الخطبة الدينية للسيد أحمد الصافي من الصحن الحسيني الشريف بتاريخ 1 جمادي الاول 1439 هـ الموافق 19 /01 /2018 م

النص الكامل للخطبة الاولى

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الحمد لله الذي لبس العز والكبرياء واختارهما لنفسه دون خلقه وجعلهما حماً وحرماً على غيره واصطفاهما لجلاله نحمده على ما اخذ واعطى وعلى ما ابلى وابتلى.

 اخوتي اعزتي ابنائي املي ابائي وقاري اخواتي شرفي بناتي حسناتي امهاتي مربياتي السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته اوصيكم احبتي جميعا ونفسي الغارقة في بحار الآثام والخطايا بتقوى الله تبارك وتعالى واتقان العمل وخلوص النية واستصلاح ما فسد من امر دنيانا واخرانا اعناننا الله تعالى على انفسنا كما اعان الصالحين على انفسهم والبسنا الله واياكم لباس الخير والعافية وهو لباس التقوى سائلين الله تبارك وتعالى ان يأخذ بأيدينا لما يحب ويرضى وان يوفقنا واياكم للنيل من بركات الاخرة بعمل الدنيا.

كنا واياكم في خدمة الامام السجاد سلام الله عليه وهو الدعاء الثاني عشر من الصحيفة الموسومة الصحيفة السجادية المباركة وتكلمنا عن بعض ما بينه الامام عليه السلام وهو ان الانسان اذا مر بشدة وابتلاء كيف يتصرف، عليه ان لا يخرج من الموازين الشرعية التي ارادها الله تعالى له وانتم تعلمون ان الابتلاء يزلزل الانسان وقد لا قدر الله ان الانسان يخرج عن الموازين الشرعية بحسب تربيته وعدم قدرته على تحمل بعض البلاء وذلك عندما نستعرض كثير من الآيات القرآنية نرى ان كثير من الناس سقطوا في مورد الابتلاء اما طمعاً في دنيا او خوف من موقف وبالنتيجة تراجعوا، الامام عليه السلام يبين ان الانسان يمر بشدة ومن جملة الشدة التي مر علينا بعضها وهو ذلك الضيق في مسألة الرزق والانسان يعلم ويتيقن وضمن عقيدته ان الله هو الرازق لكن هذه الارزاق قطعاً تحتاج الى اسباب في بعض الاحيان الانسان يحبس عليه رزقه لنكتة وحكمة، الله تبارك وتعالى يعلمها لكن الانسان قد يستعجل ويتصرف تصرفاً يخالف تلك المبادئ وذلك حتى يكون الانسان دائما في العافية ويكون الانسان دائما في الخير دائماً يكون الله تعالى حاضرا عنده فيطلب من الله تعالى الاعانة على كل صغير وكبير والامام عليه السلام حتى في هذه الحالات مع شدة الالتحام والالتصاق بالأقرباء

حتى في هذه الحالة الامام يطلب ان تكون الرأفة والرحمة منه جل شأنه من جملة ما قال في بعض فقرات اليوم قال عليه السلام: اللهم فأغنني وبعظمتك فانعشني ، طبعاً الانعاش يعني ان الانسان يكون حاله حسنة ليس فيها ذل، الانسان عندما ينعش يعني حاله تكون حسنة تكون حميدة خالية من بعض المنغصات يقول: اللهم فأغنني وبعظمتك فانعشني وبسعتك فابسط يدي وبما عندك فاكفني هذه القفرات الاربعة استكمالا لما مضى اللهم فأغننني وبعظمتك فأنعشني وبسعتك فابسط يدي وبما عندك فاكفني ، الغنى ليس دائماً ان يكون غنى المال وكم شاهدنا وشاهدتم انسان ميسور وبالاصطلاح العرفي هو غني لكنه شحيح وذليل نعبر عنه ان هذا الرجل ان عينه غير مملؤة بمعنى لا زال يشعر بالضعة مع انه عنده ما لو جلس لكفاه واغناه واعانه ما بقي لكنك تراه رجلا شحيحا وبخيلا ويشكي العوز دائما كثير من الناس هكذا والوجه في ذلك ان الغنى ليس غنى المال وقد ترى انسانا لا يملك الا قوت يومه وهو دائم الثناء لله تبارك وتعالى والحمد اليه لأنه يرى ان الغنى في هذه القناعة، في ذكر الله تبارك وتعالى، الامام عليه السلام يقول اغنني اجعلني في حالة عدم الاحتياج الى لئام خلقك وهذه الحالة حاله فيها نوع من الفضائل وذلك عيسى عليه السلام عليه وعلى نبينا وعلى آله افضل الصلاة والسلام كان دائما يحث اتباعه على عدم الركون الى الدنيا حتى انه لم يتخذ بيتا مع انه نبي من الانبياء وغني بالله تبارك وتعالى نبينا صلى الله عليه وآله، امير المؤمنين يقول عنه لم يشبع من دنياكم ثلاثة ايام من البر الحنطة ، لم يشبع ثلاثة ايام متواصلة وهو الذي اعطي مقاليد السماوات والارض صلوات الله عليه، لماذا لان هذه الرؤيا ان الانسان يكون غنيا لأنه يعلم ان مصادر الخير عند رب الخير الله تبارك وتعالى فهذا المال اذا كان من الله ليس هو تمام الغنى كما قلنا بالعكس قد الغنى الكثير يحرم الانسان من لذائذ كثيرة لأنه يخاف على ماله يخاف على ثروته فيبتعد عن سبل الخير يحاول ان يجامل السلطان الجائر،  يجامل اهل الفسوق خوفاً على ان هذه الثروة لا تذهب وقد رأيتم ورأينا الكثير من هؤلاء وبالنتيجة ستكون وبال عليهم فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة كما يقول القرآن الكريم، الغنى هذا المعنى يبينه الامام عليه السلام يقول وبعظمتك فانعشني اجعل حالي حال حسن بلا ذلة هذه العظمة التي انت تملكها والعظمة التي تحت سلطانك قطعاً قادر على ان تجعل حالي افضل مما انا فيه وبسعتك فابسط يدي ، السعة اخواني شيء بالنسبة لله تبارك وتعالى فالله تبارك وتعالى غير محدود، الله مطلق لا يحده حد وهو الواسع وايضا هذه السعة امتداداتها لا نعلمها، لا نستطيع ان نعين ان نحدد هذه الامتدادات لكن الله تبارك وتعالى كرحمته، السعة كرحمته اللهم اني اسألك برحمتك التي وسعت كل شيء هكذا في اكثر من دعاء بمعنى ان هذه الرحمة تسع وتضم في داخلها كل شيء فالله تبارك وتعالى رحيم بنا، الله تعالى واسع وهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء، الدعاء الشريف يقول وبسعتك فابسط يدي اليد المبسوطة كناية عن الغنى بمعنى لا تجعل يدي مقبوضة ان اقبضها لأني لا املك وهي واسعة ومبسوطة لأني املك وهنيئا للذي رزقه الله تبارك وتعالى بشؤون الرزق هنيئا لم يرزق ويبسط على الناس هنيئا لمن يرزق علما ويبثه في خدمة الناس هنيئا للذي يرزق جاهاً ويستثمره لقضاء حوائج الناس هذه ليست غايات تقصد لاجل نفسها وانما هي وسائل تقصد لأجل شيء اخر ان المال مهم لكن المال فائدته تكمن في الانفاق اما المال اذا لم ينفق لا خير فيه يحاسب حساب الاغنياء ويعيش عيشة الفقراء، الشيطان يعد هؤلاء الشيطان يعدكم الفقر، الشيطان يحبس يد ابن آدم على الانفاق لانه لا يريد منه ان يكون ضمن قافلة الخير والشيطان يعد اهل المال بالفقر خوفا ان تكون فقيرا ويبقى مع هذا الى الممات ثم تكون كما في اكثر من رواية ذكرناها تكون حسرة عليهم، من صفات الله الواسع الامام يدعو الله بهذه الصفة بهذا الاسم وهو الواسع وبهذه السعة ابسط يدي وبما عندك فاكفني

اخواني لعله تناقش قضية ان بعض المعارف الإلهية معارف لابد ان نستشعر بها مثلا مسألة الزهد، الزهد نعم في الرواية الشريفة في تعريفه ان لا يملكك الشيء، انت تملك الشيء لكن مسألة الزهد لها واقعية ان الانسان لا بد ان يعلم في نفسه انه زاهد او غير زاهد، الانسان يلعن لذائذ الدنيا في اللسان لكن الدنيا اذا عرضت له وثب عليها، ان الانسان يتشوق الى الاخرة لكنه لا يعمل عمل الاخرة فهو في الدنيا من الراغبين وعن الاخرة من الزاهدين، عملا، يعمل عمل على خلاف ما يتفوه بلسانه لا اقول على خلاف ما يعتقد ولكن على خلاف ما ينطق بلسانه هذه، المغالطات نحن نعيشها، المشكلة ان احدنا يشجع الاخر على الابتعاد عن الاخرة والتشبث بالدنيا بمعنى اذا تصرف احدنا تصرفا فيه نكران للدنيا، مقصودي من الدنيا الجانب السيء حتى لا يختلط عندنا الكلام، الجانب الحرام او الجانب الحلال الزائد الشاغل للانسان، الانسان لا يحتاجه لكن يشغل الانسان به في بعض الحالات يخاف عليه ان يجر قدمه الى الشبهات ثم المحرمات والعياذ بالله، لو تصرف تصرفا لا يجد من يوبخه، لا يجد من يعظه، لا يجد من يقول له رويدك، لا بالعكس يجد من يشجعه على ذلك واذا تصرف تصرفا فيه طلب للأخرة تجد البعض يحاول ان يقلل من قيمة هذا العمل عنده ومررنا على رواية قبل اشهر ذلك التائب الذي بدأ يتمرغ بالتراب والهجير حتى يرضى عنه الله تبارك وتعالى والنبي صلى الله عليه وآله شجع الاصحاب ان يكونوا كهذا الفتى لاحظوا شيء الان في بعض الحالات قد يتداول نسمع من بعض مراجعي الدوائر الخدمية، الدوائر المتوقفة معاملات الناس اليها انه تجد بعض المتصدين للوظيفة لا يقبلون ان يؤدوا وظيفتهم الا بمقابل مالي والذي يصطلح عليه بالرشوة، تجد هذا المسكين يقاتل من اجل ان يحصل على هذه الفتات وهو يدعي ما يدعي انه محب للأخرة ومبغض للدنيا ويحاول ان يلوح بطريقة او بأخرى لصاحب المعاملة ان هذه المعاملة لا تروج  الا بمقابل مال، ولا يهمه من اين يأخذ المال من امرأة قد فقدت ولدها، من رجل كبير محدودب الظهر، من شاب، من رجل ميسور، من تاجر، من اخر فقير، المهم ان يمتص دماء هؤلاء واذا جلست امامه قد يحدثك باحاديث الدنيا وعندما تقترب منه تجده ايضا يؤطر ذلك بشيء من التنظير المعرفي الخاطئ الذي يحاول ان يقنع نفسه به وهذه من المصائب، مصائب عند البعض عندما يأطر المفاسد بثوب الصلاح وتجده ينفق على اهله ويغدق ويصرف عليهم وهذا كله من اموال الحرام لا شك ان هذا النموذج قل ام كثر لا يهمنا ولكن كنموذج عملا لا يعد من الزاهدين وهو لا يعترف ان الله هو الرازق، يعتقد بالله ولكن هذا الاعتقاد لقلقة لسان، ليس له واقع لان هذه الامور من حبائل الشيطان، الشيطان يعطي لأوليائه اموال نعم، هناك رزق من حلال، هناك مال يأتي من حرام، ان هذا المال الذي يأتي من حرام هو سحت، ليس كل مال الانسان يقبضه ان الله تعالى رزقه، الله تعالى بيده جميع الاسباب نعم الله هو الرازق، لكن نحن نختار طريقا غير الطريق المستقيم نبحث عن الربا ونبحث عن الرشوة ونبحث عن السرقة ثم عندما نتحدث نقول نحن من الزاهدين في الدنيا، واقعا هذا من الزاهدين في الاخرة، الدنيا الذي يزهد فيها تحترمه لاحظوا اخواني الذي يزهد في الدنيا، الدنيا تحترمه وتحاول ان تأتيه وهو يرفض لأن اتيانها بالطريقة المحرمة فيه وبال والدنيا والاخرة كالضرتين المتنافستين احدها لها مهر والاخرى لها مهر وثوب الاخرة ومال الاخرة وعمل الاخرة قطعا غير عمل الدنيا ولذلك اخواني الانسان يعيش في شبهة ويعيش في مغالطة عندما تسأل لماذا تعمل هكذا تبدأ  بالنقاش يصل الى نتيجة يقول نعم انت ما ذكرته صحيح يقول ماذا افعل لست وحيدا فلان يأخذ وفلان يأخذ ويتشبث بشطر بيت المتنبي حشرا مع الناس عيد، هذه ليست الموازين اخواني انسان يضعف في الدنيا لكن لا يلجئه الضعف الى الحرام، الانسان يأخذ من الدنيا لكن لا يأخذ من حرام لا تنبت هذا الجسم وهذا الجسد لا تنبته من الحرام هذا ولدك الصغير الان لا يفقه شيئا يحسب ان اموالك من حلال اذا كبر وعلم سيبغضك وسيبغض هذه التصرفات وانت الان تجني عليه انما اعمالكم ترد عليكم، ستجني على هذا الابن في مقام التربية لا تعطيه مالا من حرام بدعوى ان هذا الولد يلح علي ويريد مني لكن الولد لو كان له لسان ينطق يقول لك يا ابي لا تعطيني من المال الحرام انا اريد لكن اريد من حلال لا من حرام وهذه خيانة للأولاد خيانة للنفس ولذلك اخواني من اهم الفتن القضايا الحسية التي نحس بها واهمها هو المال بعض الناس يضعف امام المال والعياذ بالله يجعل نفسه ذليل جدا طمعا في ايدي الناس ولذلك هذه الادعية حينما نمر بها اخواني كأن الامام السجاد الان يتكلم معنا يقول عندما تتعلمون منا الدعاء اعرفوا كيف تدعون وإذا دعوتم اعرفوا ميزان هذه الكلمات التي تدعون بها، انا اؤمن ان الله هو الرزاق لكن عندما اتكلم، عندما اتعامل اذهب الى الشيطان، كم من مرتشي لا يهدأ الليل الا ان يحصل على هذه الاموال، في البداية ضميره يؤنبه ولكن هذا الضمير فيما بعد يموت، بل ران على قلوبهم ولذلك اخواني انا اتكلم مع نفسي ومع الجميع، لابد ان يتثقف المجتمع على نبذ هذه الصفات انت لا تشجع الاخرين على ان يمد  ايديهم الى الحرام، لابد ان يشعر الخائن ان هذا العمل مبغوض، ان هذا من اتباع الشيطان، هذا العمل ليس لله تبارك وتعالى فيه شيء.. انا لا اتحدث عن الجانب الفقهي فقط وانما اتحدث عن الاثار الوضعية تعرفون معنى الاثار الوضعية هو ذلك الاثر الذي يتركه العمل وان كنت في بعض الحالات لا اعلم به، لاحظوا الدقة كمن يشرب السم الانسان اذا اعتقد ان هذا السم دواء واقدم على شربه بزعمه انه دواء لا يشفى وانما يموت لان الاثر الحقيقي للسم هو هلاك الجسد، هذه الاموال اعرف من اين جاءت من اين خرجت، كثرت، قلت، ليس مهم، كل من كان عنده اموال كثيرة تركها ومات وكل من كانت عنده اموال قليلة ايضا مات، قرأنا فيما مضى عن قارون وهو مثال يجب ان يوضع امام كل من تغريه الحياة الدنيا، لا بد ان يكتب هذه الآيات الشريفة في قضية قارون: انما أوتيته على علم عندي هكذا كان يقول النتيجة لا قارون ولا اموال قارون ولا اتباع قارون وبالأمس القريب رأينا ما رأينا تلك الاموال التي كدسها المكدسون الى اين انتهت بهم وانتهوا بها ولابد اخواني.. الامام عليه السلام يقول: اكفني لاحظوا التعبير وفي نهاية هذه الفقرة يقول: وبما عندك فاكفني اي الشيء الذي من طريقك اجعله هذا يكفيني، المهم الطريق هو الطريق الصحيح، قليل يقر خير من كثير يفر وهذا القليل هو الناشئ من طريق صحيح وعمل صحيح ومنهج صحيح ورزق وفير، الانسان المؤمن عندما يأتي الى عائلته برزق قليل يشعر براحة الضمير لأنه لا يمد يده الى الحرام والذي يأتي بموائد واسعة من حرام يخون اولاده يخون نفسه لان هذا سرقة غيرك، هذه ليست الاموال اموالك ولكن هذه اموال الاخرين سرقتها بطريقة او بأخرى، انت سارق، انت مرتشي انت من اتباع ابليس لا تقل انا زاهد في الدنيا انت زاهد في الاخرة يأتينا ان شاء الله تعالى فيما يأتي ان ابقانا الله تعالى ما يعلمنا فيه الامام السجاد ص نسألك اللهم بمحمد وآله وبأحب الخلق عليك ان تغفر لنا ذنوبنا وتكفر عنا سيئاتنا وترزقنا الحلال بمحمد وآله واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات