يواجهُ الشبابُ معركةً بين تيّارين متناقضين ؛ تيارٌ يريد أن يفصل بين الجيل المُعاصر وبين التُراث، ويعزل الاُمَّة عن ماضيها، وبالتالي عن عقيدتها، وقيمها الإسلامية، بحُجَّة التشكيك بالتُراث، وإنَّ التُراث لا يصلح الاّ للماضي. إنَّ الدراسة النقدية للفكرِ الآخر المواجه للاسلام، تكشفُ للشبابِ زيفَ إدّعاء هذه الإطروحات التي جرَّت على الاُمَّة الإسلاميةِ الويلات، وإنَّ دراسة الفِكر الإسلامي من منابعهِ الأصيلة، وبروحٍ علميةٍ، ومنهجٍ عقليٍّ نزيهٍ، تكشفُ عظمةَ الإسلامِ، وقدرته على قيادةِ البشريةِ، وإصلاح شؤونها. وتيارٌ آخرٌ يريدُ أن يفرض على العقلِ العلميِ حالةَ التحجّرِ والتخّلفِ، بحُجَّةِ المُحافظةِ على التراثِ، بكلِ ما فيه من مُخلّفاتٍ، حتّى تلك التي تحتاجُ الى تصحيحٍ، ولا يسندها الدليلُ العلميُ، ولا المنطقُ العقليُ السليمُ، بحُجَّة أنّ التشكيك بتلك الموروثاتِ، يقودُ الى التشكيكِ بالعقيدةِ، وقُدسية ماضي الاُمَّة. وبين هذين التيارين يقفُ جيلُ الشبابِ تتجاذبهُ أطرافُ المعركةِ، وتستهوي مساحات واسعة من الشبابِ مصطلحات المعاصرةِ والتجديدِ والحداثةِ، والإنتقال من الماضي الى الحاضرِ. ويستغلُ الكُتَّاب العلمانيون، والمشكِّكون بقيمةِ الفكرِ الإسلاميِ الموروثِ ثقافة الشباب الناشئة، وغير الواسعة، او المعدومة في بعض الأحيانِ للتشكيكِ بالتُراثِ. إنّ جيلَ الشبابِ يجب ُأن يعرف عظمة أُمته، وماضيها الفكري المجيد، وما قدّمه المُسلمون من مُساهمةٍ علميةٍ وفنيّةٍ وأدبيةٍ، ومنهجٍ علميٍّ للبحثِ والتفكيرِ للبشريةِ بأكملها، ولنهضتها المعاصرة. فأُسُس النهضةِ الحديثةِ تستندُ في حقيقتها الى ما قدّمهُ علماءُ الإسلامِ من أُسُسٍ فكريةٍ، وعلميةٍ، ومنهجِ بحثٍ علميٍّ إنتقلت الى أوربا عِبر الأندلس بواسطة ترجمة كُتب عُلماء المسلمين بعد فترة القرون الوسطى المظلمة التي عاشها الغرب، ولم يكُن الإسلام إلاّ رائداً للنهضةِ العلميةِ، ونصيراً للعقلِ، ومؤسِّساً لحضارةِ الإنسان. إنّ ما ينبغي أن يؤمن به جيلُ الشبابِ، هو منهجُ التعاملِ السليمِ معَ التُراثِ، وعظمة تُراث الاُمَّةِ من بحوثٍ ودراساتٍ علميةٍ، وذلك من خلالِ نشرِ الآثارِ العلميةِ والتُراثيةِ في مجالِ الفكرِ والثقافةِ والفنِّ والأدبِ، وبلُغةٍ عصريةٍ حديثةٍ، وتنشيطِ حركةِ النقدِ، وغربلةِ التُراث ممَّا حملهُ من مدسوساتٍ، وآراءٍ شخصيةٍ، ووجهاتِ نظرٍ لا تُمثّل الحقيقة العلمية، والفصل بين الإسلام كعقيدةٍ وشريعةٍ وقيمٍ، وبينَ ما أنتجهُ العلماءُ والباحثونَ وأصحابُ الآراءِ والنظريات من القدماء، كما هو الحال والموقف من المُحدثين والمعاصرين، فلا ينسب الى الإسلام إلاّ ما أسنده الدليل، وأثبته البُرهان وفق منهجٍ إستدلالي سليمٍ. يجب أن يعي جيل الشباب المؤامرة الكبرى على الإسلام، بل وعلى الإنسانية من خلال أطروحات فكرية تحمل إصطلاحات المعاصرة والتجديد والحرية الفكرية، وهي في حقيقتها محاولات لهدم كيان الاُمة الفكري، وتذويب هويتها الحضارية التي هي سر قوة شخصيتها وتقدُّمها وكرامتها في الحياة. فالاُمة الإسلامية عاشت فترة من الضياع الفكري، حينما عاش جيل الشباب والمثقفين في هذا الضياع، متأثرين بالحضارة المادية الحديثة التي جنت على الانسانية بالحروب والإستعمار، واستغلال ثرواتها واضطهادها وتجويعها واستعبادها. ولايعني ذلك بأي حالٍ عدم الإستفادة من منجزات النهضة العلمية الحديثة التي شهدتها أوربا، بل المطلوب إنتقاء الفكر السليم والثقافة العلمية التي تتكامل مع حضارتنا وثقافتنا الإسلامية. إن القوى الإستكبارية تخشى عظمة الإسلام، وقدرة الفكر الإسلامي على بناء أُمَّة قوية، وحضارة رائدة، تتسلح بالعلم والايمان والأخلاق، لذا تسخِّر شبكات اعلامية وثقافية وكتاّباً، للنيل من الفكر الاسلامي بخلط القضايا والمفاهيم، واستغلال روح الاندفاع الفكري، والبحث عن التجديد، والمستقبل الأفضل لدى جيل الشباب. إنّ الدراسة النقدية للفكر الآخر المواجه للاسلام، تكشف للشباب زيف ادّعاء هذه الاطروحات التي جرَّت على الاُمة الاسلامية الويلات، وإنَّ دراسة الفكر الإسلامي من منابعه الأصيلة، وبروح علمية، ومنهج عقلي نزيه، تكشف عظمة الإسلام، وقدرته على قيادة البشرية، وإصلاح شؤونها. وهناك مسألة أساسية في دراسة الإسلام؛ وهي التمييز بين الإسلام وواقع المسلمين المتخّلف. إنّ المطلوب هو الإرتفاع بالمسلمين الى مستوى الإسلام العقيدي والتشريعي والأخلاقي، وليس قياس الإسلام على ما يتحرَّك به المسلمون من فهمهم وممارستهم المتخّلفة عن الإسلام.
اترك تعليق