من أعظم مظاهر الولاء استدرار الدموع وتفاعل الإنسان بعواطفه وأحاسيسه تجاه شخصية المحبوب ولا سيما إذا كان مستجمعاً لصفات الفضل أو مضحياً نفسه في سبيل إحياء الفضيلة لكي يتأسى به الآخرون ويقتدي به الباقون فتنمو الفضيلة وتستأصل الرذيلة.
والبكاء خير دليل على إعلان الموالاة لذلك الشخص المبكى عليه والتبرئ ممن ساهم في ظلمه والجور عليه من الأعداء والحاقدين. والبكاء هو عنوان للحب والتقديس وعلامة على الاقتداء بنهجه والولاء له بعقيدته ومبدئه وهو محك واختبار لمدى تعلق الإنسان بتلك الشخصية الفذة وهو يبرز معالم الصدق والاحترام والإكبار على صعيد الفعل والتطبيق.
ومن البديهي أن يعطي الإنسان كل شيء إلا البكاء لأنّه لا يحصل إلا باحتراق القلب وتألمه والانفعال النفسي الشديد على مصيبة معينة فكيف إذا كانت المصيبة لا تدانيها مصيبة كمصيبة سيد الشهداء الحسين بن علي (ع) فلو أسال العالم دموعه لأجل الحسين (ع) لما وفّى حقا من حقوق محيي الشريعة ومجددها وهو الحسين (ع).
وتكرر البكاء مدى الأيام والدهور على الحسين (ع) يعكس مدى مصداقية الحب والولاء المستمر والمتعاظم لسيد الشهداء (ع).
ولا شك انّ البكاء دليل الاعتراف بحق ذلك الشخص وبما اسدى من خدمات جليلة لمصلحة الأمة جمعاء ولشريعة السماء ولذلك نرى رسول الله (ص) بكى كثيراً على عمه حمزة (ع) وجعفر (ع) والحسين حتى قال: (على مثل جعفر فلتبكي البواكي).
والبكاء وخصوصاً على الحسين هو تعظيم لشعائر الدين وتخليداً لإسم من خلّد الدين وأحياه وهو حسين الفضيلة وحسين الإباء. فالولاء للحسين (ع) هو ولاء للعقيدة والمبادئ.
والولاء للحسين (ع) هو ولاء للمثل والقيم والأخلاق.
ولا غرو انّ التفاعل عن طريق البكاء هو تثبيت لدعامة القضية الحسينية التي جاء من أجلها الحسين وجسّدها بدمه الطاهر ليكون نبراساً للحق والشموخ لأنّها قضية الإسلام وليست قضيته الشخصية ولا شك أنّ البكاء هو عنوان للسير على نهج الحسين (ع) والولاء له وان أعلى درجات الولاء هو ذرف الدموع بغزارة وهذا لا يتحقق إلا بحالة يحترق فيها القلب حباً وولاءً ومن هنا فقد ورد عن الرسول الأعظم (ص) أن من بكى وتباكى على الحسين فقد وجبت له الجنة. فكان البكاء سبباً لمغفرة الذنوب ومحو الآثام ببركة الحسين (ع).
اترك تعليق