهُ بتبـــــــاريحي وشجوِ فــمي    زيــــــــارةً ضجَّ فيها الدمعُ واستعرا

أنا استطـبتُ حنيني فاستقى بدمــي    فـــجئتُ أنزفُ كلّي في لظى الشعرا

جئتُ البـقيعَ أناجي ما انــحنى ألماً    تقدّسَ الحزنُ في روحي هوى عَطِرا

جئتُ الــبقيعَ وأورادي علــى لغتي    ثكلى بنبضي تصلي القبرَ والأثــــرا

شُدْ أيّهــا الرملُ ظلاً وانتشــق ألماً    وزَمْزِمِ الأملَ الآتي بنـــــــا سِــــورا

أوّاهُ يـا الـغـرقدُ الأظمى ويـا وطناً    ألقى مواويله إذ لــــــــــــحنهُ انكسرا

شواطـئُ الـغيـمِ ألقتْ حزنَ عالمِها    وراوحتْ كحَمَامٍ القبرِ حيـــــنَ سرى

فــما الــذي أيــقظَ الترتيلَ في غدِهِ    غداةَ أسكنَـــــــــــهُ شجواً بنــــا عبرا

ومـــــا الذي أيــتمَ الآمالَ فانتبذتْ    وادٍ مــــــــساءاتهُ ساقتْ لنا الــــخبرا

تهدّمت نبرةُ الأشــياءِ واحتضرت    سواقيُ النورِ مُذ في تربهِ احتــــضرا

مــــــذ القبورُ تهاوتْ واختفى أثرٌ    مــــــن بعد عينٍ ثريّا أُنزلتْ لثرى..!

وقال من قصيدة (رقية.. سورة الآلام):

خشــــــعَتْ بساجـــدةِ الخطى آياتي    بمقامها المُتناسكِ العَتبـــــــــــــاتِ

وسرتْ مع الأنـــفاسِ حين توجهّتْ    هِبةُ البكاءِ بدمعــــــــــــةِ القرباتِ

تُرسي بـــذكـــراها القلوب مواجعاً    تُسقى بداجي الـــليلِ في الصلواتِ

تدنو رويــــــــــــداً والقلوبُ تمسُّها    تهويــــــــــــــدةٌ مكسورةَ الأوقاتِ

حتى تـــؤدِّي فــــرضَ حزنٍ سادرٍ    في الوجدِ، في الآلامِ، في الميقاتِ

يا قِبلـــةَ حتى السمــــــــــاء تؤمُّها    بزيارةٍ مجروحـــــــــــةِ السجداتِ

وحـــروفُها قــــــلبٌ صغيرٌ ساكنٌ    شاماتِهِ المسكونة الغُــــــــــــرباتِ

كانت رقيـــــــةُ تستدرُّ جروحَـــها    بالنزفِ حين تغوصُ بالسَكنـــــاتِ

كانت حكاياتُ الــــــظلام تمـــدُّها    ذكرى الطفوفِ وسورة الرعشـاتِ

قد أتعبتها النائباتُ وروحُـــــــــها    غرقتْ بمسِّ الشوقِ والدعــــــواتِ

دون الرؤى عاشت تهاويمَ الدجى    فرأت حسيناً نازفَ النبـــــــــضاتِ

فمضتْ إلى مدِّ اصـــطبار حنينِها    تدعو أبـــــــــاها في لظى النبراتِ

فتغيبُ في حدِّ النشـــــيجِ وترتمي    بالروحٍ فوق الـــــــرأسِ بالشهقاتِ 

وقال من قصيدة (الموجُ المُهال) وهي في السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)

ما للمدى يُهدِي إلـيَّ حـــــــــــــنينَهْ    كيما أناجــيَ في الهـوى مكنـونَهْ

ما للطريقِ إذا اســتعارَ حشاشـــــتي    أورى الــضرامَ، أذاقـني سِـكّينَهْ

مالي إذا خـــطَّ الحنينُ جِــــــــراحهُ    بصحيــــــفتي واخـتطَّني تلـحينه

مالي وأجـــراسُ اللقاءِ تحوطـــــني    فلقدْ عــرِفتُ مـن اللقاءِ غضـونَهْ

فأنا وهمْ، نـحنُ المُريدونَ الـــــهوى    لمّا انـتظــــرنا الحبَّ زادَ فتـونَهْ

همْ قدْ أهـالوا الموجَ بينَ خـــــطاهُمُ    وأنــا كبحــــري.. أستفزُّ سفـينَهْ!

كانوا علـى نغمِ الــــــزيارةِ نبـــــرةً    أخـرى، وكـــنتُ بوحدتي تبـيينَهْ

مرّوا عـليَّ يُجاذبـــــــونَ تولُّـــــهي    ضــعنوا، فـعرّفني اللقاءُ شـؤونَهْ

وامـتدَّ لي جسرٌ كأوّلِ بــــــســـــمةٍ    للكـونِ.. ساقَ وضوحَهُ وسكـونَهْ

فلمـستُ فُسحَتَهُ ولمْ تكُ نعمــــــــــةٌ    كمســيرِ روحي.. فالتقرُّبُ حِـينَهْ

كتـجرُّدي مني إليكِ، بمفـــــــــردي    والـخطوُ أعمى قدْ أضاعَ عيـونَهْ

بيـدي فؤادي مستفيــضاً خـــــاشـعاً    مُـــــــــــــتقرّباً ألقى إليكِ سنـينَهْ

هـا جئتُ لا أدري بنـــــبضي هاتفاً    أختَ الرّضا، هل تسمعين أنيـنَهْ؟

جاوزتُ خفقَ الوالهينَ وهاجـــــني    أملٌ لـِ قُمٍّ.. فـــــــــالتبستُ جنـونَهْ

وأتيتُ مولاتي بــبعضِ بضــــاعةٍ     عطشى، وقدَ كنتِ الهوى ومَعـينَهْ

متعكّزٌ بمــــــــسائلي وبـــــحاجتي    والبوحُ قدْ أخــــــذَ الفؤادَ ضعـونَهْ

وندى الضريحِ على الــيدينِ أحسّهُ    فــــــــردوسَ أُمنيتي يُسابقُ حـينَهْ

وزيارتي بالدمــــــــعِ جادَ سحابُها    من بعـــــــــدِ أن ألقى إليَّ مـزونَهْ

فــــــــقرأتُها وأنا الغريبُ بلهجتي    يا دوحَ ترتيلـــــــــــي ويا نسـرينَهْ

وذرفتُ آمالي بحضرتكِ الـ سَمتْ    إذْ كنتِ للهادي النبــــــــيِّ غصونَهْ

ومن اليـــــــقينِ إلى اليقينِ تعلَّقتْ    روحي هنا .. والقلبُ صبَّ شجونَهْ

يتلو ، يسلِّــــــمُ، يستجيرُ ويحتمي    يا بنتَ موسى فاقبلي مَـــــــــسكينَهْ

وقالت من قصيدة (أنا وشلال من ظمأ..)

وأتيتُ

أفتتحُ البكاء

بيومكَ المغروسِ

في جسدِ السَّماءْ

ملقىً على زغبِ الملائكةِ الظِماء

يذوي كَنهرٍ يستفيقُ بجسمكَ

المغمورِ بالتَّقوى

إذا صلَّتْ سواقيهِ

وأدَّى في جفونِ الظّهرِ نافلةَ الدِّماء

ذاكَ السكونُ النازحُ الدّنيا يضجُّ بسُبحتينْ

في شكلِ طفلٍ

أُرضِعَ السّهم المثلثَ مرتينْ

حينَ استدارَ السيفُ كي يهوي بحدتهِ

على جسدِ الصلاة

فيؤجِّل ُ الدُّنيا ويخطو نحو آخرةِ الدُّعاء

ماذا عساه أن يبوح

وكلُّ جارحةٍ تفيضُ بقدسِ ماء..!

مفتنَّةٌ بالراكعين

على ثنايا الوقت مصلوباً كمثلِ الأنبياء

والسبطُ يبحرُ في الوجود

متزمِّلاً بذُرى النبوة

تالياً عطشَ الورود

وترابهُ قد نَفَّضَ الأشواكَ من تأريخها

فنمتْ قرىً من قلبهِ المسكونِ نزفاً

فاستوتْ بوَّابةً للأولياء

يا رعشةَ الدَّربِ الطويلِ إلى البكاء

جئناكَ نوجزُ بعضَ لهفتنا

لنقرأها زياراتِ الرِّثاء

كلُّ السَّلامِ عليكَ يا ثارَ الإله

يا وارثَ الرُّسلِ الذينَ تطرَّزوا بالحب

حتى يتَّمتهمْ دمعة

غسلتْ قواريرَ الجفون

فطافَ في آنائها الصبحُ الملوَّنُ بالولاء

يا سيّدَ الوجعِ الذي أهدى الشِّفاء

ظَمأي كشلالٍ تبحَّرَ في يديك

ليعودَ في صوفيّة

يتلو تعاويذَ الهجير

محمَّلاً بالباقياتِ من النَّزيف

بلظى السَّهامِ ال تستريحُ على فؤادكَ سيّدي

مبهورةٌ بمواسمِ التسبيحِ في وجهِ الشِّفاه

حين اعتصرتَ الترب

تحضنُ حرَّه:

"إن ْ كانَ دينُ محمدٍ لم يستقم

إلا بقتلي يا سيوف"

خذي دمي إني حكاياتُ الفداءْ

..........................................

1 ــ نشرت قصائدها على موقع ممهدات بتاريخ 13 / 11 / 2013 ــ موقع شعراء أهل البيت ــ شبكة فجر الثقافية

ترجم لها:

الشيخ محمد صادق الكرباسي / دائرة المعارف الحسينية ــ ديوان التخميس ج 3 ص 65، 92 ، 95، 97

سعود عبد الكريم الفرج / شاعرات معاصرات من الجزيرة والخليج

لؤي محمد شوقي آل سنبل / الأمل الموعود

هلال العيسى / شاعرة القطيف أمل الفرج: الشعر لا يمرض ولا ينطفئ ولا يموت صحيفة شاهد الآن الألكترونية بتاريخ 14 / 5 / 2020 / حوار

جمال الناصر / الفرج: الشعر حالة إنسانية والشاعر يحفر حضارته في سجل الحياة ــ صحيفة القطيف اليوم، بتاريخ 7 / 11 / 2018

علي الشيخ / أمل الفرج ورهان اللحظة المستحيلة، صحيفة القطيف اليوم، بتاريخ 24 / 5 / 2022

المرفقات

: محمد طاهر الصفار