36- ابن فلاح الكاظمي (توفي 1220 / 1805 م)

ابن فلاح الكاظمي (توفي 1220 / 1805 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)

سُبيتْ حريمي إن نسيــتُ حريمَه     في (كربلا) تُسبى بأيدي الزيلعِ

وثكلتُ وُلدي إن سلـوتُ رضيعَه     أودى به سهـــــــمُ اللئامِ الوُضَّعِ

صرختْ عليَّ النائحاتُ وأعولتْ     إنْ لمْ أنُحْ للصــــارخاتِ الجُزَّعِ (1)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) أيضا تبلغ (49) بيتا:

بنفسي بدوراً منـــهمُ قد تغيبتْ     محاسنُها في (كربلا) أيّ غيبةِ

رماها يزيدٌ بالخسـوفِ وطالما     بأنـوارِها جلّتْ دُجى كلّ ريبةِ

بنفسي وأهلي والتليدِ وطارفي     وكــــلّ الورى أفدي قتيلَ أميةِ (2)

ومن نفس القصيدة:

وما أنسَ لا أنسَ النســاءَ بـ (كربلا)     حيارى عليهنَّ المصائبُ صُبَّتِ

ولما رأينَ المهـــــــرَ وافى وسرجُـه     خلياً تــــــوافتْ بالنحيبِ ورنَّتِ

ولا أنسَ أختَ السبطِ زينبَ إذ رنـتْ     إليه ونـــــــادتْ بالعويلِ وحنَّتِ

الشاعر

قال السيد جواد شبر في ترجمته: (الشيخ محمد شريف بن فلاح الكاظمي نزيل الغري، ولد في الكاظمية ونشأ فيها ثم هاجر إلى النجف وقرأ العلوم فيها في الربع الأخير من القرن الثاني عشر للهجرة، وكان من المشاهير في العلم والأدب واللامعين من بين أقرانه، له اطلاع بجملة من العلوم ومن أهل الكرامات الباهرة، معاصراً للشيخ مهدي الفتوني العاملي النجفي المتوفى سنة 1183 هـ وللسيد محمد مهدي الطباطبائي المعروف ببحر العلوم وللشيخ الأكبر الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء وللشيخ أحمد النحوي، وكان على جانب عظيم من التقى والورع والصلاح، تنسب اليه كرامات الصلحاء الأبرار) (3)

وقد اختلف في اسمه ونسبه أكان سيداً علوياً أم عامياً فقد ترجم له السيد محسن الأمين مرتين باسمين مختلفين فقال في الأولى: (السيد شريف بن فلاح الحسيني الكاظمي المعروف بالسيد شريف الكاظمي...) (4)

وقال في الثانية: (الشيخ شريف بن فلاح الكاظمي ويقال الشيخ محمد شريف) (5)

وسمَّاه السيد جواد شبر: (الشيخ محمد شريف بن فلاح الكاظمي) (6)

وقال السماوي: (الشريف ابن فلاح الكاظمي الشهير بالسيد الشريف الكاظمي) (7)

وقال كامل سلمان الجبوري:‏ (محمد بن فلاح الملقب بالشريف، الحسيني النسب الكاظمي المولد والنشأة..) (8)

وقال عبد الكريم الدباغ: (أبو الحسين محمد بن فلاح الحسيني الكاظمي) (9)

وقال الشيخ محمد حرز الدين: (الشيخ محمّد شريف الكاظمي) (10)

وقال الحاج حسين الشاكري: (الشيخ محمد شريف بن فلاح الكاظمي الغروي) (11)

ونتيجة لهذا الاختلاف فقد احتمل السيد الأمين انهما شخصيتان فقال: (ربما يكون قد حصل اشتباه بين السيد شريف والشيخ شريف ومنشأ الاشتباه وجود رجلين كل منهما يسمى شريف الكاظمي أحدهما سيد حسيني والآخر غير سيد ويدل على الاتحاد كون كل منهما ابن فلاح وأن الموجود في جميع ما رأيناه السيد شريف بن فلاح الكاظمي لا الشيخ شريف فإما أن يكون الشيخ شريف لا وجود له أو يكونا اثنين ويدل عليه أيضاً كون السيد شريف توفي سنة 1220 أن صح ما في الطليعة والشيخ شريف كان حيا سنة 1166 وأن أحدهما كان شاعراً مجيداً وقد قرض قصيدته الكرارية 18 عالماً شاعراً من مشاهير عصره والآخر الشعر المنسوب إليه ركيك وأن الحسيني اسمه شريف والآخر محمد شريف ويقال شريف توسعاً ويمكن الجواب كون الحسيني توفي سنة 1220 كما مر عن الطليعة وكون الآخر كان حياً سنة 1166 بأن يكون عمره عند نظم الكرارية عشرين سنة أو نحوها فإذا كانت وفاته 1220 يكون مجموع عمره 74 سنة فيكون سيداً حسينياً أما اتحاد اسم الأب فلا يدل على الاتحاد لجواز كونه من باب الاتفاق أو اشتباها والذي يغلب على الظن أنهما شخصان أحدهما سيد حسيني لأنه قد وصفه بذلك من ترجمة وكذلك رأيناه في كل ما اطلعنا عليه ومن تسمى بالشيخ شريف لم نجده إلا فيما أخبرنا به بعض السادة الحيدرية كما مر والذي يغلب على الظن أنهما اثنان أحدهما سيد حسيني والآخر غير سيد ووقع الاشتباه بينهما في اسم الأب وفي نسبة الشعر فنسب أحدهما إلى الآخر بل وفي الاسم فسُمّي أحدهما شريف والآخر محمد شريف وغير ذلك وهذا يقع مثله كثيراً في مثل المقام وبذلك يندفع جميع ما اعترض به هنا من الاعتراضات ويجاب عن جميع التنافيات) (12)

كما ترجم له بإسمين الشيخ حرز الدين فقال: (هذا وقد وقع اختلاف بين أصحاب التراجم في أنّ محمّد شريف ـ هذا ـ هل هو نفس الشريف الذي مرّ ذكره في حرف (ش) وأنّه من السادة أو غيره، وأنّه أحدهما من المشايخ والآخر من السادة، كما أن أحدهما محمد شريف والآخر شريف، فأدرجتهما للثبت، والله العالم بحقائق الاُمور) (13)

غير أن الشيخ محمد حسن آل ياسين يثبت أنه لشخصية واحدة وإنه كان سيداً حسيني النسب شريف الحسب، مستندا في ذلك على بعض النصوص من شعره وإلى ما قاله فيه بعض معاصريه.. (14)

كما أثبت ذلك السيد حسن الصدر في ترجمته حيث قال: (من أجلاء السادات، وأهل العلم والفضل والأدب. شاعر مجيد كثير المدح والرثاء لأهل البيت عليهم السلام.... وعندي كتاب كنز الفوائد ودفع المعاند، تأليف الشيخ علم بن سيف بن منصور، في تأويل الآيات القرآنية النازلة في أهل البيت عليهم السلام، يوجد على ظهره خط السيد الشريف وصورته: بسم الله الرحمن الرحيم، دخل في نوبة العبد سيد شريف بن فلاح الكاظمي وفقه الله لمراضيه وجعل مستقبل عمره خيراً من ماضيه، آمين رب العالمين) (15)

ويعقب الدباغ على قول الصدر: (ويتلو خطه هذا خط لبنته ونصه: ملك كناسة بنت سيد شريف. ويظهر من ذلك أن ابنته كانت من النساء الفاضلات) (16)

والسيد شريف الكاظمي هو صاحب القصيدة الكرارية المشهورة وسيأتي الحديث عنها.

قال عنه السيد محسن الأمين: (كان شاعراً مجيداً) (17)

وقال عنه بمحمد علي شارة الخيقاني: (أن له فهماً وذكاء فهو ريحانة الأدباء، تجنح اليه الطباع وتطرب من حديثه الاسماع، قضى من الأدب نفله وفرضه وشام من ريانة بارقه وومضه، له شعر يضاحك الأقحوان ابتساماً وينوف عقد الدرر انتظاماً) (18)

وقال عنه الشيخ محمد حرز الدين: (صاحب القصيدة الكرارية في مدح أمير المؤمنين عليه ‌السلام نظمها سنة ١١٦٦ وقرضها ثمانية عشر شاعراً من أدباء عصره). (19)

وقال الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً مشاركاً في الفنون، أديباً شاعراً، وكان من سروات بني هاشم، وذوي كراماتهم، وله كرامة مشهورة..) (20)

الكرارية

أما قصيدته الكرارية فيقول عنها السيد جواد شبر: (وفي مخطوط الشيخ محمد السماوي في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف الاشرف قصائد الشيخ شريف بن فلاح الكاظمي ومنها الكرارية وهي تزيد على ٣٠٠ بيتاً، عدد فيها فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومناقبه وقد قرضها ثمانية عشر شاعراً) (21)

ويقول السيد الأمين: (له قصيدة في مدح أمير المؤمنين علي والأئمة من ولده ع تبلغ أربعمائة وثلاثين بيتا وتسمى القصيدة الكرارية نظمها سنة 1166 هـ) (22)

وقال السيد عبد المنعم الكاظمي عن هذه القصيدة: (قد عثرت على القصيدة في مجموعة خطية بعنوان ديوان الرائق للمرحوم الحجة السيد احمد العطار البغدادي وهذا الكتاب مخطوط يشتمل على جزئين يوجد في مكتبة الامام الصادق عليه السلام في حسينية السادة ال الحيدري في الكاظمية) (23)

كما ذكر الشيخ النوري بعض أبيات القصيدة ونسبها الى السيد شريف (24)

وقال الدباغ: (وأشهر قصائد هذا السيد الجليل، ملحمته التي اشتهر بها وهي القصيدة الكرارية في مدح أمير المؤمنين حتى صار يعرف بصاحب القصيدة الكرارية، وقد نظمت في سنة 1166 هـ كما أرخها هو بقوله: ختامه مسك، واختلف فيس عدد أبياتها، فهي على أقل الروايات بلغت 348 بيتاً، وعلى أكثرها بلغت 500 بيت ولجلالة شأنه، وعمق روابطه بأعلام عصره، قرظ العلماء والأدباء ديوان شعره المؤرخ بقول الشيخ مهدي الفتوني في آخر تقاريظه: نظامكم جمان، وذلك يطابق سنة 1155 ...) (25)

وقد قرظ هذه القصيدة وخمسها كثير من الشعراء يقول السيد الأمين: (تقاريظ القصيدة الكرارية من نظم محمد شريف بن فلاح الكاظمي في سنة 1166 وهي 18 تقريظا للأدباء العلماء المشاهير في عصره وهم 1 الشيخ محمد مهدي الفتوني النجفي 2 الشيخ جواد بن الشيخ شرف الدين محمد مكي 3 الشيخ محمد علي ابن الشيخ بشارة 4 الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن النحوي 5 السيد نصر الله المدرس الحائري 6 السيد أحمد بن محمد العطار البغدادي 7 أخوه أبو محمد الحسن بن محمد العطار 8 السيد عبد العزيز بن أحمد الموسوي النجفي 9 السيد أبو الحسن بن الحسين الحسيني الكاظمي 10 السيد محسن المقدس الأعرجي 11 الشيخ أبو علي عبد الكاظم بن محمد 12 المولى أحمد بن رجب 13 الشيخ محمد بن جواد بن سهيل النجفي 14 السيد محمد بن حسن حبيب 15 الحاج احمد الخطيب 16 الشيخ زكريا بن علي الحلبي 17 الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني 18 الشيخ كاظم الآزري) (26)

توفي السيد ابن فلاح الكاظمي في الكاظمية ودفن بها (27)

شعره

له ديوان شعر جمعه الشيخ محمد السماوي، نسخة محفوظة في مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف برقم 273 كتب عنه وحقق شعره الشيخ محمد حسن آل ياسين بعنوان (الشريف محمد بن فلاح الكاظم) ونشره في مجلة البلاغ الكاظمية السنة 8/ 1401 هـ/ 1981 م ع 9 و 10 و لتوقف المجلة عن الصدور لم تنشر الحلقات الأخرى. الطليعة ج 1 ص 393 بتحقيق كامل سلمان الجبوري

احتوى شعره ــ إضافة إلى قوته ــ على ثقافة دينية وتاريخية واسعة فضمَّن كثيراً من الأحداث والوقائع يقول في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدته التي قدمناها:

قِف بالطفوفِ وجُد بفيــضِ الأدمعِ     إن كـــــنتَ ذا حـزنٍ وقلبٍ موجعِ

أيبيتُ جسمُ ابنِ النبـيِّ علـى الثرى     ويبيتُ من فـوقِ الحشايا مضجعي

تباً لقلبٍ لا يُقطّـــــــــــــــــــعُ بعده     أسفاً بسيــــــــفِ الحزنِ أيَّ تقطعِ

وعمىً لعيـــــــــــــنٍ لا تـسحُّ لفقدِهِ     حمرَ الدما عــوِضَ الدموعِ الهُمَّعِ

وأذابَ جسمي السقمُ إن هوَ لم يذبْ     حزناً لجسمٍ بالسيـــــــوفِ مُبضَّعُ

سُبيتْ حريمي إن نسيـــــتُ حريمَه     في (كربلا) تُسبـى بـأيدي الزيلعِ

وثكلتُ وُلدي إن سلــــوتُ رضيعَه     أودى به سهـــــــمُ اللئــامِ الوُضَّعِ

صرختْ عليَّ النائحــــاتُ وأعولتْ     إنْ لمْ أنُحْ للصــــارخـاتِ الجُزَّعِ

رضّتْ جيادُ الخيلِ صدري إن سلا     بالطفِّ قلبــي رَضَّ تـلكَ الأضلعِ

لم أنسَ لا والله زينـــــــبَ إذ مشتْ     وهيَ الوقـورُ إليـهِ مشيَ المُسرِعِ

تدعوهُ والإخوانِ مـــــــــلءَ فؤادِها     والطرفُ يســـرعُ بالدموعِ الهُمَّعِ

أأخيَّ مالكَ عن بناتِكَ مُـــــــعرِضاً     والكلُّ منكَ بمـنظـــــــرٍ وبمسمَعِ؟

أأخيَّ ما عـــــــــوَّدتني منـكَ الجـفا     فعلامَ تجفوني وتـجفــو من معي؟

أعزيزُ أحمدَ كيــــفَ أصبـحَ أحــمدٌ     لمّا نعيتَ ؟ فليتَ لا كــــانَ النعي

أحسينُ هلَ سمعتْ بنعـيكَ أمُّــكَ الـ     ــزهراءُ حيث نُعِيـتَ أمْ لمْ تسمعِ؟

أحسينُ هلْ سمـعَ الــزكيُّ أخي بما     صنعَ ابنُ سعدٍ بالصـغارِ الرُّضَّعِ؟

ومن شعره ما رواه السيد جواد شبر بقوله: (ورأيت في المجموع (الرائق) مخطوط السيد أحمد العطار مراثي الشريف الكاظمي للإمام الحسين (ع) ومنها القصيدة التي أولها:

ذكر الطفوفِ ويوم عاشوراءِ     منعا جفوني لذّة الاغفاءِ

وفي ص ٣٥٨ قصيدة نبوية تحتوي على ١٥٠ بيتاً، أولها:

أشجاكَ برقٌ لاحَ بالجرعاءِ     فأثارَ منكَ لواعجَ البرحاءِ) (29)

ولم نعثر على هذه القصائد التي ذكر مطالعها السيد جواد شبر

وروى شبر للكاظمي أيضاً ومن روائع شعر الكاظمي ما كتبه في مقام مشهد الشمس بالحلة:

أقولُ وقد دخلـــــتُ مقامَ مولى     أنخــــتُ ركابَ آماليْ لديهِ

ألا لا تعجبوا للشمـــــسِ رُدَّتْ     به دونَ الورى جهراً عليهِ

فوجهُ المرتضى لا شكّ شمسٌ     وشبــه الشيء منجذبٌ إليهِ) (30)

وللكاظمي قصيدة طويلة في مدح الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قدمناها يقول فيها:

ألا ما لأيــــــــــــامِ الشبـــابِ تولّــــــتِ     وصبحُ مشيـــبي لاحَ في ليلِ لُمّتي

وما بالِ أوقاتِ الوصـــالِ تصــــــرَّمتْ     وطيرُ المنايا ناحَ من فوقِ دوحتي

وعمري تقضّى بيـــــنَ لـــــــهوٍ وغفلةٍ     وقالٍ وقيلٍ واكتســـــــــابِ جريرةِ

وها أنا في مهدِ الجـــهـــــــــــــالةِ راقدٌ     ولم ارتدعْ عن قبحِ فـــــــعلٍ وزلّةِ

فما عذرُ مثلي حيـــن أدعى بموقــــــفٍ     وقد مُلئتْ من سيئاتي صــحيفتي؟

فحتامَ يا من عـــاش في لجّةِ الهــــــوى     تبارزُ ربَّاً عــــــــــــالماً بالسريرةِ

تبــــــــارزُه سراً وجهـــراً وتــــــغتدي     كأنْ لم تبارزهُ بـكــــــــــلِّ عظيمةِ

تيقّظ هـــداكَ اللهُ من رقـــــــــدةِ الهوى     فانكَ منقولٌ إلى ضـيــــــــقِ حفرةِ

فويكَ اجتـرحتَ السيئـــــــــاتِ جميعَها     ومالكَ في الطـاعـاتِ مثقـــالُ ذرَّةِ

تمسَّكـــــتَ بالدنيـــــــــا غروراً كمثلما     تمسّكَ ظـــــــــامٍ مِـن سرابٍ بقيعةِ

أليستْ هيّ الــــــــــدارُ التي طالَ همّها     فكمْ أضحــــكتْ قدمـاً أناساً وأبكتِ

وكمْ قد أذلّـــــتْ مِــــــن عزيزٍ بغدرِها     وكمْ فجعتْ مــــــــــــن فتيةٍ علويةِ

همُ عتــــرةُ المختـــــــــــارِ أكرمِ شافعٍ     وأكرمِ مـبعوثٍ إلـــــــــى خيرِ أمةِ

بنــــفسي بدوراً منــــــهمُ قد تغيَّــــــبتْ     محــــــاسنُها في (كربلا) أيّ غيبةِ

رمـاها يزيدٌ بالخســـوفِ وطـــــــــالما     بأنــــــــوارِها جلّتْ دُجى كلّ ريبةِ

بنفسي وأهلي والتليــدِ وطــــــــــارفي     وكــــلّ الـــــــورى أفدي قتيلَ أميةِ

فنادى ألا هلْ من مجيـــــــــــرٍ يجيرُنا     وهل ناصـــرٌ يرجو الإلهَ بنصرتي

ويرنو إلى ماءِ الفـــــــــــــراتِ ودونه     جيوشُ بني سفيــــانَ حلّتْ وحطّتِ

ولمْ أنسَه يومَ الطفـــــــــــوفِ وقد غدا     يكرُّ عليهمْ كرّةً بـــــــــــــــعد كرّةِ

إذا كرّ فرّوا خيفةً من حســــــــــــــامِهِ     فكانوا كشــــاءٍ من لقا الليثِ فرَّتِ

إلى أن هوى فوقَ الصعيــــــــدِ مُجدّلاً     فأظلمتِ الدنيــــــــــا له واقشعرَّتِ

وما أنسَ لا أنسَ النســـــــاءَ بـ(كربلا)     حيارى عليهنَّ المصــــائبُ صُبَّتِ

ولما رأينَ المهـــــــرَ وافـــى وسـرجُه     خلياً تــــــوافتْ بالنحيــــبِ ورنَّتِ

ولا أنسَ ـختَ السبطِ زينـبَ إذ رنـــتْ     إليه ونـــــــادت بالعويــــلِ وحنَّتِ

تقولُ ودمعُ العينِ يسبـــــــــقُ نــطـقَها     وفـي قلبِها نارُ المصــــــائبِ شبَّتِ

أخي يا هلالاً غابَ بعـد كمــــــــــــالِهِ     فـأضحى نهاري بعده مــــثلَ ليلتي

أخي أيَّ رزءٍ أشتكي ومصيبــــــــةٍ؟     فراقِكَ ؟ أم هتـكي وذلّي وغربتي؟

أمِ الجسمِ مرضوضاً؟ أمِ الشيبِ قانياً؟     أمِ الرأسِ مرفوعاً كبــدرِ الدجــنةِ؟

أمِ العـــــــــــابدِ السجادِ أضحى مُغلّلاً     عليلاً يقاسي في السـرى كلَّ كربةِ

أمِ النسوةِ الــــــــلاتي برزنَ حواسراً     كمثلِ الإما يُشــــــهرنَ في كلِّ بلدةِ

فلمّا رأته لا يجيـــــــــــــــــبُ نداءها     بكتْ ورنتْ بالطــرفِ نحوَ المدينةِ

ونادتْ بصوتٍ يصدعُ الصخرَ جدَّها     وفـي قلبِها نارُ المــــــصائبِ صُبَّتِ

أيا جـــــــدِّ لو يُفدى من الموتِ مَيِّت     فديـتُ حسيناً من سهــــــــــامِ المنيّةِ

أيا جدِّ مَـــــــــــن لي بعد فقدِ مؤمَّلي     ومَـن ارتجيهِ إن جــــــــفتني أحبتي

أيا جدِّ ما حــــــــــــزني عليه بزائلٍ     ولا دمـعيَ المنهلُّ يبـــــــــرِئ غُلتي

أيا جدِّ عنا الصـــــــــونُ هتّكَ سترُه     وأوجهُنـا بعد الخدورِ تبــــــــــــــدّتِ

وسارَ ابنُ سعدٍ بالنســــــاءِ حواسراً     وخُلِّفَ جــثمانُ الحسيـــــــــــنِ بقفرةِ

وأصحابُه في التربِ صرعى كأنهم     نجومُ سما حـفّتْ ببــــدرِ دجــــــــــنّةِ

ويحضـــرُها في مجلسِ اللهوِ شامتاً     يزيدٌ تغشــــــــــــــــــــــاهُ الإلهُ بلعنةِ

ويحضـــــــرُ رأسَ ابنِ النبيِّ أمامَه     وينكتُ منه الثغـرَ بـــــــــــالخيزرانةِ

وينشدُ أشعـــــــــــــارَ الشماتةِ قائلاً     نفلّقُ هاماً من رجــــــــــــــــالٍ أعزَّةِ

فيا حسرةً في القلــبِ طالتْ ومحنةً     إلى أن ترى الرايـاتِ مـن أرضِ مكةِ

أمولايَ يا ابنَ العــسكريِّ إلى متى     تــــــــــــــروحُ وتـغدو بـينَ همٍّ وشدَّةِ

أيا سادتي يا آلَ أحمــــــــــــــدَ أنتمُ     ملاذي إذا جــــــلّـتْ وجُمَّـتْ خطيئتي

خذوا بيدي في يومِ لا مالَ نـــــافعٌ     ولا ولدٌ جـــــــــــــــــازٍ ولا ذو حميّةِ

سوى حبّـــكمْ يا عترةَ الطهرِ أحمدٍ     وبغضِ أعاديـــــــــــكمْ وتلك عقيدتي

إليكمْ بني الـــــــزهراءِ بكراً يتيمةً     قبولكمُ من خيرِ مهـــــــــــــــرِ اليتيمةِ

فريدة حسنٍ من شــــــــريفٍ أتتكمُ     تنوحُ عليــــــــــكمْ نــوحَ ثكلى حزينةِ

عليكمْ سلامُ الله ما هبَّــــــتِ الصبا     وما ناحَ قمريٌّ عــــــلى غــصنِ أيكةِ

وقال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد قرأها في الحضرة العلوية المقدسة:

أبا حسنٍ ومثلكَ من يُنــــــــــادى     لكشفِ الضـرِّ والهولِ الشديدِ

أتصرعُ في الوغى عمرو بن ودٍّ     وتردي مــــرحباً بطلَ اليهودِ

وتسقي أهـــــــلَ بدرٍ كأسَ حتفٍ     مصبَّـــــــــــرةً كعتبةَ والوليدِ

وتُجري النهــــــروانَ دماً عبيطاً     بقتلِ المــارقينَ ذوي الجحودِ

وتأبى أن تكفَّ جيـــوشَ عسري     وتنصرني على الدهرِ العنودِ

وها هو قد أرانـي الشهبَ ظهراً     وأحرمَ نــاظري طيبَ الهجودِ

فأطلعْ في سمـــــا الأقبالِ بدري     وبدِّلْ نحسَ حظـــــي بالسعودِ

وأوردني حيــــــــاضَ نداكَ إني     لمحتــــــــاجٌ إلى ذاكَ الورودِ

أترضى أن يكـــدَّرَ صفوَ عيشي     وتصبـحُ أنتَ في عيشٍ رغيدِ

أتنعمُ في الجنـــــــــانِ خليَّ بالٍ      ومني القــــلبُ في جهدٍ جهيدِ

أما قد كنتَ تــــــــــؤثرُ قبلَ هذا     ببذلِ القـوتِ في القحطِ الشديدِ

فكيفَ أخيــــبَ مـنكَ وأنتَ مُثرٍ     عديمُ المثـــــلِ في هذا الوجودِ

أما لاحتْ لمــــــــرقدِكَ المُعلّى     جواهرُ كــدّرتْ عيشَ الحسودِ

فمنْ درٍّ ويــــــــــــــاقوتٍ مُشعٍّ     ومن مــــاسٍ تلوحُ على عقودِ

ومن قنديلِ تبرٍ بـــــــــاتَ يجلو     سناهُ الـــــــهمَّ عن قلبِ الوفودِ

فجُدْ لي يــــا علــيّ ببعضِ هذا     فإنّ التبرَ عنــــــــدكَ كالصعيدِ

ولي يا بـنَ الكـــرامِ عليكَ حقٌّ     رثاءُ سليــــــلِكَ الظامي الشهيدِ

فكمْ أجريتُ مِن دمـــــــعٍ عليهِ     وكمْ فطّــــــــــرتُ قلباً كالجليدِ

فكنْ في هذه الدنيــــــــا معيني     وكنْ لي شــــــافعاً يومَ الورودِ

وقيل: لما أتم قصيدته سقط عليه قنديل ذهب فالتقطه وعلقه في مكانه فوقع عليه ثانية فعرف أنه له فأخذه (31)

أما قصيدته أو بالأحرى (ملحمته) الكرارية فهي على بحرٍ واحد ورويٍّ واحد وتبلغ (430) بيتاً وقد حذفنا منها المقدمة (الطللية) يقول منها:

مغنىً حوى قبراً، حوى جـــسداً، حوى     صــدراً، حوى علـمَ النبيِّ الأطهرِ

المرتضى الكـــرارُ أشـــرفُ من مشى     فــــــوقَ البسيطةِ مـن قديمِ الأدهرِ

نفسُ الرسولِ وصـــنــــــــــوه ووصيُّه     بالرغــــمِ من أنفِ الجحودِ المُنكِرِ

ذو الحزمِ ماضي العزمِ طودُ الحلمِ بحـ     ـرُ العلمِ حـــــــــــقاً حجّةُ المتبصِّرِ

الشامخُ النسبِ الإمـــــــــــــامُ المجتبى     الباذخُ الحسبِ الـــــــزكيُّ العنصرِ

لولاهُ لم يسفرْ لنا صبحُ الــــــــــــهدى     والحقُّ عن ليلِ الـضــــلالِ الأعكرِ

هوَ ذاكَ أوّلُ مؤمنٍ باللهِ لـــــــــــــــــم     يُشركْ بربِّ العالــمينَ ويــــــــــكفُرِ

هوَ ذاكَ خيرُ مُمجِّدٍ ومـــــــــــــــقدِّسٍ     ومـــــــــــــــــــــسبِّحٍ ومُهلّلٍ ومُكبِّرِ

هوَ ذاكَ خيرُ مفضَّلٍ ومُــــــــــــــبجِّلٍ     ومُكــــــــــــــــــــرَّمٍ ومُعظّمٍ ومُوقّرِ

قرنَ الإلهُ وجــــــــودَه بالمصطفى الـ     ـهادي وآدمُ بعدُ غـــــــــــيرَ مُصوَّرِ

مِن نسلِ آدمَ غيرَ أنَّ وجـــــــــــــودَه     لــــــــــــولاهُ لم يعهدْ هــــناكَ ويُذكرِ

ولذاكَ تابَ عليهِ حــــــــــــين دعا بهِ     ربُّ العبادِ فـــــــــــخابَ ظنُّ المنظرِ

لم يأتِ ماضي الأنبياءِ بمعــــــــــجزٍ     إلّا وكانَ لفعلِهِ كــــالمــــــــــــــصدرِ

مثلَ العصا والنارِ والــــــطوفانِ والـ     أحياءِ للمَيْتِ الــــــــــــــــرميمِ المقبرِ

شرفَ الخليلُ به ونوحٌ قبــــــــــــــله     وأبوهُ آدمُ فيه شرِّفَ مُــــــــــــذ بَري

وأبيهِ لم أرَ قبـــــــــــــــله ولداً به الـ     آباءُ قد شرُفتْ بماضي الأعـــــــصرِ

قسمَ الإلهُ الزهدَ بين عبــــــــــــــادِهِ     فحباهُ منه بالنصيـــــــــــــــــبِ الأكثرِ

كلٌّ له ملكانِ يكتنفــــــــــــــــــــــانِهِ     للخيرِ أو شـــــــــــــــــــــرٍّ عليهِ مُقدَّرِ

إلّا علياً ليسَ إلّا كــــــــــــــــاتبُ الـ     ـحــــــــــــــــسناتِ يكتبُ دائباً لمْ يفترِ

لولاهُ لمْ يوجدْ لــــــــــــــبنـتِ محمدٍ     كفؤٌ يُعدّ ولـــــــــــــــــــمْ تزفَّ وتُمهَرِ

وكذاكَ لمْ يرَ في الأنامِ لــــــــــهُ أخٌ     يُوصي إليهِ بكــــــلِّ سرٍّ مُــــــــــضمَرِ

اللهُ صــــــــــــــــــــــفّاهُ وصفَّا ولدَه     مــــــــــــــــن كلِّ منقصةٍ وعارِ مُعيَّرِ

تاللهِ ما عرفَ الورى مــــــن فضلِهِ     إلّا مخــــائلَ أو وســــــــاوسَ تعتـري

غاصـتْ بلجَّةِ وصفهِ الأفهــــامُ فانـ     ـكفأتْ ومــــا ظفرتْ له بـــــــــــمـخبَّرِ

تــــــــــتقاعـسُ الأوهامُ دون بلوغِهِ     عجزاً وتـــرجعُ رجعةَ المُتقهــــــــــقرِ

يا ربِّ أرشــــــــــــدني فإنّي حـائرٌ     وبغيرِهِ مُذ كــــــــــــــــــــنتُ لمْ أتحيَّرِ

قد حارَ عقــلي والعقـــــولُ بأسرِها     عن كنهِ معناهُ وبــــادَ تفكــــــــــــــرُّي

لــو لمْ يكن رأسُ البريَّةِ مــــــا علا     دونَ الورى كتِـــــــــــفَ النبيِّ الـمُنذرِ

قـدمٌ علا الكتفَ الـــــعليِّ فـكَسَّرتْ     في ذلكَ الأصنامَ أيَّ تـــــــــــــــــــكسُّرِ

حــقٌّ بأنْ تغدو رؤوسُ ذوي العُلى     نعلاً لهُ لتحوزَ أسنى مـــــــــــــــــــفخرِ

فليسمُ فخراً والفــــــــــخارُ شعارُه     إنّ النبيَّ بغيرِهِ لـــــــــــــــــــــــمْ يُنصَرِ

لولا النبيُّ لكانَ أشــــــرفَ مُرسَلٍ     ومُبشِّرٍ للعالمـــــــــــــــــــــــــينَ ومُنذِرِ

تعــساً لغمرٍ ليسَ يَعرفُ فضلَ مَن     عُرفَ الإلهُ به فلـــــــــــــــــــيسَ بمُنكرِ

ومنها في بعض الآيات الشريفة التي نزلت بحق أمير المؤمنين (عليه السلام):

ومديحُه فــي الذكرَ جاءَ مـــــــــكرَّراً     يــــــــدري به التالي وغـيرَ مُكرَّرِ

في (الــعادياتِ) أتى وفي (لقمانِ) جا     ءَ (وهلْ أتى) و(النجـمِ) و(المدَّثَرِ)

(والـــسابقونَ الســـــــــــابقونَ) بحقّه     نزلتْ وهــــــــــــذا قـولُ كلِّ مُفسِّرِ

و(الراكعونَ الســـــــاجدونَ الآمـــرو     ن) بها ســـواهُ من الـورى لمْ يُحبرِ

ويعمُّ صـــــــرحٌ ذو الجلالِ بـــمدحِهِ     مُذ أصـــــبـحتْ فيه قريــشٌ تمترِي

وبـ (آيةِ التطهيرِ) من رجــــسِ الخنا     مَن قد عَنى؟ قــلْ ما عـلـمتَ وأخبرِ

وبـ (قُلْ تعالوا ندعُ) من قد كـانَ (نفـ     ـسَ مـــــــــحمدٍ) بـيِّنْ هُــديتَ وفَسِّرِ

وكذا لئنْ أشـــــــــــركتَ يعني غيرَه     بالفضـــــلِ والتعـظــيمِ فافهمْ واشعرِ

(ولكلِّ قومٍ هادِ) اســــــــــألْ مَن أرا     د الله بالهــــــــــــــادي هنا واستخبرِ

وكذاكَ في (إنّا عرضــــــنا) مَن ترا     هُ هنـــــــــــــــاكَ يعـني بالأمانةِ فَكّرِ

تلكَ الولايةُ ظلَّ حـــــــــــاملُ عبؤها     لمْ يختـــــــــــلجْ شـكٌّ بذاكَ ويعتري

واللهُ لو حملتْ أمانتَها الـــــــــــــسما     والأرضُ صـارتْ ذي وذي لم تعمرِ

هذا ولو حـــــاولتُ حــصرَ جميعَ ما     في فضـــــــــــــــــلِهِ من آيةٍ لم أقدرِ

لكنني لم أتركِ المــــــــــــــيسورَ بالـ     ـمعسورِ حسبـــــــي منه ما لمْ يُعسَرِ

هوَ للنبيِّ الطهرِ أعظـــــــــــمُ معجزٍ     فلينتبـــــــــــــــــه ذو العقلِ وليتبصَّرِ

خيرُ البريةِ بعده بصريـــــــــــــحِ قو     لِ اللهِ هـــــــــــمْ (خيرُ البريةِ) فانظرِ

ووزيرُه من أهلِهِ حــــــــــــــــقاً ولو     لا المرتــــــضى المختارُ لمْ يَستوزِرِ

واللهُ كــــــــــــــــــــــلّمه بمثلِ لسانِهِ     مُذ حــــــــــــلَّ في أعلى المحلِّ النيِّرِ

ظهرتْ معاجزُه لأمــــــــلاكِ السـما     ورأته قبلَ ظــــــــــهورِهِ فـي الأظهُرِ

وبدا فصوَّرَ شخصَه فــيــــــــها لهم     ليروا سنا ذاكَ الـمُـــــــــــــحيَّا الأنورِ

كمْ عاكفٍ منهمْ عليهِ وصــاعـــــــدٍ     شوقاً إليهِ ونـــــــــــــــــــــازلِ مُتحدِّرِ

قد أفعمَ السبعَ الطــــباقَ وطـــبَّقَ الـ     ـســـــــــــــــــــبعَ الشدادَ بذكرِهِ فتذكّرِ

ذاكِ الذي من فــوقِ أقطارِ الــــسما     سرتِ القَطــــــــــــــارُ بفضلِهِ المتوفّرِ

تمشي الوئيدَ به كـــــــــأنَّ حـمولَها     زبرُ الحديدِ مــــــــــشتْ بها في مرمرِ

لمْ يُدرَ أولُها ولمْ يُـــــــــــــدركْ لها     تالٍ ولمْ تُوصفْ لــــــــــــــــــنا وتُقدَّرِ

تسري مدى الأزمـــانِ لمْ تــنفد ولمْ     ينفد لطولِ زمـــــــــــــــــــــانِهِ ويُغيَّرِ

ذا ما رآه الطــــــــــهرُ طـهَ ليلةَ الـ     معراجِ فاحذرْ أن تشــكَّ وتمـــــــتري

مَن كانَ للــــــروحِ الأمـينِ مُعلّماً     فـــــــــــــي عالمِ الأنوارِ فاسألْ تُخبرِ

مَنْ قالَ للناسِ اســـــــألوني إنني     بالعالمِ العــــــــــــــلويِّ أصـدقُ مُخبِرِ

ومنها في بعض خصائصه الشريفة:

مَنْ خُصَّ بالزهراءِ؟ من واخاهُ؟ مَـــنْ     ناجاهُ سراً ؟ والأنــــــــامُ بمحضَرِ

مَن طلّقَ الدنيا وقد بــــــــــرزتْ لـــه     فـــــــــــي زيِّ خودٍ مثلها لمْ يُنظرِ

مَن كلّمَ الأمواتَ؟ مــــــــن أحـــياهمُ؟     مَــــــن خاطبَ الثعبانَ فوقَ المنبرِ

وإلى المدائنَ من سرى مـــــــن طيبةٍ     ليلاً وعـــــــــــادَ وصبحُه لمْ يُسفرِ

طلباً لتغسيلِ الزكيِّ الطـــهرِ ســــــلـ     ـمانِ التقيِّ الطاهـــــــــــرِ المُتطهِّرِ

هذا لعمرِ أبي المعــــــــــاجزِ معجزٌ     عن غيــــــــرِ آصفَ قبله لمْ يصدرِ

ولهُ بذاكَ الفخـــــــــــرُ إذْ لولا اسمه     لم يأتهِ العــــــرشُ العظيمُ ويحضرِ

مَنْ قالَ: لو كشفَ الغطاءُ سوى فتى     قدْ علَّ مــــــــاءَ الكشفِ غيرَ مكدَّرِ

مَنْ قبله الأسدُ الهزبــــــــــرُ شكا له     عسرَ المخــــــاضِ فكانَ خيرَ مُيسِّرِ

مَنْ قدَّ مقدامَ الكتـــــــــــــائبِ مرحباً     فغـــــــــــــدا بفيضِ دماهُ شرَّ مُعفَّرِ

مَنْ هزَّ بابَ حصـونِهِ فتمــــــــوَّرتْ     أركانُها واللهِ أيَّ تمـــــــــــــــــــوُّرِ

مَنْ خُصَّ تعظيمــــاً له بالسـطلِ والـ     ـمنديلِ والجامِ البهــــــــــيِّ المنظرِ

أو (يُؤثِـــرونَ) من الذي الـجبارُ يعـ     ـنيهِ ومَنْ ذاكَ الذي لمْ يُـــــــــــؤثِرِ

ومَنْ الذي في (آيةِ النجوى) رأى الـ     ـتقديمَ خيرَ مــــــــــــــــقدِّمٍ ومُؤخِّرِ

ومَنْ الـــــــــــذي تابَ الإلهُ به على     مَـــــــــن لم يُقدِّمْ وهوَ أيسرُ مُـوسِرِ

مَنْ قد تولى غــــــسلَ أحـمدَ لمْ يُعنْ     إلّا بجبريــــــــــــلٍ وكانَ به حَري

مَنْ قد دعاهُ فباتَ فـــــــــوقَ فراشِهِ     وقريشُ ترميهِ فلمْ يَـــــــــــــتضجَّرِ

مَنْ كانَ محفوظاً بجبريــــــــلٍ وميـ     ـكالٍ هناكَ من العدوِّ المعتـــــــري

مَنْ كانَ مَعنياً بـ(يَــــــــشـري نفسه)     في الــــــذكرِ تعظيماً له هاتِ اذكرِ

منْ فيهِ توبةُ آدمٍ قُبِــــــــــــــلتْ غدا     ةَ أســــــــــــالَ دمعَ النادمِ المُتحسِّرِ

مَنْ أطفئتْ نارُ الخليـــــــــــلِ بسرِّهِ     وعلا السفيـــــــــــــنةَ فيهِ نوحٌ خَبِّرِ

مَـــــــنْ زالَ عن يعقوبَ فيه حزنَه     ونجـــــــــــــا ابنُه من جبِّـهِ المتهوِّرِ

وبِمَنْ أزيـــــلَ الضرُّ عن أيوبَ مُذ     نادى وكان بـــــــــذاكَ أعظمَ مُؤجَرِ

وبِمَنْ نجا مــــن غـمِّه ذو النونِ مُذ     طافتْ به ظلماتُ تلــــــــــكَ الأبحرِ

مَنْ كانَ سرَّ عــــــصا الكليمِ ونارَه     والآيةَ الكبـــــــــــــرى أبِنهُ وأظـهِرِ

ومَنْ الذي نشرَ المـــسيحُ بذكرِهِ الـ     ـموتى وكانتْ قبلُه لــــــــــــــمْ تُنشَرِ

مَنْ قد ألينَ به لداودَ الحــــــــــــديـ     ـدُ فكانَ عندَ السردِ خيرَ مُقــــــــــدِّرِ

هذا وتـــــــــــــوبته بِمنْ قُبلتْ ومَنْ     لولاهُ ســــــــــــــــالفُ ذنبِهِ لمْ يُغفَرِ

مَنْ سخَّرَ الريحَ الــــــرخاءَ به سليـ     ـمانٌ وكــــــــــــــانتْ قبلُ لمْ تتسخَّرِ

مَنْ كانَ مِنْ جســــــدِ الـنبيِّ كرأسِهِ     ولرأسِهِ كالعيــــــــــــــنِ فكِّرْ تُبصَرِ

مَنْ قــــد غدا يومَ الفـــخارِ أباً لـسبـ     ـطيهِ شبيــــــــــــرٍ ذي الوقارِ وشُبَّرِ

مَنْ قالَ: لو ثُنيتْ وذا غــــيبٌ عـليـ     ـه اللهُ غيرَ المرتـــــــــضى لمْ يظهرِ

مَن قالَ: فزتُ وقــد علاهُ بــــأبيضٍ     أشقى الورى مـن أبيــــضٍ أو أسمرِ

ويسترسل الكاظمي في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام):

غيرُ الوصـــيِّ أخي النبيِّ أبي الحسيـ     ـنِ ابنِ الفواطمِ ذي الفخارِ الأزهرِ

نـسبٌ دويـــنَ منـــــــاطِهِ السبعُ العُلى     وعـــلا عُلا هامِ السُّها والمُشتري

بـابُ المدينةِ سورُهــــا ركنُ الـــهدى     طودُ الـــــعُلى سامي عمادِ المَفخرِ

شـقَّ اسمَه الربُّ العــــليُّ مِـــنِ اسمِهِ     ناهيكَ من شــــــــرفٍ عليٍّ مُزهِرِ

أهـوى وأبغضُ مَن غـــلا فـــيهِ ومَنْ     يهوَ المُغالي في عــــــــــــليٍّ يُعذَرِ

يا ربِّ جَـــــــــــــنِّبني الغـــلوَ بهِ فقد     أعيا به فكري وزادَ تحــــــــــيُّري

أمحبِّه في اللهِ حسبُـــــــــــــــــكَ حبُّه     لا تمعننَّ الفكــــــــــــــرَ فيهِ وتكثرِ

فهناكَ بحرٌ لــــــــــيسَ يُـــدركُ قعرَه     ذو خبرةٍ وسباسبٍ لمْ تـــــــــــسبرِ

واحيرةَ الآراءِ إنْ هيَ فكَّـــــــــــرتْ     في ذاتِــــــــــــــــــهِ وندامةَ المُتفكّرِ

جهدتْ لتدركُها العقولُ الـــعشرُ فاعـ     ــتــــــــــقلتْ ولمْ تعقلْ ولمْ تتصوَّرِ

بشرٌ ولكن لا كـــــــــــــهذا الخلقِ لو     تدري فنهـــــنهْ عنه فكرَكَ وازجرِ

عذراً رواة مديــــــــــــحِهِ عنّي لمَنْ     أصغى له وأظـــــــــــنني لمْ أعـذرِ

إنْ كنتُ قد أهملتُ جُــــــــــلَّ مديحِهِ     لا عن قصورِ قريحةٍ وتــــــــــبحُّرِ

فهناكَ شخصٌ لسـتُ أعــــرفُــه ومَنْ     يفعلْ كفعلي في المديــــــحِ يُقـصِّرِ

واللهُ لمْ يعـــــــــــــــــرفه بـعدَ الله إلّـ     ـا المصطفى وبنوهُ أكرمُ مَـــــعشرِ

وكذاكَ ما عــــــرفَ الإلـهَ ســـواهمُ     فاعـــــــجبْ لذا الشأنِ الكبيرِ وكبِّرِ

اللهُ أكبرُ جَلَّ هــــذا الـشخـــصُ عن     تقريـــــــضِ مُمتدحٍ ووصفِ مُحبِّرِ

اللهُ أكـبرُ كمْ نجــــــــــــا وهــوى به      قومٌ ومــــــــــــــــعناهُ لهمْ لمْ يظهرِ

يا مَنْ يظنُّ بأنني عـــــــــــدّدتُ مِنْ     أوصـــــــــــــافِهِ ما لمْ يُعدَّ ويسطرِ

ذي رشحةٍ مِن نضحةٍ مِن عــارضٍ     خــــذها وعدَّ عن السحابِ الأغزرِ

بلْ قطرةٌ مِن لجِّ بحــــــــــــرٍ طافحٍ     طــــــــــــــــامٍ بغيرِ العلمِ لمْ يَتفجَّرِ

يا مَنْ غدا ممَّا يمارســــــــــــني به     يعشو عن الصبحِ المـضيءِ المُسفِرِ

هَبْ ليْ علياً لا هديــــــــتَ وخُذ به     كـلَّ الورى ودعِ المَـــــراءَ وأقصِرِ

هَبْ ليْ أبا حســـــــنٍ ودونكَ فانتقدْ     مَـن شئـــــــتَ مِن هذا الملا وتخيَّرِ

أنا لا أبالي مُذ علقـــــــــــــتُ بحبِّهِ     ظفرتْ يديْ بســـــــــواهُ أمْ لمْ تظفرِ

للهِ درُّ أبي ومَن كـــــــــــــأبي ومنـ     ـه ورثـــــتُ معـرفتي بهِ وتبصُّرِي

كمْ باتَ يــــروي لي أحـاديثَ الولا    عن عــــــــــــــالمِ الذرِّ الذي لمْ يُنكرِ

عنْ عالمِ الأرواحِ عــــــــــمَّن قبله     ممَّـــــــــــــنْ برى من خلقِهِ المُتكثرِ

للهِ أمِّي والعفــــــــــــــافُ شعارُها     ما دنّـــــــــــــــستني بالخنا المُستقذرِ

أو ما ترى قلبي إذا ذُكــــــرَ اسمُه     يحكى جنـــــــــــــاحَ الطائرِ المُتذعِّرِ

ويكادُ من فرطِ الصبــــــــابةِ كلّما     ذُكرَ الغـــــــريُّ له يطيرُ إلى الغري

فوحقهِ وكفى بــــــــــــه قسماً لمَنْ     مَحَــــــــــــضَ الولاءَ لهُ ولمْ يستكبرِ

لو أدخلَ اللهُ الجنــــــــــــــانَ وليَّه     مِنْ قبلِ قبــــــــضِ الروحِ لمْ يستكثرِ

أو أحـــــــرقتْ نارُ الـجحيمِ عدوَّه     قبلَ الممــــــــــــــاتِ فذاكَ لمْ يُستنكرِ

أخذَ الإلهُ عـــــــــــــــليهما بولائِهِ     في غابرِ الأزمــــــــــــانِ عهدَ مُقرَّرِ

ويلٌ لجاحدِه غـداةَ الــــــحشرِ مِن     نارٍ لغيــــــــــــــــــرِ عدوِّهِ لـمْ تُسجرِ

واللهِ لو جحدتْه جنّــاتُ الـــــــنعيـ     ـمِ لخُلّدتْ بلظى الجحيـــــــــمِ المُسعرِ

أو أنكرته النـــــــــارُ قدماً عُذّبتْ     يومَ القيـــــــــــــــــامةِ بالعذابِ الأكبرِ

سيَّـــــانَ مَنْ والــى علياً مُخلصاً     سهرَ الدّجـــــــــــى في اللهِ أمْ لمْ يسهرِ

لمْ يخشَ عندَ الــقبــرِ هولَ نكيرِهِ     كلا ولم يعبــــــــــــــــــــأ برؤيةِ مُنكرِ

وإذا رأى النيــــــرانَ نادى مالكٌ     جـــــزها وقــال له الصراطُ: ألا اعبرِ

ودعاهُ رضــوانُ الجنانِ هناكَ يا     بُشراكَ فــــــــــــزتَ بكلِّ طرفٍ أحورِ

أمرُ الصراطِ إلـــيهِ غيــرُ مدافعٍ     عندَ ازدحامِ النــــــــــــاسِ يومَ المحشرِ

ووقوفُهم فـــي قولِه: (وقــفوهمُ)     هوَ للسؤالِ عن الولايــــــــــــــةِ فاحذرِ

ومنها:

مَن لامرئٍ رامَ الـعبـــورَ بغيرِها     فهــوتْ بـــه قـدماهُ عــــــندَ المعبرِ

يا هلْ يراني فـي القيـامةِ ناظري     مِن تـحـــتَ رايــــــتِهِ بوجهٍ أنضرِ

ثلِجُ الفؤادِ يُـــساقُ بـي ذاتَ اليميـ     ـنِ إلـــــــــــــــى نعيمٍ قطّ لمْ يَتكدَّرِ

أيْ والذي أعطاهُ حـــــــكمَ معادِهِ     هذا اعـــــــــتقــــــادي فيهِ لم يتغيَّرِ

ولقد أقولُ لخــــــــــائفٍ من ذنبِهِ     مُـــــــتوجِّــلٍ مُتـمـــــــلملٍ مستغفرِ

إحملْ عليَّ عظيمَ ذنبِكَ واسـترحْ     لا تعـــنِ في تـمـحيــصِهِ وتـــــفكّرِ

فأنا الزعيـــــــمُ بحمـلِهِ فكبيرُ ما     يُخشـــــى بجنبِ ولائِـــــــه لمْ يكبرِ

هوَ بــــــابُ حطةَ للـذنـوبِ فأمَّه     وادخــلْ وحــــــط به الـذنوبَ وكفِّرِ

غرسَ الإلـــــهُ له بـــقلبي دوحةً     بســــــوى الولاءِ غـصونُها لم تثمِرِ

وسقى بماءِ الـــــــحـبِّ حبَّته فلمْ     تنبتْ سوى الإخلاصِ والودِّ الـبري

عجباً لهذا الحبِّ أصـبحَ أكبرُ الـ     أشيــــــاءِ كيفَ حواهُ منِّي أصغري

قســـماً لو اجتمعَ الأنامُ عليه في     صــــــدقِ الولا من غائبينَ وحُضَّرِ

لمْ يخـــــلقِ اللهُ الجحيمَ ولمْ تُسقْ     زمرُ الــــــخلائقِ للحسـابِ وتُحشرِ

بمحمدٍ عُــــــرفَ الهدى وبسيفِهِ     ثبتتْ قواعدُه فــــــــــــــــــلمْ تتهوَّرِ

ولّاهُ ما أولاهُ ربُّ العـــرشِ مِن     حملِ اللواءِ غداً وسقي الــــــــكوثرِ

كتمَ المعادي والموالي فـــــضلَه     بغضاً وخوفاً في جميعِ الأعــــصرِ

فبدا لنا ما بيـــنَ ذاك وذا مِن الـ     ـفضلِ الكثيـــــرِ الجمِّ ما لمْ يُحصرِ

أخبارُه بالغائبـــــــــــاتِ وعلمُه     بالغابراتِ عجائـــــــــــبٌ لمْ تُبصَرِ

ومنها

ورجوعُ شمسِ الأفقِ أشهرُ في الــملا     مــــنــها فأبصرْ وانتبه وتبصَّرِ

رُدَّتْ له بعد الغــــــــــروبِ وســلّمَتْ     عندَ الــطلوعِ بمجمعٍ وبمحضَرِ

هذا وما رُدَّتْ ليوشــــــــــــــــــعَ قبله     إلّا لــــــــــــــسرٍّ منه فيهِ مُستّرِ

لو شاءَ لمْ تغربْ وعاشَ الناسُ في الـ     دنيا بــلا ليلٍ بـــــــــــهيمٍ أعكرِ

ولها ببابلَ مشـــــــــــــــــــهدٌ ومنارةٌ     آثارُ مــعجــــــــــزةٍ بها لمْ تدثرِ

تهتزُّ إنْ ذُكرَ اسمُـــــــــه السامي لها     طربـاً وتــــثني قدَّ غُصنٍ أنضرِ

وقدودُ بـــــــــــــــدرِ التمِّ إن لو ردَّهُ     كالشـــــــمسِ بعدَ تحجُّبٍ وتَستّرِ

أو مــــــــا ترى التغييرَ لاحَ بوجهِهِ     حـــــزناً ووجـهُ الشمسِ لمْ يتغيَّرِ

وغدا لفرطِ الهـــــــــــــمِّ ينحلُ كلّما     قد عـــــنَّ ذاكَ له هـناكَ وينبري

وهبوط فيضِ المـــــــــــاءِ أكبرُ آيةٍ     لسـواهُ مَن ذا الخـــــلقِ لـمْ تتيسَّرِ

إلّا لمــــــــــــــوسى وهوَ لولا سرُّهُ     لمْ يـفلقِ البحرَ العظيـــــــمَ ويعبرِ

ولهُ اليدُ البيضــــــــاءُ قبلُ عليهِ في     إخـــــــــراجِها بيضــاءَ لمْ تتكدَّرِ

يكفيهِ قولُ المصطــــــفى في خيبرٍ     والـمسلمونَ بمســــــــمعٍ وبمنظرِ

إنِّي لأعطي رايتــــــــــــي فلكمْ بهِ     سـرّاً بدا للمنصـــــــــــفِ المتدبِّرِ

وبقولهِ: مَــــــــــن كنتُ مولاهُ لمَن     تـركَ المـــــــراءَ فضـيلةً لم تنكرِ

وعلا بأقضـــــــــــــاكمْ عليٌّ رتبةً     تـزري بأربابِ القضـاءِ وتزدري

وبـ (آتـني بـأحبِّ خلقـــــــكَ) نكتةً     فيها هدىً وإشـــــــــــارةٌ للمُبصِرِ

وبـ (أنـتَ منّي) كـلُّ فضلٍ يُزدرى     ويُـــرى أخو التعظـيمِ أيَّ مُحقَّرِ؟

ولفتحِ بابِ الطهـــــــرِ أمرٌ واضحٌ     سُدَّتْ بهِ أبـــــوابُ شـكِّ المُمتري

هذا ويومُ براءةٍ يـــــــــــــــــومٌ بهِ     قد حطّ قـدرَ ذوي الـنفاقِ المُضمَرِ

وبقولِهِ (اليومُ أكـملتُ) ارتضى الـ     ـديـــــــــــنَ الإلـهُ بهِ فلمْ أو فاعذرِ

و(مودةُ القربى) الـتي الــقرآنُ أكّـ     ــدَها لنا هيَ حُـــــــــــــبُّه فاستكثرِ

و(العروةُ الوثقى) ولايـــــــتُه التي     تنجيــــكَ فاسـتـمسكْ بها واستبشرِ

والحصرُ كـــــــانَ بـ (إنَّما) لثلاثةٍ     وهـــــــــــــــو المرادُ بآمنوا فتدبَّرِ

ذاكَ الذي جبريـــــــــلُ نوَّهَ باسمِهِ     مُذْ صاحَ في أحدٍ بصوتٍ جَهوَرِي

لا سيفَ الا ذو الفقـــــارِ ولا فـتى     إلّا عليٌّ خيــــــــــــــــــرةُ المتخيِّرِ

سيفٌ وأنــزلنا الحديدَ بـــــــــنعتِه     نزلتْ فقُلْ ما شئتَ فيـــــــــهِ وأكثرِ

كمْ قدْ جَلا كــــــــربَ النبيِّ بحدِّهِ     وبرى لعمـــــري من كمـيٍّ منبري

يوماً غدا كــبشُ الكتيـــــبةِ طلحةٌ     شرِقاً بفيـــــــــــضِ نجيـعِهِ المتحدِّرِ

كـــــــمْ ردَّ ذاكَ الــيومَ عنه كتيبةً     والــــــــــــــقومُ بين مُدمَّـرٍ أو مُدبِرِ

ولّتْ به الأدبــــــــــــــارَ أقوامٌ به     ذا العارِ قـــــد باؤوا وخُسْـرِ المتجرِ

لا يستوي الـــكرَّارُ والــــفرَّارُ يو     مَ الحربِ مـن زحفِ الـعدوِّ الأخسرِ

بَهرتْ ملائكةَ الــسما حمـــــلاتُه     فيه وأيِّ فعالِــــــــــــــــــــهِ لمْ يُبهِرِ؟

بأبي أبو حسنٍ بــكلِّ كريـــــــهةٍ     وبكلِّ معتركٍ هوَ الأســــــــدُ الجري

ألِفَ العلوَّ فلا تــــــــــــراهُ دائماً     إلّا علــــــــــــــــى مُهرٍ وذروةِ منبرِ

هوَ دونَ خالقِهِ وفــوقَ الخَلقِ كلّـ     ـهمُ صبــــــــــرتَ كذاكَ أمْ لمْ تصبرِ

مولىً بخاتمِـــــــهِ تصدَّقَ راكعاً     شـــــــــــــهدَ الكتابُ بذاكَ غيرَ مُغيَّرِ

هذي السماحةُ لا ســـماحةَ حاتمٍ     تلكَ الشجـــــــــــاعةُ لا شجاعةَ عنترِ

فهو (عليه السلام) نفس النبي (صلى الله عليه وآله) وأعطاه الله كل ما أعطى النبي إلا النبوة:

لم يُعـــــطَ خـيرُ المرسلينَ كــــــرامةً     إلّا وجـــدتَ نظيرَها فـي حيدرِ

ضـــــاهى بردِّ الشمسِ شقَّ البـدرِ ذا     غبّ الكــمالِ وذي عـقيبَ تستُّرِ

وفـــصاحةُ القرآنِ معجزةٌ وفــــــــي     نهجِ الـــبلاغةِ حـكمةٌ لمْ تُحصرِ

وكـــلاهما بظهورِ مــــعجزةٍ ســـقى     جيشَ الهـدى عـذباً لذيذاً سُكّري

هذا بفيضِ الماءِ مِـــنْ كــفٍّ غـــدتْ     بسوى الـــــنضـارِ بأنّها لمْ تُهمرِ

وعنِ القليبِ دحـــى عليٌّ صـــــخرةً     فسقاهُ عــــــــذبَ زلالِها المُتفجِّرِ

وعلى البراقِ عـــلا وحيدرةُ امتطى     ظهرَ البسـاطِ فــسارَ سيرَ مُسخَّرِ

هوَ للنبوُّةِ والوصـــيـــــــــــةِ فيه قد     خُتـــــــــمتْ فِهَنِّ بهِ الأنامَ وبَشِّرِ

وكذاكَ كان النـــورُ نــــــوراً واحداً     حتـــــــى تقسَّمَ بين أشرفِ أظهِرِ

وعلى نزولِ الـــذكرِ قاتــــــلَ أحمدٌ     أهلَ الــضــــــلالِ وكلِّ شانٍ أبترِ

وعليٌّ الهـــادي على تــــــــــــأويلِهِ     أضـــحى يقاتلُ كـلَّ عادٍ مُجتري

وهلمَّ جرَّاً لـــمْ يزلْ يقفـــــــــوهُ بالـ     أقـــــــــــوالِ والأفـعالِ غيرَ مُفتَّرِ

ولدته فاطـــمةٌ ببيـــــــــــــتِ اللهِ يا     طوبى لطـــــــــاهـرةٍ أتتْ بمُطهَّرِ

ونشا بحـــــجرِ المصطفى طفلاً فأدّ     به بـــــــــــــــــآدابِ العليِّ الأكبرِ

عقمتْ فـــلمْ تلدِ الحــــــــرائرُ مثلهُ     بلْ قدْ عُقِمــــــــــنَ فلمْ يلدنَ كقنبَرِ

عَدِ الـــنبوُّةَ عنه وانـــــسبْ ما تشا     ء إليـــــــهِ من وصفِ النبيِّ وحبِّرِ

خُذْ فـــي مدائحِهِ وكــــــرِّرْ ذكرَها     وانشرْ منــــــــاقبَه وحرِّرْ واشطرِ

مَـــنْ شاءَ فليؤمنْ بـــها أو شاءَ فلـ     يكفرْ فلـــــــــــستَ عليهمُ بمسيطرِ

مَـــنْ للنواظرِ عــندَ رقمِ سطورِها     بالنفـــسِ في صفحاتِ طرسٍ أنورِ

لو يـغتدي منها السوادُ مـــــــدادَها     ويرى الـبياضُ بياضَ تلكَ الأسطرِ

بلْ حقَّ تلكَ بأنْ تُـرى مِنْ فوقِ سا     قِ الــــــعرشِ قد كُتبتْ بنورٍ أزهرِ

قد جَـــلَّ عن قدرِ القريضِ فلا لممْ     ربُّ القريضِ بـــــــــه إذا لمْ يَشعرِ

أمَـــعاشرِ الشعراءِ هلْ مِنْ عارفٍ     مُــــــــــــــــــتبصِّرٍ بمديحِهِ مُتبحِّرِ

أكذا يـــــــكونُ مديحُه؟ أمْ كيفَ ذا     كَ؟ أطيلُ فيهِ تـــــــفكّري وتدبُّري

لولا التأســــــــــي في الإلهِ بمدحِهِ     في الذكرِ لمْ أقدمْ عــــــــليهِ واجترِ

قد شفَّ ما معنا بــــــــــدرِّ نظامِها     وارفعْ بذاكَ هناكَ صوتَــكَ واجهرِ

يا مَنْ يرى أنْ قد أتمَّ مـــــــــديحَه     طالتْ مــــــــــــسافته عليكَ فقصِّرِ

هذا الذي باهتْ به الأرضُ الــسما     مُذ حلّها فاحمدْ إلــــــــــهكَ واشكرِ

هذا أمــــــــيرُ المؤمنينَ ومَنْ غدا     عن غيــــــــــــــرِ أمرِ اللهِ لمْ يَتَأمَّرِ

يا مَنْ غدا بسوى الوصيِّ مُفاخِراً     ها قد ظلمـــــــتَ الفخرَ قمْ فاستغفرِ

هذا الذي حــــــــقَّ الفخـارُ بهِ فها     تِ لنــــــــــــــــا علياً مثلَه ثمَّ افخرِ

حلفَ الزمانُ ليأتيــــــــــــنَّ بـمثلِهِ     حـــــــــــنثتْ يمينُكَ يا زمـانُ فَكفِّرِ

إنْ كنتَ لمْ تعلمْ حقيقةَ شـــــــــأنهِ     سلْ عنه صـــــــــفِّيناً ووقـعةَ خيبرِ

كمْ شقَّ مستورَ العجـــاجِ بأبيـضٍ     منحَ الأعادي كلَّ مـــــــــوتٍ أحمرِ

وبيومِ بدرٍ وهيَ أعظمُ وقـــــــعةٍ     كــــــــــــــمْ قدْ أطلَّ بها دماً لمْ يُنثرِ

كدمِ الوليدِ وشيبةِ العــــادي وحنـ     ــظلةِ العنيدِ وعـتبــــــــــــةِ المتجبِّرِ

وسطا فغادرَ جــمعَهمْ ما بينَ مُنْـ     ــهزمٍ ومــــــــــــــأسورٍ وبينَ مُقطّرِ

ما بعدَ عـــــتبةَ والوليدِ عليهِ مِنْ     عـــــــــــــتبٍ وقدْ خُضِبا بقانٍ أحمرِ

ولوقعة الأحزاب حديث خاص يوم اجتمعت زمر الكفر من غطفان وغيرها من البائل بقيادة أبي سفيان ومعهم يهود بنو النضير وبرز عمرو بن عبد ود العامري وهو يدعو المسلمين للمبارزة فلم يبرز له سوى علي (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (برز الإيمان كله إلى الشرك كله) فقتله أمير المؤمنين وكفى الله المؤمنين القتال به (عليه السلام) لنستمع إلى الكاظمي وهو يصور لنا هذا المشهد:

وبوقعةِ الأحزابِ يومَ أتــــــــــى أبو     سفيــــانِ يـقدمْ كلَّ خَبٍّ مُعوَرِ

حضَّ اليهودَ عـلى القتالِ وحزَّبَ الـ     أحزابَ مـعتَسِفاً طريقَ المُنكرِ

كمْ قطّرَ الكـرارُ ذاكَ اليــــــــومَ مِنْ     بــــــــطلٍ كفورٍ بالحديدِ مُكفَّرِ

يومٌ به عــــــــــــمرو بنَ ودٍّ قد أتى     مِـن فـوقِ مَوَّارِ العنانِ مُضمَّرِ

لمْ يكترثْ عندَ العـبـــــــــورِ بخندقٍ     لولا مـــحاذرةِ العدى لم يُحفرِ

وغدا يقولُ الــــــشعرَ مـرتجزاً ولمْ     يعلمْ بما أجرى القضاءُ ويَشعرِ

فهناكَ قامَ وصـــــــيُّ أحمدَ مُغضِباً     يبغي الجِلادَ بـــعزمةٍ لمْ تَقصُرِ

ومشى فقالَ: اجلــــــــسْ عليّ فإنّه     عمرو، فقالَ: وإنْ ولـــمْ يَتقهقَرِ

فتجاولا تحتَ العجـــــــاجةِ ساعةً     والمسلمــــــــــونَ بحيرةٍ وتفكّرِ

حتى إذا ما النصرُ آنَ وحــانَ حيـ     ــنُ الجـــــاحدِ الـمُتمرِّدِ المُتكبِّرِ

لقّاهُ بالعضبِ المــــــــــــهنّدِ حتفَه     وسقــــاهُ كأساً مـن ذعافٍ مُمقِرِ

للهِ ضربتُه التي قد هـــــــــــوَّرتْ     أركانَ دينِ الـــــشركِ أيَّ تهوِّرِ

تلكَ التي عدلتْ ثوابَ عبـــادةِ الـ     ــثقلينِ مِـــــــــنْ فانٍ بها ومُعمَّرِ

بشرى رســـــــــولِ اللهِ أتحفه بها     أكـــــــــرمْ بـخيرِ مُبشَّرٍ ومُبشِّرِ

أغدو بها وأروحُ ذا طـــــرَبٍ إذا     عنَّتْ وأمــــــشي مشيةَ المُتبَخْتِرِ

ويكادُ قلبي أنْ يطيرَ لذكــــــــرِها     فرحاً ويرقصُ رقصةَ المُستبشِرِ

وكما قاتل (عليه السلام) على التنزيل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد قاتل بعده على التأويل الناكثين والقاسطين والمارقين:

كمْ قادَ بعدَ المصطفى جــــــــــــيشاً وكـمْ     روَّى الـــــذوابــــلَ مِنْ دمٍ مُستمطِرِ

أفنى البغاةَ الخارجيــــــــــنَ فــأصبحــوا     صـــــرعى بمُغبَــــرِّ السباسبِ مُقفرِ

خرجوا من الـــــــــدينِ الحنيفِ معاً وما     شعروا غداةَ رضوا برأيِّ الأشعري

فأعـــــــــــادَ مـاءَ الــــــــنـهروانِ بسيفِه     بحراً بغيرِ دمـــــــــــــائِهمْ لمْ يُـسجَرِ

وغدا قتيلــــــــــــــهمُ بـغيرِ حـواصلِ الـ     ـعقبانِ غبَّ هلاكِهِ لمْ يُــــــــــــــــقبَرِ

فكأنّه فـــــــــوقَ الــــــــــجوادِ وصــحبُه     وعداهُ في ظلِّ العجــــــــــاجِ الأكدرِ

قــــــــــمرٌ على برقٍ مطـــــــا بكواكـبٍ     ترمي شياطيناً بليـــــــــــــــــلٍ أغبرِ

قرمٌ إذا اصطدمتْ نواصي الخيلِ واضـ     ـطربتْ جحافـــــــــــــلُها لفرطِ تذعُّرِ

لمْ تقرعِ الأسمـــــــــــــــــاعَ رنَّةُ صارمٍ     إلّا صــــــــــــليلَ حـسامِهِ في المِغفَرِ

ثبتِ الجِنانَ إذا القـــــــــــــلوبُ تطايرتْ     بينَ الظبــــــــــــــا والسمرِ لمْ يَتطيَّرِ

تستوقفُ الفرسانَ يومَ الحــــــــــربِ هيـ     ـبتُه فلمْ تـــــــــــــــــــــقدمْ ولمْ تتأخَّرِ

ما لاحَ في ليلِ القتــــــــــــــــــامِ حسامُه     إلّا وحـــــــــــــفَّ من النسورِ بعسكرِ

لا غروَ إن عكفتْ عليهِ فقــــــــــــدْ غدا     فـي حــــــــــــدِّه الفتَّاكِ رزقُ الأنـسرِ

كمْ باتَ يقريها الملوكَ وكمْ غــــــــــدتْ     تُحـــــــــــبى من الجردِ الجـيادِ بأوكرِ

يسطو بأمثالِ البــــــــــــــــــــدورِ تقلّدوا     مثلَ الأهـــــــــــــــلّةِ تحتَ ليلِ العثيَرِ

لا يألفونَ سوى الجيــــــــــــــــــادِ كأنَّما     حملتْ بهـــــــــــمْ قبُّ البطونِ الضمَّرِ

ولطولِ ما ألفوا الوغــــــــــى لم يَعرفوا     إلّا السيوفَ أهــــــــــــــــــــلّةً للأشهُرِ

لا عيبَ فيهمْ غيرَ أن جيــــــــــــــادَهمْ     في غيرِ هامـــــــــــــاتِ العُلى لمْ تَعثرِ

والبيضُ بيضُ الهـــــندِ بيضُ صفاحِهمْ     لولا معـــــــــــــــــانقةُ الطلى لم تُشهَرِ

والسمرُ سمرُ الخطِ سمــــــــرُ رماحِهمْ     بسوى صـــــــدورِ صدورِهمْ لمْ تُكسَرِ

ورماتُهمْ لم تخــــــــــــــــطِ قطّ سهامُها     ولغيـــــــــــــــرِ حربٍ قوسُها لمْ يُوتَرِ

نثروا الســـــــــــهامَ فنظّموا في سلكِها     حَـــــــــــــــبَّ القلوبِ من العداةِ الفُجَّرِ

قد أقسموا ألا يمنّـــــــوا الوحشَ في الـ     ـبيداءِ إلّا كــــــــــــــــــــلِّ ندبٍ أصعَرِ

فكأنَّما فرضَ الإلهُ علــــــــــــــــــــيهمُ     رزقَ الوحوشِ بكلِّ وادٍ أقـــــــــــــــفَرِ

أنِـــــــــــسَتْ بهمْ أسدُ الفلا فلو امتطوا     يومَ الهيـــــــــــــــــــاجِ متونَها لمْ تزأرِ

لا يعرفـــــــــــــــونَ قتيلهمْ يومَ الوغى     ممَّا عليهِ من القنا الــــــــــــــــــمتكسِّرِ

قومٌ إذا ما الحـــــــــربُ شبَّ ضرامُها     بشبا الصوارمِ كلُّ قومٍ مُـــــــــــــــسعِرِ

ودجــــــــى غمامِ النقعِ فابتدرتْ بهِ الـ     ــبهمُ الكمـــــــــــــــــــاةُ تؤمُّ كلَّ حزوَّرِ

وأتتْ تعادي للنــــــــــــــــزالِ قرومَها     مِن دارِ عينِ لدى الطـــــــــعانِ وحُسَّرِ

لمعتْ بروقُ صفاحِهم أو ترتــــوي الـ     ـهيماءُ من صوبِ الدماءِ الــــــــــــهُمَّرِ

تخذوا الـــــــسروجَ حشيَّةً واستوطنوا     عِوَضَ القبــــــــــــابِ سـرادقاً من عَثيَرِ

أقمارُ تمٍّ غيرَ أنَّ طــــــــــــــــــلوعَها     في ليلِ نقعٍ صبحُه لــــــــــــــــــــمْ يُسفِرِ

آسادُ غيلٍ غيرَ أنَّ مـــــــــــــــــــقيلَها     في ظلِّ مشتبــــــــــــــكِ الوشيجِ الأسمرِ

أعليُّ يا أعلى قريـــــــــــــــــشٍ رتبةً     يا مَن ولاهُ نجــــــــــــــــــــاةُ كلِّ مقصِّرِ

وبحبِّه تمتــــــــــــــــــــازُ أولادُ الزِّنا     عن كلِّ زاكــــــــــــــي النجرِ غيرَ مُقذّرِ

يا صاحبَ الحوضِ الكبيــــرِ ومَن له     (نصُّ الغديــــــــــــــرِ) بأمرِ خيرِ مؤمَّرِ

يا قاسمَ النيــــــــــــرانِ يومَ يقولُ هلْ     فتقــــــــــــــــولُ هلْ طلبُ المُقلِ المُعسِرِ

أتُرى بجنَّـــــــــــــــــاتِ النعيمِ منعَّماً     وأرى بذاتِ تلــــــــــــــــــــــهُّبٍ وتَسعُّرِ

واللهُ قدْ ولّاكَ أمـــــــــــــــــرهمَا معاً     فســـــــــــــــــــواكَ لمْ ينهِ الجحيمَ ويأمُرِ

وعلى البراءةِ قد بَرئـــــتُ غـداةَ أخـ     ـذِ العـــــــــــــــــهدِ لمْ أجحدْ وِلاكَ وأنكرِ

ولكَ الخطابُ لدى الحـســابِ وبـاللقا     أتراكَ تلقيــــــــــــــــــني بها وأنا البري

هيهاتَ لا والمصـــــــــطفى ما هكذا     ظنُّ الشـــــــــــــــــريفِ الكاظميِّ بحيدرِ

كلا ولو أنّي لقيتــــــــــــــــكَ في غدٍ     متــــــــــــــــــــهوِّراً في الذنبِ أيِّ تهوُّرِ

إنِّي وقد سُقِّيتُ خمرَ هــــــــواكَ حتـ     ـى خلتــــــــــــــني إذ ذاكَ شاربَ مُسكِرِ

وشـــــربتُ ماءَ ولاكَ حتى كدتُ أن     أنـــــــــــــــــــــــقدّ لولا أنّه الماءُ المري

أقسمتُ لو خُيِّرتُ بعدَ الـــــمصطفى     فــــــــــي ذا الورى والعقلِ كان مُخيَّري

ما اخترتُ إلّا المـــرتضى وبنيهِ بلْ     لم أشتــــــــــــــــــــــرِ الدنيا بنعلِ الأشترِ

مَن لي وأنّى لي وكيــــــــــفَ بمثلِهِ     هيهـــــــــــــــــــاتْ ذاكَ فخلِّني وتخيُّري

هذا اعتقادي فيه شـــــــاعَ وذاعَ خا     فـــــــــــــــــــــيهِ وخيرُ الحقِّ ما لمْ يُسترِ

يا مَنْ إذا ربحَ الأنامُ بمتــــــــــــجَرٍ     فمديحُه واللهِ أربـــــــــــــــــــــــــحُ متجَرِ

عذراً فلستُ لبعضِ فضـلِكَ مُحصِياً     ولو انني استمــــــــــــــــددتُ ماءَ الأبحرِ

لكنَّ لــــــــــــــي قلبٌ متى صبَّرتُه     عن نشرِ مدحِكَ سيدي لم يــــــــــــــصبرِ

تُطوى بــنشرِ مديحِكَ الأحزانُ عن     قلبي وتطـــــــــــــــــــــــويني إذا لمْ يُنشرِ

فــــــــــــاقبلْ قليلاً من كثيرٍ ندَّ عن     قلــــــــــــــــــــبٍ بحبِّكَ والبراءةُ موقري

خذها أميــــــــــرَ النحلِ بِكراً غادةً     جاءتْ تجرُّ إليـــــــــــــــــــــــكَ ذيلَ تخفُّرِ

قد عطرَّتْ بأريــــــجِها الأكوانَ مُذ    خطرتْ بثـوبٍ من ثناكَ مُعـــــــــــــــــطّرِ

ضاعتْ فضاعَ مـن ابنِ هاني قولُه     فــــــــــــــــــــــتقتْ لكمْ ريحَ الجلادِ بعنبرِ

جرَّتْ على الطـــــائيِّ ذيلَ فخارِها     تيــــــــــــــــــهاً فأينَ فخارُ ذاكَ البُحتري؟

توَّجتُها بـــــــــــــــدرَ السماءِ لأنَّها     ضــــــــــــــربتْ منصتَها فويقَ المُشتري

ما ضرَّها ومِن النــــــــجومِ تقلّدتْ     أن لا أقـــــــــــــــــــــــلدَها عقودَ الجوهرِ

أثقلتُ عاتقَها بمدحِــــــــكَ فانبرتْ     تمشي إليــــــــــــــــــــــــــكَ لثقلِها بتبختُرِ (32)

.......................................................

1 ــ أدب الطّف ج 6 ص 122

2 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 341 / ديوان القرن الثالث عشر ج 2 ص 149

3 ــ أدب الطف ج 6 ص 124

4 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 341

5 ــ نفس المصدر ص 342

6 ــ أدب الطف ج 6 ص 124

7 ــ الطليعة ج 1 ص 393 بتحقيق كامل سلمان الجبوري

8 ــ نفس المصدر والصفحة / الهامش

9 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 7 ص 123

10 ــ معارف الرجال ج 2 ص 295

11 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٤ ص ٣٦٧

12 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 342

13 ــ معارف الرجال ج 2 ص 295

14 ــ موسوعة شعراء الكاظميين ج 7 ص 124 عن شعراء كاظميون للشيخ آل ياسين

15 ــ نفس المصدر والصفحة عن تكملة أمل الآمل للسيد الصدر

16 ــ نفس المصدر والصفحة

17 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 341

18 ــ نشوة السلافة ص 50 ــ 51

19 ــ معارف الرجال ج 2 ص 295

20 ــ الطليعة ج 1 ص 393

21 ــ أدب الطف ج 6 ص 125

22 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 342

23 ــ المعصومون الاربعة عشر ج 8 ص 273 – 274

24 ــ نفس الرحمن ص 117

25 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 7 ص 124

26 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 342

27 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 7 ص 125

28 ــ الطليعة ج 1 ص 393 الهامش بتحقيق كامل سلمان الجبوري

29 ــ أدب الطف ج 6 ص 125

30 ــ نفس المصدر والصفحة

31 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 341

32 ــ موقع العتبة العلوية المقدسة

كما ترجم له:

السيد حسن الصدر / تكملة أمل الآمل ج 3 ص 155 ــ 156

محمد حسن آل ياسين / شعراء كاظميون ج 2 ص 9 ــ 102

السيد عادل العلوي / النفحات القدسية ص 193

المرفقات

: محمد طاهر الصفار