الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 21/شوال/1439هـ الموافق 6 /7 / 2018م :

اخوتي اخواتي اود ان اعرض بخدمتكم الأمر التالي :

أغلب المشاريع التي يسعى إليها الانسان هي ما تعود بالنفع، و شرافة أي مشروع عندما يعود بالنفع الى اكثر ما يمكن من شرائح اجتماعية والعقلاء يتنافسون فيما بينهم على اختيار المشروع الذي فيه عوائد وهذه العوائد تختلف هناك عوائد مادية لمشروع استثماري مثلاً او عوائد خدمية لمشروع خدمي وهكذا المشاريع تتباين في الهدف من السعي لها وايضاً تتباين في الناتج الذي يحصل لهذا المشروع .

وطبعاً اُكرر الحديث ليس حديثاً سياسياً أصلا ً وانما هو حديث من واقعنا المُعاش ليس له ربط بأي صورة كان بأي جانب سياسي.

فإذا كانت هذه المشاريع إنما تتباين بمستوى فوائدها فنعتقد ان أفضل مشروع هو المشروع الذي يتعلق بصناعة الإنسان، المشروع الذي يربّي الانسان والمشروع الذي يعلّم الانسان هو سيكون أفضل مشروع لأن هذه العوائد لا تتحدد بجهة معينة ولا لفترة معينة وانما هذا يبقى دائماً ما دام الكلام يتعلق بالإنسان وتطوير الانسان قابلية الانسان فلاشك ان شرافة هذا المشروع سيكون اشرف المشاريع.

القرآن الكريم يقول : (ولقد كرّمنا بني آدم)، فكانت هناك دعوات الانبياء والمصلحين والمفكرين والفلاسفة والاخلاقيين كلٌ أدلى بدلوه فالأنبياء مرتبطين بالله تعالى ولهم المنهج الذي بينوه والبقية أيضاً أدلوا بدلائهم وكلٌ وضع برنامج يرى ان هذا البرنامج يرفع قابليات الانسان.

نحن الان نتحدث عن وضعنا – ليس كلاماً سياسياً- أقول من هي الجهات التي تتكفل بناء الانسان عندنا؟

هناك فوضى في بعض الحالات حتى لا نعطي صورة سوداوية لكن أرى ان هناك فوضى في بعض الحالات من المسؤول عن إزالة هذه الفوضى بل من المسؤول عن بداية هذه الفوضى؟!!

هل الدولة بعنوانها العام؟ هل المؤسسات الاخرى؟ هل الأُسرة؟! لماذا هناك حالة من عدم الاكتراث ببناء الانسان؟!

طبعاً هناك امثلة كثيرة نتحدث ولكن كما قلنا المسألة ليست في قلب القضية السياسية اطلاقاً..وانما اطار نحن مواطنون نُحب بلدنا ونحب ابنائه ونحن نعيش في هذه الرقعة ومن حقنا ان نبحث عن جميع الوسائل التي تطوّر المواطن الانسان والشخص الذي يعيش هنا.

هذا الأمر ليس سياسياً بل الخطباء يتحدثون انه لا تغش لا تكذب لا تفعل وهذه وظيفة من الوظائف التي تتعلق بالانسان.. لكن لاشك ان خطاب او خطابين غير كافي عشرة غير كافياً.. لابد من خلق أجواء ترفع مستوى وكفاءة الانسان من المسؤول عنها؟!

اتحدث عن قضايا حياتية جداً بسيطة لكنها عندما ننظر لها نحن نتأذى..

مثلا ً في الشوارع والازقة وجود الاوساخ من المسؤول عنها؟! لماذا هذه الحالة موجودة؟! قضية تراكمية.. انا لا اقول ان الحالة الان علينا ان نقضي بها الان، قطعاً هذا أمر غير مقدور في لحظة لكن اريد ان ابحث عن الاسباب لعلّي استطيع ان اصل الى حلول.

نحن نتكلم مثلا ً قُلنا وبين فترة واخرى اُعيد حتى لا يحصل توهّم ان المسألة بها اشارة سياسية، ومع ذلك اُعيد الكلام ليس سياسياً، الآن نحن نريد ان نشجع شرطي المرور مثلا ً ماذا نقول له ؟ نقول له يا أيها الشرطي طبّق القانون ونُحب ان شرطي المرور يطبق القانون وفي داخلنا واقعاً إحباط ان بعض القوانين لا تُطبّق.. لكن عندما يُريد شرطي المرور ان يُطبّق القانون على شخص يقول له سأذهب بك الى عشريتي! هل يُعقل هذا ؟! العشيرة محترمة لكن ما دخل العشيرة في تطبيق شرطي المرور للقانون، ممكن أحد الآن في البلد يشرح لي هذا المعنى..؟! يمكن أو لا يُمكن؟! ويبقى شرطي المرور خائف.. لماذا؟! لأنه اراد ان يطبق القانون ووقع عند شخص هدده بالعشيرة، هل يُعقل هذا؟! ان هذه العشائر الاصيلة التي كانت لها أدوار ولا زالت قوية في الحفاظ على البلد بهذه الطريقة يُهدد هذا شرطي المرور ويهدد القانون بهذه الطريقة..

اختلف اثنان على بعض المياه في النهر..وضعٌ طبيعي عند العقلاء يجلسون ويتحارون هذه المدّة لك وهذه المدة لي..واذا كان لا يوجد ماء يتكاتفون لإيجاد الماء، أين تصل المسألة الآن الى الاقتتال وضحايا من المسؤول عن هذه الحالة الانسانية؟!

أنا حقيقة اسأل اُريد جواب؟!

أقول هذا بلدنا لماذا هذه الجرأة بالدماء؟! من الذي أوصلنا لهذه؟! القضية ليست سياسية، أُعيد هذا دم وهذا بلد وهذه ناس..

عشرات الأمثلة لو أردت ان اُظهر هذه الامثلة.. لماذا لا توجد كوابح؟ مجتمع محافظ لماذا التساهل في كل شيء؟ من الذي أوصل الى هذا؟

أنهرٌ مملوءة بالاوساخ ومملوءة بالازبال لماذا لا نعلّم اولادنا؟!

 الجانب التعليمي لا اتحدث عن جهة معينة ولا أسمح ان العبارة تُحمّل اكثر مما هي عليه انا اتحدث عن حالة اجتماعية، هيبة كان عند المعلم في نفسية الطالب الآن الطالب لا يحترم المعلم ولا يُقدّر المعلم..وتجد معلّم يجدّ ويتعب ولكن الطالب لا يحترمه.. وفي حالات بالعكس المعلّم لا يكترث ولا يحترم أدب الطالب ولا يربي الطالب وسواء الطالب نجح في الامتحان او نجح في الاخلاق المعلم لا يكترث..لماذا وصلنا الى ما وصلنا إليه؟!

اخواني حقيقة المشكلة كبيرة لكن لأننا في وسطها واصبحت تدريجية قد لا نستشعر ضخامتها..، ثقافة هذا البلد ثقافة اصيلة وواقعاً بعض الثقافة بدأت تغيب، انت تعلم ان إنسان خريج كليّة لا يُحسن ان يَكتُب..!! من الذي اوصلنا لهذا من المسؤول سيقف أمام التاريخ وامام شعبه ويقول انا اتحمل المسؤولية؟ من.. واحد عشرة مئة لا زلنا نعاني من مشاكل تترى وهذه المشاكل كيف تُحل؟

هذه مشاكل بلد حالات اجتماعية وحالات أدبية هؤلاء ابنائنا.. ترى فوضى في الشارع وفي السوق لا يوجد شيء اسمه عيب لا يوجد شيء احترام كأن كل شيء حالة من الفوضى.. من المسؤول؟ الدولة بعنوانها العام فلتتحمل مسؤوليتها، المؤسسات فلتتحمل مسؤوليتها، الأُسرة فلتتحمل، المدرسة..

اخواني انما أقول ذلك اُريد ان ابيّن خطورة المسألة وانا ان اعلم ان خُطبة او عشرة لا تحل هذا الإشكال لكن اريد ان ابين نحن ملتفتون وهذا الوضع في منتهى الخطورة.. ونبدأ من الأُسر، نعم الانسان عليه ان لا يكون سوداوياً لكن على الأُسر الكريمة لأن الأُسر الكريمة مقدور عليها اُسرة صغيرة تنشأ ابدأوا اخواني بتدريب وتأديب ابنائكم على خلاف ما موجود الآن ارجعوا الى تلك الاخلاق الفاضلة والى تلك الروح الطيبة علّموا أولادكم.

البلد صورته وهذا العراق وكلام ايضاً الى بلداننا العزيزة الاسلامية الاخرى لكن اتحدث الان عن ما أراه وترونه أنتم والكل كأن المسألة لا تعنيه.

حتى بعض مسائل الرشوة والمال الحرام لماذا وصلنا الى هكذا؟! المرتشي سابقاً يمشي وهو مسود الوجه الان النظيف يمشي وكأنه هو خجلان لأنه لم يرتش.. ليست امور سياسية اخواني اتحدث عن تربية الناس.. الرجاء اخواني والله نتقطع ارجوكم ان نتساعد جميعاً ونتكاتف في وقف هذا النزيف الاخلاقي..المنظومة الاخلاقية برمتّها مهددة وانا اتحدث مع اصحاب الغيرة وهم كُثر واصحاب ممن يملك قرار في كلمة في اسرة في معمل في مدرسة..

ارجوكم لا تجعلوا الامور تخرج عن السيطرة الكل سيتأذى..جميل ان الانسان يلتزم بثوابت وبقيم وباخلاق.. على كل حال لعلّي اُصيب بذلك اذنٌ واعية.

نسأل الله سبحانه وتعالى ان يحفظكم جميعاً وان الله تعالى يُرينا كل خير فيكم ودوام الستر والعافية.. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات وصلى الله تعالى على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات