في حقيقة التوبة
وهي عبارة عن معنى ينتظم من ثلاثة أمور مترتبة: أولها العلم، وثانيها الحال، وثالثها الفعل. والأول موجب للثاني، والثاني موجب للثالث. والمراد بالعلم معرفة ضرر الذنوب وأنها السمومات المهلكة للدين المفوتة لحياة الأبد، الحاجبة للعبد عن محبوبه من السعادة الأبدية.
ثم يحصل من هذا العلم حال، وهو أن يثور من هذه المعرفة تألم القلب بسبب فوات المحبوب، فإن القلب مهما شعر بفوات محبوبه تألم، وينبعث من هذا الألم في القلب حالة أخرى تسمى إرادة وقصداً إلى فعل له تعلق بالحال بترك الذنب الذي كان له ملابساً، وبالاستقبال بالعزم على ترك الذنب المفوت للمحبوب إلى آخر العمر، وبالماضي بتلافي ما فات بالجبر والقضاء إن كان قابلاً للجبر.
والعلم الأول هو مطلع هذه الخيرات، وهو عبارة عن الإيمان والتصديق بأن الذنوب سموم مهلكة، وإذا أشرق على القلب ثار الندم الباعث على ما تقدم. وكثيراً ما يطلق اسم التوبة على معنى الندم وحده ويجعل العلم كالسابق والمقدمة والترك كالثمرة والتابع، وبهذا الاعتبار قال صلى الله عليه وآله وسلم: الندم توبة[1]. إذ لا يخلو الندم عن علم أوجبه وأثمره وعن عزم يتبعه ويتلوه.
في وجوبها وفضلها
لا ريب في وجوب الإحتراز عن الأمراض والمهالك المفوتة لحياة الجسد عقلاً وشرعاً، فوجوب الاحتراز عن أمراض الذنوب ومهلكات الخطايا المفوتة لحياة الأبد بطريق أولى، وقال تعالى: ((تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))[2] وقال تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ))[3] والنصوح الخالص لله الخالي عن الشوائب. وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُطَهِّرِينَ[4]))[5].
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: التائب حبيب الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنبه له[6].
وقال الباقر عليه السلام: الله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها، فالله تعالى أشد فرحاً لتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها[7].
وقال الصادق عليه السلام: إن الله[8] يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها[9].
وعنه عليه السلام[10] في قوله تعالى: ((تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً))[11] قال: هو الذنب الذي لا يعود فيه أبداً. قيل: وأينا لم يعد؟ قال: يا فلان إن الله يحب من عباده المفتن التواب ــ يعني كثير الذنب كثير التوبة[12].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم[13]: إذا تاب العبد توبة نصوحاً أحبه الله وستر عليه. قيل: وكيف يستر عليه؟ قال: يُنسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه، ويوحي الله إلى جوارحه وإلى بقاع الأرض أن اكتمي عليه ذنوبه، فيلقى الله تعالى حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب[14].
وقال الباقر عليه السلام: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو يستغفر[15] منه كالمستهزئ[16].
في فوريتها
أما فوريتها فلا ريب فيها، لأن دفع ضرر الذنوب فوري وجوبه، على أن أصل التوبة هو معرفة كون المعاصي مهلكات، وهذا العلم من نفس الإيمان، وهو واجب فوري.
والعلم بضرر الذنوب إنما أريد ليكون باعثاً على تركها، فمن لم يتركها فهو فاقد لهذا الجزء من الإيمان، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن[17]. إذ ليس المراد نفي الإيمان بالله وصفاته وكتبه ورسله وملائكته، بل نفي الإيمان بكون الزنا مبعداً عن الله وموجباً للمقت، كما إذا قال الطبيب هذا سم فلا تتناوله، فإذا تناوله يقال تناول وهو غير مؤمن، أي بقوله إنه سم مهلك، لا إنه غير مؤمن بوجود الطبيب، لأن العالم بالسم لا يتناوله أصلاً، فالعاصي بالضرورة ناقص الإيمان.
وليس الإيمان باباً واحداً، بل هو نيف وسبعون باباً أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. ومثله قول القائل: ليس الإنسان موجوداً واحداً بل هو نيف وسبعون موجوداً أعلاها القلب والروح وأدناها إماطة الأذى عن البشرة، بأن يكون مقصوص الشارب مقلم الأظفار نقي البشرة عن الخبث، حتى يتميز عن البهائم المتلوثة بأرواثها المستكرهة الصور بطول مخالبها وأظلافها.
فالإيمان كالإنسان، وفقد شهادة التوحيد يوجب البطلان بالكلية كفقد الروح والذي ليس له إلا شهادة التوحيد والرسالة كالإنسان مقطوع الأطراف مفقود العينين فاقد لجميع أجزائه الظاهرة والباطنة إلا أصل الروح.
وكما أن من هذا حاله قريب من أن يموت فتزايله الروح الضعيفة المنفردة التي تخلف عنها الأعضاء التي تمدها وتقويها، فكذلك من ليس له إلا أصل الإيمان، وهو مقصر في الأعمال قريب من أن تنقلع شجرة إيمانه إذا صدر منها الرياح العاصفة المحركة للإيمان في مقدمة قدوم ملك الموت ووروده، فكل إيمان لم يثبت في النفس أصله ولم تنتشر في الأعمال فروعه لم يثبت على عواصف الأهوال عند ظهور ناصية ملك الموت، وخيف عليه سوء الخاتمة إلا ما سقي بماء الطاعات على توالي الأيام والساعات حتى رسخ وثبت.
وإنما انقطعت نياط[18] العارفين خوفاً من دواهي[19] الموت ومقدماته الهائلة التي لا يثبت عليها إلا الأقلون، فالبدار البدار إلى التوبة قبل أن تعمل سموم الذنوب بروح الإيمان عملاً يجاوز الأمر فيه اختيار الأطباء ولا ينفع بعده الاحتماء، فلا ينفع بعد ذلك نصح الناصحين ووعظ الواعظين، ويحق الكلمة عليه بأنه من الهالكين[20].
في عمومها
إعلم أن وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال، فلا ينفك أحد عنه البتة، قال تعالى: ((وتُوبُوا إِلَى اللّهِ جَمِيعاً))[21] فعمم الخطاب، وكل إنسان لا يخلو عن معصية بجوارحه، فإن خلا في بعض الأحوال عن معصية الجوارح فلا يخلو عن الهم بالذنوب بالقلب، فإن خلا عن الهم فلا يخلو عن وسواس الشيطان بإيراد الخواطر المتفرقة المذهلة عن ذكر الله، فإن خلا عنه فلا يخلو عن الغفلة والقصور في العلم بالله وصفاته وآثاره بحسب طاقته، وكل ذلك نقص وله أسباب وترك أسبابه بتشاغل أضدادها رجوع عن طريق إلى ضده.
والمراد بالتوبة الرجوع، ولا يتصور الخلو في حق الآدمي عن هذا النقص، وإنما يتفاوتون في المقادير، وأما الأصل فلا بد منه.
إلا أن الأنبياء والأوصياء ذنوبهم ليست كذنوبنا[22]، فإنما هي ترك دوام الذكر والاشتغال بالمباحات وحرمانهم زيادة الأجر بسبب ذلك، ولهذا ورد: إن «حسنات الأبرار سيئات المقربين»[23] وقال الصادق عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يتوب إلى الله ويستغفره في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب[24] ــ أي كذنوبنا، فإن ذنب كل أحد إنما هو بحسب قدره ومنزلته عند الله.
وهذا باب شريف ينفتح منه معاني اعتراف الأنبياء والأئمة عليهم السلام بذنوبهم وبكائهم وتضرعهم[25].
ثم اعلم أنه لا يكفي في تدارك الشهوات تركها في المستقبل، بل لابد من محو آثارها التي انطبعت في القلب بنور الطاعات، قال صلى الله عليه وآله وسلم: أتبع السيئة بالحسنة تمحها[26].
وينبغي أن تكون الحسنة الماحية للسيئة مناسبة لتلك السيئة، فيكفر سماع الملاهي بسماع القرآن وحضور المجالس التي يذكر الله فيها وأنبياؤه وخلفاؤه[27]، ويكفر القعود بالمسجد جنباً[28] بالعبادة فيه ونحو ذلك، وليس ذلك شرطاً.
روي أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني عالجت امرأة فأصبت منها كل شيء إلا المسيس فاقض علي بحكم الله. فقال: أما صليت معنا؟ فقال: بلى. فقال: إن الحسنات يذهبن السيئات[29].
وينبغي أن يكون عن قرب عهد بالخطيئة، بأن يتندم عليها ويمحو أثرها قبل أن يتراكم الرين على القلب فلا يقبل المحو، قال الله تعالى: ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ... (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الآْنَ))[30]. قال الصادق عليه السلام: ذلك إذا عاين أمر الآخرة[31]، وذلك أن التوبة مقبولة قبل أن يعاين[32].
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم[33] قال: من ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين: أحدهما أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي حتى يصير ريناً[34] وطبعاً فلا يقبل المحو. والثاني أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو[35]. ولذلك ورد في الخبر: «إن أكثر صياح أهل النار التسويف[36]»[37].
في قبول التوبة
قال في الإحياء[38]: إعلم أنك إذا فهمت معنى القبول لم تشك في أن كل توبة صحيحة فهي مقبولة، فالناظرون بنور البصائر المستمدون من أنوار القرآن علموا أن كل قلب سليم مقبول عند الله ومتنعم في الآخرة في جوار الله، ومستعد لأن ينظر بعينه الباقية إلى وجه الله، وعلموا أن القلب خلق سليماً في الأصل، فكل مولود يولد على الفطرة[39] وإنما تفوته السلامة بكدورة ترهق وجهه من غبرة الذنوب وظلمتها.
وعلموا أن نار الندم تحرق تلك الغبرة، وأن نور الحسنة تمحو عن وجه القلب ظلمة السيئة، وأنه لا طاقة لظلام المعاصي مع نور الحسنات كما لا طاقة لظلام الليالي مع نور النهار، بل كما لا طاقة لكدورة الوسخ مع بياض الصابون، فكما أن الثوب الوسخ لا يقبله الملك لأن يكون لبسه، فالقلب المظلم لا يقبله الله تعالى لأن يكون في جواره، وكما أن استعمال الثوب في الأعمال الخسيسة يوسخ الثوب وغسله بالصابون والماء الحار ينظفه لا محالة فاستعمال القلب في الشهوات يوسخ القلب وغسله بماء الدموع وحرقة الندم تنظفه وتطهره وتزكيه.
وكل قلب زكي طاهر فهو مقبول، فعلى الإنسان التزكية والتطهير وعلى الله القبول، إلا أن يغوص الوسخ لطول تراكمه في تجاويف الثوب وخلله، فلا يقوى الصابون على قلعه. ومثال ذلك أن تتراكم الذنوب حتى يصير طبعاً وريناً على القلب، فمثل هذا القلب لا يرجع ولا يتوب.
نعم قد يقول باللسان تبت، فيكون ذلك كقول القصار بلسانه قد غسلت الثوب، وذلك لا ينظف الثوب أصلاً ما لم يغير صفة الثوب باستعمال ما يضاد الوصف المتمكن منه[40]، قال الله تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ))[41] وقال: ((غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ))[42].
أقول: من طريق الخاصة[43] في الكافي[44] عن الصادق أو الباقر عليه السلام: إن الله عزّوجل قال لآدم عليه السلام: جعلت لك أن من عمل من ذريتك سيئة ثم استغفر غفرت له. قال: يا رب زدني. قال: جعلت لهم التوبة حتى تبلغ النفس هذه. قال: يا رب حسبي[45].
وعن الباقر عليه السلام قال: إذا بلغت النفس هذه ــ وأومأ[46] بيده إلى حلقه ــ لم يكن للعالم توبة وكان للجاهل توبة[47].
وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته، ثم قال: إن السنة لكثير من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته ثم قال: إن الشهر لكثير، ثم قال: من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته، ثم قال: وإن الجمعة لكثير من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته، ثم قال: إن يوماً لكثير من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته[48].
وزاد في رواية الصدوق[49]: من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه، ثم قال: وإن الساعة لكثير من تاب وقد بلغت نفسه هنا ــ وأشار بيده إلى حلقه ــ تاب الله عليه[50].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لو عملتم الخطايا حتى تبلغ السماء ثم ندمتم لتاب الله عليكم[51].
وقال الباقر عليه السلام لمحمد بن مسلم[52]: ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة، أما والله إنها ليست إلا لأهل الإيمان. قلت: فإن عاد بعد التوبة والاستغفار في الذنوب وعاد في التوبة؟ فقال عليه السلام: أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر الله منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته. قلت: فإنه فعل ذلك مراراً يذنب ثم يتوب ويستغفر؟ فقال: كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة، ((وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))[53] يقبل التوبة ويعفو عن السيئات[54].[55]
وقال الصادق عليه السلام: إن الرجل ليذنب الذنب فيدخله الله به الجنة. قيل[56]: يدخله الله بالذنب الجنة؟ قال: نعم، إنه ليذنب فلا يزال منه خائفاً ماقتاً لنفسه فيرحمه الله فيدخله الجنة[57].
في تقسيم الذنوب التي يثاب منها
وتنحصر جميع الذنوب في أربع صفات: صفات ربوبية، وشيطانية، وبهيمية، وسبعية.. لكون طينة الإنسان معجونة من أخلاط مختلفة[58] يقتضي كل منها أثراً:
فالربوبية كالكبر والفخر والتجبر وحب المدح والثناء والعز ودوام البقاء وطلب الاستعلاء ونحوها، وهذه أم المهلكات.
والشيطانية كالحسد والبغي والحيلة والخداع والأمر بالفساد والمنكر والغش والشقاق والدعوة إلى البدع والضلالة.
والبهيمية كالشره والتكالب والحرص والزنا واللواط والسرقة وأكل مال الأيتام ونحوها.
والسبعية يتشعب منها الغضب والحقد والتهجم على الناس بالضرب والشتم والقتل واستهلاك الأموال ونحوها.
ثم هذه أمهات الذنوب ومنابعها، وتنفجر الذنوب من هذه المنابع على الجوارح، فبعضها في القلب خاصة كالكفر والبدعة والنفاق وإضمار السوء للناس، وبعضها على العين والسمع، وبعضها على اللسان، وبعضها على البطن والفرج، وبعضها على اليدين والرجلين، وبعضها على جميع البدن.
وتنقسم قسمة ثانية إلى ما بين العبد وبين الله وإلى ما يتعلق بحقوق العباد: فما يتعلق بالعبد خاصة كتركه الصلاة والصوم ونحوهما، وما يتعلق بحقوق العباد كتركه الزكاة وقتل النفس وغصب الأموال وشتم العرض.
وتنقسم قسمة ثالثة إلى كبائر وصغائر، قال الله تعالى: ((إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ))[59] وقال تعالى: ((والَّذِينَ[60] يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِْثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ))[61].
وقد اختلفت الأقوال والأخبار في تعيين الكبائر، والأشهر أنها ما توعد الله عليه النار. فعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: ((إِن تَجْتَنِبُواْ كَبٰآئِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ))[62] قال: الكبائر التي أوجب الله عليها النار[63].
وفي الصحيح[64] عن أبي جعفر الثاني[65] قال: سمعت أبي[66] يقول: سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: دخل عمرو بن عبيد[67] على أبي عبد الله عليه السلام، فلما سلم وجلس تلا هذه الآية ((الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوٰاحِشَ))[68] ثم أمسك، فقال له عليه السلام ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال: نعم يا عمرو، أكبر الكبائر الإشراك بالله يقول الله ((مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ))[69]، وبعده اليأس من روح الله لأن الله يقول: ((إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ))[70]، ثم الأمن من مكر الله لأن الله تعالى يقول: ((فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخٰاسِرُونَ))[71]، ومنها عقوق الوالدين لأن الله جعل العاق جباراً شقياً وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق لأن الله تعالى يقول: ((فَجَزآؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا))[72] الآية، وقذف المحصنة لأن الله تعالى يقول: ((لُعِنُوا فِي الدُّنْيٰا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ))[73]، وأكل مال اليتيم لأن الله يقول: ((إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً))[74]، والفرار من الزحف لأن الله يقول: ((وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ بٰاء بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ وَمَأْوٰاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ))[75]، وأكل الربا لأن الله يقول: ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبٰا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمٰا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ))[76]، والسحر لأن الله يقول:((وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ))[77]،والزنا لأن الله يقول:((وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثامًا (68) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً))[78]، واليمين الغموس الفاجرة لأن الله يقول: ((الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ))[79]، والغلول لأن الله يقول: ((وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ به[80] يَوْمَ الْقِيامَةِ))[81]، ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول: ((فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ))[82]، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة لأن الله يقول: ((وَمَن يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ))[83]، وشرب الخمر لأن الله تعالى نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان، وترك الصلاة متعمداً أو شيئاً مما فرض الله لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:bمن ترك الصلاة متعمداً فقد برئ من ذمة الله وذمة رسولهv، ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول: ((لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدّارِ))[84]. قال: فخرج عمرو وله صراخ من بكائه، وهو يقول: هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم[85].
فإن قيل: كيف ورد الشرع بما لم يبين حده، والكبائر مبهمة قد اختلفت في الأخبار؟.
فالجواب: إن كل ما لا يتعلق به حكم في الدنيا جاز أن يتطرق إليه الإبهام، والكبيرة على الخصوص لا حكم لها في الدنيا من حيث إنها كبيرة، فإن موجبات الحدود معلومة بأساميها، وإنما حكم الكبيرة أن اجتنابها يكفر الصغائر[86] وأن الصلوات الخمس لا تكفرها، كما في الحديث النبوي: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهن إن اجتنب الكبائر»[87].
وهذا أمر يتعلق بالآخرة والإبهام به أليق حتى يكون الناس على حذر ووجل، فلا يتجرأون على الصغائر اعتماداً على الصلوات الخمس واجتناب الكبائر، ثم اجتناب الكبيرة إنما يكفر الصغيرة[88].
في بيان ما تعظم به الصغائر
إعلم أن الصغيرة تكبر بأسباب:
الأول: الإصرار والمواظبة[89]، ففي الكافي عن الصادق عليه السلام قال: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار[90].
وعنه عليه السلام[91] قال: لا والله لا يقبل[92] شيئاً من طاعته على الإصرار على شيء من معاصيه[93].
وقال الباقر عليه السلام في قوله تعالى: ((وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلى ما فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ))[94] قال: الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الإصرار[95].
وقد مثلوا ذلك بقطرات من الماء تقع على الحجر على توالي فتؤثر فيه، وذلك القدر من الماء لو صب عليه دفعة لم يؤثر، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير الأعمال أدومها وإن قلَّ[96].
والأشياء تُستبان بأضدادها[97]، فإذا كان النافع من العمل هو الدائم وإن قلَّ فكذلك القليل من السيئات إذا دام عظم تأثيره في ظلام القلب.
ومنها: أن يستصغر الذنب، فإن العبد كل ما استعظمه من نفسه صغر عند الله وكل ما استصغره كبر عند الله لأن استعظامه يصدر نفور القلب عنه وكراهته له، وذلك النفور يمنع من شدة تأثره به واستصغاره يصدر عن الإلف به، وذلك يوجب شدة الأثر في القلب، والقلب هو المطلوب تنويره بالطاعات والمحذور تسويده بالسيئات، ولذلك لا يؤاخذ بما يجري عليه في الغفلة.
وقد جاء في الحديث: إن[98] المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه، والمنافق يرى ذنبه كذباب مرّ على أنفه فأطاره[99].
وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم[100]: اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تغفر. قيل[101]: وما المحقرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لو لم يكن[102] غير ذلك[103].
وعن الكاظم عليه السلام قال: لا تستكثروا كثير الخير ولا تستقلوا قليل الذنوب، فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يكون كثيراً، وخافوا الله في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف[104].
ومنها: السرور بالصغيرة والفرح والتبجح بها، واعتداد التمكن من ذلك نعمة والغفلة عن كونه سبب الشقاوة، وكلما غلبت حلاوة الصغيرة عند الكبر كبرت الصغيرة وعظم أثرها في تسويد قلبه، حتى إن من المذنبين من يتمدح بذنبه ويتبجح، ويقول المناظر في مناظرته أما رأيتني كيف فضحته.
والذنوب مهلكات، وينبغي أن يكون مرتكبها في حزن وتأسف بسبب غلبة عدوه الشيطان عليه، والمريض الذي يفرح بأن ينكسر إناؤه الذي فيه دواؤه حتى يتخلص من ألم شربه لا يرجى شفاؤه.
ومنها: أن يتهاون بستر الله عليه وحلمه عنه وإمهاله إياه، ولا يدري أنه إنما يمهل مقتاً ليزداد بالإمهال إثماً[105]، فيظن أن تمكنه من المعاصي عناية من الله تعالى به، فيكون ذلك لأمنه من مكر الله وجهله بمكامن[106] الغرور، كما قال تعالى: ((وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنا اللّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ[107] الْمَصِيرُ))[108].
ومنها: أن يأتي بالذنب ويظهره بأن يذكره بعد إتيانه أو يأتي به في مشهد غيره، فإن ذلك جناية منه على ستر الله الذي أسدله عليه، وتحريك لرغبة الشر في من أسمعه ذنبه أو أشهده فعله، فهما جنايتان انضمتا إلى جنايته فتغلظت به، فإن انضاف إلى ذلك الترغيب للغير فيه والحمل عليه وتهيئة الأسباب له صارت جناية رابعة وتفاحش الأمر. وهذا لأن من صفات الله ونعمه أنه يظهر الجميل ويستر القبيح ولا يهتك الستر[109]، فالإظهار كفران لهذه النعمة.
وفي الكافي عن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المستتر بالحسنة تعدل[110] سبعين حسنة، والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له[111].
وقال الصادق عليه السلام: من جاءنا يلتمس الفقه والقرآن وتفسيره فدعوه. ومن جاءنا يبدي عورة قد سترها الله عليه[112] فنحوه[113].
ومنها: أن يكون المذنب عالماً يقتدى به فإذا فعله بحيث يرى ذلك منه كبر ذنبه، كلبس العالم الإبريسم[114] والذهب، وأخذه مال الشبهة من أموال السلاطين، ودخوله على السلاطين وتودده إليهم، ومساعدته إياهم بترك الإنكار عليهم، وإطلاقه اللسان في الغيبة والأعراض وتعديه باللسان في المناظرة وقصده الاستخفاف ونحو ذلك، فهذه الذنوب يتبع العالم عليها فيموت ويبقى ((شَرُّهُ مُسْتَطِيراً))[115] في العالم مدداً متطاولة. فطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه.
وفي الخبر: من سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيء[116]، قال تعالى: ((وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ))[117] والآثار ما يلحق الأعمال بعد انقضاء العمل والعامل، ولهذا قيل: bمثل زلة العالم مثل انكسار السفينة تغرق ويغرق أهلها»[118].[119]
في تجزئة التوبة
وملخص الكلام فيها أن التوبة عن بعض الذنوب إما أن تكون عن الكبائر دون الصغائر أو عن الصغائر دون الكبائر أو عن كبيرة دون كبيرة:
أما الأول: فهو ممكن للعلم بأن الكبائر أعظم عند الله وأجلب لسخطه ومقته، والصغائر أقرب إلى تطرق العفو إليه، وقد كثر التائبون ولم يكن أحد منهم معصوماً، فلا تستدعي التوبة العصمة. والطبيب قد يحذر المريض العسل تحذيراً شديداً ويحذره السكر تحذيراً أخف منه على وجه يظهر منه عدم ظهور أثره.
وأما القسم الثاني: فهو ممكن أيضاً لاعتقاده أن بعض الكبائر أشد وأغلظ عند الله، كالذي يتوب عن القتل والنهب والظلم ومظالم العباد لعلمه بأن ديوان العباد لا يترك، وما بينه وبين الله يسرع العفو إليه.
الثالث: أن يتوب عن صغيرة وهو مصر على كبيرة يعلم أنها كبيرة، كالذي يتوب عن الغيبة أو عن النظر إلى غير المحرم أو ما يجري مجراه وهو مصر على شرب الخمر، وهو ممكن إذ ما من مؤمن إلا وهو خائف على معاصيه ونادم على فعله ندماً إما ضعيفاً وإما قوياً، ولكن تكون لذة نفسه في تلك المعصية أقوى من ألم قلبه في الخوف منها، لأسباب توجب ضعف الخوف من الجهل والغفلة وأسباب توجب قوة الشهوة، فيكون الندم موجوداً ولكن لا يكون العزم قوياً عليه.
ويقول: لله علي أمران ولي على المخالفة فيه عقوبتان، وأنا ملي في أحدهما بقهر الشيطان عاجز عنه في الآخر فأقهره في ما أقدر عليه، وأرجوه بمجاهدتي فيه أن يكفر عني ما عجزت عنه بفرط شهوتي.
وهذا حال كل مسلم، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: bالندم توبةv[120] ولم يشترط الندم عن كل ذنب، وقال عليه السلام[121]: bالتائب من الذنب كمن لا ذنب لهv[122] ولم يقل التائب من الذنوب كلها.
في أقسام العباد في التوبة
وهم طبقات:
الطبقة الأولى: أن يتوب العاصي ويستقيم إلى آخر عمره، فيتدارك ما فرط من أمره ولا يحدث نفسه بالعود إلى ذنوبه، إلا الزلات التي لا ينفك البشر عنها في العادة، وهي التوبة النصوح.
الطبقة الثانية: تائب سلك طريق الاستقامة في أمهات الطاعات وكبائر الفواحش كلها، إلا أنه ليس ينفك عن ذنوب تعتريه لا عن عمد وتجريد قصد ولكن يبتلى بها في مجاري أحواله، من غير أن يقدم عزماً على الإقدام عليها ولكنه إذا أقدم لام نفسه وندم وجدد عزمه على عدم العود. وهذه رتبة عالية وإن كانت نازلة عن الأولى ، وهي أغلب أحوال التائبين، لأن الشر معجون بطينة الآدمي قلما ينفك عنه، قال تعالى: ((الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ))[123] وقال تعالى: ((وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُواْ فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ))[124]. وفي الحديث. «خياركم كل مفتن تواب»[125]. وفي الرواية: «المؤمن كالسنبلة تفيء أحياناً وتميل أحياناً»[126].
الطبقة الثالثة: أن يتوب ويستمر على الاستقامة مدة ثم تغلبه شهوته في بعض الذنوب فيقدم عليها عن قصد وصدق شهوة بعجزه عن قهر الشهوة، إلا أنه مع ذلك مواظب على الطاعات وتارك جملة من السيئات مع القدرة والشهوة، وإنما قهرته هذه الشهوة الواحدة أو الشهوتان، وهو يودُّ قمعها ويقول: ليتني لم افعل وسأتوب، ولكنه يسوّف نفسه في التوبة يوماً بعد يوم، قال تعالى: ((وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صالِحًا وَآخَرَ سَيِّئاً))[127] فهو مرجو عسى الله أن يتوب عليه إذا تاب[128].
الطبقة الرابعة: أن يتوب ويستقيم مدة ثم يعود إلى مقارفة الذنب من غير أن يحدث نفسه بالتوبة ومن غير أن يتأسف على فعله، بل ينهمك[129] انهماك الغافل في إتباع الشهوات، فهذا أقبح حال التائبين وأمر في مشيئة الله.
في العلاج للإقبال على التوبة
وهي أربعة أمور:
الأول: أن ينظر إلى الآيات والأخبار المخوفة للمذنبين والعاصين وما فيها من التهديد والوعيد على العقاب الشديد والعذاب الأكيد، ففي بعض الأخبار من طرق الجمهور عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما من يوم طلع فجره ولا ليلة غاب شفقها إلا وملكان يتجاوبان بأربعة أصوات: يقول أحدهما يا ليت هذا الخلق لم يخلقوا، ويقول الآخر يا ليتهم إذ خلقوا علموا لماذا خلقوا، فيقول الآخر ويا ليتهم إذ لم يعلموا لماذا خلقوا عملوا بما علموا فيقول الآخر ويا ليتهم إذ لم يعملوا بما علموا تركوا الخوض في ما لم يعلموا[130].
وفي رواية: تجالسوا فتذاكروا ما علموا، فيقول الآخر ويا ليتهم إذ لم يعملوا بما علموا تابوا عما عملوا[131].
وقال بعض العارفين[132]: ما من عبد يعصي إلا استأذن مكانه من الأرض أن يخسف به، واستأذن سقفه من السماء أن يسقط عليه كسفاً، فيقول الله للأرض وللسماء، كفا عن عبدي وأمهلاه، فإنكما لم تخلقاه ولو خلقتماه لرحمتماه، لعله يتوب إلي فأغفر له، لعله يستبدل صالحاً فأبدله له حسنات، فذلك معنى قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِن بَعْدِهِ))[133].
الثاني: حكايات المذنبين التائبين وما جرى عليهم من المصائب بسبب ذنوبهم.
الثالث: أن يتصور المذنب أن تعجيل العقوبة في الدنيا متوقع على الذنب، وأن كل ما يصيب العبد من المصائب بسبب جناية صدرت منه، قال تعالى: ((وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ))[134].
وقال الصادق عليه السلام في هذه الآية[135]: ليس من التواء عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم ولا خدشة[136] عود إلا بذنب.[137]
وفي رواية أخرى: أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قول الله عزّوجل في كتابه: ((ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ))[138] قال[139]: وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به[140].
وقال عليه السلام[141]: إن الرجل يذنب الذنب فيحرم صلاة الليل، وإن العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم[142].
الرابع: ذكر ما ورد من العقوبات على آحاد الذنوب كالخمر والزنا والسرقة والقتل والغيبة والكبر والحسد، وهو مما لا يمكن حصره[143]. وفي الحديث يقول الله تعالى: «أدنى ما أصنع بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتي أن أحرمه لذيذ مناجاتي»[144].
وقال عليه السلام[145]: من همّ بالسيئة فلا يعملها، فإنه ربما عمل العبد سيئة[146] فيراه الرب تبارك وتعالى فيقول: وعزتي[147] لا أغفر لك بعد ذلك أبداً[148].
وقال الكاظم عليه السلام: حق على الله أن لا يعصى في دار إلا أضحاها للشمس حتى يطهرها[149].[150]
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنة يتنعمن[151].
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لقائل بحضرته: أستغفر الله: ثكلتك أمك، أتدري ما الاستغفار؟ إن الاستغفار درجة العليين، وهو اسم واقع على ستة معانٍ: أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً، والثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها تؤدي حقها، والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله[152].
وفي مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: التوبة حبل الله ومدد عنايته، ولابد للعبد من مداومة التوبة على كل حال، فتوبة الأنبياء من اضطراب السر، وتوبة الأولياء من تلوين الخطرات، وتوبة الأصفياء من التنفيس، وتوبة الخلص من الاشتغال بغير الله، وتوبة العالم من الذنوب.
ولكل واحد منهم معرفة وعلم في أصل توبته ومنتهى أمره، وذلك يطول شرحه هنا.
فأما توبة العالم فأن يغسل باطنه من الذنوب بماء الحسرة والاعتراف بجنايته دائماً، واعتقاد الندم على ما مضى والخوف على ما بقي من عمره، ولا يستصغر ذنوبه فيحمله ذلك إلى الكسل، ويديم البكاء والأسف على ما فاته من طاعة الله، ويحبس نفسه عن الشهوات، ويستغيث إلى الله ليحفظه على وفاء توبته، ويعصمه من العود إلى ما سلف، ويروض نفسه في ميدان الجهاد والعباد، ويقضي الفوائت من الفرائض، ويرد المظالم، ويعتزل قرناء السوء، ويسهر ليله ويظمأ نهاره، ويتفكر دائماً في عاقبته، ويستعين بالله سائلاً منه الاستقامة في سرائه وضرائه، ويثبت عند المحن والبلاء كي لا يسقط عن درجة التوابين، فإن ذلك طهارة من ذنوبه وزيادة في عمله ورفعة في درجاته قال الله عزّوجل: ((وَلَيَعْلَمَنَّ[153] اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ))[154].[155]
بقلم: السيد عبد الله شبر.
ــــــــــــــــــ
[1] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق:4/380، باب النوادر، من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم/ ح49.[2] سورة النور/ 31.[3] سورة التحريم/ 8.[4] في النص القرآني: "المتطهرين".[5] سورة البقرة/ 222.[6] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7/7، كتاب التوبة، بيان وجوب التوبة وفضلها. إحياء علوم الدين، الغزالي:4/5، كتاب التوبة، بيان وجوب التوبة وفضلها.[7] أنظر: الكافي، الكليني: 2/435، كتاب الإيمان والكفر، باب التوبة/ح8.[8] في الكافي: "إن الله عزّوجل".[9] الكافي، الكليني: 2/ 436، كتاب الإيمان والكفر، باب التوبة / ح13.[10] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".[11] سورة التحريم/ 8.[12] أنظر: الزهد، الأهوازي: 72، باب 12 التوبة والاستغفار والندم والإقرار/ ح191.[13] في الكافي الحديث يرويه معاوية بن وهب عن الإمام الصادق عليه السلام.[14] أنظر: الكافي، الكليني: 2/436، كتاب الإيمان والكفر، باب التوبة/ ح12.[15] في الكافي: "مستغفر".[16] الكافي، الكليني: 2/ 435، كتاب الإيمان والكفر، باب التوبة/ ح10.[17] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 4/ 22، باب ما جاء في الزنا / ح11.[18] النيط: نياط القلب، وهو العرق الذي القلب معلق به.النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير: 5/141، مادة "نيط".[19] الداهية: الأمر العظيم، ودواهي الدهر ما يصيب الناس من عظيم نوبه. ويقال: دهته داهية دهواء ودهياء، وهو: توكيد لها، ويقال: ما دهاك، أي: ما أصابك.مختار الصحاح، الرازي: 118، مادة "دهي".[20] أنظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7 / 5 ــ 15، كتاب التوبة. جامع السعادات، النراقي: 3 / 51 ــ 60. إحياء علوم الدين، الغزالي: 4 / 4 ــ 8، كتاب التوبة.[21] سورة النور/ 31.[22] أنظر: الحديث التالي لتستبين أن ليس للمعصومين عليهم السلام من ذنب.[23] كشف الغمة، الأربلي : 2/ 254 .[24] الكافي، الكليني: 2/ 450، كتاب الإيمان والكفر، باب نادر/ ح2.[25] هذا مشابه لبحث النسب الآنف الذكر، وهو مما اختلط بين عقائد المدرستين حينما تم الإعتماد من قبل السيد المؤلف (قدس سره) على منابع العامة في أصل فكرة البحث، وهذا القول مخالف لعقائد الخاصة ومخالف للعصمة، لذا نوهنا عنه.[26] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 89 ــ 90، باب العتاب. وفيه: "اتبع السيئة الحسنة تمحها".[27] المقصود بهم الأئمة عليهم السلام وليس سواهم.[28] الأصل في المساجد مع المجنب قوله تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَ لا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا...الآية)) سورة النساء/ 43، وعن أبي جعفر عليه السلام في الآية قال: أن معناه لا تقربوا مواضع الصلاة من المساجد وأنتم جنب إلا مجتازين.وسائل الشيعة، الحر العاملي: 2/10، كتاب الطهارة، باب 15 جواز مرور الجنب والحائظ في المساجد إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم/ ح20.وأما القعود فهو منهي عنه في المساجد على جنب، وحيث الأخذ عن الغزالي فقد مزج القول ههنا بين عقائد الخاصة والعامة، وإلى هذا أشرنا للتنبيه مكررا.[29] أنظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 7/ 85، كتاب التوبة، بيان ما ينبغي أن يبادر إليه التائب. إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 42، كتاب التوبة، بيان ما ينبغي إن جرى عليه ذنب إما عن قصد وشهوة غالبة أو عن إلمام بحكم الاتفاق.[30] سورة النساء/ 17 ــ 18.والنص في القرآن الكريم: ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفّارٌ أُوْلئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)).[31] تفسير الأصفى، الفيض الكاشاني: 1/ 200، تفسير سورة النساء. تفسير كنز الدقائق، المشهدي: 2/ 395، تفسير سورة النساء.[32] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 440، كتاب الإيمان والكفر، باب فيما أعطى الله عزّوجل آدم عليه السلام وقت التوبة/ ح2.[33] في الإحياء ورد النص عن النبي لقمان عليه السلام من مواعظه لابنه.[34] الرين: الطبع على القلب، ران يرين على قلبه، أي: طبع.كتاب العين، الفراهيدي: 8/ 277، مادة "رين".[35] أنظر: إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 11 ــ 12، كتاب التوبة، بيان أن وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال فلا ينفك عنه أحد البتة.[36] في الإحياء: "من التسويف".[37] إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 12، كتاب التوبة، بيان أن وجوب التوبة عام في الأشخاص والأحوال فلا ينفك عنه أحد البتة.[38] كتاب إحياء علوم الدين للغزالي.[39] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة».الكافي،الكليني:2/13،كتاب الإيمان والكفر،باب فطرة الخلق على التوحيد/ذيل الحديث4.[40] أنظر: إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 12، كتاب التوبة، بيان أن التوبة إذا استجمعت شرائطها فهي مقبولة.[41] سورة الشورى/ 25.[42] سورة غافر/ 3.[43] قال الفاضل الهندي: الخاصة، أي:الإمامية،فإنهم خواص الناس بالله ورسولهصلى الله عليه وآله وسلم والأئمةعليهم السلام. كشف اللثام، الفاضل الهندي: 1/ 110.ولعل الفاضل الهندي اعتمد في تعريفه على منقولة عمار بن ياسر والتي فيها أن الشيعة هم الخاصة، ونصها:مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى،عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَلاّرٍ أَبِي عَمْرَةَ،عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الشِّيعَةَ الْخَاصَّةَ الْخَالِصَةَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرِّفْنَاهُمْ حَتَّى نَعْرِفَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: مَا قُلْتُ لَكُمْ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: أَنَا الدَّلِيلُ عَلَى اللَّهِ عزّوجل وَعَلِيٌّ نَصْرُ الدِّينِ وَ مَنَارُهُ أَهْلُ الْبَيْتِ وَهُمُ الْمَصَابِيحُ الَّذِينَ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ مُوَافِقاً لِهَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم مَا وُضِعَ الْقَلْبُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلاَّ لِيُوَافِقَ أَوْ لِيُخَالِفَ فَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُوَافِقاً لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ كَانَ نَاجِياً وَمَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُخَالِفاً لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ كَانَ هَالِكاً». الكافي، الكليني: 8/ 333، كتاب الروضة، حديث الفقهاء والعلماء/ ح 518.[44] كتاب الكافي، للشيخ محمد بن يعقوب الكليني، قيل فيه: قال الشيخ المفيد، 413 هـ: "وهو من أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة".وقال الشهيد محمد بن مكي، 786 هـ، في إجازته لابن الخازن: "كتاب الكافي في الحديث الذي لم يعمل الإمامية مثله".وقال المولى محمد أمين، 1036هـ: "سمعنا من مشايخنا وعلمائنا انه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه".قال الفيض: "الكافي .. أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها،لاشتماله على الأصول من بينها وخلوه من الفضول وشينها".الشيخ الكليني البغدادي وكتابه الكافي، ثامر العميدي: 154 ــ 155، المبحث الثاني شهرة الكتاب.[45] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 440، كتاب الإيمان والكفر، باب فيما أعطى الله عز و جل آدمعليه السلام وقت التوبة/ح1.[46] في الكافي: "وأهوى".[47] الكافي، الكليني: 2/440، كتاب الإيمان والكفر، باب فيما أعطى الله عزّوجل آدم عليه السلام وقت التوبة/ ح3.[48] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 440، كتاب الإيمان والكفر، باب فيما أعطى الله عزّوجل آدمعليه السلام وقت التوبة/ ح2.[49] محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، أبو جعفر، نزيل الري، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان. ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، كان جليلا حافظا للأحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للأخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو من ثلاثمائة مصنف، ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير، مات رضي الله عنه بالري سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.خلاصة الأقوال، العلامة الحلي: 248/ الرقم 45.[50] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 1/ 133، باب غسل الميت/ ح9.[51] إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 13، كتاب التوبة، بيان أن التوبة إذا استجمعت شرائطها فهي مقبولة لا محالة.[52] محمد بن مسلم بن رباح: أبو جعفر الأوقص الطحان، مولى ثقيف الأعور وجه من أصحابنا بالكوفة، ورع، فقيه، صاحب أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام، وروى عنهما، وكان من أوثق الناس.رجال العلامة، العلامة الحلي: 149، القسم الأول فيمن أعتمد عليه. الفصل الثالث والعشرون، الباب الأول محمد/ الرقم 59.[53] سورة المائدة / 98.[54] إشارة إلى قوله تعالى:((وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)) سورة الشورى/25.[55] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 434، كتاب الإيمان والكفر، باب التوبة/ ح6.[56] في الكافي: "قلت" بدل "قيل".[57] الكافي، الكليني: 2/ 426، كتاب الإيمان والكفر، باب الاعتراف بالذنوب/ ح3.[58] رأي ديمقريطيس وشيعته: يقول في المبدع الأول: إنه ليس هو العنصر فقط، ولا العقل فقط، بل الأخلاط الأربعة، وهي: الأسطقسات، أوائل الموجودات كلها.الملل والنحل، الشهرستاني:171، الفصل الثاني الحكماء الأصول،الرقم 4 رأي ديمقريطيس وشيعته.الطبائع، أي: الأخلاط الأربعة، أو الأمزجة الأربعة، من الحار والبارد والرطب واليابس، أو الأربعة المركبة من الحار اليابس والحار الرطب والبارد اليابس والبارد الرطب.تحب ما يشاكلها، أي: تطلب ما يوافقها فصاحب المزاج الحار يطلب البارد والرطب يطلب اليابس، وهكذا.بحار الأنوار، العلامة المجلسي: 59/331، كتاب السماء والعالم، باب 90 الرسالة الذهبية، ذكر فصول السنة.[59] سورة النساء/31.[60] في النص القرآني: "الذين" بلا "واو".[61] سورة النجم/ 32.[62] سورة النساء/ 31.[63] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 276، كتاب الإيمان والكفر، باب الكبائر/ ح1.[64] تم بيان معنى الصحيح فيما تقدم.[65] قال الطبرسي في ذكر الإمام التقي أبي حعفر محمد بن علي عليه السلام: «لقبه التقي والمنتجب والجواد والمرتضى، ويقال له: أبو جعفر الثاني».إعلام الورى، الطبرسي: 345، الركن الثالث في ذكر الأئمة من أبناء أمير المؤمنين عليهم السلام، الباب الثامن في ذكر الإمام التقي أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، الفصل الأول في تاريخ مولده ومبلغ سنه ووقت وفاته.[66] أي: "الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام".[67] هو: عمرو بن عبيد البصري كما ذكره: من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 3/563، باب معرفة الكبائر/ ح2. علل الشرائع، الشيخ الصدوق: 2/ 391، باب 131 العلة التي من أجلها حرم الله تعالى الكبائر/ح1. عيون أخبار الرضا عليه السلام، الشيخ الصدوق: 1/285 ــ 286، باب 28 فيما جاء عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام/ ح33. عده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام.رجال الطوسي، الشيخ الطوسي: 250، باب العين/ الرقم 412.قال القمي: كان من أصحاب أبي الحسن البصري وتلاميذه. قيل: كان أبوه شرطيا، وكان عمرو متزهدا فكانا إذا اجتازا معا على الناس قالوا: هذا شر الناس أبو خير الناس. مات عمرو في سنة 144، وهو ابن أربع وستين سنة. واحتجاج هشام بن الحكم عليه في مسجد البصرة في سؤاله: ألك عين؟ الخ مشهور.الكنى والألقاب، الشيخ عباس القمي: 1/ 155 ــ 156، أبو مروان.[68] سورة النجم/32.[69] سورة المائدة/ 72.[70] سورة يوسف/ 87.[71] سورة الأعراف/ 99.[72] سورة النساء/ 93.[73] سورة النور / 23 .[74] سورة النساء/ 10.[75] سورة الأنفال/ 16.[76] سورة البقرة/ 275.[77] سورة البقرة/ 102.[78] سورة الفرقان/ 68 ــ 69.[79] سورة آل عمران/ 77.[80] ليس في النص القرآني: "به".[81] سورة آل عمران/ 161. ونصها:((وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)).[82] سورة التوبة/ 35.[83] سورة البقرة/ 283.[84] سورة الرعد/ 25.[85] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 285 ــ 287،كتاب الإيمان والكفر،باب الكبائر/ح24.[86] قال الشيخ الطوسي: فعلى مذهب المعتزلة: من اجتنب الكبائر، وواقع الصغائر، فان الله يكفر الصغائر عنه، ولا يحسن مع اجتناب الكبائر عندهم المؤاخذة بالصغائر، ومتى آخذه بها كان ظالما.وعندنا: أنه يحسن من الله تعالى أن يؤاخذ العاصي بأي معصية فعلها، ولا يجب عليه إسقاط عقاب معصية لمكان اجتناب ما هو أكبر منها.التبيان، الشيخ الطوسي: 3/183، تفسير سورة النساء.[87] المغني عن حمل الأسفار، أبو الفضل العراقي: 2/ 987، ك
اترك تعليق