التّوحيدُ الذّاتِيُّ ومعانِيْهِ

إنّ أول مرتبة من مراتب التوحيد هو (التوحيد الذاتي)، وللتوحيد الذاتي معنيان:

أ : إنّ الله واحدٌ، لا مثيل له ولا نظير ولا شبيهَ ولا عديل.

ب : إن الذات الإلهيّة المقدّسة ذاتٌ بسيطةٌ لا كثرةَ فيها، ولا تركّب.

يقول الإمام علي بن أبي طالب حول كلا المعنيَين:

1 ـ «هُو وَاحدٌ لَيسَ له في الأشْياء شَبَهٌ».

2 ـ «وإنّه عزّ وجل أَحديّ المعنى لا ينقسم في وجودٍ ولا وَهمٍ ولا عقلٍ»(1) .

وسورة «الإخلاص» التي تعكس عقيدة المسلمين في مجال التوحيد تشير إلى كلا القسمين:

فقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] إشارةٌ إلى القسم الأوّل.

وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] إشارةٌ إلى القسم الثاني .

وعلى هذا الأساس يكون «التثليث» باطلاً من وجهة نظر الإسلام، وقد صرّح القرآنُ الكريمُ في آيات عديدة بعدم صحة ذلك. كما إنّ هذه المسألة تَناولَتْها الكتبُ الكلاميّة (العقيديّة) بالبحث المُفَصَّل وفَنَّدَتْ التثليثَ بطرق مختلفة...

إنّ التثليث بمعنى كون الإله ثلاثاً لا يخلو عن أحد حالين:

إمّا أن يكون لكلِّ واحدٍ من هذه الثلاثة وجودٌ مستقلٌّ، وشخصية مستقلّة، أي أنْ يكون كلُّ واحدٍ منها واجداً لكلّ حقيقةِ الألوهية، وفي هذه الصورة يتنافى هذا مع التوحيد الذاتي بمعناه الأوّل (أي كون الله لا نظير له).

وإمّا أن تكون هذه الآلهة الثلاثة ذات شخصيّة واحدة، لا متعدّدة ويكون كلُ إلهٍ جزءاً من تلك الحقيقة الواحدةِ، وفي هذه الصورة يكون التثليث كذلك مستلزماً للتركب، ويخالف المعنى الثانيَ للتوحيد الإلَهيّ (أي بساطة الذات الإلهيّة).

للمؤلف: الشيخ جعفر السبحاني .

من كتاب: العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت -عليهم السلام- .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التوحيد، للصدوق ص 84 ، الباب 3، الحديث 3.