ما أنكر فضل آل محمد من الأمم السابقة إلا من مسخ، ولا رد فضلهم إلا من خبث أصله ورمخ، فمن أنعم الله عليه بحب علي والإقرار بفضله ودرجته ووجد روحه بين جنبيه، ووجد صدرهُ منشرحاً عند وصول أسراره اليه، ولم يجد الشكوك تنازعه، ولا يد الإنكار تمانعه، فقد طاب مولده وعنصره، وزكى محتده ومخبره.
وإليه الإشارة بقول أبي عبد الله(عليه السلام)أنه قال: لا تدعوا الناس الى ما أنتم عليه، فوالله لو كتب هذا الأمر على رجل لرأيته اسرع اليه من الطير الى وكره، وأسبق من السيل الى جوف الوادي.
ولذلك قال امير المؤمنين(عليه السلام) لو ضربت خيشوم المؤمن على أن يبغضني ما فعل، ولو صببت الدنيا على المنافق على أن يحبني ما فعل، وبذلك أخذ الله لي العهد في الأزل، ولم يزل.
ولذلك قال للرجل: فما رأيتك في المحبين فأين كُنت؟ فعليه عرضت الأرواح، وعليه تعرض الأعمال في عالم الأجسام، وعليه تعرض عند الممات، ويعلم مقامها بعد الوفاة، ويعلم ما يصير عليه الرفاة، وإليه عودها عند القيام، وهو وليها في ذلك المقام، وقاسمها الى النعيم و الإنتقام ، فضلاً من الله رب الانام، وولاية من ذي الجلال والإكرام.
فعلي والي الأرواح وولي الأشباح، وولي الأديان، وولي الإيمان، وولي الحياة، وولي الممات، وولي الحساب، وولي النعيم، وولي العذاب، وولي للمكذب والمرتاب، الذين لفضل علي ينكرون، ولما خصه الله بهِ من الآيات يجحدون، وعن آياته يستكبرون، وفي علو مقاماته يرتابون ويستعظمون، وبها يكذبون وفيها يلحدون، أولئك في العذاب محضرون، وعن الرحمة مبعدون، فلو أن أحدهم عمر في الدنيا ما دارت الأفلاك وسبحت الأملاك، وحج ألف حجة، وكان في ايامه مقبلاً على الصيام والقيام، وكان لهُ من الحسنات بعدد ورق الأشجار، ومن الطاعات بوزن رمل القفار، ومن المبرات بعدد قطر الأمطار، ومن الخيرات بعدد ما في القرآن حرفاً حرفاً، وبعدد كل حرف ألفاً ألفاً.
وقرأ كُل كتاب نزل،وفهم كُل خطاب من العلم والعمل،ورافق النبين وصحب المرسلين،وأقام في الصافين،وقتل شهيداً بين الركن والمقام،ثم أنكر من فضل علي حرفاً وارتاب في فضله وأخفى،لم يرى في بعثه سعداً،ولم يزدد من رحمة الله إلا بعداً........
قال ابن ابي الحديد في حقه: ولولا أبو طالب وابنـــه لما مثل الدين شخصاً وقاما فذاك بمكة آوى وحامى وهذا بيثرب جس الحمامــــا من كتاب "مشارق انوار اليقين"
المصدر / منتديات مدرسة الامام الحسين(عليه السلام).
اترك تعليق