ظاهرة تكرار الألفاظ في مراثي السيد حيدر الحلي ومراثٍ أخرى..,

 

يمثل التكرار عنصراً مهماً من عناصر الإيقاع في الشعر العربي لما يوحيه للنفس من أثر وقوة وما يؤديه من دور واستجابة عند المتلقي من خلال التتابع في اللفظة والحثّ على التوكيد، وقد زخر الشعر العربي في كل عهوده بهذه الظاهرة التي نستطيع القول أنها أصبحت ملازمة له قديماً وحديثاً وأصبحت علامة له عبر عصوره المختلفة.

ويعدّ التكرار كذلك من أساليب المحاججة والمناظرة والإقناع لاتخاذه عنصر التوكيد عاملاً مهماً في عملية التتابع، فشكّلت ظاهرةُ التكرار سمة أدبية واضحة المعالم ومتلازمة الأفكار، وقد تنوّع التكرار في الشعر فجاء واضحاً كتكرار شطر كامل في عدة أبيات ودائماً ما يكون هذا الشطر هو الصدر، أو تكرار جملة أو لفظة واحدة تتكرَّر في بداية الأبيات، كما يأتي التكرار أقل وضوحاً كتكرار الأصوات داخل القصيدة، وتأتي أغلب أبيات التكرار في الشعر العربي في المراثي إذ أنها تأخذ أبعاداً نفسية عند الشاعر يستطيع من خلالها توظيف سمات التعظيم والتهويل والتعجّب وشدّة الحزن.

التكرار في القرآن الكريم  

والتكرار جاء في القرآن الكريم في الكثير من المواضع وبأنواع متعدِّدة، وكان أكثر هذه المواضع في سورة الرحمن حيت تكررت آية: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) بعد كل آية، ولأهمية التكرار في اللغة فقد عقدَ السيد الشريف المرتضى (قُدّس سرُّه الشريف) فصلاً خاصاً عنه في كتابه: (درر الفوائد وغرر القلائد ج2) والمعروف بـ (الأمالي)، وأعطى صورة واضحة المعالم لكل نوع منه جاء في القرآن الكريم والشعر العربي القديم، كاشفاً بذلك عن  السمو اللغوي والإعجاز الأدبي والبلاغي في أسمى كتاب جاء مطابقاً للبيان الشريف والأدب الرفيع.

ولارتباط معنى التكرار وتطابقه في دلالته واشتراكه في وظيفته في هذين الموضعين بوصفه سمة لغوية وأدبية فقد أخذنا من توضيح السيد المرتضى لمعاني التكرار معنيين هما في سورة (الكافرون) وسورة (الرحمن) لكونهما قد احتوتا على أبرز معاني التكرار، يقول السيد المرتضى عن سبب التكرار في سورة (الكافرون) وما الذي حسّن إعادة النفي لكونه عابداً ما يعبدون وكونهم عابدين ما يعبد وذكر ذلك مرة واحدة يغني:

(إنما حسن التكرار لأن تحت كل لفظة معنىً ليس هو تحت الأخرى وتلخيص الكلام: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) الساعة وفي هذه الحال، (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ)، في هذه الحال أيضاً، وقال من بعد: (وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ) في المستقبل، (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) فيما تستقبلون، فاختلفت المعاني وحسن التكرار في اختلافها).  

أما سبب تكرار قوله تعالى: (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) في سورة الرحمن فبيّن السيد المرتضى السبب في ذلك بقوله: (إنما حسن ـ التكرار ـ للتقرير بالنعم المختلفة المتعدِّدة فكلما ذكر نعمة أنعم بها قرّر عليها ووبَّخ على التكذيب بها كما يقول الرجل لغيره: ألم أحسن إليك بأن خوّلتك الأموال، ألم أحسن إليك بأن خلّصتك من المكاره؟ ألم أحسن إليك بأن فعلت كذا وكذا؟ فيحسن منه التكرار لاختلاف ما يقرِّره به).

التكرار في الشعر العربي (الشطر الكامل)

وقد رافق التكرار الشعر العربي منذ بواكيره الأولى ولازمه على مدى أدواره فنجده عند المهلهل بن ربيعة (ت94ق.هـ/531م). في القصيدة التي رثى بها أخاه كليباً والتي يبدأ كل بيت منها بهذا الشطر: (على أن ليس عدلاً من كليبٍ)، ثم يذكر في الشطر الثاني إحدى مآثر كليب، فدلّ التكرار هنا على الجزع الذي أصيب به لشدة الفاجعة عليه حيث يقول:

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذَا خَـافَ الـمُـغَـارُ مِـنَ الْـمُـغِـيـرِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذَا طُـرِدَ الـيَـتِـيـمُ عَـنِ الْـجَـزُورِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إذا مـا ضِـيـمَ جـارُ الـمُـسـتـجـيـرِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إذا ضـاقـتْ رحـيـبـاتُ الصـدورِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذَا خَـافَ الـمَـخُـوفُ مِـنَ الـثُّـغُـورِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذا طَـالَـتْ مُـقَـاسَـاةُ الأُمُـورِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذَا هَـبَّـتْ رِيَـاحُ الـزَّمْـهَـرِيـرِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذَا وَثَـبَ الـمُـثَـارُ عَـلَـى الـمُـثِـيـرِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذَا عَـجَـزَ الغَـنِـيُّ عَـنِ الْـفَـقِـيـرِ

عَـلَـى أَنْ لَـيْـسَ عَـدْلاً مِـنْ كُـلَـيْـبٍ  ***  إِذَا هَـتَـفَ الـمُـثَـوّبُ بِـالْـعَـشِـيـرِ

فيأتي بالعجز مختلفاً من بيت إلى آخر. كما نجد ذلك في قصيدة الحارث بن عباد بن ضبيعة البكري أبو المنذر الملقب بـ (فارس النعامة) (ت50ق.هـ/570م) في رثاء ولده بجير الذي قتله المهلهل وهي قصيدة طويلة تزيد عن مئة بيت فيكرر صدر الكثير من أبياتها بـ (قَربا مربط النعامة مني):  

قَـرِّبـا مَـربَـطَ الـنَـعـامَـةِ مِـنّـي  ***  لَـقِـحَـت حَـربُ وائِـلٍ عَـن حِـيـالِ

قَـرِّبـا مَـربَـطَ الـنَـعـامَـةِ مِـنّـي  ***  لَـيــسَ قَـولـي يـرادُ لَـكِـن فـعـالـي

قَـرِّبـا مَـربَـطَ الـنَـعـامَـةِ مِنّي  ***  جَـدَّ نَوحُ النِساءِ بِالإِعوالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  ***  شابَ رَأسي وَأَنكَرَتني القَوالي

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  ***  لِلسُرى وَالغُـدُوِّ وَالآصالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  ***  طالَ لَيلي عَلى اللَيالي الطِوالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** لِاِعتِناقِ الأَبـطالِ بِالأَبطالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** وَاِعـدِلا عَن مَقالَةِ الجُهّالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** لَيسَ قَلبي عَنِ القِتالِ بِسالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** كُلَّما هَبَّ ريحُ ذَيلِ الشَمالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** لِبَجَيرٍ مُفَكِّكِ الأَغـلالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** لِكَـريمٍ مُتَوَّجٍ بِالجَمـالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** لا نَبيعُ الرِجالَ بَيعَ النِعالِ

قَرِّبا مَربَطَ النَعامَةِ مِنّي  *** لِبُجَيرٍ فـداهُ عَمّي وَخالي

فيرد عليه المهلهل بقصيدة يبدأ كل أبياتها بـ (قرِّبَـا مَربَـطَ المشهّـرِ مِـنِّـي) ومنها:

قَرِّبـا مَربَـطَ المشهّـرِ مِـنّـي  ***  لِكُلَيْـب الَّـذِي أَشَابَ قَذَالِـي

قَرِّبَـا مَربَـطَ المشهّـرِ مِـنّـي  *** وَاسْأَلاَنِـي وَلاَ تُطِيـلاَ سُؤَالِـي

قَرِّبَـا مَربَـطَ المشهّـرِ مِـنِّـي  ***  سَوْفَ تَبْدُو لَنَـا ذَوَاتُ الْحِجَـالِ .... الخ

ونجد التكرار في الشطر الكامل أيضاً في أبيات زوجة عبيد الله بن العباس في رثاء ولديها الطفلين الذين قتلهما بسر بن أرطأة بأمر معاوية، وكان معاوية قد أرسل بسراً بجيش وأمره أن يقتل كل من كان من شيعة على بن أبي طالب حتى الأطفال والنساء فذهب بسر إلى اليمن وكان عبيد الله بن العباس عاملاً عليها فلمّا لم يجده أغار على بيته فعثر على ولديه المذكورين فذبحهما فجزعت أمهما عليهما جزعاً شديداً, فكانت تطوف الأحياء وتنشد المراثي الممزوجة بالبكاء فكان مما قالته:

يَا منْ أحسَّ بِابنيَّ اللذينَ هُمَا  ***  كالدُّرَّتينِ تَشظّى عَنهُمَا الصَّدَفُ

يَا منْ أحسَّ بِابنيَّ اللذينَ هُمَا  ***  سَمْعِيْ وقَلبيْ فَقلبيْ اليوم مُردَهِفُ

يَا منْ أحسَّ بِابنيَّ اللذينَ هُمَا  ***  مُخُّ العِظامِ فمُخِّيْ اليومَ مُخْتَطَفُ.... الخ

تعدُّد الألفاظ

ونجد التكرار بتعدُّد الألفاظ عند ليلى الأخيلية (ت704م/80 هـ) في رثاء توبة بن الحمير:

لَنِعْمَ الفَتى يا تَوْبَ كُنْتَ إذا الْتَقَتْ  ***  صُدُورُ الأَعالي واسْتَشالَ الأَسافِلُ

ونِعْمَ الفَتى يا توبَ كُنْتَ ولَمْ تَكُنْ  ***  لتُسْبقَ يوماً كُنْتَ فيه تُحاوِلُ

ونِعْمَ الفَتى يا توبَ كنتَ لخائفٍ  ***  أتاكَ لكي يُحْمى ونِعْمَ المجاملُ

ونِعْمَ الفَتى يا توبَ جاراً وصاحِباً  ***  ونِعْمَ الفَتى يا توبَ حين تُفاضِلُ

لَعَمْري لأَنْتَ المَرْءُ أَبكي لفَقْدِهِ  ***  بِجِدٍّ ولَوْ لامَتْ عَلَيْهِ العَواذِلُ

لَعَمْري لأَنْتَ المَرْءُ أبكي لفَقْدِهِ  ***  ويكْثُرُ تَسْهِيدي لهُ لا أُوائِلُ

لَعَمْري لأنْتَ المَرْءُ أَبْكِي لفَقْدِهِ  ***  ولو لامَ فيه ناقصُ الرأيِ جاهِلُ

لَعَمْري لأَنْتَ المَرْءُ أَبكي لِفَقْدِهِ  ***  إذا كثُرَتْ بالمُلْحمينَ التَّلاتِلُ

أبى لَكَ ذمَّ الناسِ يا توبَ كُلَّما  ***  ذُكِرْتَ أمورٌ مُحْكَماتٌ كوامِلُ

أبى لكَ ذمَّ الناسِ يا توبَ كُلَّما  ***  ذُكِرْتَ سماحٌ حِينَ تأْوِي الأراملُ

فلا يُبْعِدَنْكَ اللّهُ يا تَوْبَ إنَّما  ***  لقِيتَ حِمامَ الموتِ والموتُ عاجِلُ

ولا يُبْعِدَنْك اللّهُ يا تَوْبَ إنّها  ***  كذاكَ المَنايا عاجِلاتٌ وآجِلُ

ولا يُبْعِدَنْكَ اللّهُ يا تَوْبَ والْتَقَتْ  ***  عَلَيْكَ الغوادي المُدْجَناتُ الهواطِلُ  

كما نجده عند الخنساء (تماضر بنت عمرو السلمية) (575م - 24 هـ/ 645م) في قصيدتها التي رثت بها أخاها صخراً:

وإنّ صَخراً لَوالِينا وسيّدُنا  ***  وإنّ صَخْراً إذا نَشْتو لَنَحّارُ

وإنّ صَخْراً لمِقْدامٌ إذا رَكِبوا  ***  وإنّ صَخْراً إذا جاعوا لَعَقّارُ

وإنّ صَخراً لَتَأتَمّ الهُداةُ بِهِ  ***  كَأنّهُ عَلَمٌ في رأسِهِ نارُ

والملاحظ أن أغلب التكرار في الشعر العربي يأتي في المراثي وهذا المعنى في الشعر العربي أكثر من أن نحصيه.

التكرار في شعر السيد حيدر الحلي (1246/1304هـ)

برزت ظاهرة التكرار بوضوح في شعر السيد حيدر الحلي ولُوحظ تأكيده على تكرار ألفاظ معينة موحية في دلالاتها الحزينة والمفجعة على أحداث يوم الطف، أو تكرار إسلوب معين ولا سيما أساليب الإستفهام والتعجب لدلالة الأول على رفض الشاعر واستنكاره الشديد لما جرى في كربلاء ودلالة الآخر على الذهول والحيرة لهول يوم الطف، وبرزت الوظيفة التأكيدية لإسلوب التكرار في ألفاظ أخرى متعدِّدة منها المفردات التي تدل على استنهاض الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) بسرد حوادث يوم الطف الأليمة كمقتل الحسين (عليه السلام) ورضّ صدره بحوافر الخيل وسبي النساء ومقتل الطفل الرضيع وغيرها، كما دلّ التكرار مرة أخرى على الحزن والبكاء من خلال إطلاق الصفات العظيمة التي اتصف بها الإمام الحسين (عليه السلام)، فالناعي هو جبريل في إحدى قصائده التي صدّر كل أبيات بمفردة (نعى) يقول فيها:

نَعى الروحُ جبريلٌ بأنَّ ذوي الغدرِ  ***  أراقوا دمَ الموفينَ للهِ بالنذرِ

نَعى وانقلابُ الكونِ في ضمنِ نعيهِ  ***  بأنَّ ذوي الحجرِ استباحوا ذوي الحجرِ

نَعى فغدا من في الوجودِ بدهشةٍ  ***  هي الحشرُ لا بل دونها دهشةُ الحشرِ

نَعى من بقلبِ الدهرِ من جرحِ جسمهِ  ***  جراحاتُ حزنٍ لا يعالجنَ بالسبرِ

نَعى أن روحَ الكونِ بالطفِّ أقلعتْ  ***  يدَ الموتِ منه وهي دامية الظِفرِ

نَعى مقلةَ الأسلامِ فاحتلبَ الشّجى  ***  دماءَ أفاويقِ الدموعِ من الصخرِ

نَعى شطرَ قلبِ الدينِ للدينِ فاغتدى  ***  ومن قلبهِ شطرٌ ينوحُ على شطرِ

نَعى من دعا بالدينِ حيَّ على الهدى  ***  أناساً دعوا بالشركِ حيّ على الكفرِ

نَعى داعياً للهِ حيَّاً وميِّتاً  ***  وفي زُبرِ الأسيافِ يصدعُ والذكرِ

نَعى ساجداً صلّت إلى اللهِ روحهِ  ***  قضى رأسُه المرفوعُ من سجدةِ الشكرِ

ينطلق الشاعر من مفردة (نعى) في رسم أحداث تتابعية تتصاعد تدريجياً فتشدُّ القارئ إلى الشعور بهول الفاجعة حيث يصدِّر هذه المفردة ــ نعى ــ في جميع أبيات القصيدة التي تبلغ (29) بيتاً، فتبرز دلالة (المفردة) في تأكيد الشاعر عليها لتكوين حالة من التنبيه إلى عظيم الخطب وفداحة الجرم الذي ارتكبته بنو أمية في كربلاء، فينوّع في الوصف الذي يأتي بعد مفردة (نعى) للدلالة على عظمة شخصية الحسين، فجبريل (نعى) (مقلة الإسلام)، و(شطر الدين)، و(روح الكون)، و(الجوهر الفرد)، و(صفوة الله) في كربلاء:

نَعى من بجنبِ اللهِ للموتِ نفسُه  ***  يجدُّ بها بين القواضبِ والسمرِ

نَعى من أعارَ اللهَ بالطفِّ هامَه  ***  ومن قلبُه فيها أقامَ على جمرِ

نَعى ذاتَ قدسٍ يعلمُ اللهُ أنَّها  ***  مُنزّهَةُ الأفعالِ في السرِّ والجهرِ

نَعى للنفوسِ التسعِ من كان عاشرَ الـ  ***  ـعقولِ أبا الخَمْسِ الجواهرِ للفخرِ

نَعى الجوهرَ الفردَ الذي في أمورِه  ***  تجرَّدَ للرحمنِ من عالمِ الأمرِ

نَعى من له النفسُ البسيطة لم تصِلْ  ***  ولو حاولتْ إدراكه بالقوى العشرِ

نَعى صفوةَ اللهِ العظيمِ ولطفهِ  ***  على الخلقِ في الدنيا وفي الحشرِ والنشرِ

نَعى من له خلقُ الورى يوم خلقهمْ  ***  ويومَ يقومُ الحشرِ سلطنةُ الحشرِ

نَعى للهدى النصرَ الإلهي والذي  ***  لمرهفهِ وسمٌ على جبهةِ الكفرِ

نَعى خيرَ من سارَ المطيُّ برحلهِ  *** وأكرَمَ من يمشي سويّاً على العَفرِ

نَعى مُطعمَ الهلّاكِ مُشبع غرثها  ***  أخي الشتواتَ الشهبِ في الحججِ الغبرِ

نَعى من يضيف الطيرَ والوحشَ سيفُه  ***  وجيشُ المنايا تحتَ رايتهِ يسري

نعى واسماً وجهَ المنايا بعضبهِ  ***  فقلبُ المنايا بين قادِمَتَي نسرِ

نَعى من يجلّي الشوسَ ضرباً فسيفُه  ***  على النحرِ طوقٌ أو وشاحٌ على الخصرِ

نَعى ابن الذي سدَّ الثغورَ بسيفهِ  ***  وأفرغَ فيها من دمِ الشوسِ لا القَطرِ

إن مفردة (نعى) إضافة إلى ما توحيه من دلالة على الحزن والأسى فقد أكد الشاعر على قيمتها المعبِّرة من خلال وصلها بأحداث الطف في كل أبيات القصيدة لخلق حالة من الحزن الهادف الذي تجلى في الأبيات الأخيرة فيعبر الشاعر عن هذا الفاجعة بأنها طالت كل أولي الأمر وإن السماء بكت الحسين بأنجمها الزهر:

نَعى أن أسيافاً نحرنَ أبنَ فاطمٍ   ***  نحرنَ بحجرِ اللهِ كلَّ أُولي الأمرِ

نَعى ظامياً أبكى السماءَ بعندمٍ  ***  وحقٌّ لها تبكي بأنجمِها الزهرِ

نَعى من بكى لا خيفةً من عداته  ***  ولكن لإشفاقٍ عليهم من الكفرِ

نَعى شاكراً نالَ الشهادةَ صابراً  ***  وقد يُجتنى شهدُ العواقبِ بالصبرِ

ومثل هذا المعنى الذي دلت عليه مفردة (نعى) جاء في قصيدة أخرى حيث يكرر الشاعر لفظة (تنعى):

تنعى أفاعي الحي من كم وطوا  ***  من دبَّ بالشرِّ لهم عقربا

تنعى بها ليلاً تسلُّ الوغى  ***  من كل شهمٍ منهمُ مُقضبا

تنعى الأولى سُحْبٌ أياديهمُ  ***  تستضحكُ العامَ إذا قُطِبَا

تنعاهمُ عطشى ولكن لهم  ***  جداولُ البيضِ حلت مشربا

ويكرر الشاعر لفظة (يا بأبي) في نفس القصيدة دلالة على تلهفه وتحسّره على ما أصاب آل الرسول، فالشاعر يستحضر تلك الصور المأساوية في يوم عاشوراء، فالأشلاء المقطعة تنسجُ عليها الرياحُ ثوبا، والأوداجُ تتلاقفها السيوف، والأحشاء تطايرها الرماح:

يا بأبي بالطفِّ أشلاؤها  ***  تنسجُ في الثوبِ عليها الصَّبا

يا بأبي بالطفِّ أوداجُها  ***  للسيفِ أضحتْ مرتعاً مُخضبا

يا بأبي بالطفِّ أحشاؤها  ***  عادتْ لأطرافِ القنا ملعبا

وتتعدد صور أحداث الطف في مراثيه الحسينية وتأخذ محاور أخرى بقدر تعدُّدِ أحداث الطف فيستغرق الشاعر مع تفاصيلها ليبني من حالة التكرار في رسم المشهد معنى يأخذ أبعاداً أكثر حزناً وإشباعاً في ذهن المتلقي فيأتي هنا هذا المشهد بصيغة الاستفهام (ما حال):

ما حال صائمةُ الجوانحِ أفطرتْ  ***  بدمٍ وهل تُروي الدما إضماءها؟

ما حال عاقرةُ الجسومِ على الثرى  ***  نهبتْ سيوفُ أميةٍ أعضاءها؟....الخ

فكربلاء مأساة تجلّ عن الوصف وهي أكبر من أن يحتويها لفظ أو معنى محدَّد، ويبقى الشاعر يدور في هذا الفضاء من الحزن العظيم المقدّس تجذبه عظمة الحسين وعظمة تضحيته، فالشاعر هنا يحاول أن يركز على هذا الحادث الجلل الذي أبكى الملائكة من خلال الوظيفة التوكيدية لإسلوب التكرار في لفظة (أصبراً) فيأتي بها بصيغة التعجّب والذهول:

أصبراً وأعرافُ السوابقِ لم يكن  ***  من الدمِ في ليلِ الكفاحِ اختضابُها؟

أصبراً ولم ترفعْ من النقعِ ضلّةٌ  ***  يحيلُ بياضَ المشرقين ضبابُها؟

أصبراً وسمرُ الخطّ لا متقصّدٌ  ***  قناها ولم تندقّ طعناً حرابُها؟

أصبراً وبيضُ الهندِ لم يثنِ حدَّها  ***  ضرابٌ يردُّ الشوسَ تُدمى رقابُها؟

ويلاحظ في هذه الأبيات (الثائرة) محاولة الشاعر إثارة النفوس واستنهاض الهمم للأخذ بثأر الحسين (عليه السلام)، والشاعر يشير في ذلك إلى الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) والذي يمثل خروجه حداً للظلم والانتصاف من الظالمين قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) وتتصاعد نبرة الاستنهاض بإشارة (تلك) المكررة في نفس القصيدة:

وتلك بأجراعِ الطفوفِ نساؤكم  ***  عليها الفلا أسودّت وضاقتْ رحابُها

وتلك بأجراعِ الطفوفِ نساؤكم  ***  يهدّ الجبالَ الراسياتِ انتحابُها

ويأتي التساؤل باستفهام عميق حزين ثائر عبَّر من خلاله الشاعر عن غضبه لما حلَّ بنساء النبوة وعقائل الوحي وربائب الإمامة من السبي والأسر:

أفتيانُ فهرٍ أين عن فتياتِكم  ***  حميتكم والأسْدُ لم يحمَ غابُها؟

أفتيانُ فهرٍ أينَ عن فتياتِكم  ***  حفيظتكم في الحربِ إن صرَّ نابُها

ولم تخلُ رائعة السيد حيدر (اللامية) الخالدة من التكرار من خلال الإيقاع الذي ولّده تكرار (كم) الذي بدا منسجماً واضحاً بين إيقاع الأبيات والمعاني التي أفادها تعدُّد الصور مما جعل المتلقي يترقب فعل القول منذ البيت الأول:

كمْ رضاعُ الضيمِ لا شبَّ لكم  ***  ناشئٌ أو تجعلوا الموتَ فِصالا

كمْ وقوفُ الخيلِ لا كمْ نسيتْ  ***  علكها اللجمِ ومجراها رِعالا

كمْ قرارُ البيضِ في الغمدِ أما  ***  آن أن تهتزَّ للضربِ انسلالا

كم تمنّون العوالي بالطلى  ***  أقتلُ الأدواء ما زاد مَطالا

ويصل التكرار في شعر السيد حيدر إلى الحد الذي يكون مقدمة لقصيدته (الجيمية) إذ يبدؤها بقوله:

كمْ توعدُ الخيلَ في الهيجاءِ أن تلِجا  ***  ما آن في جريها أن تلبسَ الرَهَجا

وكمْ قنا الخط كفُّ المطلِ تفطمها  ***  ما آن أن ترضعَ الاحشاءَ والمُهَجَا

وكمْ تعلل بيضَ الهندِ مُغمدةً  ***  عن الضرابِ ولما تعترفْ وَدَجَا

التكرار سمة ظاهرة في شعر تلك الفترة

وإضافة إلى السيد حيدر الحلي فقد وظف شعراء تلك الفترة وما بعدها سمة التكرار في أشعارهم فتميَّزت المراثي الحسينية بالنفس الرصين المحافظ على البناء الفني والشكلي للقصيدة العمودية فكان امتداداً لمراثي كبار الشعراء السابقين، فنراها في قصيدة لآية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (1294/1373هـ) بتكرار أداة (أأنسى) ثم الإنتقال إلى رسم صور الفاجعة الأليمة وسرد تفاصيلها:

أأنسى وهلْ يُنسى رزاياكم التي  ***  ألبت على دينِ الهدايةِ ذو لبِ؟

أأنسى بأطرافِ الرماحِ رؤوسُكم  ***  تطلّع كالأقمارِ في الأنجمِ الشُهبِ؟

أأنسى طرادَ الخيلِ فوق جسومِكم  ***  وما وطأت من موضعِ الطعنِ والضربِ؟

أأنسى دماءً قد سُفكنَ وأدمعاً  ***  سُكبن وأحراراً هُتكنَ من الحُجبِ؟

أأنسى بيوتاً قد نُهبنَ ونِسوةً  ***  سُلبن وأكباداً أذِبن من الرعبِ؟

أأنسى اقتحامَ الظالمينَ بيوتَكم  ***  تُروِّعُ آلَ اللهِ بالضربِ والنهبِ؟

أأنسى اضطرامَ النارِ فيها وما بها  ***  سوى صبيةٍ فرَّتْ مذعّرة السربِ؟

أأنسى لكمْ في عرصةِ الطفِّ موقفاً  ***  على الهضبِ كنتمْ فيه أرسى من الهُضبِ؟

وتبرز دلالة تكرار مفردة (اليوم) واضحة في قصيدة الشيخ هادي النحوي الحلي (ت ١٢٣٥هـ) على يوم عاشوراء الذي يكون أثره شديداً على الشاعر فيتوسّع في تكراره من الشطر الواحد ليتصدَّر الشطرين:

اليومَ دينُ الهدى خرّتْ دعائمه  ***  ومِلّة الحقِّ جدّت في تداعيها

اليومَ ضلَّ طريقَ العرفِ طالبُه  ***  وسُدَّ بابُ الرجا في وجهِ راجيها

اليومَ عادتْ بنو الآمالِ مُتربةً  ***  اليومَ بانَ العَفَا في وجهِ عافيها

اليومَ شقَّ عليه المجدُ حلّته  ***  اليومَ جزّتْ له العليا نواصيها

اليومَ عقدُ المعالي فُضَّ جوهرُه  ***  اليومَ قد أصبحتْ عطلى مَعاليها

اليومَ أظلمَ نادي العزِّ من مُضرٍ  ***  اليومَ صرفُ الردى أرسى بواديها

اليومَ قامتْ به الزهراءُ نادبةً  ***  اليومَ آسيةٌ وافتْ تواسيها

اليومَ عادتْ لدينِ الكفرِ دولتُه  ***  اليومَ نالتْ بنو هندٍ أمانيها

وبرزت الوظيفة التأكيدية لإسلوب التكرار في لفظة (قالوا) في قصيدة عبد العظيم الربيعي (1323/1399هـ):

وقالوا: لم يغسّلْ شبلُ طه  ***  ألمْ يكُ غسله فيضَ الوريدِ

وقالوا: لمْ يقلّبْ والعوادي  ***  تقلّبه على وجهِ الصعيدِ

وقالوا: لم يكفّنْ والسوافي  ***  عليهِ نسجنَ ضافيةَ البرودِ

وقالوا: لم يشيّعْ فوقَ نعشٍ  ***  كتشييعِ الجنائزِ للّحودِ

فقلت: إذنْ لمنْ في الرمحِ رأسٌ  ***  يطافُ به البلادَ إلى يزيدِ

أما تكرار الأصوات فربما كان أعمق وقعاً ودلالة على حالة الحزن التي يعيشها الشاعر لأنها تفيض بما يعتمل في صدره من مشاعر نحو واقعة كربلاء، ويلاحظ تكرار صوت السين في كل بيت من قصيدة السيد رضا الموسوي الهندي (1290/1362هـ) وهو صوت مهموس خلق إيقاعاً حزيناً منسجماً مع المعاني والصور في الأبيات:

لهفي لجسمكَ في الصعيدِ مجرّداً  ***  عريان تكسوه الدماءَ ثيابا

تربُ الجبينِ وعينُ كلِّ موحِّدٍ  ***  ودَّتْ لجسمِكَ لو تكونَ تُرابا

لهفي لرأسِك فوقَ مسلوبِ القنا  ***  يكسوهُ من أنوارِهِ جِلبابا

يتلو الكتابَ على السنانِ وإنِّما  ***  رفعوا به فوقَ السنانِ كتابا

لينُحْ كتابَ اللهِ مَّما نابه  ***  ولينثنِ الإسلامَ يقرعُ نابا

وليبكِ دينَ محمدٍ من أمَّةٍ  ***  عزلوا الرؤوسَ وأمّروا الأذنابا

ويرسم الشيخ محمد تقي عبد الرسول آل صاحب الجواهر (1342/1399هـ) من تكرار مفردة (بُني) صورة تراجيدية لموقف السيدة الرباب وهي تنظر إلى طفلها عبد الله الذي ذُبح عطشانا:

بُنيَّ أفقْ من سكرةِ الموتِ وارتضعْ  ***  بثدييكَ علَّ القلبَ يهدأ هائمَه

بُنيَّ فقد درَّا وقد كضَّكَ الظما  ***  فعلَّك يُطفى من غليلِكَ ضارمَه

بُنيَّ لقد كنتَ الأنيسَ لوحشتي  ***  وسلوايَ إذ يسطو من الهمِّ غاشمَه

وتكرَّرت لفظة (رزء) في قصيدة السيد سليمان بن داود الحلي (الكبير) (1141 ـ 1211هـ) لدلالتها الواضحة على عمق الفجيعة التي (تجلّ عن البكاء):

رزءٌ يجلُّ عن البكاءِ وإن جرتْ  ***  من العيونِ له بدمعٍ أحمرِ

رزءٌ إذا قُتلَ الحزينُ به أسىً  ***  وتفجُّعاً وتوجُّعاً لم يُعذرِ

رزءٌ به احترقتْ حشاشةُ أحمدٍ  ***  وتمزَّقتْ جزعاً حشاشةُ حيدرِ

رزءٌ به شبَّت بمهجةِ فاطمٍ  ***  نارُ وأضرمَها بمهجةِ جعفرِ

رزءٌ به بكتِ السماءُ دماً وما  ***  وفتِ السماءُ له إذا لم تُفطر

رزءٌ به الإسلامُ أضحى في الورى  ***  غرضاً لنهبةِ فاجرٍ أو مفتري

رزءٌ به الشمسُ المنيرةُ بعدما  ***  كسفتْ لقد برزتْ بلونٍ أكدرِ

رزءٌ به جبريلُ أضحى في السَّما  ***  شجواً بصوتِ مفجَّع متحسِّرِ

وتتجلى مرارة الحزن وعميق الحسرة في مفردة (بأبي) التي تتكرر في قصيدة أخرى للسيد سليمان بن داود الحلي (الكبير) قبل أن يرسم بعدها صورة من صور عاشوراء:

بأبي قتيلٌ في الطفوفِ مجلبباً  ***  ثوبينَ ثوبَ بَلى وثوبَ نجيعِ

بأبي الذي يَلقى النبالَ بلبةٍ  ***  حسرى معطشةٍ بغيرِ دروعِ

بأبي الذي تَطأ العدا أشلاءَه  ***  وتدوسُ منه الجردُ أي ضلوعِ

بأبي بنياتُ البتولِ وجوهها  ***  مخضوبةٌ من نحرهِ المقطوعِ

بأبي كريماتُ الرسولِ شواكياً  ***  أحزانهنَّ لرأسهِ المرفوعِ

بأبي الذي تعلو السنابكُ شلوَه  ***  والهفتاه لعاطشٍ مصروعِ

ورغم أن الشاعر مظهر اطيمش (1325-1392هـ) أعطي ملحمة الطف أبعاداً ثورية ووظف جملة من الحقائق للثورة الحسينية التي انبثقت عن أعظم شهادة في تاريخ البشرية، فكانت ضماناً لحياة أمة، وأساساً لبناء عقيدة، إلا أنه عكس كذلك الجانب المأساوي المؤلم الذي رافق الثورة يقول من قصيدته (الذكريات الدامية):

إنَّها ذكرى تسامتْ  ***  بالإبا معنىً ومَبنى

إنَّها ذكرى صِراعٍ  ***  هدَّ للطغيانِ حِصْنا

إنَّها مأساةُ صِيدٍ  ***  بعثتْ في النفسِ حُزنا

إنّها ذكرى حماةٍ  ***  لهمُ الأعناقُ تُحنى

ويستمد السيد محمد بن الحسن بن أحمد القزويني الملقب بالسيد مهدي (1222 ـ 1300هـ) من كلمة (فتى) للدلالة على شخصية سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة وأخلاقه العظيمة وروحه الكبيرة، فهو (عليه السلام): (مغيث اللاجئ)، و(غيث الراجي)، وهو (صدر العلى والفضائل)، ومن وجهه يشرق نور النبوة، لكن صدره الشريف رضّته حوافرُ الخيل، ورُفع فوق الرماح رأسه الشريف: 

فتىً كان للاجي مغيثاً ومنعةً  ***  وغيثاً لراجيهِ إذا مسَّه الضُرُّ

فتىً رضَّتْ الجردُ المضاميرُ صدرَه  ***  فأكرمْ به صدراً له في العُلى صدرُ

فتىً رفعوا فوقَ العواسلِ رأسَه  ***  كأنَّ مُحيَّاه لداجي الورى فجرُ

ويجد القارئ الكثير من هذا الشعر الذي تعدَّدت فيه معاني التكرار وتوفَّرت فيه شروط الإيقاع الشعري الصوتي الجميل في المراثي الحسينية التي تميَّزت بالثراء الشعري في رسم أحداث وتفاصيل واقعة الطف الخالدة.

 محمد الصفار

المرفقات

: محمد طاهر الصفار