402 ــ محمد رضا الخطيب (1310 ــ 1366 هـ / 1892 ــ 1946 م)

محمد رضا الخطيب (1311 ــ 1366 هـ / 1892 ــ 1947 م)

قال من قصيدة بعث بها إلى الإمام يحيى بن حميد الدين إمام الزيدية في اليمن تبلغ (51) بيتا:

بـقـعـةٌ من دماءِ أهلي تروَّت     فهيَ للحشرِ تربةٌ حمراءُ

سالَ فيها دمُ الوصيِّ وحاقتْ     بـعـدُ فـي آلـهِ بها البأساءُ

هـذهِ سـبـخـةٌ بـكـوفـانَ قد أو     دتْ بزيدٍ وهذهِ (كربلاء) (1)

وقال من أخرى يرثي أمير الحديدة ابن الإمام يحيى ويخاطبه بالتأسي بمصاب الإمام الحسين (عليه السلام):

لكَ التأسِّي بـذكرى (كربلاء) ومـا     قاسـاهُ عـمُّـكَ فيها سيدُ الشهدا

كـمْ مـن ولـيــدٍ رآهُ يـشـتـكـي ظمأً     لـكنْ بغيرِ دماءٍ لم يبلَّ صدى

رضوانُ نادى ابتهاجاً عند مقدمِهِ     هذا على الخلدِ أرِّخ قادمٌ رغدا (2)

وقال من أخرى يخاطب السيد أمين الحسيني حين دخل عليه في القدس:

يا بـنَ النبيِّ ويا بنَ حيدرةَ الذي      ما زادَ لو كُشفَ الغطاءُ يقينُه

هل يختشي الإسلامُ غدرةَ خائنٍ      أنّـــــــى وأنتَ رئيسُه وأمينُه

أولـيسَ جدّكَ قد دعاه بـ(كربلا)      أن يبــذلَ النفسَ النفيسةَ دونُه (3)

الشاعر

السيد محمد رضا بن هاشم بن محمد علي الموسوي (4) المعروف بـ (الخطيب)، شاعر وخطيب وأديب، ولد في الهندية ــ كربلاء (5) من أسرة علوية كريمة (وشجت أصولها بالشرف الرفيع وأينعت فروعها بالفضل والأدب) (6)

وذكر السيد آل طعمة أن ولادته في النجف الأشرف وسافر إلى إيران والشام ولبنان والقدس ثم سكن بغداد ثم انتقل إلى الهندية وألقى فيها عصا الترحال (7)

غير أن الراجح هو قول اليعقوبي لأنه نقل ترجمته عن ترجمة الشاعر نفسه وقد بعثها إليه، ولعل آل طعمة اشتبه بين ترجمة الشاعر وترجمة أبيه فإن والده السيد هاشم ولد في النجف كما قال اليعقوبي بذلك حيث قال اليعقوبي في ترجمة الشاعر ما نصه:

(خطيب أديب وشاعر مطبوع لبق اللسان عذب البيان ذكي الخاطر متوقد الذهن حاضر البديهة لا تعدوه النكتة ولا تفوته النادرة

دعاني أنا والمرحوم السيد مهدي القزويني إلى داره في الهندية ليلة من الليالي طاب لنا فيها السمر عنده، وكان مشغولا بتأليف كتابه: الخبر العيان، فعرض علي كثيرا من منظوماتي التي جمعها من مختلف الصحف والمجلات وطلب مني أن أترجم له نفسي ليثبت ذلك في حرف الميم من كتابه المذكور فاقترحت عليه أن يبعث إلي بترجمته ومختارات من نظمه لأثبتها في (البابليات) فأرسل إلي كراسة صغيرة بقلمه لخصنا منها ما يلي:

هو من أسرة علوية ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام، وتعرف في العراق بـ الشرامطة، وكان مولده في الهندية سنة 1311 هـ وكان أبوه السيد هاشم يعد من الطبقة الممتازة من خطباء المنبر الحسيني ومسقط رأسه ومحل نشأته مدينة النجف الأشرف، ووالدة أبيه المذكور من آل قفطان وهم بيت علم وأدب قديم في النجف، واقترن والده بكريمة الملا أحمد بن الخلفة البغدادي وهي أم المترجم وأخوته، ونزح أبوه من النجف في ريعان شبابه إلى الهندية على عهد العلامة السيد ميرزا صالح القزويني فكان الخطيب الوحيد فيها إلى أن توفي في الطاعون سنة 1322 وعمر المترجم يومئذ 11 سنة، فدرس المبادئ من عربية ومعان وبيان على الفاضل السيد باقر بن هادي القزويني وتخرج في فن الخطابة عند أخويه الأكبرين السيدين حسن وحسين حتى استقل بعدهما بأعبائها في الهندية حاز فيها شهرة واسعة وصيتا ذائعا.

وفي سنة 1349 هـ وفق لزيارة خراسان فنظم قصيدة غراء أنشدها في الحضرة الرضوية قال في أولها:

بنا من بنات الريح ولهانة حسرى سرت وظلام الليل قد أسدل السترا

ذَكا الجمرُ في أحشائها فـهـي تستقي               فتُسقى.. ولا يُطـفـي النميرُ لها جَمرا

سَرَت بجـنـاحَي طائـر تسبقُ الصَّبا                مُـحـاوِلةً في أرض طوسٍ لها وَكرا

فالقَتْ عصا التَّرحال في طوسَ وآنثَنَتْ            وكـلُّ امـرئٍ مـنّا يُـطيل لها الشكرا

تـَحمّلتُ مـن أرض العـراقِ مُيـمّماً                إلى ما وراء النهر لا أسـأم المَـسرى

إلى أن حَطَطتُ الرحلَ في طوسَ وارداً           بها عينَ ماءٍ.. قد حكيتُ بها «الخضرا»

وفي سنة 1350 هـ سافر للإصطياف إلى سوريا ولبنان وتجول في أنحائها بضعة أشهر فمن دمشق إلى بيروت وصيدا والنبطية وصور وحيفا ويافا وغزة وزار القدس الشريف ومكث في ضيافة المفتي السيد أمين الحسيني في فلسطين أكثر من شهر وحاول السفر إلى مصر فلم يتهيأ له ذلك وعاد إلى دمشق وألقى عصا الترحال فيها مدة غير قليلة اتصل فيها برهط من أدبائها وكتابها فلقي منهم كل حفاوة وتكريم وصادف خروجه منها إلى العراق يوم دخول الإمام كاشف الغطاء إليها في طريقه لحضور المؤتمر الإسلامي في فلسطين في تلك السنة...) (8)

وللخطيب كتاب بعنوان (الخبر والعيان في تراجم الأفاضل والأعيان) قال عنه اليعقوبي: (شرع بتأليفه وترتيبه على الحروف الأبجدية قبل وفاته بما يقارب العشرين سنة ولم يتم وإنما بقي أوراقا مبعثرة ولما توفي بيعت كتبه على مكتبة المعارف العامة في كربلاء وقد جمع ثمنها من تبرعات الكربلائيين بسعي المتصرف يومذاك طاهر القيسي ــ عدا كتابه المذكور ــ فإنه بقي على تشتيت أوراقه عند صهر له من سدنة الروضة الحسينية لم يقدم على شرائه أحد إلى أن تملكته شراء منه بعد بضعة أشهر فجمعته وضممت بعضه إلى بعض وعملت له فهرسا خاصا ثم أحببت تسجيل ذلك الأثر تخليدا لذكر المؤلف...) (9)

وقال الشيخ أغا بزرك الطهراني عن هذا الكتاب: (الخبر والعيان‌ في أحوال الأفاضل والأعيان للسيد رضا بن السيد هاشم الموسوي الخطيب القاري هو و والده في الهندية (طويريج) ولد بها (1311) وتوفي (1365) وحمل طرياً إلى النجف، وقد خرج من قلمه بخطه الجيد مجلدان أولها في حرف الألف قد ضاعت منه الصفحة الأولى وذكر في أوله مصادر الكتاب وبدأ في تراجمه بالمولى المقدس أحمد الأردبيلي، وفرغ منه (1346) وقال في أول المجلد الثاني بعد البسملة [و صلى الله على محمد و أهل بيته‌] ثم ذكر اسمه وتاريخ شروعه منه بعد الفراغ من الأول، وبدأ فيه بحرف ألباء، بترجمة بكر المازني النحوي وبعد تمام الباء شرع في الجيم ثم الدال ثم الهاء لأنه رتبه على ترتيب حروف (أبجد هوز) لكن لم يمهله الأجل بعد تمام حرف الهاء ولم يبرز منه إلّا المجلدان اللذان اشتراهما بعد وفاه المؤلف الخطيب الفاضل الشيخ محمد علي اليعقوبي المعاصر وكتب له فهرساً مبسوطاً وأنهى مجموع التراجم المبدوة بهذه الحروف الخمسة (أ ب ج د ه) إلى مائة وإحدى وتسعين ترجمه مستقلة وفي أثنائه توجد تراجم استطرادية أيضاً وتعرض فيه لكثير من تواريخ عصره وذكر تاريخ ولادته في ترجمه جده الأمي الملا أحمد بن محمد صالح بن محسن بن عبد الله المعروف بابن الخلفة البغدادي نزيل طويريج والمتوفى بها (1316) قال وهو غير محمد بن إسماعيل المعروف بابن الخلفة أيضا الذي هو صاحب المواليا والمذكور في العقد المفصل) (10)

وذكر له الطهراني ديواناً بعنوان: للؤلؤ الرطيب في الغزل والنسيب، قال عنه: (هو أحد دواوين السيد الخطيب السيد رضا بن السيد هاشم الموسوي الطويريجي، مؤلف كتاب: الخبر والعيان) (11)

توفي الخطيب في بغداد ودفن في النجف الأشرف (12)

وقد رثاء الخطيب والشاعر الشيخ محسن أبو الحب (الصغير) بقصيدة تبلغ (40) بيتاً يقول منها:

قَضى الرِضا فبكاهُ الفضلُ والأدبُ     وَأعولتْ بعدهُ الأشــعـارُ والخطبُ

مَـضـى فـأخـلا ربوعاً كان يَسكُنها     فَـهـا هـي الـيوم تبكـيهِ وتـنـتـحـبُ

تـنـعـي خَـطـيـبـاً لقد طابتْ أرومتُه     كـريـمُ أصـلٍ لـه مــن هاشمٍ نسبُ

أبوهُ كان خـطـيـبـاً مـصـقـعـاً لـبـقـاً     وَمنه كانت رِجالُ الفضلِ تكتسبُ

وإنّـه كـان فـي عـلـمٍ وفــي عـمــلٍ     بـحـراً خِـضـمّـاً وفـيه لؤلؤ رطبُ

وإن رقـى مـنـبـراً يـومـاً لـموعظةٍ     فـالـنـاسُ تثني لها من حوله ركبُ

وذا اِبـنـهُ حـاز مـن عـليا أبيه عُلا    وَالـفـضـل أن يـتساوى اِبنٌ بهِ وأبُ

هـذي الـبـلادُ لـهـمْ بالفضلِ شاهدةٌ     بـأنّـهـم خـيـرُ قـومٍ ســـادةٌ نــجــبُ

فنُّ الـخـطـابـةِ فـيـه كـان مـنـتهجاً     ولــيــس إلّا لــه يُــعــزى وينتسبُ (13)

شعره

قال الخطيب من قصيدته التي بعثها للإمام يحيى ومنها في مدح أهل البيت (عليهم السلام):

يا حـمـاةَ الـنـزيـلِ والــجــارِ يا مَنْ      بكمُ اليومَ تُكـشـفُ اللأواءُ

يا بني المصطفى ذوي النسبِ الوا     ضحِ ما فـيـهِ ريبةٌ والتواءُ

وأبـوكـمْ ذاكَ الــذي ظـــلـــلّـــتـــه      مـعَ شـبـليهِ والبتولِ العباءُ

ذلـكَ الــصـادقُ الـذي قـبـلَ أن تلـ     ـقى على سمعِ آدمَ الأسماءُ

لمْ يـزده كـشـفُ الــغــطــاءِ يـقيناً      إذ هوَ الحقّ ما عليهِ غطاءُ

...................................................................

1 ــ البابليات ج 4 ص 154 ــ 156 / شعراء كربلاء ج 5 ص 11 ــ 14

2 ــ شعراء كربلاء ج 5 ص 15

3 ــ البابليات ج 4 ص 154

4 ــ شعراء كربلاء ج 5 ص 7

5 ــ البابليات ج 4 ص 152

6 ــ شعراء كربلاء ج 5 ص 7

7 ــ شعراء كربلاء ج 5 ص 7

8 ــ البابليات ج 4 ص 152 ــ 153

9 ــ البابليات ج 4 ص 160

10 ــ الذريعة إلى تصانيف ج 7 ص 139

11 ــ الذريعة ج ١٨ ص ٣٨٢

12 ــ البابليات ج 4 ص 161

13 ــ موقع بوابة الشعراء / موقع الديوان العربي/ نقل مطلعها السيد سلمان هادي آل طعمة ــ شعراء كربلاء ج 5 ص 9 عن ديوان أبو الحب الصغير ص 44

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار