الملحدون..وبطلان دليل "المادة علة الوجود"

يدعي البعض "ان للاسلام خطب رنانة تنطلق لنشر العقائد الاسلامية من دون الاتكاء على ادنى دليل و الغاية من ذلك هو لتقوية شوكة الاسلام للأغراض الدنيوية".

نعم ان للإسلام خطب رنانة جذبت ما لا يحصى من(اصحاب العقول) بالدليل و البراهين وليس بالترهات كما يدعي البعض من المشجعين على الالحاد، ولا نعلم لماذا هذه الضغينة على الاديان و على المسلمين بالذات، و هل تحدثكم عقولكم ان البرهان حين طرحه و الاستدلال به يكفي بنقضه بالنفي فقط؟! ، اليس الملاحدة اليوم يتحدثون باسم الثقافة و حرية النقاش، ام ان قانون (الغاية تبرر الواسطة) قد تجذرت في اخلاقياتكم التي تبرر لكم انحلال الاسرة لان تماسكها يعيق حركتكم كما نص به مفكري الالحاد " ان العائلة تعرقل طريق الاقتصاد... و تهدر فيضا من نشاط رب الاسرة لحماية مصالحها و الدفاع عنها... والدفاع عن الاسرة و الولاء للأسرة يعوق عن القيام بواجباته العامة و الخاصة"(ستالين 1930م).

هذه النصوص و اشباهها المحرضة و المشجعة على الانحلال الأسري التي تؤدي الى عواقب معلومة من قبل اصحاب الاختصاصات الاجتماعية و المعرفية في الشعوب، وهذا الانحلال الذي تدعوا له الجهات الالحادية يصب في مصلحتها من حيث يسهل عليها عملية الاستخفاف بالاديان من خلال جذب اعداد كبيرة من طبقة الشباب الذي جني عليه بالانحلال الأسري واردى به الى طريق الالحاد متلقفيه من ارض الضياع.

ولذلك نرى ان استمرار تحريض رؤوس الملاحدة على قضايا اجتماعية بطريقة سلبية فهي عبارة عن تطبيق القانون السابق(الغاية تبرر الواسطة).

ولكن الديانات و الاسلام بالذات يقف امام هذه الخروقات الاجتماعية متصديا لها وجعلها من اولوياته لما ثبت بالنص والعقل من ان الأسرة المتماسكة تعبر عن مجتمع متماسك ورصين و حضاري، ولذا انهالت علينا و من كل جانب كل التهم المتحيزة للفكر الالحادي ناهيك عن طاعتهم العمياء لماركس وستالين و أنجلز...الخ .

واصبح الملاحدة يتشبثون باصغر قشة تصب ضد وجود الله تعالى امثال نظرية التطور الباطلة علمياً حيث بدأت الابواق و الطبول تسوقها في اجواء الانحلال الذي حذفوا به كلمة (لا)و(مناقشة) عناداً وتهرباً، أهذه الحرية التي بها تدعون ام انها تطبيق لأحكام بحظر المناقشة التي وصلت بهم الى سكة مقطوعة حيث لا دليل على مدعاهم، ولا دليل على نقض مدعى وجود الله تعال وخلقه للكون، فاصبحوا يتراوحون بالاعراف لاهم في الجنة و لا هم في النار وصولا الى الرجوع لرايهم الاول وهو ان المادة هي اصل الوجود.

اما الدين الاسلامي الحنيف و بقية الاديان فان من اولوياتها اثبات وجود الله تعالى و من ثم اثبات ان الله تعالى هو واهب لنا جميع النعم من خلق هذا الكون سماء و ارض و مخلوقات مختلفة وان جميع الظواهر وجدت من العدم و هي محتاجة في عمرها القصير الى امداد الله عز وجل، وطبيعتها الاحتياج الدائم اليه ولا تستطيع مفارقته و الاستقلال بذاتها و كل شيء ما دون الله فهو مخلوق.

و حال لسان الملاحدة في كلمات (هربرت اسبنسر) الفيلسوف الانجليزي:" ان الدهريين يحاولون ان يقولوا بان العالم قائم بذاته بلا علة، ولكننا لا نتمكن من الايمان بشيء بلا علة وبلا اول، والموحد يخطو في هذه خطوة واحدة الى الوراء ويقول: ان الله هو الذي خلق العالم، والطفل يسأل سؤالاً آخر لا جواب له هو : من الذي خلق الله؟"

فنقول لهم -الماديين- ان كان برأيكم ان المادة هي اصل الوجود و علته فمن الذي خلق المادة؟!.

فان قلتم ان مبدأ الحوادث يرجع الى المادة و الطاقة الاولى .

قلنا: و ماهي علة وجود تلك المادة و الطاقة الاولى؟!

اذن فان التسلسل في العلل قائم الى ما لا نهاية ولا بد منه في ما تدعون، فلا جواب الا ان تقولوا (ان المادة موجود ازلي ابدي لا حاجة لها الى علة ووجودها من طبيعتها و ماهيتها).

اذن نلتقي هنا مع الماديون بنقطة مشتركة وهي الازلية.

ويقول (راسل) في كتاب (لماذا لست مسيحياً): " لا دليل لنا على ان يكون لهذا العالم مبدأ و أول، بل التفكير في ان يكون للاشياء مبدأ انما هو من نقص في قدرة تصوراتنا".وايضا لـ(راسل)فانه يرى ان المادة ازلية.

فيتضح ان ان نقطة الخلاف ما بين الالهيين و الماديين هي:

ان الالهيين يرون ان العلة الاولى هي علة حكيمة مدبرة قادرة و مريدة وهو الله تعالى.

بينما يرى الماديون ان العلة الاولى لا عقل لها اساساً فهي لا تشتمل على صفات الحكمة او التدبير...

و تخصم المسألة لصالح الالهيين بالبرهان التالي:

ان النظر للنظرية الماركسية التي تنص على "ان المادة تنفي نفسها بنفسها" كيف تم الجمع بين ازلية المادة و امكان نفيها؟! لان معنى الازلية هو امتناع الفناء مطلقاً، في حين ان المادة -في ذاتها- ذات قوى و استعدادات نسبية تحيى و تموت، و ان الازلية لا تلائم المادة في وجودها ولوازم ماهيتها، وأن المادة متغيرة متحركة بحركة داخلية ديناميكية، و الازلي لا يمكن ان يكون كذلك، والنتيجة إن المادة لا يمكن ان تجتمع ومعنى الثبوت الذاتي، والثابت بالذات لا يمكن ان يكون متحركاً و متحولاً.

وعليه فان المادة يمتنع اعتبارها العلة الاولى في اصل وجود العالم لانها مفتقرة الى وجود نفسها بذاتها فكيف ان كانت معدومة و لا تمتلك الوجود ففاقد الشيء لا يعطيه.

وما ينص عليه الإلهيين ان المادة هي اثر تابعة الى مؤثر واجب الوجود الذي اعطى للمادة الوجود من العدم، وفي النظر الى المادة وما تمتلكه من نظام و قوانين تبرهن على انها وجدت بمشيئة حكيم قادر مدبر.. وهو الله سبحانه و تعالى.

اعداد: قيس العامري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

سير الحكمة في اوربا. اصول العقائد / ج1/ السيد مجتبى اللاري. الوعي الاسلامي / السيد حسن الشيرازي.