372 ــ محمد الصالحي الهلالي: (956 - 1012 هـ / 1549 - 1603 م)

 محمد الصالحي الهلالي: (956 - 1012 هـ / 1549 - 1603 م)

قال من قصيدة تبلغ (90) بيتاً:

أهلْ سَمعتْ أذناكَ وقعةً (كربلا)     وتجريعِهِ الأشرافَ كأساً من الردى

وكيف اغتدوا ما بينَ باكٍ بمدمعٍ     يـمـجُّ نـجـيـعَ الـدمـعِ كـالبحرِ مُزبِدا

وبـيـنَ ذبـيـحٍ بـالـدمـاءِ مــزمَّـلٍ     وبـيـنَ طـريـحٍ لـلـصـفـيـحِ تـوسَّـــدا (1)

الشاعر

قال محمد أمين المحبي في ترجمته: (شمس الدين محمد بن نجم الدين محمد الصالحي الهلالي الدمشقي، الأديب الكاتب المنشئ، الشاعر المشهور، فرد الزمان، وأوحد الأوان، ولد بمشق، وقرأ بها القرآن ثم توجه إلى مكة المشرفة وقرأ بها الفقه على الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي وعلى الشيخ عبد الرحمن بن فهد وعلى القطب المكى الشهروانى، ثم قدم دمشق بعد وفاة والده في سنة أربع وستين وتسعمائة وقرأ بها النحو والمعاني والبيان على العماد الحنفي والشهاب أحمد المغربي وتفقه بالنور النسفي المصري نزيل دمشق وبرع في الفقه والتفسير والأدب مع الذكاء المفرط وحسن الفهم ولزم العُزلة في حجرة بالمدرسة العزيزية وكان في الغالب يكتب تفسير البيضاوي وخطه في غاية الجودة ومشهور حق الشهرة خُصوصا في الروم فانهم يتغالون فيه وكان جمع مالاً عظيماً ولم يتزوج مدة عمره وكانت لهُ أُخت متزوجة في طرابلس الشام فسافر لزيارتها في سنة ثمان بعد الألف فاجتمع هناك بالأمير على بن سيفا فجعله في مدة إقامته بطرابلس معلماً لولده الأمير محمد السيفي فكان ذلك سبباً لإقامته بطرابلس مدة ومدح الأمير علياً وأخاه الأمير يوسف بقصائد طنانة ثم رجع إلى دمشق والذي تلخص فيه من القول إنه أبلغ بلغاء عصره وأفصح فصحاء دهره لم تكتحل بمثله عين الزمان ولم يبتسم لنظيره ثغر العرفان وقد ذكره الخفاجي وأثنى عليه كثيراً وهو أخذ عنه الأدب ثم قال في ترجمته وكان رحمه الله تعالى من سنته الاعتزال عن الناس وتقديم الوحشة على الاستئناس عاملاً في أواخر عمره بقول على رضى الله عنه:

بقية عمر المرء لا ثمن لها، يدرك بها ما فات، ويحيى ما مات...) (2)

وقال عنه تلميذه الشهاب الخفاجي: (هُمام بعيد الهمَّة، قريب منال مياه الجمّة، له درارِيُّ شيم، هي غُرَّة دُهم اللَّيالي، وبناتُ أَفكارٍ لم ترتضِعْ غير دَرِّ المعالي، فلا بربِّ المشرق والمغارب، إنها شموسٌ لم تزل طالعةً مِن سماء المناقب، وهي الآن شامَةٌ في وجَنات الشام، وروضة تفتَّحت أنوارُها بثغُورٍ ذاتِ ابْتِسام.

 

ومن سُنَّتِه الاعْتزالُ عن الناس، وتقديمُ الوَحْشة على الاسْتِئْناس، مُنقطعاً لاقْتِطاف زهرات العلوم، يمدُّ لِقِرَى الأسماع موائدَ المنثور والمنظوم، في زهدٍ مُتحَلٍّ بخِلاله، تَدِقّ صفاتُ المدح عن معاني جَلاله، بعزمٍ هو أبو العجَب، لو قُدِح زَنْدُه لَهَبَّ له لَهَب، وخَطٍّ تُسَرّ به النُّفوس، وتُوَشَّى بدِيباجِه الطُّروس.

خطٌّ زهَتْ أزهارُه ... والروض يُنْبِتُه السَّحابْ.

وشعرُه شَقِيق الرياض، المُطَّرِدة الحِياض، تُسْتَخرج الجواهرُ من بحوره، وتُحَلَّى لَبَّات الطُّروس بقلائد سطورِه، لم يصْرِفه لمدح كريم، ولا تغزَّل بمليحٍ كريم، ولعَمْري إِنه قطَع منه مَيداناً لم يصِلْ إليه الكُمَيْت، ونَقَّي ألفاظَه وهذَّب معانيه فلم يقُل فيه) لو (ولا) ليت (.وبالجملة فهو في عصره إمام الدب المُقتدَى به، والبليغ الذي لا تُثْمِر أغصانُ الأقلام إلا في رياض آدابه....) (3)

وقال عنه اليان سركيس: (كان أبلغ بلغاء عصره، وأفصح فصحاء دهره) (4)

له من المؤلفات:

التذكرة الصالحية

سفينة الدر في فنون الأدب 

صدح الحمام في مدح خير الأنام / في المدائح النبوية.

سوانح الأفكار والقرائح في غرر الأشعار والمدائح (5)

شعره

عُرف الصالحي بمدائحه النبوية الكثيرة والمطوَّلة ومنها روضة مجموعها (29) قصيدة التزم فيها الحرف الهجائي لكل قصيدة وقد اخترنا من كل قصيدة مقطوعة.

قال في القافية الهمزية من قصيدة تبلغ (63) بيتاً:

ورأيتُ مـالـي مـلـجأ من ذا الورى      إلا الذي قد خُصَّ بـالإسـراءِ

فـرأى بـعـيـنـي رأسِه مَن جلَّ عن      كيفٍ وكمٍّ في اجـتلاءِ الـرائي

نـسـلِ الأكــارمِ مِــن سـلالةِ هاشمٍ      والمنتقى من سـرَّةِ الـبـطـحـاءِ

من أخرسَ الفصحاءَ فصلَ خطابهِ      عجزاً وحــيَّـرَ سـائـرَ الـبُلغاءِ

مَـن فـلَّ بـالـكـلـمِ الـجوامعِ غربَهم      مِـن سـائرِ الشعراءِ والخطباءِ

نـاهـيـكَ مـن كـلـمٍ جــوامــعَ شُـرَّدٍ      سارتْ بهنَّ غواربُ الأنضاءِ

فـعـلـيـكَ صـلّـى ثـمَّ ســـلّــمَ ربُّـنـا      فـي كـلِّ إصبـاحٍ وفـي إمساءِ

وعـلـى جـمـيـعِ الآلِ أنوارِ الهدى      شمُّ الـمعاطسِ قادةَ الـعـظـمـاءِ

الـمـدركـيـنَ بـجـدِّهـم شـأو الـعُـلا      أهـلِ الـمكارمِ باليدِ الـبـيـضـاءِ

وقال في حرف الباء من قصيدة تبلغ (60) بيتاً:

لمْ نـعـهـدِ الـنـوقَ قد حنّتْ إلى أحـدٍ     إلا لأشرفَ مـبـعـوثٍ مـن الـعربِ

مَن اعتلى السبعَ مُـجـتـازاً إلـى أمدٍ     حتى توصَّل أسـنى منتهى الـرُّتـبِ

الـمـنـتـقـى مـن قريشٍ في عراقتِها     الـمُـصـطـفـى مـن كـرامٍ قادةٍ نُجُبِ

الفائـضُ الـكفِّ في يومِ العطاءِ بما     أربى على البحرِ والأنواءِ والسُّحُبِ

الـمـعـجزُ اللسنِ في يومِ المقالِ بما     يـبـديـهِ مـن حِـكَـمِ الأمثالِ والخُطبِ

ما بين بشرى يروحُ المرءُ ذا جذلٍ     منها ويغدو إلى الـخيراتِ ذا رغبِ

وبـيـنَ تـحـذيـرِ نـيـرانٍ إذا ذكـرتْ     يظلُّ من ذكرِها الإنـسـانُ في رهبِ

مـكمَّلُ الخَلقِ لا نـقـصٌ يُـشـانُ بـهِ     مهذّبُ الخُلقِ لا يُعزى إلـى غـضـبِ

ناءٍ عن الفحشِ في قولٍ وفي عملٍ     ومِـن رضا اللَهِ والـخـيـراتِ مقتربِ

أتـتْ إلـيـه الـمـعـالي وهيَ تخطبُه     مـنـهـا الـنـبوَّةُ فضلاً غيرَ مُـكـتـسـبِ

قد أدَّبَ الحقُّ تلكَ الذاتَ فهوَ على     مـا قــــالـه فـي أعـالـي ذروةِ الأدبِ

وقال في حرف التاء من قصيدة تبلغ (71) بيتاً:

مـحـمـدٌ خـيـرُ مـن يمشي على قدمٍ     وخـيـرُ مـن حـمـلـتـه الأرحـبـيـاتُ

لاحـتْ عـلـى الـكـونِ أنـوارٌ ببعثتِه     واسـتـحـكـمَ الـبـشرُ فيهِ والمسرَّاتُ

فـردٌ تـجـمَّـــع فـــيــهِ كـــلُّ مـنـقـبةٍ     لـمـا أتـتـه الـمـعــالـي والـكـمـالاتُ

دنـا مـن اللهِ تــشــريــفــــاً وقـرَّبَــه     ومـا تـقـدَّمـــه وعـــدٌ ومـــيـقــــاتُ

نصَّتْ إليهِ مـصـونـاتُ الـعلومِ وما     كـانـتْ لـتـرفـعَ لـولاهُ الـسـتـــاراتُ

حوى الـجـمالَ وكلَّ الحسنِ أجمعَه     فاستملِ بعضَ الذي تبدي الإشاراتُ

يا سيِّدَ الـرسـلِ يا أزكى الأنامِ عُلا     ومـن لـه الـجودُ والمعروفُ عاداتُ

كُنْ لي شفيعاً إذا ما قـمـتُ مُندهشاً     من مرقدي يـومَ لا تُـغـنـي القراباتُ

مَن لي سـواكَ أرجِّـيـهِ إذا نُـشـرتْ     مـطـويَّ ذنبيَ هاتيكَ الـصـحـيـفـاتُ

صلى عليكَ إلهُ الـعرشِ مـا تُـلـيـتْ     فـي فـضـلِ ذاتِــكَ أخــبــارٌ وآيـاتُ

كذا على الآلِ من طابتْ مغارسُهمْ     ومَـن لـهـم فـي ذرى الـعليا مقاماتُ

مِـن كـلِّ أروعَ مـا زالـتْ عـزائمُه     لـهـا إلـى الـمـجـدِ والـعـلـيـاءِ لفتاتُ

وقال في حرف الثاء من قصيدة تبلغ (40) بيتاً:

سـهـلُ الخلائقِ في حرَّاء لم يزلِ     للَهِ في خــلـــــواتِـــهِ يـتـحـنّـثُ

مَـن بـشّـرَ الـكـهَّـانُ أقــوامــاً بـه     والجنُّ تهتفُ والوحوشُ تُغوَّثُ

مَـن لا تـشـكّـتْ مـنـه آمـنـةٌ كـما     تـشـكو النساءَ الوالداتُ الطمَّثُ

مَن لمْ يزلْ جبريلُ من ربِّ العُلا     فـي روعِـهِ زبـدُ الحقائقِ يَنفثُ

اهدى إلى فعلِ الجميلِ من الـقطا     يـولـي ولا يـلـوي ولا يـتـريّثُ

يرضى بأنْ يـمسي بطاناً صحبُه     ويـبـيـتُ إشـفـاقـاً عليهمْ يغرثُ

لـم يـلـفَ يـومـاً منه ما يؤذى به     جـارٌ ولا يُـلـغـى لـديـهِ ويرفثُ

جـاءَ الأنــامَ بـمـا أزاحَ عـمـاهمُ     وغـدا بـهـمْ نـحوَ المكارمِ يدلثُ

بـزَّ الـفـصـاحَ الـمـقـلقينَ بمحكمٍ     أعـنـي الـقـرآنَ وما سواهُ يُنكثُ

مـعـنـى قـديـمٌ مـن قديمٍ لم يزلْ     والـلـفـظ مـنَّـا في الحقيقةِ مُحدثُ

يـقـضـي الـلـبـيبُ بأنَّه من ربِّنا     لا يُـمـتـرى فــيــهِ ولا يـتـلـبَّـــثُ

وقال في حرف الجيم من قصيدة تبلغ (51) بيتاً:

هلّا امتدحتَ الـمـصطفى من هاشمٍ     والمجتبي من خيرِ فحلٍ يـنـتـجُ

فـالـنـظـمُ إلّا فــي حـــلاهُ عـــاطـلٌ     والمدحُ إلا في عُـلاهُ يـسـمــــجُ

سامي الفخارِ إذا الملا عقدوا الحبا     زاكي الـنـجـارِ وبالعلاءِ مُـتوَّجُ

خـيـرُ الـخـلائـقِ لـلطرائقِ قد سما     فـوقَ الـبـراقِ على مطاهُ يـعرجُ

حـتى رأى ذاكَ الـجـمـالَ بــمـقـلـةٍ     ما شانَ منها الطرفَ شكٌّ يخلجُ

شـهـدتْ بـمـنـصـبِـهِ الـعوالـمُ كلها     حـيـوانُـهـا وجـمـادُهـا والعوسجُ

والـكـونُ مُـذ ظـهرتْ مخايلُ بعثِه     أضـحـى كـنـشـوانٍ غـدا يتهزّجُ

وعـلـتـه مـن بـعـدِ الـكـآبـةِ بـهجةٌ     فـغـدا يـمـيـسُ ونـشـرهُ يــتــأرَّجُ

والأنـبـيـاءُ الـمـرسـلونَ وغيرُهم     مـا مـنـهـمُ إلّا هُــــداهُ يـــنــهــــجُ

فهوَ الذي كالشمسِ يشرقُ نورُها     والأنــبــيــاءُ لـه جـمـيـعـاً أبــرجُ

وقال في حرف الحاء من قصيدة تبلغ (54) بيتاً:

ذاكَ الذي نتجتْ هجانُ أصولِه     من معشرٍ غرِّ الوجوهِ صِباحِ

مَن حـلَّ فـي الـعلياءِ أعلى منزلٍ     مـا أمَّـلـتـه عـزائـمُ الـطمَّاحِ

صدرُ النديِّ وغـيـثُ أنواءِ الندى     فـي حـالتيْ فخرٍ له وسماحِ

يـهـتـزُّ فـي يـومِ الـعـطــاءِ كـأنَّـه     نـشـوانَ هـزَّتـه سلافةُ راحِ

بـشـواردٍ قـد قـيَّـدتْ فـصـحاءَهم     ونوافثٍ سـحرَ البيانِ فِصاحِ

حتى اغـتدوا وهماً كأنَّ عـقولهمْ     سُلبتْ بسحرٍ لـلـعـقـولِ مُتاحِ

ثم اسـتـبانوا إنَّ مـا قـد جـاءهـمْ     جـدٌّ تــنـزّهَ عـن قـبـولِ مُزاحِ

وأصابهمْ حَسدُ النفوسِ وحاولوا     إغلاقَ بابٍ مــن لـدى فـتَّـاحِ

فـهـنـاكَ أضحوا مسكتينَ حقيقةً     مُذ كُلّـمـوا بــصـوارمٍ ورماحِ

صـلـى عــلـيـكَ اللَهُ ربِّــي كـلما     قصدتْ حِماكَ ركائبُ النزَّاحِ

وعـلـى جـميعِ الآلِ أخدانِ الوفا     مـن كـلِّ شـهـمٍ لـلندى مرتاحِ

من كلِّ مــن بـلغَ السماءَ فخارُه     فـي يـومِ سلمٍ أو مـقـامِ كـفـاحِ

وقال في حرف الخاء من قصيدة تبلغ (30) بيتاً:

قـبـابٌ بـهـا خـيـرُ الأنــامِ ومَــن له     مقامٌ على الأفلاكِ والعرشِ شـامـخُ

نبيُّ الهدى مولـى الأنـامِ مـنـاصــحٌ     ومَن هوَ بالمعروفِ للكلِّ راضــخُ

له راحـةٌ مـنـها تـفـيـضُ إذا هـمـتْ     بـحـارُ نـدىً مـا بـيـنـهـنَّ بـــرازخُ

تـقـيٌّ فـلـم يـشـنـأ بما قالَ مُـبـغـضٌ     نـقـيٌّ فـلم يدنسْ له العرضَ لاطـخُ

إذا صـالَ فـي يـومِ الـنـزالِ بصارمٍ     فلا يـنـثـنـي إلّا ولـلـهــامِ شـــــادخُ

لـعسَّالِهِ إن شكَّ في الدرعِ غـوصـةٌ     كما غاصَ في الغدرانِ أسودُ سالخُ

إذا صبـحـتْ أعـداءه الـخـيـلَ شزّباً     عـلـيـهـا مـن الـفـتـيـانِ قومٌ سوانخُ

خفافٌ لدى الهيجاءِ في ساعةِ الندى     وفـي مـجـمعِ النادي جبالٌ رواسخُ

فـقـد جـالَ فـي الأعداءِ أسْدٌ خـوادرٌ     وسـالَ بـهـمْ سيلٌ من الموتِ جالخُ

متى ترتمي بـي نـحـوَ طـيـبـةَ أينقٌ     وتُـقـطـعُ أمـيـالٌ بـهـا وفـــراســـخُ

وقال في حرف الدال من قصيدة تبلغ (90) بيتاً:

هوَ السيِّدُ الـمبعوثُ أشرفُ مرسَلٍ     وأكرمُ كلِّ الـخـلـقِ فـرعـاً ومحتدا

روى الغيثُ عن كفّيهِ مُرسل سبيهِ     وسـلـسـلـه عـنه الـغـمـامُ وأسـنـدا

تـعـوّدَ بـذلَ الـخـيـرِ طـبـعاً وهكذا     لـكـلِّ امـرئٍ مـن دهرِهِ ما تـعـوَّدا

هدى الخلقَ لمَّا جاءَ بالحـقِّ معلناً     إلـى مـنـهـجٍ فـيـه الـنـجـاةُ وأرشدا

وحــجَّ الأعــادي تـــارةً بـــأدلّــةٍ     تجلّى القذا عن عينِ من كانَ أرمدا

إلى أن أتـمَّ اللَهُ ديـــنَ رســولِــــهِ     وأتهـمَ فـي كـلِّ الــبــلادِ وأنــجــدا

فـسـقـيـاً لـقـبـرٍ ضـمَّ عنصرَ ذاتِهِ     لـقد ضمَّ ربَّ العلمِ والمجدِ والندى

ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

تـولّى يزيدُ الـفـسـقِ مـن بـعدما مضى     زمـانٌ إلـيـهِ والأمــورُ لـهـا مـــدى

فـشـقّـتْ شـمـالُ الـديـنِ والـتـأمـتْ بــهِ     شـعـوبُ ضـلالٍ جـدَّ فـيـهـا وجَـدَّدا

أحـبَّ لـرفـعِ الـمـلـكِ تــمـزيــقَ ديــنِـهِ     فـأضـرمَ نـيـرانَ الـفـسـوقِ وأوقـدا

فلا ديــنَــه أبـقـى ولا الــمـلــكُ دائــــمٌ     ومن يضللِ الرحمنَ لم يلفَ مُرشدا

أهلْ سـمـعـتْ أذنــاكَ وقـعــةَ (كربلا)     وتجريعِهِ الأشرافَ كأساً من الرَّدى

وكـيـفَ اغـتـدوا مـا بـيـنَ بـاكٍ بمدمعٍ     يـمـجُّ نـجـيـعَ الـدمـعِ كـالبحرِ مُزبِدا

وبــيــنَ ذبــيــحٍ بــالـــدمـــاءِ مُــزمَّـلٍ     وبـيـنَ طـريـحٍ لـلـصفـيــحِ تــوسَّـدا

وبـيـنَ حـبـيــاتِ الـوجــوهِ ســوافـــراً     سـوالـبَ قـد جـاذبنَ حجلاً ومعضدا

أجـبـنـي جـوابـاً لا أبــا لــكَ شــافــيـاً     أهـلْ هـذهِ أفــعـالُ مـن يـدّعـي هدى

تولّوا كراماً رهـنَ رمـسٍ وكمْ مضى     إلى الرمسِ هذا الخلقُ مثنىً وموحِدا

كأن لمْ يَروا صـدرَ الـنــدي كـأنَّــهـم     وقـد طـاشـتِ الأحـلامُ طـوداً مـوطّدا

كأنْ لمْ يـحـامـوا عن طـريـدٍ وخائفٍ     بـأسـيـافِـهـم لـمَّـا أتــاهــمْ وأســــــأدا

كأنْ لمْ تؤرَّقْ فـي الـمـعـالـي عيونُهم     وقـد أمـسـتِ الأقـوامُ فـي الليلِ هُجَّدا

كأنْ لمْ يـسـوقـوا البدنَ يُنحرنَ للقِرى     وإن لامـهـمْ فـي الـجـودِ نـكسٌ وفنّدا

كأنْ لمْ يزيروا الرمـسَ كـلَّ سـمـيدعٍ     وقـد جـرَّدَ الـجـردَ الـعـتـاقَ وحـشّـدا

كـأنْ لـمْ يـجـلّـوا الـنقعَ والنقعُ مُسدفٌ     بـكـلِّ مـحـيَّـاً مـثـلِ نــجــمٍ تــوقّــــدا

كأنْ لمْ يقودوا الخيلَ مِن كلِّ صـافـنٍ     ومِـن كـلِّ مـيـمـونِ الـطـلـيـعةِ أجردا

كـأنْ لـمْ يَـردوا الـسـمـرَ راعـفـةً دماً     ولـم يـتـركـوا خـدَّ الـحـســامِ مُــورَّدا

كـأنْ لـمْ يـجـرُّوا والـكـمـاةُ عـوابـسٌ     لـدى مـلـتـقـى الـهـيـجا دلاصاً مُسرَّدا

كأنْ لمْ يقدّوا القرنَ في حومةِ الـوغا     ولـم يـتـركـوا شـلـوَ الأعـادي مُـقــدّدا

فيا لهفَ نفسي حيثُ لا لـهـفَ نـافـعٌ     عـلـيـهـمْ ومَـن لـي أن أكــونَ لـهمْ يَدا

فما ذاتُ طوقٍ في الـغصونِ ترنّمتْ     وجـاوبَـهـا فـي الأيـكِ ألـــفٌ وغــرَّدا

لـهـا فـي أعـالـي الـدوحِ وكـرٌ مُمنَّعٌ     لـتـحـمـي أفـاريـخـاً لـهـا فيهِ مِن ردى

وطارتْ تغذّ الـسـيرَ في الجوِّ تبتغي     لأفـراخِـهـا فـي الأرضِ قـوتـاً مرغّدا

ومُذ رجعتْ ألفتْ على ظاهرِ الثرى     لـهـم ســؤرَ أعــظـــامٍ وريــشـاً مُبدّدا

أتـيـحَ لـهـمْ مـن كـاسرِ الطيرِ جارحٌ     لـمـا قـد عـنـاهُ لـم يـزلْ مُـتــرصِّــــدا

فـرنّـتْ وحـنَّـتْ ثـم أنَّـتْ بـحـرقـــةٍ     عـلـى فـنـنٍ مـن نـاضـرِ الـدوحِ أمـلـدا

فبينا تفيضُ الدمعَ من جـورِ دهـرِها     ومِـن أجـلِ مـا أخـنى عــلـيـها وأفسدا

إذا هـيَ فـي أحـبـالِ إشــراكِ صـائدٍ     بأمـثـالـهـا فـي الـصـيدِ ما زالَ مُجهدا

فظلّتْ تقاسي الأينَ والبيـنَ والجوى     وسـهـمَ فـراقٍ قـد أريــــشَ فــأقــصدا

بـأبـرحَ من شجوي إذا عـنَّ ذكرُهم     وقد صرتُ بعدَ القومِ في الحزنِ مُفردا

عــلـى رمـسِـهـمْ نـوءٌ إذا سحَّ ودقُه     عـلـى دارسٍ مـن رسـمِ رمـسٍ تـجـدَّدا

فـيـا سـيِّدَ الرسلِ الـكـرامِ ومَـن لــه     مـقـامٌ سـمـا نـسـرَ الـسـمــاءِ وفــرقــدا

أرجِّي بـحـبِّـي أهـلِ بـيـتِـكَ كـلــهمْ     خلاصاً من النيرانِ في محـشـري غـدا

وصـلّـى إلـهـي ثـم سـلّـمَ دائـــمـــاً     عـليكَ مدى الأزمـانِ مـا مـطـربٌ شـدا

وقال في حرف الذال من قصيدة تبلغ (40) بيتاً:

أزكــى الأنـامِ مـفـاخــراً ومـنـاقـبــاً     من كلِّ حافٍ مـنـهـمُ أو مُـحـتـذي

فــهــوَ الــمـؤدَّبُ والـمـهـذّبُ خـلقُه     وهـوَ الـحـيـي الألـمـعـيُّ الأحوذي

كـرمـتْ خـلائـقُ ذاتِـهِ وتــنـزَّهـتْ     عـن وصفِ أرعنَ في خلائقِهِ بَذي

تجلى العيونُ بنورِ شـمـسِ جـبـينِه     مهما انجلتْ من تحتِ لوثِ المشوذِ

تأتي صروفُ الـدهـرِ طـائـعـةً لـه     حـتـى يـصـرِّفُـهـا بــرأيٍ مــنـجــذِ

إن شـئـتَ مِن ذا الدهرِ تنجو دائماً     فـبـهِ إذا مــا كـنـتَ فــي غــــمٍّ لــذِ

أو شئتَ أن تحيا سعيداً في الورى     فـبـمـا أتـى مـن كـلِّ مـشـروعٍ خُـذِ

أعني الـقـرآنَ وسـنـةً قـد سـنَّــهــا     فـاعـمـلْ بـهـذا ثـمَّ اتــبــعــه بــذي

فـكـلاهـمـا مـمَّـا يـنـجِّي ذا الورى     مـن كـلِّ جـانٍ مِــن لـظـىً مُـتـعوِّذِ

مَـن لـم يـصـدِّقْ بالكتابِ وما أتى     مـن سـنَّـةٍ فـي وســطِ نــارٍ يُـنـبُـــذِ

وقال في حرف الراء من قصيدة تبلغ (63) بيتاً:

خيرُ الأنـامِ وأزكـاهــمْ وأكـمـلـهـمْ     وأفضلُ الناسِ من بادٍ ومـحــتضرِ

شمسُ الوجودِ ومَن جـلّـى بـبـعثتِهِ     أحـلاكَ جـهـلٍ فـقـيدَ النورِ مـنكدرِ

روحُ الـعـوالـمِ لـولا عـينُه وجدِتْ     لأصبحَ الكونُ جسـماً دارسَ الأثرِ

ذو المعجزاتِ التي كالشمسِ باديةٌ     لذي البصيرةِ إشراقاً وذي البصرِ

منها انبجاسُ غديرِ الماءِ مِـن يـدِه     عـذبـاً زلالاً يـروِّي غـلّـةَ الـصدرِ

ورؤيةُ القومِ في أفـقِ الـسـماءِ وقد     راموا اقتراحاً عليهِ الـشـقَّ لـلقمرِ

والجذعُ قد حنَّ مـن شوقٍ إليهِ وقدْ     أتـاهُ يـسـعـى إليهِ أخضرَ الشــجرِ

وأخـذِه الـكـفَّ مِـن بطحاءَ أرسلها     لأعينٍ القومِ فـارتـدوا بـلا بــصرِ

سائلْ قريشاً غداةَ النقعِ كيفَ رموا     بعارضٍ من زؤامِ الموتِ مُنـهمرِ

واهتزَّتِ السمرُ نشوى من دمائهمُ     لمَّا سمعنَّ صليلَ البيضِ كـالــوترِ

وقال في حرف الزاي من قصيدة تبلغ (30) بيتاً:

بـلـغـنَّ السلامَ عنِّي حـبـيـبـاً     ليسَ يُلقى لفضلِه مـن مـوازي

كلُّ مجدٍ حـقـيـقـةٌ فــي عُلاهُ     وسـواهُ يُـرى لـه كـالــمـــجـازِ

أفحمَ اللسنَ مُذ أتى بـكـتـابٍ     غـايـةٍ فـي نـهـايـةِ الإعـجـــازِ

جيدُ السبكِ في بـديـعِ بـيــانٍ     لالـتـئـامِ الـصـدورِ بـالإعـجازِ

كمْ جلا كلَّ مشكلٍ ومـعـمىً     مِن أمـورٍ فـي غـايـةِ الألـغــازِ

ليسَ يلفى لذا الكتابِ شـبيـهٌ      فاروِ عني قولاً بغيرِ احـتــرازِ

يا أجـلَّ الأنـامِ قـدراً وعـلماً     وكـريـمـاً وفـى بـوعـدٍ نـجــازِ

وبليغاً أتى بـقـولٍ فـصـيـحٍ     من ضروبِ الإسهابِ والإيجازِ

جـادَ فـي كـلِّ بـكرةٍ ومساءٍ     روضَ قبرٍ قـد خُصَّ بالإعزازِ

وصلاةٌ عليكَ فـي كلِّ وقتٍ     مِـن إلـهٍ عـلى الـجميلِ يُجازي

وقال في حرف السين من قصيدة تبلغ (40) بيتاً:

لـولاهُ مـا دارتِ الأفـــلاكُ واتّـحـدتْ     فصولُ كـونٍ بـأنـواعٍ وأجـــنـــاسِ

منزَّهُ القولِ عن فـحشٍ وعـن خـطـلٍ     مـبـرَّأُ الـعرضِ لم يـتـهـمْ بــأدنـاسِ

يلينُ صلدُ الحصى من وعـظِ منطقِهِ     فـاعـجـبْ لـقـلـبٍ يـعيهِ دائـماً قاسي

تـحـيـا الـقـلـوبُ بـمـا يبديهِ من حِكَمٍ     وتبعثُ الميتَ لو نُودي مـن ارماسِ

سحَّتْ على الكونِ منه سحبُ عارفةٍ     وعـطّـرَ الـجـوَّ مـنـه طــيـبُ أنفاسِ

عـاري السجيَّةِ عن وصفٍ يُشانُ بهِ     ومن مكارمِ أخلاقِ الــرضـا كـاسي

رعاهُ ربِّـي بـعـيـنِ الـحـفـظِ تحرسُه     فـلـيـسَ يـحـتـاجُ فـي حــفظٍ لحرَّاسِ

تـراهُ كـالـطيرِ إسراعاً لـفـعـلِ نـدىً     وفي الندى إذا اصطفَّ الـملا راسي

يا سيَّدَ الـرسـلِ يـا مَـن حـقُّ قاصدِه     يـسـعـى إليهِ على العينيـنِ لا الراسِ

كُـنِ الـشـفـيـعَ لـعـبـدٍ مـن جـرائـمِه     يـمـسـي ويـصـبحُ في غـمٍّ ووسواسِ

وقال في حرف الشين من قصيدة تبلغ (29) بيتاً:

ورمتُ لذنبي غفرةً يومَ عرضةٍ     بمدحِ نبيٍّ انـطـقَ الـضـبَّ والـوحـشا

كريمٌ فـلا الـراجـي نـداهُ بـمخفقٍ     ولا الـخـائـفُ الجاني إذا أمَّه يـخشى

إذا عـبسَ الأجوادُ في يومِ بذلهمْ     تـراهُ وقـد أعـطـى بـهـشٍّ وقـد بـشّــا

هوَ السيِّدُ الراقي إلى ذروةِ العلا     ومَن حلَّ عرشاً بعد ما جاوزَ الفرشا

وشـاهـدَ مـن لا مـبـدأ لــوجـودِه     ومَن أوجدَ الأفلاكَ والفرشَ والعرشا

ومـا شـكّ فـي مـا قد رآهُ بـعينِه     ولا صـعـقٌ أوهـى قـواهُ ولا أغــشــا

ولا شدّةُ الأنوارِ ألـوتْ بطـرفِهِ     وأنـسـابُـه مـا كــانَ عن دركِها أعشى

رأى القلمَ الأعلى وأسمعَ حـسَّه     وعُـلِّـمَ ما قـد خــط كـشـفـاً ومـا أنـشا

وعادَ لإرشادِ الخلائقِ لـلـهـدى     وقـد بـذلَ الـمـجــهودَ نصحاً وما غشّا

فأبدى لهمْ قولاً من النصحِ لـيِّناً     وفـي مـرَّةٍ إذ خــالــفــوا أمــرَه بطشا

وقال في حرف الصاد من قصيدة تبلغ (40) بيتا

إلى أن نرى ذاكَ الضريحَ الـذي ثـوى     بـهِ خـيـرُ من تُنضى إليهِ قلوصُ

وأفضلُ من جـاءتْ بـتـفـصـيلِ فضـلِهِ     نصوصٌ توالتْ أثرهنَّ نصوصُ

هوَ المصـطـفـى من خيرِ قـومٍ وأسرةٍ     نـمـتـه جـدودٌ أكـرمـونَ وعـيصُ

بـطـيـنٌ مـن العرفانِ والفضـلِ والتقى     ومـمِّا نهى الرحمنُ عنه خميصُ

إذا بـحـرُ كــفّـيـه تـلاطــــــــمَ زاخـراً     فإنَّ عُبـابَ الـبـحـرِ فـيهِ خريصُ

هوى الشركُ مذ جاءتْ شريـعةُ أحمدٍ     وصار لها فوقَ الـسماكِ نشوصُ

رسـا ديـنُـه وامـتـدَّ فــي الأرضِ ظلّه     فليسَ له في المشرقـيـنِ قـلـوصُ

أتى بـكـتـابٍ أعـجـزَ الـعـربَ لـفـظُـه     لـريـنِ قـلـوبِ الـمؤمنينَ يشوصُ

مـعـانـيـهِ مـثـلُ الـبحرِ يقذفُ جوهراً     أولـو الـفـهمِ والألبابِ فيه تغوصُ

ومـبـنـاهُ فـي الإتـقـانِ لا شـيءَ فوقه     ومـعـنـاهُ فـي بـابِ الـبيانِ تريصُ

تـطـاولَ قـومٌ إن يــجــيــئـوا بـمـثـلِهِ     وكـيـفَ وأنّـى والـمـرامُ عـويصُ

ولـمَّا رأوا ضـيـقَ الـمـجـالِ تأخَّروا     وصـارَ لـهـمْ فـي خـافقيهِ نكوصُ

وقال في حرف الضاد من قصيدة تبلغ (36) بيتا:

وجَـبـتْ بـمـبـعـثِـه قـلـوبُ عـداتِــه     وغدتْ تسنُّ له الـصلاةُ وتُفرضُ

وغـدا مـنـارُ الـشـرعِ يـزهو رفعةً     والـشـركُ أمـسـتْ عـمدُه تتقوَّضُ

حـمـالُ أعـبـاءِ الـشـدائــدِ يــــومَ لا     تُغني القرابةُ والـخـلائقُ تعرضُ

في مـوقـفٍ عـمَّـتْ روائــعُ هـولِـهِ     والحقُّ يرفعُ من يــشاءُ ويخفضُ

ما في جميعِ الأنـبـيـاءِ ورسـلِــهـمْ     حتى الملائكِ من غــدا يـتـعرَّضُ

فهناكَ يأتي الـخـلقَ أشرفُ مرسَلٍ     فـيـشـدُّ مـئـزرَ عـزمِـهِ إذ ينهضُ

فـيـظـلُّ يـسـألُ ربَّــه فـيـجـيــبُــــه     اشـفـعْ أوامِـرُنـا إلـيـكَ تـفــوَّضُ

يا خـيـرَ مـن يـحـلـو مكرَّرُ مدحِهِ     ويـلـذّ نـظـمٌ فــي حــلاهُ يـقـرَّضُ

كُنْ لي الشفيعَ إذا الجحيمُ تسعّرتْ     وغـدتْ تـشـوِّهُ للوجوهِ وترمضُ

فـمَـنْ الـذي يُـرجـى لـيـومِ مُـلـمَّةٍ     ألّاكَ يـكـشـفُـهـا إذا تـــتــــأرَّضُ

فـعـلـيـكَ صـلـى ذو الـجلالِ إلهنا     مـا نـاحَ صـبٌّ جـفـنُه لا يغمضُ

وقال في حرف الطاء من قصيدة تبلغ (60) بيتاً:

هـوَ الـخـاتـمُ المبعوثُ أشرفُ مرسَلٍ     وأكـرمُ مـن ضـمَّـته فـي مهدِه القمطُ

ومن لم يزلْ يقظانَ في المجدِ والعُلا     وقد نعسَ الأقوامُ في المجدِ أو غطوا

تلقّى من الـرحـمـنِ فــي كـلِّ لـحـظةٍ     حقائقَ لا تحصى ولا يـمـكنُ الضبط

أباحَ له الـتـصـريــفُ فـي كـلِّ مـلكِهِ     وقالَ إليكَ الحلُّ في الـحـكـمِ والـربطُ

فـسـاسَ جـمـيـعَ النـاسِ أوفى سياسةٍ     ومالَ بميزانِ الـقـضـايـا بـه الـقـسـطُ

وأخبرَ عن أنـبـاءِ مــا سـطّر الأولى     وعـن مـحـدثٍ يـأتـي لإزنـادِهِ سـقـط

ومـا قـرأ الأسـفـارَ يــومـاً ولا رأى     مـنـالاً ولا لـوحــــاً بـأسـطـــارِهِ خـطّ

يجازي على المعـروفِ عبداً وسيداً     وليسَ عليهِ يومَ يـولــي الـنـدى شرط

ومـا شـابَ مـا يـولــيهِ مّنٌّ ولا أذى     ولا شـانَ مـا يُـولاه كـفرٌ ولا غــمــط

إلـيـهِ الـنـدى ألـقــى مـقـالـيـدَ أمـرِهِ     وقالَ إليكَ القبضُ في البذلِ والـبســطُ

إليكَ رسولُ اللَهِ وجَّـهـت مـطـلـبـي     فما خابَ من رجَّى غياثَ الورى قــط

وتـتـرى صلاةٌ مِن إلهي على الذي     بـه بـشّـرَ الأحـبـارُ والـرومُ والـقـبــطُ

وقال في حرف الظاء من قصيدة تبلغ (30) بيتاً:

والأنـبـيـاءُ عـلـيـهِ أثـنـوا كـلـهـمْ     وكـذلـكَ الـخـطباءُ والـوعّـاظ

من أوتيَ الكلمَ الجوامعَ واغتدتْ     تروي صحيحَ متونِها الحفّاظ

جـزلـتْ مـعـانـيـهـا فبنت مدرَّهاً     ذربَ اللـسانِ ورُقّتِ الألـفـاظُ

تترشّفُ الأسماعُ صرفَ سلافِها     مِـن رقّـةٍ ولـغـيـرِهـا لـفَّـــاظ

سارتْ بها الركبانُ أيـنَ توجَّهوا     يروونَها مهما شتوا أو قاظوا

ما لفظ قسٍّ حين قـامـتْ بـالـملا     يومَ الـمـواسـمِ والوفودُ عُكاظ

يا خيرَ مَن وخدتْ إليهِ قلائـصٌ     أبداً لها نحوَ الـعـقـيـقِ لـحـاظ

كُنْ مُنقذي من صرفِ دهرٍ نابه     أبداً لمثلي في الورى عـظّاظ

إذ لـسـتُ ألـقـى فـيـهِ خـلّا وافياً     يلقى له من سهوهِ اسـتـيـقـاظ

صـلّـى عـلـيكَ اللَهُ يا مَن ذكـرُه     روحٌ على قلبٍ عراهُ كـظـاظ

وقال في حرف العين من قصيدة تبلغ (60) بيتاً:

وللـعـلـمِ الـهـادي إلــى خــيـــرِ مـلّــــةٍ     ضريحٌ بها تومي إلـيـهِ الأصـابعُ

تضمَّنَ مـحـضَ الـجـودِ والحلمِ والتُقى     فأكرمْ بما ضمَّته تلكَ الـمـضـاجعُ

نـبـيُّ الـهـدى الراقي مقاماً مـن الـعـلا     غدتْ دونه الأبصارُ وهيَ خواشعُ

تـقـاصـرَ عـن أدراكِــه كـــــلُّ طـالـبٍ     وآبَ بـفـقـدانِ الـمـنـى عـنهُ طامعُ

وكـيـفَ يُـرجّى فـي الـعُـلا دركُ غايةٍ     وما أمَّلتها في اللحاقِ الـمــطـامــعُ

سرتْ روحُه مذ سارَ في الأفقِ جسمُه     وجاوزَ أفلاكاً لـهـا الـعـــرشُ تابعُ

ومـا انـفـكَّ تـركـيـبَ الـمـزاجِ لـه ولا     عـنـاصـرُ قـد حـلّتْ له وطـــبـائـعُ

وطـافـتْ بـه الأمـلاكُ مِـن كـلِّ جانبٍ     وحـفَّ بـه نـورٌ مـن الـحـــقِّ لامعُ

فـيـا خـيـرَ مـن تُـزجــى إليه ركـائـبٌ     مِن الشوقِ والشوقُ الشديـدِ طلائعُ

لأنـتَ الـمُـرجَّـى لـلـعـصـاةِ وما جنوا     وأنتَ لهمْ في موقفِ الحشـرِ شافعُ

وقال من قصيدة في حرف الغين تبلغ (30) بيتاً:

وجعلتُ ذُخركَ في القيامةِ مَن غدا     بـالـحـلـقِ جـبـهـةَ كـلِّ شركٍ يدمغُ

أعـنـي الـنـبـيَّ الأبـطـحـيَّ مـحمداً     مـن جـاءَ عـن ربِّ الـسـمـاءِ يُـبلّغُ

أفـلـتْ كـواكـبُ كلِّ شركٍ مُذ أتـى     كالشمسِ في الآفاقِ أضـحتْ تبزغُ

خطمتْ به بـزلُ الضلالِ وأسكِتتْ     لمّا اغتدى هذا الـفـنـيــقُ يُـشـغشغُ

أمــلــى كـتــابــاً أحـكِـمـتْ آيــاتُـه     حـاشـاهُ مـن فـدمٍ بـجـهـــلٍ يـنـشـغُ

جمعَ الفصاحةَ والـبـلاغـةَ كـلّــهـا     فهوَ الـفـصــيـحُ ومـن ســـواهُ ألـثغُ

نـبـغـتْ مـغـارسُ أصلِهِ في دوحةٍ     مِن هـاشــمٍ فــلـنِـعـمَ ذاكَ الـــمـنبغُ

يـا سـيِّـدَ الـرسـلِ الـكـرامِ ومَن به     آمـالـنـا يــومَ الــقـيـامـــةِ نـبـــلـــغُ

أنتَ المؤمّلُ للخلاصِ إذا اغـتـدتْ     نـارُ الـجــحـيمِ لـفرطِ غيظٍ تـــنشغُ

صـلّـى عـلـيـكَ اللَهُ يــا مَـنْ مدحُه     أحلى من الــماءِ الـزلالِ وأســـوغُ

وقال في حرف الفاء من قصيدة تبلغ (64) بيتاً:

إلـى أن يـروا تـلـكَ الـقـبـابَ الـتي بها     شـفـيـعُ الورى ذاكَ الـنـبـيُّ المشرَّفُ

سـلـيـلُ الـعُـلا نـسـلُ الأكــارمِ مَـن له     مـقـامٌ عـلـى هـامِ الـسـمـاكينِ مُشرِفُ

بـه فـخـرتْ عــدنـــانُ كـــلَّ قـبـيــلــةٍ     وبـاءتْ نــزارٌ بــــالـعــلاءِ وخـنـدفُ

بـعـيـدٌ عـن الـفـحـشـاءِ فـعـلاً ومُـقولاً     قــريــبٌ لــه بـالــمـؤمـنـيـنَ تـلـطّفُ

يـجـودُ ولـمْ يــخـلـفْ وعـوداً لـسـائلٍ     وكــمْ وَعَــدَ الأقـــوامُ جـــوداً وأخلفوا

إذا جـادَ لا يـصغـي إلـى لــومِ لائـــمٍ     وأهـونُ شيءٍ مـــا يــقـــولُ الـمُـعنَّفُ

رفـيـعُ الـذرى بادي السنا نورُ وجهِه     كـبـدرٍ ولـكــنْ لـيـسَ كـالبدرِ يخـسفُ

تـرقّـتْ بـه الـعـلـيـاءُ أعـلـى هضابِها     فـهـا هـو مـن أعلى المراتبِ يُشـرفُ

وأنوارُه كالشمسِ تشرقُ في الضحى     عيونُ العدى منها مدى الدهرِ تطرفُ

فـيـا خـيـرَ خـلـقِ الله أرجــوكَ شافعاً     فـأنـتَ عـلـى الـعـاصـينَ مثليَ تعطفُ

وقال في حرف القاف من قصيدة تبلغ (63) بيتاً:

إلى كعبةِ المعروفِ والحلمِ والتقى     إلـى صـابــحٍ فـي كـلِّ مـجدٍ وغـابـقِ

إلـى حـضرةٍ ألقى بها الجودُ رحلَه     وغصَّتْ بأصنافِ الوفودِ الطــوارقُ

إلى خـيـرِ خـلـقِ اللَهِ فرعاً ومحتداً     وأكـرمِ آتٍ بـــالأمـــورِ الــخـــوارقِ

إلى مَن علا متنَ الـبُراقِ وقد سما     بهِ في ظلامِ الـليلِ فـوقَ الــطــرائـقِ

إلـى سـيِّـدٍ طـابـتْ عـنـاصـرُ ذاتِهِ     فجاءَ شديدَ الـــبأسِ سهلَ الــخــلائـقِ

جميلٌ إذا شامَ الفتى برقَ حـسـنِـهِ     يـروحُ بـقـلـــبٍ دائمِ الــشــوقِ وامـقِ

أتـى وظـلامُ الشركِ داجٍ فمذ أتى     تـلألأ فـــيــــهِ وامـــضـاتُ الـبـوارقِ

وجـاءَ بـديـنٍ حـاسـمٍ كـلَّ شـبـهـةٍ     وللفتقِ مـمَّـا يـغضـبُ الــحـقَّ راتــقِ

ولا بدعَ إذ حـازَ الـعـلاءَ ومن قفا     هداهُ وقد فازوا بـخــيـرِ الـخــلائـــقِ

وصلّى عليكَ اللَهُ يـا مَـن قـلـوبُـنا     تحنُّ لـمـغـنـاهُ حـــنــــــيـنَ الأيــانــقِ

وقال في حرف الكاف من قصيدة تبلغ (49) بيتاً:

مـــحـمـدٌ سـيِّـدُ الـرسـلِ الـكـرامِ ومَــن     أربـى عـلى كـلِّ عـبَّـادٍ ونُـسَّــاكِ

مــن أشـرقـتْ بـهـداهُ كـــلُّ داجــيـــــةٍ     لـمَّـا أتـى مـن جهالاتٍ وإشــراكِ

من قصَّرَ الوصفُ عمَّا حازَ مِن رُتبٍ     وآبَ بـالـعـجـزِ عـنها كــلُّ إدراكِ

الفائضُ البذلِ فوقَ السحبِ إذ هـمـعتْ     مـا هـمَّ قـط وقـد ضنَّـتْ بإمـسـاكِ

رامـتْ لـتـحـكـيـهِ فـي فـيضٍ فقيلَ لها     شتّانَ ما بين ذا الـمحكيِّ والحاكي

هـذاكَ يـهـمـي بـعـيـنٍ ضـاحـكٍ جـذلاً     وأنــتِ لـكـنْ بـعـيـنٍ طـرفُها باكي

يا لـيـتَ شـعـريْ مـتـى تدنو الديارُ لنا     حتى نشاهدَ مغنى المرسلِ الزاكي

لا بـدّ أن شــاءَ ربِّــــي أن أقـولَ لـهـا     يا نوقُ سيـري فـليسَ الشامُ مأواكِ

سيري لأحمدَ مولى كـلِّ عـــارفــــــةٍ     مـولـى الأنـامِ ومـولانــا ومــولاكِ

صلّى عليهِ الـذي أولاهُ مِـــن نِـــعـــمٍ     مـا لـيـسَ تحـصـيـهِ تدقيقاتُ درَّاكِ

وقال في حرف اللام من قصيدة تبلغ (51) بيتاً:

وإن لغبتْ في الـسيرِ غنّتْ حداتُـها     بـمـدحـي نـبـيَّـاً لـلـخـلائقِ مُرسَلا

أبا القاسمِ المبعوثَ للـخـلـقِ رحمةً     مـحـمـداً الـراقي إلـى ذروةِ الــعُلا

وأكرمَ من أعـطـى وأحـلمَ من عفا     وأشرفَ رسلِ اللَهِ جمعاً وأفـضـلا

وأزكى أصولاً فـي لويِّ بنِ غالبٍ     وأنمى فروعاً في المعالي وأكــملا

بهِ أنـقـذَ اللَهُ الـخــلائــقَ مـن عمى     وجلّى به ليلاً مـن الـجـهـلِ ألـيــلا

وأطـفـأ مـن قــومٍ أنــاخَ بـحـبِّـهــمْ     به حرَّ حقدٍ في الأضـالـعِ مُـشــعلا

وألّـفَ ما بـينَ الـقـلـوبِ تـعـشّـقــاً     فكنَّ كـأغـصـانٍ يُـصادفــنَ شـمـألا

إلـيـكَ رسـولُ اللَهِ يـا خـيـرَ مُرسَلٍ     ويا خيرَ مَن أملى الكتابَ الـمُـنزّلا

فكُنْ لي شفيعاً في المعادِ إذا غدتْ     صـحـائـفُ أعـمـالـي تسوءُ تـأمُّـلا

فأنتَ الذي نبغى إذا عـنَّ حـــادثٌ     وأنتَ الذي نرجوهُ كـهفـاً ومـوئــلا

وصلّى الذي عمّ الوجودَ بـفـضلِه     عـلـى فـاتـحٍ بـابـاً من الـسرِّ مُقـفَـلا

وقال في حرف الميم من قصيدة تبلغ (72) بيتاً:

مَـن قـدّمـتـهُ الأنـبــيــاءُ جـمـيـعـهمْ     حـتـى الـمـلائـكُ والـرســولُ إمامُ

يا سـيَّـدَ الـرسـلِ الـكـرامِ ومَــن لـهُ     في المكرماتِ وفي الــعلاءِ سهامُ

أنـتَ الـذي لـولاكَ مـا وخـدتْ بِـنـا     خـوضٌ لـهـا مـمـا تـــجـنُّ بِـغــامُ

كُنْ لي فمَن لي ارتـجـيـهِ لـمـوقفي     والـخـلـقُ فـي يـومِ الــحسابِ قيامُ

قد ألـجـمَ الـعـرقَ الخلائقُ واغتدوا     وهـمُ عـلـى الـمـاءِ الـزلالِ هــيامُ

فلقد ركضتُ جوادَ بغيٍ في الـهوى     شـرسَ الـقـيـادِ ولـلـجــيـادِ عـرامُ

ولـقـد شـربـتُ مـع الـغـواةِ بـدلوهمْ     واسمتُ سرحَ اللهوِ حيث أساموا

فـلأنـتَ أسـبـقُ شـافـعٍ مـهـمــا بــدا     لـلأنـبـيـاءِ ورســلــهــمْ إحـــجـامُ

صـلـى عـلـيـكَ اللَه ربِّــي كــلّــمـــا     سـحَّـتْ عـليكَ من الصلاةِ سـجامُ

وعليكَ يا أزكى الورى مهما سرى     ركـبُ الـحـجـازِ تـحـيــةٌ وســلامُ

وعـلـى قـرابـتِـكَ الـذيـن إذا انـتموا     فـلـهـمْ جـدودٌ فـي الـعـلاءِ كــرامُ

وقال في حرف النون من قصيدة تبلغ (52) بيتاً:

هادي الخلائقِ والرشيـدُ ومَن دُعي     بـأمـيـنِ صـدقٍ ثــمَّ بـالـمأمـــونِ

زاكي الأصولِ إذا انتمى بلغَ الـسما     بـفـخـارِ مـجـدٍ بـالـعـلاءِ قـــمينِ

ثـبـتُ الـجِـنان إذا الكميُّ تزحزحتْ     أقدامُه وارتـاعَ كـالـمـجـــنــــونِ

حيثُ الأضالعُ لـلـعـوالـي مـــركــزٌ     والهامُ غـمـدُ الصارمِ الـمسنـونِ

طـلـقُ الـمُـحـيَّـا قـد عـلـتـه وفــــرةٌ     تدجو كـليلٍ فوقَ صــبحِ جــبيـنِ

بـنـواظـرٍ دعـجٍ بـنـبـلِ جــفـونِــهــا     ترمي العداةَ بـحــاجـبٍ مقــرونِ

ومـبـاسـمٍ فـلـجٍ تــرقــرقَ ظــلـمُـها     تبدو كـمـثـلِ الــلؤلؤِ الـمكـنـــونِ

خـلــقَ الإلـــهُ كـــيـــانَه من نــورِهِ     والخلقُ أجمـعَ مـن حماً مســنونِ

جـلّـتْ حـقـائـقُ أبـطِـنـتْ فـي ذاتِـه     عـن دركِ عقلٍ أو رجومِ ظــنونِ

صـلّـى الإلهُ عـلـى الـذي لــولاهُ ما     غنّى الحداةُ على ارتقاصِ أمـونِ

وقال في حرف الهاء من قصيدة تبلغ (59) بيتاً:

محمدٌ سـيِّـدُ الـبـطـحـاءِ أكـمـلَ مَــن     زانَ البسيطةَ بالـتشريـفِ ممـشاهُ

مـن فـاقَ حسناً على كلِّ الأنـامِ وقـد     عـمَّ الـوجـودَ عــطــاياهُ وحُسـناهُ

مَـن أشـرقَ الـكـونُ لـمَّـا آنَ مـولـدُه     وكانَ قبل ظـلامِ الــجـهـلِ أدجــاهُ

لاحتْ عــلـيـهِ تـبـاشـيرُ السرورِ بهِ     حـتـى بدتْ لـجـميعِ الناسِ بُشـراهُ

يا مَـن أتـتـه المعالي وهـيَ خاضعةً     وجاءه الـســعــدُ عـفـواً ما تـوخّاهُ

كُنْ لي شفيعاً إذا ما قمتُ من جَدثي     في موقفٍ تستـطيرُ الـعـقلَ رؤياهُ

مـن كـلِّ ذنــبٍ إذا أذكـرتُ مـاضيَه     قضتْ عليِّ ببـعضِ الكـفِّ ذكراهُ

فـأنـتَ أكـرمُ مـن يرجو المقصِّرُ أن     خافَ العذابَ الذي بالذنبِ يخشاهُ

صـلّـى عـلـيـكَ إلـهـي كـلّـمـا نقطتْ     بأحرفِ القـولِ طولُ الدهرِ أفواهُ

كـذا عـلـى الطهرِ أهلِ البيتِ قـاطبةً     مِـن كـلِّ خرقٍ تـتـيـحُ البذلَ كفَّاهُ

وقال في حرف الواو من قصيدة تبلغ (49) بيتاً:

إلى من دنا مـمَّــن تـعـالى وقـد رقــى     عـن المنـزلِ الأدنى إلى الغايةِ القصوى

مـحـمـدٍ الـــمـــــوجـودَ نـوراً مُـحـقّـقـاً     وآدمُ لــم يُــوجَـدْ ولا زوجُـــــه حــــــوَّا

أبي القاسمِ الـمـبـعـوثِ لـلناسِ بالهـدى     وكـان الــورى مــن قـبلُ تخبطُ كالعشوا

تجلّى ظلامُ الــجـهـلِ مـن نـورِ عـلـمِه     ولاحت عـلى الأكوان من نوره الأضوا

وجـاءَ بـمـا يـنـفي عن الـقلـبِ ريـــنَـه     مِـن الحلمِ والـمـعـروفِ والـعلمِ والتقوى

وحـذّرهــمْ طــوراً وبــشّـرَ تــــــــارةً     جـحـيـمـاً وبالرضـوانِ فـي جـنَّـةِ المأوى

وقــــامَ بـــــأمــــرِ اللَهِ حـقَّ قــيــامِــه     ومَن ذا عـلـى حـمـلِ الـذي نـابَـه يـقــوى

وجـاءَ بـقـرآنٍ عــزيــزٍ مُـــصــــــدَّقٍ     لـمـا يـدّعـي مِـن عـالـمِ الـسـرِّ والـنجوى

ويـا خـيـر من يُرجى إذا فاضَ بالندى     وســحَّــتْ لــه بــالــجـودِ كفٌّ وبالجدوى

أغِث من سرى بالعسفِ في ليلِ جهلِهِ     وأدلى بــآبــارِ الــــمــعــاصــي لـه دلـوا

وقال في حرف الياء من قصيدة تبلغ (80) بيتاً:

مـحـمـدٌ الـهـادي وأفـضـلُ مـن أتى     لإسقامِ داءِ الـجـهــلِ بـالـعلمِ شافيا

ولا تنسَ أهلَ البيتِ واحفظ حقوقَهم     وكُـنْ فـيـهمُ صبَّـاً مُـحـبَّـاً مُـوالـيـا

ورجِّ مــن اللَهِ الـــكــريمِ بــحــبِّـهـمْ     مراداً تنلْ أضعـافَ ما كنتَ راجيا

بـودي ومن لي أن أكونَ إذا رضوا     رقـيـقـاً لـهـم عــبداً بروحي وماليا

فـلا حـرَّ إلا مَـن دعـوهُ بـعـبـدِهـــمْ     ولا خيرَ في شخـصٍ لهم باتَ قاليا

فـيـا خـيـرَ خـلـقِ اللَهِ أرجوكَ شافعاً     لـيـومٍ يـجـيـبُ الــنـاسُ فيه المناديا

لـيـومٍ عـبـوسٍ قـمـطـريـرٍ يُرى به     من الهولِ خوفاً ما يشيبُ النواصيا

فلي كلُّ يومٍ في الـمـعـاصي زيـادةً     ونـفـسٌ أبـتْ فـي الـغـيِّ إلا تـماديا

رضيتُ إذا ما أدركـتـنـي شـفـاعـةٌ     بـأنِّـي أنـجـو لا عـلـيَّ ولا لـــيــــا

ولـكـنّ لـي فـي اللَهِ ظـنَّـاً مُـحـقّـقــاً     سـأعـطـي بـه فـضـلاً من اللَهِ وافيا

وصـلـى عـلـيكَ اللَهُ يا خيرَ مُـرسَلٍ     بـنـورِ كـتـابٍ جـاءَ لـلـريـنِ جـاليا

....................................................

1 ــ القصائد عن ديوانه: سجع الحمام في مدح سيد الأنام ــ مطبعة الجوانب ــ القسطنطينية 1298 هـ

2 ــ خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ج 4 ص 239

3 ــ ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا ص 27

4 ــ معجم المطبوعات العربية ج ٢ ص ١١٩٠

5 ــ الأعلام للزركلي ج ٧ - ص ١٢٣

كما ترجم له:

مصطفى بن فتح الله الحموي / فوائد الإرتحال ونتائج السفر في أخبار القرن الحادي عشر ج 1 ص 75 ــ 88

معجم الشعراء العرب ص 994

محمد دبوس / سفينة الصالحين للصالحي ــ تحقيق

حاجي خليفة / كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ج 2 ص 236

رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 12 ص 74

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار