من المعلوم إنّ الله سبحانه وتعالى قد ألطف على الإنسان لطائف جمّا ،و منّ عليه بنعم كثيرة فوق أن تحصى أو تعد (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) (إبراهيم ٣٤) إلا أنّ أكمل هذه النعم وأتمها هي نعمة ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام ) في غدير خم وهذا مؤكد في قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة٣) ، يعني يوم خلافة الوصي الأعظم علي بن أبي طالب عليه السلام وان هذه الخلافة لم تكن منحصرة في علي بن أبي طالب فحسب وإنما هي منزلة ومنصوصة في اثني عشر إمام أولهم علي بن أبي طالب وخاتمهم الحجة بن الحسن الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه .
إنّ هذه النعمة وسواها من النعم تحتاج إلى شكر متواصل إلى الله سبحانه وتعالى على ما أفاض وأسدى للإنسان من نعم كثيرة سيما نعمة الولاية التي بها تتمُّ النعم وتستكمل الرسالات، وان هذا الشكر لابدّ أن يكون مقبولا ومطلوبا عند صاحب النعمة وبخلاف ذلك يكن إساءة ونكران للنعمة وهذا يحتم على الإنسان المؤمن الموالي أن يقف دائما وقفات تأمل وتدبر حتى لا يسهو من حيث لا يشعر وان يسترجع الموقف الإسلامي في كل حادثة حتى يكون على خط الصواب و يعصم نفسه من الوقوع في الشبهات والزيغ الذي راح أدراجها أقوام حسبوا أنفسهم على الحق، غير أن الحق ما جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاحب الرسالة الحقة الشريعة الاسلامية الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى والذي قوله وفعله وتقريره شرع مقدس وان كل ما يأتي به واجب الإتباع في مقام الأمر وما ينهانا عنه واجب الترك وهذا ما أمرنا به تعالى بقوله (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (الحشر7)فان ذلك يفهم منه أن ملاك شكر الله تعالى على نعمه هو إتباع الأوامر الصادرة من الشريعة الإسلامية التي جاء بها الحبيب المصطفى وترك النواهي التي نهتنا عنها الشريعة الإسلامية وان من جملة ما جاء به الرسول الأكرم وأمرنا به هو مودة أهل بيته وإتباعهم كما قال تعالى على لسان نبيه ((قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (الشورى٢٣) يعني حب أهل بيته فهو مقياس لشكر الله تعالى على نعمة الولاية ،وجعل (صلى الله عليه وآله) تلك المودة لأهل بيته اجرا لرسالته التي أحيا بها الإنسانية وان هذا الحب لابـدّ أن يكون صادقا راسخا في القلب لان الحب المجرد لا يقرب الإنسان شيئا وكونه لا يمنع من مودة الأعداء وجمع الاغيار في آن الذي يوجب النفاق .
إنّ جلّ المودة لآل البيت (عليهم السلام ) في زماننا هذا لابدّ أن تتمثل في حبّ قائمهم وانتظاره بشوق ولهفة كانتظار الابن المنقطع لأبيه الغائب بل لابدّ أن يكون أكثر من ذلك كون ولي الأمر هو الأب الأول للبشر وهو شفيع الناس بالمحشر وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهي بذاتها مودة لقائم الدين ومحيي الشريعة ومنقذ البشرية من الظلم والعدوان التي لابدّ ان تتسم بصورها الايجابية وان تأخذ طابع الدعوة في تجديد العهد لإمام الزمان والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى في تعجيل ظهوره سيما في مواطن استجابة الدعاء كحرم الإمام الحسين (عليه السلام) ويتأكد ذلك في أزمان خاصة كشهر شعبان والنصف منه في مولد الإمام المنتظر(عجّل الله فرجه الشريف ) الذي يعد من المستحبات المؤكدة والجليلة القدر عند الله تعالى فعلى المؤمن الموالي أن يكون المصداق الأمثل في الانتظار الايجابي وما يلزم من تهيئة القاعدة الإيمانية عن طريق البحث والتحري وهذا الأمر هو المطلوب من المنتظِر ليكون فرداً من أصحاب او أنصار الإمام المهدي .. اللهم أرنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة وأكحل ناظرنا بنظرة منا إلى إمام زماننا .. برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين .
الكاتب: السيد أحمد الميالي
اترك تعليق