شاب معاق يتحدى الإصابة ويلتحق بدورات العتبة الحسينية لتنمية قدراته الإبداعية والتفوق على أقرانه الأصحاء

التحدي في الحياة يولد القوة والإصرار على التواصل والغوص في مشاكلها لتذليل الصعاب والوصول إلى الجوهر، الهمة وأنواعها في خلق النجاح والإبداع، هذه الجمل التي ابتدأ بها مدرب دورة البرمجة والتصميم للمواقع الإلكترونية خلال لقاءه الأول بالمتدربين بغية إعطاءهم دفعة معنوية تشدهم نحو تطوير إمكانياتهم ومواهبهم وتوظيفها واستثمارها للإبداع في حياتهم العملية، مستشهداً بأحد المشتركين في دورته ومنوهاً على إصراره واندفاعه للخروج من العبء الذي ألمّ به وقيده جسدياً طيلة أعوام ... واستمر الحديث عن العزيمة والإرادة حتى وجه بالأنظار وهو يذكر قوة الصبر والتحمل التي أسعفت ذلك الإنسان .

هنا لم أتمالك نفسي لمعرفة هذا المكافح المعاق الذي يحمل عوقه ويصرّ على النهوض بنفسه في عالم الحداثة والتطور للبرمجيات الإلكترونية...

(مجدي علي مجيد الطيار) 29عاماً  الشاب الطموح الذي لم تفارق الابتسامة محياه كان يسير على قدميه قبل أربعة أعوام يحمل الدبلوم من المعهد التقني للحاسبات، ونظراً للصعوبة التي يواجهها خريجو الجامعات والمعاهد العراقية بإيجاد الوظيفة بعد التخرج في المؤسسات الحكومية عمل كسائق أجرة ليتكسب الرزق الحلال الذي يعيله وعائلته الذي تحمّل مسؤوليتها مع أخيه الأكبر بعد أن فقدوا والدهم في حرب الخليج الأولى.

هكذا سارت حياته المعيشية حتى توقف عنده الزمن في لحظة الموت البطيء الذي ابتلى به العراق جراء الانفجارات التي تنفذها الجهات التكفيرية الحاقدة على العراقيين... جاء ذلك بعد أن استأجرته عائلة لزيارة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)... وحدث ما لم يكن بالحسبان أثناء سيرهم في طريق بغداد وتحديداً عند قضاء المسيب حيث كان القدر يخبئ مفاجئته الفظيعة ليقطع سبل الحياة أمام المارة وقتها بانفجار مفخخة حصدت أرواح جملة من الأبرياء شيباً وأطفالاً ونساءً وشباباً، وفي أحضان تلك البرهة بَيْنَ دويّ الانفجار وتصاعد ألسنة النيران مشاهد تقتاد ناظريها للذهول ، وبين دماء وأشلاء متناثرة على جادة الطريق وأعمدة دخان تحجب ضوء الشمس تماماً  لتعلن الحزن السماوي على أروح غادرت الأرض بموت مفاجئ لم تتوقعه لحظتها...

(مجدي) الشاب الذي بدأنا الحديث عنه ، كما خبأ القدر له تلك المفاجأة كان يخبئ له خبراً أشد ألماً من وقوع لحظة الانفجار أو كما يقولون إن له في الحياة (خبزة) ... ليخرج معاقاً يجر بنفسه على كرسي متحرك بعد أن فقد قدميه لتستيقظ بعد ذلك حواسه الإبداعية، وليخلق لنفسه بذلك قوة للاستمرار بعزيمته وإصراره على الحياة وسط أجواء أسرية حانية برفقة أخيه وعناية والدته التي كانت تحبس ألمها ودموعها عنه خشية وقوعه باليأس، بل على العكس زادته عزيمة وإصراراً في التحدي والاستمرار وساعدته مراراً على العودة للحياة ومزاولة أنشطته الحيوية فعاهد نفسه وأخذ قراره بأن يعود إلى استثمار تخصصه الأكاديمي وتطويره ليجعل من شخصه ذاتاً نافعة في المجتمع .

(مجدي) الشاب الذي بات قدوة  للأصحاء قبل المعاقين أثبت أن العوق هو عوق الذهن وليس الجسد .

هذا ما رصدته (وحدة الإعلام ) في (مركز رعاية الشباب) خلال متابعتها لإحدى أنشطة( وحدة التدريب والتطوير الإعلامي) ، حيث أكد المدرب (عباس العسكري ) في حديثه الذي خصنا به عن تميز الشاب (مجدي) خلال دورته  في برمجة وتصميم المواقع الإلكترونية .

يذكر أن أهم أدوات هذه الدورة التي اعتمدها  العسكري هي شحذ الهمم والارتكاز على ما يبدع فيه الإنسان لتطوير تلك الطاقة

رواد الكركوشي

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات