أهم الآثار التي يحققها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي هداية الإنسان فرداً كان أم مجتمعاً هداية تجعله يحكّم مفاهيم الإسلام وقيمه في عقله وقلبه وإرادته ؛ لتكون الأفكار والعواطف والممارسات العملية مطابقة للمنهج الإلهي في الحياة عن طريق إقامة فرائض الدين القويم وشريعته السمحاء.
ومن خلال الالتزام بأداء المسؤولية يتعمق الإيمان باللّه تعالى في العقول والقلوب ، وتتوثق الصلة مع اللّه تعالى والتي تضفي السكينة والطمأنينة على جميع جوارح الإنسان ومقوّمات شخصيته في الفكر والعاطفة والسلوك ، فيتحرر من الإلحاد واللاانتماء ، ومن الضياع والتخبط ، ومن الضلال والعمى والحيرة ، ويتخلص من الأوهام والخرافات ، ويتوجه إلى اللّه تعالى مستمداً منه العون والإسناد ، فيستشعر الأمان والصفاء وهو عميق الصلة بمنعم الوجود ، وبالركن الركين الذي تتهاوى جميع مظاهر الإسناد أمامه ، وتستقيم نفسه ومشاعره.
ويكون الحفاظ على نظام الحياة على أحسن صورة عن طريق جلب المصالح ودرء المفاسد ، فيصبح المجتمع في قمة السعادة وهو يسعى إلى الإعمار والبناء الحضاري ، ويعمّ الخير والصلاح جميع مرافق الحياة لسمو المقاصد ونبل الأهداف المراد تقريرها وتحقيقها في الواقع.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن قام به المجتمع فإنه يحقق الأمن والسلام والطمأنينة ، فيقضى بواسطة أدائه على جميع ألوان العدوان والاضطهاد والاستغلال ، ويتحقق العدل ، وتحفظ كرامة الإنسان وحريته ، ويتم الحفاظ على سلامة الأرواح والأعراض والأموال ، ويُقضى من خلال أدائه على جميع ألوان الاعتداء فيعيش الناس آمنين مطمئنين.
فمن آثار أداء مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعميق الأواصر الإسلامية ، وتوحيد الصف الإسلامي في ضوء وحدة العقيدة ووحدة السلوك ووحدة المصالح ووحدة المصير ، ويعيش المجتمع حياة الإخاء والتعاون والتآزر والتكاتف والتناصر.
ومن آثار أداء المسؤولية القضاء على جميع ألوان الانحراف والفساد ، وإشاعة الأخلاق الحسنة في العلاقات الاجتماعية لتقوم على قواعد وأسس الشريعة حيث الصدق والوفاء ، والتراحم والتناصح ، وأداء الأمانة ، والرفق والإحسان ، والانطلاق لإسعاد المجتمع.
ومن آثاره السياسية الشعور بالمسؤولية من قبل الجميع ، وإيصال عدول الفقهاء إلى موقعهم الريادي ، وتطبيق حكم اللّه في الأرض طبقاً لقواعد الشريعة ، وزوال الفوارق بين الحكام والمحكومين ، والتآزر من أجل الأهداف الواحدة ، ومنع المنحرفين من الوصول إلى المراكز الحساسة في السلطة السياسية.
ومن آثاره الاقتصادية إقامة التوازن الاقتصادي الذي يتحقق عن طريق التكافل والحث على الإنفاق الطوعي في وجوه الخير ، والدعوة إلى القناعة والكفاف وعدم التبذير ، والنهي عن الغش وأكل الأموال بالباطل، وأداء الواجبات المالية كالزكاة والخمس إضافة إلى قيام الدولة بواجباتها فى إقامة التوازن ، فتتحقق الرفاهية للمجتمع بإشباع حاجات الفقراء والمستضعفين.
وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزداد الوعي في صفوف المجتمع ، وتتفتح آفاق العقول لتنطلق نحو الإبداع الخلاّق ، وتتقدم العلوم ؛ لتكون خادمة للمفاهيم والقيم الإسلامية.
ومن آثاره لطف اللّه تعالى بعباده ورحمته لهم ، ورضوانه عليهم ، قال تعالى : «وَلَو أنَّ أهلَ القُرى آمنُوا واتَّقَوا لَفَتَحنَا عَليهِم بَرَكَاتٍ مِن السَّماءِ وَالأرضِ »(١) .
وقال تعالى : « وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا »(٢) .
وقد وردت آيات عديدة في فلاح الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، وفي رحمة اللّه لهم.
ومن آثاره القضاء على جميع الأمراض والأسقام التي تنتج من الانحراف السلوكي كما نشاهد عند غير الملتزمين بالإسلام كالأمراض النفسية ، والأمراض الجسدية المتعلقة بالانحراف الجنسي ، والإدمان ، والانتحار ، والتشتت الأُسري وغير ذلك كثير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) الأعراف : ٧ / ٩٦.
٢) سورة الجن : ٧٢ / ١٦.
اترك تعليق