الامام المهدي(عليه السلام)في الديانات الاخرى:

مشروع الحوار الاسلامي المسيحي:

  هناك دائرة واسعة من التصورات الدينية يشترك فيها المسيحيون والمسلمون سواء فيما يتعلق بالله تعالى او النبوة او الخاتمة السعيدة على الارض ودور المسيح في صناعة هذه الخاتمة وهذه التصورات المشتركة يجهلها الكثير من الشعوب المسيحية والاسلامية ، ونشرها بينهم يقلل من الفجوة الكبيرة التي فصلت بينهم والعواطف السلبية التي تكونت بفعل ظروف استثنائية وسياسات خاطئة مارستها دول الطرفين تاريخيا واذا ما ردمت تلك الفجوة ومحيت تلك النظرة العدائية وحلت محلها نظرة التقدير والاحترام المتبادل امكن عند ذاك بحث المسائل المختلف عليها بروح المحبة والاحترام والمسالة ليست صعبة ولا مستحيلة ، اذ ان ما بين المسلمين والمسيحيين لم يكن ليرقى الى مستوى العداوة التاريخية التي حكمت العلاقة التاريخية بين المسيحيين واليهود حيث ان اليهود لا يعترفون بالمسيح عيسى بن مريم بل ينعتونه وامه بنعوت قبيحة ثم هم يعترفون انه قتلوه وقد صدقهم المسيحيون بذلك ومع ذلك فان جهود اليهود الصهيونيين قد اثمرت نتيجة ايجابية وصار المعسكر المسيحي حليفا قويا لاسرائيل بل وجد ملايين المسيحيين مؤيدين لا سرائيل اكثر من قسم من اليهود انفسهم .

اختلاف المسلمين عن اليهود والنصارى في هوية القائد الالهي الموعود وكتابه:

  ويختلف المسلمون مع اليهود والنصارى في تعيين هوية الشخص الذي يجري الله تعالى على يده هذا الحدث العظيم المرتقب وفي الامة التي ينطلق منها ذلك القائد الالهي الكبير وفي الشريعة الالهية التي يعمل بها ويطبقها .

  فيعتقد المسلمون جميعا : بانه من ذرية اسماعيل من ذرية محمد (صلى الله عليه وآله) خاتم الانبياء من فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله) . وان امة هذا القائد هي امة محمد (صلى الله عليه وآله) وان شريعته هي شريعة محمد (صلى الله عليه وآله).

روى ابو داود وابن ماجة وابن حنبل والطبراني والحاكم في المستدرك وغيرهم قول النبي (صلى الله عليه وآله) : “ لو لم يبق من الدهر (الدنيا) الا يوم واحد لبعث الله رجلا من اهل بيتي يملؤها (الارض) عدلا كما ملئت جورا ” .

وقوله (صلى الله عليه وآله) ايضا : “ المهدي من عترتي من ولد فاطمة ” .

ويعتقد اليهود والنصارى : انه من ذرية اسحاق من ذرية يعقوب ومن ذرية داود .

ويقول النصارى : بان هذا القائد الاسرائيلي هو المسيح عيسى بن مريم وانه قتل على يد اليهود ثم احياه الله تعالى واقامه من الاموات ورفعه الى السماء وانه سينزله في في آخر الدنيا ليحقق به وعده .

اما اليهود فيقولون : انه لم يولد بعد .

 قال المفسر اليهودي حنان ايل في تعليقته على الفقرة 20 من الاصحاح 17 من سفر التكوين التي تشير الى وعد الله تعالى في اسماعيل وهي (أما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه ها أنا ذا أباركه وأنميه وأكثره جدا جدا ويلد اثني عشر رئيسا واجعله أمة عظيمة) .

(نلاحظ من هذه النبوءة في هذه الآية ان 2337 سنة مضت قبل ان يصبح العرب /سلالة إسماعيل/ أمة عظيمة [بظهور الإسلام سنة 624م] في هذه الفترة انتظر إسماعيل بشوق حتى تحقق الوعد الإلهي أخيرا وسيطر العرب على العالم . أما نحن ذرية اسحق فقد تأخر تحقق الوعد الذي أعطي لنا بسبب ذنوبنا . من المؤكد ان هذا الوعد الإلهي سيتحقق فيما بعد فلا نيأس) (1) .

وفي سفر اشعيا 11 1 :

وَيُفْرِخُ بُرْعُمٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى ، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ جُذُورِهِ ، 2 : وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفِطْنَةِ ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ ، رُوحُ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَمَخَافَتِهِ . 3وَتَكُونُ مَسَرَّتُهُ فِي تَقْوى الرَّبِّ ، وَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ مَا تَشْهَدُ عَيْنَاهُ ، وَلاَ يَحْكُمُ بِمُقْتَضَى مَا تَسْمَعُ أُذُنَاهُ ، 4إِنَّمَا يَقْضِي بِعَدْلٍ لِلْمَسَاكِينِ ، وَيَحَكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ ، وَيُعَاقِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ ، 5لأَنَّهُ سَيَرْتَدِي الْبِرَّ وَيَتَمَنْطَقُ بِالأَمَانَةِ . 6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْحَمَلِ ، وَيَرْبِضُ النِّمْرُ إِلَى جِوَارِ الْجَدْيِ ، وَيَتَآلَفُ الْعِجْلُ وَالأَسَدُ وَكُلُّ حَيَوَانٍ مَعْلُوفٍ مَعاً ، وَيَسُوقُهَا جَمِيعاً صَبِيٌّ صَغِيرٌ . 7تَرْعَى الْبَقَرَةُ وَالدُّبُّ مَعاً ، وَيَرْبِضُ أَوْلاَدُهُمَا مُتجَاوِرِينَ ، وَيَأْكُلُ الأَسَدُ التِّبْنَ كَالثَّوْرِ ، 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ فِي (أَمَانٍ) عِنْدَ جُحْرِ الصِّلِّ ، وَيَمُدُّ الفَطِيمُ يَدَهُ إِلَى وَكْرِ الأَفْعَى (فَلاَ يُصِيبُهُ سُوءٌ) . 9لاَ يُؤْذُونَ وَلاَ يُسِيئُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي ، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِيءُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تَغْمُرُ الْمِيَاهُ الْبَحْرَ . 10 : فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَنْتَصِبُ أَصْلُ يَسَّى رَايَةً لِلأُمَم ِ ، وَإِلَيْهِ تَسْعَى (واياه تنظر) جَمِيعُ الشُّعُوبِ (Gentiles) ، وَيَكُونُ مَسْكَنُهُ مَجِيداً .

والقول الفصل فيما اختلف فيه المسلمون عن النصارى واليهود بشأن القائد الموعود وهل هو من ذرية اسحاق او ذرية اسماعيل يكون من خلال التحقيق في مسالة من هو النبي الذي ينتظره الاميون هل هو عيسى(عليه السلام) ام محمد (صلى الله عليه وآله) ؟ .

 ومسألة من هو الوارث الابدي لإمامة ابراهيم(عليه السلام) هل هو اسماعيل والاصفياء من ذريته ام اسحاق والاصفياء من ذريته ؟ وكذلك من هو القائد الالهي الذي سيتعرض لمحنة الذبح بلا ذنب ويكون قتله سببا لهداية كثيرين كما يكون قتله سببا لحفظ الدين ونشره كما يكون من ذريته نسل تطول ايامه يتحقق على يده الغد المشرق في تاريخ البشرية ؟

والمسالتان الاوليان : بحثهما علماء المسلمين وادركهما الكثير من علماء اليهود والنصارى واعلنوا اتباعهم للنبي واهل بيته (2) .

اما المسالة الثالثة : فقد قامت المسيحية البولسية على تفسير النصوص التي تتحدث عن رجل الالام والمحن المذبوح كما يذبح الكبش انه عيسى بن مريم(عليهما السلام) الا ان النص يابى الانطباق عليه لان عيسى لم يكن له نسل سواء طالت ايامه او قصرت ، وهي مسالة جديدة وفقنا الله تعالى لا ثارتها .

اما لفظة (يسى) التي تشير والد داود في النص الانف الذكر فانه بعد استقرار المسائل الثلاث الانفة الذكر يصبح من السهل اكتشاف تحريفها ، وكونها في الاصل تشير الى محمد (صلى الله عليه وآله) وولده المهدي.

خصائص دولة المهدي (عليه السلام) المرتقبة:

ان دولة المهدي المرتقبة لا تعني ان الاسلام سوف يبقى معطلا حتى تقام دولته عند ظهور المهدي ، بل تعني قيام دولة خاصة كان نموذجها المصغر هو دولة وملك سليمان فقد كان ملكه مؤيدا بقوى الجن والريح والحيوان فضلا عن مؤمني الانس وتزيد على دولة سلميان بان دولة المهدي تعم الارض كلها ولا توجد دولة بعدها وتتصل بعهد القيامة الصغرى ثم تختم الحياة على الارض وقد اشار القرآن الى هذه القيامة الصغرى في اخر الزمان بقوله :

{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ (85) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)} النمل/82-88

قوله تعالى : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم)ْ : أي جاء الوقت المحدد والحدث الموعود .

قوله تعالى : (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) : والدابة كل ماش على الارض كما في قوله تعالى ((مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ٍ (56)) هود/56 وهي هنا انسان ميت يحييه الله تعالى بقرينة قوله تعالى اخرجنا من الارض وقوله تكلمهم ، والحاجة الى هذه الاية هي ان الناس بعد ظهور المهدي والمسيح قد يبقى الكثير منهم على ما الفه من دين او مذهب ابائه كما اخبر القرآن عن الناس في زمن الانبياء :

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104)) المائدة/104 .

قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ) : أي نحشر من كل امة جماعة ممن يكذب باياتنا .

قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) . اشارة الى الحشر الاكبر والقيامة الكبرى .

  ان القيامة الصغرى التي اشارت اليها الايات تقوم على فكرة عدم الاكتفاء باقامة دولة العدل المطلق وان ينعم كل انسان وكل فئة بالامان والعدل والكفاية الاقتصادية والاجتماعية في ظلها كهدف يستوعب حركة للمهدي والمسيح المرتقبة ، بل هناك هدف اخر وهو الحوار بين الاديان والمذاهب ومحاكمتها على اساس وسائل الاثبات الواقعية والتاريخية التي تستدعي احياء شهودها ورجالها التاريخيين الذين كانوا طرفا اساسا في تلك المذاهب او الافكار وقد ادخر الله تعالى رسوله عيسى ليقوم بمهمة احياء هؤلاء الشهود التاريخيين بين يدي الحاكم الاعلى المهدي من ال محمد (صلى الله عليه وآله) .

  ومن الطريف ان البعض يستنكر على الشيعة قولهم بهذه القيامة الصغرى والتي تسمى بالرجعة وهو يعتقد ان عيسى بن مريم سوف يعود مرة ثانية الى الحياة الدنيا ويقتدي بامام المسلمين انذاك كما في رواية البخاري (كيف بكم اذا نزل عيسى بن مريم وامامكم منكم) .

  الا يسائل هذا البعض نفسه كيف سوف يعرف الناس ان هذا الشخص هو عيسى اذا لم يمارس احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص ، ثم ان عيسى (عليه السلام) حين يحيي الموتى هل يتصور البعض انه سيحيي انسانا مات لتوِّه ثم يعيش ساعة باحياء عيسى له ثم يموت بعدها ، ام ان الاكثر تاثيرا والابلغ في الا مر هو ان يحيي عيسى (ع) شخصا ميتا مضت عليه قرون ويعيش بعد احيائه سنوات عديدة ، والابلغ منه حين يحيي شخصا كعلي بن ابي طالب مثلا الذي اختلف المسلمون على موقعه بعد الرسول بين قائل هو كالرسول في موقعه الرسالي والسياسي الا انه لا نبي بعد الرسول وانه لا تجوز مخالفته كما لا تجوز مخالفة الرسول وانه كتب عن النبي (صلى الله عليه وآله) كتبا توارثها الائمة من ولده من بعده ووصلت الى المهدي (عليه السلام) وبين منكر لذلك كله ليجعل منه الشخص الرابع في الفضل بل لا يعد له بعضهم فضلا بعد ابي بكر وعمر (3) .

  ان المهدي (عليه السلام) يخرج للناس الصحيفة الجامعة التي كتبها علي(عليه السلام) على الجلد بخط يده واملاء النبي(صلى الله عليه وآله) وتوارثها الائمة(عليهم السلام) بنص الهي من النبي على واحد واحد منهم ونشروا ما فيها، وكتب الشيعة عن ائمتهم السنة النبوية بهذا الطريق الوثائقي الفريد ، حيث معصوم يكتب عن النبي ثم يروي المعصوم بنفسه من تلك الوثيقة كما في قول الامام الصادق (ع) (انا لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ولكنها اثار من رسول الله (صلى الله عليه وآله) اصل علم نتوارثها كابرا عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم)(4) .

  غير ان البعض قد يبقى على ما عنده لما الفه عن ابائه وهنا من اجل توفير حجة حسية تقطع العذر يكون احياء صاحب الكتاب ليكتب بيده وليعرف انه الذي كتب وليحدثهم عن مجريات الامور كما شاهدها وجرت ، وهكذا حين يقول عيسى للمسيحيين ان المسيحية التي بايديكم هي لم تكن مني بل من بولس مثلا ، ويحيي له بولس ليحدثهم كيف حرف رسالة المسيح من رسالة جاءت تبشر بمحمد واهل بيته الى رسالة تجعل من المسيح خاتم الرسل بل تجعله ثالث ثلاثة .

  ويتضح من ذلك ان دولة المهدي ليست لاقامة العدل المطلق في المجتمع البشري فحسب بل للانتقال به الى الوحدة الفكرية والمذهبية القائمة على اساس الوثائق التاريخية الصحيحة وهي بذلك تمثل خاتمة المطاف لحركة الانبياء والرسل جميعا وانتصار العقل والعلم والتوحيد على الجهل والخرافة والشرك .

المصدر / مقتبس من كتاب :حول المهدي المنتظر (ع) والإطروحة الإلهية لآخر الزمان / المحقق السيد سامي البدري.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) The stone edtion , The chumash , by R . Nosson scherman, R . meir ziotowitz , Third edtion first impression 1994 . p . 76 : (حنان ايل) (Chananel) صاحب النص الآنف الذكر هو رأس علماء اليهود في القيروان تـ (1055م) (447هجـ) مؤلف اشهر تفسير للتلمود وتفسير للأسفار الخمسة الأولى من التوراة ، وقد استشهد بآرائه المفسرون من بعده منهم المفسر (بكيا) (Bachya) (1263-1340م)(662-741م) وقد احتوى تفسيره على أربعة مناهج من التفسير ، وهي المنهج الظاهري والمنهج المدراشي والمنهج الفلسفي والمنهج الصوفي واحتوى تفسيره على آراء كنعان ايل .

(2) قال ابن تيمية (661-729هـ) في قوله : (وغلط كثير ممن تشرف بالإسلام من اليهود فظنوا انهم (أي الاثنى عشر رئيسا) الذين تدعوا إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم البداية والنهاية لابن كثير ط1 ج6/250 .

(3) روى البخاري في صحيحه قا ل : حدثنا شاذان حدثنا عبد العزيز بن أبى سلمة الماجشون عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبى بكر احدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم (صحيح البخاري ج4/203طبعة دار الفكر بيروت .

 (4) بصائر الدرجات 299 .

المرفقات