للثقافة الماديّة المُعاصرة تأثيراتها المختلفة على الجيل الجديد، وإذا كان هناك من الشباب من يستطيع مقاومة إغراءات الثقافة المادية المُنحرفة، فإنَّ قسماً من الشباب يتأثَّرون بتلك الثقافة في بُعدها السلبي، وينساقون مع ما تطرحه من أفكار ورؤى، وسلوكيات وأنماط حياة، والأخطر هو أن يُدمن بعض الشباب على الفساد والإنحراف بمُختلف صوره، وهو الأمر الذي يؤدي إلى سلوك طريق الشر والفساد. وعادةً ما ينحرف بعض الشباب في بداية شبابهم، لكنَّهم سُرعان ما يعودون إلى القِيم والمبادئ الدينية، ففطرة الإنسان تدعوه إلى ذلك، يقول تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )( سورة: الروم، الآية: 30) . ثُمَّ إنَّ تفاعل الشباب مع الدين وما يدعو إليه من قيمٍ ومبادئ ومُثُلٍ وأخلاقٍ، أمرٌ قويٌ جداً وثابتٌ وأصيلٌ في شخصية الشباب، والإنحراف قد يكون مُجرَّد أمر عابر، ثُمَّ سُرعان ما يخرج منه الشباب إلى رحاب الدين وفضائه الكبير. وبعض الشباب قد يقعون في بُرهةٍ من شبابهم في مُستنقع الفساد والإنحراف الثقافي والأخلاقي، ثم يعودون خوفاً من العقاب الإلهي الذي ينتظرهم في يوم الحساب. والإنسان بحاجةٍ للانتماء إلى الدين، وإلى الحفاظ على هويته الدينية؛ حتى يستطيع إشباع الغريزة الدينية المحفورة في أعماقه، ومن يختار من الشباب، وغيرهم غير الإسلام فسيكون من الخاسرين يوم لا ينفعهم فيه الندم، يقول تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )( سورة: آل عمران، الآية: 85.) فالدين المقبول عند الله تعالى هو الإسلام لقوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ) ( سورة: آل عمران، الآية: 19) . وللدين أثره الفاعل في ثقافة وسلوك وقيم وأخلاق الإنسان، وبمقدار إبتعاده عن الدين يبتعد عن تلك القيم والأخلاق والسلوك والثقافة، إلا أنَّ ضميره الباطني يظل يؤنبه لإبتعاده عن ذلك، حتى يعود إلى الحقِّ والفضيلة والصلاح. من هُنا على المُربين والعلماء والآباء أن يستثمروا هذا الشعور عند الشباب، ويخاطبوهم بالخطاب الديني الواعي، الذي يُخاطب عقولهم ووجدانهم وعواطفهم مما يؤدي إلى رجوعهم للدين، بل والتحوُّل إلى دُعاةٍ مُخلصين له. لذلك من المُفيد جداً مُخاطبة الشباب بخطابٍ دينيٍ مُلائمٍ لمستوى الفهم والإدراك والوعي لديهم، وتدعيمه بالآيات الشريفة، والأحاديث الصحيحة، بما يقنع الجيل الجديد بالتمسك بالدين وثقافته، والإبتعاد عن الثقافة الماديّة المُنحرفة التي لا تجرُّ إلا إلى الشقاء والتعاسة والتعب النفسي. والإستفادة من أسلوب الثواب والعقاب، الجَنَّة والنّار، الترهيب والترغيب مُهم جداً في علاج الإنحرافات والمفاسد التي يقع فيها بعض الشباب بفضل تأثير الثقافة الماديّة المُعاصرة في جوانبها السلبية والمُنحرفة.
اترك تعليق