وصف الشاعر المغفور له عبد الحسين الأعسم مصيبة كربلاء وما حل بسبط الرسول الاعظم ومن معه صلوات الله عليهم اجمعين في طفوفها قائلاً :
هي كربلاء فقف على عرصاتها ودع الجفون تجود في عبراتها
سلها بأي قرى تعاجلت الألــــــــى نــــــــزلوا ضيوفاً عند قفر فلانــها
ما بالها لم تروهم من مائـــــــــــــها حتــــــى تروت من دمـــــــا رقباتها
أيهٍ مصارع كربلا كم غصــــــــــــة جــــــــــــرعت آل محمــد كرباتــــــها
ان الأزمة الكبيرة التي واجهها الإسلام في زمن الامام ابي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) كانت تكمن في أن المسلمين ارتضوا حاكماً ظالماً فيه كل صفات الظلم والانحراف التي تخالف صريح آيات الله وتعاليم الإسلام بوضوح ، وكان التغاضي عن هذا سيزيد بشكل كبير من انحراف الإسلام عن طريقه القويم ومن ثم اندثاره بالتأكيد .
كانت كربلاء هي المحطة الفاصلة في تحديد الاتجاه وإرجاع البوصلة إلى مكانها الطبيعي ، ولو أن الثمار والنتائج قد تكون بعيدة الأمد زمنياً ، وهذا ما اثمرت به ثورة الامام الحسين ( عليه السلام ) عبر كشف وفضح الظلم وإعادة الوعي للأمة وبالتالي فهم معنى مقولة ( أن ثورة كربلاء حفظت الإسلام ) ،فلقد أحيا ابي عبد الله الحسين (عليه السلام ) ومن معه الاسلام بدمائهم الزكية وبالشعارات التي رفعها بأبي وامي كطلب الإصلاح في أمة جده والعمل بالحق ورفض الباطل والذي تجلى فيما بعد بالثورات المتلاحقة على الظلم والظالمين واحقاق الحق .
إن كل المآسي التي أصابت الشيعة عبر التاريخ كانت تستلهم الصبر من كربلاء الحسين ( عليه السلام ) لأن حجم التضحيات الحسينية المأساوية لا تضاهيها كل المآسي الأخرى مهما عظمت ، فشعار لا يوم كيومك يا أبا عبد الله قد رافق شيعة آل البيت في مواجهة كل المصائب التي تلاحقت عليهم فكان يزيدهم هذا صلابة وتمسك بولائهم ، ويندر أن نقرأ في التاريخ عن طائفة من الناس تعرضت لما له الشيعة من تنكيل وتشويه وصمدت ولم تنقرض ، وهذه واحدة من ثمار عاشوراء التي زرعها الامام الحسين (عليه السلام )في عقول وقلوب محبيه ومواليه .
سار الامام الحسين (عليه السّلام ) من المدينة المنورة إلى العراق قاصداً الكوفة في سبعين من أصحابه الخُلّص ، فضلاً عن أهل بيته وذويه الأقربين ، حتّى إذا وصل الى كربلاء فأرسل ابنُ زياد لعنة الله عليه جيشاً كبيراً لقتاله ، فما لبثت أن وقعت معركة طاحنة غير متكافئة ـ عددياً ـ استشهد فيها الإمام الحسين ( سلام الله عليه ) بعد أن سبقه فيها إلى الشهادة كل أصحابه وعدد غير قليل من أهل بيته .. تلك المعركة التي لم يعرف التاريخ مثلا لها ، فقد نُحِر فيها كل المقاتلين من الرجال وتعدوا ذلك الى قتل الصِّبية والفتيان والرضع دون أن يكون لهم أي جريرة سوى أنهم يمتّون بصلة قربى ورحم إلى سبط رسول الله صلّى الله عليه وآلة ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد.. حتى سُبيت كل النساء من حرم رسول الله صلّى الله عليه وآلة واحرقت خيامهن وسُقن أسيرات في موكب إلى الشام ورؤوس الشهداء الطاهرة على اسنة رماح الظلم ترتفع فوق رؤوسهن .
الا لعنة الله على الظالمين ... اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وال محمد واخر تابع له على ذلك اللهم العنهم جميعا الى يوم الدين ... وصلى الله على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين .
سامر قحطان القيسي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق