47 ــ أحمد الوائلي: (1347 هـ ــ 1424 هـ / 1928 – 2003 م)

أحمد الوائلي: (1347 هـ ــ 1424 هـ / 1928 – 2003 م)

قال من قصيدة (رسالة الحسين عليه السلام) وتبلغ (39) بيتاً:

ويا (كربلا) يا هديرَ الجراحِ     وزهــوَ الدَّمِ العلويِّ الأبي

ويا سفرَ ملــــــحمةِ الخالدين     بغيرِ البطــــــولةِ لم يُكتبِ

ويا شـــــــــــــفةً بنشيدِ الدما     تغرِّدُ عبرَ المدى الأرحبِ (1)

وقال من قصيدة (شموع الطف) وتبلغ (56) بيتاً:

مررتُ على تلك القبورِ بـ (كربلا)     وقد جادها بالسارياتِ هموعُ

فأدهشني أن التــــــــــــرابَ ملاحمٌ     يـفرَّدُ فـيها فـــــارسٌ وقريعُ

وكم من حديـثٍ بالتـــرابِ وصمْتِهِ     إذا ســألوا عـنه الترابَ يذيعُ (2)

وقال من قصيدة (إلى رحاب الإمام الحسين عليه السلام) وتبلغ (26) بيتاً:

وبآهاتِ نســـــوةٍ منذ يوم الـ     ـطفِّ للآنَ ألهبــــتْ (كربلاءَ)

خبِّريه بــــــــأنّني لم أعدْ أقـ     ـوى على حملِ ما أردتُ رداءَ

لَمْ أَعُدْ ذلكَ النعيتُ الذي يحـ     ـملُ ذكراهُ لوعةً وشجـــــــــاءَ

وينــــــاغي بوجدِه ساجعاتٍ     كمْ حملنَ الحنيـــــنَ والأصداءَ (3)

وقال من قصيدة (عقيلة الطالبيين) وتبلغ (72) بيتاً:

إنها (كربلاءُ) تمتـــدُّ للشـــــــا     مِ لتروي عـدلَ السما للعقولِ

حيث يهوي للقاتــــــــلينَ لواءٌ     ويــــــــرفُّ اللـــواءُ للمقتولِ

يا ابنة المجدِ في مدى آل فهرٍ     وابنة الوحي في مدى جبريلِ (4)

وقال من قصيدة (في مدرسة الإمام السجاد عليه السلام) وتبلغ (19) بيتاً:

إلى أن ذوتْ روحٌ وفاضتْ لربِّها     وفيهــــــا مآسي (كربلاءَ) معالمُ

ونــــــامتْ على رملِ البقيعِ تبلّها     سحـائبُ حزنٍ والدموعُ السواجمُ

فلا بارحـــتْ رملَ البقيعِ مشاعرٌ     زكــتْ وقلـــــوبٌ بالولاءِ حوائمُ (5)

الشاعر

الشيخ أحمد بن حسون بن سعيد بن حمود الوائلي الليثي الكناني (عميد المنبر الحسيني) ولد في النجف الأشرف مدينة العلم والعلماء من أسرة عربية تنتمي لآل وائل من بني ليث الكنانية العدنانية، ولها فروع في عدة مدن عراقية في الجنوب. وكان الشيخ حسون والد الشيخ أحمد الوائلي من الخطباء الشعراء فترسم ابنه نهج هذا الوالد الفاضل وحذا حذوه في طريقه إلى المنبر. (6)

درس الوائلي المقدمات في مدينته ثم دخل منتدى النشر فدرس العلوم الأدبية والشرعية على يد العديد من الأساتذة منهم: الشيخ حسين زاير دهام، والشيخ محمد سعيد مانع، والشيخ علي ثامر، والشيخ عبد المهدي مطر، والشيخ علي سماكة والشيخ هادي القرشي، والسيد حسين مكي، والسيد محمد تقي الحكيم، والشيخ محمد حسين المظفر، والشيخ محمد تقي الإيرواني، والشيخ محمد رضا المظفر.

كما درس الحكمة لدى الشيخ علي كاشف الغطاء، والخطابة لدى السيد باقر سليمون (7)

ثم أنهى دراسته الحوزوية بمرحلة البحث الخارج فحضر المباحث الفقهية ومباحث الأصول الفقهية لكبار المجتهدين من المراجع في وقتها أمثال: آية الله السيد محسن الحكيم، وآية الله الشيخ محمد طاهر آل راضي، وآية الله الميرزا السيد حسن البنجوردي، وآية الله السيد محمد باقر الصدر، ثم آية الله السيد أبو القاسم الخوئي. (8)

وتمرن في الخطابة منذ النشأة فقد صحب على طريق التلمذة فريقاً من الأساتذة وأكثر من ملازمة بعضهم وهو الخطيب السيد باقر السيد سليمون. واستمر يتجلى بفنه تجليا مما دعها أساتذته أن يعجبوا به وينظرونه نظرة الإكبار والاحترام، وسار قدما دون أن يثنيه شيء سوى تحقيق هدفه الذي رسمه لنفسه وهو التفوق في الخطابة (9)

قال الخاقاني: حضرت له عدة مجالس كانت أشبه بالمحاضرات دلت على سعة اطلاع وحسن إلقاء والتفاتة كانت تسترعي أذهان المثقفين قبل السذج، قد وفق كل التوفيق فيها فقد ماشى فيها متطلبات الزمن ومقتضيات العصر ونال بها إعجاب المعظم إن لم أقل الجميع وهو في سن مبكرة استكثرها عليه كثير من أخدانه بل وحتى أساتذته (10)

وكان من أساتذته في الخطابة أيضاً الخطيب الكبير الشيخ محمد علي القسام، والخطيب الشهير الشيخ محمد علي اليعقوبي (11)

وقد تتلمذ على يد الوائلي العديد من الأعلام منهم: الخطيب الشهيد الشيخ عبدالرزاق القاموسي، والخطيب السيد حسن الكشميري، والخطيب السيد قاسم الغريفي، والخطيب الدكتور فيصل الكاظمي.

كما تأثر بمنبره الشيخ الوائلي العديد من خطباء المنبر الحسيني، منهم من كان يتأثر ويعكف على تلحيظات الشيخ العميد بترددٍ دوري عليه وبتوجيهات متباعدة، أمثال: الخطيب الدكتور الشيخ فاضل المالكي، والخطيب الدكتور الشيخ باقر المقدسي، والخطيب الشيخ ابراهيم النصيراوي، والخطيب السيد عامر الحلو، والخطيب السيد مضر الحلو، والخطيب الشيخ محمد رضا الخفاجي. وغيرهم ..(12)

أما في الجانب الأكاديمي فقد دخل الدراسة الابتدائية ثم المتوسطة ثم الكلية ثم دخل كلية الفقه عام 1958 وتخرج منها عام 1962 وحصل على شهادة البكلوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ثم حصل على شهادة الماجستير في نفس الاختصاص في معهد الدراسات العليا التابع لجامعة بغداد، وكانت رسالته بعنوان (أحكام السجون بين الشريعة والقانون) عام 1969.

وتابع الوائلي دراسته في مصر حيث درس في كلية دار العلوم جامعة القاهرة ونال منها درجة الدكتوراه عام 1978 عن إطروحته الموسومة (استغلال الأجير وموقف الإسلام منه) (13)

استطاع الوائلي تأسيس مدرسة منبرية استقطبت الكثير من شرائح المجتمع، وكان لمنبره الفكري المجدد الذي امتاز بالتنوّع المعرفي المنسجم صدى كبيراً في الأوساط العلمية والأدبية. كما رفد منبره بالعديد من المؤلفات فكان الوائلي شعلة متوقدة بالعلم أثرى المكتبة الإسلامية والعربية ــ فضلاً عن ديوانه ــ بالعديد من المؤلفات العلمية والعقائدية، كانت مخاض دراسته وتحقيقه أضافة إلى رسالتيه اللتين حاز بهما على درجتي الماجستير والدكتوراه واللتين ذكرناهما آنفاً.

فقد ألف في مواضيع عدة تستشف مضامينها من عناوينها ومن كتبه:

هوية التشيع

نحو تفسير علمي للقرآن

دفاعٌ عن حقيقة التشيع

تجاربي مع المنبر

من فقه الجنس في قنواته المذهبية الخمس

أحكام السجون بين الشريعة والقانون

استغلال الأجير وموقف الاسلام منه

السيدة زينب الكبرى (ع)

وله مؤلفات مخطوطة:

الأوليات عند الإمام علي بن أبي طالب (ع)

الخلفية الحضارية لمدينة النجف الأشرف

مباحث في تفسير القرآن الكريم

منتجع الغيث في الصحابة والأعلام من بني ليث

جمعيات حماية الحيوان في الشريعة الإسلامية

الأدب في عصوره الثلاثة

رسالة الشيخ الشبيبي في الأدب

مقدمة كتاب الألفين للشيخ العلامة الحلي

حجية ظواهر القرآن

الصحيح والأعم في علم الأصول

مفهوم البداء (14)

الغربة

هاجر الشيخ الوائلي سنة 1979 إلى العاصمة السورية دمشق بسبب الضغوط السياسية، فأقام فيها مدة 24 سنة. و قد حلّ في عددٍ من البلدان التي أحيا فيها مواسم الخطابة وهي:

الكويت، الإمارات، البحرين، قطر، عُمان، لبنان، المملكة المتحدة البريطانية (15)

رحلة طويلة شاقة قاسى بها كثيراً من الآلام والمشقات والترحّل في البلاد في سبيل عقيدته ودينه. قدم خلالها رصيداً ثراً دفيقاً بالمعطيات الضخام وانجازات فكرية وأدبية كبيرة بعد أن نذر عمره للمنبر الحسيني.

ثلاثة وعشرون عاماً عاشها في الغربة كابد فيها مرارة البعد عن الأهل والوطن، فكان كثيراً ما يلجأ إلى الشعر ليجد متنفسّاً عن همومه وأحزانه, ففضلاً عن معاناة الغربة التي كانت تكوي أضلاعه فقد كان يسمع بين فترة وأخرى برحيل أحد العلماء الأعلام من زعماء الحوزة العلمية الشريفة أو أحد أقرانه ممن كانوا معه في رحلة طلب العلم أو أحد أقربائه أو أصدقائه فتطفح لواعج الحزن على لسانه:

أحبايَ ما أقسى على البعدِ غُربتي     وأعنفَ وقعِ الحزنِ مما أصوِّرُ

وبعضُ أحبــــــائي بعيدٌ وبعضهم     يغيّــــبُ في عفرِ الترابِ ويُقبرُ

وهيهات أن أسلو وللموتِ والنوى     معــــاولُ في قلبي تحزُّ وتحفرُ (16)

ورغم هذه المحن التي لازمت حياته فقد كانت حياته كلها عطاءً مستمراً

شعره

لم ينحصر إبداع الوائلي وتميّزه على الخطابة فمثلما كان خطيباً هادياً ومبلغاً كبيراً، فقد كان شاعراً ملتزماً يرى الشعر رسالة مهمة للتوجيه والتبليغ وليس ترويحاً عن النفس:

أكبرتُ دورَ الشعرِ عمّا صوّروا     وعرفتُ رزءَ الفكرِ في من لم يعوا

فالشعرُ أجــــجَّ ألفَ نارٍ وانبرى     يلوي أنوفَ الظـــــــــالمينَ ويجدعُ (17)

فقدّم قصائد خالدة من عيون الشعر العربي ضمَّها ديوانه الذي احتوى على العديد من الأغراض أهمها مدح أهل البيت (عليه السلام) ورثائهم وقد احتل هذا الغرض القسم الأكبر من ديوانه وكان أهم جزء في هذا القسم هو رثائياته المفجعة لسيد الشهداء (ع) والتصوير المؤلم لواقعة الطف.

وقد بدأت رحلة الوائلي مع الشعر مبكراً فقد كان للبيئة النجفية كبير الأثر على صقل مواهبه فنشأ شاعراً على طراز شعراء النجف الكبار، كما شكّل المحيط النجفي الخصب عاملاً مهماً في نمو قريحته فأخذ يعبُّ الشعر في مجالس النجف ومنتدياتها ثم بدأ يقرأ ويحفظ لمجموعة من الشعراء المتقدمين بدءاً بالشعر الجاهلي والشعراء الكبار في العصور اللاحقة، فحفظ للمتنبي والشريف الرضي والبحتري وأبي تمام ومهيار الديلمي والفرزدق والكميت وجرير ودعبل الخزاعي وغيرهم كما قرأ الترجمات لدواوين عمر الخيام وسعدي الشيرازي وقرأ للشعراء المعاصرين العرب والعراقيين وتأثر كثيراً بشاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري.

وكان لتفاعله مع الوسط الأدبي النجفي أثر بارز في العاطفة المتدفقة في شعره وبخاصة قصائده الباكية المبكية في ذكرى واقعة الطف وذكر المصائب والرزايا التي جرت على آل الرسول في كربلاء.

يقول من قصيدته (إلى الكعبة الغراء) وهو يستنشق عبير النبوة وشذى الوحي من حراء:

دلفتُ إلى الوادي وفي النفسِ صورةٌ     تلوحُ ولــــــــكن لا تبينُ لرائي

فــــــــآنستُ فوق الرملِ خطوَ محمدٍ     وفي الأفقِ أطيافاً وسحرَ رواءِ

وسيمــاءُ وجهٍ ترسمُ الطهرَ والشذى    على كلِّ وجهٍ بــــــالحمى وفناءِ

غداةَ تخطـــــــاها النبـــــــــيُّ مهللاً     ليستافَ نفحَ الوحي عــندَ حراءِ

وعادَ وعادَ الوحـــــــيُ بينَ شفــاهِهِ     مقاطعَ آيـــــــاتٍ وجــرسَ إداءِ (18)

وفي قصيدته (دعاء عند الرسول الكريم صلى الله عليه وآله) يستحضر الوائلي في ذهنه حياة الزهد التي عاشها أصحاب الكساء في البيت الذي نشر على الأرض أنوار السماء وأنقذهم من الجاهلية الجهلاء.

وتعدّ الزهراءُ من أدُمِ الطـا     ئفِ فـرشــاً وخيشةً للقعودِ

أكلوا والــــنبيُّ في دعواتٍ      ضارعـاتٍ بخشعةٍ وهجودِ

إيهِ آلِ النبــــيِّ ما مثل هذا      أيَّ مــجدٍ من طارفٍ وتليدِ (19)

وفي قصيدته (في رحاب الرسول صلى الله عليه وآله) يقول:

ويؤلمكَ الإنـــــــــسانَ يقتلُ تربَه     ودونَ الدماءِ الحمرِ ما هوَ أصوبُ 

وقــــــــــد تحسبنّي ظالماً متجنّياً     تناسى الذي يفضــــــي لذا ويسبِّبُ

وكُلاً فما أنسى كروشاً تضخَّمتْ     من السحتِ يجني والكـسيرةُ تنهبُ

ولا بالذي ينسى سيــــــاطاً لئيمةً     تشظي جلودَ الكـــــادحيــنَ وتلهبُ

ولكنني أرثي لناسٍ تفــــــــرُّ من     جحيمٍ ليحويــــــــــها جحيمٌ مذهَّبُ (20)

ويستجلي الوائلي ملامح سبط رسول الله الأكبر الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وصفاته التي ورثها عن أبيه وجده، ويرد على المرجفين الذين طعنوا في شخصيته العظيمة فيقول من قصيدته (الإمام الحسن عليه السلام):

ماذا؟ أأنــتَ تخافُ والجدُّ الذي     ينميــــــكَ والأبُ شعلةٌ تتوقدُ

ولكَ المواقفُ والمشـاهدُ واحدٌ     يـــروي وآخرَ بالبطولةِ يشهدُ

فالنهروان وأرضُ صفيـنٍ بها     أصـداءُ سـيفِكَ ما تزالُ تعربدُ

وأبوكَ حيدرُ والحيــادرُ نسلُها     من سنخِها وابنُ الحسامِ مهنّدُ (21)

وفي (غدير علي) يستشعر الوائلي من تلك الصحراء اللاهبة نسائم الولاء والحب ويغترف من هذا المورد الدافق:

طفا غديرُكَ عذبُ الوردِ يومئ للـ     ـعطاشِ أن ينهلوا مـن خيرِ مورودِ

لكنَّ من ألِفَ المرَّ الذعـافَ نبا به      فمٌ عن لذيــــــــــــــــذِ الطعمِ يبرودِ

وبالمراضِ عزوفٌ عن لذائــذِ ما     يُجنى ورُبَّ عــزوفٍ غيرِ مقصودِ

لكنه الدربُ قادَ السالكيــــــنَ إلى     غايــاتِهِ بين محــــــــظوظٍ ومجدودِ

والحمدُ للهِ أن هُدنا إليكَ عــــــلى     وعيٍ ومنحـــةِ توفيــــــــقٍ وتسديدِ (22)

ومرة أخرى يقف أمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في قصيدته (مع الإمام علي) ليقول:

أعليُّ يؤذيهِ رأيٌ رقيـــــــــعٌ     لابنِ عاصٍ أو كذبةٌ من سجاحِ

والوجوهُ المشــــــوِّهاتُ بديهٌ     لصقُها العيبَ بالوجوهِ الصباحِ

فليزدْ ما لديكَ من كلِّ مـــجدٍ     وليـــــــزدْ كذبــهمْ من الالحاحِ

لا ألومُ الزمانَ إن ضاقَ عمَّا      أنتَ فيه مــــن الحجومِ الفساحِ

فمحالٌ أن تلبسَ الشمسُ ثوباً     أو تُصبَّ البحـــــــارُ في أقداحِ

وحريٌّ لو أنكرتكَ نفـــــوسٌ     حجمُها حجمُ مالها مــــن براحِ (23)

وفي (محراب العشق) يهزه عشق سيد الأوصياء (عليه السلام) ويؤخذ بعظمته فيقول:

لا تلمني إن خــــــــانني التعبيرُ     فمتى يحتوي الكبيرَ الصغيرُ

أنتَ ملءُ الدهورِ حجماً ومعنىً     وأنا بــعضُ ما حوته الدهورُ

بيدَ أنّي ألقاكَ في أفــــــقِ العشـ     ـقِ كما يــلتقي الفراشَ النورُ

ولكلٍّ منّا هنـــــــــــــــالكَ دورٌ     أنتَ تهمي الـسنا ونحنُ ندورُ

إن تكنْ تأسرُ المشاعــــرَ قهراً     ما هوَ الــعدلُ أن يلامَ الأسيرُ

فمتى يُؤخذُ الأسيرُ اختيـــــاراً     ومتــى اخــــتارَ قاهراً مقهورُ

ركضتْ خلفكَ القلوبُ وسـرنا     خلفها وانتهى إليــــــكَ المسيرُ (24)

ويسكب دمعه (مع النفس) في رثاء أمير المؤمنين:

أبا حسنٍ والليلُ مرخٍ ســـــــــــــــدولَه    وأنتَ لـــــوجـهِ اللهِ عـــــــانٍ تناجيهِ

براكَ الضنى من خوفِ باريكَ في غدٍ     وقد أمنَ المغــرورُ من خوفِ باريهِ

على شفتيكَ الذكـــــرُ يطفـــــحُ سلسلاً     فتنهـــــــــــلْ عــلَّاً من سموٍ معانيهِ

وغالتكَ كفُّ الرجــــسِ فانفجعَ الهدى     وهُدَّتْ من الديــــنِ الحنيفِ رواسيهِ

أبا حسنٍ من روحِــــكَ الطهرِ هبْ لنا     شعاعاً فركبُ الشعبِ قد ضلَّ هاديهِ

حنانيكَ حرِّرْ في هـــــــــــداكَ نفوسَنا     فأنتَ أبـــــــــو الأحرارِ حين نناديهِ (25)

وإلى (أبي تراب) أيضاً يكتب الوائلي قصيدته ليستلهم منه أسمى معاني العظمة:

إنّي أتيتكَ أجتــــــــــليكَ وأبتغي     وِرداً فعندكَ للعطاشِ معــــــينُ

وأغضّ من طرفي أمامَ شوامخٍ     وقعَ الزمــانُ وأسهـــــــنَّ متينُ

وأراكَ أكبرُ من حـديــثِ خلافةٍ     يستامُـها مــــــروانُ أو هارونُ

لكَ بالنفوسِ إمامةٌ فـيهـــونُ لو     عصفتْ بكَ الشورى أو التعيينُ

فدعِ المعاولَ تزبئرُ قســـــــاوةً     وضـــــراوةً إنَّ البنــــــاءَ متينُ

أأبا ترابَ وللتـــــــرابِ تفاخرٌ     إن كانَ من أمشــاجِهِ لكَ طيـــنُ (26)

واستوحى الوائلي من (إيحاءات نهج البلاغة) هذه الأبيات من قصيدة:

إنه ابنُ القرآنِ والإبـــــــنُ كالأبِ      وإن لــــــــــجَّ حاقدٌ مـــوتورُ

يتمادى فينكرُ البديـــــــــــــــــــها     تِ فحجرٌ بـوعيــهِ مـــحجورُ

وغباءٌ أن لا يُرى الأصـــلُ بالفر     عِ وبالفرعِ تـستبيـــنُ الجذورُ

فوراءُ الشعاعِ لابدَّ شمــــــــــــسٌ     ووراءُ النهجِ الشـــذيِّ زهورُ

غيرَ أنّ الأنغــــــــــامَ يُسألُ عنها      صادحاتُ الخميلِ لا الـيعفورُ

قممُ الفكرِ في كتــــــــــــابِ عليٍّ      شاهقـاتٌ تنحطُّ عنها الصقورُ

نائياتٌ بها الشــــــــــــــــواردُ إلا      لجناحٍ على الصعودِ صــبورُ

وعروسُ الأفكـــــارِ إلاً على ذهـ     ـنٍ حصيفٍ جمالُها مســـتورُ

فإذا لـــــــــــــــمْ يسُدِ الذهنَ إلهامٌ      فلا يجتـــــــلي الخفاءَ ظهورُ

هو قانونُ الضوءِ من دونه الأعـ     ـينُ لا يستجيـــــبُ فيها النورُ (27)

وفي (وافد مصر) كتب الوائلي قصيدة تبلغ بيتاً ترحيب بالكاتب عبد الفتاح عبد المقصود صاحب موسوعة (الإمام علي) وفيها يخاطب الكاتب ويشير إلى عظمة الإمام:

أفتّــاحُ هذا مربـــــــــعٌ في ترابِهِ     لحيدرةٍ جســــمٌ في أفـــــــــــقهِ فكرُ

ثلاثٌ وعشرٌ من قرونٍ تصرَّمتْ     وما زال منه فوقَ هذا الثرى عطرُ

وأزمنــةٌ مرّتْ بـــــكلِّ صروفِها     يشدُّ بها زيدٌ ويــــــــــــدفعُها عمرو

تمرُّ علـــيهِ وهيَ ســـوداءُ غيمةٌ     فيمشي إليــــــــــــها وهو منبلجٌ بدرُ

ومنْ خُلقِ الشطآنِ أنَّ صخورَها     جلامدُ مهما استفحـــلَ المدُّ والجزرُ

يعربدُ بحـــــــرٌ ثم ينحلُّ مــوجُه     ويبقى برغمِ الموجِ ينتصبُ الصخرُ

أجلْ تلكَ عقبــــى المتّقين خوالدٌ     من الذكرِ لا تفنـــى ولا ينتهي الذكرُ (28)

ولبضعة النبي (صلى الله عليه وآله) التي جلت مصيبتها بعد وفاة أبيها يقول:

نهنهي يا ابنةَ النبــــــيِّ عـن الوجـ     ـدِ فلا برحتْ بكِ البــــرحاءُ

وأريحي عيناً وإن أذبــــــلتـــــــها     دمعــةٌ عند جفنِــــها خرساءُ

وانطوي فوق أضلعٍ كســـــــروها     فهيَ من بعدِ كـسرهمْ أنضاءُ

وتناسي ذاكَ الجنيــــــــــنَ المدمّى     وإن استوحشـتْ له الأحشاءُ

وجبيــــــــنٌ مــــــحمدٌ كـــان يرتا     حُ إليهِ مبـــــــــــاركٌ وضّاءُ

لطمته كــــــفُّ عن المجــــــــــــدِ     والنـخوةِ فيما عهدتــها شلّاءُ

وســـــــوارٌ على ذراعيكِ من سو     طٍ تـــــمطّتْ بضربِهِ اللؤماءُ

في حشايا الظلامِ في مخدعِ الزهـ     ـراءِ آهٌ ولوعةٌ وبكــــــــــــاءُ

وهيَ فوقَ الفراشِ نضوٌ من الأسـ     ـقامِ كالغصنِ جفَّ عنه الماءُ

الرزايا السوداءُ لم تُبـــــــــقِ منها     غيرَ روحٍ ألـوى بها الإعياءُ

ومسجَّى من جسمِها وســـــــــمته      بالنـدوبِ السيــاطُ كيفَ تشاءُ

وكســــــــيرٌ من الضلوعِ تحامت     أن يـــــراهُ ابنُ عــمِّها فيُساءُ

فاستجارتْ بالموتِ والموتُ للرو     حِ التي أدَّها العــــــذابُ شفاءُ (29)

وفي الحسين عليه السلام فللوائلي وقفة أمام هذه العظمة، فقد استنشق من هذه الروح الثورية والمنهج الجهادي الخالد الذي اختطّه الإمام الحسين (ع) في نهضته الاصلاحية عبق الإباء واستلهم منها عظمة التضحية فراح يتغنّى بها في كل قصائده (الحسينية) حتى عُدّت السمة البارزة فيها ففي قصيدته (مولد الحسين) يخاطب تلك الروح الكبيرة:

أرى كلَّ مَن يحيا يموتُ ويستوي     على مســرحِ الدنيا مغيبٌ ومطلعُ

وأنتَ حيـاةٌ لا تـموتُ على المدى     توالـــــــدَ في خلقٍ وتنشي وتبدعُ

أبا الثورةِ الكبــرى صليلُ سيوفِها     نشيـــــــــــدٌ بأبعادِ الخلودِ مرجّعُ

أبا الشــــــــــــهداءِ الواهبين تحيةً     إلى هبةٍ مـن غُـرَّةِ الشمسِ أنصعُ

وإنَّ مناراً مـــــــــــن دماءٍ رفعته     ليهدي طـــريقَ السالكينَ مُشعشِعُ (30)

وفي قصيدته (رسالة للحسين) يلتفت الوائلي بقلبه إلى كربلاء وهو في الشام عند مرقد السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (ع) بعد أن تعذّر عليه زيارة الحسين (ع) فيصوِّر مشاعره التي يمتزج بها الحزن العميق بألم الغربة والبعد عن قبر الحسين (ع) ثم يبلغ الحزن ذراه في المقطع الأخير ليطلق هذه النفثة مخاطبا البقعة التي سجلت سفر الخلود:

ويا (كربلا) يا هديرَ الجراح     وزهوَ الـــدمِ العلويِّ الأبي

ويا ســفرَ مـلحمـــةِ الخالدين     بغيرِ البطــــــولةِ لم يُكتبِ

ويا شفـــــــةً بنــــشيدِ الدماءِ     تغرِّدُ عبرَ المـدى الأرحبِ

ويا عبقاً في ثــرى العــلقمي     يشدُّ الأنــوفَ إلـى الأطيبِ

ويا صرحَ مجدٍ بناهُ الحُـسين     وأبدعَ في رصفهِ المعجبِ

يشيَّدُ من جبهةٍ أدميــــــــــتْ     وخَدٍّ بعــــفرِ الثرى مُتربِ

سيبقى الحسينُ شعاراً عــلى     أصيلِــــكِ والشفقِ المذهبِ (31)

وكل أمنية الشاعر أن يستاف عطر الإباء في مثوى سيد الشهداء حيث يوجه: (رسالة ثانية):

ولكَ التربةُ الشفاءُ حبـــــــــــــــا     كَ اللهُ ما شئــتَ رفعةً ومقاما

فأسألِ اللهِ يا ابنَ أكـــــــرمِ رهطٍ     أن ينحِّي عنه الأذى والسقاما

أنا لا أطــــــلبُ الـــــــدوامَ بدنيا     كيفَ أرجو من الفناءِ الدواما

غيرَ أنّي لديَّ بـــــــــعضُ أماني     وأمانيّ أن أنــــــــالَ المراما

ثم أمضي كما مضى الناسُ قبلي     لكــــــــريمٍ آلاؤه تتــــــهامى

عندَ بابٍ عطاؤه لا يُجــــــــارى     وفنــاءٍ نزيلُـه لا يضــــــــاما

أتفيَّا بظلِّ عفــــــــــوٍ ســـــــخيٍّ     يمـــــــسحُ السيئــاتِ والآثاما

وأعبُّ النعمى بجنــــــبِ حسينٍ     وعليٍّ ومـــــــــن بهمْ أتسامى (32)

وتبقى صور رائعة الطف متجلية في ذهن الوائلي وتعيش معه وتنبض في قلبه:

غنّيتُ باسمِــكَ فاهتـزَّ الوجـــودُ إلى     دنيا يمــــــــــتَّعُ فيهـا السمعُ والبصرُ

إلى فتىً ليـــسَ مجدُ الواهبينَ سوى     قـــــــــدرٍ ضئيــلٍ إلى جــــدواهُ يُفتقرُ

إلى البطـــــولةِ يُستضرى بها وهجٌ     وعيُ الشعوبِ إذا استشرى بها الخورُ

إلـــى الصلابةِ من أجلِ الحياةِ ترى     حربَ المقاديـــــــــرِ أو يَستسلمُ القدرُ

إلى وريفٍ من الأفياءِ رفَّ على الـ     ـضاحينَ حيث هجيـــــرُ البغي يستعرُ

إلى الحسينِ وهــل غيرُ الحسينِ إذا     ما التاثَ فكرٌ وضاعَ الــوردُ والصدرُ (33)

فالحسين عليه السلام هو نشيد الزمان مهما تعاقبت العصور وتوالت الأحقاب:

يومٌ طلعتَ على الزمانِ ولــيدا     سيظلُّ ملءَ فـــمِ الزمــــــانِ نشيدا

ورأيتكَ النفسُ الكبيرةِ لــمْ تكن     حتى على مـــن قـــــاتلـوكَ حقودا

فعلمتُ أنّكَ نائــــلٌ مـــا تبتغي     حتماً وأن يــــــــكَ شلوكَ المقدودا

وبأنَّ من قتلوكَ ودُّوا عكسَ ما     قد كانَ لو علموا المدى المقصودا

ظنّوا بأن قتلَ الحسيـنَ يزيدُهم     لكنما قتلَ الحسيــــــــــــــــنُ يزيدا (34)

والحسين باق ما بقيت الشمس وهو امتداد جده وسيبقى ذكرهما إلى أبد الآبدين:

حــــــــسينٌ وربَّ اسمٍ إذا ما لفظتُه     يرنّ بسمعِ الـــــدّهرِ مهما تردَّدا

كمثلِ شعاعِ الشمسِ ما اخلولقتْ له     بيومٍ معــــــــانٍ كي يقالَ: تجدَّدا

أَفاقَ عليه الدَّهرُ يوماً فـــــــــراعَه     طــــــــرازٌ تـعدّى سنخَـه وتفرَّدا

فيا خامـــــساً من خمسةٍ إن رأيتَهم     رأيتَ بهـم في كلِّ وجـــهٍ محمّدا

حديثُ الكســــــا ترنيمةُ الحقِّ فيهمُ     روى الذّكرُ فيها الاحتفاءَ وغرّدا (35)

ويبقى دويُّ دماء عاشوراء يزعق بكل طاغية فالصوت الذي قال (لا) ليزيد لن يموت مهما تقادمت الليالي والأيام وستبقى الدماء غضّة طرية ترعب الطغاة وهي تبدع وتجود بالعطاء والثورات:

يا دماً شـــــــابت الليالي عليهِ     وهوَ للآنَ في الـرمالِ جديدُ

يحملُ الطفَّ والحسينَ حساماً     كلّما مـــــــرَّ بـالوجودِ يزيدُ

وإذا غُــــــرسَ الخنوعُ بجيلٍ     وانحــــــنى مـنه للمذلّةِ جيدُ

صاحَ بالرملِ من صداهُ دويٌّ     فإذا الرمــــلُ فارسٌ صنديدُ

هكذا أنت كـــــلّما افتقرَ الجيـ     ـلُ لعزمٍ فمن دماكَ الرصيدُ

إن دنيــــــا الخنوع للحُرِّ سمٌ     وهيَ للخانعين عيــشٌ رغيدُ (36)

وللوائلي نفسٌ تذوب عند كل قصيدة ففي (حديث الجراح) يرى الشاعر أن التضحية بالدماء هي سبيل الإنتصار وهي فتح جليل وهي التي تُنبت العُشب وهي الطريق اللاحب إلى الحرية:

الجراحــــــــــاتُ والدمُ المطلولُ     أينعت فالـزمـــانُ منها خميلُ

ومضتْ تنشئُ الفتوحَ وبعضُ الـ     ـدمِّ فيما يعـطــيـــه فتحٌ جليلُ

والدمُ الحرُّ مـــــــاردٌ ينبئُ الأحـ     ـرارَ والثــائـرين هذا السبيلُ

وحديثُ الجـــــراحِ مجدٌ وأسمى     سِيَرُ المجدِ ما روته النصولُ

ثم عذراً إن تـــهتُ يا دمُ يا جـر     حُ فقد أســكـرَ البيانَ الشمولُ (37)

ويحق لأرض الطف أن تزدهي بسيد الشهداء (ع) والثلة من أصحابه وأهل بيته الذين خلدوها بأروع ملحمة في التاريخ جسدت صراع الحق مع الباطل وانتصار الدم على السيف:

يا أبا الـــطفِّ وازدهى بالضحايا     من أديمِ الطفوفِ روضٌ خضيلُ

والشبــــابُ الفينانُ جفّ فغاضتْ     نبعةٌ حــــــــــــــلوةٌ ووجهٌ جميلُ

وتأمَّـــــــــلتُ في وجوهِ الضحايا     وزواكي الدمـــــــــاءِ منها تسيلُ

ومـشـتْ في شفاهِـكَ الغرِّ نجوى     نَمَّ عنهـــــــــــا التسبيـحُ والتهليلُ

لك عتبى يا ربِّ إن كان يرضيـ     ـكَ فهذا إلى رضـــــــــــــاكَ قليلُ

إن الوائلي هنا يغمس قلمه بالدم ليكتب عن أبي الإباء (ع) الذي أسرج بدمائه ضياءً ينير طريق الأجيال نحو الحرية والكرامة في ثورته المعطاء التي غرزت في دم الشاعر معنى البطولة وزرعت في أوصاله فحوى الإباء:

يا حسيناً يامن شدوتُ به صبحاً     وناديتُـه بوجـــــــــدي مساءَ

لك منــــــــــــي رسالةٌ من أنينٍ     في تضاعيفِهِ سكَبتُ الرجاءَ

وأنادي يا مـن نفضتَ الضـحايا     سلّم المجدِ ســـــــادةً شهداءَ

إن أجواءنا ظلامٌ فــــــــــــعـلّمـ     ـنا بأن نسـرجَ الدمـاءَ ضياءَ

وتقبّل مــــــــــــنَّا مواسمَ قامتْ     لتواسي الأئمــــــة الأصفياءَ

وأعدنا للصــــــــاعداتِ وألهمـ     ـنا بأن نحملَ الحسيـــنَ لواءَ (38)

ويبقى دويُّ دماء عاشوراء يزعق بكل طاغية فالصوت الذي قال (لا) ليزيد لن يموت مهما تقادمت الليالي والأيام وستبقى الدماء غضّة طرية ترعب الطغاة وهي تبدع وتجود بالعطاء والثورات:

يا دماً شـــــــابت الليالي عليهِ     وهوَ للآنَ في الـرمالِ جديدُ

يحملُ الطفَّ والحسينَ حساماً     كلّما مـــــــرَّ بـالوجودِ يزيدُ

وإذا غُــــــرسَ الخنوعُ بجيلٍ     وانحــــــنى مـنه للمذلّةِ جيدُ

صاحَ بالرملِ من صداهُ دويٌّ     فإذا الرمــــلُ فارسٌ صنديدُ

هكذا أنت كـــــلّما افتقرَ الجيـ     ـلُ لعزمٍ فمن دماكَ الرصيدُ

إن دنيــــــا الخنوع للحُرِّ سمٌ     وهيَ للخانعين عيــشٌ رغيدُ (39)

وهكذا يتعانق إيمان الوائلي بالحسين ومشاعره المتدفقة فينفث مع كلماته شيئاً من روحه فكانت الحصيلة أبلغ وأعمق من العطاء الأدبي والفني، لقد حمل الوائلي حب الحسين ربيعاً بين جوانحه وكتاباً يعكف عليه أينما حلّ وارتحل:

سيـدي يا غذاءَ روحي ويا نبـ     ـعاً سخياً يؤمُّــــــــــــه الظمآنُ

يا ربيعاً حمــــــلته بين أضلا     عي فعنــــدي من خصبِهِ أفنانُ

يا كتـاباً ضخــماً عكفتُ عليهِ      فبــــــــــروحي من قدسِهِ قرآنُ

أنـتَ كونٌ أعلى فحــــلّقَ فكرٌ      بين أبعـــــــــــــادِهِ وجلّا لسانُ

سيـدي إنني وإن شطّــت الدا     رُ وغابت عن ناظري الأوطانُ

ذلـك القلبُ ذائبٌ برمـــالِ الـ     ـطفِّ صــــــــبٌّ بعفرِها هيمانُ

سـحرتني فيك العزيمةُ والمو     قفُ والروحُ صلبـــــةٌ والجنانُ

والذي عاشَ بالمشاعرِ لا يبـ     ـعدُ مهـــــــــــــما تباعدَ الأبدانُ (40)

لقد أعطى الحسين روحه ونفسه وكل ما يملك لله فأعطاه الله كرامة الدنيا والآخرة:

أبا المعطياتِ الخالداتِ على المدى     ولو أن وقعَ التضحياتِ وجيعُ

سخوتَ بها تستــــــــرفدُ اللهَ منزلاً     كريماً فأعطى والعطاءُ وسيعُ

بنيتَ محاريبَ الفـــــــداءِ ولم تزلْ     تــخرُّ عليـــــها سُجَّدٌ وركوعُ

وما كنتَ ترضى عـــن كثيرٍ بذلته     فمــا أنتَ في دنيا الفداءِ قنوعُ

وأشبعتَ ساحاتِ الشهـــــــادةِ إنّها     بها عــطشٌ للمعطياتِ وجوعُ (41)

لقد عشق أحمد الوائلي الحسين (ع) فخلد اسمه بهذا العشق واقترن به، فحينما يكون الشاعر خطيباً والخطيب شاعراً يتوحّد في الكلمة صدق التعبير وصدق الفن ويتألق نجمه أكثر في سماء الحسين (ع).

فلم يزل الوائلي يزداد تألقاً بذكر الحسين حتى خبا ألق هذا النجم في مدينة الكاظمية المقدسة، وحمل جثمانه الطاهر إلى كربلاء ثم منها إلى النجف الأشرف حيث مثواه الأخير ودفن في صحن العبد الصالح كميل بن زياد (رضوان الله عليه) وكان قد عاد من مهجره (دمشق) إلى العراق بعد سقوط النظام البائد حيث لم يلبث في العراق سوى عشرة أيام.

......................................................

1 ــ ديوان الوائلي ــ شرح وتدقيق سمير شيخ الأرض، الناشر محمد علي اليوسفي الهمداني، 2005 ص 98 ــ 100

2 ــ نفس المصدر ص 119 ــ 122

3 ــ نفس المصدر ص 126 ــ 127

4 ــ نفس المصدر ص 146 ــ 150

5 ــ نفس المصدر ص 154 ــ 155

6 ــ شعراء الغري ج 1 ص 293 ــ 294

7 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 95

8 ــ السيرة المفصلة للشيخ الوائلي بقلم: وائل علي الطائي / موقع الشيخ أحمد الوائلي

9 ــ شعراء الغري ج 1 ص 294

10 ــ نفس المصدر والصفحة

11 ــ السيرة المفصلة للشيخ الوائلي بقلم: وائل علي الطائي / موقع الشيخ أحمد الوائلي

12 ــ نفس المصدر

13 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 95

14 ــ السيرة المفصلة السيرة المفصلة لحياة الخطيب الدكتور الشيخ أحمد الوائلي

15 ــ نفس المصدر

16 ــ ديوان الوائلي ص 480 من قصيدة تبلغ (56) بيتا

17 ــ نفس المصدر ص 353 من قصيدة تبلغ (96) بيتا

18 ــ نفس المصدر ص 45 ــ 50 من قصيدة تبلغ (50) بيتاً

19 ــ نفس المصدر ص 51 ــ 57 من قصيدة تبلغ (104) أبيات

20 ــ نفس المصدر ص 58 ــ 61 من قصيدة تبلغ (53) بيتاً

21 ــ نفس المصدر ص 91 ــ 97 من قصيدة تبلغ (52) بيتاً

22 ــ نفس المصدر ص 64 ــ 68 من قصيدة تبلغ (70) بيتاً

23 ــ نفس المصدر ص 69 ــ 72 من قصيدة تبلغ (64) بيتاً

24 ــ نفس المصدر ص 73 ــ 77 من قصيدة تبلغ (79) بيتاً

25 ــ نفس المصدر ص 78 ــ 80 من قصيدة تبلغ 43 بيتاً / شعراء الغري ج 1 ص 300 ــ 302

26 ــ ديوان الوائلي ص 81 ــ 84 من قصيدة تبلغ (58) بيتاً

27 ــ نفس المصدر ص 85 ــ 87 من قصيدة تبلغ (49) بيتاً

28 ــ نفس المصدر ص 183 ــ 185 من قصيدة تبلغ (43) بيتاً

29 ــ نفس المصدر ص 88 ــ 90 من قصيدة تبلغ (46) بيتاً

30 ــ نفس المصدر ص 94 ــ 97 من قصيدة تبلغ (51) بيتاً

31 ــ نفس المصدر ص 98 ــ 100 من قصيدة تبلغ (39) بيتاً

32 ــ نفس المصدر ص 101 ــ 102 من قصيدة تبلغ (18) بيتاً

33 ــ نفس المصدر ص 103 ــ 107 من قصيدة تبلغ (65) بيتاً

34 ــ نفس المصدر ص 108 من قصيدة تبلغ (11) بيتاً

35 ــ نفس المصدر ص 109 ــ 110 من قصيدة تبلغ (27) بيتاً

36 ــ نفس المصدر ص 111 ــ 114 من قصيدة تبلغ (58) بيتا

37 ــ نفس المصدر ديوانه ص 119 ــ 118 من قصيدة تبلغ (48) بيتا

38 ــ نفس المصدر ص 126 ــ 127 من قصيدة تبلغ (26) بيتاً

39 ــ نفس المصدر ص 128 ــ 132 من قصيدة تبلغ (70) بيتاً

40 ــ نفس المصدر ص 142 ــ 145 من قصيدة تبلغ (51) بيتاً

41 ــ نفس المصدر ص 119 ــ 122 من قصيدة تبلغ (56) بيتا

ترجم له وكتب عنه:

حيدر المرجاني / خطباء المنبر الحسيني ج 1 ص 116

عبد العزيز البابطين / المعجم ج 1 ص 222

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 3 ص 135

الشيخ محمد صادق الكرباسي / معجم الشعراء الناظمين في الحسين ج 2 ص 322

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين ج 1 ص 101

كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 1 ص 95

أحمد حسين شحادة ــ الدكتور الشيخ احمد الوائلي

الدكتور حسن عيسى الحكيم ــ الشيخ أحمد الوائلي ونجفياته في الشعر والأدب والتاريخ والخطابة

الدكتور صادق جعفر الروازق ــ أمير المنابر

الشيخ سليم الجبوري ــ الوائلي تراث خالد

الدكتور غانم نجيب عباس ــ الشيخ الدكتور أحمد الوائلي، مفكراً، مربياً، خطيباً، وشاعراً

الدكتور محمد سعيد الطريحي ــ أمير المنبر الحسيني

المؤرخ عباس الدجيلي ــ أمير الخطابة وعميد المنبر الحسيني الشيخ أحمد الوائلي

الدكتور أحمد ناجي الغريري ــ الشيخ الوائلي حياته آثاره منهجه في الكتابة

المؤرخ رشيد قسام ــ الشيخ الوائلي حياة وفصول لخدمة آل الرسول

وائل علي الطائي ــ السيرة الذاتية المُحققة لتاريخ حياة عميد المنبر الدكتور الشيخ احمد الوائلي

الدكتور كاظم عبد الله عنوز ــ الإداء البياني في شعر الشيخ الوائلي

عمار كاظم الحسيني ــ احكام السجون عند الشيخ الوائلي

الشيخ عماد الكاظمي ــ قراءة في هوية التشيع للشيخ الوائلي

الدكتورة مليحة عزيز حسون ــ قراءات في شعر الشيخ الوائلي

هاشم حسين المحنك ــ أثر بيئة النجف في الشيخ الوائلي

حسين مسلم القابجي ــ نفحات الحوار الاسلامي للشيخ الوائلي

فاهم منصور الوائلي ــ لمحات السيرة الذاتية للشيخ الوائلي

غانم نجيب عباس ــ أحمد الوائلي حياته ودوره في الحياة الفكرية والاجتماعية في العراق 1950 – 2003

حيدر خلف سلمان ــ مفهوم الوسطية وتطبيقاتها في فكر الشيخ الوائلي

سيد محمد جعفر ــ العناصر الفكریة المؤثرة للخطیب المصلح الشیخ احمد الوائلي

حوراء كاظم جواد ــ الصورة الفنية في شعر احمد الوائلي

قيصر حسن كاظم ــ الحجاج اللغوي في الخطاب النثري للشيخ الوائلي

حوراء عزيز عليوي ــ شعر الشيخ احمد الوائلي دراسة موضوعية وفنية

كاميران سليمان ــ دراسة تحلیلیة فی الشعر الدیني للشيخ الوائلي – شكلاً وضموناً

مهند آل جلال ــ التأثيرات الإيجابية في محاضرات الشيخ الوائلي

دعاء قاسم عبد عون ــ الاتجاهات والقيم السائدة في محاضرات الشيخ الوائلي

الشيخ علي عزيز المياحي ــ الغربة والحنين في شعر الشيخ الوائلي

قاسم حسين حسن السعدي ــ الخطاب الاعلامي للشيخ الوائلي

هادي سعدون هنون ــ التكرار اللفظي في مجالس الشيخ أحمد الوائلي – دراسة إسلوبية

علي عبد الحسين مظفر ــ سمات البحث العلمي عـند الشيخ احمد الوائلي

الدكتور عباس علي الفحام ــ بواعث الخطاب الوطني في شعر الوائلي

الدكتور سالم يعقوب يوسف ــ من فهم النصّ القرآني عند الشيخ الوائلي في كتاب محاضرات الوائلي

كما كُتبت عنه بحوث بالفارسية والانكليزية

المرفقات

: محمد طاهر الصفار