كثيرا ما يدور الحديث عن المشاريع الخدمية والصحية والتعليمية التي تبنتها العتبات المقدسة منذ تأسيس اداراتها بعد عام 2003 وعن التحول الذي احدثته على مستوى النهوض والارتقاء بواقع البلد بمختلف القطاعات الصحية والخدمية والتعليمية وحتى الاستثمارية.
ولا يخفى على احد ان الادارة الجديدة للمراقد المقدسة في العراق اخذت طابعا مختلفا تماما عما كانت عليه في السابق, وبدأت الخروج عن كونها اماكن للعبادة والصلاة والزيارة واحياء المناسبات الدينية, والدخول الى ميادين جديدة كان في طليعتها انشاء مراكز بحثية وعلمية تهتم بعلوم اهل البيت عليهم السلام والعلوم العامة واخرى للتراث والمخطوطات, وتأسيس مدارس حديثة ومراكز متخصصة بالمكفوفين والصم واطفال التوحد, ومراكز للتدريب المهني والاداري والاعلامي, كما انشأت عدد من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة والمتطورة, كما اقدمت على انشاء العديد من الخدمات المجانية للمواطنين منها على سبيل العد لا الحصر توفير المياه الصالحة للشرب وتعبيد العديد من الطرق وتبطين الانهار التي تمر في مركز مدينة كربلاء المقدسة.
ومع هذا التصاعد في الاعمال العمرانية والمشاريع التطويرية للبلد لم تغفل العتبات المقدسة عن توسعة واعمار المراقد الشريفة لائمة اهل البيت عليهم السلام وأعادة تأهيلها بما يتناسب وطرق البناء العصري الحديث مع الحفاظ على الطراز المعماري الاسلامي للأضرحة الشريفة ولها في هذا المجال ما لا يمكن عده في هذا الموضوع.
ومع اتساع دائرة نشاط العتبات المقدسة في العراق ونجاحها الذي لا يمكن انكاره وتجاهله واخفاؤه في جميع المجالات بدأت التساؤلات تطرح بين حين وآخر وتتسع دائرة النقاش حولها, وهي لماذا تقوم العتبات المقدسة بهذه المشاريع التي ليست من اختصاصها ؟ وهل تريد العتبات ان تكون بديلا عن الوزارات؟.
وقبل الاجابة على هذه التساؤلات نوضح ان مجرد وجود جهة عراقية خالصة بإدارتها وموظفيها تنجح في ايجاد مشروع علمي او صحي او خدمي متطور, ولا تضع مصالحها الحزبية والفئوية الضيقة في الحسبان فهو بحد ذاته انجاز يفرح له قلب اي عراقي يحمل في قلبه ذرة حب واخلاص ووطنية لهذا البلد, فكيف اذا كانت هذه الجهة هي العتبات المقدسة؟.
وفي كثير من المواقف اكد ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي ان العتبات المقدسة لا تريد ان تكون بديلا عن وزارة الصحة او التربية او التعليم او اي جهة اخرى بل تريد ان تكون عونا وعضدا لهذه الوزارات في تقديم الخدمات لهذا الشعب الذي قدم الكثير والكثير من التضحيات, وعلى جميع المؤسسات والجهات التي تستطيع ان تقدم شيئا لهذا الشعب ان تتعاون مع الجهات الاخرى فلا احد يمكن لها ان ينهض بالمسؤولية لوحدها.
ان ادارات العتبات المقدسة ترى ان من واجبها وانطلاقا من مسؤوليتها الاخلاقية والاجتماعية النهوض بواقع البلد مهما امكنها ذلك وطالما انها تعمل ضمن القوانين النافذة ولا تتعارض مع سلطة الدولة.
وحتى في المشاريع الاستثمارية يؤكد المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة على ان الاموال التي تأخذ من المواطنين ليست ثمن للخدمات المقدمة كما ان الهدف ليس ربحيا, انما هو دعم لهذه المؤسسات لكي تؤدي نشاطها وتمتلك مقومات اداء الخدمة للمواطنين بشكل يوفر التمويل الذاتي لهذه المؤسسات وهو ما يوفر لها حرية في تقديم الخدمة وعدم الانصياع خلف ارادة الممول والوقوع بقبضته وفرض املاءاته, كما يوفر شيئا من اللامركزية في ادارة هذه المؤسسات.
كما ان تأسيس هذه المشاريع هو حث وتشجيع من قبل العتبات المقدسة للجهات الحكومية الخدمية منها والتعليمة والصحية للمنافسة الشريفة والتعاضد في تقديم افضل الخدمات لهذا الشعب المظلوم.
صديق الزريجاوي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق