قال المدرس المساعد في الادب الاسلامي حسن العوادي ان القرآن الكريم دعا الى مواجهة التطرف وقد تنوعت فيه طرق إدانة الغلو والتطرف ، والتحذير منه, لأنه يؤدي الى اختلاف الامة والتناحر والتباعد فيما بينها, فضلا عن ظلم الآخرين من بقية الامم والاديان".
وأوضح العوادي ان "طرق القران الكريم في ادانة التطرف هي : النهي عن التطرف والغلو وذمهما وبيان سوء عاقبتهما ومن الآيات الواردة فيها قوله تعالى لإبليس عندما تكبر على ادم (عليه السلام ) (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ ، فاستحق بذلك فاستحق بذلك العذاب في الدنيا والاخرة ، كما قال تعالى : (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ )، مضيفا ان "التقييم والثناء لأهل التواضع والإنصاف من الناس هو ايضا طريق آخر لمواجهة التطرف حيث إن نزعة التطرف غالبا ما تكون نابعة من الأخلاق الذميمة ، كالكبر ، والعنف ، والعجلة ، والغضب . وهذه سمات مشتركة بين المتطرفين على مر العصور, فضلا عن المصالح السياسية والاقتصادية ، اما أهل الاستقامة والعدل والتوسط ، فإنهم يتميزون بالأخلاق الكريمة ومنها : التواضع ، والرفق ، والأناة ، والحلم . وعليه يجب الثناء عليهم وتفضيلهم وذلك افضل علاج للتطرف والغلو ، وقد حفل القران الكريم بصور مشرقة من هذه النماذج الإنسانية المتحررة من ربقة التعصب ، واسر الغلو . ومن شواهد ذلك قوله تعالى :( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ . وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنْ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ . فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ).
وتابع العوادي " ان من اهم الطرق لمواجهة التطرف والانحراف عن الحق هو الحوار الهادئ والحجة الصحيحة التي تدحض بها الشبهات وتجلي الغشاوة عن عين المخالف, وهذا مصداق قوله تعالى : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُون ) كما أنه لا يغني مواجهة الغلو بالصخب والضجيج ، ولابد من مقارعة الحجة بالحجة ، واستفراغ ما لدى الخصم من دعاوى وحجج واهية لا تصمد امام النقاش والمناظرة وتفنيدها ، لكي يعود إلى رشده ، إن أراد الله به خيراً ، وأما ( َمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً ). ومن الشواهد القرآنية على هذا الحوار ، مناظرة إبراهيم ( عليه السلام ) للنمرود وذلك بقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )".
فضل الشريفي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق