227 ــ سكينة بنت الإمام الحسين (عليهما السلام): (43 ــ 117هـ / 663 ــ 735 م)

سكينة بنت الإمام الحسين (عليهما السلام): (43 ــ 117هـ / 663 ــ 735 م)

قالت في رثاء أبيها الإمام الحسين (عليه السلام):

رحـلـنـا يـا أبي بالـرغـمِ مـنّـا     ألا فانظرْ إلى مـا حـلَّ فينا

ألا يا (كربلا) نودِعـكِ جسماً      بلا كـفـنٍ ولا غـسـلٍ دفـيـنا

ألا يا (كربلا) نـودِعـكِ نـوراً      لباري الخلقِ طراً أجمعيـنا

ألا يا (كربلا) نودِعـكِ روحاً      لأحمدَ والوصيِّ مع الأمينا

ألا يا (كربلا) نـودعك كـنـزاً      وذخر القاصدين الزائريـنا (1)

الشاعرة:

السيدة الطاهرة سكينة بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وُصفت بـ (سيّدة نساء عصرها) (2) لكمالها وأخلاقها وتقواها وأدبها وفصاحتها وعبادتها حيث يدلنا قول أبيها الإمام الحسين (عليه السلام) على مدى تعلقها بالله في قوله: وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله. (3)

أمّا اُمّها وأم أخيها عبد الله الرضيع المذبوح يوم الطف فهي السيدة: الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعي، (4). وقد تزوجت السيدة سكينة من ابن عمها عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) المعروف بـ (الأكبر)، وهو أخو القاسم الشهيد يوم الطف، وأمهما رملة. (5)

وقد رُوي إن سَكينة هو لقبها لا اسمها وإن اسمها هو: آمنة (6)

وقد اعتمد هذا القول الشيخ عباس القمي حيث قال: إن اسمها آمنة وقيل أمينة، وإنما أمها الرباب لقبتها بسكينة (7)

كما قال بذلك ابن خلكان في ترجمتها (8) وابن العماد الحنبلي (9) والشبلنجي (10)، وأعتمد هذا الرأي السيد المحقق عبد الرزاق المقرم (11) والسيد محسن الأمين (12).

وعلق الشيخ عباس القمي على ذلك بالقول: ويظهر أن أمها إنما أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها. وعلى ذلك فالمناسب فتح السين المهملة وكسر الكاف التي بعدها، لا كما يجري على الألسن من ضم السين وفتح الكاف. (13)

وورد أن الإمام الحسين خاطبها في يوم عاشوراء بقوله:

سيطولُ بعدي يا سكينة فاعلمي     منكِ البكــاءُ إذا الحِمامُ دهاني

لا تحرقي قلبي بدمـــعكِ حسرةً     ما دامَ منِّي الروحُ في جثماني

فإذا قتــــــلتُ فأنتِ أولى بالذي     تأتيـــــــنه يا (خيرة النسوان) (14)

وهذه الأبيات تبين منزلتها السامية في الفضيلة والرفعة بين نساء أهل زمانها حين وصفها (عليه السلام) بـ (خيرة النسوان) كما تعطي صورة واضحة وجليّة عن مكانة السيدة سكينة العظيمة في نفس أبيها.

وقد ورد عن الإمام الحسين (عليه السلام) قوله:

لــــــــعمركَ إنني لأحبُّ داراً     تكونُ بـها سكينةُ والربابُ

أحبهما وأبـــــــــذلُ جلَّ مالي     وليسَ لعاتبٍ عندي عتابُ

فلستُ لهم وان عتبوا مصيخاً     حياتــي أو يـغيّبني الترابُ (15)

كما كانت (عليها السلام) شديدة التعلق بوالدها سيد الشهداء فقد روى ابن طاووس: أن سكينة اعتنقت جسد أبيها بعد قتله فاجتمع عدة من الأعراب حتى جروها عنه (16)

وللسيدة سكينة أبيات أخرى قالتها في رثاء أبيها هي:

لا تـعـذلـيـه فــهــمٌّ قــاطـعٌ طُـرقُـه     فــعــيــنُــه بــدمــوعٍ ذُرّفٍ غَــدِقَــه

إنَّ الـحـسـيـنَ غـداةُ الـطفِّ يرشقه     ريبُ المنونِ فما أن يخطىءَ الحدقه

بــكــفِّ شــرِّ عــبــادِ اللهِ كــلّــهــمُ     نسلُ البغايا وجيشُ الـمُـرَّقِ الـفَـسـقه

يا أمةَ السوءِ هاتوا ما احـتـجـاجكم     غـداً وجـلُّـكمُ بـالـسيـفِ قـد صـفـقـه

الـويـلُ حـلَّ بـكـمْ إلّا بـمـن لـحـقـه     صـيَّـرتـمـوهُ لأرمـاحِ الـعِـدى درقـه

يا عينُ فاحتفـلـي طـولَ الحياةِ دماً     لا تبـــــكِ ولـداً ولا أهـلاً ولا رفـقـه

لكن على ابن رسـولِ اللهِ فانسكبي     قـيـحـاً ودمـعـاً وأثـريـهـمـا الـعَـلـقـه (17)

توفيت (سلام الله عليها) بالمدينة المنورة ذكرت ذلك أغلب المصادر التي ترجمت لها يقول السيد الأمين: (هكذا ذكر موتها بالمدينة في كل تاريخ وقفت عليه) (18)

..............................................................................................

1 ــ ذكر الأبيات الكرباسي في دائرة المعارف الحسينية ديوان القرن الثاني ص 199 نقلاً عن: أسرار الشهادة للدربندي ص 257 / معالي السبطين للمازندراني ج 2 ص 198 وقال: الأبيات منسوبة إلى سكينة بنت الحسين بن علي عليهم السلام المتوفاة سنة 117 هـ أنشأتها حين رجع ركب أهل بيت الحسين عليه السلام إلى كربلاء لزيارة الشهداء في طريقهم إلى المدينة وقد وقعت سكينة على قبر أبيها عليه السلام وأنشأت الأبيات ....

2 ــ وفيات الأعيان ج 2 ص 394

3 ــ إسعاف الراغبين لمحمد بن الصبان المصري المطبوع بهامش نور الأبصار ص 210 / السيدة سكينة للسيد عبد الرزاق الموسوي المقرم ص ٣٣

4 ــ نور الأبصار ص 192 / وفيات الأعيان ج 2 ص 394

5 ــ إعلام الورى بأعلام الهدى ص 127 / اسعاف الراغبين ص 210 / مقتل الحسين عليه السلام للسيد المقرّم ص 330 / آمنة بنت الحسين عليه السلام للسيد المقرّم ص 72 / أعلام النساء المؤمنات ص 500

6 ــ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ـــ ابن الجوزي ج 7 ص 175 / النجوم الزاهرة ــ ابن تغري بردي ج 1 ص 276

7 ــ منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل ج 1 ص 181

8 ــ وفيات الأعيان ترجمة فاطمة بنت الحسين (عليها السلام) ج 1 ص 378

9 ــ شذرات الذهب ج 1 ص 154

10 ــ نور الأبصار ص 157

11 ــ آمنة بنت الحسين ص 140

12 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 492  

13 ــ منتهى الآمال ج 1 ص 181

14 ــ موسوعة كربلاء / لبيب بيضون ج 2 ص 141 / المرأة في ظلّ الإسلام السّيدة مريم نور الدّين فضل الله ص 317

15 ــ الأغاني ج 16 ص 139 / البداية والنهاية ج 8 ص 209 / تذكرة الخواص ص 233 / الفصول المهمة ص 183 / أعيان الشيعة ج ٣ ص ٤٩٢

16 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ٤٩٢ عن الملهوف لابن طاووس

17 ــ أمالي الزجّاج ص 169 / أدب الطف ج 1 ص 158 / السيدة سكينة للمقرم ص 153 / ديوان القرن الأول ص 131 ــ 132 / أعلام النساء المؤمنات ص 497 / المرأة في ظلّ الإسلام للسّيدة مريم نور الدّين فضل الله ص 317 ــ 318

18 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ٤٩٢

كما ترجم لها وكتب عنها:

الشيخ محمد السماوي / إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام ص 36

ابن الأثير / اُسد الغابة ج 5 ص 521

الزركلي / الأعلام ج 3 ص 106

المجلسي / بحار الأنوار ج 10 ص 223

المامقاني / تنقيح المقال ج 3 ص 80

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء / جنة المأوى ص 232

السيدة زينب الفواز / الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص 224

عبد الله الأصفهاني / رياض العلماء ج 5 ص 410

ابن أبي الحديد / شرح نهج البلاغة ج 20 ص 153

الأربلي / كشف الغمة ج 2 ص 38

عباس القمي / الكنى والألقاب ج 2 ص 424

ابن نما الحلي / مثير الأحزان ص 104

الدكتور علي إبراهيم حسن / نساء لهن في التأريخ الإسلامي نصيب ص 68

علي دخيل ــ سكينة بنت الحسين عليه السلام

الدكتورة بنت الشاطئ ــ سكينة بنت الحسين عليه السلام ضمن موسوعة آل النبي

توفيق الفكيكي ــ سكينة بنت الحسين عليه السلام

السيد أغا مهدي الرجوي آل السيد دلدار اللكهنوي ــ سكينة بنت الحسين عليه السلام

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار