340 ــ صفوان لبيب بيضون: ولد (1386 هـ / 1966 م)

صفوان لبيب بيضون: (ولد 1386 هـ / 1966 م)

قال من قصيدة (غديرية عشق):

أهوى أبا حـــــسـنٍ أمـيـ     ـرَ الـمـؤمـنينَ الأتــقـــياءْ     

أهوى البتولَ البضعةَ الـ     ـزهــــــــراءَ سيدةَ النساءْ

وابنيهما الحسـنَ الـزكيِّ      ومن قضـى في (كربلاءْ)

والـتـسـعةَ الغـرَّ الــمـيـا     مين الــهــــداةَ الأصـفـيـاءْ

هـم عـترةٌ فـــرضَ الإلـ     ـه هـواهُــمُ وقـضـى وشاءْ

ألا يُــرى فـي جـــنَّة الـ     ـفردوس مـن جـحد الـولاءْ (1)

 وقال من قصيدة (قلب زينب):

هـيَ درَّةٌ فـي (كربلاءَ) تألّقت      فسطا على زهوِ الشآمِ فناءُ

هيَ درَّةٌ في الشامِ كان مقامُها      فتزيَّنتْ بـضريحِها الفيحاءُ

فإذا الشآمُ بـغـيرِ زينبَ خربةٌ      مـا زانـهـا قصرٌ سما وبناءُ

الشاعر

صفوان بن لبيب بن وجيه بن داود بن سليم بن علي بيضون، شاعر وإعلامي من عائلة بيضون الأدبية، ولد في دمشق وهو حاصل على إجازة في الاقتصاد من جامعة دمشق ويعمل في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية ومعداً ومقدماً للبرامج في قناة أهل البيت (عليهم السلام) ومعداً للبرامج في شركة نينوى للإنتاج الفني.

يقول عن تجربته الأدبية: (بدأت بدايات تقليدية مبكرة من بداية المرحلة الدراسية المتوسطة، جربت بعد أن قرأت مدارس شعرية عدة، وبعد تجارب عدة، واكتشافي لأسرار الشعر الولائي، اكتفيت برصد الجمال الإلهي المتعلق بالعترة الطاهرة، غالبية قصائدي عمودية، وأنا الآن أفتخر بخدمتي لموالي صلوات الله عليهم).

شعره

قال من صيدة (غديرية عشق)

قـالـوا: بـأنــكَ عـــــــــاشـقٌ     والـعـشقُ داءٌ وابــــتــلاءْ 

قــلـتُ: الـذيــــــــــن أحـبُّـهُم      أهـــلُ الـسـلامة والشـفاءْ

قـالـوا: أبــعدَ الــــشـيب تُـفـ     ـتنُ أو تُــغرَّرُ بالـنســـاءْ؟ 

فأجبتُهم: بــــــــــل كـلُّ مـن     أهـوى لــمن أهوى فــداءْ

قـالـوا : أتــــــــسعى لـلزعا     مة والـتـمــلُّـكِ والـثـراءْ؟ 

قلتُ: امـــــتلاكُ الأرضِ لا      يُـغني ولا مُــلك الـفضـاءْ

إنَّ الـذينَ أحــــــــبُّــــــــهـم      أهــــلُ الـتكرُّم والــعطـاءْ 

قـالــوا: أإنـسٌ أم مـــــــــلا     ئـكُ أم همُ جنُّ الـخــفــاء؟

قـلـتُ: الـذيـن أحــــــــبُّـهمْ      فــوقَ الـتصوُّر لا مِــــراءْ 

بشرٌ وليس لهمْ عـــــلى الـ     أرضِ شـبــــيهٌ أو ســـواءْ

بـشرٌ ونورُ الكــــونِ يــسـ     ـطعُ من جباهِهِمُ الوِضــاءْ 

قالوا: ومن تهـوى ألا اكــ     ـشـفْ عنهمُ هذا الغطـــاءْ؟

فـأجـبتهم: ويلٌ لــــــمــــنْ      لـم يـدرِ منْ أهوى وســـاءْ 

إني عـشـقتُ مـــــــحــمداً      والآلَ أصـحـابَ الـكســـاءْ

وهواهُـمُ ديــــــني، ولــي      فـي حـبِّهمْ سَـعْدُ الســـــماءْ 

قالوا: كــــــــفاكَ تــمـلّــقاً      والـحـبُّ يـفـسـدُه الـريـــاءْ

قلت: الهوى لم يكـفِ، إنَّ     القلبَ يـنـبــــضُ بالـــولاءْ 

أهوى الـولاةَ، ومـن تــولّـ     اهمْ إلـى يــــــومِ الــجزاءْ

بل أعـشقُ الأرضَ الـــتي      يـمـشونَ فــيهـــا والحـذاءْ 

قالـوا: كـفـاكَ تــذلّـــــــــــلاً     والـــــدينُ عــــزٌّ واعتلاءْ

قلت: المذلّة أن تـــــــــــجـا     في الآلَ بـلْ ذاكَ الـــشقاءْ 

أإذا دُعيتُ إلـــى الحســــــا     بِ غداً وطوَّقني العـــناء؟

ورأيتُ أعـــــمـالي الـقـلـيـ     ـلةَ سوف تُـنـثـر كـالـهـباءْ 

ونظرتُ في صُحُفـي المليـ     ـئةِ بالــذنـــوبِ وبالخـطاءْ

وسُـئِـلْتُ أيــنَ مـــــودَّةُ الـ     ـقربى الــهـــداةِ الأولـيـاءْ؟ 

أترى ســأرفــــلُ بـالـنـعيـ     ـمِ وبـالـســعـادةِ والـهـنـاءْ؟

أم أن اسمي ســـوفَ يُــكـ     ـتبُ فـي سـجــلِ الأشـقياءْ؟ 

أُكوى بـنـارِ الـخـزيِ تــر     هـــــقــني الـمهانةُ والـبلاءْ

أمـا الذي عـشـقَ الـنــبـيَّ     وآلَــــــــــــــهَ والأوصــيـاءْ 

جعـلَ الـمـودَّةَ فـــــــيـهـمُ      ديــنـاً وهــــديـاً وانـتـــمــاءْ

أتصيـبُـه نــــــارُ الــمـذلّـ     ـة والـشـــقـــاوة أو يُســاءْ؟

أمْ أنَّ آلَ الـبـيـــــتِ أصـ     ـحابَ الــشـفـاعة والـرجـاءْ

لا يتركونَ مــــــــوالـــياً      يـشــقى وهــم أهـل الـوفاء؟ 

أهـوى النبيَّ مـحـمـــــداً      خـيـرَ الــورى والأنـبـــيــاءْ

أهوى أبا حـسـنٍ أمـــــيـ     ــرَ الـمـؤمـنــينَ الأتــقـــياءْ     

أهوى البتولَ البضعةَ الـ     زهـــــــــراءَ سـيـدةَ الـنساءْ

وابنيهما الحسـنَ الزكـيِّ     ومن قضــــى في (كربلاءْ)

والـتـسـعةَ الــغــرَّ الـميا     مــــــين الـهـداةَ الأصـفـيـاءْ

هـم عـترةٌ فــرضَ الإلـ     ـه هـــواهُــمُ وقـضـى وشاءْ

ألا يُــرى فــي جـنَّةِ الـ     ـفردوسِ مـــن جـحدَ الـولاءْ

وقال من قصيدة (لوحة للربيع) وهي في مولد النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله):

بــالـشـعـرِ لا مــــدحٌ بـــهِ أتــكــسَّـبُ     أو أرتــجـــي الـدنـيـا به أو أطــلــبُ

مــا كـنـت أصـطـنعُ الـقريضَ تــزلّفاً     وتـــمــلّــقـــاً، أو وِدَّ أيٍّ أخــطـــــبُ

لــكـنـنـي بـالـشـعـر أرســـم لــوحـــةً     بـصـفاءِ لـونٍ، كـالــنـدى، أو أعـذبُ

هــيَ مُـنـيةٌ ظـلَّـت تُـهَدْهِدُ خـاطــري     بالعشق، لا بــالـحرفِ راحَتْ تكـتبُ

هــيَ نـغمةٌ تـنسابُ فـي أفُـقِ الـهـوى     فترفّـعٌ فـــوقَ الــهــوى، وتَــطَــرُّبُ

هــيَ بُـلْـغَة فــوقَ التـصوُّرِ والــنـهى     فـإذا بـهــا قــربَ الـمُـنى، أو أقـربُ

هـــيَ رشــفـةٌ مــن نـبـعـةٍ رقـــراقـةٍ     ما كـان يَـكْــدُرُ مـاؤهـا، أو يـنـضبُ

هـــيَ نــشـوةٌ مـــن خــمـرةٍ عُـلــويـة     فـي غـيرِ كـأسِ الحقِّ، لا، لا تُسكبُ

هــيَ جــذوةٌ مــا كــان يُـطفئ نــارَها     قربُ الوصـولِ إلى الرجا، بل يُلهبُ

هـــيَ كــلُّ ذلـكَ إنْ ذكــرْتُ مـحــمداً     بـل فـوقَ ما تصبو النفوسُ، وترغبُ

بـالـشـعرِ واعـــدتُ الـربـيـعَ تـوحُّــداً     بــيــنَ الــهــدى ومـشـاعـرٍ تـتـطـيَّبُ

فـــإذا الـربـيـعُ ربــيـعُ مـولـدِه الــذي     كـــلُّ الـعـوالـمِ قـــد غـــدتْ تـترقّـبُ

جــفّـتْ مـنـاهـلُها، وأجـــدبَ تُــربُــها     فـبـهِ وبـعـدَ الـجدبِ عـادتْ تُـخصبُ

فـــشــعـابُ مــكّـةَ هــلَّـلـتْ لــقـدومِـه     والبـيـتُ كـبَّـرَ والـصـفا ومُـحــصَّبُ

وحــجــارةٌ لـلـبـيـتِ عــــادَ بـهـاؤهـا     ولَــكَـمْ قَــضَـتْ مـــن كافـرٍ تـتـعذبُ

وحــجـارةٌ فـــي البـيـتِ آنَ زوالــهـا     بــيـدي نـبـيِّ الـحـقِّ ســوفَ تُـخـرّبُ

قد ضاقَ صدرُ الحقِّ سخطاً واكتوى     والـيـومَ صـدرُ الـحـقِّ راضٍ أرحـبُ

عـادت غـراسُ الـهدي تـفترشُ الرُّبا     فــــإذا الــرُّبــا بـالـغـارسينَ تــرحِّـبُ

يــــــــا لَــلــربــيــع تــــجـددت آلاؤه     فــهـو الـربـيـعُ، وغــيـرُه لا يُـحـسبُ

ومِــن الـربـيعِ إلــى الـغديرِ تـساؤلٌ:     أَتُــداسُ أزهــارُ الـــرُّبـا؟، وتـعجبُ!

كـيـفَ الـربـيـعُ بـغـيرِ مـاءِ غـديرِهِ؟     وعـلـيُّ عــن أمــرِ الـخـلافةِ يُـحجبُ

أتـنـاقـضٌ فـــي اللهِ أمْ فــي شـرعِهِ؟     حــاشـى، فــشرعٌ مُـحْـكَـمٌ ومــرتَّـبُ

لــكـنـه فـــــي مــعـشـرٍ مــــا ميَّـزوا     بــيـنَ الــذي هـوَ صــادقٌ أو يـكـذبُ

بـيـن الــذي هــوَ راســخٌ فــي عـلمِهِ     أو بـيـن مــن هـو فـي الـغوى يـتقلبُ

مـن كــان مــن صـفوِ الـنبوُّةِ شـاربـاً     أو كــان مــن كَــدَرِ الـجهالةِ يـشربُ

بـيـن الـــذي هـــو طـاهـرٌ ومـطَّـهَـرٌ     مــن ربِّــه، أو بـيـن مـن هــوَ يـذنبُ

والأمــرُ كـــلُّ الأمــرِ كــانَ لـحـيـدرٍ     مــن بـايـعوا يـومَ الـغديرِ وأطـنبوا ؟

مـــا أنفـذوا جـيـشَ ابــنِ زيــدٍ إنّــمـا     أمـــرَ الـنـبـيُّ بـحـيـدرٍ لـــمْ يـكـتـبوا

وتـسارعوا نـحوَ الـسقيفةِ إذ قــضى،     وتـنـازعـوا وتــواز عــوا وتـحـزَّبوا

سَـلْ عنه تـاريخَ الـشجاعة والـوغـى     سـيُـجيب عـمـرو أو يـجيبُكَ مـرحبُ

سَــلْ بـأسَه، سَلْ عزمَه، سَـلْ سـيــفَه     مـن كـان فــي الـهيجاءِ دومـاً يغلب؟

سَــــل عــنـه أيُّ فـضيـلةٍ وكـريـمــةٍ     فــأبـو الـحـسينِ لأصـلِـها لـهـوَ الأبُ

نبضُ الدما، ماءُ السما، حصنُ الحما     وهــو الـــذي عـنـد الـشـدائدِ يُـطـلبُ

هــوَ حـيـدرٌ، هـوَ حـيدرٌ، هـوَ حـيدرٌ     اســمٌ لأهــلِ الـبـغي حـتـفٌ مـرعبُ

وإلـــى الــذيـنَ تـعـشَّقوا دربَ الــولا     اســـمٌ بـــه كـلُّ الـمـشـاعر تـطْـرَبُ

رحـــلَ الـربـيـعُ ومـــا تـلـته مـواسـمٌ     لـلـخيرِ، بــل عـادَ الـجفافُ المجدِبُ

أمَّ الــربــيــعُ، ولــلــربـيـعِ تـــوقــفٌ     عــنـد احـتـمـالكَ لـلأذى، وتـغـضُّبُ

يــا بـضـعةَ الـمختار، يـا نـورَ الـسما     كــلُّ الكواكب مــن سـنـاكِ تُـحَـجَّبُ

بـنتُ الـهدى، زوجُ الـهدى، أمُّ الهدى     من مـثـلها قــد أُنـجـبتْ، أو تُـنـجَبُ

فــإذا رضِـيْـتِ فــإنَّ أحـمدَ يـرتضي     وإذا غـضـبـتِ فــإنَّـه هــوَ يـغـضبُ

ولــكِ مــع الـزيـفِ الـكريهِ مـواقـفٌ     وشــجــاعــةٌ وتــصــبُّـرٌ وتــصـلُّـبُ

ولـــكِ مـــع الــعـدوان ألــفُ رزيــةٍ     فــالــقـومُ آذوكِ، وطــــراً أرعــبــوا

فـــــإذا الأمـــــورُ تــنـكُّـرٌ وتـعـنُّـفٌ     وتــعــسُّــفٌ، وخــديــعــةٌ، وتــألُّــبُ

ومــطــامـعٌ إرثُ الــنــبـي مرامُـهـا     وإذا الـخـلافـةُ ضـــرعُ شــاةٍ تُـحـلبُ

وإذا الــربــيـعُ مـــحــرمٌ، وهــلالُــه     مــا كــادَ يُـشـرقُ إذْ عــراهُ الـمغربُ

لـــو لـــم يــكـنْ أجـــرُ الـنـبيِّ مودةً     بــــلْ قــتِّــلـوا آلَ الــنـبـي وعــذِّبــوا

مـا سـارَعـوا نـحـوَ الـوصـيِّ وبـيتِه     كــي يـعـصروا ويُـحـرِّقوا ويـخربوا

ولعاشَ أهــلُ الـبيت فـي رغـدٍ ومـا     جـارَ الـزمـانُ عـلـيـهـــمُ أو أُرهـبـوا

لــكـنَّـهـم عــادوا إلــــى أحــقـادِهـم     وتـسـابـقوا فـــي حـربِـهـم وتـنـصَّبوا

فــتـرى المودةَ قـــد أُقـيـمَ نـقـيضُها     هــيَ تــارةً تُـدمـى، وأخــرى تُـسـلبُ

ومــواكــبٌ لـلـهـدي سالَ نـجـيـعُها     فــتـرى الـربـيـعَ بـنـحرِها يـتـخضَّب

بــتــروا الـصـلاةَ عـلـى النبيِّ وآلهِ     ومــــن الـصـلاةِ كـفـاهمُ: لا تـقـربـوا

عجـباً لــمـن يــهـوى الـنـبـيَّ وآلَـه     وإلـــــى الــطـلـيـقِ وآلــــهِ يــتـقـرَّبُ

أهـــــي الــعـقـيـدةُ قــصــةٌ مرويةٌ     وتـفـاعـلٌ وتـعـاطفٌ ؟! أم مـذهـــبُ؟

أوَ ثـــابــتٌ أمْ عـــــارضٌ مـتحوِّلٌ     وهــوى بـــكــلِّ مــقــدسٍ يـتَـلَـــعَّـب

يــا فـارسَ الألـقِ البعيدِ متى اللقا؟     أنــا فــي انـتـظـارِكَ مُـتـعبٌ ومُـعذَّب

هــــيَ لــوحـةٌ مـنـقوصةٌ لا تنتهي     إلا بــســيــفٍ لــلــعـدالـةِ يــغــضــبُ

أطلقْ حـسـامَـكَ هــادمـاً ومُـشـيِّـداً     فـبـغـيرِ سـيـفِكَ مــا اسـتـقامَ مـحــدَّبُ

ولــنــا إلى وعـدِ الـربـيـعِ تـلـهُّـفٌ     وتـــطــلّــعٌ لـــغــديــرِهِ، وتـــــوثُّـــبُ

بـمـحـمدٍ، فُـلْـكِ الـنجاةِ من اللـظى     وبــآلِــه، لُــذْنــا، وســــار الـمــركـبُ

وقال من قصيدة (أتيتك يا رسول الله) وهي في مولده الشريف

أتــيـتُـكَ أقـتـفـي ذكـــراكَ شـــعـرا     أدنــدنُ صــبـوتي شـطـراً فـشطرا

أتـيـتـكَ أحـتـسـي كـــأسَ الـقـوافي     فـعـشـقُكَ صـيَّـرَ الأشـعـارَ خـمـرا

ومـالي فـي مـداك سـوى اعتـرافٍ     بـعـجـزِ الـفـكرِ أن يـأتـيـكَ فــكـرا

وكــيـفَ لـعـاثـرٍ يــرقـى سـفـــوحاً     تُــطـاولُ قــمَّــةِ الـعـلـيـاءِ قــــدرا

وكــيــفَ لـقــاصـرٍ يــرنـو كــمالاً     ولــؤمُ خـصـاله أغــوى وأغــرى

وكــيــف لمـسـتكينٍ ذي احـتــيـاجٍ     يــجـوعُ ويـكتوي ظـمـأً ويـعــرى

يُــقـاربُ دوحــةَ الأســرارِ بــوحاً     وســــــرُّ اللهِ لا يــقـــواهُ جـــهــرا

فــمَــنْ أغــنـاه ربُّ الــكــونِ حبّـاً     أيـدركــه الـــذي قـــد تـــاهَ فُــقـرا

أنـــــا عـــبــدٌ لــطــه ذا فـخــاري     لـــهُ ســلّـمـتُ بــالإســلامِ أمــــرا

فـــإن تـرضـى فـعـبدُكَ يا ولــيّـي     بـحـبِّـكَ ســيــداً يُــمـسـي وحــــرّا

فـيــا مـــن هــديُـه أطــفـى لـهـيـباً     لــنــارٍ شــبَّـهـا الــكـفرانُ دهـــرا

وأوقــــدْتَ اللهيــــبَ بــكـلِّ قـلـبٍ     فـأسـكـنْتَ الـفؤادَ هـوىً وجــمـرا

وحـقِّـكَ نــارُ عـشقِكَ لـيسَ تُـطفى     سـتـبـقى مـهـجـةُ العـشّاقِ حَــرّى

فــمـا أجــرى الـفـؤادُ دمــاً ولـكنْ     غراماً يصطلي في الصدرِ أجرى

وعـدْتُ بـأن يـكونَ الشعر محضاً     عـلى حـبِّ الأمـين، فـأنـت أحرى

وأخـلـصْتُ الـقـصيدةَ عــن وفــاءٍ    وفــي عـنـقي جـعلـتُ الأمـرَ نـذرا

وما أن غصْتُ في الأشعارِ بحراً     رأيْــتُ الـمرتضى قـد هـاجَ بـحرا

وأيــنَ تــــدورُ قـافـيـتي فـطـيـفٌ     لـــهُ يــرتـادُ فـــي الأبـيـاتِ قـسـرا

ووجــهُ المـرتضى يـلـقاهُ وجـهي     وفُــلـكـي لا تــــرى إلاهُ مــجـرى

أبــا حـسـنٍ رأيـتُـكَ حـيـثُ يمشي     رســـــولُ اللهِ ، لا قـبــلاً وإثــــرا

فــأنـت مُـقـاسـمُ الـمـخـتارِ غـاراً     تــرى وحـيَ الـسـماءِ يـجودُ ذكـرا

وتـسـمـعُ رنّـةَ الـشـيطانِ تــدوي     فـعزمُك سـوفَ يـسقي الـكفرَ مُـرّا

وفــي كــلِّ الـمـلاحم كنتَ فــرداً     وعـــن ديـــنِ الـنـبيِّ تــذبُّ كـفـرا

وسـيـفُكَ سـيـفُهُ ، شُـطـرتْ ظُباهُ     لـيـبـقى سـيــفُـكَ الـمـشطورُ وتــرا

فـلا ســيـــــفٌ يُــدانـي ذو فـقـارٍ     وغـيرُك لا فتىً في الـحربِ يُدرى

حــمـاه أبـوك فــي يُـتـمٍ وصِـغـرٍ     وأنــــتَ حـمـيـتـه أحــــداً وبـــدرا

وفي الأحــزابِ تـكـفيه، وتـكـفي     قـتـالَ الـشـركِ، إذ أرديـتَ عـمـرا

وأمُّـكَ أمُّــهُ ، فــي الـلـحدِ يحـنو     عـلـيـهـا ذاكـــراً حــمـداً وشـــكـرا

وأنـتَ نــجـيّـهُ وأخـــــوهُ قــدمــاً     ولــــمْ يـرضَ لـــه إلاكَ صِـــهـرا

فــكـنـتَ لأمِّــــه زوجــاً وعــدلاً     ومـنـكَ بنـوهُ، والأســرارُ تـتـــرى

وغـيـركَ ما رقى مـتـنـيه قُـدسـاً     وذاك الــمـتــنُ لــلـقـدُّوسِ أســـرى

وزقّـكَ عــلــمَـهُ ألـــفــاً بــألــفٍ     مِـنَ الأبـوابِ، لا خـمــســاً وعـشرا

وقـالَ لـمَــنْ أرادَ الـعـلـمَ يــأتـي     مِــنَ الـبابِ الـــذي هـوَ أنـتَ أثـرى

أتــيـتُـكَ واقــفــاً بــالبابِ أرجـو     لـعـسري مــن عـطاكَ الـثرِّ يُـســرا

رأيــتُــك آســــراً كلَّ الــقـوافـي     وكــــلُّ قـلـوبِـنــا لــهــواكَ أســـرى

فـشعري يــا أبـا الحسنينِ يُمسي     بــحـبِّـكَ ســيــدَ الأشــــعــارِ طُـــرّا

وإن يجفوكَ شـعـري بـاتَ قـولاً     وضـيعَ الـمحتوى، أو بــاتَ هـــذرا

وقــفْتُ وسائـلٌ من خلفي عذولٌ      يــضــجُّ بــلـؤمـه جــهأـلاً ومــكـرا

أتـنـكـثُ بـالـعـهودِ وكـنْتَ تزهو     بـأنـك لــن تـشــوبَ الـوعـدَ غــدرا

فــمـا حِرْتُ الإجـابـةَ إذ أتــانــي     مـنَ الـمختارِ أمـرٌ، كـان بـشـــرى

ألا يا عـاشقـي دعْ عـنـك لـومــاً     أصبـتَ بـحيدرٍ ، مـا جـئْـــتَ نُـكرا

فنفسُ المرتضى نـفسي ، وإنــي     إلــيه الــكـون قـــد سـلّـمْأأتُ أمــرا

فـــمــن رامَ الــنـبـيَّ فذا عـلـــيٌّ     فـنـفسُ الـمـصطفى بـالــنفسِ أدرى

ألا يــا عـاشـقي وصلي سـيمسي     إذا لـــم تـعـشـقِ الأطـهـارَ هـجـرا

لأنــي مــــا ســألــت الـخـلـقَ إلا      مـــودةَ عــتـرتـي لــلـديـنِ أجـــرا

وكـم ردّدتُ فــــي أُذنِ الــبـرايـا     ألا أُوصــيـكـمُ فــــي الآل خــيــرا

إذا صليــتـمُ صـــلـــوا عــلــيـنـا     أنـــــا والآل ، لا قــطـعـاً وبــتــرا

أتيـتـكَ يـــا أبـا الــزهـراءِ قـلـبـاً     يــهــيـمُ بـحـبـكـم مــــذ كــــان ذرا

رآكم عــلـةَ الـتـكـوينِ ، تـجـري     بــكــمْ أســبـابُـه ، فــضــلاً وبِـــرا

وجـوهَ الله ، مــن يـرجو سـواها     تـخـبَّطَ ، مُـرهقاً فـي الـغيِّ عـمـرا

حــبــيـبَ الله طـه يــــا شـفـيـعـاً     لـمـن يـهـواك ، إنْ وافــاك حـشـرا

ولـيَّ الله حــيــدرُ يــــا وصــيّــاً     قـسـمْـتَ الــنـاس إيـمــانـاً وكــفـرا

ويـا زهـراءُ ، يا حضنَ المعالي     وأمَّ أبـــيــك ، تــحـنـانـاً وطــهــرا

ويا حسنُ الـزكيُّ ، وأنـتَ سـبطٌ     شــبـيـهُ مــحـمـدٍ خَــلـقـاً وبِــشـــرا

ويــــا ريـحـانـةَ الهادي حـسـيـنٌ     بـتـربِـكَ صــاحـبُ الأسـقـام يـبــرا

ويـا ســجّــادُ، زيــــنَ الـعـابـدينا     وابـــنُــك بـــاقــرٌ لــلـعـلـمِ بــقـــرا

وجعفـرُ صــــادقٌ بَــــرٌّ أمــيــنٌ     ومـوسـى عـنـده الـمـلـهوفُ يُـقرَى

غـريبَ الدارِ فـي طوسٍ، أنـيسٌ     لـمن قـد زارَه ، إنْ ضـاقَ صــدرا

جوادٌ أدهـــشَ الـدنـيـا صـغـيـراً     وأرغــــمَ هـامـهـا قـــدراً وكِـــبـرا

ويـــا هادي الأنـامِ وأنــتَ فـخـرٌ     لـــكــلِّ مــتــيَّـمٍ قـــــد رامَ فــخــرا

ويا حـسـنُ الــذي أخـفـى هــلالاً     سـيُـشـرقُ فـــي غـــدٍ تـمَّـاً وبــدراً

ويا أمــلَ النـفوسِ مـتـى عـيوني     تـــــراكَ مـطـالـبـاً لــلـحـقِّ ثــــأرا

لتـملأ أرضَــنـا قـسـطـاً وعـــدلاً     وتـمـحـوَ بـالـهدى ظـلـماً وجَـــورا

ولاتي آلَ أحــمــدَ يــــا هُــداتـي     جـعـلْـتُ ولاءكــمْ لـلـحــشرِ ذخــرا

فـأنـتـم مـلـجأي فــي يوم خوفـي     وأنـتـم مـفـزعي إن هـبْـتُ عُــسـرا

يُخالطُ طـيـنـكم طـيـنـي ، وإنّــي     وُقــيْــتُ بـطـيـنِـكم قــــرّاً وحــــرّا

وقال من قصيدة (قلب زينب):

فـي قـلـبِ زيـنـبَ تــذبــلُ الأســمــــاءُ      وتئنُّ من فرطِ الـهـوى الأشـيــاءُ

فـإذا الـمـسـمّــى أنـهـكـتــه حـــروفُــه      وإذا الـحـروفُ أصـابَـها الإعـياءُ

وتـجـفُّ أقــلامُ الـــبـــيـــانِ تــقــزّمــاً      فــمـدادُ زيـنـبَ أنــفـــسٌ ودمـــاءُ

ويـطـلُّ قـامـوسُ الـكـرامــةِ هـــادمــاً      لـغـةَ الـطـغـاةِ، ويـنـتـهي الإملاءُ

فـي قـلـبِـهـا تـخـبـو الـنـواظـرُ هـيـبـةً      ويــفــورُ نــورُ مـحـمـدٍ وسـنــاءُ

ويـبـوحُ نـورُ الــعـرشِ بـالـسـرِّ الذي      فـي بـوحِـهِ أمـلٌ لـنـا ورجــــــاءُ

ويشعُّ مـصـبـاحُ الـبـطـولـةِ مــاحـيــاً      تعبَ العيونِ، وتزدهي الأضـواءُ

فــتـــرى علـى شـطِ الـولايـــــةِ درَّةً      تخشى الصخورُ صمودَها والماءُ

هــــــــيَ درَّةٌ عــلــويَّةٌ نُــــوريَّـــــةٌ      أمُّ الــرجــالِ، وعـزمُــهــا الأبناءُ

قُمْ نـادِ زيـنـبَ وانـتـظـرْ ردَّ الـسـمـا      بــاســمِ الإلــهِ إجـــابـــةٌ ونـــداءُ

ناديـتُ زيـنـبَ، والـحـروفُ تمرَّدتْ      ردّ الإمـــامُ، وردّتِ الـــزهــراءُ

طـهـرُ الـبـتـولِ وصـبـرُها وأنـيـنُـها      ومِــنَ الأمــــيـرِ بـلاغــةٌ وإبــاءُ

عـرّفـتُ زيـنـبَ: شــمــعــةً قـدسـيةً      وأتــيـتُ أنـبـئ، فـانـتـهـى الإنباءُ

هـيَ بـنـتُ مـن يـسقي النخيلَ لقوتِهِ      وولاؤهُ لـلـمـؤمــنــيـــــنَ غـــذاءُ

وطـعـامُـه خـبـزُ الـشـعـيـرِ وشربةٌ      وبـكـفِّـه جــودُ الـسـمـا وسـخـــاءُ

وبـكـفّـه خـيـرُ الـتـرابِ وإنّـــــــــه      لأبـو الـتـرابِ ونـبـعُــه الـمـعطاءُ

هـيَ بـنـتُ مـن بـكـتِ الـنـبـي لعلّةٍ      ألّا يــنــالَ رضــاءهـــا الأعــداءُ

هيَ أختُ من ساسَ الأمورَ بحكمةٍ      حـقـنَ الدماءَ فما ارتضى الطلقاءُ

أمـا الـحـسـيـنُ فـقـصَّــة عـلـويَّــةٌ      وضـعـتْ نـقاطَ حروفِها الحوراءُ

هـيَ درَّةٌ فــي (كــربـلاء) تـألّـقتْ      فـسـطـا عـلـى زهـوِ الـشـآمِ فـناءُ

هـيَ درَّةٌ فـي الـشـامِ كـان مـقامُها      فـتـزيَّـنـتْ بـضـريـحِـهـا الـفيحاءُ

فإذا الـشـآمُ بـغـيـرِ زيـنـبَ خـربةٌ      مـا زانَـها قـــصـرٌ ســمــا وبـنـاءُ

كلُّ الأوابـدِ يـا يـزيـدَ تــهـدّمـــتْ      عـبـرَ الـعــصـورِ ونالها الإخزاءُ

هُـدّتْ قـصـورُ أمـيــةٍ وقـبـورُها      وعـلـى الـقـضيَّةِ يـشهدُ الخضراءُ

وضـريـحُ زيـنـبَ شـامـخٌ متجدِّدٌ      يـعـلـوهُ تـبـرٌ مُــــبــهــرٌ وبــهــاءُ

هـوَ مِـعـقـلٌ، هوَ موئلٌ، ومحجَّةٌ      هـوَ مـنـهـلٌ، هـــوَ روضــةٌ غنَّاءُ

هـيَ زيـنـبٌ تـطـأ الـجـباهَ تحدِّياً      فـيـزيـدُ مـاتَ، ولــلـحـسـيـنِ بـقاءُ

قـلـبـتْ مـوازيـنَ العروشِ وإنَّها      بـنـتٌ لـمَـنْ فــي عـزمِـه الإفـنـاءُ

قـد عـلّـمـتـنـا كيفَ تنتصرُ الدما      تـمـلـي، وتـقــضي أمرَها، وتشاءُ

كيفَ العتاةُ يَهدّ عرشَ فجورِهمْ      عــــزمُ الـهـــداةِ، ووقـفـةٌ عـلـيـاءُ

فـي قـلـبِـهـا تشكو الحناجرُ بحَّةً      وتموتُ من هولِ الأسى الأصداءُ

هيَ بنتُ حيدرَ فاستمعْ لزئيرِها      كـيـفَ الـشـفـاهُ عــيــيــــةٌ بـكـماءُ

وإلى الذينَ تـخـيَّـلـوا أنَّ الوغى      سـيـفٌ يـدكّ جـمـاجــمـاً، ودمــاءُ

ورؤوسُ قومٍ قد تجوَّلتِ المدى      وعـويـلُ طـفـلٍ خــائــفٍ وبــكـاءُ

الـقـيـدُ يـخـزيـهِ الأسيرُ شهامةً      والـسـيـفُ تـكـسـرُ نصلَه الأشلاءُ

والنصرُ يعتنقُ الـمـآذنَ شاهداً     أنَّ الــصــلاةَ بـغـيـرِكــم بــتــراءُ

ويلجلجُ الحقُّ الـمـهـيبُ مردِّداً      آلُ الـنـبـيِّ ووحـــيـهـــمْ أحــيــاءُ

...............................................

1 ــ ترجمته وأشعاره على موقع شعراء أهل البيت (عليهم السلام)

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار