205 ــ رشيد مجيد (1340 ــ 1418 هـ / 1922 ــ 1998 م)

رشيد مجيد (1340 ــ 1418 هـ / 1922 ــ 1998 م)

قال من قصيدة (يا ثائراً للحقِّ) وتبلغ (15) بيتاً:

يــومٌ بهِ وقفَ الحسينُ بـ (كربلا)     من اُمَّةٍ تاهتْ بـبيعةِ مـجرمِ

حيثُ انتضتْ والحقدُ يملؤها لظىً     سيفَ الخيانةِ في يدٍ لم تسلمِ

إذ بـــــــايعته على الخلافةِ في يدٍ      نعمتْ ملامسُها كجـلدةِ أرقمِ (1)

وقال من قصيدة:

من زمانٍ

أيّها الصبرُ الجليديُّ المسجّى مِن زمان

كلُّ يومٍ تلدُ الأرضُ نبياً مُستهان

كلُّ يومٍ ألفُ مأساةِ حسينٍ في مكان

كلُّ يومٍ (كربلاء)

ومزيدٌ مِن سبايا ودماء (2)

الشاعر:

رشيد بن مجيد بن سعيد بن محمد بن صالح العنزي، شاعر ورسام ومصوّر وخطاط، ولد في الناصرية، وهو عضو اتحاد الكتاب العراقيين، بدأ كتابة الشعر في أوائل الأربعينيات ونشر أول قصيدة له في مجلة الغري النجفية.

أصدر مجيد العديد من الدواوين الشعرية منها:

بوابة النسيان / 1970

وجه بلا هوية / 1973

الليل وأحداق الموتى / 1974

العودة إلى الطين / 1979

لا كما تغرق المدن / 1982

يحترق النجم ولكن / 1984

وله من الدواوين المخطوطة:

وأنت يا سيدتي، في الشوك وردة، السفر الاخير، من أين جاؤوا، قمر خلف زجاج الباب، المرفأ، الجذور، وكان مجد الكلمة، صوت المدينة، ليلى، ويرحل القمر، زمن الغربة، في صحبة الريح، بعد أن غاب القمر، قمر أجمل، للحزن مناسك، تموز أنشودة الخلاص، الهزيمة، للحب خفايا، دعاء من القلب، في رحلة السبعين، العرافة، الريح والمسرى، الزيت المقدس، طائر الجنوب، هذا الرماد.

وقد اختير ديوانه (العودة إلى الطين) ضمن أحسن عشرة دواوين صدرت في الوطن العربي في مسابقة مجلة آمال الجزائرية عام 1981، كما سميت الدورة الثالثة لمهرجان الحبوبي باسمه (3)

وكانت تربطه علاقة صداقة وثيقة مع الشاعرين، عبد القادر الناصري وعباس الملا علي، وكانوا يلتقون في مقهى يحمل اسم عزران البدري ويقع في منطقة السيف قرب سوق الندافين، وكان صاحب المقهى أديباً أيضاً وكان هؤلاء الأدباء الأربعة من روّاد الحركة الأدبية في هذه المدينة وكان يرتاد هذا المقهى أيضاً العديد من الشخصيات السياسية والثقافية (4)

وكان يزورهم الأستاذ المرحوم جعفر الخليلي صاحب جريدة الهاتف النجفية لما سمع بهذه الندوة المصغرة وكان ينشر قصائدهم في جريدته، وكان يزورها مرة أو مرتين في الشهر، وأوقف مجلته لأدباء الناصرية (5)

كتب عنه الناقد الأستاذ داود سلمان الشويلي أكثر من دراسة ومقال عن حياته وقال عنه: (يشكل الشاعر رشيد مجيد ظاهرة شعرية فريدة من نوعها) (6)

وقال الشويلي أيضاً: (الشاعر رشيد مجيد، له تجربة طويلة تمتد على مساحة خمسين عاماً من الشعر، وله دواوين ستة مطبوعة، وضعف العدد مخطوطاً) (7)

وقال عنه القاص والناقد جاسم عاصي: (ينحو منحىً ثورياً حين يكون قريباً شعرياً من شخصية الإمام الحسين (عليه السلام)، وحصراً من تحذوّلات (الحر الرياحي)، فله حَوليّة ملحمية لم ينصفها الزمن). (8)

وقال عنه الناقد الدكتور مصطفى لطيف عارف: (رشيد مجيد شاعر فطري أنجبته تجربة ضخمة ترك مقاعد الدراسة واتجه مصوراً فوتوغرافياً يتجول ما بين مفاتن وإسرار طبيعة جنوب العراق، فامتهنها ردحاً من الزمن، كتب أول قصيدة له في مطلع الأربعينيات إذ مجالس الأصدقاء، ومقاهي الأزقة، وهموم الصبا الحالمة بحياة أفضل، وهي تلك المدة كانت تنشر معالم القصيدة الدينية وقصائد ضيقة الانتشار في المدينة لبعض أصحاب المكتبات والمعنيين، وكان يقرا لشعراء عرب قصائد في الغزل، وكان يحبذها مع ما ينسجم من هاجس رشيد مجيد الخاص، إذ نمى في داخله كائن الشعر، وفي بداية الأربعينيات وكان ذلك صدفة لم يتعمده غير انه وجد نفسه كتب مقطوعة شعرية مما يجول في خاطره، نشرت في مجلة (الغري) آنذاك مما دفع الشاعر لان يتناول آراءه وهواجسه، بصوره الشعرية، وهكذا كانت بداية الشاعر بداية عفوية) (9)

وكتب الناقد الأستاذ داود سلمان الشويلي مقالا عن القصيدة الملمعة قال فيه: (هذا النوع من الشعر بتقسيم القصيدة إلى قسمين، قسم يكتب باللغة العربية الفصحى، والقسم الثاني باللهجة العامية.

هذ النوع من الشعر أول من كتب فيه الشاعر العراقي القدير المرحوم رشيد مجيد، ابن مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، المدينة المبدعة التي رفدت الحركة الفكرية والثقافية والفنية والسياسية في العراق برجال كثيرين .

الشاعر رشيد مجيد - ودون ان نبخس الشاعر الخالدي حقه الابداعي – هو صاحب اول قصيدة كتبت بهذا النوع من الشعر حسب علمي) (10)

وقال الدكتور مصطفى لطيف عارف: (تحتلُّ الأفكار والقيم الدينية والإسلامية، دوراً كبيراً في ثقافة الشَّاعر العراقي رشيد مجيد بشكلٍ عام، وتعكس غلبةَ السِّمة الإسلامية التي تتسق مع نظرة الشاعر، وقناعتهِ المستمَدة من الأيديولوجيا الدينية وعقيدتهِ الإسلامية التي ينتسب إليها، ويُمثِّل التأثُّر بالقرآن الكريم أولَ مظاهر التأثُّر الديني، كما تبرز إشارات كثيرة أيضاً إلى الذات المقدسة، إذ يجد فيها الشَّاعر مجالاً لاستحياء فكريٍّ وفنِّي بما تثيرهُ في النفس من مشاعر إنسانيةٍ تتسع لتجسيد نظرة الشاعر، فهو يستلهم منها الدروسَ لرفض الواقع والسعي إلى إعادة بنائه على أُسٍّ أخلاقيٍّ جديدٍ، ونراه يقدس الذات الإلهية، ويرى أنها السر كله، وان البشر مهما أوتوا من العلم لن يتوصلوا إلا إلى النزر اليسير فها هو يقول:

يا عالمَ الإســــرارِ كمْ عالمٍ     ماتَ وسرُّ الكونِ في برقعِ؟

لا الجاهلُ الممعنُ في جهلِه      يــبدو له الكنهُ ولا الألمعي

ونحنُ ما نعلمُ فـــي موضعٍ      ولــغزكَ المبهمُ في موضعِ

مَن يدّعي فوضَ مــــتاهاته     يكفيــــــــهِ جهلاً أنه يدّعي) (11)

وقال عنه الناقد الأديب نعيم عبد مهلهل: (ولد على أديم سومر ونعومة الطين والظلال الممتدة من أور إلى ليل الناصرية ، شاعر مكتمل الحس في نضوج موهبته ،ويقرأ الشعر بصوت رخيم يشبه موسيقى أدعية الكهنة وقد يرتجله أو يكتبه بخط جميل من قلمه الباركر وحبره الأسود المعتم بشيء خفي من دلالات حزن جعلها رشيد مجيد ايقونة بوح لكل القصائد السومرية التي ميزته بهذا الإداء السحري والخصوصية التي حول فيها الطين الى مراث ومسلات ورقماً أثرية.

عاش في موهبتين مبكرتين ناضجتين هما فن التصوير وكتابة الشعر، لكنه في النهاية هجر الاستوديو الذي كان يسمى الاندلس والقريب من مقهى التجار في شارع الجمهورية واتجه الى الوظيفة في الادارة المحلية والمكتبة العامة واخلد ما تبقى في حياته الى نظم الشعر) (12)

شعره

يقول من قصيدته:

عبثاً يعبَّرُ عن مُصابِـــــــــكَ مرقمي      فلقد ذوى سحرُ الترنُّمِ من فمي

وتـحـطَّـمَ الـقـيـثـــــــــارُ بـين أناملي     وشـكـا إلـيَّ بــحـيـرةٍ وتـلـعـثـمِ

ما لي عييتُ عن النشيـــــــدِ وطالما     روَّيتُ هاتيكَ الملاحنَ من دمي

ماذا أقولُ وقد وجـــمتُ من الأسى؟     إذ دونـــــمـا أصـبو إليه ترنُّمي

كلا ولا الطيـــــــــرُ المغرَّدُ مـنـشـدٌ     فـلقد بدا في صمتِه كالأعجــمي

حيرانَ يرسلُ طرفه في غــــــــمرةٍ     لا تـنـجـلـي مـن مـحـنـةٍ وتــألُّمِ

يرنو إلى الاُفقِ المخضَّــــبِ ساهماً     يتلو سطوراً في السماءِ من الدمِ

فالأرضُ ثـــــــــكلى والسماءُ كئيبةٌ     وهـنـاكَ فـي الأجـواءِ رنَّـة مأتمِ

خطبٌ يجوسُ الأرضَ هولُ ظلامِه     ويجـوسُ أعـماقَ الوجودِ بــأظلمِ

يومٌ بـــــهِ وقفَ الحسينُ بـ (كربلا)     مـن اُمَّـةٍ تــاهـتْ بـبيعةِ مجـــرمِ

حيثُ انتــضتْ والحقدُ يملؤها لظىً     ســــيفَ الخيانةِ في يدٍ لم تـــسلمِ

إذ بايعته عــــــــــلى الخلافةِ في يدٍ     نعـــمتْ ملامـسُـهـا كـجلدةِ أرقمِ

فمضتْ تشنُّ وما ســـــوى أحقادِها     حـربـــاً تــبـدَّدُها انتفاضةُ ضيغمِ

قد خاضها بأعزِّ ما ملـــــــكَ امرؤ     دنياهُ مـــن مالٍ ومـن طفلٍ ظمي

(فهوى وفي شفتيه بســـــمةُ ظافرٍ)     ذهـبـتْ بــــثـغـــرِ اُمـيَّـة المتبسمِ

.................................................

1 ــ نشرت القصيدة مع ترجمة مقتضبة للشاعر في كتاب (يوم الحسين) وهو مجموعة القصائد والخطب التي اُلقيت بمناسبة ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام) للسنوات ١٣٦٧ ــ ١٣٧٠ هـ / ١٩٤7 ــ ١٩٥٠ م) من تأليف الأستاذ عبد الرزاق العائش وقد نشر لرشيد مجيد فيه ص 154

2 ــ من ديوانه: وجه بلا هوية ص 40

3 ــ موقع ويكيبيديا

4 ــ مهدي الحسناوي / عزران البدري: كان يبيع الشاي ثم تحول إلى الأدب، موقع عين ثالثة بتاريخ 16 / 7 / 2013

5 ــ داود سلمان الشويلي ــ ذكريات مع رشيد مجيد / موقع الحوار المتمدن ــ العدد 4274 بتاريخ 13 / 11 / 2013

6 ــ ظواهر معنوية في شعر رشيد مجيد / موقع الناقد العراقي، بتاريخ 16 / 8 / 2016

7 ــ ذكريات مع الشاعر رشيد مجيد، موقع الحوار المتمدن العدد 4274 بتاريخ 13 / 11 / 2013

8 ــ رشيد مجيد الصورة بين رؤيتين.. الفوتوغرافية والشعر، مجلة الشبكة العراقية بتاريخ 8 / 7 / 2019

9 ــ رشيد مجيد كما عرفته / مجلة بصرياثا بتاريخ 18 / 1 / 2023

10 ــ القصيدة الملمعة ... الشعراء رشيد مجيد و فائق الخالدي أنموذجا، مدونة داود سلمان الشويلي بتاريخ 28 / 6 / 2016

11 ــ السمة الإسلامية والتأثر بالقرآن الكريم في شعر رشيد مجيد، صحيفة المراقب العراقي بتاريخ 16 / 1 / 2023

12 ــ الشاعر الراحل رشيد مجيد.. الزقورة السومرية في ذكراها السنوية / وكالة الحدث برس بتاريخ 4 / 4 / 2018

كما ترجم له وكتب عنه:

موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين: 1 / 76،

الدكتور مصطفى لطيف عارف، آمال مدلول عطية ــ تمثُّلات السيرة الذاتية في شعر رشيد مجيد

محمد نوري قادر / في ذكرى الشاعر الراحل رشيد مجيد نافذة على قمر لم يرحل، موقع كتابات في الميزان بتاريخ 11 / 5 / 2011

داود سلمان الشويلي / رشيد مجيد .. إنساناً وشاعراً، موقع الناقد العراقي بتاريخ 9 / 1 / 2013

داود سلمان الشويلي / ظواهر معنوية في شعر رشيد مجيد ــ موقع الناقد العراقي بتاريخ 16 / 8 / 2016

إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ص 435

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 2 ص 252 ــ 253

معجم البابطين ج 2 ص 342

طارق حربي / مقهى عزران وشاعر المدينة موقع الحوار المتمدن بتاريخ 12 / 4 / 2013

مصطفى لطيف عارف ــ شعرية الحدث في مسرحية (تموز أنشودة الخلاص) المخطوطة موقع نخيل عراقي بتاريخ 3 / 9 / 2021

ضياء غني لفتة العبودي، تغريد خليل حامي ــ القصيدة السردية في المجموعة الشعرية (الليل وأحداق الموتى)‎ مجلة العلوم الإنسانية ــ المجلد 4، العدد 3 بتاريخ 30 / 6 / 2020

الدكتور مصطفى لطيف عارف ــ ديوان الرقص في مواسم الألم للشاعر رشيد مجيد: جمع وتحقيق ــ مجلة العلوم الإنسانية، المجلد 1، العدد 8 بتاريخ 31 / 12 / 2011

عناية الحسيناوي / شعراء وأدباء المنتفك

gate.attachment

كاتب : محمد طاهر الصفار