الفكر الإسلامي بين السياسة الجائرة و نشوء العلمانية

الفكر الإسلامي هو عبارة عن نتائج مستندة الى قوانين رصينة وضعها خالق الكون و أوصلها إلى عباده عن طريق أنبيائه و رسله ، و هذه القوانين خالية من الثغرات و تجري في مصلحة البشرية التي كرمها الله تعالى بالعقل و الإدراك.

يضم الفكر الإسلامي جميع العلوم الضرورية في حياة البشرية من حيث يريد ترسيخ الاستقامة في المعيشة و المعاشرة و دفع الظلم عن المستضعفين و تقويم من عجز عن انسيابية حياته.

الدين الإسلامي أو المسيحي أو غيرهما من الأديان السماوية هو عبارة عن الدستور الإلهي الذي ينظّم حياة المخلوقات أو البشرية و إبعادها عن ما هو مضر و غير نافع لها و هذا كله يأتي عن طريق دليل و برهان عقلي و ليس اعتباطياً و لا يكون إجبارياً في الدخول به و لا يحق لأحد أن يغصب حقوق الناس بفرض رأيه أو عقيدته عليهم بحجة وجوب فرض الديانات أو العقيدة على شعوب يسيطر عليها سواء في الحكم أو في الترهيب ؛ لأن هذا لم يفعله أو يقره نبي من الأنبياء على مر العصور و التواريخ و لا يحق لأحد أن يغتصب حرية الآخرين بحكم العقل و مثال ذلك: النبي محمد أنموذجاًَ: إن النبي محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل حروبه التي خاضها لم تكن تهجّمَ أو اعتدى على الغير بل كانت بالعكس كلها دفاعية و لم تكن هجومية و كانت للدفاع عن حقوق المسلمين و الإنسانية ابتداءً من معركة( بدر )و انتهاءً بمعركة( تبوك )و التاريخ يشهد و يقر في كل المذاهب و الديانات.

إذاً  لا يجوز لأي إنسان أن يجبر إنساناً آخر في اختياره دينه و عقيدته و إن أجبره فهذا ليس من حريات الإسلام و يعد غصباً لحقوق الآخرين.

تمثلت جميع الديانات السماوية بالنزاهة الخالصة في حد ذاتها و ليس في تطبيقها أي إذا جاء شخص ما غير النبي أو وصيه و أراد أن يطبق الدين الفلاني و أخطأ في تطبيقه فالذنب يعود على هذا الشخص الذي حاول تطبيق دينه و أخطأ و ليس الخطأ يعود على الدين كما حصل في (فرنسا )قبل الثورة الصناعية حيث توجّه أغلب رجالات الكنائس إلى التخاذل و الترويج إلى حكومة مملكتهم في (فرنسا) آنذاك و يأخذون توجيهاتهم من المملكة مباشرة  و كانت المملكة في تلك الآونة عبارة عن مملكة ظالمة جائرة إقطاعية و قد اضطهدت شعبها باستخدام أغلب رجال الكنائس في نشر قوانينهم من جهة و من جهة أخرى استخدام العنف ضد الشعب و زيادة الضرائب و ما إلى ذلك فأجج هذا الوضع الثوري عند الشعب فثار الشعب على حكومته أو مملكته و أسقطها و أدى ذلك إلى صب الغضب العارم على الكنائس و أصحابها مما أدى إلى قتل كثير منهم لكونهم يدعمون المملكة بالتصريحات و التهديدات و إسكات الأصوات الناطقة بالحق.

و بعد سقوط المملكة تزلزلت الثقة في الديانة المسيحية نشأت هنا جهة تسمى( العلمانية ) التي من شؤونها أو أبرز مطاليبها فصل الدين عن السياسة و كثر هذا التجمع بسبب أحقاد الناس على الديانة المسيحية و أصحاب الكنائس مما أدى إلى تطور هذه الجهة و انقسامها إلى ثلاث مدارس و امتدت من تلك المناطق إلى الوطن العربي الذي يتمثل به الدين الإسلامي ، و كان الانتقال عبر بعض الناس الذين أصبح لهم احتكاك في تلك المناطق و أرادوا أن ينقلوا تجربة( العلمانية) التي طبقوها في (فرنسا) إلى الدولة الإسلامية .

ولكن مع فائق الأسف و الأسى كثير من العلمانيين يدعون على أنفسهم الثقافة و المعرفة إلا إنه لم نر منهم أصول التفاهم و النقاش و الحوارات و يلعبون على وتر الحرية الإنسانية و الديموقراطية بسبب فهمهم أن الديانات هي حكومات ديكتاتورية و هذا الخطأ الذي وقعوا به حيث نقلوا عبر احتكاكهم بالعلمانية تجربتهم مع المسيحيين ؛ لأنه في الحقبة التي كان بها المسيحيون مسيطرين على بعض الحكومة قبل الثورة الفرنسية أعطت انطباعاً على أن كل الأديان هي أديان ديكتاتورية مما أدى إلى نقل هذا الانطباع إلى الدين الإسلامي.

فمن هذا المنطلق و بعد معرفة أن الفكر الإسلامي هو الفكر الحر غير المسيس و غير المشكك نرى كثيراً من المحاولات و التي نجح بعضها في تشويه الدين الإسلامي وإعطاء انطباع سيء عنه لغايات مغرضة في إحباط الدين الإسلامي.

ومن هذه المحاولات :

السعي في زج الدين الإسلامي تحت قيادة السلطة الحاكمة وذلك لإيقاع الدين الإسلامي في نفس الدوامة التي وقعت بها الديانة المسيحية. محاولة نشر أن الإسلام دين متشدد ومتعصب ويسعى وراء الماديات ونشر الشبهات الواهية في عقول الشباب وبالذات في المدارس والجامعات، وكثير من هذه المحاولات التي تعد ولا تحصى.

ولكن في هذه الحالة ماهو واجب المسلمين في التصدي لهذه الموجات التي تسعى لتحطيم الدين الإسلامي؟

نستطيع أن نلخصها بنقاط ثلاث:

نشر الوعي والثقافة الإسلامية العامة لإبعاد الناس من الجهل إلى المعرفة وجعلهم متمكنين من فرز واستيعاب الشبهات المتوجهة نحوهم. تعليم الناس كيف أن الإسلام دين الحرية والأحرار وليس دين الجبابرة والغاصبين. نعرّف للناس أن الدين الإسلامي هو دين الرحمة والعدل والمساواة وليس دين الإرهاب والعنف والتهجير و الظلم والجور.

الآن العالَم يتطلّع للفكر الإسلامي وجعله ضمن منهج ودراسة وذلك لما ناله من تفضيل على جميع القوانين الوضعية وأبهر جميع من تطلع عليه لذلك فعندما نعرف للبشرية هذه النقاط الثلاثة التي اتهم الإسلام بها  فعندها نرفع كثيراً من الشبهات في صدور كثير من الناس ويستساغ لديهم التجذر لمعرفة بواطن الإسلام التي كانت مخفية أو خفيت عنهم.

الكاتب / قيس العامري

gate.attachment