الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 4/جمادي الاولى/1440هـ الموافق 11 /1 /2019م :

اخوتي اخواتي سبق وتحدثنا بخدمتكم عن موضوع الاسرة والأهمية الكبيرة التي لابد ان تكون الاسرة لأنها هي النواة ان طابت طاب المجتمع وان كانت الاخرى لا قدر الله فستكون هناك مفاسد عامة..

طبعاً كثير من المشاكل الانسان اذا كان يتكلم حولها بلا ان يدخل في التفاصيل قد المشكلة لا تكون يعني لا تُشخّص بشكل دقيق وحتى الحل قد لا يُفهم، لكن عندما يتكلم الانسان عن مشكلة حقيقية وبعض الناس يتصور ان الكلام لا يَعنيهم وهو متلبس بالإشكال ويتصور ان الكلام لا يعنيه إما لأنّه جاهل كما ذكرنا في الخطبة الاولى أو انه غافل او انه غير مكترث.. وبالنتيجة هناك بناء سيُبنى بشكل معوج وسندفع جميعنا الثمن باعتبار هذه الاسرة هي النواة التي لابد ان يكون الانطلاق منها وعليه المجتمعات اخواني الاعزاء كل مجتمع لابد ان تتوفر فيه حصانة ومقصودي من الحصانة هي الحصانة الاجتماعية يعني أهل هذه المحلة وأهل هذه القرية واهل هذه المدينة واهل هذا البلد كيف يتعاملون يسمحون لأشياء ولا يسمحون لأشياء..

مقصودي من هذه الحصانة هو البناء الذي يتكون منه هذا المجتمع هذا البناء فيه بعض الامور التي يصعب ان ينهدم هذا المجتمع.. تارة افراد هذا المجتمع بمستوى كبير من الوعي فلا تُمرر كثير من الاشياء من خلالهم هم هؤلاء واعون كالسد المنيع الذي يترقب خوفاً من ان يحدث شيء في هذا النسيج الاجتماعي الذي لابد منهُ، وتارة الاُسر الكريمة ملتفتة الى انه بعض المشاكل لابد هي بنفسها ان تحلّها لإنها ستصدّر جيلا ً الى الشارع والى المدرسة والى المصنع والى أي مكان، تارة مجتمعات تدخل في اهتمام الدولة لابد الدولة ايضاً ان تراعي هذا الجانب  وتعطيه ميزانية مهمة وتعطيه اهمية كبيرة وتختار الرجال الامناء للاهتمام بهذا البناء كُلٌّ على شاكلته ومقدار اهتمام او اهمية هذا المورد عنده، الآن كلام في فحوى الوضع الاجتماعي..

من جملة الاشياء الان التي يشكو منها البعض هي غياب رب الاسرة في الاهتمام بالاسرة لا من جهة الانفاق المالي.. التفتوا للقضية حتى يتضح المطلب اين نُحب ان نتكلم، لا من جهة الانفاق المالي، (نعم) البعض قد يشكو ان رب الاسرة لا ينفق على الاسرة تارة رب الاسرة لا يوجد عنده مال يسعى يسترزق على مقدار ما في يده، تارة عنده مال لكن عنده شُح فهو لا ينفق ايضاً على الاسرة .. كلامي الان ليس في الانفاق المالي فهذا له وضعه الخاص حديث خاص لمسألة الانفاق انا لا اتحدث عن هذا اتحدث عن مورد الاهتمام بالاسرة يعني الانسان عندما يسعى الى ان تتكون الاسرة فتجده يختار الزوجة المناسبة ويسأل عنها واهل الزوجة ايضاً يسألون عن الزوج المناسب ثم تكونت الاسرة وبدأت هذه الاسرة تنتج وبدأ الاولاد يعيشون جو الاسرة.. هنا مسؤولية مسؤولية رب الاسرة ماذا على رب الأُسرة ان يفعل؟؟!!

الحديث اخواني كلما يكون صريحاً كلما نستطيع ان نصل الى نتائج اذا بقى الحديث مغلفاً البعض قد يرى هذا الموضوع لا يهمه والبعض الاخر يعتبر هذه الامور عامة والبعض غير مكترث وعلى شاكلة الناس، هل هناك دور؟ نعم هناك دور، وكلّما تصعبّت الامور أو تسهلّت الامور في عالم التكنولوجيا كلّما اثّر على الاسرة في تفكيك عُرى المودّة والتماسك الاسري، ماذا نفعل؟!

عالم التكنولوجيا نحتاجه لكن لابد ان تتضاعف مسؤولية الاب مسؤولية رب الاسرة من مسؤول عن هذه الاسرة لابد ان تتضاعف مسؤوليته لابد ان يجلس ان الاسرة تراه والاسرة تشعر  بوجوده الحقيقي غير وجوده المعنوي.. وجود حقيقي يجلس معهم ويشاطرهم ويستفسر ويسأل.. الابناء خارج الاسرة قد يسببوا مرض لرب الاسرة قد يسببوا مشكلة لرب الاسرة وهؤلاء فلذات الكبد لا تعطي الاولاد فقط مال بزعم انك تحبه هذا غير كافي اخواني ، اعطه مال وسّع عليه والتوسعة على العيال مستحبات اصلا ً شرعاً ان الانسان يوسّع على عياله لكن لا تنسى الوظيفة الاساسية لا تنسى التربية انت اسمك رب الاسرة ورب الاسرة هذا اللفظ من التربية يعني هناك حالة من السلطنة التي يمارسها رب الاسرة في حالة التربية لابد ان تربي لاحظوا عندما اقول ذلك سأستشهد لك بنص وادعوا الاخوة ايضاً ان يلفتوا النظر الى هذه القضية..

لاحظوا امير المؤمنين (عليه السلام) بعد عودته من صفين، بحسب النسب من اقرب شخص لأمير المؤمنين؟ أولاده، الامام (عليه السلام) بعد واقعة صفين كتب كتاباً الى الامام الحسن (عليه السلام) وهذا الكلام للاباء جميعاً وانا منهم، كتب كتاباً للامام الحسن (عليه السلام) لكن بعد ان كتب الكتاب ذكر في مقدمة الكتاب شيئاً جداً مهم وعلى الاباء ان يلتفتوا الى حرص الاباء على اولادهم لابد ان نتعلمه من امير المؤمنين (عليه السلام) وقطعاً الامام الحسن (عليه السلام) لا أقول هو في غِنى عن والده الامام الحسن (عليه السلام) إمام لكن قطعاً امير المؤمنين (عليه السلام) لهُ المقام لكن هذه الكتابة عندما وصلت للامام الحسن (عليه السلام) ومن خلال الامام الحسن (عليه السلام) تصل الينا ونحن المخاطبون بالنتيجة، قد يُخاطب ويكتب لولده من مقدمة طويلة لاحظوا المقطع الذي اريد ان ابيّن بخدمتكم، قال امير المؤمنين (عليه السلام) : (وَوَجَدْتُكَ بَعْضِي، بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي)، الآن الأب عندما يجتمع مع افراد اسرته يسأل عن هذا ويتفقد هذه ويجلس هذه الحالة اذا حصلت الاسرة تكون اسرة مباركة والمجتمع ينتج اسر متعددة تحمي المجتمع من الدمار، أما الاب ليس لهُ علاقة بالاسرة اصلا ً هذا خطأ اخواني، الآباء الاعزّة هذه اُسركم هؤلاء الاولاد بحاجة ماسة لكم مع الطعام يريد ان يراك ويريد ان يسمع منّك، عندك تجارب انت اكبر منهُ، علّم هذا الولد كيف سيدخل الى المجتمع، تتبع ولدك في المدرسة وفي خارج المدرسة، السؤال عنهُ والاستفسار يعطي لهذا الولد حصانة يعلم ان ورائه أب وان ورائه أُم أو من يكن رب الاسرة ورائه أخ كبير يتفقد احواله..

لاحظوا الامام (عليه السلام) عندما يتكلم مع ولده (حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي)، هذه المودّة والشفقة والرحمة، والله اخواني انا ارى بعض الاشياء يعني اقولها الان هناك أب يطفئ اعقاب السكائر في جلد ولدهِ تتصورون هذه الحالة، حقيقة يعني لا اعرف كيف اصف هذا الأب، مُنتهى القسوة طفلٌ لا يبلغ العشر سنوات اذهب ائتني بمال.. هل طريقة تعاملنا مع الاولاد بهذه الطريقة.. على المجتمع ان يعمل بمسؤوليته اجتماعياً اتحدث كُلنّا مسؤولون عن ضياع بعض الاطفال وعن ضياع بعض الفتيات وعن هذا التفكك الاسري الذي عصف بِنا بدعوى أو بغير دعوى..

لاحظوا كيف يتكلم امير المؤمنين (عليه السلام) مع ولده : (حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي ، فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِيني مِنْ أَمْرِ نَفْسِي) هذا جزء منهُ، يسأل أحدهم الامام الصادق (عليه السلام) لماذا اُحب ولدي اكثر مما هو يحبني؟! قال لهُ لأنه منك ولست منهُ.

ثم يقول امير المؤمنين (عليه السلام) : (فَكَتَبْتُ إِليْكَ كِتَابِي هَذا، مُسْتظْهِراً بِهِ إِنْ أَنا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ)، كثير يا اخواني من العلماء والاجلاء كانوا في وصاياهم بل في حياتهم يكتبون كتاباً الى اولادهم حرصاً منهم على الاولاد، نعم الانسان يوصي بتركة لفلان او فلان وهذا شيء مستحب لكن ليست الوصية في التركة المالية فقط يا اخواني، الجانب المعنوي الأب قبل ان يفارق الدنيا لابد ان تجلس لابد ان تتكلم ولابد ان تحيط الولد برعايتك وبشفقتك وبأبوتك وانا اتكلم عن جميع الاباء كلنا مسؤولون والاولاد يرون ان الأب هو الرب.. الطفل لا يعرف شيئاً فتح عينيه على الأب يرى ان الأب هو الذي يرزق ويرى ان الاب هو الذي يحمي ويرى الأب هو الذي يهتم لا يعرف شيئاً خصوصاً في المراحل التي يتحسس منها هذا الولد..

اخواني هذا الموضوع طويل الذيل جداً وقطعاً لا ينتهي بهذه النصف الساعة لكن هذا الموضوع من أهم المواضيع.. انا لا استطيع ان اتحدث عنهُ في كل شيء لأن الموضوع يحتاج الى امثلة كثيرة ويحتاج الى تحميل المسؤولية الى جهات كثيرة على الدولة ان تدخل وعلى المجتمع وعلى المنظمات المجتمعية تدخل وعلى الجميع..

انما انا اتحدث عن قضية حقيقية ومصير، دور الاب في الاسرة ودور رب الاسرة للاسرة، هذه الاسرة تحتاج الوجود الحقيقي لرب الاسرة..

نسأل الله سبحانه وتعالى ان يُرينا في اسرنا كل خير وان يُرينا في بلدنا كل خير والاسر الكريمة المربية جزاها الله خير وعلى الذين قد غفلوا ان ينتبهوا ان الاولاد والاسرة بأمسّ الحاجة إليكم.. وفق الله الجميع لخير الدنيا والاخرة وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية الممقدسة

المرفقات