قصة غلامَي مسلم بن عقيل

قصة غلامَي مسلم بن عقيل.. الطفولة التي أحرقتها نار الظلم

بعد استشهاد والدهم البطل مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين (عليهما السلام) إلى الكوفة، تم اعتقال ولديه محمد وإبراهيم، وهما غلامان صغيران لا يتجاوز عمرهما عشر سنوات، وتم الزجّ بهما في سجن ابن زياد، وسط جو من القسوة والحرمان.

السجن والحنين

لبث الغلامان في السجن فترة من الزمن، لا يعلم بهما أحد، حتى رقّ لهما السجّان بعدما عرف أنهما حفيدا أمير المؤمنين (ع)، فساعدهما على الهرب لوجه الله.

الهرب والقبض

فرّ الغلامان تحت جنح الظلام، وسلكا طريق النهر، يبحثان عن مأوى أو ملجأ، إلى أن استقرّ بهما المقام عند بيت أحد الناس في ضواحي الكوفة، حيث أكرمتهما امرأة، لكنّ ولدها "الحارث" عندما علم بهويتهما، سارع في إبلاغ السلطة طمعاً في الجائزة.

المجزرة على شاطئ الفرات

اقتادهما الحارث نحو نهر الفرات، وهناك في مشهد تقشعر له الأبدان، ذبح الغلامين الواحد تلو الآخر، وسالت دماؤهما الطاهرة على ضفاف النهر، ليكونا شاهدين على طفولة مصلوبة على مذابح الحقد الأموي.

دلالات الصورة

الطفلان يظهران وهما يرفعان أيديهما بالدعاء بخشوع، في لحظات ما قبل استشهادهما، وهي لفتة توحي بالإيمان العميق رغم صغر سنّهما، والخلفية المظلمة ودم الشهادة تحت الركبتين ترسم لوحة من الألم والبطولة.

والرجل القاتل يقف خلفهما بالسيف، ممثلاً وجه الجبروت والظلم، في مشهد يختصر مأساة الطفولة المظلومة.

فهذه الصورة تُجسِّد مشهداً مهيباً ومؤثِّراً من أكثر صفحات التاريخ الإسلاميِّ ألماً، وهو مشهدُ استشهادِ الطفلين "محمدٍ وإبراهيم" ولَدَي مسلم بن عقيل (عليهم السلام)، اللذين استُشهِدا مظلومين في أرض الكوفة بعد واقعة الطف؛ لتكون قصتهما عنواناً للبراءةِ المفجوعة، والوفاءِ المغروسِ في الصِّغَر.

دروس وعِبر

قصة ولدي مسلم بن عقيل ليست مجرد حادثة تاريخية، بل هي صرخة من الطفولة المغدورة، ونداء من أبناء بيت النبوة لكل ضمير حيّ، ففي وجهي محمد وإبراهيم نرى نقاء الإيمان، وفي دمهما نقرأ سفر الوفاء، وفي استشهادهما ولادة لصرخة أبدية ضد الظلم.

فقصتهما تمثّل أبشع صور الظلم والانتهاك الإنساني بحق الأبرياء، صبرا على الجوع والتشريد والسجن رغم صغر سنّهما، وفي ذلك تجسيد لصمود أهل البيت وشيعتهم، وظلّ مرقدهما حتى اليوم شاهداً على هذه الفاجعة، ومزاراً لقلوب المؤمنين.

تصميم : كرار الياسري إعداد : علي رحال