قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخُطب
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها فاختل قومك فاشهدهم ولا تغب
ابيات شعرية تنبثق من لسان الحكمة و الموعضة تشكو الى نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله بعد خطبة طالبت بها السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بحقوقها المغصوبة، و فضح مخططات الغدر و الخيانة بعد شهادة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله و بعد ان تلقفوا الخلافة ظلماًَ و زورا و حرموا العترة الطاهرة من حقوقهم لتضعيف الامكانية المالية و تقييد الحركة الاجتماعية بكافة الطرق، فبعد ان القت السيدة الزهرا عليها السلام الحجج و البراهين القطعية بخطبتها المشهورة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله يستوقفنا هنا مقطع من هذه الخطبة العظيمة وهو قولها صلوات الله عليها :( يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث اباك ولا ارث ابي؟ أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ اذ يقول{ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا اذ قال{ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}. فلم تجد الجواب الذي يحقق العدالة بل عملية الالتفاف و الدوران و ترهيب الحاضرين من شهادتهم لصالح البضعة المحمدية كان من شيمهم .
فلم تجد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ملاذا بعد الله تعالى غير الشكوى تارة الى ابيها رسول الله تلتفت الى ضريحه و تجلس عند قبره بعبرات البكاء تحدثه بما جرى بعده عسى ان يخفف عنها عناء المصائب التي صبت عليها، و تارة تشكو الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام قائلة:
يا بن أبي طالب اشتملت شملة الجنين وقعدت حجرة الظنين نقضت قادمة الأجدل فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة ابني، لقد أجهد في خصامي، وألفيته ألد في كلامي حتى حبستني قيلة نصرها والمهاجرة وصلتها وغضت الجماعة دوني طرفها فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة وعدت راغمة أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب وافترشت التراب، ما كففت قائلا ولا أغنيت طائلا ولا خيار لي ليتني مت قبل هنيئتي ودون ذلتي عذيري الله منه عاديا ومنك حاميا ويلاي في كل شارق، ويلاي في كل غارب، مات العمد ووهن العضد، شكواي إلى أبي وعدواي إلى ربي، اللهم إنك أشد منهم قوة وحولا، وأشد بأسا وتنكيلا.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا ويل لك بل الويل لشانئك ثم نهنهي عن وجدك يا بنت الصفوة وبقية النبوة فما ونيت عن ديني ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون وكفيلك مأمون، وما أعد لك أفضل ما قطع عنك فاحتسبي الله.
فقالت: حسبي الله، وأمسكت.
فكانت شكواها سلام الله عليها ليس لحب الدنيا بل هي مطلقة للدنيا كما طلقها علي بن ابي طالب عليه السلام، ولكنها ارادت اظهار ظلمها و ظلم بعلها ليشهد عليه الناس قبل ان ترتب الحكايات و الاساطير الزور عليهم، فكان موقفها موقف لتثبيت حوادث تسجل بالتاريخ و حتى لا يعتبر سكوتهم عليهم السلام اقرارا للجهة الباغية على احقيتها بل كشفوا للتاريخ عن رفضهم في تسليم الولاية الى من غصب حق فاطمة بنت محمد عليهما السلام و علي بن ابي طالب عليه السلام الذي سلبت منه الخلافة الاسلامية ظلما و جورا .
قيس العامري
اترك تعليق