41 ــ الأمير أبو عبد الله السوسي: توفي (370هـ / 980 م)

الأمير أبو عبد الله السوسي: (توفي 370 هـ / 980 م)

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

كمْ دموعٍ ممـــــــــزوجةٍ بدماءِ     سكبتها العيـونُ في (كربلاءِ) ‍‍‌‏‎

لستُ أنساهُ في الطفوفِ غريـباً     مفــــرداً بين صحبهِ بالعـراءِ

‍‍‌‏‎وكأنّي به وقد خـــــــرَّ في التر     بِ صريعاً مخضَّــباً بالدمـاءِ

وكأنّي بـه وقـد لحـــــــظ النسـ     ــوانَ يُهتكـن مثلَ هتكِ الإماءِ (1)

وقال من أبيات أخرى:

لا عذرَ للشيــــعيِّ يرقأ دمعُه     ودمُ الحسيــنِ بـ(كربلاءَ) أرِيقا

يا يومَ عاشـــورا لقد خلّفتني     ما عشتُ في بحرِ الهمومِ غريقا

‍‍‌‏‎فيكَ استبيحَ حــريمُ آلِ محمدٍ     وتـمزّقتْ أسبـــــــابُهـم تـمـزيقا

أأذوق ريَّ الماءِ وابنُ محمدٍ     لم يُـروَ حــتى للمَنــــــونِ أذيـقا (2)

الشاعر:

أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن محمد السوسي من شعراء أهل البيت المجاهرين (3) شاعر وأديب وناقد ولغوي، من أهل حلب توفي ودفن بها وكان فاضلاً أديباً كاتباً بحلب وسافر إلى فارس ثم عاد إلى محله) (4)

أما وصفه بالأمير ولقبه بـ (السوسي) فلم تذكر المصادر، المدينة التي تولى فيها الإمارة، ولا نسبة (السوسي) ولعله لقب أحد أجداده وأصل موطنه لأنه عاش في حلب وأغلب الظن أنه ولد بها ولا توجد في حلب منطقة بهذا الاسم فـ(السوس هي كورة بالأهواز فيها قبر النبي دانيال (عليه السلام)، وهي معرب شوش، وبلد بالمغرب. وبلد آخر بالروم) (5)

شعره

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

لهفـي عــلى الـسبطِ ومـا ناله     قد ماتَ عطشاناً بكربِ الظما

‍‍‌‏‎لهفي لـمـن نُكّسَ عن سـرجِه     لـيـسَ مـن الناسِ له من حِمى

‍‍‌‏‎لهفي عـلى بدرِ الهدى إذ علا     في رمـحِهِ يحكيه بدرُ الدجى

‍‍‌‏‎لهفي على النسوانِ إذ أبرِزت     تُســاقُ سـوقاً بالعـنا الـــــجفا

‍‍‌‏‎لهفـي علـى تلـكَ الوجوهِ التي     أبرزنَ بعد الصونِ بينَ الملا

‍‍‌‏‎لهـفي عـلى ذاكَ الـعذارِ الذي     علاه بالـــــطفِّ تـرابُ العـدا

لهفــي علــى ذاكَ القوامِ الذي     أحــنتهُ بالـطفِّ سيوفُ العدى (6)

وقال في مدح أهل البيت (عليهم السلام):

بهم يبيضُّ يومَ الحشرِ وجهي     وأقبضُ باليمينِ على الـــكتابِ

فأوَّلهمْ أبو حســـــــــنٍ إمامي     إمامُ هدىً يُرى مثلَ الــشـهابِ

ومنهمْ من سقتـه العرسُ سُمَّا     فغصَّ أبو محمدَ بالــشـــــرابِ

ومنهم ثاوياً بألـطـفِّ أضحى     قتيلاً بالصفــــــائــحِ والـحرابِ

وزينُ العـــــــابدينَ معا عليٌّ     وباقرُ كلِّ علـــــــــمٍ بالصوابِ

أبو عبد الإلــــــهِ به أرجِّــي     نجاتي في الحسابِ وفي الكتابِ

ومنهمْ مخبرٌ مـــــا كان قدماً     ومــخبرُ ما يكـــونُ بلا ارتيابِ

أميرُ المعجزاتِ ومــن تبدَّى     لنا بالعلـــمِ والعـــجــبِ العُجابِ

وتاسعُهمْ محمـــــدُ ذو سنـاءٍ     مـــقيمٌ عند مــــوسى في القبابِ

وعاشرُهم أبو حـسنٍ رجائي     أبو الـحسنِ المـــــــرجَّى للمآبِ

وحادي عشرهُمْ حسنٌ أماني     أبـــو القمرِ المغيَّبِ في الحجابِ (7)

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

يا قمراً أغابَ حيــــــــــــن لاحا     أورثني فقدُكَ المنــــــــــاحا

يا نُوبَ الدهرِ لــــــــــم يدعْ لي     صرفُك من حادثٍ صــلاحا

أبعدَ يومِ الحسيـــــنِ ويحيـــــى     أستعـــذبُ اللهوَ والـمــزاحا

كربتَ كي تهتدي البــــــــــرايا     به وتلقـــــــــى به الــنجاحا

فالدينُ قد لـــــفَّ بردتــــــــــيهِ     والشركُ ألــقى لهـا الـجناحا

فصارَ ذاكَ الصـــــــــــبـحُ ليلاً     وصارَ ذاكَ الدجـى صـباحا

فجاءَ إذ كــــــــاتبـــــوهُ يـسعى     لكي يُريها الهـدى الصراحا

حتى إذا جــــــــــــاءهمْ تنحُّوا     لا بلْ نحـــــــوَ قتلِهِ اجتياحا

وأنبتوا الــــبـــــيــــدَ بالعوالي     والقضبِ واستعجلوا الكفاحا

فدافــــعتْ عنه أوليــــــــــــاهُ     وعانقوا البيـــــضَ والرماحا

سبعونَ في مثـلِهمْ ألـــــوفـــاً     فأثخنوا بينــــــــــــهمْ جِراحا

ثم قضوا جمــلةً فـــــلاقـــوا     هــناكَ سهمَ القـضـــا المُتاحا

فشدَّ فيهـــــــمْ أبو عــــــــليٍّ     وصـافحتْ نفــــسُه الصفاحا

يا غيرةَ اللهِ لا تغــــــــيـــثي     منهم صيــــــاحاً ولا ضباحا

ثم انثنى ظــامــــــــئاً وحيداً     كما غــــــــــــدا فيهمُ وراحا

ولم يزلْ يـــــرتــقي إلى أن     دهـــــــاهُ داعي اللقا فصاحا

دونـــــكمُ مهجـــــتي فإنِّــي     دُعيــتُ أن أرتقـي الضراحا

فكلكلوا فوقــــــــه فهـــــــذا     يقطـــــــــعُ رأساً وذا جناحا

يا بأبي أنفســـــاً ظـــــمــاءً     ماتوا ولم يــشـــربوا المُباحا

يا بأبي غــــــــــــرَّةً هــداةً     باكـــــــــــرَها حتفُها صباحا

يا بأبي أجـــــسمـاً تعــرَّتْ     ثم اكتســــــتْ بالــدما وشاحا

يا ســـــادتي يا بنـي عــليٍّ     بـكى الهـــــــدى فقدكمُ وناحا

يا ســــــادتي يا بني إمامي      أقــــــــــــولها عنوةً صراحا

أوحشتمُ الحجرَ والمساعي     آنســـتـــــــــمُ القفرَ والبطاحا

أوحـــشتمُ الذكرَ والمثـاني     والسُّــوَرَ الـــطوَّلَ الفصــاحا

لا ســــــامحَ اللهُ مَن قلاكمْ     وزادَ أشـيــــــــــاعَكمُ سَمَاحا (8)

وقال في أهل البيت (عليهم السلام):

أنتمْ سماءٌ للسمـــــــواتِ العُـــــلى     والخلقُ أرضٌ تـحتكمْ ومِهادُ

أنتمْ معاذُ الخلقِ يومَ معـــــادِهــــمْ     وإليكــــمُ الإصـدارُ والإيرادُ

أنتمْ صراطُ اللهِ، حبلُ رجــــائه الـ     ـممـدودِ، أنـتمْ بيـــتُه المُرتادُ

بـــــهداكمُ صَلحَ الفســــــادُ وهكذا     بهـدى سـواكمْ للصلاحِ فسادُ

يا مَنْ بهمْ عَرفَ الــــرشادُ وليُّهم     لـولاكمُ لم يُعرفُ الإرشـــــادُ

لو لمْ نُسبِّحْ في الــــصلاةِ بذكرِكُم     كــانت تُرَدُّ صـــــلاتُنا وتُعادُ

الطيِّبونَ الطــــاهـرونَ الخيِّــــرو     نَ الفاضلونَ الســادةُ الأمجادُ

أهلُ الندى أهلُ الجُدا أهل الحجى     أهلُ النُهى أهلُ التُقـى الزهَّادُ

السادةُ العلمــــاءُ والحــــلماءُ والـ     ـفقهاءُ والحكمــــــــاءُ والعبَّادُ

الأنجمُ الصبحاءُ والفصــحاءُ والـ     ـرجحـــاءُ والسُّمــحاءُ والنُقادُ

أنتمْ عـــــــــدادُ شهورِنا ونجومِنا     وبكمْ تصحُّ وتستـوي الأعدادُ

منكمْ علـــــــــيٌّ والحسيـنُ وقبله     حسنٌ أخوهُ ومنــــــكمُ السجَّادُ

ومحمدٌ مــــــــــنكمْ وجعفرُ وابنُه     موسى بنُ صرحٍ للعلاءِ يُشادُ

ثمَّ الرضا ومحـــــــــمـــدٌ وعليُّه     وأبو الذي الدنيـــــــــا له تنقادُ

ذاكَ المميتُ الجورِ بالعدلِ الذي     فـــــيه لمن يبغي الرشادَ رشادُ (9)

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

وكّلَ جفنيَّ بالســــــهــادِ     مُذ غَرسَ الحزنَ في فؤادي

‍‍‌‏‎ناعٍ نعى بالطفـوفِ بدراً     أكــرمْ بـه رائحـــاً وغــادي

‍‍‌‏‎نعى حسيناً فدتـه روحي     لـمَّـا أحاطـتْ بـه الأعــادي

‍‍‌‏‎في فتيةٍ ساعدوا وواسوا     وجـاهدوا أعـــظـمَ الجـهــادِ

‍‍‌‏‎حتى تفـانوا وظــلّ فرداً     ونــــكّســـــوهُ عــن الجــوادِ

‍‍‌‏‎وجاءَ شـمرٌ إليـــهِ حتى     جرّعــه الموتَ وهـوَ صادي

‍‍‌‏‎وركَّبَ الرأسَ في سنانٍ     كالبـــدرِ يجلـو دجى السـوادِ

واحتملوا أهـله سـبـــايـا     على مطــــــــايـا بلا مــهـادِ (10)

وفي رثاء الحسين أيضاً:

أأنسى حسيناً بالطفوفِ مُجدَّلا‌‏‎     ومن حولهِ الأطهارُ كالأنجمِ الزهرِ

‍‍‌‏‎أأنسى حسيناً يومَ سِيْرَ برأسِه      على الرمحِ مثلَ البدرِ في ليلةِ البدرِ

أأنسى السبايا من بنّاتِ محمدٍ     يُـهتـكنَ مـن بــــعد الصيانةِ والخدرِ (11)

وله في رثاء الحسين (عليه السلام):

جودي علـى الحسينِ     يا عينُ بـــــانغزارْ‌‏‎ 

جودي على الغريـبِ     إذِ الجـــارُ لا يجارْ

‍‍‌‏‎جودي على النســاءِ     مع الصبيةِ الصغارْ 

جودي على القتيـــلِ     طريحاً في القفـــارْ

ألا يا بني الرســولِ     قدْ قلَّ الاصــــطبارْ

ألا يا بني الرســولِ     خلتْ منكــــمُ الديارْ

ألا يا بني الــرسولِ     فلا قــــــرَّ لي قرارْ

إذا أذكرُ الحسيــــنَ     وما قد جرى وصارْ (12)

وفي رثاء الحسين أيضاً:

فيا بضعةً مـن فؤادِ النبـــيِّ‌‏‎     بالطفِّ أضحتْ كثيباً مهيلا

ويا كبـــِداً في فؤادِ البتولـةِ     بالطفِّ شلّتْ فأضحتْ أكيلا

قُتلتَ فأبكيتَ عينَ الرسولِ     وأبكيتَ مـن رحمةٍ جبرئيلا (13)

وفي رثائه (عليه السلام) أيضاً:

لم أنسَ يوماً للحسينِ وقد ثوى     بالطفِّ مسلوبَ الـــــرداءِ خليعا

ظمآنَ من ماءِ الفراتِ مُعطشا     ريَّانَ من غصصِ الحتوفِ نقيعا

يرنو إلى ماءِ الفــراتِ بطرفِه     فيراهُ عنه مُحــــــــــرَّماً ممنوعا (14)

وفي أهل البيت (عليهم السلام):

أحبُّ من غُيِّــبَ في كوفانِ 

وابنه المسمــــــومَ بالديفانِ

والثالثَ المقتــولَ بالعدوانِ

وبعدَه الســـــــــاجدَ للمنانِ

وباقرَ العــلــومِ ذو التبيـانِ

وجعفراً مُحيِّــــــرَ الأذهانِ

إمامَنا موسى العظيمُ الشأنِ

وابنه الثــــــامنَ في نوقانِ

وابنَه التــــــاسعَ في بغدانِ

والعسكـريَّ وابنَه الغرمانِ

مــــــتى يلوحُ البدرُ للعيانِ

متى يــــــــقومُ قائمُ الزمانِ (15)

وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام):

ذاك الإمامُ المرتضى     إن غدرَ القــومُ وفى

أو كدرَ اليــــومُ صفا     فهو له مُطــــــــاولُ

مؤنِسُه فــــي وحدتِهِ     صاحبُـــــه في شدَّتِه

حقاً مُجـــــلّي كربتَه     والكربُ كربٌ شاملُ (16)

وفيه (عليه السلام) أيضاً:

فــــــي كفِّه سببُ الموتِ الوفيّ فمَن     عـــــــــــــصاهُ مُدّ له مِن ذلكَ السببُ

في فيهِ سيفٌ حكـــــــاهُ سيفُ راحتِه     سيَّانَ ذاكَ وذا في الخــطبِ والخطبِ

لو قالَ للحيِّ مُتْ لم يحيى من رهبٍ     أو قالَ للميْتِ عِشْ ما ماتَ من رُعبِ

أو قالَ للـــــــيلِ كُن صبحاَ لكانَ ولو     للـــــشمسِ قال اطلعي بالليلِ لم تغبِ

أو مدَّ كفاً إلى الــــــــــــــدنيا ليقلبها     هانتْ عـــــــــــــــليه بلا كدٍّ ولا تعبِ

ذاك الإمامُ الذي جبريلُ خــــــــادمُه     إن نابَ خطبٌ ينبْ عــــــنه ولا ينبِ

وعزرائيلُ مــــــــــــــطواعٌ له فمتى     يقلْ أمِتْ ذا يملْ أو هبه لــــــي يهبِ

رضوانُ راضٍ به مولىً ومالك ممـ     ـلوكٌ يطيعــــــــــــــانُه في كلِّ منتدبِ (17)

...........................................................................

1 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤5 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٢ / أدب الطّف ج 2 ص 116

2 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٥ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣ / أدب الطّف ج 2 ص 117

3 ــ معالم العلماء لابن شهرآشوب ج 1 ص 148 

4 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨2

5 ــ أدب الطف للسيد جواد شبر ج 2 ص 120

6 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٤ ــ 245 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٢ / أدب الطّف ج 2 ص 116

7 ــ مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ٢٧١ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣

8 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٥ ــ 246 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣ / أدب الطّف ج 2 ص 117 / العوالم ، الإمام الحسين (ع) للشيخ عبد الله البحراني ص ٥٥٠ ــ 551

9 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣ / مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٢٧١

10 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٥ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣ / أدب الطّف ج 2 ص 117 ــ 118

11 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٥ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣ / أدب الطّف ج 2 ص 118

12 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٥ / أعيان الشيعة ج ٩ - الصفحة ٣٨٣ / أدب الطف ج 2 ص 117

13 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٥ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣ / أدب الطّف ج 2 ص 117

14 ــ بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٥ / العوالم ، الإمام الحسين (ع) للشيخ عبد الله البحراني ص 551

15 ــ مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٢٧١ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣

16 ــ مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 304 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٨٣

17 ــ مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٣٢٧

المرفقات

: محمد طاهر الصفار