اشار ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الأولى من صلاة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف بتاريخ (18 /8 /2017م) أن المنظومة التربوية الأخلاقية المستمدة من القرآن الكريم والسنة المطهرة، اهتمت اهتماماً كبيراً في تربية شخص الإنسان على النحو الفردي، باعتبار الفرد يمثل الكنز الذي بصلاحه يصلح المجتمع.
وقال السيد احمد الصافي ان على الإنسان ان يتعلم ذاتياً وأن يلجأ إلى الله، وان تكون له منظومة اعتقادية بحسب الذات، وبحسب وضعه الخاص، مبينا ان كثير من التكاليف الإلهية تجري علينا كأفراد، والتي يعبر عنها بالوجوبات العينية، بمعنى أن الصلاة تكون واجبة على كل فرد، والصوم أيضاً وغير ذلك، مشيرا الى ان قضية الالتزامات تمثل نوع من التدريب الأخلاقي في مقام الرقيّ.
واضاف ان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوضح في إحدى عباراتها هذه المسألة للبعض، والتي تتلخص بأن الإنسان غالباً ما يغفل عن عيوب نفسه، ويتوجّه إلى عيوب الناس، ويحاول أن يتخذ من هذه العيوب صدقاً أو كذباً وسيلةً لأن يقضي فيها وقته، ويتفكّه في الحديث عن معائب الناس، ويتخذ ذلك تسلية له غافلاً في نفس الوقت عن عيوب نفسه، موضحا ان هذه الحالة تربوياً تعد من الرذائل، وتؤثر على نفس الإنسان أولاً لانها ستأخذ به إلى الهاوية وعلى مجتمعه ثانياً.
وتابع ان الله فتح باب لا يغلق إلى أن تصل الروح إلى التراقي اسماه التوبة، لكن عملياً كلما تمسك الإنسان وعمل الذنوب سيكون من الصعب الاقلاع عنها، لأنه تعوّد وصار جزءاً من حياته، موضحا ان الكاذب يجد صعوبة في التوبة لانه لايستطيع ان يتحدث بلا كذب، مما يترتب عليه بذل جهد مضاعف قد يستمر سنة أو سنتين أو ثلاثة إلى أن يقلعَ عن هذه الرذيلة، أما الذي يكذب مرة أو مرتين ثم يلتفت إلى نفسه لا يجد تلك الصعوبة في أن يرفض هذه الرذيلة.
واردف ان العيب هو شيء لا ينبغي أن يصدر، لانه خلاف الوضع الطبيعي، وان من أوضح العيوب هي الذنوب؛ لأن الذنب خلاف الوضع الطبيعي في العلاقة مع الله تعالى، ولابد أن يعملَ الانسان وفق ما يريده سيده وإذا خرج عن ذلك وعن سمة العبودية فهذا يكون عيبا، مستدركا في حديثه انه ليس كل عيب هو ذنب ولكن كل ذنب هو عيب.
وحذر ممثل المرجعية العليا من التسامح في بعض الذنوب على اعتبار أنها شائعة والتعامل في نفس الوقت مع بعض الذنوب بشكل آخر لأنّها نادرة مع أن القياس واحد، مؤكدا انه في بعض الحالات تكون الذنوب التي نتعامل معها لألفتها بيننا أشنع وأكثر خطورة من الذنوب التي لا نبتلي بها.
واشار الى ان البعض يكذب الا ان المجتمع لا يتعامل مع الكاذب تعامل المستهجن، لأن هذه الحالة قد شاعت، فترى الصانع يكذب وفي الشارع يكذب والابن يكذب، وأصبحت القضية شائعة بحيث نتكلم مع زيدٍ من الناس ونحن نعلم أنه يكذب!، لكننا لا نستهجن، لشياع هذه الحالة بيننا، مبينا ان هذه الحالة تبتلى بها المجتمعات والأمم عندما يرون الانحرافات كأنها هي الأمر الواقع والصحيح، ويرون المسارات الصحيحة هي الأمر الخطأ.
واستدرك ان الكثير من الناس تبتلى بالرشاوى، وتعتبر مسألة الرشوة طبيعية جداً، ويتم التعامل بشكل طبيعي مع المرتشي الذي ملئت بطنه من الحرام، والبعض يقوم له إجلالا واحتراماً، موضحا ان هذا الامر يمثل مشكلة كبيرة لايمكن التخلص منها بغير الأسرة والتعليم والتربية الصحيحة التي تنتج للمجتمع اناساً يتنافرون من السيئات.
علي الشاهر
تحرير: ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق