433 ــ كاظم سبتي (1258 - 1342 هـ / 1842 - 1923 م)

كاظم سبتي (1258 - 1342 هـ / 1842 – 1924 م)

قال في رثاء الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (23) بيتاً:

ويمَّموا أرضَ العراقِ فغدتْ     بنورٍهم تشرقُ (كربلا) ؤه

حماةُ بيتِ اللهِ مَن شِيدتْ بهمْ     لـكـنّـمـا يجلو الدجى سناؤه

أشـمَّ مـن عُـلـيـا لويٍّ قد سما     نجمُ الـسـما فدونه جوزاؤه (1)

ومنها:

هذا الحسينُ ثاوياً في (كربلا)     بين الظبا قد نُهبتْ أشلاؤه

قضى إلى جنبِ الفراتِ ظامياً     تـنـهـلـه عـن مـائِـه دمـاؤه

فـأظـلـمَ الـكـونُ وحـالَ دونــه     كـأنّـمـا صـبـاحُـه مــسـاؤه

وقال من قصيدة في رثاء الزهراء (عليها السلام) تبلغ (19) بيتاً:

خذي يا عينُ ويحـكِ بالبكاءِ     على الزهراءِ سيِّدةِ النساءِ

صِلي ببكـائِـكِ الـهادي النبيا     وخـيـرَ الـنـاسِ كـلّهمُ عليا

وواسي بالبكا الحسنَ الزكيا     عليها والشهيدَ بـ (كربلاءِ) (2)

وقال رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (67) بيتاً:

وتجمَّعتْ منها على قلبِ الـهدى     مـمَّـا دهـاهُ بـ (كربلاءَ) كــروبُ

لا يـعـجـبـنكَ من الـزمـانِ فعالَه     بل لو عجبتَ من الزمانِ عجيبُ

أخنى على الصيدِ الهداةِ فشملهمْ     مـن بـعـدِ ذاكَ الالـتـئـامِ شـعوبُ (3)

ومنها:

ومِن الغريبِ بأن أرى وعليكَ لا     أبكي وأنتَ بـ (كربلاءَ) غريبُ

يا بهجةَ الدنيا ومطرفَ عزِّها الـ     ـضافي على الأيامِ وهوَ قشيبُ

أتـفـارقُ الـدنيا على الدنيا الـعفى     فـالـعـيـشُ بعدكَ لا يكادُ يطيبُ

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (56) بيتاً:

لا عــدا (كربلا) ولا طــفّها مِن     كـوثـرِ الـخـلـدِ عارضٌ سحَّاحُ

ضمنتْ خامسِ الألى محقوا الـ     ـكفرَ وهمْ صفوةُ الإلهِ الصِّراحُ

قد براهمْ من نورِ قدسٍ فلاحوا     جَـلَّ فـي عـرشِـهِ وهُـمْ أشـبـاحُ (4)

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (61) بيتاً:

وتُجلبُ من (كربلا) كالإماءْ     بأيدي الطغاةِ لأقصى بلدْ

ومـا بـيـنـهـا وارثُ الأنبياءْ     عـليٌّ وما وَجدتْ ما وجدْ

فـديـتُ ولـيـتَ لـزيـنِ العبادْ     يـكـونُ الفدا كلُّ عبدٍ عَبَدْ (5)

وقال من أخرى في أهل البيت (عليهم السلام) وواقعة الطف تبلغ (61) بيتاً:

يميدُ بهِ الـرمـحُ بـيــنَ الرؤوسْ     إلى الشامِ من (كربلا) سُيِّرتْ

وزيـنُ الـعـبـادِ أسـيــراً يُــقـــادْ     لـشـرِّ الــعــبــادِ وإن أكـفـرتْ

حليفُ الضنا قد برى جسمَه الـ     ـعـنــا والـقـيـودُ بـــه أثّــــرتْ (6)

وقال من رباعية تبلغ (28) بيتاً:

فـتـراهمْ يومَ حـلّـوا (كربلاء)     كـبـدورٍ سـطـعـتْ وهـيَ سماءْ

تعِـسَ الـدهـرُ فكمْ فيهمْ أضاءْ     كيفَ ألقاهمْ إلى أيدي الخسوفْ

هَدّ أركانَ الهدى خطبٌ عرا     حينَ جسمُ السبطِ أضحى بالعرا (7)

ومنها:

ليتني في (كربلا) كنتُ الفداءْ     أحتسي من دونِه كأسَ الحتوفْ

قَـلَّ أن تـهـمـي لـه الـعينُ دما     ويُـقـامُ الـدهـرُ فــيـــهِ مـــأتــما

فادحٌ كادتْ له تهوي الـسـمـا     جزعاً والأرضُ همَّا بالخسوفْ

ومن أخرى تبلغ (11) بيتاً:

وردنا (كربلاءَ) فــــأورثـتــنـا     كـروبـاً لا توازنها الجبالُ

ومُـذ آوتْ إلــيـهـا الـعيسُ قلنا     هُنا حلّي فليسَ لكِ ارتحالُ

رستْ مثلَ الرواسي يومَ ألقتْ     بكلكلِها ولـيـسَ لـهـا عقالُ (8)

ومن أخرى تبلغ (71) بيتاً:

تفرجُ فـي (كربلاء) كـربتَهم     بـرغمِ مَن غيرُ ذاكَ قد زعما

أرضٌ بها الأنبياءُ قد سَعدتْ     بلْ كلُّ أرضٍ سمتْ بها وسما

يصافحُ المرسلونَ والملأ الـ     أعـلـى بـهـا كـلَّ زائــرٍ كـرما (9)

ومنها:

يا ليتَ إنَّا بـ (كربلا) معهمْ     أو كـان مِـنَّــا وجــودُنا عـدمـا

أو لـيـتـنـا لـم يـكـنْ لـيبلغنا     بـفـقـدِهـمْ أن ظـهـرَهــم قُصما

أو لـيـتـهمْ قد رأوهُ حينَ به     أحاطَ جيشُ الضلا لِ مُزدحما

ومن أخرى تبلغ (53) بيتاً:

ضربوا الخيامَ بـ (كربلاء) وقوَّضوا     ولـهـمْ عـلـى الأيـامِ يـومٌ أشأمُ

نـقـضـوا لـعـمـرو اللهِ مـن أعـدائِـهم     ما أبرموا لولا القضاءُ المُبرمُ

أودى أبو الأشبالِ واقـتـحـمَ الـشرى     منه الذئابَ فأينَ ذاكَ الـضيغمُ (10)

ومن أخرى تبلغ (78) بيتاً:

ومـا (كربلا) لـولا الـسـقـيـفـةُ إنَّـما     تظاهرتِ الدنيا على الدينِ يومُها

وهـلْ وقـعـةٌ في الدينِ إلّا رأيـتـهـا     هيَ الفرعُ كانتْ (والسقيفةُ) أمُّها

يمضُّ فلا يرقى السليمُ وإن مضتْ     إذا قـذفـتْ فـيـه الأراقـــمُ سـمّـها (11)

ومن أخرى تبلغ (13) بيتاً:

(كربلا) يا (كربلا) أينَ الحسينْ     أيـنَ مَـن لـلمصطفى قرَّةُ عينِ

أينَ سبط الـمـصطفى مَن رزؤه     في الورى جَلَّ فأبكى كلَّ عينِ

ذبــحـوهُ ظامياً حـولَ الــفــراتْ     وسـقـوهُ مـن دمــاءِ الـودجـيـنِ (12)

ومنها:

(كربلا) أنـتِ سـماءٌ فيكِ قد     غابَ كالبدرِ عليُّ بنِ الحسينِ

ورأته زينبٌ طـعـمَ السيوفْ     وترى العباسَ مقطوعَ اليدينِ

كم رأتْ فيكِ نفوساً جُرِّعتْ     مـن حِـمـامٍ وأوامٍ قــاتـــلــينِ

ومن أخرى تبلغ (65) بيتاً:

ما بقي في (كربلا) مِن     صــفــوةِ اللهِ لـــقـيـه

غـيـرُ نــدبٍ بــالــغٍ منـ     ـه الـضنا إلّا الحميه

يـنـظـرُ الـقتلى ونارُ الـ     ـوجدِ في القلبِ ذكيه (13)

ومن أخرى تبلغ (11) بيتاً:

كمْ كربةٍ جُـرِّعتُ في (كربلا)     ومحنةٌ لي في مـحـانـيـها

أنَّـى وظـامــيـهـا قـتـيلُ العدى     نـاحـيـةُ الـمـاءِ أعـاديـــها

وهيَ على مثلِ الصراطِ الذي     أوعدَها في الحشرِ باريها (14)

الشاعر

الشيخ كاظم بن حسن بن علي بن سبتي السهلاني الحميري المعروف بـ(كاظم سبتي) (15)، أديب وشاعر وخطيب، ولد في النجف الأشرف، وهو زعيم أسرة آل سبتي يقول الشيخ جعفر محبوبة: (هو زعيم البيت والباني لمجده والغارس لنبعته وهو أول من عرف بالنجف واشتهر بها، كان والده رجلاً فقيراً ذاكراً لم تكن له سمعة ولا معروفاً بين أقرانه، وولده المترجم أشهر منه كسا بيته سمعة وجعله في مصاف البيوت الأدبية). (16)

مات أبوه وهو صغير فكفلته أمه وأودعته عند أحد الصاغة وهو السيد حسن السلطاني الصائغ ليتعلم الصياغة لكنه كان يميل إلى صياغة الكلام والشعر فاتجه إلى طلب العلم والأدب وشجعه السلطاني على ذلك، أدب الطف ج 9 ص 75

 فدرس سبتي في مدارس النجف العلوم الدينية والعربية، فدرس الفقه والأصول على كبار علماء النجف كالشيخ محمد حسين الكاظمي، والشيخ ملا لطف الله المازندراني وأمثالهما (17)، حتى أصبح عالماً وشاعراً كبيراً وخطيباً مفوّهاً وكان لمجالسه حضوراً كبيراً في الأوساط الجماهيرية لما اتسم به من التجديد والتحقيق حتى بلغت شهرته دول سوريا والبحرين والكويت وإيران. (18)

وقد ترجم له ولده الشيخ حسن سبتي ترجمة وافية قال فيها: (هو العالم الرباني، نسيج وحده، أخطب خطباء العراق، الشيخ كاظم بن الشيخ حسن بن الشيخ سبتي السهلاني الحميري. وهو من سلالة علمية معروفة في النجف توفى عنه والده وهو صغير فأودعته أمه عند السيد حسن السلطاني الصايغ ليحترف الصياغة وكان أستاذه السيد المذكور من أهل الورع والتقوى طاعناً في السن فحدب عليه وخصه بعنايته لما رأى فيه من شمائل الذكاء والفطنة والنجابة وشجعه على طلب العلم لما رأى منه شوقا إلى المطالعة وحفظ الشعر ساعة فراغه إذ كان يحفظ الشعر الرائع لمشاهير الشعراء كالسيد الشريف الرضي والكعبي والأزري والخطي ونحوهم لا سيما فيما يتعلق بمراثي أهل البيت. واتفق للمترجم له شيخنا الكاظم يومئذ أن رأى في منامه ليلة الجمعة كأنه قد خرج للجبانة لقراءة الفاتحة فشاهد الوادي مزدهراً بالأشجار والنخل والأوراد وإذا بإمرأة ذات خفر وجلالة ووقار تصادفه فتعرفه ثم تشهيه من تلك الأثمار فطلب منها رطباً من خلة باسقة عالية بالقرب منه فقالت له إن هذه النخلة لولدنا الشيخ كاظم الأزري ولكن هذه نخلتك ــ وأومأت الى تالة صغيرة ــ فاحتفظ بها وتعاهدها حتى تكون مثل هذه النخلة الباسقة ثم أعطته فاكهة فأكلها وناولته قدح ماء أبرد من الثلج فشربه ولما أصبح جعل يقص رؤياه على بعض الصالحين فعبروها له برفعة شأنه وبشروه بما أهل له من خدمة آل البيت وحثوه على طلب العلم ، فكان ذلك حافزاً له على التفرغ لطلب المعارف العالية واتخاذ الوعظ الديني والخطابة مهنة له خدمة لآل البيت، انكب على تحصيل العلوم الدينية وما تتطلبه مهنته من المعارف الإسلامية وحضر على جملة من مشاهير العلماء والفضلاء منهم الشيخ ملا لطف الله المازندراني وكان من المقربين اليه ومنهم المرجع الديني الكبير الحجة الشيخ محمد حسين الكاظمي وكان من خاصته.

وبما له من ذكاء نادر، وذوق عالٍ، وهمّة كبيرة، ولسان ذرب، وحلاوة منطقية، برز في مهنة الخطابة، وحصل له إقبال عظيم من الناس، لاسيما وقد جدد في أسلوب الخطابة بما لم يسبقه إليه سابق، فكان أول من قرأ خطب نهج البلاغة عن ظهر قلب على المنبر، وتجاوز المألوف في موضوعات الخطابة التي كانت مقتصرة على واقعة كربلاء، فوسع في مناهج القراءة إلى التاريخ والسير عن أحوال الأنبياء السابقين والسيرة النبوية وسيرة آل البيت عامة وتاريخ الإسلام، بل وسع موضوعات خطابته إلى أكثر من ذلك فكان يتطرق إلى الموضوعات الكلامية والفقهية واتخذ من المنبر أداة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووعظ الناس وإرشادهم إلى ما فيه الخير والصلاح لهم في دنياهم وآخرتهم.

والحق أنه كان مجدداً في أسلوب البيان وأسلوب الحفظ إذ كانت القرّاء تقرأ واقعة كربلاء في المقاتل بغير حفظ كما جدد في توسعة موضوعات الخطابة المنبرية، مضافاً إلى ما كان يتحلى به من حسن الذوق وحسن الاختيار فلا يروي من الوقائع التاريخية إلّا ما صح سنده عنده فلا يروي المرسلات ولا الضعاف ولا ما لا تقبله العقول، كما كان متمكّنا من إنشاء الكلام حسن التصرف في البيان والانتقال من موضوع إلى آخر بما يناسب المقام.

 ولما اشتهر أمره وطبق صيته الآفاق طلبه جماعة من تجار بغداد وأكابرهم ورغبوا أن يسكن بين ظهرانيهم فلبّى دعوتهم وهاجر بأهله سنة ألف وثلاثمائة وثمان من الهجرة وبقى هناك سبع سنوات يرقى المنبر الحسيني فاستفاد من معارفه ومواعظه خلق كثير وكان طيلة تلك المدة موضع الاحترام والتقدير من مختلف الطبقات حتى من الطبقات غير المسلمة.

وفي سنة ألف وثلاثمائة وخمس عشرة من الهجرة جاء إلى كربلاء لزيارة النصف من شعبان ثم قصد وطنه النجف الأشرف فألزمه على العدول عن سكنى بغداد والرجوع إلى النجف جماعة من العلماء والزعماء والتجار منهم شيخ الطائفة الشيخ محمد طه نجف وهو المرجع الديني ذلك اليوم ومنهم الحجة الكبير السيد محمد الطباطبائي بحر العلوم ومنهم التاجر الشهير الحاج جعفر الشوشتري فأجاب رغبتهم ورجع إلى وطنه محفوفاً بالتجلة والاحترام وموضعاً للإعجاب والتقدير.

وكان رحمه الله يتحلى إلى جنب ثقافته وبراعته الخطابية بالأخلاق الفاضلة والتقوى والصلاح وإباء النفس والترفع عن الدنيا والصغائر حتى اشتهر بذلك وصار مضرب المثل عند العامة والخاصة. وهذا ما زاد في قيمته الاجتماعية ومنزلته في القلوب فكان خدين أهل الفضل وجليس العلماء والصلحاء له المقام الأسمى في النجف والكلمة المسموعة، وقد أخذ منه جماعة كبيرة من خطباء المنبر الحسيني وصار أسلوبه الخطابي منهجاً يسير عليه الخطباء إلى يومنا هذا، كما تلمذ عليه جماعة من مشاهير الخطباء وكان أول الشروط له على من يريد التتلمذ عليه التجنب عن الكذب وأن يتحلى بإباء النفس وعدم الخضوع لمن بيده الدرهم والدينار مهما علا شأنه ....) (19)

قالوا فيه

قال الشيخ المصلح الكبير محمد الحسين كاشف الغطاء (قدس سره): (نشأنا في أول هذا القرن (القرن الرابع عشر) وكانت النجف الشرف تطفح وتموج بطائفتين من الروحانيين (الأولى) العلماء وطلاب العلوم المهاجرين لطلب العلم (والثانية) الخطباء وأرباب المنابر من أولي الوعظ والإرشاد والذاكرين في المآتم التي تقام لذكرى مصائب سيد الشهداء سلام الله عليه وكان ألمع هؤلاء الخطباء وأرباب المنابر وأشهرهم المرحوم (الشيخ كاظم سبتي) تغمده الله برضوانه، وكان يمتاز ويتفوق على أقرانه وزملائه في ذلك العصر، بصفات كثيرة وسجايا فاضلة أهمها شدة الورع والتقوى وملازمة صلاة الجماعة والحرم الشريف وأمثال ذلك من تعظيم الشعائر والالتزام بأحكام الدين ومن جملة كمالاته أو أدناها قريحة الشعر وملكة النظم وكان مكثراً ومجيداً وسريع البديهة، وكاد أن يكون متخصصاً في شعره بمدائح أهل البيت ومراثيهم سلام الله عليهم، ومن العمل الصالح الجميل طبع ديوانه وإحياء أثره وتخليد ذكره فإنه من الباقيات الصالحات «وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً» وجزى الله العاملين والساعين في نشره وطبعه أجراً جزيلاً) (20)

قال الشيخ محمد السماوي: (النائح الذاكر النجفي، أديب محاضر، وذاكر تزدان بخطابته المنابر، وشاعر تشهد له الأقلام والمحابر، إن صعد خطيباً ضمخ المنبر طيباً ... اجتمعت به ورأيته، فرأيت منه الحديد القلب، الخفيف الطبع، الهش المحيّا، الظريف، إلى تقى وديانة). (21)

وقال السيد جواد شبر: (كان مؤمناً تتمثل فيه صفات المؤمن الكامل الإيمان، إذ أني لا أكاد استشهد منبرياً بشيء من شعره إلا ويترحّم عليه السامعون، هذا ما حدث أكثر من مرة ليس في محافل النجف خاصة بل في سائر البلدان، وهذا ما يجعلني أعتقد أن له مع الله سريرة صالحة ونية خالصة كما يظهر أن الرجل كان واسع الاطلاع فكثيراً ما كنت أجلس مع ولده الخطيب الأديب الشيخ حسن سبتي واسأله عن مصدر لبعض الأحاديث والروايات فكان أول ما يجبيني به قوله: كان أبي يروي هذا منبرياً. وحفظت له شعراً ورددته مراراً فمنه قوله في التمسك بأهل البيت والحسين خاصة:

يـا غـافـلاً عـمَّـا يـرادُ بــه غـــداً     ويؤولُ مقترفُ الذنوبِ إليهِ

خُذ بالبكاءِ على الحسينِ ففي غدٍ                تـلـقـى ثـوابـكَ بالبكاءِ عليهِ) (22)

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (فاضل معاصر وأديب محاضر، وشاعر ذاكر، تزهو بوعظه المنابر، إن صعد المنبر خطيباً ضمخ منه طيباً، حسن المحاورة، وله ديوان كبير في مراثي الأئمة وفي غير ذلك كثير).(23)

وقال عنه الخطيب السيد صالح الحلي ــ وكان معاصراً له ــ : (الشيخ كاظم هو الرجل الوحيد الذي يقول ويفهم ما يقول). (24)

وقال عنه السيد محسن الأمين: (عالم فاضل أديب شاعر خطيب ماهر وهو خطيب الذاكرين لمصيبة الحسين (عليه السلام) في عصره ومقدمهم لا يماثله أحد منهم، لا يكون إلقاؤه في مجالس ذكره أقل من ساعة يصغي إليه فيها المستمعون بكلهم وبغير ملل ويستفيدون وتفيض منهم العيون وهو مع ذلك ضعيف الصوت. وله شعر جيد في مديح أهل البيت ع ورثائهم، عالم بالعربية يتكلم في القائه باللغة الفصحى فلا يلحن ...) (25)

وقال عنه السيد جعفر الحلي:

إنَّ دارَ العُلى بكاظمَ أضحتْ     تضعُ الفرقدين تـحـتَ الأساسِ

عـربـيٌّ لـه فـصـاحةُ سحبانٍ     ذكـيٌّ لــــــــه ذكــــاءُ إيــــاسِ

مـدحُـه في بني الـنـبـوَّةِ لا با     لـعبشمينَ أو بــنــــــي العباسِ

كمْ لـه فـي مـديحِهم بنتُ فكرٍ     حلّيتْ من بديـعِـها بــالــجناسِ

تـتــمــنَّى منابرُ الـذكـرِ أن لا     يــرتـقـي غـيــرُه من الجلّاسِ

لا تقـسـه بـالناسِ والفرقُ بادٍ     عدمُ الفرقِ من شروطِ القياسِ

إنَّ من قاسَ كـاظـمـاً بـسـواهُ     مثلَ من قاسَ عـسـجداً بنحاسِ

طـبـعُـه رقَّ كـالـنـسـيمِ ولكنْ     أينَ من حلمِه الجبالُ الرواسي (26) وقال عنه الحاج حسين الشاكري: (خطيب شهير وعالم فاضل أديب، ولد في النجف الأشرف من أسرة أصبح المترجم له باني مجدها اللاحق حيث تدرج في سلم العلم والفضيلة على أيدي علماء عصره كالعلامة الشيخ محمد حسين الكاظمي والملا لطف الله المازندراني وغيرهما إضافة إلى رقيه في فن الخطابة ملتحقاً بأحد مشاهير الذاكرين حتى أصبح ذا طريقة خاصة معروفة مشاراً إليه بالبنان لا يضاهيه أحد من معاصريه في الأسلوب والأداء، مما أغنى المنبر الحسيني ودفع به إلى النضج والموضوعية، وهو إلى جانب ذلك شاعر متذوق ممتلك لأدوات اللغة والتعبير مشارك في النشاطات الاجتماعية والثقافية..) (27)

وفاته ورثاؤه

توفي سبتي في النجف الأشرف ودفن في الصحن العلوي الشريف، وأقيمت له عدة مجالس للفاتحة في الكوفة وبغداد والكاظمية وإيران، ورثاه العديد من كبار العلماء والشعراء منهم: الشيخ محمد حسن سميسم، والشيخ مهدي الحجار، والشيخ محمد علي اليعقوبي، والشيخ محمد السماوي، والشيخ كاظم السوداني، والخطيب السيد محمد آل شديد الكاظمي، والشيخ محمد حسن آل ياسين، والسيد حسن بحر العلوم، والشيخ علي البازي، وولده الشيخ حسن سبتي وغيرهم. (28)

وقد خلف سبتي من الأولاد من سار على طريقه في خدمة المنبر الحسيني منهم الشيخ محمد (أكبر أولاده) والشيخ علي، والشيخ عبد الحسين، والشيخ حسن، والشيخ جعفر، والشيخ محمود، وهؤلاء كلهم خطباء أفاضل (29)

ديوانه وشعره

للشيخ كاظم سبتي ديوانا شعر هما (منتقى الدرر في النبي وآله الغرر) بالفصحى و(الروضة الكاظمية) باللغة الدارجة وهما في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام)، وديوانه (منتقى الدرر في النبي وآله الغرر) يحتوي على ستة آلاف بيت كلها في أهل البيت (مدحا ورثاءً) وقد آلى على نفسه ألا يمدح ويرثي غيرهم (عليهم السلام) حيث يقول:

فدعـوتُ جـبَّــارَ السما     وهوَ المجيبُ لما دعوتُ

أن لا يُرى مما نظمتُ     بـغـيـرِ أهـلِ البيتِ بيتُ (30)

وقد احتوى الديوان إضافة إلى القصائد على مجموعة من التخاميس والتشاطير له لعدة قصائد في أهل البيت، وقرظ ديوانه العديد من الأدباء والشعراء منهم: الشيخ عبد الحسين حياوي، والشيخ محمد حسن سميسم، والسيد محمد الحلي، والشيخ محمد السماوي، والخطيب الكبير الشيخ محمد علي اليعقوبي وغيرهم.

يقول الشيخ كاظم سبتي من قصيدة في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (51) بيتاً:

قضى شهيداً وهو خيرُ من قضى     في الخلقِ طرَّاً من ذوي ألبابِهِ

وعـضـبُـه الـمـاضـي مـجيرُ دينِهِ     مـن فِـرقِ الـكـفرِ ومِن أحزابهِ

وصـاحـبُ الـكـوثـرِ والساقي غداً     فـي العطشِ الأكبرِ من شرابهِ

قـد عـمَّـه بـالـفـضـلِ دون خـلـقـهِ     وخـصَّــه بـالـمـدحِ فـي كـتابهِ

فـأجـهـدَ اللهُ طــغــاةً جَــهـــــــدوا     أن يـخـمدوا الثاقبَ من شهابهِ

وحـلَّ فـيـهـمْ غـضـبُ اللهِ فــكـــمْ     جـدّوا تـعـالى اللهُ في إغضابهِ

كـم فـتـحـوا لا فـتــــــحَ اللهُ لــهمْ     لـلـكـفـرِ أبـــوابــاً بــســـدِّ بابهِ

وقــد أطــلّــوا دمَــه وهــتّــكـــوا     مـا هـتـكـوا للهِ مــن حــجـــابهِ

يا لـلـرجــالِ مـا جـنى ابنُ ملجمٍ     بـغـىً فزادَ اللهُ فــي عـــذابــــهِ (31)

وقال في رثائه (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (34) بيتاً:

هـذا عـلـيٌّ أمــيـرُ الـمـؤمـنـيـنَ لقىً     مــضـرَّجـاً بـدمٍ مـن رأسِـهِ فارا

قد حجبَ الخـسفُ بدراً منه مكتملاً     وغـيَّضَ الحتفَ بحراً مـنـه تيَّارا

أودى ومن حــولهِ لـلـمـسلمينَ ترى     من دهشةِ الخطبِ إقبالاً وإدبـارا

وافتْ إليهِ بـنـوهُ الــغــرُّ مــســفـرةً     عـن أوجــهِ تـملأ الظلماءَ أنـوارا

تدعوهُ والعيـنُ عبرى تـسـتـهلُّ دماً     والحزنُ أجَّجَ فـي أحـشـائـها نارا

يا نيِّراً غابَ عن أفـقِ الهدى فأرى     أفقَ الهدى لا يَرى للصبحِ إسفارا

قد كان فـيـكَ ولـم يـخـطرْ له خطرٌ     من الضلالِ ليَخشى اليومَ أخطارا

ترضى ببطنِ الثرى قبراً وقلَّ علىً     لـو اتـخـذتَ بـعـينِ الشمسِ إقبارا

وقـبـلُ نعشِكَ ما شاهدتُ نعشَ فتىً     من فوقِ أعناقِ أملاكِ السما سارا

أبكيكَ في الجدبِ مُطعاماً ومُنتجعاً     وفي لظى الحربِ مِقداماً ومغوارا (32)

وفي رثائه (عليه السلام) أيضا قال من قصيدة تبلغ (30) بيتاً:

عجباً كيفَ دهى صرفُ القضا     أسدَ اللهِ عـليَّ الــمــرتــضــى

مـن دهى ليثَ الوغى في غابهِ     فـرمـى الـكــرارَ في محرابهِ

أيَّ سـيـفٍ قـاطـعٍ أودى بــــــهِ     وهوَ سيفُ اللهِ ذاكَ المُنتضى

يا حساماً فلّلَ البيضَ الـصـفاحْ     وهِزبراً غابه السمرُ الرمــاحْ

وكـمـيـاً بـاسـلاً يــومَ الـكـفـاحْ     يـقـعـدُ الـمـوتُ إذا مـا نـهضا

كـمْ لـه شبَّ وطيسٌ فاصطلاهْ     وصـدى عـن أفقِ الدينِ جـلاهْ

فــغــدا مـن بـعـدهِ ديـــنُ الإله     وهوَ مرفوعُ الذرى مُـنـخفضا

يا لـرزءٍ صـدعَ الـصمَّ الصفا     ومصابٍ فتَّ قلبَ الـمـصـطفى

وبـهِ جـبـريــلُ حـزنــاً هـتـفـا     هدّ ركنَ الدينِ فقدُ الـمـرتـضى

أوشـكـتْ يــومَ بـدا منه النداءْ     تخسفُ الأرضُ وتنشقُّ السماءْ

لا أرى بـعدكَ للدهـرِ ضـيـاءْ     قـد أقــامَ الـلـيـلُ فـاسـودَّ الفضا (33)

وفي رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً قال من قصيدة تبلغ (56) بيتاً:

عـلـيـاً تـعـالى شـأنُــه أن تــرومَه     جـحـاجـحـةُ الـعـلـيـا ولا بـالـــتوهُّمِ

نعى في السما ناعيهِ فانبجستْ له     مدامعُ منها تـصــبغُ الأرضَ بـالـدمِ

نعى فالهدى قد صِيحَ في حجراتِهِ     فلم يبقَ في دورِ العُلى غــير أرسمِ

هوى العلمُ الهادي فحنَّ له الـهدى     بــقــلــــبٍ له واهٍ وركـــنٍ مــهــدّمِ

أشاطَ السما حزناً عظيمُ مـصــابهِ     فعجَّتْ بــمَــن فـيـهـا بأعظمَ مــأتـمِ

وأسـرتـه وافـتْ إلــيــهِ مـــروعةً     بـأفــئــدةٍ حــرّى بــمــثــواهُ حُـــوَّمِ

وكلا ترى منهم وقد فـاضَ دمـعُه     يحنُّ بقلبٍ من جوى الوجدِ مضرمِ

لـقـد كـادَ لولا الـوجدُ تضرمُ نارُه     لـيـغـرقَ فـي بـحرٍ من الدمعِ مُفعمِ

دنتْ حوله كالليثِ طـيـفٌ بـأشبلٍ     مـغـاضـبـةٍ والــبــدرُ حـــفَّ بأنجمِ

تقولُ لأشقى العالمين إبنَ مـلـجـمٍ     لأعـظـم جـرماً أنتَ من كلِّ مجرمِ (34)

وله أيضاً في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (21) بيتاً:

أنـوحُ إذا أتــى شـهـرُ الصيامِ     لفقدِ المرتضى نـوحَ الــحــــمامِ

هوَ الشهرُ الحرامُ بـهِ أحِــلّـتْ     دمـاءُ الـمـرتـضــى فيهِ أطــلّتْ

لـقـد عـظـمـتْ رزيَّـتُه وجَلّت     ويعظمُ في الورى رزءُ الـعظامِ

هوَ الشهرُ العظيمُ به المرادي     أغـارَ فــفـازَ فــي نـيــلِ المرادِ

وغادرَ في السماءِ به المنادي     يـنـادي مُـعـلــنـاً والـدمعُ هامي

ثـوى ليثُ الهدى حامي حماهُ     وفُـلّــلَ عـضُــبـه وهـوى لــواهُ

وزُلـزلَ طـودُه ووهــى قـواهُ     وأنّـى يـسـتـقـيـــمُ بــــلا دعــامِ

لـقـد ذلَّ الــهدى والكفرُ عـزّا     لــنـــازلــةٍ لــها العرشُ إستُفِزا

أطلّتْ والـنـبـيُّ بـها المُـعزَّى     وقد عظمتْ على الرسلِ الكرامِ

بكى الهادي النبيُّ وهُدَّ ركـنا     عـلـيــهِ والــبــتــولُ تنوحُ حُزنا

وأبـكـى رزؤه إنــســاً وجِـنّا     وضُـعـضـعَ ركنُ زمزمَ والمقامِ (35)

وله أيضا يرثي امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (18) بيتاً:

ألا مَن هَدَّ ركنَ الـمـسـلمينا     ومن أردى أميرَ الـمؤمنينا

ومَـن أدمـى أبـا حسنٍ علياً     فخضَّبَ ويحه منه الـجـبينا

فكمْ قرَّتْ لـمـقـلـتِــه عـيونٌ     ألا عُميتْ عيونُ الشامـتينا

وكـمْ قـذيتْ عيونٌ فيه ويلٌ     لمَن أقذى به تــلـكَ الـعيونا

فـلـلحسنِ الزكيِّ عليهِ نوحٌ     ويـتـبـعُـه الــحـسينُ له أنينا

وأضحتْ زينبٌ تبكي عليه     وتـتبـعُ نعشَه السامي حنينا

ألا يا حاملينَ الـنـعشَ مهلاً     أراكمْ قد سريتمْ في أبـيــنـا

حملتمْ فـيـهِ لـلإسـلامِ طوداً     ومـطـعـانـاً وقـــرآنـاً مبينا

فـمَـن لـلـوافدينَ إذا أنـاخوا     ومن يحمي ثغورَ المسلمينا

أيدري دينُ أحمدَ في عـليٍّ     يـمـيناً منه قد قطعوا اليمينا (36)

وقال في مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

أبا حسنٍ أنتَ جـنـبُ الإله     وأنـتَ لـنـا ديــنُــه الــقــــيِّــمُ

وفـيـكَ بـدا فـضـلُ فرقانِه     فـأقـسـمَ مــنــه (بـــلا أقــسمُ)

فلا ساغَ لابنِ تقىً مشربٌ     بــغــيــرِ ولاكَ ولا مــطــعـمُ

وما كانَ يـسلمُ لولاكَ مِـن     أذى الشركِ أهلُ الهدى مسلمُ

أترضى وكاظمُ من دهرِه     بـراهُ مــن الـغـيـظِ مـا يـكـظمُ

أعنّي على زمـنـي أنــنـي     لـفـي زمــنٍ عـــزّهُ الــدرهــمُ

بـكـمْ فـتحَ اللهُ بابَ الرشاد     فـأسـعـدكـمْ وبــكــمْ يــخـــتــمُ (37)

وفي مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً:

أما والحمى يا ساكني حوزة الحمى     وحاميه أن أخنى الزمانُ وإن جارا

فـإنَّ أمــيــرَ الــمــؤمــنينَ مُجيركم     وإن كـنـتـمُ حَـمَّــلـتــمُ النفسَ أوزارا

ومَن يكُ أدنى الناسِ يحمى جـوارَه     فكيفَ لحامي الجارِ أن يسلمَ الجارا (38)

وقال أيضاً في مدحه (عليه السلام):

تمسَّك بحبِّ المرتضى علمِ الهدى     فـمـا خـابَ يـومـاً مـن بـهِ يـتـمسَّكُ

وأمـسـكْ أقَـرَّ اللهُ ديــنَــكَ بــالـذي     به الأرضُ والسبعُ السمواتِ تُمسّكُ

فلا أرشـدَ الله امـرئٍ غـيــرُ سالكٍ     سـبـيـلَ عـلـيٍّ وهـوَ لـلـرشـدِ مسلكُ

فـتـىً حارَ كلُّ العالمينَ بـكـنـهِــــهِ     فـفـي أمـرِه تـحـيـى أنـاسٌ وتـهـلـكُ

فـمَـن خـصَّــه بـالجنبِ فهوَ مُوحِّدٌ     ومَـن عـمَّ فـيـهِ غـيـرَه فـهوَ مشركُ (39)

وقال من قصيدة في رثاء سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) تبلغ (17) بيتاً:

ألا شُـلّـت يـدٌ مُـدّتْ إلـيـهـا     بـسـوطِ جـفـا يـؤلّـمُ مـنـكـبيها

أسلو القلبِ من أبكى عليها     شـرارُ الـنـاسِ خـيـرَ الأنـبياءِ

لضلَّ شرارُ قـومٍ جرَّعوها     كؤوسَ الحتفِ والهادي أبوها

سليلةُ أحـمدٍ لو أنـصـفـوهـا     لـقـامَ بـنـصـرِهـا دانٍ ونــــاءِ

يؤرِّقُها المصابُ وهمْ رقودٌ     ويـجـحـدها الزنيمُ وهمْ شهودُ

سقيمُ القلبِ أضـنـته الحقودُ     وداءُ الـحـقـدِ أعـظـمُ كــلِّ داءِ

أحنُّ لها ولـي قــلبٌ مروعٌ     وطـرفٌ تـسـتـهـلُّ بهِ الدموعُ

أفاطمةٌ ترضُّ لها ضـلـوعٌ     بـعـيـنِ اللهِ جــــبَّــــارِ الـسماءِ

تنوحُ لما رأتـه من الصغارِ     فـمـا هـدأتْ بــلــيــلٍ أو نهارِ

فـيـا عـجـبـاً وحكمُ اللهِ جارِ     أيجري هكذا صرفُ القضاءِ

يُـقـادُ الضيغمُ الكرارُ قهرا     وتُهضمُ بضعةُ المختارِ جهرا

وتُدفنُ في ظلامِ الليلِ سِرَّا     فـلا بـرحَ الـظـلامُ بـلا ضياءِ (40)

وقال في رثاء فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) أيضاً من قصيدة تبلغ (20) بيتاً:

غابت الزهراء فـاسـودَّ الـفضا     ودجا الحزنُ فلا صبحٌ أضا

وأراعَ الـدهـرَ مـن يومِ البتولْ     فـادحٌ كـادتْ لـه الـشمُّ تزولْ

فادحٌ هدَّ قوى الهادي الرسولْ     وتداعى فيه ركنُ الـمرتضى

مـحـنُ الـزهـراءِ جَـلّـــتْ ولها     مُــشـبـهٌ آخــــرُهـــا أوَّلــهــا (41)

وله أيضاً في رثاء الزهراء (عليها السلام) قصيدة تبلغ (20) بيتاً يقول منها:

بأبي الزهراء لمّا اسـتـوحـشتْ     لأبـيـهـا بـبـكـاهــا أجـهــــشتْ

فـلـكـمْ قـاسـتْ رزايـا أدهـشتْ     فاستخفّتْ دون أدناها الــعقولْ

أيَّ خـطـبٍ فـادحٍ أثـــكــلــهــا     وعـظـيـمٍ هـائـــلٍ أذهــــلـــهــا

إنَّ يـومَ الـمـصـطـفـى حـمَّـلها     محناً عن بعضِها الـشمُّ تـزولْ

إنَّ مَـن مَـدّ لـهـا الـخـطـبُ يدا     فـرمـى لـلـحـتـفِ مـنها أحـمدا

فـقـدتْ قـلـبـاً فـنـاحـتْ جـسـدا     شفَّ حتى كادَ يـخـفيهِ النـحولْ

كـمْ دعـتْ هـاتفةً تحتَ الظلام     فحكتْ في نوحِـها نوحَ الحمامْ

أبـتِ الـعـيـشَ فـأهـوتْ للحِمامْ     مـثـلـمـا تـجـنـحُ شمسٌ للأفولْ

قضتِ الزهراءُ فالخطبُ جليلْ     ووهى صبريَ فالحزنُ طويلْ

فـلـهـا نوحي ولا يشفى الغليل     أبـدَ الـدهـرِ وإن طـالَ يـطـولْ (42)

وقال في رثاء الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (22) بيتاً:

أتــبــكـي لا بكتْ عـيـنُ الــنــبــيِّ     لسمِّ المجتبى الحسنِ الـزكــيِّ

وعـيـنُ الـمـرتـضى وحشا البتولِ     عـلـيـهِ بـالـتـوقُّــدِ والــهـمـولِ

ومـضَّ الـحـزنُ فـيـهِ بـجـبـرئـيـلٍ     فـنـاحَ وقــامَ يـعـلـنُ بـالـنـعيِّ

قضى الحسنُ الزكيُّ ونالَ هضماً     رحابُ الدهرِ منه تضيقُ غمَّا

فـجـرَّعــه الــقــضــا كـمداً وسمَّا     فـقـطّـع فـيـه قـلـبـاً مــن عـليِّ

فـيـا للهِ مــا صــنــعَ ابــنُ هـــنــدٍ     سـعـى بـغـيـاً فـثـلَّ أثـيلَ مجدٍ

فـيـا لـهـفـي ومـا لـهـفـي بــمُــجدٍ     لـما قاسى الزكيُّ من الـشـقـيِّ

يـرى أحـكـامَ ديــنِ اللهِ ظـــلّـــتْ     مُـعـطّـلـةً وكـلُّ الـنـاسِ ضلّتْ

لـقـد عـظـمـتْ مـصـيـبتُه وجلّتْ     ومـضَّـتْ بـالـنـبـيِّ وبـالوصيِّ

يرى مِحناً يذوبُ الـصـخرُ منها     وتـعـجـزُ راسـيـاتُ الحلمِ عنها

أمـدعـيَّ الـمـودَّةَ فـأســمـعـنــهـا     وبـالإبـكـارِ فـابـكِ وبـالـعـشـيِّ

يُـسـبُّ أبــوهُ يــا للهِ جَــهـــــــرا     ويـقـهـرُه عــــــــدوُّ اللهِ قـهــرا

فـلـيـسَ لـكـسـرِ ديـــنِ اللهِ جبرا     وركنُ الـديـنِ هُـدّ برجسِ غيِّ

قضى سمَّاً فأبكى الدهـرَ حُـزنـا     وأشـجى رزؤه إنـسـاً وجــنّــا

أبـيٌّ هَـدّ مـنـه الــضــيــمُ ركـنا     وذكـرُ الـضـيـمِ حـتـفٌ لـلأبيِّ

أيـخـضـعُ وهوَ ذاكَ الشهمُ سلما     ويُـسـقـى وهـوَ ظـلُّ اللهِ سُـمّـا

ويُـرمـى نـعـشُـه بـالـنـبـلِ ظلما     وتـحـمـلـه لـيـوثُ بـنـي لــويِّ

بكاهُ المصطفى الهادي الرسولُ     وحـيـدرةٌ وفـاطـمـةُ الــبـتــولُ

وأجـفـانُ الـحـسـيـنِ لـه تـسـيـلُ     دمـاً مـن قـلـبِـه كـمـدَ الـشجيِّ

أخـي وقـعـت فـي شركِ المنايا     فـأنـسـتـنـا رزيَّـتُــكَ الـرزايــا

وعـمَّـتْ حـيـن خـصَّتكَ البلايا     وقـامَ الـنـوحُ فـيـكَ بـكــلِّ حيِّ (43)

وقال في رثاء سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (43) بيتاً:

بـادرْ إلـى تـلـقـاءِ حـشـرِكَ نــادبـاً     مَـن فـي الـمعادِ يكفُّ عنكَ ويدرأ

وإبكِ الحسينَ ومَن له بكتِ الــسما     والأرضُ فـيـمـا فـيـهـما لم يهدؤا

أيـامُ ألّـبـتِ الـضـغـونُ لـحـربِــــه     حـربـاً يـغــصُّ بها الفضاءُ ويملأ

طمعتْ بأنَّ الليثَ يخضعُ ضارعاً     ولـوغـدِهـا ذاكَ الأبـــيُّ يـطـأطــأ

فـثـنـى الـجـموعَ يشقُّ ظلمةَ غيِّها     بـسـنـا وجــوهٍ نــــورُهــا يـتــلالأ

بيضُ الوجـوهِ مـضـيـئـةٌ أحسابُهم     ووجوههمْ كالشمسِ بلْ هي أضوأ

قد جـانـبوا دارَ الهوانِ وقـوَّضـوا     عـنـهـا وفـي غـرفِ الجنانِ تبوؤا

صرعى كـأنِّـي بـالـحـسينِ عليهمُ     أحنى على مـاضـي الـشـبـا يتوكّأ

نـاداهـمُ ونـداؤه يـشـجي الـصـفـا     وبـقـلـبِـه جـرحٌ لــهـمْ لا يــبــــــرأ

ما خلتُ يا أحبابَ قلـبيَ وهوَ مِن     زبـرِ الـحـديـدِ بـكـمْ يذوبُ ويصدأ (44)

وقال من قصيدته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) التي قدمناها وتبلغ (23) بيتاً:

قد سلَّ في كفِّ الإباءِ سـيـفَـه     ورفَّ فـــــــوقَ رأسِــه لــواؤه

فـيـمـا حـبـاهُ اللهُ مـن شـفاعـةٍ     يــغــبـطــه فــي الحشرِ أنبياؤه

إنَّ له مثوى بأرضِ الطفِّ لا     يـخـيــبُ من داعٍ بــه دعــــاؤه

أكـرمـه الله بــخــيــرِ بــقــعةٍ     قــد حــســدتْ به الثرى سماؤه

يا لهف نفسي للحسينِ ما لقي     مِـن زمـنٍ طـالَ بــــه بــــلاؤه

قـد حُـرَّمَ الــمــاءُ عليه ظامياً     حـتـى اسـتـحـلّـتْ دونـه دمـاؤه

ولم يذقْ عذبَ الـفـراتِ طفلُه     ليتَ الفراتَ العذبَ غيضَ ماؤه

أهكذا خيرُ الأنامِ الـمـصـطفى     يــكــون مــن أمــتِــه جـــزاؤه

بيتُ النبيِّ الـمـصطفى مـهـدَّمٌ     بــنــاؤه ومــحــرقٌ خـــبــــاؤه

وراحَ ينعى الروحُ خيرَ ميِّتٍ     فــزلــزلَ الأرضَ شجىً نعاؤه

وفي رثائه (عليه السلام) قال من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (67) بيتاً:

سلْ عنهمُ أرضَ الطفوفِ فـكمْ لهم     فُنيتْ شبابٌ في الطفوفِ وشـيـبُ

خلتِ الديارُ مـن الـكـرامِ فـمـا بـها     بـعـد الـنـدى إلا بـكــىً ونـحـيــبُ

وغدا غداةَ الـبيـنِ خـفَّ بـخـيـلِـهـم     لـغـرابِـه بـعـد الـصـهـيـلِ نـعـيبُ

أينَ الـبحورُ الفعمُ يزخرُ مـوجُــهـا     كـيـف اعـتـراها لـلـحمامِ نضوبُ

لا طابَ عـيـشٌ لـلـزمـانِ ولا زها     روضٌ ولا صوبُ الربيعِ يصوبُ

أيطيبُ عيشُ والحسينُ على الثرى     وكـريـمُـه بـدمِ الـوريــدِ خـضيبُ

الله أكـبـرُ كـيـفَ يــغــدو مــوطئــاً     لـلـخـيـلِ مَـن هـوَ لـلحبيبِ حبيبُ

ويُــرضُّ صـدرٌ لـلـمـكارمِ مصدرٌ     ولـصـدرِ خـيـرِ الأنـبـيـاءِ ربـيـبُ

هَـدّ الـهـدى يـومُ الـحـسـيـنِ فـإنَّــه     يـومٌ يـكـادُ بـه الـجـنـيـنُ يــشـيـبُ

فـيـهِ الـحسينُ هوى وصِيحَ برحلِهِ     نـهـبـاً فـراحَ ورحــلــه مـنـهــوبُ

وقال من أخرى تبلغ (80) بيتاً:

فـإنَّ لـه بــأرضِ الـطـفِّ جسماً      غدا غرضاً تـقـاصــدُه الـرماةُ

ورأساً لـلـشــآمِ بـــرأسِ رمـــحٍ     يـنـوءُ بـه تـهــاداهُ الــبــغـــــاةُ

فكمْ ظـهــرتْ وما خُـفـيتْ قديماً     لـه بـيـنَ الـبـريَّـــةِ مـعـجزاتُ

فـيـروى أنّـه فـي الـرمـحِ يــتـلو     كـتـابَ اللهِ واتـفـقَ الـــــــرواةُ

يـمـيِّـزُه الـــحــسـامُ بــأيِّ حــالٍ     وتـرفـعُـه وتـنـصـبُـه الــقـنــاةُ

أما لكَ في التـصبُّرِ ذكــرُ رهطٍ     على ظمأ بـقـربِ الـمـاءِ ماتوا

فمُتْ حـزنـاً فــإنَّ الـموتَ حزناً     إذا ذكرَ الـحـسـينُ هوَ الـحـيـاةُ

وبُتْ قـلـقـاً لأطـفـالٍ صــغــــارٍ     لهم في الغاضريةِ كـيـفَ باتوا

عــلاكــمْ يا بني الهادي ويا مَن     سـمـا بـهـمُ الـهـدى وهمُ الهداةُ

حوتْ جملُ الثناءِ فليسَ يُحصى     وهلْ تحصى النجومُ لها صفاةُ

ولايــتــكــمْ وكــلُّ الـخـلـقِ أنتمْ     عـلـى رغـمِ الـعـدوِّ لــهـمْ ولاةُ

أنالُ بـهـا الشفاعةَ يومَ حـشـري     فـأنجو حيث لا تُرجى الـنـجـاةُ (45)

ومن قصيدته التي تبلغ (56) بيتاً والتي قدمناها قال:

فـهـوى لـلـصـعـيـدِ بــدراً ولكن     حـجَّـبـته سمرُ القنا والـصـفـاحُ

مثخنُ الجسمِ بـالــجــراحِ فالوى     وبقلبِ الــهـدى عـلـيـهِ جــراحُ

وقـلـيـلٌ عـمَّا جـنى الشـمرُ مالو     زهـقـتْ عـن جسومِنا الأرواحُ

شالَ بالرمحِ منه رأسـاً تـوارى     مـن مـحـيَّـاهُ بـالـكـسـوفِ براحُ

أظـلمَ الـدهـرُ مـا هـناكَ كأنَّ الـ     ـدهرَ ليلٌ ووجـهُـه الـمـصـبــاحُ

مادتِ الأرضُ والرواسي عليها     لرؤوسٍ تـمـيـدُ فـيـهـا الـرمـاحُ

كـيـف قرَّت ومَن بها اللهُ أرسـا     ها عليها تـسـفـي عليها الـريـاحُ

نبذتْ بالـعـرا جـسـومــاً يودُّ الـ     ـنجمُ يمسي ضريحُها والضراحُ

ليتَ لا يـعـقــبُ المساءً صبـاحٌ     يومَ غابتْ تلكَ الـوجـوهُ الصباحُ

وردوا طـافـــحَ الـمـنـايـا بيـومٍ     مُـنـعـوا الـمـاءَ فـيـهِ وهو المباحُ

وقال يرثي الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدته التي تبلغ (61) بيتاً وقد قدمناها:

حـقـيـقٌ عــلـى مــن تـــولّاهــمُ     ولم يشفِهِ النـوحُ طولَ الأبـدْ

أصـيـبـوا فـأدنـى رزايـــاهــــمُ     تهدُّ مـضـاضــتَـهـا الـشمَّ هدْ

ترى الدينَ من يومِهم بالطفوفْ     بـراهُ الـقـنا فهوَ واهي الجلدْ

غـداةَ حـسـيـنٍ عـلـيـهِ الضلالْ     برغمِ الهدى شرَّ حزبٍ حشدْ

تـفـاقـمَ بـالـبـغـي حـتـى بـغـى     عـلـيـه ابـنُ سـعـدٍ ألا لا سعدْ

سـرى مـنـفـذاً فيه رأيَ الدعيِّ     وما رأيُـه فــيـــهِ إلا فـــنــــدْ

أيـطـمـعُ مـن نـفسِ ذاكَ الأبيِّ     بـمـا لـم يـكـن دائراً في الخلدْ

لـيـنـسـفَ طـودَ عـلاً راسـيــاً     ويـقـتـادُ لـيـثَ شــرىً ذا لـبـدْ

فـشـبَّ بـه عـــزُّه لــلـقـــــراع     وأورى لــه عــزمَــه فـاتّــقـدْ

ترى عضبَه يقرعُ البيضَ فيه     كـبـرقٍ أضــاءَ ورعــدٌ رعــدْ

ومن أخرى تبلغ (92) بيتاً:

حسينٌ فلا أخـضرَّتِ بلادٌ وقد نـأى     وأوحشَ منه الربعُ وهوَ ربــيـعُها

لقد غابَ عـنـهـا ذلـكَ الـبـدرُ غـيبةً     أقـرَّ بـعـيـنـيـهـا الـسـهادُ نسـوعُـها

سرى بالوجوهِ البيضِ ناصعةَ السنا     جلا غلسَ الليلِ الدجيَّ نصوعُــها

بني المجدِ فتيانُ الـكـريـهـةِ لم تزلْ     تـتـبـعُـهـا والــمـشـرفــيُّ تـبـيـعُـها

لـقـد طـاولـتْ بالغمِّ شامخَ مـجـدِكـمْ     عدى قصرتْ إلّا عن الغيِّ بوعُها

أحـقـاً بـنـو حـربٍ يـشـبُّ لـحـربِكمْ     مِن الحقدِ ما تخفي ويبدو شـنوعُها

فـتـشـمـخُ آنـافـاً وتـسـتــلُّ شــفـــرةً     من البغيِّ أنفَ العزِّ منكمْ جـديـعُها

لـقـد هـزعـت ينزو بها الغيُّ كالدبا     يروعُ الهدى من كلِّ فـجٍّ هـبـوعُها

وثارتْ بها أحـقـادُ بـدرٍ فـجـلـجـلتْ     بهيعوعةٍ تكبو بها الشوسَ هـوعُها

فـوافـتْ لحـربِ ابنِ النبيِّ ببعضِها     رحابُ الفلا غصَّتْ وضاقَ وسيعُها

ومُذ شـمَّـرتْ للحربِ مشرعةَ القنا     ثنى الخيل طلّاعُ الـثـنـايـا شـريـعُها (46)

وقال أيضاً في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (28) بيتاً:

هـدَّ أركـانَ الـهـدى خـطـبٌ عـرا     حين جسمُ السبطِ أضـحـى بـالــعرا

ويحَ ذاكَ الـرجــس شمر ما درى     لـمَـن الـجـسـمُ بـرمـضاءِ الطـفوف

لـمَـن الـجـسـمُ برمضاءِ الطفوفْ     وزّعته السمرُ والـبـيـضُ الــسـيوفْ

بـأبـي الـثـاوي سـلـيـبـــاً بــالـعرا     وطــأتــه الــخـيــلُ صـدراً وقــرى

وكـسـتـه الـبـيـضُ بــرداً أحـمـرا     فُـلـلـتْ قـد سوَّدتْ وجـهَ الـسـيــوفْ

لـيـدم لـيـلٌ فــلا يــبــدو صــبــاحْ     ولـيـنـحْ حـزنــاً وهلْ يجدي المناحْ

وبرأسِ السبطِ طافوا بـالـرمــــاحْ     رأسِ من أضحى به الشمرُ يطوفْ

هـوَ نـورُ اللهِ مـا بـيـنَ الـــرؤوس     سـطـعـتْ مـن نـورِه فـهـيَ شموسْ

بلْ هوَ القرآنُ في أيدي الـمجوسْ     ضـربـوا قـسـراً بـجـنـبـيـه الـدفوفْ

كيفَ هذي الأرضُ قرَّتْ واستقامْ     بـعـد يـا للهِ لــلــدهـــرِ نــــــظـــــامْ

مـا لأهـلِ الـديـنِ هـل كـانـوا نيامْ     فـلـيـمـوتـــوا ذهـــبَ البرُّ العطوفْ (47)

وللشيخ كاظم سبتي قصيدة (نوحية) تبلغ (19) بيتاً، ذكر الشيخ حسن سبتي ــ ابن الشاعر ــ في قصتها عن السيد هادي الحبوبي عن الشيخ كاظم سبتي: وهي أن رجلاً من طلاب العلم من الإيرانيين اتصل به وطلب منه هذه القصيدة ليرسلها إلى صاحب له من علماء إيران كتب له أنه رأى حلماً في المنام كأنه دخل الجنة وحضر مجلساً حسينياً أقيم فيها يتصدّره النبي (صلى الله عليه وآله) وقد نادى النبي الشيخ كاظم سبتي وأمره أن يقرأ في رثاء الحسين فقرأ ثم أمره أن يقرأ نوحية أهل الجنة:

لمن الرأسُ على رمحٍ طويلْ     مالَ والعرشُ له كادَ يميل

والجدير بالذكر أن هذا العالم لم يكن يعرف الشيخ كاظم ولم يسمع بالنوحية سابقاً)

يقول الشيخ كاظم سبتي من نوحيته:

لمَن الرأسُ على رمـحٍ طـويلْ     مالَ والعرشُ لـه كـادَ يــمـيــلْ

ولمَنْ مـن حـوله تلكَ الرؤوسْ     كـمـصـابـيـحٍ تـجلّتْ وشموسْ

يـا له يومٌ سرتْ يوماً عـبـوسْ     جَلَّ فاهتزَّ له عرشُ الـجـلـيـلْ

يـا لـه يـومٌ بـه الــجــنُّ بــكـتْ     لـدمـاءٍ فـيــهِ هـدراً سُـفـكـــتْ

كـمْ بـهِ ربَّــةُ خـــدرٍ هُــتــكـتْ     وسـرتْ للسبيِّ من غيرِ كفيلْ

لمَنِ الأطفالُ صرعى كالنجومْ     ولمَنْ فوقَ الثرى تلكَ الجسومْ

حـولـهـا تـجـثـو نـسـاءٌ وتـقومْ     تملأ الـبـيـداءَ نـوحــاً وعـويلْ

ولـمَـنْ أطـنـابُ خــدرٍ وخـيامْ     هُـتـكـتْ وانتُهبتْ بينَ الـلـــئـامْ

ولمَنْ ظعنٌ سرى ينحو الـشآمْ     ولـمَـنْ هـذي الـسـبـايا والعليلْ (48)

وله في رثاء الحسين (عليه السلام) من قصيدته التي تبلغ (11) بيتاً وقد قدمناها:

فـعـفَّـرنـا الـجسومَ على ثراها     لأجـسـامٍ تـكـفـنُـهـا الـرمـالُ

وطـأطـأنـا رؤوساً إذ ذكـرنـا     رؤوساً بالرماحِ بـهـا تُـشـالُ

وجددنا الـعـزا وصلاً لـرهطٍ     بهمْ قُطعتْ من الهادي حبالُ

وحـرَّمـنا السلوَّ علـى قـتـيـلٍ     عـلـيـه حُـرَّمَ الـمـاءُ الـحـلالُ

فـيـا لـهـفـي ومـا لهفي بمجدٍ     عـلـيـهِ إذ تــنـاهـبـه الـنصالُ

فلا جالتْ بيومِ الحربِ خيلٌ     على صدرِ الحسينِ لها مجالُ

وله أيضاً في رثاء الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (70) بيتاً:

دجا فادلهمَّ الـكـونُ لـكـن وجوهَهم     أضـاءتْ بـلـيـلِ الـنقعِ فهيَ مـشــاعلُ

يـجـلّـي دمَ الأبطالِ بيضُ سـيوفِهم     ويشحذها ضربُ الطلا لا الصــيـاقلُ

فـهـمْ خيرُ أنصارٍ وأكرمَ مــعـشـرٍ     تداعوا لنصرِ الـديـنِ والدهرُ خـــاذلُ

ويقتادهمْ مـن آلِ فـهـرٍ شــمــردلٌ     طـويـلُ نـجـادِ الـسيفِ أروعَ بــاســلِ

يصولُ فـيروي صدرَ ذابلةِ الـقـنـا     صدوراً لها بالـحـقـدِ تـغـلـي مـراجلُ

وقد حاولوا أن ينثني وهوَ ضارعٌ     ونسفُ الرواسي دونَ ماضيه حاولوا

فخاضَ غمارَ الحتفِ والثغرُ باسمٌ     وأقـدمَ ثـبـتَ الـجـأشِ والـلـيـثُ ناكلُ

كـمـيٌّ يـؤمُّ الـجـمـعَ وهـم فوارسٍ     فـيـأتـي عـلـيـه واحـــداً وهــوَ راجلُ

ولما قضى للهِ في الدينِ ما قـضى     وأودى بـه سـهـمُ الـقـضـا وهـوَ قاتلُ

هوى للثرى شمساً يشعُّ ضـيـاؤها     وأسـرتـه وهـي الــبـــدورُ الــكـواملُ (49)

ولا يفوتنا أن نذكر أن الشيخ كاظم سبتي يختم قصائده كلها بذكر أهل البيت (عليهم السلام) والتوسُّل بهم عند الله ومن ذلك قوله في هذه القصيدة:

بني المصطفى فرضٌ عليَّ ولاؤكمْ     وإن قامَ فيهِ الــدهــرُ وهــوَ مــجادلُ

فـمـا أنـا فـي نـهجِ من الرشدِ سالكٌ     ولا أنـا فـيـمـا كـنـتُ أعــلــمُ عــاملُ

ولـكـنـنـي والـــيـــتُ فــيـكمْ معادياً     عـدوّكــمْ والــفـــعل ما أنـــا قـــائــلُ

ومن سارَ في أشياعِكم وهوَ جـائـرٌ     ومَن حادَ عن نهجِ الهدى وهوَ عادلُ

فـحـبُّـكـمُ حــصـنـي وأنـتمْ وسيلتي     إلـى اللهِ فــي يـــومٍ تُـــردُّ الـــوســائلُ

وكان الشيخ سبتي لا تفوته إحدى زيارات الإمام الحسين (عليه السلام)، وعندما مَرِض وقد أقبلت زيارة الأضحى وهو لا يستطيع أن يخرج إلى الزيارة كتب هذه القصيدة التي تبلغ (71) بيتاً وقد قدمناها:

إن قيلَ لي زائرو الحسينِ مضوا     يـسـتقبلونَ الأمرَ الذي عظما

تـفـرجُ في (كربلاء) كــربــتــهم     بـرغمِ مَن غيرَ ذاكَ قد زعما

أرضٌ بــهــــا الأنبياءُ قد سعدتْ     بلْ كلُّ أرضٍ سمتْ بها وسما

يصافحُ المرســلــــونَ والملأ الـ     أعلى بـهـا كـلَّ زائــرٍ كــرمـا

فـهـامَ وجـدي والــهــمُّ يـقـلـقـني     مـغـتـبـطـاً مـن يـزورُ مغتنما

وطـارَ قـلـبـي وهــامَ مــرتحـلاً     عني فأصبحتُ خـاشـعـاً وجما

إنّـي وربِّ الــسـمـا لــذو هِـمــمٍ     لكن همِّي قد صارعَ الـهِــمـما

قـد خـابَ مـن أوبــقـتـه شـقـوتُه     وفـازَ مـن حـلَّ ذلكَ الـحـرمـا

والـمـرءُ إن يـقـضّ دهـرَه أسفاً     ويـقـرعُ الـسـنَّ لـم يــفــدْ ندما

أنّـى وخـيـرُ الأنــامِ ســــادتُــــه     قضتْ إلى ضـفةِ الفراتِ ظما

وله أيضاً في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدته التي تبلغ (53) بيتاً وقد قدمناها:

يـا لـهـفـةَ الإسـلامِ بـابـنِ مُـقيمِه     يـقضي الحسينُ ظما ويهدأ مسلمُ

ويـلُ الـفـراتِ مـن الـبـتـولِ وأنّه     مِن مهرِها وعلى الحسينِ يُحرَّمُ

حـتـى قـضـى وبـنـو أبيـهِ وولدُه     مـنها القلوبُ على الشريعةِ حُوّمُ

مـن مـبـلـغِ الـهـادي الـنبيَّ بأنَّهم     صـرعى على حرِّ الظهيرةِ جُثّمُ

نبذوا ثـلاثاً في الصعيدِ رؤوسهمْ     فوقَ الـصعـادِ فـلـيـتـهـا تـتحطّمُ

تغدو بشمسِ الأفقِ رأسَ رئيسِها     وتـروحُ فـيـه الـريـحُ مـا تـتنسَّمُ

ويزيدُ ذاكَ الرجسُ يـنـكتُ ثغرَه     بـالـخـيـزرانـةِ مُـنـشــداً يـتــرنَّمُ

يـا لـيـتَ أشـيـاخي وقبِّحَ عـتـبـةٌ     وأخـوهُ شـيـبـة والـولـيدُ المجرمُ

قد ذاقَ ما ذاقـوا وأن مـصيرَهمْ     لـجـهـنَّـمٍ بـئـسَ الـمـصـيرِ جهنمُ

وله أيضاً في رثاء الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (57) بيتاً:

أتطمعُ في الغلبِ من غـــالـبٍ     ليغدو لها ضــارعــاً شـهـمُـها

وتـقـتـادُ لـلـسـلمِ مـنــهـا الأبـاة     ومـا دارَ فــي خــلــدٍ سـلــمُها

وتثني بعزمـتِــــهـا عــصــبـةً     يقارعُ شـهـبَ الــسـمـا عزمُها

كـرامٌ بـها طـــالَ جـيـدُ العلى     وعـزَّ مــسـاعـيـهــمُ كـــرمُــها

فـشـبَّ بــهــــا ثـاقـباً عزمَـهـا     وشـدَّ حـيـازيـمَــهــا حـــزمُـها

بهاليلُ يــقـتادُها ابـنُ الـبـتـول     أخو الحربِ طودُ العلى قرمُها

يخوضُ بها غــمـراتِ المنونْ     قـد الـتـطـمــتْ بــالــقنا فعمُها

وكشّرتِ الــحــربُ عن نـابِها     يـبـيـدُ لــيـوثَ الشرى قضمُها

ولـمَّـا أفـــاضَ عـلـيـها الإلـهُ     مـشـيـئـتـه وجــرى حــكــمُــها

أتـتـهـا الـمـقـاديـرُ مُـنـقـــضَّةً     يــقــودُ أزمــتَـــهــا حــتــمُــها

فلا غشى الخسفُ تلك البدور     لـقـد خُــفــيــتْ مُــذ بــدا تـمُّها (50)

وله أيضا في رثاء الحسين (عليه السلام) من قصيدته التي تبلغ (78) بيتاً وقد قدمناها:

حسيناً سرى يحمي عن الـضيمِ نفسَه     فـأمَّ الــمــنــايــا خـيـفــةً أن يــؤمَّها

أتـعـدو بـنـو حـربٍ أبـى الـسـلمَ دونه     أبــاةٌ أبــتْ إلّا إلــى اللهِ ســلــمَــهـا

ليوث ترى الهنديةَ البيضَ في الوغى     مـخـالـبَــهـا والـذبـــلَ السمرَ أجمَها

فـهـبَّ بـهـا يـغـشـى الـكـريـهةَ غمرةً     يخوضُ بها من أبحرِ الحتفِ فعمَها

ويـمـلأ صدرَ الدهرِ والأرضَ رجفةً     بـبـطـشِ يــدٍ لا يــمــلأ الـدهرُ كمَّها

أشمّ أثارَ الأرضَ نقـعـاً إلـى الـسـمـا     وأرسـى بـهـا حـلـمـاً يـزلــزلُ شمَّها

ولـمـا أرادتـه الـــشــهـــادةُ ســــيَّــداً     وكـان أبـوه بــدءها كــان خـــتــمَها

دعـاهُ لـهـا ربُّ الــمـقـــاديــرِ ظامياً     فأجرى عليه لا جرى الماءُ حــتـمَها

فجاشتْ صدورُ القومِ بــالـحقدِ نحوَه     وراشتْ له ويـحَ الـمـنـيَّــةِ سـهـمَــها

قضى فعلى الدنيا العفاءَ لـقـد حـمتْ     عـلـيـه نـواحـيها فــما ذاقَ طـعـمَـهـا

بكته ولا يـجـدي الـسـموات لو بكتْ     وإن نثرتْ عن واكــفِ الدمعِ نجمَها

وأظـلـمـتِ الــدنــيــا ولــكـنَّ رأسَـه     عـلـى الـرمـحِ جـلّـى نــورُه مدلهمَها

وله أيضا في رثاء الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (15) بيتاً:

بـكـتْ عـيـنُ الــنـبـيِّ فـكلُّ عينٍ     دماً تهمي الدموعَ على الحسينِ

ألا يــجــري مــدامــعَــنـا قـتيلٌ     بـكـى حـزناً له الهادي الرسولُ

وحـيـدرةٌ وفـــاطــمــةُ الـبـتـولِ     وجـنَّ عـلـيـه أفـقُ الـمـشـرقـينِ

دهى من في السماءِ لأيِّ حـزنٍ     وأهلُ الأرضِ مـن إنـسٍ وجِـنِّ

ووحـشُ الـقـفـرِ نـاحَ بكلِّ لحنٍ     وأمُّ الـفـخـرِ تـلـدمُ بــالـــيــديـــنِ

لقد نهضَ الضلالُ بـآلِ صـخرٍ     يـقـودُ جــمـوعَـهـا لـكـــرامِ فهرِ

إلى أن أدركـتْ ثــاراتِ بـــدرِ     بـهـا حـتـى تـقـاضـتْ كـــلَّ دينِ

جـسـومـهـمُ على وجهِ الرمالِ     وتـلـكَ رؤوسـهـمْ فـوقَ الـعـوالي

ونـسـوتـهـمْ تُــقــرَّنُ بـالـحبالِ     مـع الــســجــادِ مــغــلـولِ اليدينِ (51)

وقال من أخرى تبلغ (81) بيتاً:

أما وقـتـيـلُ الـطـفِّ للـطفِّ كادَ أن     يطيرَ إذا عنَّتْ إلى الـقـلبِ ذكراهُ

يـعـي ما جرى فيه فـيشتاقُ من بهِ     فـيـا مـا أمـرَّ الـذكـرِ مـنه وأحلاهُ

أعـيـدوا لـقـلـبـي ذكــرَه أنَّ ذكـرَه     وإن سامَ قلبي موردُ الحتفِ أهواهُ

بـمَـن قـد ثـوى فـيـه قفوا بيَ وقفةً     بـمثواهُ روَّى صيِّبُ الـدمـعِ مثواهُ

بـقـبـرٍ تـودُّ الـشـهـبُ تـهوي للثمِهِ     وشـمسُ الضحى في عينِها تتمنَّاهُ

تضوعُ به نشراً فما المسكُ أرضُه     وتسـمو فما بحبوحةُ الخلدِ بطحاهُ

بـريـحانةِ الهادي الـتي غرستْ بهِ     تـأرَّجَ حـتـى طـبَّـقَ الـكـونَ ريَّـاهُ

فـلا نـسـيـتـنـي بـل دهـتـني منيَّتي     ولـسـتُ جميلَ الذكرِ إن أنا أنساهُ

قـتـيـلٌ عـصيُّ الدمعِ قد عادَ طيِّعاً     لـه خُـلـقَ الـعـبـدُ الـمـطيعُ لمولاهُ

فأحـيـي ثـراهُ بالدموعِ ومُتْ أسىً     على مَن أماتَ الكفرَ والدينَ أحياهُ

ولا تـهـد من الدهرِ إن كنتَ باكياً     لـمَـن كـلُّ شـيءٍ مـا خلا اللهُ أبكاهُ

ووالِ أبـنَ مَـن والـى الإلــهَ ولـيَّه     وعـادِ الـذي عادى وإن هوَ والاهُ

فـجـادَ عـليه صيِّبُ الدمعِ لا الحيا     وحـيـي بـسـقـيـا أدمعي لا بسقياهُ

ومِن صـلـواتِ اللهِ ما ليسَ ينتهي     بـهِ الـعـدُّ إلّا أن تــــعـــدَّ مـــزاياهُ (52)

وقال من يائيته التي قدمناها وتبلغ (65) بيتاً:

مـا دهـى الإسـلامَ يـومٌ     مـثـلَ يـومِ الـغاضريه

يومَ أخـفـى رشدَه الـديـ     ـن وأبدى الشركُ غيَّه

يـومَ حــربٍ لـيـسَ فيهِ     غيرَ قرعِ الـمـشـرفـيه

واختطافُ الحتفِ للشو     سِ بـغـمـزِ الـسمهريه

وهــيــــاجٌ لـيـسَ فـيـهِ     غيرَ ضبحِ الأعـوجـيه

وعــجــاجٌ لــيــسَ فيهِ     غـيـرَ لـمـعِ الـزاغـبـيه

شمَّرتْ عن ســاقِــهــا     فـيـهِ كـمـاةٌ مـضـــريه

وسـرتْ يـقـتـادها خيـ     ـرُ زعــيــمٍ لـســريـــه

وابنُ أزكى هـاشـمـيٍّ     ولــدتـــه هـــاشــمــيـه

ذكّــرَ الــقـــومَ أبــــاهُ     أســـدَ اللهِ كـــمـــــــيّـه

بــأبــي ظــامٍ غدا منـ     ـه دمُ الأوداجِ ريّــــــه

ما انثنى والبيضُ فيه     تــنـثــنــي والـقـعضبيه

وعليهِ تنحني سمرُ الـ     ـقـنــا مـثـــلَ الــحــنيه

وله أيضا:

يا غــافــلاً عـــمَّـــا يُـراد به غدا     ويؤولُ مقترفُ الذنوبِ إليه

خُذ بالبكاءِ على الحسينِ ففي غدٍ     تـلـقى سرورَكَ بالبكاءِ عليهِ (53)

وله أيضا:

أرحْ بـمـثـوى حــســيــنٍ     تـشـمُّ ريــحَ الـجـنانِ

وزُرْ تــكــنْ مــنــه أدنى     من كلِّ قاصٍ وداني

بالــرغــمِ مــن كــلِّ باغٍ     بـغـى عـلــيهِ وشاني

أعـددته يــومَ حــشــري     مِن كلِّ خوفٍ أمـاني

قـد هـدّنــي إن دهــانـي     من رزئه مـا دهــاني

قـضـى فــكـادتْ عـلـيـه     تـنـدكُّ شمُّ الرعــــانِ

وأبيَّضَ طرفُ الـمـعالي     واسودَّ وجهُ الزمــانِ

وقد جرى طرفُ طرفي     فسارَ مرخى العـنـانِ

ومـدَّه ذوبُ قـــلـــبـــــي     فـجـادَ بــالــهــمــلانِ (54)

وله في الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد (عليهما السلام):

تـعـنـو لـبـغـدادَ ملوكُ الورى     وهـيَ لــرأسِ الـملكِ للملكِ تـاجْ

فـإنَّ فـيـهـا حـــرمــاً نــــيِّــراً     إن جـنَّ ليلُ الدهرِ فهوَ السـراجْ

رجـوتُ مَـن حَــلّا بـهـا مُـلّكأ     مـا خــــابَ فـيــه قط لاجٍ وراجْ

والـكاظمين الغيظ قلبي صـبا     إلـيـهـــما ولاعجُ الــشـوقِ هــاجْ

لكلِّ مَـن آوى لـمـثـواهــمــــا     من جورِ دهرٍ ضاقَ فـيه انفراجْ

تقضى به حاجـاتُ كلّ الورى     فلا يُرى فـي بـابِـه ذو احـتـياجْ

زيّن فـيه الأرضَ مَن زيَّن الـ     ـسمــاءَ أبــهــى زيــنـةٍ وابتهاجْ (55)

وقالَ أيضاً في مدح الإمامين الكاظمين (عليهما السلام):

ألا أني قصدتُكَ يا ابنَ مـوسى     بـنـجـحِ مـطـالـبـي وقـضاءِ ديني

وأنـتَ يـدُ الإلــهِ فــمَــن أتــاها     فـلـيـسَ بـعـائـدٍ صـفــرَ الــيــدينِ

ولو أنّي قصدتُ ســواكَ فـيـها     إذا لـرجـعـتُ فـي خُـفَـي حـنـيـنِ

وليسَ ينوبني صرفُ وحصني     حمى حامي الجوارِ أبي الحسينِ

فـكـمْ قـرَّتْ بـه عـيـنـي زمـانـاً     فـأرجـعـنـي إلـيـهِ قـريـرَ عــيــنِ (56)

وقال أيضا في مدح باب الحوائج موسى بن جعفر (عليه السلام):

بـبـابِ الـحـوائـجِ قِــفْ وقــفةً     تنالُ بها الفوزَ في النشأتينْ

هـنـاكَ يَـرى كـلُّ ذي حــاجةٍ     قـضـاءَ حـوائجِه رأيَ عينْ

حـمـىً قـد أضـاءَ بنورِ الهُدى     فـفـاقَ سـنـا نـورِهِ الـنيِّرينْ

ومـثـوى يـسـرُّ بـه الناظرونَ     فـرؤيـتـه قـرَّةُ الــنـاظـريـنْ

بـــه جـــنّـــتـــانِ ولـــكـنّــمـا     رضـا اللهِ ثـمَّ جـنـا الجنتينْ

وفيهِ ضريحانِ يهنو الضراحْ     لـشـأوِهـمـا ضـمَّـتا حجتينْ

رواقـهـمـا راقَ فـالـدهرُ منـه     غـدا مـغـربـاً أفقه مشرقينْ

إذا جـارَ يـومـاً عليكَ الزمانْ     فـلُـذ بـحـمـى ذينكَ السيدينْ

وعُـدّ سـوى الـفـردِ مـالا يعدّ     وأرّخ زهـا حـرمُ الكاظمينْ (57)

وقال من قصيدة تبلغ (46) بيتاً يندب بها الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ويرثي بها الإمام الحسين (عليه السلام) وقد آلى أن لا تُقرا لأول مرة إلا في الغيبة بسامراء فزار العسكريين فقرأها بالغيبة بمحضر من الزوار:

يـا مَـن لـديـه الـقـضـا ألـقـى مقالدَه     والأنـبـيـاءُ عـلـى ودٍّ تـصـاحـبُه

ونـيِّـراً يـقـتـدي عـيـسى المسيحُ بهِ     يا عزَّ مَن ملكٍ والخضرُ حاجبُه

وضـيـغـمـاً لـو يـؤمُّ الـمـوتُ غابتَه     لظلَّ وهوَ قـصـيـرُ الخطوِ ناكبُه

إلى مَ تـبـقـى سـيـوفُ اللهِ مُـغـمــدةً     والـشـركُ مشحوذةٌ فينا قواضبُه

والـغـيـثُ أنـتَ إذا جـفَّـتْ سـحـائبُه     والـمـسـتـغـاثُ إذا نـابـتْ نوائبُه

أدركْ فـداؤكَ أهـلَ الـديـنِ ديـنـكــمُ     فـالـشـركُ قـد نـشبتْ فيه مخالبُه

إليكَ أضحى من الضيمِ الممضِّ بهِ     يـعـجُّ وهـو قـريـحُ الجفنِ ساكبُه

واهـي الـدعـائـمَ قـد أجرى مدامعَه     يومُ الحسينِ لقد جـلّـتْ مـصائبُه (58)

ومن أخرى تبلغ (48) بيتاً يستنهض بها الإمام المهدي ويرثي جده الإمام الحسين (عليهما السلام):

أفـلا يـهـيــــجُــكَ إنَّ آلَ أمـــيَّــــةٍ     تـخـذتْ مـآتــمَ حـزنـكـمْ أعيادَها

وسرتْ بزينِ الـعـابدينَ إلى العدى     مضنىً يكـابدُ في السبا أصفادَها

أفـلا يـهـيـجُـكَ أنَّ زيـنـبَ سُـيِّرتْ     في فـتيةٍ فـتَّ السرى أعـضـادَها

ثـكـلـى تـطـارحُ بـالـمـنـاحِ ثواكلاً     ألِـفتْ لــفـقـدِ عـديـدِها تــعــدادَها

أو ما أتــاكَ عـلـى الـمـنـابرِ سبُّهمْ     مَـن قــد أقـامَ بـسـيـفِـه أعـــوادَها

وودائـعُ الـهـادي كـأنَّ قـلـوبَـــهــا     ضـمـنـتْ تباريحُ الجوى إيـقـادَها

وتـعـجُّ تـهـتـفُ عن لهيبِ حشاشةٍ     قدحتْ بها نوبُ الخطوبِ زنادَها

أحـسـيـنُ يـا شـمسَ الهدايةِ من بهِ     عصبُ الـضلالةِ أبرزتْ إلحادَها

سهمٌ أصابكَ قد أصابَ المصطفى     وأصابَ يـا كـبـدَ الـبـتـولِ فؤادَها

واسـودَّ وجـهُ الـدهـرِ فـي يـومٍ به     حـشـدتْ عـلـيـكَ أمـيـةٌ أجـنـــادَها (59)

وقال في استنهاض الحجة عجل الله فرجه ورثاء سيد الشهداء من قصيدة تبلغ (51) بيتاً:

وكـمْ نـكـبةٍ تنسفُ الراسياتْ     وتحجبُ شمسَ الضحى بالكدرْ

أطلّتْ علـى الحسنِ المجتبى     فـرجَّـتْ لها الأرضُ بحراً وبرْ

سقاهُ ابنُ صخرٍ من السمِّ ما     لوِ الـصـخـرُ مـنه سُقي لأنفطرْ

زكيٌّ حـشاهُ حشا المصطفى     يـقـطّـــعُــهــا سمُّ رجـسٍ أشـرْ

وأعظمُ يـومٍ لـكـمْ بـالطفوفْ     فـمـا مـثـلـه قــط في الدهرِ مرْ (60)

ومن أخرى في الإمام المهدي (عليه السلام) ورثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (63) بيتاً:

فـيـنـتـضـي وهـوَ سـيفُ اللهِ منتقماً     لـلـديـنِ حبـلَ وريدِ الكفرِ يقطعُه

يدعو به يا لثاراتِ الـحـسـيـنِ فــقد     قضى غريـباً وأقوى منه مربعُه

غـيـرانَ يأتي على حربٍ يجرِّعُها     للحتفِ أضعافَ ما كانتْ تجرِّعُه

كم ارتوتْ بيضُها والسمرُ من دمِهِ     حتى ثوى بـيـنـهـا شـلـواً توزِّعُه

أمَّـتـه بـالـسـلـبِ حـتى ابتُزَّ خاتمُه     ومـثّـلـتْ فـيـه حتى حُزَّ إصـبـعُـه (61)

وقال في رثاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (90) بيتاً:

يومٌ أبو الـفـضلِ أستفزَّ إلى الوغى     وقـد اسـتـجـارَ بـه الهدى فأجارَه

يـغـشـى الـكريهةَ فوقَ أجردَ سابحٍ     ويخوضُ فيهِ من الحمامِ غــمارَه

مُـتـهـلّــلاً يـلـقـى الــردى مـتـقــلّداً     مـاضـيـهِ مُـعـتـقـلاً بــه خــطّارَه

وفـديـته فـرداً مـضـى مـسـتـقـبــلاً     تـلـكَ الــجـموعَ فـما رأتْ إدبارَه

مــقــدامُ يـومَ الروعِ إن ترَ محجماً     مـقـدامـه ومــروِّعــاً مــغــــوارَه

أســدٌ تــحـامــاهُ الأســودُ بــغــابِــهِ     إن كـرَّ تـحـسـبُـه الـفـتى كــرارَه

أو أحجمتْ في الحربِ يزأرُ مقدماً     شبلُ الغضنفرِ مُصحراً إصحارَه

يـسـتـلُّ مـشـحـوذَ الــغــرارِ مكهَّماً     مِن كلِّ مشحوذِ الـغـرارِ غرارَه

والله تـوَّجــه بــتــاجِ جـــــلالــــــهِ     والمجدُ قد أسدى عـلـيــه إثــارَه

قـد حـقَّ قولُ الحقِّ فـيه لدى الظمـ     ـاء (ويؤثرونَ) ألا ترى إيـثـارَه

ذكر الحسينَ وكـيف يـنـسـى قـلـبَـه     رهنَ الظما وكبارَه وصـغـــارَه

مـلأ الـمـزادةَ لــــم يـذقـه وقـلـبُـــه     كـالـجـمــرِ شبَّ به الأوامُ أوارَه (62)

وله أيضا في رثاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (51) بيتاً:

لـقـد قادتْ لحربِ بـنـي عــلـيٍّ     بـني حربٍ تثور بها الضغونُ

فـكـرَّت فـتـيـــةُ الكرَّارِ تـذكي     على حربٍ بها الحربُ الزبونُ

كـأنَّـهـمُ غـــــداةَ الــروعِ أسْــدٌ     ومـشـتـبـكُ الـرماحِ لها عرينُ

سـطـتْ يـتبــسَّمُ العباسُ مـنـهـا     وقد عبسَ الضـراغمةُ القرونُ

سـطـا ودمُ الأسودِ بـهـا بـحورٌ     طمتْ والصـافـنـاتُ بها سفينُ

أطلَّ على الخميسِ فـدكَّ مـنـه     جبالَ الحربِ ضيغمُها الركينُ

أبـادَ كـمـاتَـهـا وطـوى لـواهـا     فـبـارزَها تـقـطــرُ والـكـمـيـنُ

وقـد مـلكَ العلى وعلـيـهِ تــاجٌ     جلالُ اللهِ لا الدرُّ الــثــمــيــنُ

يميناً يا ابنَ حامي الجارِ برَّتْ     بـه مـا مـثلها بـرَّتْ يــمــيــنُ

لـســوَّدَ أوجـــهَ الأيــــامِ يــومٌ     بـهِ قُـطـعـتْ شـمـالكَ واليمينُ (63)

وقال في رثاء مسلم بن عقيل (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (58) بيتاً:

وكـأنَّـه فـي الـدارِ حـيـنَ ثـنــاهمُ     ضرغامَ غيلٍ هـائجٍ من غيلِ

فردٌ يفرُّ الـجـمـعُ مـنـه كـأنَّــــمـا     يـغـشى الكريـهةَ مُفرداً بنبيلِ

أردوهُ بـالبيضِ الصفاحِ وأثخنو     هُ بالجـراحِ فـخــرَّ خـيرَ جديلِ

قـتـلـوهُ ظـمـآنـاً وقـد فـعـلـوا بهِ     ما لـيـسَ يَـفـعـلُ قاتلٌ بـقـتـيـلِ

صـعـدوا به قصرَ الإمارةِ نازلاً     للأرضِ حينَ رموهُ أيَّ نزولِ

فـشـفـاهـمُ مـا قـد جـنـوا وكفاهمُ     لو أنَّـهـم كـفّـوا عـن الـتـنـكيلِ

سحبوهُ في الأسواقِ وهوَ مُرمَّلٌ     بـدمِ الـشـهـادةِ أفضلَ الترميلِ

فـلـيـبـكـيـنَّ الـمـسـلـمـونَ لمسلمٍ     مـا كـانَ أمـثـلـهـمْ لـه بـمـثـيلِ (64)

................................................................................

1 ــ ديوان منتقى الدرر في النبي واله الغرر للشيخ كاظم السبتي ــ المكتبة الحيدرية 1372 هـ ص 11 ــ 12

2 ــ نفس المصدر ص 12 ــ 13

3 ــ نفس المصدر ص 17 ــ 20

4 ــ نفس المصدر ص 24 ــ 26

5 ــ نفس المصدر ص 28 ــ 31

6 ــ نفس المصدر ص 40 ــ 43

7 ــ نفس المصدر ص 60 ــ 61

8 ــ نفس المصدر ص 63

9 ــ نفس المصدر ص 70 ــ 73

10 ــ نفس المصدر ص 73 ــ 75

11 ــ نفس المصدر ص 80 ــ 83

12 ــ نفس المصدر ص 87

13 ــ نفس المصدر ص 92 ــ 94

14 ــ نفس المصدر ص 95

15 ــ شعراء الغري ج 7 ص 150

16 ــ ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 339

17 ــ أدب الطف ج 9 ص 75 ــ 76

18 ــ شعراء الغري ج 7 ص 153

19 ــ مقدمة ديوان منتقى الدرر في النبي وآله الغرر ص 3 ــ 4

20 ــ نفس المصدر ص 8

21 ــ الطليعة إلى شعراء الشيعة ص 506

22 ــ أدب الطف ج ٩ ص 74

23 ــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة ج 9 ص 332

24 ــ أدب الطف ج 9 ص 77

25 ــ أعيان الشيعة ج 9 ص 5

26 ــ ديوان السيد جعفر الحلي مطبعة العرفان ــ صيدا 1331 هـ ص 256 / شعراء الغري ج 7 ص 152 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٥

27 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ٥٩

28 ــ مقدمة ديوان منتقى الدرر في النبي وآله الغرر

29 ــ نفس المصدر ص 5

30 ــ ديوان منتقى الدرر في النبي واله الغرر للشيخ كاظم السبتي ص 99

31 ــ نفس المصدر ص 13 ــ 51

32 ــ نفس المصدر ص 34 ــ 35

33 ــ نفس المصدر ص 45 ــ 47

34 ــ نفس المصدر ص 75 ــ 76

35 ــ نفس المصدر ص 69

36 ــ نفس المصدر ص 86 ــ 87

37 ــ نفس المصدر ص 97 ــ 98

38 ــ نفس المصدر ص 98

39 ــ نفس المصدر ص 98 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٥

40 ــ نفس المصدر ص 12 ــ 12

41 ــ نفس المصدر ص 46 ــ 47

42 ــ نفس المصدر ص 63 ــ 63

43 ــ نفس المصدر ص 95 ــ 96

44 ــ نفس المصدر ص 9 ــ 11

45 ــ نفس المصدر ص 20 ــ 23

46 ــ نفس المصدر ص 56 ــ 59

47 ــ نفس المصدر ص 60 ــ 61

48 ــ نفس المصدر ص 61 ــ 62

49 ــ نفس المصدر ص 66 ــ 69

50 ــ نفس المصدر ص 77 ــ 80

51 ــ نفس المصدر ص 85 ــ 86

52 ــ نفس المصدر ص 88 ــ 91

53 ــ نفس المصدر ص 99

54 ــ نفس المصدر ص 99

55 ــ نفس المصدر ص 96 ــ 97

56 ــ نفس المصدر ص 98

57 ــ نفس المصدر ص 98 ــ 99

58 ــ نفس المصدر ص 15 ــ 17

59 ــ نفس المصدر ص 26 ــ 28

60 ــ نفس المصدر ص 43 ــ 54

61 ــ نفس المصدر ص 50 ــ 53

62 ــ نفس المصدر ص 36 ــ 39

63 ــ نفس المصدر ص 48 ــ 85

64 ــ نفس المصدر ص 63 ــ 66

كما ترجم له:

كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 4 ص 213 ــ 214

كامل سلمان الجبوري / الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 228

ورسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 1 ص 426 ــ 430

ومحمد خيري رمضان / معجم المؤلفين المعاصرين ص 503

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 5 ص 215

الشيخ حيدر المرجاني / خطباء المنبر ج 1 ص 57

الشيخ محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 2 ص 165

معجم الشعراء العرب من الجاهلية إلى نهاية القرن العشرين ــ ص 398 

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار