الجواب:
إن القول بالشفاعة لم يختص بالشيعة وحدهم بل اشترك في ذلك جميع المسلمين ، ودليل ذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة .
أما من القرآن الكريم: فقوله تعالى : (( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى )) (الأنبياء:28)، وقوله تعالى : ((فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)) (المدثر:48)، وقوله تعالى : ((مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ )) (غافر:18). إلى غيرها من الآيات الكريمة التي تؤكد شفاعة المقربين عند الله تعالى ومن يرتضيهم من شفعاء.
أما السنة الشريفة : فقد روي الحاكم عن جابر (رض) : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) تلا قول الله (( ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى )) فقال : (إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) ـ الدر المنثور للسيوطي في تفسير قوله ولا يشفعون .
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال : (تعلموا أن الله يشفّع المؤمنين يوم القيامة بعضهم في بعض) . راجع نفس المصدر.
وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (إن في أمتي رجلاً ليدخلن الله الجنة بشفاعته أكثر من بني تميم) . راجع الدر المنثور للسيوطي في تفسير الآية .
والشيعة الإمامية تروي هذا الحديث كذلك في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، حيث بشفاعته يدخل أكثر من بني تميم بل مثل ربيعة ومضر . كيف لا وقد روى السيوطي أيضاً أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته .
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن مسعود قال : يعذب الله قوماً من أهل الإيمان ثم يخرجهم بشفاعة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلّم) حتى لا يبقى إلاّ من ذكر الله (( ما سللكم في سقر ... إلى قوله ... شفاعة الشافعين )).
وروى البيهقي في الاعتقاد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (أنا أول شفيع يوم القيامة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، أن من الأنبياء لمن يأتي يوم القيامة ما معه مصدق غير واحد) .
وروى عن جابر بن عبد الله أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال : (أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر) . راجع هذه الأحاديث كتاب (الاعتقاد على مذهب السلف أهل السنة والجماعة للبيهقي ص 105 وما بعدها).
هذه هي الآيات والروايات الشريفة التي تثبت شفاعة أهل البيت(عليهم السلام)، فالآيات القرآنية تؤكد أصل وجود الشفاعة ، وهي خاصة بمن ارتضاهم الله وفضّلهم وأكرمهم ، ومنها فقد أمكننا إثبات أصل الشفاعة .
أما الروايات الشريفة فتؤكد أن الله يشفّع للنبي (صلى الله عليه وآله) ولجميع المؤمنين وللشهداء أيضاً ، كما إنها أكدت أن رجلاً في أمة محمّد (صلى الله عليه وآله) يشفع لمثل ربيعة ومضر أو أكثر من بني تميم، والشيعة تروي أن هذا الرجل الذي يشفع لمثل ربيعة ومضر هو علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وقد روى ابن حجر في (الصواعق المحرقة ص 127 ط ـ مكتبة القاهرة) : ما رواه السماك أن أبا بكر قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : (لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز) . وإذا ضممنا إلى هذا الحديث أحاديث أن المؤمن يشفع لسبعين مؤمناً وأن الشهيد يشفع كذلك للمؤمنين، فان علي (عليه السلام) وأولاده يشفعون بما شاء الله ، فانهم شهداء فضلاً عن كونهم أفضل المؤمنين وعليٌ أمير المؤمنين ، هذا إذا أردنا الاستدلال بروايات أهل السنة على شفاعة أهل البيت (عليه السلام) ، أما روايات الشيعة فهي أكثر من أن تحصى تؤكد نفس المعنى تماماً .
اترك تعليق