الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 8/ربيع الاول/1440هـ الموافق 16 /11 /2018م :

اخوتي اخواتي من ارشادات صاحب الذكرى الامام الحسن العسكري (عليه السلام) قال : (من رَكِبَ ظَهرَ الباطل نَزلَ بهِ دارَ الندامة) ارجو التأمل في هذه العبارة المختصرة والتي يسهل حفظها وهي من ذلك المعدن الذي تكلمنا عنه قبل قليل، ولاحظوا طريقة تعبير الامام (عليه السلام) وكيف تنفع هذه النصيحة. عادة الانسان عندما يركب يريد ان يصل، يركب سيارة يركب دابة فتمشي به الى ان تنزله المحل الذي يريد – الوضع الطبيعي هكذا-، الامام (عليه السلام) اراد ان يعبّر عن هذا الامر المحسوس الذي يدركهُ كل احد منّا اراد ان يعبّر بتعبير في مقام المعرفة وفي مقام الحكمة وفي مقام التصرّف فكأن الباطل عبارة عن مَطيّة يمتطيها الانسان فقال (عليه السلام) : (من رَكِبَ ظَهرَ الباطل). الانسان يركب ويريد ان يصل، اذا ركب ظهر الباطل فالباطل الى اين سينزله؟! ما هو محل نزوله؟!  قال الامام (عليه السلام) : (نزلَ بهِ دار الندامة)، وحقيقة هذا تعبير في غاية الروعة وفي منتهى الدقة هذا التعبير في مقام النصيحة.. طبعاً السياسي يصغي والكلام ليس كلاماً سياسياً ولكنه كلام يصدر عن حكمة لا يستثني الامام به أحد..السياسي وشيخ العشيرة واستاذ الجامعة والمدرس والطبيب والعالم والجاهل هذه قاعدة في مقام التوجيه..  يقول الامام (عليه السلام) : (من رَكِبَ ظَهرَ الباطل) الباطل تارة باطل شرعي، وتارة ليس باطل شرعي وانما باطل عُرفي والشارع لم ينه عن هذا المعنى، الآن العقلاء يتبانوا فيما بينهم على ان يرتبّوا امورهم في قضاياهم العامة التي لا تتقاطع مع القضية الشرعية مثلا ً عُقلاء تبانوا فيما بينهم ان يجعلوا اشارات المرور الخضراء للمسير والحمراء للوقوف.. هذا الامر جيد والشارع لم ينه عنه فأصبح حق فيما بيننا ونحن العقلاء تبانينا على ذلك واتفقنا عليه، هذا امر جيد لابد ان نلتزم، اذا ركبنا ظهر الباطل واذا خالفنا فهو باطل عُرفي بحيث اذا احد تجاوز فان الاخرين يحتجون عليه ومن حقّهم.. أين سيكون الحال؟! سينزل دار الندامة، ولو اعطينا امثلة على ذلك قطعاً لطال بنا المقام. اُعيد العبارة وهذه العبارة في مقام التوجيه والنصيحة، على الانسان مهما اوتي من قوة بدنية ومن قوة معنوية ومن سلطنة ومن جاه عليه ان لا يركب الباطل، كلام الامام (عليه السلام) كلاماً عاماً (من رَكِبَ ظَهرَ الباطل)، والذي يركب الباطل لابد ان يصل ويستحيل الباطل ان يوصلك ويوردك الباطل مورد السلامة، اذا انت تتوقع ان اليوم فعلت فعلتك ولم يلتفت اليك احد لموانع كثيرة فلا تتوقع ان هذا الحال سيدوم (دوام الحال من المحال) سيوردك موارد الندامة. طبعاً الله تبارك وتعالى ومن جهة شرعية اتكلم الله لا يُعجلُه عجلة العباد، لماذا؟! لأن الله تعالى لا يفوته شيء.. الحق العُرفي كذلك من يتصدى الى ان يخدم او الى ان يرعى عشيرته.. عليه ان لا يركب ظهر الباطل.. هناك امثلة كثيرة و تسمعون الان تقريباً اشبه في كل يوم هناك مشاكل دموية يعني فيها قتل، ابحث عن السبب؟! واتكلم مع بعض الاعزّة من العشائر ومن العقلاء.. علامَ تُسفك الدماء بغير الحق؟ أين العقل واين الحكمة لماذا تركبون ظهر الباطل؟! بمجرد ان يُقال لهُ كذا يصدق وتأخذه الحميّة والعصبية المذمومة ويأخذه الباطل ويركب ظهر الباطل ويفعل الفعلة ثم يندم..، تروّعت نساء ورجال وشيوخ وعشيرة بكاملها تروعّت وتنشغل وللأسف البعض يعتبر هذا من الرجولة والشجاعة وبئس الرجولة التي تظلم وبئس الشجاعة التي تروّع، لماذا؟! لأن ركب ظهر الباطل! يا أيها الراكب ظهر الباطل وانت تعرف نفسك عليك ان تتأمل..، بعض الناس يُغريه الاخرون ويحاولوا ان ينفثوا فيه روح الانتقام والدموية وهو يستسلم للأسف ثم تحل به الندامة ويريد بعد ذلك ان يتخلص لا يستطيع، وعندما نأتي معكم الى بعض أدواء هذا المجتمع وبعض القضايا واقعاً يعزّ علينا ان نرى بعض الحالات الاجتماعية وصلت ما وصلت اليه ولا استطيع ان افرد حالة دون حالة لكن هذه الحالات سُوعِدَ عليها انهم ركبوا ظهر الباطل ويحاول البعض ان ينجو لا يستطيعوا فكلام الامام (عليه السلام) جملة شرطية (شرط وجزاء).. قال (عليه السلام) : (من رَكِبَ ظَهرَ الباطل)،  أين ينزل؟ قطعاً لا ينزل في دار السلامة وانما ينزل في دار الندامة.. ولذلك اخواني الحكمة الحكمة الحكمة.. على الانسان ان يتصف بمستوى من الحكمة والتي تعني ان الانسان ان يتصرف تصرفاً لا يندم عليهِ، الانسان لابد ان يتصرف وفق ما يُمليه عليه العقل والانسان يكون حكيماً يتأمل ولا يستعجل عليه ان يركب ظهر الحق لا عليه ان يركب ظهر الباطل، لا يكفي الانسان ان يقول انا حكيم وانما يجب ان تكون تصرفاته فيها حكمة، عندما تجتمع مع مجموعة مع الوجهاء تراه يتحدث ويقول نعم الحكمة امر مطلوب وعليه ان لا يستعجل والانسان عليه ان يتثبت والانسان عليه ان يكون عاقلا ً.. هذا كلام جميل و لكن عندما تمر به حالة يترك هذه الامور عرض الحائط ويفعل ما يفعل.. ودار الندامة اخواني ليست داراً سهلة وليس كل ندامة تتدارك فهناك ندامة لا تتدارك والعمر ليس فيه بقيّة ولا يمكن للإنسان ان يعلم متى يكون مصيره، العمر ليس فيه إحراز لما يبقى وهناك ندامة تودي بصاحبها الى الهلاك لأن الانسان يركب ظهر الباطل، علينا ان نركب ظهر الحق وعلى الانسان ان يكون عاقلا ً ومتزناً وحكيماً في تصرفاته ودقيقاً ولا تجره الشحناء والبغضاء الى اشياء فيها سفك دماء.. تسمعون بين فترة واخرى الطبيب الفلاني هُجم عليه والشخص الفلاني هُجم عليه.. تبحث عن الاسباب لا تجد سبباً واقعياً..  الانسان عليه عندما يسمع شيء ان يتأمل وان يصبر.. هذا الاستعجال في المواقف عاقبته الندامة.. وانا اتكلم قضية عامة وهذه نصيحة والامام (عليه السلام) يضعها ولعلها ليست نصيحة دينية فقط..انا قلت الناس في بعض الحالات تتبانى على شيء حق لماذا لا نعمل به وهو ليس فيه مخالفة شرعية فعلينا بنظم امورنا.. وتجد الناس للاسف الشديد تحب ان تركب ظهر الباطل فالذي يركب ظهر الباطل لا يلومن الا نفسه اذا نزلَ بدار الندامة..  جنبنا الله تعالى واياكم دار الندامة وابعدنا عن امتطاء ظهر الباطل ووفقنا واياكم لأن نركب ظهر الحق لأنه يُنزلنا دار السلامة سلمنا الله تعالى واياكم من الادواء وحفظكم الله تعالى من كل سوء واخر دعائنا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.. حيدر عدنان  الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة 

المرفقات