لو اطلعنا على حياة المعصومين عليهم السلام لوجدنا كل فردا منهم له اسلوبا خاصا به لقيادة الامة الاسلامية وهذا الاسلوب يختلف من امام لاخر فلو نظرنا كيف اجاب الإمام زين العابدين عليه السلام عند ما قال له عباد البصري تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينه و" ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم"، فقال الإمام زين العابدين عليه السلام اقرأ ما بعدها "التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف" إلى آخرها ثم قال: إذا ظهر هؤلاء لم نؤثر على الجهاد شيئا.
ففي هذه الاجابة بين الامام عليه السلام اسلوبا خاصا به فغير مساره من الثورة العسكرية الى الثورة الفكرية العلمية وهذا التغير ليس كما يتصوره البعض كعباد البصري من اجل دنيا فانية بل من المتعارف عليه ان لكل ثورة عسكرية تحتاج الى عدة وعدد وعندما لا يوجد العدة والعدد تكون النتائج عكسية حتما لذا شرط الامام عليه السلام وقال إذا ظهر هؤلاء - التي وصفتهم الآية الكريمة - لم نؤثر على الجهاد شيئا .
اهمية الاصلاح ومواجهة الظالمين
لقد تعددت وظائف اولياء الله كثيرا لكن تبقى اهمية الاصلاح من اهم الوظائف بعد التبليغ عن الدعوة الالهية لذا قال الامام الحسين عليه السلام اني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي ولو اطلعنا على حياة المعصومين عليهم السلام لوجدنا كل فردا منهم قد مر بدور الاصلاح وبظروف حرجه جدا فقد قام الامام زين العابدين عليه السلام بدور الاصلاح بعد مقتل ابيه عليه السلام من تعليم الناس لاحكام الدين وما يتعلق بها والحث على الاخلاق الفاضلة التي جاء بها الاسلام ومواجهة الظالمين الذين يفسدون في الارض في عصرا يحكمه الظلمة الفجرة المتلبسين بأقنعة مزيفة يدعون الى الاسلام والاسلام منهم براءة، يقتلون من يعارضهم فكريا او عمليا شعارهم هدر الدماء تحت عنوان الخروج على الإسلام للحفاظ على كرسي الحكم، كل هذه النشاطات وغيرها التي قام بها الامام عليه السلام الا انك قد تجد بعض المؤرخين قد شاع عندهم بان الائمة بعد الامام الحسين عليه السلام قد اعتزلوا السياسة وانصرفوا الى العبادة وهذا غير صحيح فلولا جهودهم المباركة وسياستهم الناجحة لما وصل الينا شيئا يقال له الاسلام.
الثورة الفكرية التي قادها الامام عليه السلام
بعد ان ساقوا الأسارى من أهل البيت عليهم السلام من مدينة الى اخرى في ازقة الشام كما تساق أسارى الترك والديلم الا ان الامام عليه السلام مع كل هذه الظروف والاغلال التي جعلت في عنقه ويده لم يترك التبليغ والبيان للاخرين وخير شاهدا على ذلك الرجل الشامي الذي تعرض للامام عليه السلام كيف ابان له الحقيقة التي ادت الى توبته وكيف خطب في الناس - وقال: ايها الناس اعطينا ستا وفضلنا بسبع اعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين وفضلنا بأن منا النبي المختار محمدا صلى الله عليه وآله ومنا الصديق ومنا الطيار ومنا اسد الله واسد رسوله ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ومنا سبطا هذه الامة - بقول الحق بكل شجاعة امام الطغاة الذين ارادوا قتله عليه السلام هذا من جانب، ومن جانب اخر كيف قاد الامام عليه السلام ثورة علمية لم يشهد التاريخ نظيرها في ظروف كان فيها مجافاة للعلم من قبل الدولة الاموية لكي تحفظ مصالحها ودوام ملكها الا ان الامام عليه السلام كان قائد سياسيا فينقل انه كان يشتري العبيد ويعلمهم ومن بعدها يعتقهم لوجه الله تعالى .
الكاتب / محمد رضا احمد
اترك تعليق