سْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
لو لوحظت الحياة الاسرية لكل اسرة سامية بمبادئها لوجدت انها تبتني على روح الوئام والتفاهم وبث روح الاحترام بين الكبير والصغير وبين الاب والأم والأب والابن والأم والابن والجد وأحفاده وصهره وبنته وغير ذلك من التماسك الأسري بين أفراد العائلة الواحدة. فإن أعظم أسرة عرفها تاريخ البشرية وحدثنا عنها هم أصحاب الكساء الخمسة لما فيها من التلاحم فيما بينهم وفيما بينهم وبين متعلقيهم من عبيد وإماء وما يشهده حديث الكساء أكبر أنموذج لذلك الوئام والاحترام بينه.
فعليه لم نقتصر على حديث الكساء بانه حديث يروي لنا فضل اهل البيت (عليهم السلام) من جهة الجنبة العقائدية وبيان فضلهم وإمامتهم وتطهيرهم من الرجس والدنس فحسب بل لنلاحظه من جانبه الأخلاقي والاجتماعي بما به الترابط الأسري وبث تلك الروح الجوهرية التي اعتمدوها هم (عليهم السلام).
فإننا لو قرأنا الحديث من أوله لفهمنا من الجانب الأخلاقي والاحترام السامي فيما بينهم وبث ثقافة الاستئذان وتبادل السلام والتحية الإسلامية بين كل فرد من أفراد الأسرة الواحدة.
وفي حديث الكساء نقرأ أيضاً إعلان كل واحد من أفراد العائلة محبته وثناءه على الفرد الآخر وإشادته بخصائصه، حيث تخاطب السيدة الزهراء كلاً من ولديها بقولها: يا ولدي وقرة عيني وثمرة فؤادي. ويخاطب الحسين جده قائلاً: السلام عليك يا جداه السلام عليك يا من اختاره اللَّه. ويحيي الإمام علي زوجته الزهراء بقوله: السلام عليك يا بنت رسول اللَّه. فتجيبه: وعليك السلام يا أبا الحسن ويا أمير المؤمنين.. إلى كثير من العبارات الواردة في الحديث وهي تحكي محبة كل منهم للآخر وإشادته بشخصيته.
وكذلك نفهم ويعلمنا هذا السلوك النبوي للاسرة المتكاملة كيفية بناء الاسر وضرورة زيادة التلاحم بين افرادها فنستشف من حديث الكساء قيمة اللقاءات والجلسات العائلية الودّية التي تملأ نفوس أفراد العائلة بالمحبة والحنان والاحترام، وتتيح الفرصة لهم لتبادل المشاعر والأفكار وتزيد الانشداد والتماسك العائلي وقد ورد في الحديث عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله): "جلوس المرء عند عياله أحب إلى اللَّه تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا".
بينما تفتقر الكثير من العوائل في بعض مجتمعاتنا إلى أجواء العطف والحنان حيث ينشغل الرجل في عالمه الخاص وهمومه الخاصة وكذلك المرأة ويقضي الأولاد أكثر أوقاتهم أمام التلفاز والكمبيوتر أو مع رفاقهم من خارج العائلة.
وهذا ما يسجل سلبية على تلك الاسرة التي لعلها تسلك مسلك التهشم للبناء الواحد الذي هو كيان وجودها. إن حالة الانسجام والمحبة في العائلة تنمي في نفس الإنسان الثقة والوداعة والاتزان وحسن التعامل مع الآخرين، بينما الأجواء العائلية المضطربة تنتج اهتزازاً في شخصية الإنسان، وتزرع في نفسه عقداً مختلفة.
وهذه الصور التي يبينها الحديث الشريف تنم عن قوة الأواصر بين افراد تلك العائلة التي خصها الله لان تحمل رسالة التعاليم السماوية لتكون انموذجاً يقتدى بها.
فالإنسان ضمن عائلته زوجاً أو زوجة أو ولداً أو والداً له وعليه حقوق وآداب متبادلة، لا ينال رضا ربه ولا تهنأ حياته العائلية إلا برعايتها والالتزام بها.
المصدر / منتدى الوارث من العتبة الحسينية المقدسة.
اترك تعليق