الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 9/شهر رمضان/1439هـ الموافق 25 /5 /2018م :

اخوتي اخواتي ..

اود ان اتحدث الى حضراتكم بموضوع نوهنّا عنه بشكل موجز في الخطبة الاولى وهذا الموضوع لما لهُ من أثر نفسي واجتماعي وفردي واذا لم تتم السيطرة عليه لا شك ان آثاره اثار سلبية ألا وهو موضوع الغضب..

موضوع الغضب من خلال ما نشاهد من الموضوعات التي تُنتج وتولّد حالات كثيرة جداً يندم الانسان عليها بعد ذلك، ولعلنا اذا دخلنا في مصاديق مسألة الغضب سنظفر بمصاديق عديدة ولعلنا نذكر البعض منها على نحو الايجاز..

الغضب هي حالة من الحالات النفسية التي تعتري الانسان وهي مفيدة جداً لو احسنا السيطرة عليها، الانسان يغضب لعقيدته يغضب لوطنه يغضب لمقدساته حالة صحية، فالغضب بما هو غضب في مكنونات النفس من الحالات التي يستعين فيها الانسان الى ان يدافع ويبعد الشر عنهم..هذه من الصفات ومن الاثار لهذا الغضب جيدة، لكن الانسان ان يغضب دائماً هذا امر ليس بمستحسن وليس امراً جيداً..

الانسان ينفعل بمجرد ان يُنقل له شيء هذا ليس صحيحاً، الانسان يُرتّب الاثر سريعاً وحالة الغضب تعتريه بحيث لا يعقل اسفل الوادي من أعلاه هذا ليس جيد.. الانسان عليه دائماً ان يحكّم عقله ويجعل هذا العقل مسيطراً على هذه النوازع.. كما يسيطر الانسان على رغباته وشهواته ويمنعها في موارد غير صحيحة ايضاً لابد ان يسيطر على غضبه ويمنعهُ..

لاحظوا الان في الوقت الذي نعتز بتركيباتنا الاجتماعية عادة نسمع حالة من التشاجر وحالة من في الحقيقة معركة بين طرفين او عشيرتين او قبيلتين او فئتين عندما تدقق تجد ان غضب احدهما قد شخص من الاشخاص له سلطنة ومُطاع يغضب وهذا الغضب يولّد هذه المأساة..، عندما ترجع تتأمل وتهدأ الامور تجد ان الامر بكليّته لا يساوي أعشار ما حصل مع انه قد ازهقت فيه ارواح وتروّعت اطفال وتأذت الناس بسبب ماذا؟! بسبب الغضب، ان الانسان غَضِبَ سَمعَ كلمة صدقاً او باطلاً لو فرضنا صدق التفتوا لا تكون ردود الفعل اكبر من الفعل..

مثلا ً لو فرضنا في حادث سيارة شخصاً بسيارته ضرب سيارة شخصاً آخر وسيارة س من الناس تأذت بسبب ص وص معترف اني انا المخطئ، ماذا ينبغي ان تُحلّ المسألة؟! على ص ان يتحمل اضرار سيارة س، هل يوجد شيء غير ذلك؟! يبدأ س غضباً يشتم ص ويشتم أهله وينفعل.. يتحول س الى ظالم..، في بعض التهم على س ان يتحمل الوزر مع انه كان هو المتأثر من الحادث لكن لم يضبط غضبه انفعل..، نقول له نعم انت هذه سيارتك وهذا المبلغ لكن عليك انت ايضاً ان تتحمل الوزر.. يرميه بالفاحشة ويتكلم على اهله وكل هذه الامور تتحول ضدّه.. هذا غير مبرر..

مشاكل كثيرة ان الانسان يغضب.. مثلا ً طبيب اخطأ والطبيب يقول انا اخطأت وانا اتحمل.. ما هو التقصير عليَّ عطبٌ في اليد عطبٌ في الرجل مات الشخص انا اتحمّل، نحن ماذا نطلب منه؟! نغضب عليه نضربه ونشتم اهله ونهددهُ نتحول الى ظالمين لماذا؟! لأننا لا نستطيع ان نسيطر على الغضب..وهذه المسألة الان شائعة اخواني ان الانسان يغضب للاشيء..

اقول الغضب أمر مهم لكن لا يغضب الانسان لكل شيء سيسفّه نفسه سيجعل نفسه عبارة عن نفس مصروعة دائماً مغلوبة، هذا الغضب يولّد مآسي لأن الانسان في غضبه يفعل ما يفعل قد يقتل والعياذ بالله..وعندما يطمئن ويسكت يندم..

روّض نفسك وعوّد نفسك على انه لا تتسرع في الغضب، الندامة ليست دائماً بمقدور الانسان ان يتداركها.. هناك ندامة لا تنفع..من يتحمل الان سقوط قتلى ابرياء بسبب فلان الفلاني لأنه غضب وهناك عشرة يسمعون كلامه ايضاً تأثروا بكلامه اقتلوا قتلوا هجّروا هجّروا اذبحوا ذبحوا.. كيف تستقيم الامور؟!

الغضب حالة الله تعالى اودعها فينا كالشهوات وكالغرائز، يحتاج الانسان ان يجوع يغضب يدافع كما قلنا لكن ان يغضب لكل شيء يتحول الى حالة غضب هو عبارة عن غضب يكون غضب على نفسه وعلى اهله ومجتمعه..لا يعرف للحوار مجال ولا يتأمل ولا يهدئ..هذا غير صحيح.

مجموعة كبيرة من رواياتنا الشرعية وغيرها لا تحبّذ انه الانسان اذا مرَّ بحالة غذب ان يتصدى للامور، نعم يهدأ لأن الذي يغضب يرى الامور بغير منظار غير الغاضب.. موسى (عليه السلام) نبي وقطعاً غضبه لله موسى اذا غضب يغضب لله والقرآن الكريم يقول (ولما سكت عن موسى الغضب).. بالنتيجة الهدوء، نعم الانسان في حالة الغضب يتصرف تصرّف وهو مسيطر على عقله، واذا هدأ يتصرف نفس التصرف لماذا؟! لأن الغضب كان مشروعاً بل الذي لا يغضب هو يُلام لماذا؟ لأنه كان مشروعاً..، اما نتكلم عن حالة الافراط وان الانسان على كل شيء يغضب، التلاميذ مع المدرس يعيشون حالة من الرعب لماذا؟ لأن هذا المدرس يغضب اذا طالب بعده صغير طفل لم يستطع الاجابة بشكل جيد يغضب هذا المدرس على جميع الطلبة ويتكلم بكلام .. يا اخي لا توجد مبررات لذلك..

الغضب اخواني اُعيد لأن حقيقة نسمع قصص مروعة.. عندما نحلل هذه القصص نرجع الى ان السبب حالة من الغضب عند البعض..

وكما ورد في الروايات ان رجل جاء الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له اوصني ، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تغضب، اقول اوصني ، قال: لا تغضب، قال اوصني ، قال: لا تغضب، لاحظوا ثلاث مرات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول له : لا تغضب، رجع الرجل وشاهد اصحابه متهيئين للغزو والقتال فقال لهم خيراً قالوا له كذا وكذا.. وبينما هو معهم في الطريق تذكر قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تغضب، فقال: ارجعوا، وفعلا ً حفظ دماء لأنه سمع هذه الكلمة..

الغضب اخواني يؤدي بنا الى مهالك في غير محلها ونحن نتحدث عن قضية عامة على الانسان دائماً ان يهدأ وان تكون له لياقات ويتصرف بحكمة مع احداث قد تكون كبيرة بالحكمة تُحل وبالحوار والهدوء ممكن الانسان ان يرى الامور بمنظار آخر ويجد حلا ً خير من الحل الذي يجده عند غضبه..

اسأل الله ان يوفقنا واياكم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

المرفقات