أبا الفضل

اسلوب خاص يطرحه الفنان الايراني (عبد الحميد قديريان ) يتميز عن باقي الاساليب والاعمال الفنية التي تناولت قضية الطف وما مر به اهل البيت صلوات الله عليهم، بملامح مميزة كان من ابرزها القدرة على التعبير الحر عن الاشكال وباسلوب تقني خاص كمزيج من فن المنمنمات والتجريد في الفن لينتج نصا بصري اصيل ينتمي بجذوره الى الموروث المحلي الذي يشكل جزأً رئيسيا من اسلوب الفنان وتكوينه حتى تناميه وتطوره ليحتل مساحة لائقة في التشكيل المعاصر .

ولد قديريان ونشأ في طهران ، حصل على شهادته الاولية من كلية الفنون الجميلة جامعة طهران ، واصل دراسته في نفس الجامعة حتى حصوله على درجة الماجستير في الفن، احب الرسم منذ الطفولة وتطورخلال دراسته ،عمل في مجال السينما والمسرح بصفة ماكييرثم مصمماً للازياء فضلاً عن الاضاءة والانارة مما زاد من خبراته اللونية في مجال الرسم ، شارك في اكثر من اربعين معرضا للفنون التشكيلية بين شخصي ومُشترك وبأعمال متفاوتة بين الرسم والنحت . 

هذه اللوحة احدى اللوحات الحسينية التي عُرضت ضمن المعرض الشخصي للفنان الذي اقيم في مسجد جمكران في احدى ضواحي مدينة قم المقدسة  والذي اتى تزامنا مع ذكرى عاشوراء الاليمة هذا العام 2015م.

تتالف اللوحة من مجموعة كبيرة من البقع والمساحات اللونية المختلفة في احجامها والمنسجمة ضمن مساحة اللوحة، اعتمد في ابراز الاشكال وحركاتها على الخطوط العريضة المائلة للعتمة والسواد فوق المساحات اللونية التي تمثل ارضية العمل الفني وبضربات فرشاة سريعة اتجه بها تارةً نحو التشخيص واخرى نحو التجريد ، فقد اظهر بعض الاشكال المكونة للوحة بوضوح ودقة ممثلة بشخص ابي الفضل عليه السلام في وسط اللوحة والنبال منغرزة في جسده الشريف كاسبا اياه كثافة اللون الابيض المتداخلة مع الاخضروبعض الاحمرمما جعله يستقر كمركزاً للسيادة عن باقي الاشكال المكونة للوحة ، اما باقي مكونات اللوحة وفضاءها فقد تعامل معها بطريقة تجريدية من خلال احالته للاشكال الى طبقات ومساحات لونية تداخلت مع بعضها البعض بين غامق وفاتح وبتدرجات مختلفة وفقا لأيحاءات وايقاعات روحية خاصة ابدعها الفنان لتقود المشاهد الى التفاعل معها والسعي الى فهم تراكيبها للوصول الى ماتعنيه واي ساكن قد اهتز بداخله ( المتلقي ) .

سعى الفنان في هذا التكوين الفني للبحث عن جوهر الأشياء والتعبير عنها بأشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية التي اكتسبها الفنان ممزوجة بانفعالاته الوجدانية تجاه الحادثة التي يروم تصويرها فقد ابتعد عن التشخيص العياني وعدم اظهاراي ملامح لشخوص اللوحة وجعلها مبهمة،ملتجئً للخطوط الواضحة باللون الغامق لمنح الالوان توصيفا ذا مدلول شكلي مما يحيلها (الالوان) الى اشخاص بعدما كانت مساحات لونية وترك تفسيرها ومحاولة فهما للقارئ كل حسب رؤياه .

سامر قحطان القيسي

المرفقات