استعرض ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف ارشادات واحاديث الامام الحسن العسكري، مستشهدا بقول له عليه السلام (من ركب ظهر الباطل، نزل به دار الندامة). وقال السيد احمد الصافي اليوم الجمعة (16/11/2018)، ان من الضروري الالتفات الى طريقة تعبير الامام الحسن عليه السلام، وكيفية الانتفاع من هذه النصيحة. واضاف انه تعبير في غاية الروعة ومنتهى الدقة وفي مقام النصيحة، مبينا ان من الطبيعي عندما يركب الانسان السيارة او الدابة يريد ان تصل به الى المحل الذي يريده، لافتا الى ان الامام عليه السلام اراد ان يعبر من خلال هذا الامر المحسوس بتعبير في مقام المعرفة والحكمة والتصرف. وبين ان الامام عليه السلام يشبه الباطل بالمطية التي يمتطيها الانسان فيركب ظهرها فتصل به وتنزل به دار الندامة، مشيرا الى ان كلام الامام الحسن عليه السلام ليس سياسيا بل انه يمثل قاعدة في مقام التوجيه للجميع بدون استثناء سواء للسياسي او شيخ العشيرة او استاذ الجامعة والمدرس والطبيب والعالم والجاهل. واوضح ان الباطل الذي جاء النهي عنه هو الباطل الذي يكون خلاف الحق، موضحا ان العقلاء اتفقوا على ترتبيب امورهم بما لا يتقاطع مع الشرع، لافتا في باب المثال الى ان العقلاء اتفقوا على جعل اشارة المرور الحمراء للوقوف والخضراء للمسير وهو امر جيد والشارع لم ينه عنه فاصبح من الامور التي يجب الالتزام بها. واستدرك ان على الانسان مهما اوتي من قوة بدنية ومعنوية وسلطنة وجاه عليه ان لا يركب الباطل، لانه يستحيل ان يوصله الباطل الى مورد السلامة. وبين ان من يتصدى لخدمة ورعية عشيرته عليه ان لايركب ظهر الباطل. واضاف "نسمع اشبه بكل يوم تقريبا عن مشاكل دموية وقتل". وتساءل السيد الصافي في خطبته من وصفهم بالعقلاء " ما سبب سفك الدماء؟ اين العقل؟ اين الحكمة؟ لماذا تركبون ظهر الباطل؟". وانتقد من يتسرع فيصدق كل ما يقال له وتأخذه الحمية والعصبية المذمومة، وياخذه الباطل ويركب ظهره ويفعل الفعلة ثم يندم". واوضح انه بسبب هذا الفعل "تروعت اطفال ونساء ورجال وشيوخ وعشائر بكاملها، وانشغلت عشائر بهذه الافعال"، مبينا "للاسف البعض يعتبر هذا من الرجولة والشجاعة، وبئس الرجولة والشجاعة التي تظلم وتروع". ووجه ممثل المرجعية العليا حديثه لمن يركب ظهر الباطل قائلا له "انت يا ايها الراكب ظهر الباطل، وانت تعرف نفسك، عليك ان تتأمل". واشار الى ان بعض الناس يتعرض للاغراء وتنفث فيه روح الانتقام والدموية وهو يستسلم للاسف ثم تحل الندامة ولا يستطيع ان يتخلص من ذلك". وقال "يعزّ علينا ان نرى بعض الحالات الاجتماعية وصلت ما وصلت اليه ولا استطيع ان افرد حالة دون حالة لكن هذه الحالات جاءت نتيجة ركوب ظهر الباطل، لافتا الى ان كلام الامام (عليه السلام) جملة شرطية (شرط وجزاء)، (من رَكِبَ ظَهرَ الباطل) قطعاً لا ينزل في دار السلامة وانما ينزل في دار الندامة. وطالب بضرورة ان يتصف الانسان بمستوى من الحكمة وان يتصرف تصرفاً لا يندم عليهِ، وان تكون تصرفاته وفق ما يُمليه عليه العقل، وان يكون حكيماً فيتأمل ولا يستعجل، وان يركب ظهر الحق ولا عليه بمن يركب ظهر الباطل، وان لا يكتفي بان يقول انا حكيم وانما يجب ان تكون تصرفاته فيها حكمة، مبينا ان البعض عندما تجتمع به تراه يتحدث ويطالب بالحكمة وعدم الاستعجال وضرورة التثبت ولكن عندما تمر به حالة يضرب بهذه الامور عرض الحائط ويفعل ما يفعل. واكد ممثل المرجعية العليا على ان دار الندامة ليست داراً سهلة، وليس كل ندامة يمكن تداركها، وان العمر ليس فيه بقيّة، وان الإنسان لايعلم متى يكون مصيره، وان هناك ندامة تودي بصاحبها الى الهلاك.
ولاء الصفار الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق