هو عشق ينبثق من قلوب نابضة بحب محمد وآله صلوات الله عليهم ، يتجدّد كلما استذكرنا ما ألمّ بهم من رزايا حينما تجلّى الظلم بأبشع صوره ، يوم ارتفعت السيوف والأصوات ولهب النيران التي احرقت باب فاطمة وامتدت لقطع راس الحسين عليه السلام وحرق خيامه يوم عاشوراء .
اللوحة من إبداع الفنان العراقي الدكتور ماهود أحمد ، وقد نفذت بتقنية الزيت على القماش بأسلوب واقعي مع شيء من التحوير بغية تحقيق رؤية الرسام الهدف التعبيري والاسلوبي المميز.
أنشأ الفنان بُعداً منظورياً واضحاً لعناصر اللوحة رغم عملية التحوير التي عمد إليها لخدمة هدفه التعبيري ، فالعملية البنائية هنا تنطلق من الواقع باتجاه الكشف عن المعنى ولكن من وجهة نظر الرسام الذاتية ، فلو تأملنا التكوين الفني بروية للاحظنا وجود كتل لونية منسجمة داخل اللوحة، تمثل بعضها مجموعة من النساء متّشحات بالسواد والحزن غالب عليهنّ وهنّ باتجاه الشخصية الوحيدة المكشوف وجهها الفتاة الصغيرة التي وزّعت على قسمات وجهها تعابير تدل على الحزن والألم فضلاً عن صورة الرأس القطيع الذي أغمض عينيه على الأرض وطريقة رسمه الموحية وكأنها انعكاس في مرأة أو طيف ظهر على رمال الصحراء .
أمّا الكتلة الأخرى فهي عبارة عن مجموعة من ظلال مهيمنة على الجانب الأيسر من اللوحة لمحاربين يحملون الرايات والرماح ويعتمرون الخُوذ وكل ظلال الأسلحة الموجّهة باتجاه الرأس الذي نفذ بمبالغة في حجمه ، وهناك أيضاً كتلة لونية أخرى تلوح في الأفق تظهر فيها خيام محترقة تمثل بقايا معركة ضروس ، فالرأس.. وإلى جانبه النساء ومن ورائهنّ الخيام ولا يحملنّ سلاحاً يقفن أمام الأعداء المدجَّجين بالسلاح هو الصراع الأزلي القائم بين الخير والشر الذي حاول الفنان إظهاره ، فهناك قاتل ومقتول وظالم ومظلوم والرأس المسجّى على التراب خير دليل على ذلك .. فهو رأس الحسين بن علي عليهما السلام وهي معركة الطف التي سجّلت في وجدان المسلمين على أنها إيقونة انتصار الحق على الباطل لتصبح رمزاً عبر العصور وفي شتى المجالات ، وقد واكبها الناس عبر التاريخ حتى صارت شعارا لتجسيد الانسانية بأروع صورها، وهي تنتقل من جيل الى آخر كموروث حي وبرؤىً كثيرة ومختلفة في طريقة إدائها فقد دأب كثير من المؤرخين والشعراء والفنانين بمختلف اختصاصاتهم على طرق هذا الموضوع بألوان مختلفة كما في الرائعة التشكيلية أعلاه .
فالتعبيرية التي يريدها ماهود أحمد من رسمته مؤثرة جداً وجلية للمشاهد فهناك تحديد واضح للمكان والزمان والأشخاص داخل اللوحة مما يكشف عن مرجعيتها التي تأثر بها الفنان ، فإنها بلا أدنى شك تنتمي للتراث العراقي لكن الرؤية هي من حدد الشكل التعبيري للفنان ، وإن موضوع مقتل أبي عبدالله الحسين سلام الله عليه وما حل بعياله من بعده قد شغل الساحة الفنية و نفذ في كثير من الاتجاهات الفنية في الرسم العراقي الحديث ومدارسه الفنية المتجدّدة .
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق